إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كسر الجرة وراء كل عام 2023 يبدو أن الجميع اشتاق للفرح...

بقلم: احكام الدجاني (*)

"كسر الجرة" وراء كل عام، وامنيات نعلقها على شجرة الاماني، وكل عام نتساءل هل تتحقق ام لا؟ مما جعلنا نشك بالشجرة او بمن يسرقون هذه الاحلام. ولكن يبدو ان عام 2022 اختلف هذه المرة .. ففي بدايته تم الانتصار على فيروس كورونا وتحررنا من قيود اجبارية للحرية والتجمع والسفر بحجة الحفاظ على ارواحنا ومن نحب، وفي نهاية العام حققنا التقاء عربي واسع في ملعب يتسع لنا جميعا. كيف لنا ان ننسى اجمل ما حصل في نهاية عام 2022 من حيث "لم شمّل" كل الشعوب العربية حتى لو كان كرويا .. فالكرة المستديرة جمعتهم حول منتخب عربي.. اجتمعوا حول الفريق بالتشجيع والهتاف ورفع العلم وترديد النشيد الوطني حتى السفر من اجل حضور المباراة لفكرة انه عربي من جهة ولأن البلد المستضيف عربي من جهة اخرى، وهنا يغلب الحس القومي ومشاعر الوحدة والاخوة بدعم الفريق. كيف لنا ان ننسى موقف هذه الشعوب الصادقة التي لعبت دورا كبيرا في "لمّ شملها" على كافة الاصعدة حتى فيما كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي و"الصراخ" من خلف شاشة التلفاز والتشجيع في "المقاهي" و"التزمير" عند الفوز بالشوارع وارتداء قميص واحد بنفس اللون على ارض الملعب.. ان فرح المنتخب العربي فرحت الشعوب وان حزن حزنت الشعوب. كيف لنا ان ننسى الحضور الفلسطيني في الملاعب حتى ان لم يكن منتخبهم يلعب في هذا المونديال، كان لفلسطين حضورا قويا في كل المباريات وهنا لا نستطيع فصل الرياضة عن السياسة فالقضية الفلسطينية تنتصر لانها تجمع كل الشعوب دائما حولها. كيف لنا ان ننسى مشاعر الوحدة العربية والأفريقية والتضامن العربي والروح الرياضية التي تجلّت عفويا بروح سياسية تجاوزت حدود مفروضة علينا وتمنعنا احيانا بالالتقاء بحكم التأشيرة اوالفيزا المقبولة احيانا والمرفوضة احيانا اخرى اوتكون بدعوة رسمية لأيام معدودة. كيف لنا ان ننسى اننا تعرفنا على بعضنا من جديد (كعرب) فهناك جنسيات عربية مختلفة تبادلت حديث ثقافي رياضي وقد تكون الأكلة المشتركة حاضرة والتراث والامثال والكلمات المتشابهة والمختلفة وملابس كل بلد، حتى اننا ركزنا على مناطق زرناها في بلد ما، وتمنينا ان نصل فلسطين يوما ونصلي بالاقصى ونزور كنيسة القيامة ونجلس على درجات "باب العامود" ونتجول بين اسوار القدس وفي الايام التالية نكمل فلسطين من بحرها الى نهرها "مش مستعجلين" على المغادرة فالشوق سبقنا وبقي تحقيق الحلم بتحريرها وربما 2023 سيتحقق الحلم. هكذا حلمت الشعوب وهكذا حلم القادة في اجتماع قادتهم عند "لمّت" الجزائر شملهم في القمة العربية قبل المونديال علي صعيد سياسي بحت وفي نفس العام (2022) لتكون القرارات واعلان الجزائر، ومرة اخرى تعتلي اوراق القضية الفلسطينية على السطح في امل تحقيق كل الاماني والامال قريبا وهنا يبدأ الامل المتجدد مع بداية 2023. أظنني سأختم بأمنية ان تتوحد القادة وشعوبها العربية يدا بيد لتتمكن من التعبير عن نفسها واستقلالها وحريتها وامانيها بعيدا عن الحروب والفقر والجوع .. تعيش بسلام واستقرار تتجول بين البلاد بحرية المنتصرين على الظلم والقهر والحروب.
