في إطار الاستعدادات لانتخابات 17 ديسمبر 2022 فتحت المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أمس بالعاصمة نقاشا مع جامعيين وقضاة وممثلين عن المجتمع المدني حول تقريرها المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد لانتخابات مجلس نواب الشعب، وكان النقاش لمضامين التقرير هادئا وانتهى إلى تسليط الأضواء على العديد من المشاكل التي يطرحها نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر إضافة إلى شروط الترشح وقواعد تنظيم الحملة الانتخابية وتمويل الحملة والنزاع الانتخابي وغيرها.
أمين ثابت المستشار القانوني لدى المنظمة قدم للمشاركين في الملتقى بسطة عن أهم مضامين هذا التقرير، وبين أن الجديد في الإطار القانوني والدستوري يتمثل بالخصوص في نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر الانتخابية، وآلية سحب الوكالة، والحق في الانتخاب والحق في الترشح، والقواعد المتعلقة بالحملة الانتخابية..، وأشار إلى أن نظام الاقتراع تغير وأصبح الاقتراع على الأفراد في دورتين في صورة عدم حصول أحد المترشحين على خمسين زائد خمسة من الأصوات، والمتعارف عن هذا النظام أنه سهل التطبيق في عملية احتساب النتائج وهناك من يقول انه نظام يساهم في الاستقرار السياسي والحكومي، وفي المقابل تتمثل سلبيات نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين في كونه يساهم في إهدار عدد كبير من أصوات الناخبين وفي تهميش الأقليات والفئات ضعيفة التمثيل وفي تهميش النساء والشباب وذوي الحاجيات الخصوصية فضلا عن أنه يتسبب في طمس العلاقة بين الأحزاب السياسية والائتلافات الانتخابية لأنه في غياب الإسناد الحزبي فان المترشح يصبح يستمد نفوذه من الانتماء العائلي والقبلي والعشائري وبالتالي فإن المجلس المنتخب يكون مشتتا وغير متجانس ويصعب فيه تكوين كتل برلمانية لأن الأساس الذي تقوم عليه الكتل البرلمانية هو إسناد الأحزاب لها. وأشار إلى أن من سلبيات نظام الاقتراع على الأفراد هي تحويل البرلمان إلى مجلس نواب جهات ومحليات وكل مترشح يحمل معه برنامجا يهتم بمشاكل دائرته وجهته بدرجة أولى. وذكر ثابت أن التقرير حاول التركيز على مسألة تقسيم الدوائر والإجابة على جملة من التساؤلات وأهمها ما هي المعايير التي قام عليها التقسيم وهل يضمن التمثيل؟ وخلص إلى أنه لا توجد معايير واضحة تم اعتمادها في تقسيم الدوائر والقوة الانتخابية لصوت الناخب ليست متساوية من دائرة إلى أخرى، وبين أنه لا يمكن أن ننسى أن المرسوم الانتخابي لم يحترم المعايير الدولية وقام بإعادة تقسيم الدوائر خلال السنة الانتخابية ثم أن هذا المرسوم لا يمكن الطعن فيه.
وأشار إلى أن التقرير المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم لانتخابات مجلس نواب الشعب سلط الضوء على آلية سحب الوكالة من النائب وتعتبر هذه الآلية ثورة ولكنها غير معتمدة في الدول الأعضاء بمجلس أوروبا، وحسب رأي لجنة البندقية فإن آلية سحب الوكالة تحول وكالة النائب من وكالة حرة إلى وكالة إلزامية شبيهة بالتزامات تعاقدية مع الناخب والأهم من ذلك أن النائب لم يعد يمثل الشعب بل نيابته عائدة لدائرته الانتخابية والجسم الانتخابي المكون لهذه الدائرة، ويتم سحب الوكالة في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الانتخابي. ويخضع سحب الوكالة إلى جملة من الإجراءات إذ لا يمكن سحبها في السنة النيابية الأولى وفي الستة أشهر الأخيرة من المدة النيابية ولا يمكن تقديم عريضة لسحب الوكالة سوى مرة واحدة طيلة المدة النيابية، والعريضة يجب أن تكون ممضاة من قبل عشر الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية، ومن الإجراءات الأخرى تنظيم عملية انتخابية من قبل هيئة الانتخابات في الدائرة الانتخابية للتصويت على عريضة سحب الوكالة، وفي صورة تصويت الأغلبية المطلقة للمقترعين على سحب الوكالة فإن النائب يفقد مقعده النيابي ويصبح هذا المقعد شاغرا ويتم بعدها تنظيم انتخابات جزئية لسد الشغور.. ولاحظ المستشار القانوني للمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أن مبررات سحب الوكالة غير واضحة إذ لا يمكن لهيئة الانتخابات القيام برقابة سياسية على آلية سحب الوكالة، وبالتالي فإن هذه الآلية تبقى خاضعة للسلطة التقديرية المطلقة للناخب وهو ما يفتح الباب لإمكانية المناورة السياسية بهذه الآلية.. وأشار إلى أن آلية سحب الوكالة ستكون لها آثار سلبية على العمل النيابي فهي تهدد المؤسسة البرلمانية في نجاعتها، كما أن سحب الوكالة سيؤدي إلى القيام بانتخابات جزئية وهو ما يثقل كاهل هيئة الانتخابات..
