* المعجزة الصينية دفعت دول إفريقية لمراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
*انقلب الهرم في تونس وعمت الفوضى جميع المؤسسات ما عدا الجيش ولم يتشجع احد لترميم الهرم
بقلم:كيلاني بن نصر(*)
كتبت هذه الكلمات على باب مسجد مدينة جنان JINAN الصينية الذي بني في أواخر القرن السابع ميلادي وكنت قد زرته في شهر اوت2012 وفيه وجدت الاستقبال الحسن والشرح الضافي لتاريخ الإسلام في الصين.
وذكرتني تلك الوقفة بزيارتي لمسجد قرطبة ومسجد اشبيلية في سنة 1991 وقلت في نفسي ما اعظم شانك يا وطن الاسلام وما اوسع دارك وحزت في نفسي الانقسامات التي تعيشها اليوم الامة الاسلامية التي كانت متماسكة رغم تباعدها قرابة الـ 13000 كيلومتر من المحيط الهادي الى المحيط الاطلسي وهي تقريبا المسافة الفاصلة بين مسجدي اشبيلية في اسبانيا ومسجد جنان في الصين على شريط خط عرض 30 درجة شمالا وهو الشريط الذي يظم اعظم حضارات العالم بما فيها الحضارة العربية الاسلامية واكثر الدول تطورا حاليا.
وحب الوطن من الايمان في الاصل حديث نبوي شريف وهناك حديث اخر جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم في خصوص وطنه مكة الذي كان يحن اليه " ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ" رواه الترمذي (الحديث رقم 3926، ص 880) اما ما يؤكد وبلا شك قيمة الوطن في الاسلام فجاء في الآية الكريمة عندما اشتاق النبي المصطفى إلى مكة موطن مولده ومنشئه أنزل اللَّه تعالى عليه قوله: " إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَن لَرَادكَ إَلى مَعَاِد " إلى مكة (صحيح البخاري) القصص 85.
الاسلام وحب الوطن في الصين
ان حب الوطن في الصين ليس حكرا على المسلمين الصينيين حتى وان كتب على ابواب مساجدهم وانما نستشفه في تصرف كل افراد ذلك الشعب العظيم المتواضع والهادئ اللين ومن خلال الزيارات والاتصال بعامة الصينيين ويمكن القول ان دولة الصين وخاصة بعد تصحيح مسارها السياسي والثقافي من دولة شيوعية مائة بالمائة الى قوة عظمى في العالم متفتحة مرنة لم تكن ابدا معادية للعرب او حتى ازاء المسلمين الذين فتحوا مناطقها قادمين من الغرب عبر طريق الحرير العابر للصين.
ويذكر التاريخ ان الامبراطوريات الصينية المتعاقبة من 1406 الى 1911 (م) كانت تعتمد على تفاني القادة المسلمين الصينيين في حبهم لوطنهم وفي تسيير شؤون مقاطعاتها لما لهم من حنكة وقدرة في القيادة حتى بداية القرن العشرين ونجد حاليا عديد المحلات التجارية والمطاعم الفخمة على أبوابها لافتات باللغة العربية يسيرها صينيون مسلمون ويناهز عدد المسلمين في الصين المائتي مليون نسمة وتعتبر اللغة العربية اللغة الحية الخامسة في الصين وقد كتبت في اعلى الورقة النقدية الصينية 100 يانغ ترجمة لقيمتها بالأحرف العربية.
والصين من البلدان القلائل في العالم التي لا يتوجس الزائر فيها سوءا او اي رد فعل عنصري لشعورك فيها بالأمان في كل مكان واذا قدمت نفسك كعربي مسلم تجد كل الاحترام وللأمانة فقد انتابني نفس هذا الإحساس تقريبا عند زيارة كوبا والأرجنتين سنة 2009.
