إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

روضة عبد الله لـ "الصباح": مشروعي الفني القادم سيكون مختلفا ومغايرا.. وسأسعى للوصول إلى الجمهور العربي

أسباب كثيرة تعطل الفنان في تونس لكني لا أحبذ البكاء على الأطلال

المنظومة الفنية ليست مبنية  على أسس صحيحة وهناك حلقات ضرورية للانتاج الفني مفقودة 

 

تونس – الصباح

جمعت الفنانة روضة عبد الله في  ألبومها الجديد الذي اختارت له عنوانا "دانا" عصارة تجربتها الفنية الشخصية والثنائية مع منى شطورو.  وقد اجرينا معها بهذه المناسبة،حوارا سردت فيه  بعضا من تفاصيل مسيرتها التي انطلقت منذ سنة 2006 بأحلام وأفكار جالت في خاطرها ولكن لم تتوقع أنها ستصبح حقيقة وفق تصريحها.

قالت روضة عبد الله ، إنها ستفاجئ الجمهور بتجربة جديدة ستكون مختلفة ومغايرة عن السابقة، لم تكشف بعد عن فحواها، ولكن قد تكون بانطلاقة جديدة بلون فني جديد، تسعى من خلاله إلى توسيع قاعدة جمهورها ولما لا الانتشار عربيا. وفي ما يلي نص الحوار:

حاورتها إيمان عبد اللطيف

  • ما هي أسباب اختيارك لجمع أغاني قديمة في ألبومك الأخير "دانا" ولماذا هذا التوقيت بالذات؟

ألبوم "دانا" بالنسبة لي هو اختتام لكامل المرحلة التي عشتها فنيا في السنوات السابقة، أي منذ 2016 أين بدأت بعرض "أسرار" الذي يضمّ أغانٍ شاركت فيها في مهرجان أيام قرطاج الموسيقية وتحصلت على جائزة في ذلك الوقت، ثم أقمت عروضا بعدها.ثم كان هناك عرض "قطايتي" سنة 2017 الذي جمعني بالملحنة منى شطورو فبدأنا في نسج أفكار ورسم طريق ولون واتجاه فني وموسيقي خاص.

فكانت تجربة التلحين الثنائي وهي تجربة في العادة تكون غير عادية بالنسبة لأي إنسان، فالثنائيات موجودة في كتابة السيناريو، ولكن في التلحين المسألة مختلفة تماما فيجب أن تُعبر عن الفكرة وتُغنيها وتوصلها لأذن المتلقي وبالتالي يجب أن يكون هناك الكثير من التجرد من الأنا ويكون هناك الكثير من الثقة والانسجام الفني والموسيقي بين الثنائيين.

وبالتالي هذه التجربة الثنائية كانت تجربة ثرية ومهمة جدا بالنسبة لي ومنها هي قدمنا أغانٍ تضمنها عرض قْطايتي واخترت فيما بعد ان اختتم كل هذا في البوم يجمع أهم الأغاني من التجربتين واخترت اسم "دانا" من أجل توثيق الأغاني في ألبوم واحد.

 

  • كيف تقيمين هذه التجربة الثنائية في التلحين مع منى شطورو؟

هذه التجربة الثنائية أثرت الكثير في شخصي وكانت على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لي، وأثرت أيضا في تجارب أخرى وأصبحت هناك حركية مماثلة في الوسط الموسيقي، وشجعت آخرين لخوض غمار تجربة فنية مشتركة وكانت طريقا للبعض ليكتشفوا أنفسهم فنيا في تونس. وهذا يعني أنه يمكن أن نبني ونحلم ونؤسس لمشاريع فنية ثنائية ومشتركة.

فبالنسبة للفنان من المهم جدّا أن يكون في وسط يفهمه فنيا وانسانيا حتى يساعده على الاستمرار.

  • لماذا اخترت هذا التوجه، أي تُلحنين وتكتبين أغانيك بنفسك؟

أغنية "إلي فات" أول أغنية كتبتها ولحنتها ومن خلالها قطعت حاجز تأجيل تجربة التلحين، في البداية بنيت أفكارا مسبقة ووضعت حواجز لنفسي كان من المفترض أن لا أضعها. فبهذه الأغنية كُسر هذا الحاجز فكتبت الكلمات، وهنا لا أدعي أني شاعرة، هو فقط تأليف وتجارب في الكتابة. أما بالنسبة للتلحين فأنا   منذ زمن أحب التلحين وبقيت فكرة مؤجلة إلى أن حان موعدها.

لكن في عدد من الأغاني كان هناك تعامل في الكتابة مع "بشير اللقاني"، "الجليدي العويني" وفي المشروع القادم سيكون هناك تعامل مع "الجليدي العويني" مرة أخرى و"مروان زاهي".

وقبل أن أبدأ التلحين لم تكن هناك مقترحات تتماشى مع ما أرغب في غنائه ويتماشى مع إحساسي الموسيقي والفني. وحتى عندما حاولت الاتصال بملحنين وشعراء كانت هناك "تعطيلات الحياة" والالتزامات والكثير من الوقت الضائع ولم تكن هناك السرعة في التنفيذ وهذا أتفهمه بما أني كنت أنا أيضا طالبة ولم يكن لدي الإمكانيات. وأنا اليوم منفتحة لكي أخوض تجارب مع ملحنين آخرين. 

  • أكان اختيار منك أن تكوني في نفس اللون الموسيقي من حيث الكلمات واللحن، كالعودة دائما إلى الماضي "ساعات" .."نتفكر" ..وغيرها من الأغاني؟

في ألبوم "دانا" الكثير من الذكريات بدأت منذ سنة 2006، فرسمت منذ حصولي على شهادة الباكالوريا طريقا بأسره في مخيلتي وفي أحلامي، وفي الحقيقة لم أتصور يوما أن هذا الطريق الحلم سيخرج للعلن في عمل فني.

في سنة 2006، استقليت القطار من قابس متوجهة لتونس لدراسة الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى، على مدى تلك الساعات الطويلة وأنا واضعة يدي على خدي ورأسي على الشباك حلمت وبنيت و"علّيت" كثيرا. وترجمت كل ذلك في كتابة الأغاني مثل "إلي فات".. و"نتفكر" تحكي حكايات صغري مع أخوتي.. "وساعات" هي روح حبي للدنيا والجزء الموجود فيا وغيرها من الأغاني. فكانت هناك أفكار متراكمة بداخلي خرجت في شكل عمل فني بعد أن كانت مجرد صور مركبة في أحلامي ومخيلتي.

  • هل ستواصلين في نفس اللون الموسيقي، التلحين المشترك أم تفكرين في التجديد؟

أنا أولا ممتنة لبلادي التي غنيت في مسارحها وشوارعها، وممتنة كثيرا لكل الذين عملت معهم وأيضا لتجربتي مع "منى شطورو" التي تبقى من التجارب العزيزة على قلبي، وأيضا تعاملي مع "مهدي البحري" في التوزيع الموسيقي ومع "دومينيك سابليي" الذي أضفى لمسة صوتية جميلة لكل المشروع وممتنة لكل العازفين والتقنيين.

وأما المشروع القادم سيكون مشروعا مختلفا ومغايرا، طبعا روحي الفنية ستكون موجودة في اختياراتي، وهناك احتمال للتوجه لنوع موسيقي آخر فحاليا مازالت الفكرة في مرحلة التطوير والبحث. سيكون هناك تعامل مع منى شطورو وعناصر من مجموعتي الموسيقية حتى إن لم يكن ذلك بصفة مباشرة بمعنى أني لن أقطع نهائيا مع السابق.

في نفس الوقت أسعى لخوض تجارب مغايرة في بلدان أخرى وأرغب في توسيع قاعدة جمهوري.

  • ما سبب تفكيرك في تغيير وجهة لونك الموسيقي؟ هل هذا القرار جاء بعد عملية تقييم لتجربتك وخلصت إلى ضرورة التغيير؟

مشروعي في تونس فنيّا أعتبره ناجحا  وجماهريا، تكوّن جمهور يتابع روضة عبد الله ويحب فنها وموسيقاها، لكن ما أقدمه أنا لم يلق الحضور الكافي اعلاميا وخاصة اذاعيا مقارنة بما نستمع إليه وما يتم إذاعته بطريقة متواترة وملفتة بالمحطات الاذاعية والتلفزية . فالمشهد الإعلامي لا يخدم كثيرا ما أقدمه كفنّ.

واليوم انا لا افكر بتغيير لوني الموسيقي بقدر ما افكر في خوض غمار الوان موسيقية اخرى فيمكن أن أواكب التطورات الفنية والموسيقية ولكن في نفس الوقت أحافظ على شخصيتي الفنية التي تعبت في نسج تفاصيلها.

كما انه من المهم في المرحلة القادمة تجديد المواضيع الشعرية والتغني بمواضيع قريبة من الناس…وهذا هو دور الفنان ان يترجم شعور المستمع بلحن يعيش في الذاكرة … وفي ذات السياق أرغب بأن أصل إلى الجمهور العربي كأن أغني بلهجات أخرى.

  • هل هذا اعتراف ضمني بأن اللون الذي تغنيه لا ينجح في تونس ومحدود الانتشار؟

لا، ليس كذلك وهو لا يعني أنه غير ناجح،  وإلا كيف أمكن لي تكوين قاعدة جماهيرية ولون خاص به وكيف تمكنت من نحت شخصيتي الفنية أو حظيت بأشخاص حفظوا اغاني وأحبوها. فالتجربة تركت الكثير من الأثر لدى العديد من الناس. لكن السوق التونسية سوق صغيرة، وإذا كان الفنان قادرا  على الغناء والانفتاح على تجارب أخرى فلما لا يوسع تجربته ويكون اكثر انفتاحا على العالم.

  • كيف تقيمين حضورك في المهرجانات، هل ترين أنه تمّ إنصافك أم كان هناك إقصاء خاصة بعد الكورونا؟

الجائحة عرّت وضعية الفنان في تونس، وهي مسألة لليوم لم يتم تناولها بصفة جدية. فإلى اليوم لا يمكن للفنان التونسي أن يعيش من فنّه أو حتى يختار ذلك وهذا أمر مخجل حقيقة…فبسبب مشاكل حقوق التأليف وغيرها نحن نعيش اليوم في منظومة منخرمة هيكليا وغير مبنية على أسس صحيحة تضمن الحقوق للفنانين مثل ما هو الحال في عديد البلدان. الأهم بالنسبة لي هو العمل على هذه النقاط مستقبلا وتوفر ارادة حقيقة تعمل على تحقق مشروع حقوق المؤلف وهيكلة القطاع بشكل فعلي هذا ما اتمناه مستقبلا وما اتمنى ان أعيشه ببلدي وان تتمتع به الاجيال القادمة وهذا سيضمن العيش الكريم للفنان وسيزيد بصفة غير مباشرة ايضا في المردود الفني لكل مبدع ببلادنا! 

كنت موجودة في بعض المهرجانات لأنني فرضت نفسي بعملي وجهدي ومحاولتي دائما لتقديم انتاجات تليق بالفن ببلادنا ولكن في نفس الوقت لا أفهم كيف تتم الاختيارات في المهرجانات فهناك بعض الأصوات العادية والتي تفتقد للانتاج الخاص وتقتات من اعمال غيرها بنسبة كبيرة في ما تقدمه ومع ذلك تحظى بجولات كاملة في المهرجانات. وهنا نقطة استفهام كبيرة. ولا إجابة لي غير العمل وفرض نفسي!

  • هل ما يصطلح عليه بـ"الماكينة" الإعلامية والحضور في "السوشال ميديا"  ضرورية اليوم  للفنان؟

"الماكينة الإعلامية" متطلبة جدّا، يجب أن تكون في قلب الأحداث وصناعة البوز والأحداث الاجتماعية وبعيدة كل البعد عن كل ما هو فني. فالساعات التي سأقضيها في صنع البوز أفضّل العمل فيها.

أنا موجودة بمواقع التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من التفاعل على صفحتي، والارساليات حتى أنه هناك أحيانا "هدايا ربانية" عن طريق أشخاص ومساجات تُعيد إلي الطاقة في فترات أشعر فيها بالملل أو القلق أو الغضب أو الحيرة. فأشعر بالامتنان لمحبة الناس ما يدفعني أكثر للحفاظ عليها.

  • ومسألة الدعم المادي للفنان؟

في تونس لا توجد شركات انتاج خاصة تكون وراء الفنان وداعمة له. فالمنظومة الفنية غير مبنية على أسس صحيحة فلا شركات ولا منتجين منفذين ولا موزعين ولا مهرجانات، فلا وجود لعناصر العمل الفني التي من المفترض أن تكون متدخلة في هذا المجال، وبالتالي كل الدعم هو شخصي، فجزء من مداخيل عروضي يتم تخصيصه للإنتاج. وهذا طبعا يعطل انتاج الأغاني. ولكن يجب العمل والتقدم لا البكاء على الأطلال.

روضة عبد الله لـ "الصباح":  مشروعي الفني القادم سيكون مختلفا ومغايرا.. وسأسعى للوصول إلى الجمهور العربي

أسباب كثيرة تعطل الفنان في تونس لكني لا أحبذ البكاء على الأطلال

المنظومة الفنية ليست مبنية  على أسس صحيحة وهناك حلقات ضرورية للانتاج الفني مفقودة 

 

تونس – الصباح

جمعت الفنانة روضة عبد الله في  ألبومها الجديد الذي اختارت له عنوانا "دانا" عصارة تجربتها الفنية الشخصية والثنائية مع منى شطورو.  وقد اجرينا معها بهذه المناسبة،حوارا سردت فيه  بعضا من تفاصيل مسيرتها التي انطلقت منذ سنة 2006 بأحلام وأفكار جالت في خاطرها ولكن لم تتوقع أنها ستصبح حقيقة وفق تصريحها.

قالت روضة عبد الله ، إنها ستفاجئ الجمهور بتجربة جديدة ستكون مختلفة ومغايرة عن السابقة، لم تكشف بعد عن فحواها، ولكن قد تكون بانطلاقة جديدة بلون فني جديد، تسعى من خلاله إلى توسيع قاعدة جمهورها ولما لا الانتشار عربيا. وفي ما يلي نص الحوار:

حاورتها إيمان عبد اللطيف

  • ما هي أسباب اختيارك لجمع أغاني قديمة في ألبومك الأخير "دانا" ولماذا هذا التوقيت بالذات؟

ألبوم "دانا" بالنسبة لي هو اختتام لكامل المرحلة التي عشتها فنيا في السنوات السابقة، أي منذ 2016 أين بدأت بعرض "أسرار" الذي يضمّ أغانٍ شاركت فيها في مهرجان أيام قرطاج الموسيقية وتحصلت على جائزة في ذلك الوقت، ثم أقمت عروضا بعدها.ثم كان هناك عرض "قطايتي" سنة 2017 الذي جمعني بالملحنة منى شطورو فبدأنا في نسج أفكار ورسم طريق ولون واتجاه فني وموسيقي خاص.

فكانت تجربة التلحين الثنائي وهي تجربة في العادة تكون غير عادية بالنسبة لأي إنسان، فالثنائيات موجودة في كتابة السيناريو، ولكن في التلحين المسألة مختلفة تماما فيجب أن تُعبر عن الفكرة وتُغنيها وتوصلها لأذن المتلقي وبالتالي يجب أن يكون هناك الكثير من التجرد من الأنا ويكون هناك الكثير من الثقة والانسجام الفني والموسيقي بين الثنائيين.

وبالتالي هذه التجربة الثنائية كانت تجربة ثرية ومهمة جدا بالنسبة لي ومنها هي قدمنا أغانٍ تضمنها عرض قْطايتي واخترت فيما بعد ان اختتم كل هذا في البوم يجمع أهم الأغاني من التجربتين واخترت اسم "دانا" من أجل توثيق الأغاني في ألبوم واحد.

 

  • كيف تقيمين هذه التجربة الثنائية في التلحين مع منى شطورو؟

هذه التجربة الثنائية أثرت الكثير في شخصي وكانت على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لي، وأثرت أيضا في تجارب أخرى وأصبحت هناك حركية مماثلة في الوسط الموسيقي، وشجعت آخرين لخوض غمار تجربة فنية مشتركة وكانت طريقا للبعض ليكتشفوا أنفسهم فنيا في تونس. وهذا يعني أنه يمكن أن نبني ونحلم ونؤسس لمشاريع فنية ثنائية ومشتركة.

فبالنسبة للفنان من المهم جدّا أن يكون في وسط يفهمه فنيا وانسانيا حتى يساعده على الاستمرار.

  • لماذا اخترت هذا التوجه، أي تُلحنين وتكتبين أغانيك بنفسك؟

أغنية "إلي فات" أول أغنية كتبتها ولحنتها ومن خلالها قطعت حاجز تأجيل تجربة التلحين، في البداية بنيت أفكارا مسبقة ووضعت حواجز لنفسي كان من المفترض أن لا أضعها. فبهذه الأغنية كُسر هذا الحاجز فكتبت الكلمات، وهنا لا أدعي أني شاعرة، هو فقط تأليف وتجارب في الكتابة. أما بالنسبة للتلحين فأنا   منذ زمن أحب التلحين وبقيت فكرة مؤجلة إلى أن حان موعدها.

لكن في عدد من الأغاني كان هناك تعامل في الكتابة مع "بشير اللقاني"، "الجليدي العويني" وفي المشروع القادم سيكون هناك تعامل مع "الجليدي العويني" مرة أخرى و"مروان زاهي".

وقبل أن أبدأ التلحين لم تكن هناك مقترحات تتماشى مع ما أرغب في غنائه ويتماشى مع إحساسي الموسيقي والفني. وحتى عندما حاولت الاتصال بملحنين وشعراء كانت هناك "تعطيلات الحياة" والالتزامات والكثير من الوقت الضائع ولم تكن هناك السرعة في التنفيذ وهذا أتفهمه بما أني كنت أنا أيضا طالبة ولم يكن لدي الإمكانيات. وأنا اليوم منفتحة لكي أخوض تجارب مع ملحنين آخرين. 

  • أكان اختيار منك أن تكوني في نفس اللون الموسيقي من حيث الكلمات واللحن، كالعودة دائما إلى الماضي "ساعات" .."نتفكر" ..وغيرها من الأغاني؟

في ألبوم "دانا" الكثير من الذكريات بدأت منذ سنة 2006، فرسمت منذ حصولي على شهادة الباكالوريا طريقا بأسره في مخيلتي وفي أحلامي، وفي الحقيقة لم أتصور يوما أن هذا الطريق الحلم سيخرج للعلن في عمل فني.

في سنة 2006، استقليت القطار من قابس متوجهة لتونس لدراسة الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى، على مدى تلك الساعات الطويلة وأنا واضعة يدي على خدي ورأسي على الشباك حلمت وبنيت و"علّيت" كثيرا. وترجمت كل ذلك في كتابة الأغاني مثل "إلي فات".. و"نتفكر" تحكي حكايات صغري مع أخوتي.. "وساعات" هي روح حبي للدنيا والجزء الموجود فيا وغيرها من الأغاني. فكانت هناك أفكار متراكمة بداخلي خرجت في شكل عمل فني بعد أن كانت مجرد صور مركبة في أحلامي ومخيلتي.

  • هل ستواصلين في نفس اللون الموسيقي، التلحين المشترك أم تفكرين في التجديد؟

أنا أولا ممتنة لبلادي التي غنيت في مسارحها وشوارعها، وممتنة كثيرا لكل الذين عملت معهم وأيضا لتجربتي مع "منى شطورو" التي تبقى من التجارب العزيزة على قلبي، وأيضا تعاملي مع "مهدي البحري" في التوزيع الموسيقي ومع "دومينيك سابليي" الذي أضفى لمسة صوتية جميلة لكل المشروع وممتنة لكل العازفين والتقنيين.

وأما المشروع القادم سيكون مشروعا مختلفا ومغايرا، طبعا روحي الفنية ستكون موجودة في اختياراتي، وهناك احتمال للتوجه لنوع موسيقي آخر فحاليا مازالت الفكرة في مرحلة التطوير والبحث. سيكون هناك تعامل مع منى شطورو وعناصر من مجموعتي الموسيقية حتى إن لم يكن ذلك بصفة مباشرة بمعنى أني لن أقطع نهائيا مع السابق.

في نفس الوقت أسعى لخوض تجارب مغايرة في بلدان أخرى وأرغب في توسيع قاعدة جمهوري.

  • ما سبب تفكيرك في تغيير وجهة لونك الموسيقي؟ هل هذا القرار جاء بعد عملية تقييم لتجربتك وخلصت إلى ضرورة التغيير؟

مشروعي في تونس فنيّا أعتبره ناجحا  وجماهريا، تكوّن جمهور يتابع روضة عبد الله ويحب فنها وموسيقاها، لكن ما أقدمه أنا لم يلق الحضور الكافي اعلاميا وخاصة اذاعيا مقارنة بما نستمع إليه وما يتم إذاعته بطريقة متواترة وملفتة بالمحطات الاذاعية والتلفزية . فالمشهد الإعلامي لا يخدم كثيرا ما أقدمه كفنّ.

واليوم انا لا افكر بتغيير لوني الموسيقي بقدر ما افكر في خوض غمار الوان موسيقية اخرى فيمكن أن أواكب التطورات الفنية والموسيقية ولكن في نفس الوقت أحافظ على شخصيتي الفنية التي تعبت في نسج تفاصيلها.

كما انه من المهم في المرحلة القادمة تجديد المواضيع الشعرية والتغني بمواضيع قريبة من الناس…وهذا هو دور الفنان ان يترجم شعور المستمع بلحن يعيش في الذاكرة … وفي ذات السياق أرغب بأن أصل إلى الجمهور العربي كأن أغني بلهجات أخرى.

  • هل هذا اعتراف ضمني بأن اللون الذي تغنيه لا ينجح في تونس ومحدود الانتشار؟

لا، ليس كذلك وهو لا يعني أنه غير ناجح،  وإلا كيف أمكن لي تكوين قاعدة جماهيرية ولون خاص به وكيف تمكنت من نحت شخصيتي الفنية أو حظيت بأشخاص حفظوا اغاني وأحبوها. فالتجربة تركت الكثير من الأثر لدى العديد من الناس. لكن السوق التونسية سوق صغيرة، وإذا كان الفنان قادرا  على الغناء والانفتاح على تجارب أخرى فلما لا يوسع تجربته ويكون اكثر انفتاحا على العالم.

  • كيف تقيمين حضورك في المهرجانات، هل ترين أنه تمّ إنصافك أم كان هناك إقصاء خاصة بعد الكورونا؟

الجائحة عرّت وضعية الفنان في تونس، وهي مسألة لليوم لم يتم تناولها بصفة جدية. فإلى اليوم لا يمكن للفنان التونسي أن يعيش من فنّه أو حتى يختار ذلك وهذا أمر مخجل حقيقة…فبسبب مشاكل حقوق التأليف وغيرها نحن نعيش اليوم في منظومة منخرمة هيكليا وغير مبنية على أسس صحيحة تضمن الحقوق للفنانين مثل ما هو الحال في عديد البلدان. الأهم بالنسبة لي هو العمل على هذه النقاط مستقبلا وتوفر ارادة حقيقة تعمل على تحقق مشروع حقوق المؤلف وهيكلة القطاع بشكل فعلي هذا ما اتمناه مستقبلا وما اتمنى ان أعيشه ببلدي وان تتمتع به الاجيال القادمة وهذا سيضمن العيش الكريم للفنان وسيزيد بصفة غير مباشرة ايضا في المردود الفني لكل مبدع ببلادنا! 

كنت موجودة في بعض المهرجانات لأنني فرضت نفسي بعملي وجهدي ومحاولتي دائما لتقديم انتاجات تليق بالفن ببلادنا ولكن في نفس الوقت لا أفهم كيف تتم الاختيارات في المهرجانات فهناك بعض الأصوات العادية والتي تفتقد للانتاج الخاص وتقتات من اعمال غيرها بنسبة كبيرة في ما تقدمه ومع ذلك تحظى بجولات كاملة في المهرجانات. وهنا نقطة استفهام كبيرة. ولا إجابة لي غير العمل وفرض نفسي!

  • هل ما يصطلح عليه بـ"الماكينة" الإعلامية والحضور في "السوشال ميديا"  ضرورية اليوم  للفنان؟

"الماكينة الإعلامية" متطلبة جدّا، يجب أن تكون في قلب الأحداث وصناعة البوز والأحداث الاجتماعية وبعيدة كل البعد عن كل ما هو فني. فالساعات التي سأقضيها في صنع البوز أفضّل العمل فيها.

أنا موجودة بمواقع التواصل الاجتماعي، وهناك الكثير من التفاعل على صفحتي، والارساليات حتى أنه هناك أحيانا "هدايا ربانية" عن طريق أشخاص ومساجات تُعيد إلي الطاقة في فترات أشعر فيها بالملل أو القلق أو الغضب أو الحيرة. فأشعر بالامتنان لمحبة الناس ما يدفعني أكثر للحفاظ عليها.

  • ومسألة الدعم المادي للفنان؟

في تونس لا توجد شركات انتاج خاصة تكون وراء الفنان وداعمة له. فالمنظومة الفنية غير مبنية على أسس صحيحة فلا شركات ولا منتجين منفذين ولا موزعين ولا مهرجانات، فلا وجود لعناصر العمل الفني التي من المفترض أن تكون متدخلة في هذا المجال، وبالتالي كل الدعم هو شخصي، فجزء من مداخيل عروضي يتم تخصيصه للإنتاج. وهذا طبعا يعطل انتاج الأغاني. ولكن يجب العمل والتقدم لا البكاء على الأطلال.