وذكر أن المسألة الثالثة الجديدة في الإطار الدستوري والقانوني لانتخابات مجلس نواب الشعب تتعلق بحق الانتخاب والترشح، فالدستور نص على حق الانتخاب وحق الترشح للمواطنين والمواطنات على قدم المساواة، أما المرسوم الانتخابي فإنه أوجد صور حرمان تبعث على التساؤل على غرار حرمان المحجور عليهم من الانتخاب وحرمان العسكريين المباشرين وأعوان قوات الأمن الداخلي وحتى المدنيين الذين يقومون بواجبهم العسكري من حقهم في الانتخاب. كما نجد من موانع الترشح، عدم حمل جنسية ثانية وبالتالي تم إقصاء التونسيين مكتسبي الجنسية بالإقامة والتونسيين الحاملين لجنسية أجنبية. وتم منع الأئمة ورؤساء الجمعيات والهياكل الرياضية أيضا من الترشح لأسباب غير واضحة فهذا الإقصاء انفعالي، وبين أنه من سلبيات المرسوم إثقاله كاهل المترشحين والإدارة بشرط التزكيات كما أن هذا المرسوم صمت على ترشح الأحزاب السياسية وهو ما أدى إلى التراجع عن تطبيق مبدأ التناصف وتمثيلية الشباب. وفي المقابل لاحظ ثابت أن من الايجابيات التي جاء بها المرسوم اشتراطه البطاقة عدد 3 في ملف الترشح ووصل خلاص الضريبة.
ولدى حديثه عن التغييرات التي تمت على مستوى الحملة الانتخابية أشار إلى أنه تم التقليص في مدة الحملة من ثلاثة أشهر إلى شهرين وإضافة شرط عدم التمييز على أسس دينية وعائلية وجهوية وفئوية إلى مبادئ الحملة لكن لم يقع التنصيص على تمييز على أساس الجنس وهو ما يثير الاستغراب، ولاحظ انه تمت المحافظة على نفس القواعد المتعلقة بالدعاية خلال الحملة لكن على مستوى الواقع لا يمكن غض الطرف على الخلاف الذي حصل مؤخرا بين هيئة الانتخابات و"الهايكا" حول القرار المشترك المتعلق بتغطية الحملة في وسائل الإعلام. وأشار إلى أنه من بين المسائل الجديدة التي تسترعي الاهتمام حذف التمويل العمومي للحملة وهذا التمويل كانت غاية المشرع منه تحقيق أكبر درجة ممكنة من تكافؤ الفرص فضلا عن مساهمته في ترشيد الترشحات وعقلنتها وفي غيابه فإن الترشح سيصبح قائما على المال الذاتي والخاص والجاه، كما أن التمويل الخاص غير واضح باستثناء ما تم الإدلاء به في تصريحات مفادها أن كوادر الأحزاب يمكنها تقديم تمويل خاص لحملة مترشحين لكن الحزب لا يمكنه ذلك، كما تم إخضاع تمويل الحملة إلى سقف جملي للإنفاق.
نظام الاقتراع على الأفراد
وفي نقاش لمضامين التقرير حول الإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم للانتخابات التشريعية تحدثت سلسبيل القليبي أستاذة القانون الدستوري عن تأثير تغيير طريقة الاقتراع وشروط الترشح، وبينت أن طريقة الاقتراع هي من الآليات الحسابية المعتمدة التي تمكن من تحويل الأصوات إلى مقاعد، وترى الجامعية أنه لا يصح القيام بتغيير جذري لنظام الاقتراع في ظرف دقيق يتسم بتحولات دستورية ومسار تأسيسي جديد وفي حالة الاستثناء وفسرت أن المعايير الدولية تعتبر أنه لا يمكن تغييرات نظام الاقتراع عشية الانتخابات، كما أن تغيير شروط الترشح وطريقة الاقتراع يكون بصفة تدريجية وسلسلة وليس بصفة جذرية لكن ما حصل في تونس هو القطع الكلي مع النظام السابق فالاقتراع أصبح على الأفراد عوضا عن القائمات كما تم المرور من التمثيل النسبي بأكبر البقايا ودون اعتماد عتبة إلى نظام اقتراع بالأغلبية وذلك بتعلة أن التمثيل النسبي أدى إلى تعطيل العمل النيابي وعدم الاستقرار السياسي والحال أن التمثيل النسبي فيه أصناف كثيرة كان يمكن اعتماد أنجعها. وبينت الجامعية أن هناك أكثر من 300 طريقة اقتراع في العالم وبالتالي إذا كانت هناك إرادة للإصلاح فكان يمكن انتقاء نظام يسمح بإصلاح العيوب التي أفرزتها طريقة الاقتراع المتعمدة منذ سنة 2011 لا أن يتم المرور بمنتهى السرعة من النقيض إلى النقيض. ولاحظت أن نظام الاقتراع الأكثر استعمالا في العالم هو النظام النسبي وهناك دول مثل إسبانيا دسترة طريقة الاقتراع وتغيير نظام الاقتراع بالكيفية التي تمت في تونس حسب رأيها له تبعات على التعبير على إرادة الناخب، وفسرت أنه بالعودة إلى ما جاء في كتاب عنوانه كيف يمكن أن ننقذ الديمقراطية؟ نجد أن من أهم عناصر الديمقراطية هي أن قواعد اللعبة السياسية يجب أن تعطي حظوظا متكافئة للمتنافسين للوصول إلى السلطة وتعطي فرصة للتداول السلمي على السلطة بمعنى أن الطرف الموجود في السلطة تكون له في الانتخابات نفس حظوظ غيره من المنافسين وبالتالي لا تكون النتائج محسومة مسبقا ولا يكون هناك انطباع لدى الناخب بأن النتائج محسومة مسبقا لأن وجود هذا الانطباع يدعو على التساؤل عن مسألة ديمقراطية الانتخابات.
