شكوى غلاء الأسعار وتضاعف معدلات الإنفاق بالنسبة للعائلة التونسية لم يعد مقتصرا على الطبقات الضعيفة أو المتوسطة بل شمل في الأشهر الأخيرة حتى العائلات الميسورة وذات الدخل العالي.
وهذا الشعور العام بغلاء المعيشة وارتفاع تكلفة الحياة جاء وسط نقص فادح في عديد المواد رافقه في غالبية الأحيان قفزات ملحوظة في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية التي لا تخضع على ما يبدو لأي نوع من التعديل أو الضبط، تتغير أسعارها بين ليلة وضحاها دون أي تحضير أو تفسير مسبق للمستهلك.
ولم يقتصر الارتفاع المسجل على المواد الخاضعة لبورصة الأسعار العالمية ومستوى وفرتها في السوق، على غرار الزيوت النباتية والقهوة أو المواد المعلبة كالطماطم والتونة والفطر.. بل شملت أيضا أسعار البيض والخضر (الطماطم والبصل والجلبانة والبطاطا والثوم) والمياه المعدنية والاجبان ومشتقات الحليب.. أين عرفت بدورها ارتفاعا صامتا في أثمانها وصل إلى أكثر من ثلث السعر في عدد منها.
وحسب مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي لشهر نوفمبر الصادر عن المعهد الوطني للإحصاء شهد مؤشر مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا بنسبة 1.3% مقارنة بالشهر المنقضي. ويعود ذلك بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار البيض بنسبة 7.5% وأسعار الخضر بنسبة 6.1%وأسعار الأجبان ومشتقات الحليب بنسبة 3.4% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 3%.
وباحتساب الانزلاق السنوي ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 15.1%. ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 43.4% وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 32.4% وأسعار لحم الضأن بنسبة 24.3% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 20.4% وأسعار لحم البقر بنسبة 17.4% في حين كان ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة ومواد التنظيف ومواد البناء وأسعار المطاعم والنزل في حدود الـ10% تقريبا في مجملها.
ومع إقرار المعهد الوطني للإحصاء عبر مؤشراته الشهرية للأسعار الاستهلاك العائلي بما تعرفه قفة المواطن التونسي من ارتفاع غير مسبوق في الكلفة عجزت أمامه عديد الفئات الضعيفة ومحدودة الدخل على ضمان لقمة عيشها وسد تكاليف حاجياتها الأساسية.. تتشبث وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي أن ارتفاع نسب التضخم والأسعار في تونس يعتبر مقبولا مقارنة ببلدان..
وفي قراءة لما تعرفه أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية من "ارتفاع مشط وغير مسبوق" اعتبرت إيمان بلعربي المختصة في الشأن الاقتصادي، أن بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الناجم عن الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية وتراجع دور سلاسل التزويد، تعاني تونس من زيادات مدفوعة بأسباب محلية ومنها أساسا الناجمة عن تراجع دور آليات التخزين والتعديل التي تعتمد سابقا كوسائل للسيطرة على الغلاء الذي تسببه الندرة.
في نفس الوقت ترى بلعربي أن التونسيين يواجهون سياسات حكومية تدفع نحو "ترويض المواطنين" وتعويدهم التدرجي على التحرير الشامل لأسعار كل المواد الاستهلاكية بما في ذلك المدعمة منها، حيث يتم مقايضتهم بين الغلاء أو توفر السلع بما يدفع المواطنين نحو تقبل الأسعار الجديدة دون احتجاج أو تذمّر.
وتقول المختصة في الشأن الاقتصادي أن التونسيين بصدد التعود والتأقلم مع صدمات السوق في انتظار المرور رسميا العام القادم إلى مرحلة رفع الدعم.
