لا تزال ردود أفعال المهنيين تجاه قانون المالية وما فرضه من "إتاوة" على الجميع في صعود متواتر في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة.
وعبر المحامون وعدول الإشهاد والمهندسون والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف عن رفضهم لما تضمنه مشروع قانون 2023 من مساس بمكاسب المهنيين وعموم المواطنين وفرضه للاداءات كمدخل لتعبئة موارد الدولة على حساب جيب التونسي.
آخر المحتجين ما عبرت عنه هيئة المهندسين المعماريين في تونس أول أمس بعد اعتراضها عن الإجراء المقترح في مشروع قانون المالية لسنة 2023، والمتعلق بتوظيف أداء على القيمة المضافة بنسبة 19%، مما يتثقل كاهل أهل المهنة بأداءات جبائية جملية تتراوح بين 35 و40%.
وأكدت رئيسة هيئة المهندسين المعماريين، ليلى بن جدو، رفض المهندسين المعماريين الفصل المتعلق بصيغة “المفتاح في اليد”، المدرج في المرسوم الـ68 لسنة 2022 بسبب مساسه بمكاسب المهنة والحقوق الأدبية والمالية للمهندس المعماري، منبهة من خطورته على الدولة وقطاع البناء.
تهديد صريح
وأوضحت بن جدو أن هذه الصيغة لم تضبط العلاقة بين المقاول والمصمم، بوصفه منفذ المشروع والضامن الأساسي لجودة البناء من خلال المتابعة والمراقبة، بل منحت المقاول الصلاحيات كافة لاختيار الجهات المتدخلة في المشروع وتسييره. وبينت أن المهندس المعماري أصبح مهددا في استقلاليته وحياده أثناء أداء دوره الرقابي لأنه “الخصم والحكم” في الوقت نفسه.
وأضافت أن هذه الصيغة ستفتح المجال أمام انتشار الفساد المالي وعدم ضمان جودة المنتوج المعماري، إضافة إلى تمكين المستثمرين الأجانب من الاستحواذ على هذه المشاريع وهو ما يمثل مساسا بالسيادة الوطنية وتجاهلا للكفاءات التونسية.
" المجبى" مجددا
ولم يكن الموقف الاجتماعي لعدول التنفيذ أكثر حظا، بعد أن احترق مهنيو القطاع بنار "المجبى" وعبر مجلس الهيئة الوطنية للعدول المنفذين، في بيانه الأخير عن انتقاداته لمشروع قانون المالية لسنة 2023 والإجراءات الواردة فيه داعيا إلى وضع نظام جبائي مبسط وعادل وناجع يسمح لأهل المهنة من معاضدة مجهودات الدولة لتحسين وتيسير استخلاص ديونها المثقلة.
واستنكرت الهيئة الوطنية لعدول التنفيذ عدم التشاور معها وتشريكها بخصوص مشروع قانون المالية رغم ما تضمنه من مجموعة من الأحكام ذات العلاقة المباشرة بمهنة العدل المنفذ.
وأكد بيان الهيئة رفضه المطلق لإجراءات وأحكام هذا المشروع التي "تمس من الحقوق الأساسية وخاصة الحق في النفاذ إلى العدالة".
وحذّر بيان الهيئة من تداعيات إثقال كاهل المواطن بضرائب وأداءات مشطة لتعبئة الموارد الجبائية على حساب تراجع وتدهور قدرته المعاشية لاسيما بالزيادة في معاليم التسجيل ونسبة الأداء على القيمة المضافة.
هيئة المحامين على الخط
بدوره دخل مجلس الهيئة الوطنية للمحامين على خط الرفض، رفض كشفه امتعاض المحامين مما تضمنه مشروع المالية، ففي اجتماعها قالت الهيئة في بيان لها انه "وبعد الاطلاع على مشروع قانون المالية لسنة 2023 الذي قدمته وزارة المالية بمناسبة اجتماعها بعميد وأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وما تبعه من نقاشات واتصالات، يهمها أن تؤكد رفضها التام لما جاء بمشروع قانون المالية لسنة 2023 الذي يعبر عن حزمة الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة تجاه صندوق النقد الدولي اثر إمضاء الاتفاق المبدئي بين الطرفين دون استشارة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين".
تبرير الهيئة للرفض جاء متضمنا لجملة من التحذيرات "من التداعيات الاجتماعية التي قد تنجم عن سياسات الحكومة القائمة على اعتماد الترفيع في نسبة الاداءات الموظفة على المواطنين وصغار التجار والمهن الحرة ومزيد الضغط الجبائي".