وقالت القليبي إنه عند النظر إلى تقسيم الدوائر يجب الإشارة إلى أن إعادة التقسيم الترابي على دوائر سياسية هي مسألة دقيقة جدا لأنها مسالة سياسية بامتياز وفيها رهانات سياسية لان لها انعكاسات مباشرة على النتائج والتالي فإن توقيت إعادة التقسيم الترابي يجب أن يكون بعيدا عن المواعيد الانتخابية لأن قربة من هذه المواعيد يعطي انطباعا على وجود غاية لتغيير وجهة الانتخابات ولكن المشرع ارتأى مراجعة هذا التقسيم قبل فترة قصيرة من الانتخابات، كما أن إعادة التقسيم كانت لها نتائج سلبية وحتى التعلل بأهمية أن يكون الناخب يعرف المترشح عن كثب فهو ليس في محله لأن العلاقات بين الناخبين والمنتخبين في الديمقراطية تحكمها المؤسسات لا العلاقات الشخصية ومنطق القرب لذلك نجد في الديمقراطيات التي تعتمد الاقتراع على الأفراد، الأحزاب هي التي ترشح أفرادا في الدوائر الانتخابية وبالتالي المرشح هو مرشح عن حزب والحزب له قيم وفكر سياسي والمترشح لا يترشح بصفته أستاذا أو موظفا أو عاطلا، عن العمل وخلصت الجامعية إلى أن الاقتراع على الأفراد لا يساعد تونس على الانتقال للديمقراطية وإلى تصور للسياسة قائم على برامج وقيم لا على علاقات شخصية وعلاقات الولاء.
النزاع الانتخابي
أما منير العربي القاضي الإداري ومندوب الدولة العام بالمحكمة الإدارية فبين أن نظام تقاضي لنظام انتخابي فعال لا يمكن أن يكون إلا مقوما أساسيا من مقومات الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة، وأضاف أن تكريس مبدأ التنافس وفتح المجال لتعدد البرامج عنصر ضروري إلى جانب تعدد المترشحين كما أن المناخ العام يجب أن تطغى عليه حرية التعبير والإعلام وضمان النفاذ إلى المعلومة فضلا عن ضرورة حياد هيئة الانتخابات واستقلاليتها حتى تكون هناك ثقة في العملية الانتخابية.. وأشار إلى أن الإطار التشريعي للانتخابات يجب أن يكون بدوره ضامنا لعملية انتخابية تؤول إلى حرية الانتخابات ونزاهتها وشفافيتها، وذكر أن المستجدات التشريعية على مستوى النزاع الانتخابي يمكن تلخيصها في جملة من النقاط أولها أن التشتت الموجود بين القاضي العدلي والإداري مازال موجودا وتم فقط توحيد نزاع الترشح أمام القاضي الإداري لكن نزاع السجل وغيره مازال خارج عن ولاية القاضي الانتخابي والمحكمة الإدارية. وتتمثل المسألة الثانية حسب قول منير العربي في مشكل صعوبة الولوج إلى العدالة الانتخابية لأن العدالة لا تحتمل الآجال القصيرة، ولكن الآجال الموجودة في القانون والمرسوم الانتخابي قصيرة وإضافة إلى ذلك فأن المرسوم أضاف وجوبية إرفاق عريضة الطعن بنسخة الكترونية ولكن على مستوى الواقع هناك من قدموا قرص ليزري فارغ وهو ما نجم عنه رفض الطعن شكلا.. ولاحظ بالعودة إلى نزاعات الترشح لانتخابات 17 ديسمبر أنه تم رفع 54 ملف طعن في الطور الابتدائي وأكثر من 78 بالمائة منها سقطت شكلا و15 ملفا في الطور الاستئنافي 4 منها رفضت شكلا واستنتج القاضي الإداري ومندوب الدولة العام بالمحكمة الإدارية من هذه الأرقام أن التنصيص في القانون على وجوبية إنابة محام في الطور الاستئنافي له تأثير واضح واقترح القاضي أن يقع سحب شرط انابة المحامي على نزاع الترشح في الطور الابتدائي.