و لسائل أن يسأل ما الذي حدا بالصين لكتابة " حب الوطن من الإيمان" في أعلى مدخل مساجد المسلمين والارجح ان يكون الصينيون الذين نجحوا في إنجاز ثورتهم الثقافية و انتشال أكبر تجمع بشري على البسيطة من الفقر المدقع ،كانوا يعتبرون وربما على صواب ان الدين اذا اختلط بالمعتقدات الخرافية الشعبية وأصبح يعني لدى العوام التخلي عن العمل والركون إلى العبادة فقط يصبح أفيونا للشعوب.
ولهذا السبب فصل الدين عن الدولة في الصين وبدرجة أقل عند الامم الراقية منذ عشرات السنين و تخصص الاولوية في الصين وفي كل دول العالم المتحضر لحب الوطن فهو ضرب من الإيمان والوطن هو الوسط الملائم لحياة المواطن وكافة أفراد الشعب وهو قانونيا العنصر الرئيسي في مقومات الدولة وهذه الاخيرة لا يمكن لها أن تتقدم اذا كان الشعب غير متماسك ومنقسم إلى فرق وطوائف وحاليا هناك سعي لتفعيل دور الجمعيات الصينية الاسلامية من قبل الحكومة الصينية لمزيد العناية بشؤون المسلمين.
تراجع حب الوطن في تونس
تراجع حب التونسي لوطنه منذ تولي الحكومات الموالية للنهضة شؤون البلاد ، بعد ان سلطت عليه حملة ظاهرها ديني وباطنها هدام لهذا البلد الصغير حيث انتصبت جماعات تدعي الإسلام والدفاع عن مستقبله ضاربة عرض الحائط المقدسات الاساسية مثل الوطن والسيادة التونسية وتم تكليف جمعيات خرج أفرادها من ظلام حالك يذكرنا بالعصور الوسطى وما قبلها في أوروبا حيث تفشي الجهل والتزمت الديني الشديد وتعاظم دور الكنيسة في مختلف مجالات الحياة وانتشار الفوضى والاغتيالات وهو تقريبا ما عاشته تونس في الاحدى عشر سنة الماضية.
وجاءت فرق نكرة متغطرسة غير متعلمة لتشكك في تاريخ هذا البلد وفي كل انجازاته وفي تصرفات شعبه وقام بعضهم بإنزال علم التونسي من اعلى المؤسسات الوطنية وحاولوا تحريف النشيد الوطني وتغافلوا عن قصد وتناسوا الاحتفال ببعض الأعياد الوطنية وكأن تونس بعثت يوم 23 اكتوبر 2011 وليس لها تاريخ بآلاف السنين و تقمص دعاة " الاسلام المستورد" العاطلين عن العمل دور شرطة الدين واعتدوا على بني وطنهم بالعنف الشديد ونتج عن تدخلهم تقسيم بني الوطن الواحد بين موالين للاسلاميين وكفار والاخطر من كل ذلك هو الدعوات الطوباوية لوحدة المسلمين وكسر الحواجز القانونية للحدود التونسية من طرف واحد ونبذ الشعور الوطني واركان الدولة واصبحت البلاد تستقبل بالزغاريد والطبول من كادوا لهذا الوطن في الماضي ومساجين وافدين من سجون سياسية في الدول الاجنبية وعصابات الجريمة المنظمة والارهابيين الدوليين ورؤساء اموال منهم من لجأوا لتونس لا حبا فيها او بهدف الاستثمار بل لتبييض كنوزهم هربا من التتبعات القانونية في دول حريصة على حماية اقتصادها.
وانقلب الهرم في تونس وعمت الفوضى جميع المؤسسات ما عدا الجيش ولم يتشجع احد لترميم الهرم واستوت الامور فلم يعد هناك فرق بين الرئيس والمرؤوس واصبح للمنحرفين باع وذراع في كل مكان وفي الاحياء الشعبية، يرهبون جيرانهم واقرب الناس اليهم تحت غطاء الدين او النقاب وتراجع دور رجال الامن وخيروا التعامل مع الحدث بحذر شديد رغم كل العزائم الصادقة لدى رؤسائهم و كان المتضرر الاكبر من هذه الفوضى هو الوطن ولا غير الوطن.