وفي تعقيب لها على تصريح وزيرة التجارة واعتبار أن ارتفاع الأسعار يعتبر مقبولا في تونس مقارنة بدول أخرى، تقول ايمان بلعربي أن الدول التي تعتمد سياسات الترفيع في الأسعار وتحرير الاسواق، غالبا ما تهيئ الأرضية الاجتماعية عبر زيادة الأجور والتحويلات المالية لفائدة مواطنيها. وهو عكس ما يقع في تونس اليوم أين يترافق توجهها إلى إلى رفع الدعم الجزئي أو الكلي عن المواد الأساسية مع تجميد للأجور لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وهو ما يفسر تحذير الاتحاد العام التونسي للشغل في بيانه الصادر الاثنين من خطورة تأجيج الغضب الشعبي.
ويرى عمار ضية رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك أن غلاء الأسعار أصبح حقيقة واضحة لا يبدو أنها ستعرف تراجعا في الفترات القادمة بل بالعكس يرجح أن تواصل الارتفاع بالنظر إلى العوامل الدولية والمحلية.
والشعور الكبير لدى التونسيين بحجم الغلاء المسجل في مختلف المواد الاستهلاكية المدعمة منها والمحررة، ناجم حسب ضية عن ضعف دخل التونسي الذي ترك وحيدا في مواجهة نسبة تضخم محلية وأخرى مستوردة عالمية يدفعها في تلك المواد الموردة الاستهلاكية أو الأولية المصنعة على غرار الأسمدة والأدوية والأقمشة..
وبين عمار ضية انه وأمام هذا الغلاء أصبح هناك شعور أن الدولة عاجزة على التحكم أو التصدي لموجة الغلاء، فغياب إجراءات التعديل أو ضخ المواد في الأسواق، معتبرا أن الدولة قد تخلت عن دورها ليس خيارا بل نتيجة وضع اقتصادي صعب اتسم بمشكل في السيولة وارتفاع في التضخم وحالة من الانفلات وعدم تطبيق القوانين..
ريم سوودي
تونس الصباح
شكوى غلاء الأسعار وتضاعف معدلات الإنفاق بالنسبة للعائلة التونسية لم يعد مقتصرا على الطبقات الضعيفة أو المتوسطة بل شمل في الأشهر الأخيرة حتى العائلات الميسورة وذات الدخل العالي.
وهذا الشعور العام بغلاء المعيشة وارتفاع تكلفة الحياة جاء وسط نقص فادح في عديد المواد رافقه في غالبية الأحيان قفزات ملحوظة في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية التي لا تخضع على ما يبدو لأي نوع من التعديل أو الضبط، تتغير أسعارها بين ليلة وضحاها دون أي تحضير أو تفسير مسبق للمستهلك.
ولم يقتصر الارتفاع المسجل على المواد الخاضعة لبورصة الأسعار العالمية ومستوى وفرتها في السوق، على غرار الزيوت النباتية والقهوة أو المواد المعلبة كالطماطم والتونة والفطر.. بل شملت أيضا أسعار البيض والخضر (الطماطم والبصل والجلبانة والبطاطا والثوم) والمياه المعدنية والاجبان ومشتقات الحليب.. أين عرفت بدورها ارتفاعا صامتا في أثمانها وصل إلى أكثر من ثلث السعر في عدد منها.
وحسب مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي لشهر نوفمبر الصادر عن المعهد الوطني للإحصاء شهد مؤشر مجموعة التغذية والمشروبات ارتفاعا بنسبة 1.3% مقارنة بالشهر المنقضي. ويعود ذلك بالأساس إلى الارتفاع المسجل في أسعار البيض بنسبة 7.5% وأسعار الخضر بنسبة 6.1%وأسعار الأجبان ومشتقات الحليب بنسبة 3.4% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 3%.
وباحتساب الانزلاق السنوي ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 15.1%. ويعود ذلك بالأساس إلى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 43.4% وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 32.4% وأسعار لحم الضأن بنسبة 24.3% وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 20.4% وأسعار لحم البقر بنسبة 17.4% في حين كان ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة ومواد التنظيف ومواد البناء وأسعار المطاعم والنزل في حدود الـ10% تقريبا في مجملها.