تمويل الحملة
فضيلة القرقوري القاضية بمحكمة المحاسبات والخبيرة في الرقابة المالية على الحملات الانتخابية أجابت في مداخلتها عن أسئلة تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية ومراقبة هذا التمويل في التشريع التونسي، وبينت أن هناك بعض الآليات التي تعتبر من الممارسات الفضلى مثل ترشيد الترشحات لكن العيب يكمن في غموض في النص القانوني يجعل طريقة تطبيقها تطرح صعوبات، وبينت أن فهم مدى أهمية آلية ترشيد الترشحات يكون من خلال مراقبة تمويل الحملة قضائيا وفسرت أن هناك أناسا ترشحوا للانتخابات وليست لديهم معرفة بها وبعد ذلك وجدوا أنفسهم أمام مشكل كبير فبسبب عدم احترام قواعد التمويل هناك عائلات شردت لأنه تم تسليط خطايا مالية كبيرة على أفراد فيها ترشحوا للانتخابات. وذكرت أن اعتماد التمويل العمومي منذ 2011 كان يخضع إلى مبدأ دستوري وهو الحرص على حماية المال العام ولذلك عندما تفطنت المحكمة إلى أن التمويل العمومي تم استعماله لأغراض ليست لها علاقة بالانتخابات إذ هناك من استعمله لتحسين مسكن واقتناء سيارة تم تنقيح القانون في اتجاه اعتماد نظام استرجاع المصاريف واليوم المشرع بمقتضى المرسوم الانتخابي عدد 55 اختار التخلي عن التمويل العمومي نهائيا..، وأشارت إلى أنه لا يمكن أن ننسى أن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 اقر الحق في التمويل العمومي للأحزاب لكن إلى حد هذه اللحظة لم يحصل أي حزب على تمويل عمومي لأن الأمر الترتيبي الذي أحال عليه المرسوم سالف الذكر لم يصدر، كما أن من ترشحوا إلى انتخابات تشريعية سابقة لم يحصلوا إلى غاية اليوم على تمويل عمومي لحملاتهم. وفسرت القرقوري أن المرسوم الانتخابي عدد 55 نص على أن تمويل الحملة يتم بالتمويل الذاتي والخاص دون سواهما وعلى أنه لا بد من إثبات شرعية المصدر أي أن التمويل يجب ألا يكون أجنبيا ومقنعا ومجهول المصدر ونص على سقف الإنفاق فمن حق المترشح اللجوء إلى خواص لتمويل حملته لكن بسقف لا يتجاوز أربعة أخماس مجموع سقف الإنفاق وتقوم محكمة المحاسبات لاحقا بالتثبت من شرعية التمويل الخاص. كما أن مصدر تمويل الحملة يجب ألا يكون من ذوات معنوية خلافا لما كان عليه الأمر في السابق حيث كان بإمكان الأحزاب والائتلافات تمويل حملات قائماتهم وفي الوقت وأوضحت أنه من حق أي شخص حتى وأن كان من كوادر حزب معاضدة مترشح بصفته مواطنا عاديا.
صوت المجتمع المدني غير مسموع
تفاعلا مع ما جاء في التقرير المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم لانتخابات مجلس نواب الشعب أشارت رجاء الجبري الرئيسة السابقة لشبكة مراقبون إلى أن شبكة مراقبون قدمت مقترحا حول تغيير نظام الاقتراع ولكنها قدمته قبل سنة من موعد الانتخابات واعتمدت مقاربة تشاركية في إعداده ولم يقع فيه فصل المترشح عن الحزب وتم وضع آليات تضمن التناصف. كما نبهت مراقبون منذ صدور المرسوم عدد 55 إلى أن شرط التزكيات بتلك الطريقة المجحفة في دوائر صغيرة سيؤدي إلى إقصاء النساء وهو ما حصل إذ بلغ عدد المترشحات 122 فقط، ونبهت أيضا إلى أن تقسيم الدوائر لم يقم على قواعد موضوعية وهو ما أدى فعلا إلى وجود سبع دوائر في الخارج لا يوجد فيها أي مترشح وقالت إنه كان بالإمكان تلافي كل هذه المشاكل لو تم الانصات إلى مقترحات المجتمع المدني. وفي نفس السياق أشار محمد المنصوري رئيس جمعية إبصار إلى أن الجهود التي بذلها المجتمع المدني من أجل التنصيص في الدستور والقانون الانتخابي على تمتيع ذوي الإعاقة من حقهم في المشاركة في الحياة السياسية ذهبت هباء لأنه بالمرسوم عدد 55 تمت العودة إلى النقطة الصفر.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
في إطار الاستعدادات لانتخابات 17 ديسمبر 2022 فتحت المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أمس بالعاصمة نقاشا مع جامعيين وقضاة وممثلين عن المجتمع المدني حول تقريرها المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد لانتخابات مجلس نواب الشعب، وكان النقاش لمضامين التقرير هادئا وانتهى إلى تسليط الأضواء على العديد من المشاكل التي يطرحها نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر إضافة إلى شروط الترشح وقواعد تنظيم الحملة الانتخابية وتمويل الحملة والنزاع الانتخابي وغيرها.