المعجزة الصينية وكيف يمكن تدارك أضرار عشرية الخراب في وطننا
الصين اليوم ليست فحسب في صدارة الدول العظمى بل أصبحت أكبر قوة عسكرية ودبلوماسية يعتمد عليها لنزع فتيل الحرب النووية والتقليدية في العالم وهي أكبر خزينة عملة أجنبية على وجه الأرض، قادرة على منح قروض خيالية للدول الغربية.
الصين دولة عانت كثيرا ويلات الاستعمار الياباني والاستعمار الإنجليزي وكذلك ويلات الحرب الأهلية والعصابات الصينية الموالية للغرب . الصين دولة بنت نفسها بنفسها واحترمت الحزب الشيوعي الصيني الذي هو الممثل الصادق لمصالح الشعب الصيني من قومياته المختلفة والقوة المركزية التي تقود قضية الاشتراكية في الصين ولهذا الحزب الفضل في انجاح التجربة السياسية الاقتصادية الصينية التي بواسطتها تمكن من تطويع النظريات الاشتراكية للقائد التاريخي ماو تزيدونق إلى تطبيقات رأسمالية صينية مائة بالمائة تحت إشراف القيادة المركزية لذاك الحزب .
وبعد الزيارة الاخيرة التي جمعت رؤساء الدول الافريقية بما فيها السيد رئيس الجمهورية التونسية بالولايات المتحدة الأمريكية وما تسرب حول عدم الإجماع على نجاح تلك الزيارة نظرا لمماطلة الولايات المتحدة التي بدت وكأنها تحاول اللحاق بقطار مضت سنين على خروجه من المحطة. هذا القطار يمثل في الواقع جمهورية الصين الشعبية ويمكن القول ان الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحترم شركاءها من الدول النامية مثل تونس ومن لم يقتنع بهذا عليه أن يجمع تكاليف السدود و الطرقات و القنوات المائية و حماية جبال السند من الانجراف اضف الى ذلك الاسلحة المهداة من الصين وكل ما قدمته الصين لتونس بما فيه الهبة الصينية التي يبدو ان صهر رئيس حزب النهضة رفيق عبد السلام قد استولى عليها.
والحمد لله والشكر على التغيير الذي أبعد البلاد التونسية من الحرب الاهلية على الرغم من مواصلة تعنت الدول الغربية التي لا تزال تراهن على الإسلاميين لتفكيك المجتمع التونسي والدولة التونسية كما بدا واضحا أن الدول الغربية فقدت ثقة العالم و ثقة الدول الافريقية وخاصة منذ بدء الحرب في أوكرانيا وبات واضحا ان انانية الغرب لا حدود لها و انه كان قد استغل بلا هوادة الموارد الطبيعية الافريقية في باطن الصحراء الكبرى وفي نفس الوقت ومنذ عشرات السنين كان يبث في دعايات ملفقة حول الفقر والاحتياج في افريقيا وهو ما حدا ببعض رؤساء دول إفريقية إلى عدم المشاركة في الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس بايدن في أمريك . وفي الاثناء وجّه السيد الرئيس قيس سعيد، انتقادات لصندوق النقد الدولي مؤكدا أن تونس لا يمكن أن تقبل بـ”حلول مفروضة” ولا يمكن لأيّ طرف أجنبي أن يفرض علينا حلوله أو بدائله الخاصة بمشاكلنا، وان الحلول المقترحة من الجهات الخارجية يجب أن تأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي لتونس.
جاء في بيان سابق للرئاسة التونسية، أن الرئيس قيس سعيد أشاد خلال اللقاء بعلاقات الصداقة القائمة بين تونس والصين، وأهمية مواصلة العمل وفق إرادة وقيم مشتركة من أجل تعزيز هذه الروابط وترسيخها في إطار ثنائي وإقليمي، ولاسيما في ظل ما يشهده العالم اليوم من تحولات عميقة وتغيرات متسارعة.
*ضابط متقاعد.
* المعجزة الصينية دفعت دول إفريقية لمراجعة علاقاتها مع الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي.
