* بعد كل الخروقات الأخلاقية للصحافة في العهد الورقي، جاء اليوم العهد الرقمي للصحافة.. ما بعد الميديا التقليدية لتتعاظم معه أساليب التضليل الإعلامي
تطرح مسألة الرواج التجاري لأي صحيفة واستدراج جمهور القراء بمختلف الوسائل المتاحة، قضية احترام أخلاقيات المهنة الصحفية وشرفها، وضرورة التقيد بها للوصول إلى المعلومة أو نشرها دون إثارة أو تلاعب وتوجيه .ولعل أحد مظاهر هذه الإشكالية المهنية ما طرح خلال سبعينات القرن الماضي في ألمانيا الغربية آنذاك مع الصحفي المختص في التحقيقات الصحفية الواقعية غُونْتَارْ فَالْرَافْ، الذي أصدر سنة 1977 كتابا بعنوان (الصحافي غير المرغوب فيه) تضمن تحقيقات صحفية كشفت المستور، بعد أن عمل عدة شهور داخل صحيفة "بِيلدْ تْسَايْتُونْغْ" الشعبية الألمانية التي توزع يوميا أكثر من ستة ملايين نسخة لدى جمهور الشباب والعمال. وخلال عمله، استطاع فالراف أن يتعرف على طريقة عمل الصحيفة اللاهثة وراء الإثارة وعلى خفايا تحضيرها التحقيقات والأخبار التي تنشرها. وكشف مؤلف هذا الكتاب أن محرري الصحيفة يعمدون إلى اختلاق قضايا مفتعلة من أجل متابعتها يوميا حتى تشد القراء إليها.
كما يعمدون إلى أساليب المبالغة واللف والدوران في تحديد نقاط القضية المطروحة حتى يصعب على القارئ التفطن إلى وقائع الأمور. وذهب مؤلف الكتاب إلى القول بأن بعض العاملين بالصحيفة يكلفون بارتكاب سرقات أو جرائم حتى تتوفر المادة الإخبارية المثيرة، وتتفرع جوانبها فتشغل الناس ردحا من الزمن وتساهم بالتالي في رواج الصحيفة وازدهار مبيعاتها.
كما أكد المؤلف، طبقا لتحقيقه الاستقصائي، أن إدارة الصحيفة تعمد أيضا إلى وسائل أكثر جهنمية لغاية الحط من قيمة شخصية مالية أو سياسية ما، لغرض محدد منذ بداية الحملة عليه، وهكذا تتحكم في مسار الخبر المراد تغطيته على مراحل. كشف الحقيقة الصحفية بكل الوسائل وفي عام 1981 فضح فالراف الأساليب غير الأخلاقية لنفس هذه الصحيفة في كتاب آخر أصدره بعنوان "روبورتاجات جديدة: أمثلة ساطعة" قال فيه:"من المعلوم أن الأخبار التي تنشرها صحيفة (بيلد) تتسم بالتبسيط ويتم كتابتها بشكل خاطئ حيث يتم التلاعب بالأحداث وتوجيهها الوجهة المطلوبة وتضخيم تفاصيل وجزئيات بغرض الوصول إلى الهدف المرسوم.
وبهذه الطريقة تعتمد صحيفة (بيلد) التابعة لمجموعة أكْسال شبرنغر الصحفية على منهجية الإغفال والتضخيم للأحداث ولوجهات النظر، بشكل يضمن لها الانتشار لدى شرائح كبيرة من القراء والمجتمع. وعلى المستوى الصحفي فإن الأكبر من ذلك هو أن صحيفة (بيلد) لا تقوم بالتلاعب بالأخبار فحسب، بل تعمد إلى اختلاق البعض منها التي تنفخ فيها وتضخمها ليكون لها الرواج الواسع الذي تريده لها"، كما جاء في كتابه ص 90.
