حالة من اللاّيقين السياسي تعيشها البلاد بعد ضعف أو إضعاف الأحزاب وتشتتها ومحاصرة قيادات الصف الأول بها. وضع جعل المجتمع المدني يعود ليلعب أدوارا تعديلية سياسية واجتماعية بعد بشائر التعافي التي عاشتها أبرز المنظمات وبداية نفض غبار السلطة عنها.
إقرار التعافي أكدته الانتخابات الخاصة برابطة حقوق الإنسان وبهيئة المحامين والعمادة في شهر سبتمبر المنقضي وانتهت بتحديد ملامح الخط النضالي بانتخاب حاتم مزيو عميدا للمحامين بعد اتهامات وجهت لهذا الهيكل بالتورط في علاقة مشبوهة مع السلطة وفق تصريحات المحامين خلال الجلسة العامة الأخيرة.
وقد نجح العميد مزيو في إعادة البعد التضامني للقطاع. ففي حركة تضامنية مع العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني المحال على أنظار القضاء العسكري، واكب كل من مزيو والكاتب العام للهيئة حسان التوكابري ورئيس فرع تونس للمحاماة العروسي زڤير الجلسة قبل الأخيرة للكيلاني.
وإذ رأى فيها متابعون للشأن العام على أنها حركة تحد للسلطة، فقد شكلت أيضا رسالة واضحة في وحدة الصف بعد قطيعة بين هياكل المهنة ومنظوريها كادت تعصف بالمحاماة وتقسيمها.
وعلى عكس العميد السابق إبراهيم بودربالة حرص حاتم مزيو على إعادة العلاقة بين المحامين وهياكلهم والتعامل مع جميع المهنيين على أساس انتمائهم للمحاماة وليس على أساس الانتماء لأي جهة كانت.
وتتماشى مواقف مزيو إلى حد الآن مع ما أعلنه منذ حملته الانتخابية من توحيد الصف وإعادة إشعاع المحاماة وحماية الحقوق والحريات.
ولم يكن حضور مزيو محاكمة العميد الأسبق حضورا عابرا حيث خلف تضامنه مع الكيلاني الأثر الطيب في نفوس المحامين الذين عبروا عن ذلك من خلال تدوينات عدد منهم على صفحات التواصل الاجتماعي "الفياسبوك".
ودّ.. بعد انقطاع
وبعد توقف كل أشكال الاتصال بين هيئة المحامين والاتحاد العام التونسي للشغل اثر الاختلاف الكبير في مواقف الطرفين في إسناد الخيارات الرئاسية عاد الطرفان ليجلسا مجددا.
وتأتي هذه الجلسة في إطار تهنئة قيادات الاتحاد لعميد المحامين الجديد حاتم مزيو بعد انتخابه على رأس المهنة خلفا للعميد السابق إبراهيم بودربالة.
وإذ قُرِئت زيارة الاتحاد إلى مقر الهيئة بباب بنات بالعاصمة على أنها زيارة مجاملة بين أبرز منظمتين في البلاد فإن قراءات أخرى ترى فيها محاولة لإعادة الود بين الطرفين واستعادة زمام المبادرة السياسية والاجتماعية.
هكذا موقف برره البلاغ الصادر عن الهيئة نفسها حيث جاء فيه:"استقبل عميد الهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ حاتم المزيو الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الأخ نورالدين الطبوبي وكانت الزيارة لتهنئة العميد بانتخابه."
وأضاف البلاغ المنشور على الصفحة الرسمية لهيئة المحامين على أنها "كانت فرصة للتأكيد أواصر العلاقات التاريخية التي تربط الهيئة الوطنية للمحامين والاتحاد العام التونسي للشغل وعلى عزمهما على العمل المشترك من أجل إعلاء المصلحة الوطنية".
…واكتمل ضلع المثلث
وعلى عكس أشغال المؤتمر السابق لرابطة حقوق الإنسان حظيت انتخابات الأسبوع الماضي باهتمام بالغ لا بسبب الترشحات فحسب بل بسبب الرهان الحقوقي في قادم الأوقات وأساسا بعد التعثر الكبير لهيئة الرئيس المتخلي جمال مسلم التي تاهت في دروب التفاصيل السياسية والحقوقية في بلادنا.
ويشكل فوز قائمة بسام الطريفي بأغلبية مطلقة داخل مكتب الهيئة (12 مقعدا من أصل 15) فرصة واضحة لاستعادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من حالة التيه التي سيطرت عليها خلال المدة النيابية الفارطة.
ويرى متابعون أن انتخاب قائمة الطريفي بنسبة تفوق 80%يشكل عودة التعافي للرابطة واستعداد هياكلها للعودة مجددا لمربع الدفاع الحقيقي والجاد عن ملف حقوق الإنسان.
ففي تصريح إعلامي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أكد الطريفي أن "العديد من المؤتمرين أو غالبيتهم عبروا عن استيائهم من بعض المواقف التي خفت فيها صوت الرابطة ولم يكن مسموعا، فضلا عن عدم وضوح مواقفها في الآونة الأخيرة من عديد الانتهاكات، والمطالبة خاصة بعودة الرابطة إلى استقلاليتها المعهودة عن كل الأحزاب وكل من هم في السلطة".
وقد كانت بصمة الاتحاد واضحة خلال أشغال المؤتمر الثامن لرابطة حقوق الإنسان سواء بالدعم المادي أو من خلال حرص المنظمة على مواكبة الأشغال منذ الجلسة الافتتاحية إلى حد الإعلان عن النتائج.