أمين ثابت المستشار القانوني لدى المنظمة قدم للمشاركين في الملتقى بسطة عن أهم مضامين هذا التقرير، وبين أن الجديد في الإطار القانوني والدستوري يتمثل بالخصوص في نظام الاقتراع وتقسيم الدوائر الانتخابية، وآلية سحب الوكالة، والحق في الانتخاب والحق في الترشح، والقواعد المتعلقة بالحملة الانتخابية..، وأشار إلى أن نظام الاقتراع تغير وأصبح الاقتراع على الأفراد في دورتين في صورة عدم حصول أحد المترشحين على خمسين زائد خمسة من الأصوات، والمتعارف عن هذا النظام أنه سهل التطبيق في عملية احتساب النتائج وهناك من يقول انه نظام يساهم في الاستقرار السياسي والحكومي، وفي المقابل تتمثل سلبيات نظام الاقتراع على الأفراد في دورتين في كونه يساهم في إهدار عدد كبير من أصوات الناخبين وفي تهميش الأقليات والفئات ضعيفة التمثيل وفي تهميش النساء والشباب وذوي الحاجيات الخصوصية فضلا عن أنه يتسبب في طمس العلاقة بين الأحزاب السياسية والائتلافات الانتخابية لأنه في غياب الإسناد الحزبي فان المترشح يصبح يستمد نفوذه من الانتماء العائلي والقبلي والعشائري وبالتالي فإن المجلس المنتخب يكون مشتتا وغير متجانس ويصعب فيه تكوين كتل برلمانية لأن الأساس الذي تقوم عليه الكتل البرلمانية هو إسناد الأحزاب لها. وأشار إلى أن من سلبيات نظام الاقتراع على الأفراد هي تحويل البرلمان إلى مجلس نواب جهات ومحليات وكل مترشح يحمل معه برنامجا يهتم بمشاكل دائرته وجهته بدرجة أولى. وذكر ثابت أن التقرير حاول التركيز على مسألة تقسيم الدوائر والإجابة على جملة من التساؤلات وأهمها ما هي المعايير التي قام عليها التقسيم وهل يضمن التمثيل؟ وخلص إلى أنه لا توجد معايير واضحة تم اعتمادها في تقسيم الدوائر والقوة الانتخابية لصوت الناخب ليست متساوية من دائرة إلى أخرى، وبين أنه لا يمكن أن ننسى أن المرسوم الانتخابي لم يحترم المعايير الدولية وقام بإعادة تقسيم الدوائر خلال السنة الانتخابية ثم أن هذا المرسوم لا يمكن الطعن فيه.
وأشار إلى أن التقرير المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم لانتخابات مجلس نواب الشعب سلط الضوء على آلية سحب الوكالة من النائب وتعتبر هذه الآلية ثورة ولكنها غير معتمدة في الدول الأعضاء بمجلس أوروبا، وحسب رأي لجنة البندقية فإن آلية سحب الوكالة تحول وكالة النائب من وكالة حرة إلى وكالة إلزامية شبيهة بالتزامات تعاقدية مع الناخب والأهم من ذلك أن النائب لم يعد يمثل الشعب بل نيابته عائدة لدائرته الانتخابية والجسم الانتخابي المكون لهذه الدائرة، ويتم سحب الوكالة في صورة إخلاله بواجب النزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الانتخابي. ويخضع سحب الوكالة إلى جملة من الإجراءات إذ لا يمكن سحبها في السنة النيابية الأولى وفي الستة أشهر الأخيرة من المدة النيابية ولا يمكن تقديم عريضة لسحب الوكالة سوى مرة واحدة طيلة المدة النيابية، والعريضة يجب أن تكون ممضاة من قبل عشر الناخبين المسجلين في الدائرة الانتخابية، ومن الإجراءات الأخرى تنظيم عملية انتخابية من قبل هيئة الانتخابات في الدائرة الانتخابية للتصويت على عريضة سحب الوكالة، وفي صورة تصويت الأغلبية المطلقة للمقترعين على سحب الوكالة فإن النائب يفقد مقعده النيابي ويصبح هذا المقعد شاغرا ويتم بعدها تنظيم انتخابات جزئية لسد الشغور.. ولاحظ المستشار القانوني للمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أن مبررات سحب الوكالة غير واضحة إذ لا يمكن لهيئة الانتخابات القيام برقابة سياسية على آلية سحب الوكالة، وبالتالي فإن هذه الآلية تبقى خاضعة للسلطة التقديرية المطلقة للناخب وهو ما يفتح الباب لإمكانية المناورة السياسية بهذه الآلية.. وأشار إلى أن آلية سحب الوكالة ستكون لها آثار سلبية على العمل النيابي فهي تهدد المؤسسة البرلمانية في نجاعتها، كما أن سحب الوكالة سيؤدي إلى القيام بانتخابات جزئية وهو ما يثقل كاهل هيئة الانتخابات..