وقد أصبح هذا الصحفي- المحقق الألماني معروفا باستعمال تقنيات التحقيق الصحفي الاستقصائي للوصول إلى المعلومة الصحيحة وكشف الحقيقة المستورة باستعمال كل الوسائل المتاحة بما فيها تقمص الشخصيات وانتحال الهويات. واستمر على هذا النهج الصحفي طيلة حياته ، حيث نشر عام 2009 تحقيقا في جريدة "دِي تْسَايْتْ" (الزمان) اليومية الألمانية المشهورة حول المشردين في المدن الألمانية الكبرى بعد أن تقمص دور مشرد لا سكن قار له ووصف كل ما عاناه من عنصرية واحتقار من المجتمع الألماني المعروف ظاهريا بتقبله للأجانب وعطفه عليهم. كما أصدر عام 2010 كتابا تضمن تحقيقات عن المهمشين الذين يشكون القهر والإقصاء في ألمانيا، منددا بالعنصرية داخل المجتمع الألماني خاصة تجاه الزنوج. دور الصحافة الاستقصائية ورغم أن مجموعة "شبرنغر" المالكة لصحيفة "دِي فَالْتْ" (العالم) المحافظة و"بيلد" (الصورة) قد رفعت ضده عدة قضايا أمام المحاكم، فإن القاضي حكم لفائدته معتمدا على مبدأ "حرية التعبير وضمان مصلحة المجتمع"، وهو ما كان يمارسه من خلال استقصاءاته الصحفية الكاشفة.
واندرجت تحقيقات هذا الصحفي الألماني في إطار تميز الصحافة الألمانية بالجانب الاستقصائي في عملها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبحت لها تقاليد في المجال مثل مجلة "دِيرْ شْبيغِلْ" (المرآة) أو صحيفة "سِيدُّويْتِشْ تْسَايْتُونْغْ" التي تتزعم الإتحاد العالمي للصحافيين الاستقصائيين، ومقره واشنطن. وقد فجرت العديد من قضايا الرشوة والمحسوبية والتهرب الجبائي للأغنياء ونجوم السياسة وكرة القدم في العالم، أبرزها قضية " باناما بايبرز" التي نشرت في الصحيفة ومنها عبر العالم عام 2015 . وقد نشرت تلك التحقيقات والوثائق المسربة من مكتب أحد محامي تلك الشركات العابرة للقارات، في أكثر من ثمانين صحيفة عبر العالم، عضو في هذا الاتحاد المهني العالمي لصحافيي الاستقصاء الذي يعمل صحفيوه على كشف الحقيقة، التي يعمل أصحاب المصالح على إخفائها عن الجمهور العريض. وهو هدف أساسي لدور الصحافة عموما، بعيدا عن الجري وراء الإثارة في خرق واضح لميثاق شرف المهنة الصحفية. وتذكر حالة صحيفة (بيلد) الشعبية الألمانية بالعديد من الفضائح الصحفية التي تعرفها الصحافة السيارة وخاصة منها ذات الصفة الشعبية من فئة التابلوييد البريطانية خصوصا، التي تلهث وراء الإثارة والاختراق لدى القراء للحفاظ عليهم . ولعل أحد أبرز مظاهر هذا الابتعاد عن ميثاق شرف المهنة الصحفية ما سجل خلال عام 2011 من قيام صحيفة بريطانية بالمس من الحياة الخاصة للأفراد بأساليب ملتوية وغير قانونية.
