تونس – الصباح
قدم أمس الجمعة 6 جانفي 2023، المعهد العربي لحقوق الإنسان بالشراكة مع وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمة اليونيسف ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة ومنظمة الأمم المتحدة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، مشروع "عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم في تونس في ضوء تقرير اللجنة الدولية حول مستقبل التربية والتعليم".
ويلزم مشروع العقد الاجتماعي الجديد جميع المشاركين فيه على التعاون من أجل المنفعة المشتركة بما يُمكن من تكوين رؤية مشتركة للغايات والمبادئ العامة للتربية والتعليم المتمثلة في الشمول والإنصاف والتعاون والتضامن والمسؤولية الجماعية.
ويقوم مشروع العقد الاجتماعي الجديد على جملة من المبادئ العامة والقيم، منها ضمان الحق في التعليم الجيد مدى الحياة والحق في الحصول على المعلومات والثقافة والعلم والوصول إلى المعارف المشتركة والمساهمة فيها.
إلى جانب ذلك، تعزيز التعليم باعتباره مكسبا مشتركا ومنفعة وجهد مجتمعي مشترك. كما يلتزم هؤلاء الشركاء بالعمل على وضع السياسات وعلى اتخاذ التدابير الكفيلة بتوفير برامج مناسبة ومتاحة ومقبولة ومتكيفة.
ونص أيضا مشروع العقد الاجتماعي الجديد للتربية والتعليم على جملة من الأهداف الإستراتيجية أولها ترشيد منظومة التعليم وتحسين جودة التعلّمات، وثانيها تعزيز تنفيذ البرنامج الوطني لدمج الأطفال ذوي الإعاقة.
ويتمثل الهدف الثالث في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للنماء في مرحلة الطفولة المبكرة تنفيذا فعالا، أما الهدف الرابع فيتعلق بإعلاء شأن منظومة التدريب المهني والتقني وترشيدها، والهدف يهمّ مسألة تعزيز برامج التعليم والتكوين الموازية والبرنامج الوطني للتعليم مدى الحياة وآخر الأهداف مزيد النهوض بدور المؤسسات التعليمية في نشر ثقافة الحريات وحقوق الإنسان.
وتُعد الندوة الجهوية ليوم أمس ثالث الندوات الاستشارية في هذا الخصوص، فقد قام المعهد العربي لحقوق الإنسان مع شركائه في نهاية سنة 2021 بتنظيم ندوة حول "مستقبل التربية والتعليم" للتعريف بتقرير اللجنة الدولية لمستقبل التربية والتعليم.
وفي شهر جوان 2022 تم تنظيم استشارة أولى بصفاقس شملت ولايات الوسط. واستشارة ثانية في شهر جويلية 2022 بجربة شملت ولايات الجنوب.
وللتذكير فإن منظمة اليونسكو أطلقت في شهر جويلية 2019 مبادرة عالمية بإنشاء الهيئة الدولية رفيعة المستوى لإعداد تصور مستقبل التربية والتعليم بحلول عام 2050. وتتألف الهيئة الدولية من مجموعة من الخبراء وصناع الرأي البارزين من عوالم السياسة والأعمال والفنون والعلوم الإنسانية والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والتعليم.
إيمان عبد اللطيف
--
عبد الباسط بن حسن (رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان): التعليم لم يعُد حلاّ بل أصبح جزءا من الأزمة
- تغيير مجتمعنا يحتاج إلى تغيير التعليم
أكّد رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بن حسن أن "المعهد بالشراكة مع وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمات المجتمع المدني في إطار شبكة عهد والمنظمات الدولية المعنية بمجال التربية والتعليم، يعمل منذ سنوات على تطوير الأفكار والمقترحات والحوارات الاجتماعية من أجل الرقي بقضية التعليم".
وأضاف بن حسن "لكن نحن نعتبر أن المعهد يأتي بخصوصيتين في مختلف هذه الأعمال والمسارات، أولها إدماج قضايا حقوق الإنسان والمواطنة في مختلف الأفكار والمشاريع الهادفة إلى تطوير التعليم، لأننا نؤمن بأنه معرفة ومهارات ولكنه كذلك قيم إنسانية هامة.
والمسألة الثانية أن المعهد يدفع في اتجاه أن تكون أي عملية تفكير أو تطوير أو تحويل تقوم على المشاركة باعتبار أن تطوير التعليم هو مصلحة ومنفعة مشتركة لذلك يجب على كل الأطراف الاجتماعية أن تكون شريكة في التفكير في هذه المواضيع".
وبيّن عبد الباسط بن حسن "اليوم التعليم لم يعُد حلاّ بل أصبح جزءا من الأزمة، لذلك نحتاج حتى نُغيّر مجتمعنا إلى تغيير التعليم ونجعله أكثر إنسانية وأكثر قدرة على خلق الفرص داخل المجتمع وعلى إنتاج الذكاء وعلى الارتباط بقضايا الشغل اللائق وعلى إنتاجه، وأيضا قادرا على التعليم على قيم التسامح والحوار والمشاركة والابتعاد عن العنف وغيرها من القضايا التي تُعطل المشاركة المواطنية".
أما عن فكرة عقد مجتمعي جديد "فقد جاءت استلهاما من التقرير الدولي الذي دعا إلى إنشاء مثل هذه الحوارات التي تنتهي بنوع من التوافقات، ونحن نعرف أن التعليم في تونس الحديث قد قام على نوع من الاتفاقات، كالاتفاق على الاستثمار في المدرسة العمومية والتعليم العمومي بمختلف اعتباراته وعلى الإدماج وعلى مبدأ مجانية التعليم وغيرها من المسائل، ولكن كل ذلك تعرض للأسف إلى العديد من الأزمات وهذا ما أنتج مشاكل لا تنتهي في قطاع التعليم".