ومع إقرار المعهد الوطني للإحصاء عبر مؤشراته الشهرية للأسعار الاستهلاك العائلي بما تعرفه قفة المواطن التونسي من ارتفاع غير مسبوق في الكلفة عجزت أمامه عديد الفئات الضعيفة ومحدودة الدخل على ضمان لقمة عيشها وسد تكاليف حاجياتها الأساسية.. تتشبث وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي أن ارتفاع نسب التضخم والأسعار في تونس يعتبر مقبولا مقارنة ببلدان..
وفي قراءة لما تعرفه أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية من "ارتفاع مشط وغير مسبوق" اعتبرت إيمان بلعربي المختصة في الشأن الاقتصادي، أن بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار الناجم عن الأزمة العالمية والحرب الروسية الأوكرانية وتراجع دور سلاسل التزويد، تعاني تونس من زيادات مدفوعة بأسباب محلية ومنها أساسا الناجمة عن تراجع دور آليات التخزين والتعديل التي تعتمد سابقا كوسائل للسيطرة على الغلاء الذي تسببه الندرة.
في نفس الوقت ترى بلعربي أن التونسيين يواجهون سياسات حكومية تدفع نحو "ترويض المواطنين" وتعويدهم التدرجي على التحرير الشامل لأسعار كل المواد الاستهلاكية بما في ذلك المدعمة منها، حيث يتم مقايضتهم بين الغلاء أو توفر السلع بما يدفع المواطنين نحو تقبل الأسعار الجديدة دون احتجاج أو تذمّر.
وتقول المختصة في الشأن الاقتصادي أن التونسيين بصدد التعود والتأقلم مع صدمات السوق في انتظار المرور رسميا العام القادم إلى مرحلة رفع الدعم.
وفي تعقيب لها على تصريح وزيرة التجارة واعتبار أن ارتفاع الأسعار يعتبر مقبولا في تونس مقارنة بدول أخرى، تقول ايمان بلعربي أن الدول التي تعتمد سياسات الترفيع في الأسعار وتحرير الاسواق، غالبا ما تهيئ الأرضية الاجتماعية عبر زيادة الأجور والتحويلات المالية لفائدة مواطنيها. وهو عكس ما يقع في تونس اليوم أين يترافق توجهها إلى إلى رفع الدعم الجزئي أو الكلي عن المواد الأساسية مع تجميد للأجور لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات وهو ما يفسر تحذير الاتحاد العام التونسي للشغل في بيانه الصادر الاثنين من خطورة تأجيج الغضب الشعبي.
ويرى عمار ضية رئيس المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك أن غلاء الأسعار أصبح حقيقة واضحة لا يبدو أنها ستعرف تراجعا في الفترات القادمة بل بالعكس يرجح أن تواصل الارتفاع بالنظر إلى العوامل الدولية والمحلية.
والشعور الكبير لدى التونسيين بحجم الغلاء المسجل في مختلف المواد الاستهلاكية المدعمة منها والمحررة، ناجم حسب ضية عن ضعف دخل التونسي الذي ترك وحيدا في مواجهة نسبة تضخم محلية وأخرى مستوردة عالمية يدفعها في تلك المواد الموردة الاستهلاكية أو الأولية المصنعة على غرار الأسمدة والأدوية والأقمشة..
وبين عمار ضية انه وأمام هذا الغلاء أصبح هناك شعور أن الدولة عاجزة على التحكم أو التصدي لموجة الغلاء، فغياب إجراءات التعديل أو ضخ المواد في الأسواق، معتبرا أن الدولة قد تخلت عن دورها ليس خيارا بل نتيجة وضع اقتصادي صعب اتسم بمشكل في السيولة وارتفاع في التضخم وحالة من الانفلات وعدم تطبيق القوانين..