*كاتبة اردنية وناشطة في المجتمع المدني 
 
 مَشهدان يُؤشّران على المُستقبل
بقلم: طلال عوكل
حدثان كبيران، وقعا خلال العام الذي يقفل آخر أيامه، يقدّمان مشهدين ذوي أبعاد ومغزى بعيد الأثر على حركة وتفاصيل الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي، ويتركان بصماتهما على العام وربما الأعوام المقبلة.
الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، التي نجحت في تجاوز أزمة النظام السياسي الإسرائيلي بعد أربعة انتخابات فشلت في إنتاج حكومة مستقرة.
الانتخابات الأخيرة، التي شكّلت تجاوزاً لأزمة النظام السياسي في إسرائيل تشكّل بكل المعايير قفزة نوعية في اتجاه تحقيق الحد الأقصى من أهداف الحركة الصهيونية ومخطّطاتها التوسعية الإلغائية.
أن تتمكن الانتخابات الأخيرة من تجاوز مؤقت لأزمة النظام السياسي الإسرائيلي لا يعني أن هذا النظام الاستعماري الاحتلالي، الإرهابي، قد تلمّس طريق الخلاص من أزمته، بل ربما تكون إسرائيل برمّتها دخلت في مرحلة أزمة وجودية، تعيد الصراع إلى أساساته وبداياته الأولى. بعد أن اختارت إسرائيل هويّتها العنصريّة، عبر قانون القوميّة، الذي لا يمكن له أن ينجح في تحقيق معادلة العنصرية والديمقراطية، عادت صناديق الاقتراع لتتقيّأ ما في جوف المجتمع والنظام السياسي الإسرائيلي، حيث جعلت هذا النظام، وهذه الدولة، محكومة لسياسات فاشية اقتلاعية.
تصبح إسرائيل دولة عنصريّة فاشية، فوق كونها دولة احتلال ودولة إرهاب، ليشكّل ذلك هويّتها الجديدة، القديمة، دون "مكياجات" أوأي مساحيق.
الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو، ويعطي إسرائيل هذه الهويّة، لا ينفي كونه كذلك، ولا يحاول الدفاع عن نفسه.
أن تكون إسرائيل دولة احتلال، فهذا مخالف للقوانين والقرارات الدولية كما تثبت ذلك الممارسة العملية، وعمليات التصويت التي تشهدها الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعلها دولة مارقة، خارج سياق القيم والمنظومات الدولية. لا تنتفي هذه الصفة عن إسرائيل بالرغم من غياب المساءلة والمحاسبة الدولية، وبسبب الحماية التي توفّرها لها كل الوقت الولايات المتحدة والدول الغربية.
غير أن كون إسرائيل دولة احتلال، لم يجلب لها الكثير من ردود الفعل المضادّة من قبل المجتمع الدولي، وحتى الإقليمي والعربي، بل إنها بالرغم من ذلك، حقّقت اختراقات على مستوى تطبيع علاقاتها مع دول عربية وإسلامية.
بعد أن اختارت إسرائيل صفة العنصرية، لم يتبدّل واقع حال السياسات الدولية والإقليمية والعربية، ولم يترك ذلك أثراً واضحاً على السياسة الرسمية الفلسطينية التي ظلت على مراهناتها، ومحاولاتها لتحقيق تسوية من خلال المفاوضات.
لكن إضافة هذه الصفة خلقت مناخات جديدة على مستوى الرأي العام العالمي، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، ولكن دون أن يترك ذلك أثراً على التناقضات الداخلية في إسرائيل، أو على مستوى دعم الجاليات اليهودية في الخارج لهذه الدولة.