*انقلب الهرم في تونس وعمت الفوضى جميع المؤسسات ما عدا الجيش ولم يتشجع احد لترميم الهرم
بقلم:كيلاني بن نصر(*)
كتبت هذه الكلمات على باب مسجد مدينة جنان JINAN الصينية الذي بني في أواخر القرن السابع ميلادي وكنت قد زرته في شهر اوت2012 وفيه وجدت الاستقبال الحسن والشرح الضافي لتاريخ الإسلام في الصين.
وذكرتني تلك الوقفة بزيارتي لمسجد قرطبة ومسجد اشبيلية في سنة 1991 وقلت في نفسي ما اعظم شانك يا وطن الاسلام وما اوسع دارك وحزت في نفسي الانقسامات التي تعيشها اليوم الامة الاسلامية التي كانت متماسكة رغم تباعدها قرابة الـ 13000 كيلومتر من المحيط الهادي الى المحيط الاطلسي وهي تقريبا المسافة الفاصلة بين مسجدي اشبيلية في اسبانيا ومسجد جنان في الصين على شريط خط عرض 30 درجة شمالا وهو الشريط الذي يظم اعظم حضارات العالم بما فيها الحضارة العربية الاسلامية واكثر الدول تطورا حاليا.
وحب الوطن من الايمان في الاصل حديث نبوي شريف وهناك حديث اخر جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم في خصوص وطنه مكة الذي كان يحن اليه " ما أطيبكِ من بلد، وأحبَّكِ إليَّ، ولولا أن قومي أخرجوني منكِ ما سكنتُ غيركِ" رواه الترمذي (الحديث رقم 3926، ص 880) اما ما يؤكد وبلا شك قيمة الوطن في الاسلام فجاء في الآية الكريمة عندما اشتاق النبي المصطفى إلى مكة موطن مولده ومنشئه أنزل اللَّه تعالى عليه قوله: " إِنَّ الذي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَن لَرَادكَ إَلى مَعَاِد " إلى مكة (صحيح البخاري) القصص 85.
الاسلام وحب الوطن في الصين
ان حب الوطن في الصين ليس حكرا على المسلمين الصينيين حتى وان كتب على ابواب مساجدهم وانما نستشفه في تصرف كل افراد ذلك الشعب العظيم المتواضع والهادئ اللين ومن خلال الزيارات والاتصال بعامة الصينيين ويمكن القول ان دولة الصين وخاصة بعد تصحيح مسارها السياسي والثقافي من دولة شيوعية مائة بالمائة الى قوة عظمى في العالم متفتحة مرنة لم تكن ابدا معادية للعرب او حتى ازاء المسلمين الذين فتحوا مناطقها قادمين من الغرب عبر طريق الحرير العابر للصين.
ويذكر التاريخ ان الامبراطوريات الصينية المتعاقبة من 1406 الى 1911 (م) كانت تعتمد على تفاني القادة المسلمين الصينيين في حبهم لوطنهم وفي تسيير شؤون مقاطعاتها لما لهم من حنكة وقدرة في القيادة حتى بداية القرن العشرين ونجد حاليا عديد المحلات التجارية والمطاعم الفخمة على أبوابها لافتات باللغة العربية يسيرها صينيون مسلمون ويناهز عدد المسلمين في الصين المائتي مليون نسمة وتعتبر اللغة العربية اللغة الحية الخامسة في الصين وقد كتبت في اعلى الورقة النقدية الصينية 100 يانغ ترجمة لقيمتها بالأحرف العربية.
والصين من البلدان القلائل في العالم التي لا يتوجس الزائر فيها سوءا او اي رد فعل عنصري لشعورك فيها بالأمان في كل مكان واذا قدمت نفسك كعربي مسلم تجد كل الاحترام وللأمانة فقد انتابني نفس هذا الإحساس تقريبا عند زيارة كوبا والأرجنتين سنة 2009.