وذكر أن المسألة الثالثة الجديدة في الإطار الدستوري والقانوني لانتخابات مجلس نواب الشعب تتعلق بحق الانتخاب والترشح، فالدستور نص على حق الانتخاب وحق الترشح للمواطنين والمواطنات على قدم المساواة، أما المرسوم الانتخابي فإنه أوجد صور حرمان تبعث على التساؤل على غرار حرمان المحجور عليهم من الانتخاب وحرمان العسكريين المباشرين وأعوان قوات الأمن الداخلي وحتى المدنيين الذين يقومون بواجبهم العسكري من حقهم في الانتخاب. كما نجد من موانع الترشح، عدم حمل جنسية ثانية وبالتالي تم إقصاء التونسيين مكتسبي الجنسية بالإقامة والتونسيين الحاملين لجنسية أجنبية. وتم منع الأئمة ورؤساء الجمعيات والهياكل الرياضية أيضا من الترشح لأسباب غير واضحة فهذا الإقصاء انفعالي، وبين أنه من سلبيات المرسوم إثقاله كاهل المترشحين والإدارة بشرط التزكيات كما أن هذا المرسوم صمت على ترشح الأحزاب السياسية وهو ما أدى إلى التراجع عن تطبيق مبدأ التناصف وتمثيلية الشباب. وفي المقابل لاحظ ثابت أن من الايجابيات التي جاء بها المرسوم اشتراطه البطاقة عدد 3 في ملف الترشح ووصل خلاص الضريبة.
ولدى حديثه عن التغييرات التي تمت على مستوى الحملة الانتخابية أشار إلى أنه تم التقليص في مدة الحملة من ثلاثة أشهر إلى شهرين وإضافة شرط عدم التمييز على أسس دينية وعائلية وجهوية وفئوية إلى مبادئ الحملة لكن لم يقع التنصيص على تمييز على أساس الجنس وهو ما يثير الاستغراب، ولاحظ انه تمت المحافظة على نفس القواعد المتعلقة بالدعاية خلال الحملة لكن على مستوى الواقع لا يمكن غض الطرف على الخلاف الذي حصل مؤخرا بين هيئة الانتخابات و"الهايكا" حول القرار المشترك المتعلق بتغطية الحملة في وسائل الإعلام. وأشار إلى أنه من بين المسائل الجديدة التي تسترعي الاهتمام حذف التمويل العمومي للحملة وهذا التمويل كانت غاية المشرع منه تحقيق أكبر درجة ممكنة من تكافؤ الفرص فضلا عن مساهمته في ترشيد الترشحات وعقلنتها وفي غيابه فإن الترشح سيصبح قائما على المال الذاتي والخاص والجاه، كما أن التمويل الخاص غير واضح باستثناء ما تم الإدلاء به في تصريحات مفادها أن كوادر الأحزاب يمكنها تقديم تمويل خاص لحملة مترشحين لكن الحزب لا يمكنه ذلك، كما تم إخضاع تمويل الحملة إلى سقف جملي للإنفاق.
نظام الاقتراع على الأفراد
وفي نقاش لمضامين التقرير حول الإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم للانتخابات التشريعية تحدثت سلسبيل القليبي أستاذة القانون الدستوري عن تأثير تغيير طريقة الاقتراع وشروط الترشح، وبينت أن طريقة الاقتراع هي من الآليات الحسابية المعتمدة التي تمكن من تحويل الأصوات إلى مقاعد، وترى الجامعية أنه لا يصح القيام بتغيير جذري لنظام الاقتراع في ظرف دقيق يتسم بتحولات دستورية ومسار تأسيسي جديد وفي حالة الاستثناء وفسرت أن المعايير الدولية تعتبر أنه لا يمكن تغييرات نظام الاقتراع عشية الانتخابات، كما أن تغيير شروط الترشح وطريقة الاقتراع يكون بصفة تدريجية وسلسلة وليس بصفة جذرية لكن ما حصل في تونس هو القطع الكلي مع النظام السابق فالاقتراع أصبح على الأفراد عوضا عن القائمات كما تم المرور من التمثيل النسبي بأكبر البقايا ودون اعتماد عتبة إلى نظام اقتراع بالأغلبية وذلك بتعلة أن التمثيل النسبي أدى إلى تعطيل العمل النيابي وعدم الاستقرار السياسي والحال أن التمثيل النسبي فيه أصناف كثيرة كان يمكن اعتماد أنجعها. وبينت الجامعية أن هناك أكثر من 300 طريقة اقتراع في العالم وبالتالي إذا كانت هناك إرادة للإصلاح فكان يمكن انتقاء نظام يسمح بإصلاح العيوب التي أفرزتها طريقة الاقتراع المتعمدة منذ سنة 2011 لا أن يتم المرور بمنتهى السرعة من النقيض إلى النقيض. ولاحظت أن نظام الاقتراع الأكثر استعمالا في العالم هو النظام النسبي وهناك دول مثل إسبانيا دسترة طريقة الاقتراع وتغيير نظام الاقتراع بالكيفية التي تمت في تونس حسب رأيها له تبعات على التعبير على إرادة الناخب، وفسرت أنه بالعودة إلى ما جاء في كتاب عنوانه كيف يمكن أن ننقذ الديمقراطية؟ نجد أن من أهم عناصر الديمقراطية هي أن قواعد اللعبة السياسية يجب أن تعطي حظوظا متكافئة للمتنافسين للوصول إلى السلطة وتعطي فرصة للتداول السلمي على السلطة بمعنى أن الطرف الموجود في السلطة تكون له في الانتخابات نفس حظوظ غيره من المنافسين وبالتالي لا تكون النتائج محسومة مسبقا ولا يكون هناك انطباع لدى الناخب بأن النتائج محسومة مسبقا لأن وجود هذا الانطباع يدعو على التساؤل عن مسألة ديمقراطية الانتخابات.