حرّكت هذه الصفة، العديد من منظمات حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وفي عديد الدول، ومكّنت حركة المقاطعة من توسيع دائرة نشاطاتها وحركتها نحو تحقيق الكثير من المنجزات لمحاصرة الاستيطان، وداعميه، وأضعفت التضامن والدعم لإسرائيل.
أن تسبغ الانتخابات الأخيرة، صفة الفاشيّة على دولة الاحتلال العنصريّة، فإن هذا يشكّل ذروة تطوّر النظام السياسي، الذي يعكس واقعاً مجتمعياً متناسباً ومنسجماً، الأمر الذي يحدث ما يشبه الزلزال المفزع والخطير على مستقبل الدولة.
خلال متابعتنا للتعليقات والتحليلات، التي تصدر عن نُخَبٍ إسرائيلية متنوّعة لم نعثر على شخصية بارزة تدافع عن الحكومة الجديدة، بينما امتلأت الصحف ووسائل الإعلام، بالتحذير من الخطر، الذي ينتظر إسرائيل بسبب تشكيل هذه الحكومة وما ينتظر من سياساتها اللاحقة.
لم يتوقّف الأمر على المخاوف والتحذيرات الداخلية في إسرائيل بل اتّسعت دائرة المخاوف والتحذيرات إلى أن شملت الجاليات اليهودية في الخارج، خصوصاً في الولايات المتحدة، وهي الجالية التي تقدّم لإسرائيل دعماً كبيراً على المستوى السياسي والمالي والإعلامي.
وتتّسع دائرة التحذيرات والتعبير عن القلق إلى الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية، وأعضاء برلمانات، وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، فضلاً عن المؤسسات الحقوقية بما في ذلك التابعة للأمم المتحدة.
فقط المُطبِّعُون الجُدُد من العرب، هم الذين التزموا الصمت، وواصلوا ما بدؤوا به، وكأنّ شيئاً لم يقع. تُواصل "دول التطبيع" العربي حديثة العهد هذه السياسة، وكأنّ شيئاً لم يقع ويستحق التوقّف والتفكير والتغيير، بالرغم من المشهد الشعبي الذي قدّمته الجماهير العربية وغير العربية خلال "مونديال قطر".لا بدّ من الإشارة هنا إلى موقف عُمَان، الذي يبدو أنه استلم الرسالة التي صدرت من قطر، ما أدّى إلى تشديد قانون المقاطعة، ورفض التطبيع مع إسرائيل.
في قطر وخلال المونديال الجميل، وكامل الأوصاف الذي نجحت في تنظيمه على أبهى صورة، وتجاوزت من خلاله، كل المونديالات التي حصلت حتى الآن، كان العلم الفلسطيني حاضراً، وكانت القضية حاضرة بقوّة.
فلسطين والأرجنتين، وقطر، هي الثلاثي الذي فاز بكأس المونديال، بالرغم من عدم مشاركة الفريق الفلسطيني، وفشل الفريق القطري في تجاوز دور المجموعات.
هذا المشهد، كان مُفزِعاً للإسرائيليين الذين عَبّروا عن شكاوى مريرة، وأدركوا أن التطبيع الذي وقع لم ينجح في اختراق الجدار الشعبي العربي الكاره للاحتلال والرافض للتطبيع معها، الأمر الذي حجّم إلى حد بعيد فرحة الإنجاز.
ما جرى ويجري في إسرائيل مُفْزِع لكثير من الإسرائيليين ومُفْزِع لحلفائها وللجاليات اليهودية في الخارج، ولكنه ليس مُفْزِعاً للفلسطينيين، بل إنه يقدم لهم ذخيرة أشدّ تأثيراً وفعالية من آثار أسلحة الدمار الشامل وأكثر تأثيراً من المخطّطات الإسرائيلية العنصرية والفاشية التوسعية. الأمر الذي يستوجب التفكير ملياً في كيفية استخدام هذه الذخيرة.
 
كسر الجرة وراء كل عام 2023  يبدو أن الجميع اشتاق للفرح...