وأضاف "نحن نريد من خلال هذه الحوارات أن ندعو إلى التفكير في تجديد هذا العقد على عدة أسس، فيها القديم ونريد أن نسترجعه كالاستثمار في التعليم العمومي والمجانية والمساواة وغيرها من القضايا، كذلك نريد أن نُعيد تجديد الاتفاق على التعلم مدى الحياة والاهتمام بقطاعات أخرى خارج المدرسة مثل تعليم الكبار. ونريد أن نؤكد أيضا على أن التعليم يجب أن يهتمّ بقضايا حارقة على مستوى الإنسانية ككل وعلى مستوى تونس مثل قضايا التغيرات المناخية والتكنولوجيا والقيم. وأيضا التأكيد على مسألة أساسية وهي مشاركة جميع الأطراف من تلاميذ ومدرسين ومدرسات ومتعلمين ومتعلمات وأطراف اجتماعية واقتصادية وسياسية وإعلام في صياغة عقد جديد.
رياض بن بوبكر (المدير العام للبرامج والتكوين المستمر بوزارة التربية): إعداد الأطر المرجعية في ما يهم تغيير البرامج والكتب المدرسية
أوضح المدير العام للبرامج والتكوين المستمر بوزارة التربية رياض بن بوبكر أنّ " التقرير الدولي عن مستقبل التربية والتعليم أفضى إلى العقد التربوي الذي ستشارك فيه جميع الأطراف في صياغته حتى يكون متلائما مع السياق التونسي ومع الاكراهات التونسية الاجتماعية والاقتصادية من حيث التمويل".
وأضاف "في هذا العقد هناك جملة من الثوابت والمسائل التي ينبغي أن نكون على توافق تام فيها مع كافة المتدخلين التربويين، ثم نمر إلى مرحلة الممارسة والانجاز ونحاول بأقصى حد ممكن تنفيذ هذه الخيارات التي تكون منسجمة مع الخيارات الدولية".
ومن النقاط التي يجب التوافق عليها "هي أن تكون الخيارات في المنظومة التربوية يكون منسجما مع مقاربة حقوق الإنسان وهذا ما يُفسر تواجد المعهد العربي لحقوق الإنسان في الحوارات".
وأوضح رياض بن بوبكر "المقاربة الحقوقية تضمن المعايير الدولية في احترام حقوق الطفل، وحقوق الإنسان وفي تعليم دامج ومنصف ويحقق تكافل الفرص ويُحقّق العدالة لأن مستقبل التعليم هو مستقبل المجتمع من حيث العدالة الاجتماعية وغيرها، ومع أننا ملتزمون بهذه القيم منذ سنة 1958 إلا أنه كل ما تطورت التحديات كلما احتجنا إلى تحيين هذا العقد وهذه الالتزامات".
وأضاف المدير العام للبرامج والتكوين المستمر بوزارة التربية في ما يهمّ مراجعة البرامج والكتب المدرسية أنّ "الوزارة بدأت في إعداد الأطر المرجعية لأن هذه المسألة تتطلب انطلاقة سليمة وعلى أسس صالحة ونحن بصدد إعداد كل الوثائق حتى عندما ننطلق نكون منسجمين مع ما يحدث في العالم في هذا المجال سواء بالنسبة للمناهج أو الكتب المدرسية".
أما بخصوص التغيير في السنة المقبلة، قال رياض بن بوبكر "سيكون هناك تغيير تدريجي كلما سمحت الظروف بذلك".
نور الدين الشمنقي (كاتب عام نقابة متفقدي التعليم الابتدائي): توصلنا في المرحلتين الإعدادي والثانوي إلى إمضاء الوثيقتين المرجعيتين
أكد نور الدين الشمنقي كاتب عام نقابة متفقدي التعليم الابتدائي الاتحاد العام التونسي للشغل ساهم في وضع هذا التقرير من خلال مشاركتنا عبر كل الندوات، وهذه تُعد الندوة الجهوية الثالثة".
وأضاف "مساهمتنا تتمثل في كيفية بناء عقد اجتماعي جديد بخصوص التحولات في التعليم التي يشهدها العالم، وطبعا هذا لا يتقاطع مع ما نرمي إليه بل بالعكس يُعمق مسار تطوير المناهج والبرامج الذي تشرف عليه وزارة التربية بالشراكة مع نقابات التربية والتعليم سواء في الإعدادي أو الثانوي لصياغة مشروع حقيقي ونحن الآن نتقدم في وضع أسس هذا البرنامج. وتوصيات مثل هذا اللقاء تفيدنا في ذلك".
وقال "توصلنا في المرحلتين الإعدادي والثانوي إلى إمضاء الوثيقتين المرجعيتين، والآن بصدد وضع التعلمات ومواصفات الكتب والبرامج التي ستتمّ صياغتها، لكن الانطلاقة لن تكون سهلة في السنة القادمة ربّما في تقديري المسائل جاهزة سنة 2024 – 2025.
وبيّن الشمنقي "وضعنا الوثيقة المرجعية، والآن سندخل في وضع التعلمات الممكنة من خلال المجالات التي سيقع تدريسها لأن هناك مقاربة جديدة وهذا ما يستدعي بالضرورة إعادة النظر في الزمن المدرسي سواء زمن التعلم داخل الفصل، أو زمن الحياة المدرسية أو الزمن الاجتماعي".
وقال كاتب عام نقابة متفقدي التعليم الابتدائي "مقترحنا في هذا الخصوص إعادة تطوير الحياة المدرسية عموما بحيث لا تكون على هامش التعلمات وإنما جزءا أساسيا منها، أي التلميذ يتعلم داخل الفصل نعم ولكن يواصل التعلم خارج الحياة المدرسية".