فهل تتحول الرابطة والإتحاد وعمادة المحامين إلى "مثلث برمودا" لجذب بقية المكونات الاجتماعية والسياسية؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
حالة من اللاّيقين السياسي تعيشها البلاد بعد ضعف أو إضعاف الأحزاب وتشتتها ومحاصرة قيادات الصف الأول بها. وضع جعل المجتمع المدني يعود ليلعب أدوارا تعديلية سياسية واجتماعية بعد بشائر التعافي التي عاشتها أبرز المنظمات وبداية نفض غبار السلطة عنها.
إقرار التعافي أكدته الانتخابات الخاصة برابطة حقوق الإنسان وبهيئة المحامين والعمادة في شهر سبتمبر المنقضي وانتهت بتحديد ملامح الخط النضالي بانتخاب حاتم مزيو عميدا للمحامين بعد اتهامات وجهت لهذا الهيكل بالتورط في علاقة مشبوهة مع السلطة وفق تصريحات المحامين خلال الجلسة العامة الأخيرة.
وقد نجح العميد مزيو في إعادة البعد التضامني للقطاع. ففي حركة تضامنية مع العميد السابق للمحامين عبد الرزاق الكيلاني المحال على أنظار القضاء العسكري، واكب كل من مزيو والكاتب العام للهيئة حسان التوكابري ورئيس فرع تونس للمحاماة العروسي زڤير الجلسة قبل الأخيرة للكيلاني.
وإذ رأى فيها متابعون للشأن العام على أنها حركة تحد للسلطة، فقد شكلت أيضا رسالة واضحة في وحدة الصف بعد قطيعة بين هياكل المهنة ومنظوريها كادت تعصف بالمحاماة وتقسيمها.
وعلى عكس العميد السابق إبراهيم بودربالة حرص حاتم مزيو على إعادة العلاقة بين المحامين وهياكلهم والتعامل مع جميع المهنيين على أساس انتمائهم للمحاماة وليس على أساس الانتماء لأي جهة كانت.
وتتماشى مواقف مزيو إلى حد الآن مع ما أعلنه منذ حملته الانتخابية من توحيد الصف وإعادة إشعاع المحاماة وحماية الحقوق والحريات.
ولم يكن حضور مزيو محاكمة العميد الأسبق حضورا عابرا حيث خلف تضامنه مع الكيلاني الأثر الطيب في نفوس المحامين الذين عبروا عن ذلك من خلال تدوينات عدد منهم على صفحات التواصل الاجتماعي "الفياسبوك".
ودّ.. بعد انقطاع
وبعد توقف كل أشكال الاتصال بين هيئة المحامين والاتحاد العام التونسي للشغل اثر الاختلاف الكبير في مواقف الطرفين في إسناد الخيارات الرئاسية عاد الطرفان ليجلسا مجددا.
وتأتي هذه الجلسة في إطار تهنئة قيادات الاتحاد لعميد المحامين الجديد حاتم مزيو بعد انتخابه على رأس المهنة خلفا للعميد السابق إبراهيم بودربالة.
وإذ قُرِئت زيارة الاتحاد إلى مقر الهيئة بباب بنات بالعاصمة على أنها زيارة مجاملة بين أبرز منظمتين في البلاد فإن قراءات أخرى ترى فيها محاولة لإعادة الود بين الطرفين واستعادة زمام المبادرة السياسية والاجتماعية.
هكذا موقف برره البلاغ الصادر عن الهيئة نفسها حيث جاء فيه:"استقبل عميد الهيئة الوطنية للمحامين الأستاذ حاتم المزيو الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل الأخ نورالدين الطبوبي وكانت الزيارة لتهنئة العميد بانتخابه."
وأضاف البلاغ المنشور على الصفحة الرسمية لهيئة المحامين على أنها "كانت فرصة للتأكيد أواصر العلاقات التاريخية التي تربط الهيئة الوطنية للمحامين والاتحاد العام التونسي للشغل وعلى عزمهما على العمل المشترك من أجل إعلاء المصلحة الوطنية".
…واكتمل ضلع المثلث
وعلى عكس أشغال المؤتمر السابق لرابطة حقوق الإنسان حظيت انتخابات الأسبوع الماضي باهتمام بالغ لا بسبب الترشحات فحسب بل بسبب الرهان الحقوقي في قادم الأوقات وأساسا بعد التعثر الكبير لهيئة الرئيس المتخلي جمال مسلم التي تاهت في دروب التفاصيل السياسية والحقوقية في بلادنا.
ويشكل فوز قائمة بسام الطريفي بأغلبية مطلقة داخل مكتب الهيئة (12 مقعدا من أصل 15) فرصة واضحة لاستعادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من حالة التيه التي سيطرت عليها خلال المدة النيابية الفارطة.
ويرى متابعون أن انتخاب قائمة الطريفي بنسبة تفوق 80%يشكل عودة التعافي للرابطة واستعداد هياكلها للعودة مجددا لمربع الدفاع الحقيقي والجاد عن ملف حقوق الإنسان.
ففي تصريح إعلامي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أكد الطريفي أن "العديد من المؤتمرين أو غالبيتهم عبروا عن استيائهم من بعض المواقف التي خفت فيها صوت الرابطة ولم يكن مسموعا، فضلا عن عدم وضوح مواقفها في الآونة الأخيرة من عديد الانتهاكات، والمطالبة خاصة بعودة الرابطة إلى استقلاليتها المعهودة عن كل الأحزاب وكل من هم في السلطة".
وقد كانت بصمة الاتحاد واضحة خلال أشغال المؤتمر الثامن لرابطة حقوق الإنسان سواء بالدعم المادي أو من خلال حرص المنظمة على مواكبة الأشغال منذ الجلسة الافتتاحية إلى حد الإعلان عن النتائج.
فهل تتحول الرابطة والإتحاد وعمادة المحامين إلى "مثلث برمودا" لجذب بقية المكونات الاجتماعية والسياسية؟