إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين قرطاج وبطحاء محمد علي .. هل دقت ساعة "المواجهة" ؟

 

تونس-الصباح

توتر سياسي ونقابي في الأفق ذلك الذي أعلنت عنه الأحداث السياسية المسجلة خلال 24 ساعة الأخيرة حيث تراوحت بين كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد من مقر الحرس الوطني بجهة العوينة وما رافقها من إيقاف للكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة أنيس الكعبي اثر تحركات نقابية بمختلف جهات بالبلاد.

ويأتي هذا السياق في الوقت الذي انتظر فيه الجميع عقلنة الصراع السياسي والتخفيض من منسوب التوتر الحاصل في تونس لتجاوز الأزمات الخانقة والذهاب جنبا إلى جنب إلى طاولة الحوار .

بيد ان ذلك لم يحصل ليعود معها الخلاف بين الرئيس قيس سعيد والاتحاد العام التونسي للشغل ليطل برأسه على مسرح الاحداث.

ولم يكن ملف النقابي الموقوف أنيس الكعبي الاعلان الوحيد عن احتمالية التصعيد بعد ان كشف للرئيس عن موقفه من تحضيرات الحوار الوطني التي يخوضها الاتحاد العام التونسي للشغل مع بقية شركائه ليكون الموقف إعلانا صريحا ومباشرا عن رفض سعيد لمقترح الحوار للمرة الثانية وذلك بعد محاولة ديسمبر 2020.

فقد اقر رئيس الجمهورية قيس سعيد، اول امس الثلاثاء، خلال زيارة فجئية له إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة أن "الحق النقابي مضمون بالدستور  لكن لا يمكن ان يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على احد".

وتساءل رئيس الدولة عن معنى ان يتم غلق الطريق لافتا إلى أنه يتفهم المطالب ويحاولون تخفيف المآسي والبؤس لكن  المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة وراءها من ورائها وهم معلومين، وفق تعبيره.

وقال رئيس الجمهورية إن "من يتولون قطع الطريق ويهددون بقطع الطريق السيارة  لا يمكن ان يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمساءلة".

وتزامن تصريح الرئيس عن الشان النقابي مع ايقاف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة وهو ما اعتبرته قيادات المنظمة تهديدا صريحا للعمل النقابي وللاتحاد العام التونسي للشغل .

هكذا تزامن دفع بالناطق الرسمي والامين العام المساعد سامي الطاهري الى الاسراع بكتابة تدوينة على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك جاء فيها ”الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية” جملة نسمعها كل مرة وبعبارات مختلفة منذ ظهور الرأسمالية والنقابات إلى اليوم..”.

واضاف ”في تونس سمعناها من بورقيبة ونويرة ومزالي والصياح وبشير بلاغة وعبد الوهاب عبد الله والجبالي والعريض والشاهد… ويتواصل ترديدها كوصفة غالبا ما تسبق حملة التهم الكيدية والاعتقالات والتنكيل..”

وشكل موقف الطاهري مدخلا للتساؤل عن احتمالية رد الاتحاد، الذي لم يتأخر كثيرا بعد دعوته في بيان امس للتعبئة القطاعية والجهوية والاستعداد للدفاع عن الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية بكلّ الأشكال النضالية المشروعة.

وندد المكتب التنفيذي الوطني المجتمع امس بصفة طارئة بعمليّة ايقاف الكعبي التي قال انها " تمثّل ضربا للعمل النقابي وانتهاكا للحقوق النقابية وخرقا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية ولما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الإضراب".

وحذر البيان "من عملية استهداف الحقوق والحريات النقابية خاصّة وأنّ عملية الإيقاف تمّت مباشرة بعد خطاب رئيس الجمهورية بثكنة العوينة الذي تضمّن تحريضا ضدّ حرية العمل النقابي والحقّ في الاحتجاجات السلمية"، داعيا إلى "إطلاق سراح الأخ أنيس الكعبي فورا وتحميل السلطة التنفيذية التداعيات التي ستنتج عن مثل هذه الممارسات وتنبّئ بتواصل الاعتداءات على الحريات العامة والفردية وخاصّة حرية العمل النقابي".

وخلص اجتماع المكتب التنفيذي إلى أنّ ما حدث هو مواصلة لما يتعرّض له الاتحاد منذ مدّة من محاولات التشويه والتجييش ضدّه للحيلولة دون أن تلعب منظمة حشّاد دورها التاريخي من اجل إنقاذ تونس من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها.