بقلم: احكام الدجاني (*)

"كسر الجرة" وراء كل عام، وامنيات نعلقها على شجرة الاماني، وكل عام نتساءل هل تتحقق ام لا؟ مما جعلنا نشك بالشجرة او بمن يسرقون هذه الاحلام. ولكن يبدو ان عام 2022 اختلف هذه المرة .. ففي بدايته تم الانتصار على فيروس كورونا وتحررنا من قيود اجبارية للحرية والتجمع والسفر بحجة الحفاظ على ارواحنا ومن نحب، وفي نهاية العام حققنا التقاء عربي واسع في ملعب يتسع لنا جميعا. كيف لنا ان ننسى اجمل ما حصل في نهاية عام 2022 من حيث "لم شمّل" كل الشعوب العربية حتى لو كان كرويا .. فالكرة المستديرة جمعتهم حول منتخب عربي.. اجتمعوا حول الفريق بالتشجيع والهتاف ورفع العلم وترديد النشيد الوطني حتى السفر من اجل حضور المباراة لفكرة انه عربي من جهة ولأن البلد المستضيف عربي من جهة اخرى، وهنا يغلب الحس القومي ومشاعر الوحدة والاخوة بدعم الفريق. كيف لنا ان ننسى موقف هذه الشعوب الصادقة التي لعبت دورا كبيرا في "لمّ شملها" على كافة الاصعدة حتى فيما كتبت على مواقع التواصل الاجتماعي و"الصراخ" من خلف شاشة التلفاز والتشجيع في "المقاهي" و"التزمير" عند الفوز بالشوارع وارتداء قميص واحد بنفس اللون على ارض الملعب.. ان فرح المنتخب العربي فرحت الشعوب وان حزن حزنت الشعوب. كيف لنا ان ننسى الحضور الفلسطيني في الملاعب حتى ان لم يكن منتخبهم يلعب في هذا المونديال، كان لفلسطين حضورا قويا في كل المباريات وهنا لا نستطيع فصل الرياضة عن السياسة فالقضية الفلسطينية تنتصر لانها تجمع كل الشعوب دائما حولها. كيف لنا ان ننسى مشاعر الوحدة العربية والأفريقية والتضامن العربي والروح الرياضية التي تجلّت عفويا بروح سياسية تجاوزت حدود مفروضة علينا وتمنعنا احيانا بالالتقاء بحكم التأشيرة اوالفيزا المقبولة احيانا والمرفوضة احيانا اخرى اوتكون بدعوة رسمية لأيام معدودة. كيف لنا ان ننسى اننا تعرفنا على بعضنا من جديد (كعرب) فهناك جنسيات عربية مختلفة تبادلت حديث ثقافي رياضي وقد تكون الأكلة المشتركة حاضرة والتراث والامثال والكلمات المتشابهة والمختلفة وملابس كل بلد، حتى اننا ركزنا على مناطق زرناها في بلد ما، وتمنينا ان نصل فلسطين يوما ونصلي بالاقصى ونزور كنيسة القيامة ونجلس على درجات "باب العامود" ونتجول بين اسوار القدس وفي الايام التالية نكمل فلسطين من بحرها الى نهرها "مش مستعجلين" على المغادرة فالشوق سبقنا وبقي تحقيق الحلم بتحريرها وربما 2023 سيتحقق الحلم. هكذا حلمت الشعوب وهكذا حلم القادة في اجتماع قادتهم عند "لمّت" الجزائر شملهم في القمة العربية قبل المونديال علي صعيد سياسي بحت وفي نفس العام (2022) لتكون القرارات واعلان الجزائر، ومرة اخرى تعتلي اوراق القضية الفلسطينية على السطح في امل تحقيق كل الاماني والامال قريبا وهنا يبدأ الامل المتجدد مع بداية 2023. أظنني سأختم بأمنية ان تتوحد القادة وشعوبها العربية يدا بيد لتتمكن من التعبير عن نفسها واستقلالها وحريتها وامانيها بعيدا عن الحروب والفقر والجوع .. تعيش بسلام واستقرار تتجول بين البلاد بحرية المنتصرين على الظلم والقهر والحروب.