و لسائل أن يسأل ما الذي حدا بالصين لكتابة " حب الوطن من الإيمان" في أعلى مدخل مساجد المسلمين والارجح ان يكون الصينيون الذين نجحوا في إنجاز ثورتهم الثقافية و انتشال أكبر تجمع بشري على البسيطة من الفقر المدقع ،كانوا يعتبرون وربما على صواب ان الدين اذا اختلط بالمعتقدات الخرافية الشعبية وأصبح يعني لدى العوام التخلي عن العمل والركون إلى العبادة فقط يصبح أفيونا للشعوب.
ولهذا السبب فصل الدين عن الدولة في الصين وبدرجة أقل عند الامم الراقية منذ عشرات السنين و تخصص الاولوية في الصين وفي كل دول العالم المتحضر لحب الوطن فهو ضرب من الإيمان والوطن هو الوسط الملائم لحياة المواطن وكافة أفراد الشعب وهو قانونيا العنصر الرئيسي في مقومات الدولة وهذه الاخيرة لا يمكن لها أن تتقدم اذا كان الشعب غير متماسك ومنقسم إلى فرق وطوائف وحاليا هناك سعي لتفعيل دور الجمعيات الصينية الاسلامية من قبل الحكومة الصينية لمزيد العناية بشؤون المسلمين.
تراجع حب الوطن في تونس
تراجع حب التونسي لوطنه منذ تولي الحكومات الموالية للنهضة شؤون البلاد ، بعد ان سلطت عليه حملة ظاهرها ديني وباطنها هدام لهذا البلد الصغير حيث انتصبت جماعات تدعي الإسلام والدفاع عن مستقبله ضاربة عرض الحائط المقدسات الاساسية مثل الوطن والسيادة التونسية وتم تكليف جمعيات خرج أفرادها من ظلام حالك يذكرنا بالعصور الوسطى وما قبلها في أوروبا حيث تفشي الجهل والتزمت الديني الشديد وتعاظم دور الكنيسة في مختلف مجالات الحياة وانتشار الفوضى والاغتيالات وهو تقريبا ما عاشته تونس في الاحدى عشر سنة الماضية.
وجاءت فرق نكرة متغطرسة غير متعلمة لتشكك في تاريخ هذا البلد وفي كل انجازاته وفي تصرفات شعبه وقام بعضهم بإنزال علم التونسي من اعلى المؤسسات الوطنية وحاولوا تحريف النشيد الوطني وتغافلوا عن قصد وتناسوا الاحتفال ببعض الأعياد الوطنية وكأن تونس بعثت يوم 23 اكتوبر 2011 وليس لها تاريخ بآلاف السنين و تقمص دعاة " الاسلام المستورد" العاطلين عن العمل دور شرطة الدين واعتدوا على بني وطنهم بالعنف الشديد ونتج عن تدخلهم تقسيم بني الوطن الواحد بين موالين للاسلاميين وكفار والاخطر من كل ذلك هو الدعوات الطوباوية لوحدة المسلمين وكسر الحواجز القانونية للحدود التونسية من طرف واحد ونبذ الشعور الوطني واركان الدولة واصبحت البلاد تستقبل بالزغاريد والطبول من كادوا لهذا الوطن في الماضي ومساجين وافدين من سجون سياسية في الدول الاجنبية وعصابات الجريمة المنظمة والارهابيين الدوليين ورؤساء اموال منهم من لجأوا لتونس لا حبا فيها او بهدف الاستثمار بل لتبييض كنوزهم هربا من التتبعات القانونية في دول حريصة على حماية اقتصادها.
وانقلب الهرم في تونس وعمت الفوضى جميع المؤسسات ما عدا الجيش ولم يتشجع احد لترميم الهرم واستوت الامور فلم يعد هناك فرق بين الرئيس والمرؤوس واصبح للمنحرفين باع وذراع في كل مكان وفي الاحياء الشعبية، يرهبون جيرانهم واقرب الناس اليهم تحت غطاء الدين او النقاب وتراجع دور رجال الامن وخيروا التعامل مع الحدث بحذر شديد رغم كل العزائم الصادقة لدى رؤسائهم و كان المتضرر الاكبر من هذه الفوضى هو الوطن ولا غير الوطن.