ويرى متابعون أن علاقة الاتحاد برئيس الجمهورية قد وصلت إلى نهايتها بعد أن فشل الاتحاد منذ انتخاب الرئيس في أكتوبر 2019 في إقناعه بضرورة تطوير نظرته إلى المنظمة كشريك سياسي واجتماعي وهو ما رفضه سعيد في أكثر من مناسبة لعل أبرزها تهميشه لدعوة الحوار في شهر ديسمبر 2020.

وعلى الرغم من هذا السلوك السياسي للرئيس فقد شكلت لحظة 25حويلية فرصة جديدة للاتحاد لإعادة طرح نفسه كشريك قوي لمنظومة الحكم الجديدة إلا انه اصطدم مرة أخرى برفض سعيد لأي دعوات لاقتسام السلطة معه الأمر الذي دفع بالمنظمة للالتحاق بجبهة المعارضة بعد ان اقتنعت انه لا دور لها أو وظيفة داخل المنظومة الحاكمة.

ويذكر ان الطبوبي قد صرح انّ الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.

وقال الطبوبي في خطاب سابق "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".

وتابع بالقول "نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك  بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة وإتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".

ولم يكن الموقف الصادر عن الاتحاد الا نتيجة التحولات العميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة انكار الازمة في ظل صمت رئيسة الحكومة وأساسا بعد النتائج الانتخابية الاخيرة وضعف مشاركة الناخبين فيها بنسب لم تتجاوز 12%.

خليل الحناشي

بين قرطاج وبطحاء محمد علي .. هل دقت ساعة "المواجهة" ؟

 

تونس-الصباح

توتر سياسي ونقابي في الأفق ذلك الذي أعلنت عنه الأحداث السياسية المسجلة خلال 24 ساعة الأخيرة حيث تراوحت بين كلمة رئيس الجمهورية قيس سعيد من مقر الحرس الوطني بجهة العوينة وما رافقها من إيقاف للكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة أنيس الكعبي اثر تحركات نقابية بمختلف جهات بالبلاد.

ويأتي هذا السياق في الوقت الذي انتظر فيه الجميع عقلنة الصراع السياسي والتخفيض من منسوب التوتر الحاصل في تونس لتجاوز الأزمات الخانقة والذهاب جنبا إلى جنب إلى طاولة الحوار .

بيد ان ذلك لم يحصل ليعود معها الخلاف بين الرئيس قيس سعيد والاتحاد العام التونسي للشغل ليطل برأسه على مسرح الاحداث.

ولم يكن ملف النقابي الموقوف أنيس الكعبي الاعلان الوحيد عن احتمالية التصعيد بعد ان كشف للرئيس عن موقفه من تحضيرات الحوار الوطني التي يخوضها الاتحاد العام التونسي للشغل مع بقية شركائه ليكون الموقف إعلانا صريحا ومباشرا عن رفض سعيد لمقترح الحوار للمرة الثانية وذلك بعد محاولة ديسمبر 2020.

فقد اقر رئيس الجمهورية قيس سعيد، اول امس الثلاثاء، خلال زيارة فجئية له إلى ثكنة الحرس الوطني بالعوينة أن "الحق النقابي مضمون بالدستور  لكن لا يمكن ان يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية لم تعد تخفى على احد".

وتساءل رئيس الدولة عن معنى ان يتم غلق الطريق لافتا إلى أنه يتفهم المطالب ويحاولون تخفيف المآسي والبؤس لكن  المجموعات التي يتم وضعها على سكة القطار بقفصة وراءها من ورائها وهم معلومين، وفق تعبيره.

وقال رئيس الجمهورية إن "من يتولون قطع الطريق ويهددون بقطع الطريق السيارة  لا يمكن ان يبقوا خارج دائرة المحاسبة والمساءلة".

وتزامن تصريح الرئيس عن الشان النقابي مع ايقاف الكاتب العام لنقابة الطرقات السيارة وهو ما اعتبرته قيادات المنظمة تهديدا صريحا للعمل النقابي وللاتحاد العام التونسي للشغل .

هكذا تزامن دفع بالناطق الرسمي والامين العام المساعد سامي الطاهري الى الاسراع بكتابة تدوينة على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك جاء فيها ”الحق النقابي مضمون بالدستور لكن لا يمكن أن يتحول إلى غطاء لمآرب سياسية” جملة نسمعها كل مرة وبعبارات مختلفة منذ ظهور الرأسمالية والنقابات إلى اليوم..”.