وتمثلت الفضيحة في قيام صحافيين من صحيفة التابلويد البريطانية "نيوز أوف ذي وُورلد" بالتنصت على المكالمات الهاتفية لعدد كبير، يبلغ عشرات الآلاف، من المشاهير والفنانين ورجال ونساء الإعلام للحصول على سبق صحفي يغذون به مقالاتهم في هذه الصحيفة التي كانت تطبع ثلاثة ملايين نسخة يوميا. وشملت قائمة ضحايا صحافة الإثارة أعضاء من العائلة المالكة ورجال سياسة ونجوم السينما والرياضة بالإضافة إلى ضحايا القضايا الإجرامية المشهورة وأقرباء ضحايا العمليات الإرهابية. وتمثلت العملية في تعاون وثيق بين الصحافيين وعدد من رجال البوليس الخاص للسطو على محتوى الخزينة الصوتية للهاتف الجوال وإفراغ ما بداخلها من معلومات تهم المعنى بالأمر لاستخراج أخبار وسبق صحفي يهم الحياة الخاصة لهذا النجم أو ذاك. "وهي صيغة جديدة من الجوسسة الهاتفية التي لم يتورع رجل الإعلام عن التوجه إليها لتقديم مادة إخبارية مثيرة بعيدا عن ميثاق المهنة الصحفية وشرف الحفاظ على أسرار الناس وحفظ كرامتهم". وقد أدت هذه الفضيحة إلى اعتذار مالك الصحيفة إمبراطور الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية الانكليزي روبار ميردوخ، أمام العلن وقراره غلق هذه الصحيفة الشعبية العريقة بعد 168 سنة من وجودها، إضافة إلى ما أسفرت عنه من اهتزاز ثقة القراء في الصحف ذات التوجه الشعبي اللاهثة وراء الإثارة والسبق الصحفي الفني أو الرياضي أو السياسي. وبعد كل هذه الخروقات الأخلاقية للصحافة في العهد الورقي، جاء اليوم العهد الرقمي للصحافة ومحاملها الميدياتيكية وما بعد الميديا التقليدية لتتعاظم معه أساليب التضليل الإعلامي وقلب الحقائق وخرق أخلاقيات المهنة الصحفية وأخلاقيات التواصل البشري حيث لا ضوابط قانونية ولا أخلاقية في سوق الإعلام والاتصال الرقمي التي تتحول كل يوم إلى ما يشبه سوق عكاظ أو المربد القديمة التي يدخلها وينتصب فيها كل من هب ودب باعتبارها "فضاء عاما مفتوحا للجميع ولحرية التعبير"، حسب تعبير عالم الاجتماع الألماني المعاصر يورغن هابرماس.
*صحفي باحث في علوم الإعلام والصحافة
بقلم: د. الصحراوي قمعون(*)
* بعد كل الخروقات الأخلاقية للصحافة في العهد الورقي، جاء اليوم العهد الرقمي للصحافة.. ما بعد الميديا التقليدية لتتعاظم معه أساليب التضليل الإعلامي
تطرح مسألة الرواج التجاري لأي صحيفة واستدراج جمهور القراء بمختلف الوسائل المتاحة، قضية احترام أخلاقيات المهنة الصحفية وشرفها، وضرورة التقيد بها للوصول إلى المعلومة أو نشرها دون إثارة أو تلاعب وتوجيه .ولعل أحد مظاهر هذه الإشكالية المهنية ما طرح خلال سبعينات القرن الماضي في ألمانيا الغربية آنذاك مع الصحفي المختص في التحقيقات الصحفية الواقعية غُونْتَارْ فَالْرَافْ، الذي أصدر سنة 1977 كتابا بعنوان (الصحافي غير المرغوب فيه) تضمن تحقيقات صحفية كشفت المستور، بعد أن عمل عدة شهور داخل صحيفة "بِيلدْ تْسَايْتُونْغْ" الشعبية الألمانية التي توزع يوميا أكثر من ستة ملايين نسخة لدى جمهور الشباب والعمال. وخلال عمله، استطاع فالراف أن يتعرف على طريقة عمل الصحيفة اللاهثة وراء الإثارة وعلى خفايا تحضيرها التحقيقات والأخبار التي تنشرها. وكشف مؤلف هذا الكتاب أن محرري الصحيفة يعمدون إلى اختلاق قضايا مفتعلة من أجل متابعتها يوميا حتى تشد القراء إليها.
كما يعمدون إلى أساليب المبالغة واللف والدوران في تحديد نقاط القضية المطروحة حتى يصعب على القارئ التفطن إلى وقائع الأمور. وذهب مؤلف الكتاب إلى القول بأن بعض العاملين بالصحيفة يكلفون بارتكاب سرقات أو جرائم حتى تتوفر المادة الإخبارية المثيرة، وتتفرع جوانبها فتشغل الناس ردحا من الزمن وتساهم بالتالي في رواج الصحيفة وازدهار مبيعاتها.