كما عارضت الهيئة سياسة الحكومة في رفع الدعم والسعي غير المدروس للتفويت في المؤسسات العمومية والترفيع في سعر المحروقات والمواد الاستهلاكية المعاشية والخدمات مما يؤثر على المقدرة الشرائية للمواطنين.
وطالب مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بمراجعة نسخة مشروع قانون المالية والإجراءات الواردة به معلنا استعداده لإقرار جميع التحركات النضالية المتاحة للدفاع عن المحاماة والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطنين وحقهم في النفاذ للعدالة والعيش الكريم والحفاظ على الحقوق والحريات".
الأعراف من المهادنة.. إلى الرفض
من جهتها خرجت منظمة الأعراف من دائرة الصمت المطبق وسياسة المهادنة لمسار 25جويلية لتكشف عن موقفها ورفضها المطلق لعملية شيطنة رجال الأعمال وإحراجهم المتواصل.
وفي هذا السياق أكد نائب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية هشام اللومي، أن الأعراف والحرفيين يعيشون حالة من الغضب الكبير بسبب الإجراءات والقرارات التي تتخذها الدولة، منتقدا سياسة الصمت وعدم التفاعل المُعتمدة من الحكومة.
وشدد هشام اللومي خلال تصريح إذاعي لإذاعة "شمس أف أم"، "على أن العديد من الصناعات الغذائية أصبحت مُهددة، مشيرا إلى وجود دفعٍ وإجبارٍ للمهنيين على البيع بالخسارة"، وفق تعبيره.
وجدد اللومي رفضه ورفض منظمة الأعراف لبلاغ وزارة التجارة المتعلق بالمراقبة القبلية على التوريد، مؤكدا أن قرار الحد من التوريد كارثي.
وبين أن 50 بالمائة من الشركات الصغرى للتجارة الخارجية تضررت وأوقفت نشاطها، أمام عجزها عن مجابهة تبعات الإجراءات المُعلنة، مستنكرا ما اعتبره تسليط ظلم كبير على المهنيين.
فهل ستنصت الحكومة لصدى المهنيين أم أنها ستواصل سياسة الهروب إلى الأمام؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
لا تزال ردود أفعال المهنيين تجاه قانون المالية وما فرضه من "إتاوة" على الجميع في صعود متواتر في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة.
وعبر المحامون وعدول الإشهاد والمهندسون والاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الأعراف عن رفضهم لما تضمنه مشروع قانون 2023 من مساس بمكاسب المهنيين وعموم المواطنين وفرضه للاداءات كمدخل لتعبئة موارد الدولة على حساب جيب التونسي.
آخر المحتجين ما عبرت عنه هيئة المهندسين المعماريين في تونس أول أمس بعد اعتراضها عن الإجراء المقترح في مشروع قانون المالية لسنة 2023، والمتعلق بتوظيف أداء على القيمة المضافة بنسبة 19%، مما يتثقل كاهل أهل المهنة بأداءات جبائية جملية تتراوح بين 35 و40%.
وأكدت رئيسة هيئة المهندسين المعماريين، ليلى بن جدو، رفض المهندسين المعماريين الفصل المتعلق بصيغة “المفتاح في اليد”، المدرج في المرسوم الـ68 لسنة 2022 بسبب مساسه بمكاسب المهنة والحقوق الأدبية والمالية للمهندس المعماري، منبهة من خطورته على الدولة وقطاع البناء.
تهديد صريح
وأوضحت بن جدو أن هذه الصيغة لم تضبط العلاقة بين المقاول والمصمم، بوصفه منفذ المشروع والضامن الأساسي لجودة البناء من خلال المتابعة والمراقبة، بل منحت المقاول الصلاحيات كافة لاختيار الجهات المتدخلة في المشروع وتسييره. وبينت أن المهندس المعماري أصبح مهددا في استقلاليته وحياده أثناء أداء دوره الرقابي لأنه “الخصم والحكم” في الوقت نفسه.
وأضافت أن هذه الصيغة ستفتح المجال أمام انتشار الفساد المالي وعدم ضمان جودة المنتوج المعماري، إضافة إلى تمكين المستثمرين الأجانب من الاستحواذ على هذه المشاريع وهو ما يمثل مساسا بالسيادة الوطنية وتجاهلا للكفاءات التونسية.