وقالت القليبي إنه عند النظر إلى تقسيم الدوائر يجب الإشارة إلى أن إعادة التقسيم الترابي على دوائر سياسية هي مسألة دقيقة جدا لأنها مسالة سياسية بامتياز وفيها رهانات سياسية لان لها انعكاسات مباشرة على النتائج والتالي فإن توقيت إعادة التقسيم الترابي يجب أن يكون بعيدا عن المواعيد الانتخابية لأن قربة من هذه المواعيد يعطي انطباعا على وجود غاية لتغيير وجهة الانتخابات ولكن المشرع ارتأى مراجعة هذا التقسيم قبل فترة قصيرة من الانتخابات، كما أن إعادة التقسيم كانت لها نتائج سلبية وحتى التعلل بأهمية أن يكون الناخب يعرف المترشح عن كثب فهو ليس في محله لأن العلاقات بين الناخبين والمنتخبين في الديمقراطية تحكمها المؤسسات لا العلاقات الشخصية ومنطق القرب لذلك نجد في الديمقراطيات التي تعتمد الاقتراع على الأفراد، الأحزاب هي التي ترشح أفرادا في الدوائر الانتخابية وبالتالي المرشح هو مرشح عن حزب والحزب له قيم وفكر سياسي والمترشح لا يترشح بصفته أستاذا أو موظفا أو عاطلا، عن العمل وخلصت الجامعية إلى أن الاقتراع على الأفراد لا يساعد تونس على الانتقال للديمقراطية وإلى تصور للسياسة قائم على برامج وقيم لا على علاقات شخصية وعلاقات الولاء.
النزاع الانتخابي
أما منير العربي القاضي الإداري ومندوب الدولة العام بالمحكمة الإدارية فبين أن نظام تقاضي لنظام انتخابي فعال لا يمكن أن يكون إلا مقوما أساسيا من مقومات الانتخابات الحرة النزيهة والشفافة، وأضاف أن تكريس مبدأ التنافس وفتح المجال لتعدد البرامج عنصر ضروري إلى جانب تعدد المترشحين كما أن المناخ العام يجب أن تطغى عليه حرية التعبير والإعلام وضمان النفاذ إلى المعلومة فضلا عن ضرورة حياد هيئة الانتخابات واستقلاليتها حتى تكون هناك ثقة في العملية الانتخابية.. وأشار إلى أن الإطار التشريعي للانتخابات يجب أن يكون بدوره ضامنا لعملية انتخابية تؤول إلى حرية الانتخابات ونزاهتها وشفافيتها، وذكر أن المستجدات التشريعية على مستوى النزاع الانتخابي يمكن تلخيصها في جملة من النقاط أولها أن التشتت الموجود بين القاضي العدلي والإداري مازال موجودا وتم فقط توحيد نزاع الترشح أمام القاضي الإداري لكن نزاع السجل وغيره مازال خارج عن ولاية القاضي الانتخابي والمحكمة الإدارية. وتتمثل المسألة الثانية حسب قول منير العربي في مشكل صعوبة الولوج إلى العدالة الانتخابية لأن العدالة لا تحتمل الآجال القصيرة، ولكن الآجال الموجودة في القانون والمرسوم الانتخابي قصيرة وإضافة إلى ذلك فأن المرسوم أضاف وجوبية إرفاق عريضة الطعن بنسخة الكترونية ولكن على مستوى الواقع هناك من قدموا قرص ليزري فارغ وهو ما نجم عنه رفض الطعن شكلا.. ولاحظ بالعودة إلى نزاعات الترشح لانتخابات 17 ديسمبر أنه تم رفع 54 ملف طعن في الطور الابتدائي وأكثر من 78 بالمائة منها سقطت شكلا و15 ملفا في الطور الاستئنافي 4 منها رفضت شكلا واستنتج القاضي الإداري ومندوب الدولة العام بالمحكمة الإدارية من هذه الأرقام أن التنصيص في القانون على وجوبية إنابة محام في الطور الاستئنافي له تأثير واضح واقترح القاضي أن يقع سحب شرط انابة المحامي على نزاع الترشح في الطور الابتدائي.