واضاف ”في تونس سمعناها من بورقيبة ونويرة ومزالي والصياح وبشير بلاغة وعبد الوهاب عبد الله والجبالي والعريض والشاهد… ويتواصل ترديدها كوصفة غالبا ما تسبق حملة التهم الكيدية والاعتقالات والتنكيل..”

وشكل موقف الطاهري مدخلا للتساؤل عن احتمالية رد الاتحاد، الذي لم يتأخر كثيرا بعد دعوته في بيان امس للتعبئة القطاعية والجهوية والاستعداد للدفاع عن الحقّ النقابي وحقّ الإضراب والحريات العامة والفردية بكلّ الأشكال النضالية المشروعة.

وندد المكتب التنفيذي الوطني المجتمع امس بصفة طارئة بعمليّة ايقاف الكعبي التي قال انها " تمثّل ضربا للعمل النقابي وانتهاكا للحقوق النقابية وخرقا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف الدولة التونسية ولما ورد في دستور الجمهورية التونسية من فصول تنصّ على احترام الحريات النقابية وحقّ الإضراب".

وحذر البيان "من عملية استهداف الحقوق والحريات النقابية خاصّة وأنّ عملية الإيقاف تمّت مباشرة بعد خطاب رئيس الجمهورية بثكنة العوينة الذي تضمّن تحريضا ضدّ حرية العمل النقابي والحقّ في الاحتجاجات السلمية"، داعيا إلى "إطلاق سراح الأخ أنيس الكعبي فورا وتحميل السلطة التنفيذية التداعيات التي ستنتج عن مثل هذه الممارسات وتنبّئ بتواصل الاعتداءات على الحريات العامة والفردية وخاصّة حرية العمل النقابي".

وخلص اجتماع المكتب التنفيذي إلى أنّ ما حدث هو مواصلة لما يتعرّض له الاتحاد منذ مدّة من محاولات التشويه والتجييش ضدّه للحيلولة دون أن تلعب منظمة حشّاد دورها التاريخي من اجل إنقاذ تونس من الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها.

ويرى متابعون أن علاقة الاتحاد برئيس الجمهورية قد وصلت إلى نهايتها بعد أن فشل الاتحاد منذ انتخاب الرئيس في أكتوبر 2019 في إقناعه بضرورة تطوير نظرته إلى المنظمة كشريك سياسي واجتماعي وهو ما رفضه سعيد في أكثر من مناسبة لعل أبرزها تهميشه لدعوة الحوار في شهر ديسمبر 2020.

وعلى الرغم من هذا السلوك السياسي للرئيس فقد شكلت لحظة 25حويلية فرصة جديدة للاتحاد لإعادة طرح نفسه كشريك قوي لمنظومة الحكم الجديدة إلا انه اصطدم مرة أخرى برفض سعيد لأي دعوات لاقتسام السلطة معه الأمر الذي دفع بالمنظمة للالتحاق بجبهة المعارضة بعد ان اقتنعت انه لا دور لها أو وظيفة داخل المنظومة الحاكمة.

ويذكر ان الطبوبي قد صرح انّ الاتحاد لم يعد يقبل بالمسار السياسي الحالي في تونس؛ بسبب التفرد بالحكم والغموض والخوف على مستقبل الديمقراطية، معلناً بذلك مقاطعته للمسار الذي دعمه العام الماضي حين أعلن الرئيس قيس سعيد حل البرلمان.

وقال الطبوبي في خطاب سابق "لم نعد نقبل بالمسار الحالي لما اعتراه من غموض وتفرد ولما يخفيه من مفاجآت غير سارة على مصير البلاد والديمقراطية".

وتابع بالقول "نحن اليوم إزاء حكومة بلا رؤية ولا برنامج، تتحرك  بآليات الحكومات السابقة نفسها عبر غياب الشفافية وازدواجية الخطاب واللجوء إلى الحلول السهلة والمخططات الفاشلة وإتباع الاقتراض كسبيل وحيد للخروج من الأزمة وآن الأوان لتعديل حكومي ينقذ ما تبقى، ويعيد إلى بعض الوزارات نشاطها ويخرجها من الركود".

ولم يكن الموقف الصادر عن الاتحاد الا نتيجة التحولات العميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة انكار الازمة في ظل صمت رئيسة الحكومة وأساسا بعد النتائج الانتخابية الاخيرة وضعف مشاركة الناخبين فيها بنسب لم تتجاوز 12%.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews