على الرغم من قرب نهاية خريطة الطريق التي فرضها الرئيس قيس سعيد منذ خطابه يوم13 ديسمبر 2021 باستكمال الانتخابات التشريعية نهاية هذا الأسبوع، فانه واقعيا لا أفق سياسي واضح في البلاد. أفق تسيطر على تفاصيله مؤشرات التصعيد المتواتر والتحركات الميدانية للمعارضة بعد التحرك الأخير لجبهة الخلاص الوطني في العاصمة يوم 10ديسمبر الجاري وما تلاها من ردة فعل في كلمة لسعيد خلال زيارته لمنطقة المنيهلة.
كما لا يمكن فصل موضوع الجمود المسيطر على العلاقة بين رئيس الجمهورية من جهة وبقية الأطراف الحزبية والاجتماعية عن باقي مؤشرات التوتر السياسي إثر بيان الاتحاد العام التونسي للشغل وموقف أمينه العام من الانتخابات وكذلك مواقف المحامين ومنظمة الأعراف من مشروع قانون المالية لسنة 2023.
وإذ لا احد قادر على نفي ضعف "الإطار" السياسي في محيط الرئيس فان العلاقة بين المعارضة لم تكن أكثر حظا هي الأخرى.
إذ في الوقت الذي كان منتظرا أن تتوحد الأحزاب وتتكتل، مازالت بعض الجهات الحزبية تتحرك أما في دوائر انتهازية أو المعارضة من اجل المعارضة فحسب.
ومن الواضح انه لا توازنات سياسية واضحة في أفق المشهد العام للبلاد حتى بعد الانتخابات القادمة في ظل أزمة شاملة، واقعها اقتصادي مهزوز، زاد في تهميش طبقات اجتماعية مهمة ووفر الحاضنة الشعبية الممكنة "للانفجار الثوري" في أي لحظة.
وفي هذا الإطار اعتبر المنسق العام لائتلاف صمود، حسام الحامي، أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون مشتتا ودون كتل، حسب رأيه.
وأضاف الحامي، أن "نواب البرلمان المقبل ليست لديهم علاقة ببعضهم البعض ولن تكون هناك إمكانية للتغيير أو للإصلاح".
وصرّح بأن مجلس نواب الشعب سيكون برلمان الصدفة، وفق توصيفه، باعتبار أن المدة لم تكن كافية لتتمكن القوى السياسية من تحضير نفسها للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
ولئن يرى البعض أن خلاص الأزمة يكمن في إعادة ترتيب البيت التشريعي بانتخاب برلمان جديد فان آخرين يرون في ذلك "ترويجا خاطئا على اعتبار أن سياق الانتخابات النيابية القادمة لم تتوفر على مجموعة الشروط التي يمكن أن تكون ضامنة لانتخابات نزيهة وشفافة بعد تعمد القانون الانتخابي إقصاء الأحزاب وإنهاء دورها سعيا لاستكمال الرؤية السياسية لقيس سعيد بتثبيت الديمقراطية المجالسية أو ما يعرف بالبناء القاعدي".
هكذا رأي يجد ما يفنده حيث تؤكد مواقف أخرى أن سعيد لم يقاطع الأحزاب بل قاطع من يعتبرهم اضروا في وقت سابق بالعملية السياسية والديمقراطية عموما وان قبول أحزاب كحركة الشعب والتيار الشعبي وحركة تونس إلى الأمام وحركة 25 جويلية ما هو إلا تأكيد إضافي على زيف ادعاءات المعارضة.
ويظهر من خلال الموقفين السابقين أن الحل قد لا يحمله برلمان جديد بعد أن رفضت القوى السياسية الكبرى المشاركة في العملية الانتخابية وفق أهداف وشروط قيس سعيد وليس انطلاقا من قاعدة التوافق وهو ما سيزيد في تعميق الفجوة ويؤجج الصراع بين الحاكم والمعارضة.
وقد قرّرت منظمة البوصلة "عدم متابعة أشغال مجلس نواب الشعب القادم الذّي ستفرزه الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر الحالي، ومقاطعة كلّ مكوّناته من كتلٍ برلمانية ولجان إن وجدت"، حسب ما كشف عنه المكلّف بالإعلام بالاتصال بالمنظمة هيثم بن زيد أمس خلال ندوة صحفية بالعاصمة..
وأكّد المتحدث أنّ منظمة البوصلة تقاطع من الآن مؤسسة مجلس نواب الشعب، وتنأى بنفسها عن "إعطاء المشروعيّة لهيكل صُوري وُضع فقط لمُعاضدة توجهات رئيس الجمهورية، وترفض كذلك إكساء جلّ ركائز بنائه السياسي الجديد رُوحا زائفة من التشاركيّة والديمقراطية المغشوشة". وقال إنّ مقاطعة أشغال البرلمان القادم لا تعني الاستقالة من الحياة السياسية برمّتها بل هي فقط ترفض أن تكون شاهد زُور على "مسار إنفرادي ومجلس كرتوني"، لكنها ستبقى متابعة للشأن السياسي وناقدة وتقوم بدورها بوصفها مكون أساسي في المجتمع المدني، الذي اضطلع بدور جدّ مهمّ عقب الثورة. مشدّدا على أنها ستواصل القيام بدورها الرقابي في مُتابعة التشريعات التي ستصدر عن الرئيس وعن مجلسه وإيصالها إلى عموم المُواطنين والمواطنات، للتصدّي لمسار تكريس نظام تسلّطي ولكلّ محاولات العودة إلى الوراء.
هكذا صراع سيدفع المعارضة للعمل على تحريك الشارع مجددا والدعوة للتظاهر في الساحات مستعينة في ذلك بعامل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والقلق الشعبي المرافق لفقدان المواد الأساسية للتونسيين من حليب وسكر وغاز وأدوية.
فهل تنهي انتخابات 2022 المعارضة في تونس أم ستعزز موقعها أكثر؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
على الرغم من قرب نهاية خريطة الطريق التي فرضها الرئيس قيس سعيد منذ خطابه يوم13 ديسمبر 2021 باستكمال الانتخابات التشريعية نهاية هذا الأسبوع، فانه واقعيا لا أفق سياسي واضح في البلاد. أفق تسيطر على تفاصيله مؤشرات التصعيد المتواتر والتحركات الميدانية للمعارضة بعد التحرك الأخير لجبهة الخلاص الوطني في العاصمة يوم 10ديسمبر الجاري وما تلاها من ردة فعل في كلمة لسعيد خلال زيارته لمنطقة المنيهلة.
كما لا يمكن فصل موضوع الجمود المسيطر على العلاقة بين رئيس الجمهورية من جهة وبقية الأطراف الحزبية والاجتماعية عن باقي مؤشرات التوتر السياسي إثر بيان الاتحاد العام التونسي للشغل وموقف أمينه العام من الانتخابات وكذلك مواقف المحامين ومنظمة الأعراف من مشروع قانون المالية لسنة 2023.
وإذ لا احد قادر على نفي ضعف "الإطار" السياسي في محيط الرئيس فان العلاقة بين المعارضة لم تكن أكثر حظا هي الأخرى.
إذ في الوقت الذي كان منتظرا أن تتوحد الأحزاب وتتكتل، مازالت بعض الجهات الحزبية تتحرك أما في دوائر انتهازية أو المعارضة من اجل المعارضة فحسب.
ومن الواضح انه لا توازنات سياسية واضحة في أفق المشهد العام للبلاد حتى بعد الانتخابات القادمة في ظل أزمة شاملة، واقعها اقتصادي مهزوز، زاد في تهميش طبقات اجتماعية مهمة ووفر الحاضنة الشعبية الممكنة "للانفجار الثوري" في أي لحظة.
وفي هذا الإطار اعتبر المنسق العام لائتلاف صمود، حسام الحامي، أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون مشتتا ودون كتل، حسب رأيه.
وأضاف الحامي، أن "نواب البرلمان المقبل ليست لديهم علاقة ببعضهم البعض ولن تكون هناك إمكانية للتغيير أو للإصلاح".
وصرّح بأن مجلس نواب الشعب سيكون برلمان الصدفة، وفق توصيفه، باعتبار أن المدة لم تكن كافية لتتمكن القوى السياسية من تحضير نفسها للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل.
ولئن يرى البعض أن خلاص الأزمة يكمن في إعادة ترتيب البيت التشريعي بانتخاب برلمان جديد فان آخرين يرون في ذلك "ترويجا خاطئا على اعتبار أن سياق الانتخابات النيابية القادمة لم تتوفر على مجموعة الشروط التي يمكن أن تكون ضامنة لانتخابات نزيهة وشفافة بعد تعمد القانون الانتخابي إقصاء الأحزاب وإنهاء دورها سعيا لاستكمال الرؤية السياسية لقيس سعيد بتثبيت الديمقراطية المجالسية أو ما يعرف بالبناء القاعدي".
هكذا رأي يجد ما يفنده حيث تؤكد مواقف أخرى أن سعيد لم يقاطع الأحزاب بل قاطع من يعتبرهم اضروا في وقت سابق بالعملية السياسية والديمقراطية عموما وان قبول أحزاب كحركة الشعب والتيار الشعبي وحركة تونس إلى الأمام وحركة 25 جويلية ما هو إلا تأكيد إضافي على زيف ادعاءات المعارضة.
ويظهر من خلال الموقفين السابقين أن الحل قد لا يحمله برلمان جديد بعد أن رفضت القوى السياسية الكبرى المشاركة في العملية الانتخابية وفق أهداف وشروط قيس سعيد وليس انطلاقا من قاعدة التوافق وهو ما سيزيد في تعميق الفجوة ويؤجج الصراع بين الحاكم والمعارضة.
وقد قرّرت منظمة البوصلة "عدم متابعة أشغال مجلس نواب الشعب القادم الذّي ستفرزه الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر الحالي، ومقاطعة كلّ مكوّناته من كتلٍ برلمانية ولجان إن وجدت"، حسب ما كشف عنه المكلّف بالإعلام بالاتصال بالمنظمة هيثم بن زيد أمس خلال ندوة صحفية بالعاصمة..
وأكّد المتحدث أنّ منظمة البوصلة تقاطع من الآن مؤسسة مجلس نواب الشعب، وتنأى بنفسها عن "إعطاء المشروعيّة لهيكل صُوري وُضع فقط لمُعاضدة توجهات رئيس الجمهورية، وترفض كذلك إكساء جلّ ركائز بنائه السياسي الجديد رُوحا زائفة من التشاركيّة والديمقراطية المغشوشة". وقال إنّ مقاطعة أشغال البرلمان القادم لا تعني الاستقالة من الحياة السياسية برمّتها بل هي فقط ترفض أن تكون شاهد زُور على "مسار إنفرادي ومجلس كرتوني"، لكنها ستبقى متابعة للشأن السياسي وناقدة وتقوم بدورها بوصفها مكون أساسي في المجتمع المدني، الذي اضطلع بدور جدّ مهمّ عقب الثورة. مشدّدا على أنها ستواصل القيام بدورها الرقابي في مُتابعة التشريعات التي ستصدر عن الرئيس وعن مجلسه وإيصالها إلى عموم المُواطنين والمواطنات، للتصدّي لمسار تكريس نظام تسلّطي ولكلّ محاولات العودة إلى الوراء.
هكذا صراع سيدفع المعارضة للعمل على تحريك الشارع مجددا والدعوة للتظاهر في الساحات مستعينة في ذلك بعامل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والقلق الشعبي المرافق لفقدان المواد الأساسية للتونسيين من حليب وسكر وغاز وأدوية.
فهل تنهي انتخابات 2022 المعارضة في تونس أم ستعزز موقعها أكثر؟