*كاتبة اردنية وناشطة في المجتمع المدني 
 
 مَشهدان يُؤشّران على المُستقبل
بقلم: طلال عوكل
حدثان كبيران، وقعا خلال العام الذي يقفل آخر أيامه، يقدّمان مشهدين ذوي أبعاد ومغزى بعيد الأثر على حركة وتفاصيل الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي، ويتركان بصماتهما على العام وربما الأعوام المقبلة.
الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، التي نجحت في تجاوز أزمة النظام السياسي الإسرائيلي بعد أربعة انتخابات فشلت في إنتاج حكومة مستقرة.
الانتخابات الأخيرة، التي شكّلت تجاوزاً لأزمة النظام السياسي في إسرائيل تشكّل بكل المعايير قفزة نوعية في اتجاه تحقيق الحد الأقصى من أهداف الحركة الصهيونية ومخطّطاتها التوسعية الإلغائية.
أن تتمكن الانتخابات الأخيرة من تجاوز مؤقت لأزمة النظام السياسي الإسرائيلي لا يعني أن هذا النظام الاستعماري الاحتلالي، الإرهابي، قد تلمّس طريق الخلاص من أزمته، بل ربما تكون إسرائيل برمّتها دخلت في مرحلة أزمة وجودية، تعيد الصراع إلى أساساته وبداياته الأولى. بعد أن اختارت إسرائيل هويّتها العنصريّة، عبر قانون القوميّة، الذي لا يمكن له أن ينجح في تحقيق معادلة العنصرية والديمقراطية، عادت صناديق الاقتراع لتتقيّأ ما في جوف المجتمع والنظام السياسي الإسرائيلي، حيث جعلت هذا النظام، وهذه الدولة، محكومة لسياسات فاشية اقتلاعية.
تصبح إسرائيل دولة عنصريّة فاشية، فوق كونها دولة احتلال ودولة إرهاب، ليشكّل ذلك هويّتها الجديدة، القديمة، دون "مكياجات" أوأي مساحيق.
الائتلاف الحكومي الذي يقوده نتنياهو، ويعطي إسرائيل هذه الهويّة، لا ينفي كونه كذلك، ولا يحاول الدفاع عن نفسه.
أن تكون إسرائيل دولة احتلال، فهذا مخالف للقوانين والقرارات الدولية كما تثبت ذلك الممارسة العملية، وعمليات التصويت التي تشهدها الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعلها دولة مارقة، خارج سياق القيم والمنظومات الدولية. لا تنتفي هذه الصفة عن إسرائيل بالرغم من غياب المساءلة والمحاسبة الدولية، وبسبب الحماية التي توفّرها لها كل الوقت الولايات المتحدة والدول الغربية.
غير أن كون إسرائيل دولة احتلال، لم يجلب لها الكثير من ردود الفعل المضادّة من قبل المجتمع الدولي، وحتى الإقليمي والعربي، بل إنها بالرغم من ذلك، حقّقت اختراقات على مستوى تطبيع علاقاتها مع دول عربية وإسلامية.
بعد أن اختارت إسرائيل صفة العنصرية، لم يتبدّل واقع حال السياسات الدولية والإقليمية والعربية، ولم يترك ذلك أثراً واضحاً على السياسة الرسمية الفلسطينية التي ظلت على مراهناتها، ومحاولاتها لتحقيق تسوية من خلال المفاوضات.
لكن إضافة هذه الصفة خلقت مناخات جديدة على مستوى الرأي العام العالمي، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، ولكن دون أن يترك ذلك أثراً على التناقضات الداخلية في إسرائيل، أو على مستوى دعم الجاليات اليهودية في الخارج لهذه الدولة.