كما أكد المؤلف، طبقا لتحقيقه الاستقصائي، أن إدارة الصحيفة تعمد أيضا إلى وسائل أكثر جهنمية لغاية الحط من قيمة شخصية مالية أو سياسية ما، لغرض محدد منذ بداية الحملة عليه، وهكذا تتحكم في مسار الخبر المراد تغطيته على مراحل. كشف الحقيقة الصحفية بكل الوسائل وفي عام 1981 فضح فالراف الأساليب غير الأخلاقية لنفس هذه الصحيفة في كتاب آخر أصدره بعنوان "روبورتاجات جديدة: أمثلة ساطعة" قال فيه:"من المعلوم أن الأخبار التي تنشرها صحيفة (بيلد) تتسم بالتبسيط ويتم كتابتها بشكل خاطئ حيث يتم التلاعب بالأحداث وتوجيهها الوجهة المطلوبة وتضخيم تفاصيل وجزئيات بغرض الوصول إلى الهدف المرسوم.
وبهذه الطريقة تعتمد صحيفة (بيلد) التابعة لمجموعة أكْسال شبرنغر الصحفية على منهجية الإغفال والتضخيم للأحداث ولوجهات النظر، بشكل يضمن لها الانتشار لدى شرائح كبيرة من القراء والمجتمع. وعلى المستوى الصحفي فإن الأكبر من ذلك هو أن صحيفة (بيلد) لا تقوم بالتلاعب بالأخبار فحسب، بل تعمد إلى اختلاق البعض منها التي تنفخ فيها وتضخمها ليكون لها الرواج الواسع الذي تريده لها"، كما جاء في كتابه ص 90.
وقد أصبح هذا الصحفي- المحقق الألماني معروفا باستعمال تقنيات التحقيق الصحفي الاستقصائي للوصول إلى المعلومة الصحيحة وكشف الحقيقة المستورة باستعمال كل الوسائل المتاحة بما فيها تقمص الشخصيات وانتحال الهويات. واستمر على هذا النهج الصحفي طيلة حياته ، حيث نشر عام 2009 تحقيقا في جريدة "دِي تْسَايْتْ" (الزمان) اليومية الألمانية المشهورة حول المشردين في المدن الألمانية الكبرى بعد أن تقمص دور مشرد لا سكن قار له ووصف كل ما عاناه من عنصرية واحتقار من المجتمع الألماني المعروف ظاهريا بتقبله للأجانب وعطفه عليهم. كما أصدر عام 2010 كتابا تضمن تحقيقات عن المهمشين الذين يشكون القهر والإقصاء في ألمانيا، منددا بالعنصرية داخل المجتمع الألماني خاصة تجاه الزنوج. دور الصحافة الاستقصائية ورغم أن مجموعة "شبرنغر" المالكة لصحيفة "دِي فَالْتْ" (العالم) المحافظة و"بيلد" (الصورة) قد رفعت ضده عدة قضايا أمام المحاكم، فإن القاضي حكم لفائدته معتمدا على مبدأ "حرية التعبير وضمان مصلحة المجتمع"، وهو ما كان يمارسه من خلال استقصاءاته الصحفية الكاشفة.