المعجزة الصينية وكيف يمكن تدارك أضرار عشرية الخراب في وطننا
الصين اليوم ليست فحسب في صدارة الدول العظمى بل أصبحت أكبر قوة عسكرية ودبلوماسية يعتمد عليها لنزع فتيل الحرب النووية والتقليدية في العالم وهي أكبر خزينة عملة أجنبية على وجه الأرض، قادرة على منح قروض خيالية للدول الغربية.
الصين دولة عانت كثيرا ويلات الاستعمار الياباني والاستعمار الإنجليزي وكذلك ويلات الحرب الأهلية والعصابات الصينية الموالية للغرب . الصين دولة بنت نفسها بنفسها واحترمت الحزب الشيوعي الصيني الذي هو الممثل الصادق لمصالح الشعب الصيني من قومياته المختلفة والقوة المركزية التي تقود قضية الاشتراكية في الصين ولهذا الحزب الفضل في انجاح التجربة السياسية الاقتصادية الصينية التي بواسطتها تمكن من تطويع النظريات الاشتراكية للقائد التاريخي ماو تزيدونق إلى تطبيقات رأسمالية صينية مائة بالمائة تحت إشراف القيادة المركزية لذاك الحزب .
وبعد الزيارة الاخيرة التي جمعت رؤساء الدول الافريقية بما فيها السيد رئيس الجمهورية التونسية بالولايات المتحدة الأمريكية وما تسرب حول عدم الإجماع على نجاح تلك الزيارة نظرا لمماطلة الولايات المتحدة التي بدت وكأنها تحاول اللحاق بقطار مضت سنين على خروجه من المحطة. هذا القطار يمثل في الواقع جمهورية الصين الشعبية ويمكن القول ان الصين هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحترم شركاءها من الدول النامية مثل تونس ومن لم يقتنع بهذا عليه أن يجمع تكاليف السدود و الطرقات و القنوات المائية و حماية جبال السند من الانجراف اضف الى ذلك الاسلحة المهداة من الصين وكل ما قدمته الصين لتونس بما فيه الهبة الصينية التي يبدو ان صهر رئيس حزب النهضة رفيق عبد السلام قد استولى عليها.
والحمد لله والشكر على التغيير الذي أبعد البلاد التونسية من الحرب الاهلية على الرغم من مواصلة تعنت الدول الغربية التي لا تزال تراهن على الإسلاميين لتفكيك المجتمع التونسي والدولة التونسية كما بدا واضحا أن الدول الغربية فقدت ثقة العالم و ثقة الدول الافريقية وخاصة منذ بدء الحرب في أوكرانيا وبات واضحا ان انانية الغرب لا حدود لها و انه كان قد استغل بلا هوادة الموارد الطبيعية الافريقية في باطن الصحراء الكبرى وفي نفس الوقت ومنذ عشرات السنين كان يبث في دعايات ملفقة حول الفقر والاحتياج في افريقيا وهو ما حدا ببعض رؤساء دول إفريقية إلى عدم المشاركة في الاجتماع الذي دعا إليه الرئيس بايدن في أمريك . وفي الاثناء وجّه السيد الرئيس قيس سعيد، انتقادات لصندوق النقد الدولي مؤكدا أن تونس لا يمكن أن تقبل بـ”حلول مفروضة” ولا يمكن لأيّ طرف أجنبي أن يفرض علينا حلوله أو بدائله الخاصة بمشاكلنا، وان الحلول المقترحة من الجهات الخارجية يجب أن تأخذ بالاعتبار الوضع الاقتصادي والاجتماعي لتونس.
جاء في بيان سابق للرئاسة التونسية، أن الرئيس قيس سعيد أشاد خلال اللقاء بعلاقات الصداقة القائمة بين تونس والصين، وأهمية مواصلة العمل وفق إرادة وقيم مشتركة من أجل تعزيز هذه الروابط وترسيخها في إطار ثنائي وإقليمي، ولاسيما في ظل ما يشهده العالم اليوم من تحولات عميقة وتغيرات متسارعة.