حرّكت هذه الصفة، العديد من منظمات حقوق الإنسان، ومؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وفي عديد الدول، ومكّنت حركة المقاطعة من توسيع دائرة نشاطاتها وحركتها نحو تحقيق الكثير من المنجزات لمحاصرة الاستيطان، وداعميه، وأضعفت التضامن والدعم لإسرائيل.
أن تسبغ الانتخابات الأخيرة، صفة الفاشيّة على دولة الاحتلال العنصريّة، فإن هذا يشكّل ذروة تطوّر النظام السياسي، الذي يعكس واقعاً مجتمعياً متناسباً ومنسجماً، الأمر الذي يحدث ما يشبه الزلزال المفزع والخطير على مستقبل الدولة.
خلال متابعتنا للتعليقات والتحليلات، التي تصدر عن نُخَبٍ إسرائيلية متنوّعة لم نعثر على شخصية بارزة تدافع عن الحكومة الجديدة، بينما امتلأت الصحف ووسائل الإعلام، بالتحذير من الخطر، الذي ينتظر إسرائيل بسبب تشكيل هذه الحكومة وما ينتظر من سياساتها اللاحقة.
لم يتوقّف الأمر على المخاوف والتحذيرات الداخلية في إسرائيل بل اتّسعت دائرة المخاوف والتحذيرات إلى أن شملت الجاليات اليهودية في الخارج، خصوصاً في الولايات المتحدة، وهي الجالية التي تقدّم لإسرائيل دعماً كبيراً على المستوى السياسي والمالي والإعلامي.
وتتّسع دائرة التحذيرات والتعبير عن القلق إلى الإدارة الأمريكية والحكومات الغربية، وأعضاء برلمانات، وأحزاب ومؤسسات مجتمع مدني، فضلاً عن المؤسسات الحقوقية بما في ذلك التابعة للأمم المتحدة.
فقط المُطبِّعُون الجُدُد من العرب، هم الذين التزموا الصمت، وواصلوا ما بدؤوا به، وكأنّ شيئاً لم يقع. تُواصل "دول التطبيع" العربي حديثة العهد هذه السياسة، وكأنّ شيئاً لم يقع ويستحق التوقّف والتفكير والتغيير، بالرغم من المشهد الشعبي الذي قدّمته الجماهير العربية وغير العربية خلال "مونديال قطر".لا بدّ من الإشارة هنا إلى موقف عُمَان، الذي يبدو أنه استلم الرسالة التي صدرت من قطر، ما أدّى إلى تشديد قانون المقاطعة، ورفض التطبيع مع إسرائيل.
في قطر وخلال المونديال الجميل، وكامل الأوصاف الذي نجحت في تنظيمه على أبهى صورة، وتجاوزت من خلاله، كل المونديالات التي حصلت حتى الآن، كان العلم الفلسطيني حاضراً، وكانت القضية حاضرة بقوّة.
فلسطين والأرجنتين، وقطر، هي الثلاثي الذي فاز بكأس المونديال، بالرغم من عدم مشاركة الفريق الفلسطيني، وفشل الفريق القطري في تجاوز دور المجموعات.
هذا المشهد، كان مُفزِعاً للإسرائيليين الذين عَبّروا عن شكاوى مريرة، وأدركوا أن التطبيع الذي وقع لم ينجح في اختراق الجدار الشعبي العربي الكاره للاحتلال والرافض للتطبيع معها، الأمر الذي حجّم إلى حد بعيد فرحة الإنجاز.
ما جرى ويجري في إسرائيل مُفْزِع لكثير من الإسرائيليين ومُفْزِع لحلفائها وللجاليات اليهودية في الخارج، ولكنه ليس مُفْزِعاً للفلسطينيين، بل إنه يقدم لهم ذخيرة أشدّ تأثيراً وفعالية من آثار أسلحة الدمار الشامل وأكثر تأثيراً من المخطّطات الإسرائيلية العنصرية والفاشية التوسعية. الأمر الذي يستوجب التفكير ملياً في كيفية استخدام هذه الذخيرة.