واندرجت تحقيقات هذا الصحفي الألماني في إطار تميز الصحافة الألمانية بالجانب الاستقصائي في عملها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبحت لها تقاليد في المجال مثل مجلة "دِيرْ شْبيغِلْ" (المرآة) أو صحيفة "سِيدُّويْتِشْ تْسَايْتُونْغْ" التي تتزعم الإتحاد العالمي للصحافيين الاستقصائيين، ومقره واشنطن. وقد فجرت العديد من قضايا الرشوة والمحسوبية والتهرب الجبائي للأغنياء ونجوم السياسة وكرة القدم في العالم، أبرزها قضية " باناما بايبرز" التي نشرت في الصحيفة ومنها عبر العالم عام 2015 . وقد نشرت تلك التحقيقات والوثائق المسربة من مكتب أحد محامي تلك الشركات العابرة للقارات، في أكثر من ثمانين صحيفة عبر العالم، عضو في هذا الاتحاد المهني العالمي لصحافيي الاستقصاء الذي يعمل صحفيوه على كشف الحقيقة، التي يعمل أصحاب المصالح على إخفائها عن الجمهور العريض. وهو هدف أساسي لدور الصحافة عموما، بعيدا عن الجري وراء الإثارة في خرق واضح لميثاق شرف المهنة الصحفية. وتذكر حالة صحيفة (بيلد) الشعبية الألمانية بالعديد من الفضائح الصحفية التي تعرفها الصحافة السيارة وخاصة منها ذات الصفة الشعبية من فئة التابلوييد البريطانية خصوصا، التي تلهث وراء الإثارة والاختراق لدى القراء للحفاظ عليهم . ولعل أحد أبرز مظاهر هذا الابتعاد عن ميثاق شرف المهنة الصحفية ما سجل خلال عام 2011 من قيام صحيفة بريطانية بالمس من الحياة الخاصة للأفراد بأساليب ملتوية وغير قانونية.
وتمثلت الفضيحة في قيام صحافيين من صحيفة التابلويد البريطانية "نيوز أوف ذي وُورلد" بالتنصت على المكالمات الهاتفية لعدد كبير، يبلغ عشرات الآلاف، من المشاهير والفنانين ورجال ونساء الإعلام للحصول على سبق صحفي يغذون به مقالاتهم في هذه الصحيفة التي كانت تطبع ثلاثة ملايين نسخة يوميا. وشملت قائمة ضحايا صحافة الإثارة أعضاء من العائلة المالكة ورجال سياسة ونجوم السينما والرياضة بالإضافة إلى ضحايا القضايا الإجرامية المشهورة وأقرباء ضحايا العمليات الإرهابية. وتمثلت العملية في تعاون وثيق بين الصحافيين وعدد من رجال البوليس الخاص للسطو على محتوى الخزينة الصوتية للهاتف الجوال وإفراغ ما بداخلها من معلومات تهم المعنى بالأمر لاستخراج أخبار وسبق صحفي يهم الحياة الخاصة لهذا النجم أو ذاك. "وهي صيغة جديدة من الجوسسة الهاتفية التي لم يتورع رجل الإعلام عن التوجه إليها لتقديم مادة إخبارية مثيرة بعيدا عن ميثاق المهنة الصحفية وشرف الحفاظ على أسرار الناس وحفظ كرامتهم". وقد أدت هذه الفضيحة إلى اعتذار مالك الصحيفة إمبراطور الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية الانكليزي روبار ميردوخ، أمام العلن وقراره غلق هذه الصحيفة الشعبية العريقة بعد 168 سنة من وجودها، إضافة إلى ما أسفرت عنه من اهتزاز ثقة القراء في الصحف ذات التوجه الشعبي اللاهثة وراء الإثارة والسبق الصحفي الفني أو الرياضي أو السياسي. وبعد كل هذه الخروقات الأخلاقية للصحافة في العهد الورقي، جاء اليوم العهد الرقمي للصحافة ومحاملها الميدياتيكية وما بعد الميديا التقليدية لتتعاظم معه أساليب التضليل الإعلامي وقلب الحقائق وخرق أخلاقيات المهنة الصحفية وأخلاقيات التواصل البشري حيث لا ضوابط قانونية ولا أخلاقية في سوق الإعلام والاتصال الرقمي التي تتحول كل يوم إلى ما يشبه سوق عكاظ أو المربد القديمة التي يدخلها وينتصب فيها كل من هب ودب باعتبارها "فضاء عاما مفتوحا للجميع ولحرية التعبير"، حسب تعبير عالم الاجتماع الألماني المعاصر يورغن هابرماس.