" المجبى" مجددا
ولم يكن الموقف الاجتماعي لعدول التنفيذ أكثر حظا، بعد أن احترق مهنيو القطاع بنار "المجبى" وعبر مجلس الهيئة الوطنية للعدول المنفذين، في بيانه الأخير عن انتقاداته لمشروع قانون المالية لسنة 2023 والإجراءات الواردة فيه داعيا إلى وضع نظام جبائي مبسط وعادل وناجع يسمح لأهل المهنة من معاضدة مجهودات الدولة لتحسين وتيسير استخلاص ديونها المثقلة.
واستنكرت الهيئة الوطنية لعدول التنفيذ عدم التشاور معها وتشريكها بخصوص مشروع قانون المالية رغم ما تضمنه من مجموعة من الأحكام ذات العلاقة المباشرة بمهنة العدل المنفذ.
وأكد بيان الهيئة رفضه المطلق لإجراءات وأحكام هذا المشروع التي "تمس من الحقوق الأساسية وخاصة الحق في النفاذ إلى العدالة".
وحذّر بيان الهيئة من تداعيات إثقال كاهل المواطن بضرائب وأداءات مشطة لتعبئة الموارد الجبائية على حساب تراجع وتدهور قدرته المعاشية لاسيما بالزيادة في معاليم التسجيل ونسبة الأداء على القيمة المضافة.
هيئة المحامين على الخط
بدوره دخل مجلس الهيئة الوطنية للمحامين على خط الرفض، رفض كشفه امتعاض المحامين مما تضمنه مشروع المالية، ففي اجتماعها قالت الهيئة في بيان لها انه "وبعد الاطلاع على مشروع قانون المالية لسنة 2023 الذي قدمته وزارة المالية بمناسبة اجتماعها بعميد وأعضاء مجلس الهيئة الوطنية للمحامين وما تبعه من نقاشات واتصالات، يهمها أن تؤكد رفضها التام لما جاء بمشروع قانون المالية لسنة 2023 الذي يعبر عن حزمة الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة تجاه صندوق النقد الدولي اثر إمضاء الاتفاق المبدئي بين الطرفين دون استشارة الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين".
تبرير الهيئة للرفض جاء متضمنا لجملة من التحذيرات "من التداعيات الاجتماعية التي قد تنجم عن سياسات الحكومة القائمة على اعتماد الترفيع في نسبة الاداءات الموظفة على المواطنين وصغار التجار والمهن الحرة ومزيد الضغط الجبائي".
كما عارضت الهيئة سياسة الحكومة في رفع الدعم والسعي غير المدروس للتفويت في المؤسسات العمومية والترفيع في سعر المحروقات والمواد الاستهلاكية المعاشية والخدمات مما يؤثر على المقدرة الشرائية للمواطنين.
وطالب مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بمراجعة نسخة مشروع قانون المالية والإجراءات الواردة به معلنا استعداده لإقرار جميع التحركات النضالية المتاحة للدفاع عن المحاماة والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطنين وحقهم في النفاذ للعدالة والعيش الكريم والحفاظ على الحقوق والحريات".
الأعراف من المهادنة.. إلى الرفض
من جهتها خرجت منظمة الأعراف من دائرة الصمت المطبق وسياسة المهادنة لمسار 25جويلية لتكشف عن موقفها ورفضها المطلق لعملية شيطنة رجال الأعمال وإحراجهم المتواصل.
وفي هذا السياق أكد نائب رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية هشام اللومي، أن الأعراف والحرفيين يعيشون حالة من الغضب الكبير بسبب الإجراءات والقرارات التي تتخذها الدولة، منتقدا سياسة الصمت وعدم التفاعل المُعتمدة من الحكومة.
وشدد هشام اللومي خلال تصريح إذاعي لإذاعة "شمس أف أم"، "على أن العديد من الصناعات الغذائية أصبحت مُهددة، مشيرا إلى وجود دفعٍ وإجبارٍ للمهنيين على البيع بالخسارة"، وفق تعبيره.
وجدد اللومي رفضه ورفض منظمة الأعراف لبلاغ وزارة التجارة المتعلق بالمراقبة القبلية على التوريد، مؤكدا أن قرار الحد من التوريد كارثي.
وبين أن 50 بالمائة من الشركات الصغرى للتجارة الخارجية تضررت وأوقفت نشاطها، أمام عجزها عن مجابهة تبعات الإجراءات المُعلنة، مستنكرا ما اعتبره تسليط ظلم كبير على المهنيين.
فهل ستنصت الحكومة لصدى المهنيين أم أنها ستواصل سياسة الهروب إلى الأمام؟