تمويل الحملة
فضيلة القرقوري القاضية بمحكمة المحاسبات والخبيرة في الرقابة المالية على الحملات الانتخابية أجابت في مداخلتها عن أسئلة تتعلق بتمويل الحملة الانتخابية ومراقبة هذا التمويل في التشريع التونسي، وبينت أن هناك بعض الآليات التي تعتبر من الممارسات الفضلى مثل ترشيد الترشحات لكن العيب يكمن في غموض في النص القانوني يجعل طريقة تطبيقها تطرح صعوبات، وبينت أن فهم مدى أهمية آلية ترشيد الترشحات يكون من خلال مراقبة تمويل الحملة قضائيا وفسرت أن هناك أناسا ترشحوا للانتخابات وليست لديهم معرفة بها وبعد ذلك وجدوا أنفسهم أمام مشكل كبير فبسبب عدم احترام قواعد التمويل هناك عائلات شردت لأنه تم تسليط خطايا مالية كبيرة على أفراد فيها ترشحوا للانتخابات. وذكرت أن اعتماد التمويل العمومي منذ 2011 كان يخضع إلى مبدأ دستوري وهو الحرص على حماية المال العام ولذلك عندما تفطنت المحكمة إلى أن التمويل العمومي تم استعماله لأغراض ليست لها علاقة بالانتخابات إذ هناك من استعمله لتحسين مسكن واقتناء سيارة تم تنقيح القانون في اتجاه اعتماد نظام استرجاع المصاريف واليوم المشرع بمقتضى المرسوم الانتخابي عدد 55 اختار التخلي عن التمويل العمومي نهائيا..، وأشارت إلى أنه لا يمكن أن ننسى أن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 اقر الحق في التمويل العمومي للأحزاب لكن إلى حد هذه اللحظة لم يحصل أي حزب على تمويل عمومي لأن الأمر الترتيبي الذي أحال عليه المرسوم سالف الذكر لم يصدر، كما أن من ترشحوا إلى انتخابات تشريعية سابقة لم يحصلوا إلى غاية اليوم على تمويل عمومي لحملاتهم. وفسرت القرقوري أن المرسوم الانتخابي عدد 55 نص على أن تمويل الحملة يتم بالتمويل الذاتي والخاص دون سواهما وعلى أنه لا بد من إثبات شرعية المصدر أي أن التمويل يجب ألا يكون أجنبيا ومقنعا ومجهول المصدر ونص على سقف الإنفاق فمن حق المترشح اللجوء إلى خواص لتمويل حملته لكن بسقف لا يتجاوز أربعة أخماس مجموع سقف الإنفاق وتقوم محكمة المحاسبات لاحقا بالتثبت من شرعية التمويل الخاص. كما أن مصدر تمويل الحملة يجب ألا يكون من ذوات معنوية خلافا لما كان عليه الأمر في السابق حيث كان بإمكان الأحزاب والائتلافات تمويل حملات قائماتهم وفي الوقت وأوضحت أنه من حق أي شخص حتى وأن كان من كوادر حزب معاضدة مترشح بصفته مواطنا عاديا.
صوت المجتمع المدني غير مسموع
تفاعلا مع ما جاء في التقرير المتعلق بالإطار الدستوري والقانوني الجديد المنظم لانتخابات مجلس نواب الشعب أشارت رجاء الجبري الرئيسة السابقة لشبكة مراقبون إلى أن شبكة مراقبون قدمت مقترحا حول تغيير نظام الاقتراع ولكنها قدمته قبل سنة من موعد الانتخابات واعتمدت مقاربة تشاركية في إعداده ولم يقع فيه فصل المترشح عن الحزب وتم وضع آليات تضمن التناصف. كما نبهت مراقبون منذ صدور المرسوم عدد 55 إلى أن شرط التزكيات بتلك الطريقة المجحفة في دوائر صغيرة سيؤدي إلى إقصاء النساء وهو ما حصل إذ بلغ عدد المترشحات 122 فقط، ونبهت أيضا إلى أن تقسيم الدوائر لم يقم على قواعد موضوعية وهو ما أدى فعلا إلى وجود سبع دوائر في الخارج لا يوجد فيها أي مترشح وقالت إنه كان بالإمكان تلافي كل هذه المشاكل لو تم الانصات إلى مقترحات المجتمع المدني. وفي نفس السياق أشار محمد المنصوري رئيس جمعية إبصار إلى أن الجهود التي بذلها المجتمع المدني من أجل التنصيص في الدستور والقانون الانتخابي على تمتيع ذوي الإعاقة من حقهم في المشاركة في الحياة السياسية ذهبت هباء لأنه بالمرسوم عدد 55 تمت العودة إلى النقطة الصفر.