-الانتخابات الغيت بقرار خارجي بعد دخول سيف الاسلام القذافي في السباق
-انسحاب حفتر من المشهد ضروري لتعافي المشهد السياسي الليبي
- "ما اقدم عليه وزير الخارجية اليوناني في طرابلس اعتداء سافر على سيادة ليبيا وكان يجب قطع العلاقات مع اليونان "
تونس- الصباح
كشف أستاذ العلاقات الدولية وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في نالوت طرابلس الياس الباروني أن الانتخابات الليبية تم إلغاؤها بقرار خارجي لمنع ترشح سيف الإسلام في السباق وأشار محدثنا أن ليبيا في مأزق حقيقي وأن الانقسام الحاصل في البلاد كان نتيجة لحروب مدعومة إقليميا ودوليا ونتيجة للتدخل السافر لبعض الدول الى حد استخدام السلاح في كل التراب الليبي واعتبر محدثنا أن احد الحلول الممكنة بعد عشر سنوات على الثورة في العودة الى الملكية الدستورية.. كما حمل دولا عربية مسؤولية إضعاف المشهد الليبي ودافع عن الشراكة مع تركيا وخلص الباروني الى أن تعافي ليبيا يعني تعافي تونس أيضا اقتصاديا وتعافي دول الجوار معها.. وفي ما يلي نص الحديث:
حوار: آسيا العتروس
*كيف يمكن تفسير تصرفات وزير الخارجية اليوناني ورفضه مغادرته طائرته في مطار العاصمة طرابلس ولقاء نظيرته نجلاء المنقوش؟
ما حدث قبل يومين عندما رفض وزير الخارجية اليوناني مغادرة الطائرة في مطار معيتيقة ورفض استقبال وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش ينم عن عدم احترام اليونان للأعراف الديبلوماسية والأخلاق السياسية والبروتوكولات المتعارف عليها عندما ينزل في مطار طرابلس ولا يقبل لقاء وزير الخارجية وهذا عمل مشين وكان على حكومة الوحدة الوطنية ليس استدعاء السفير فقط ولكن قطع العلاقات لأن ما حدث اعتداء على السيادة الليبية .
*ولكن المشهد رأيناه تكرر في اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة عندما انسحب الوفد المصري بزعامة سامح شكري. أليس الأمر مرتبطا بالأزمة الداخلية المعقدة في ليبيا ووجود حكومتين متنافستين لكل ولاءاتها الخارجية؟
لا اعتبرها نتيجة حتمية. فحكومة الدبيبة معترف بها من اغلب دول العالم وما حصل في مصر مسألة مختلفة. ليبيا لم تكن في ضيافة مصر بل في رحاب جامعة الدول العربية خلال اجتماع عربي، طبعا لدينا مصالح ثنائية مشتركة مع كل الدول ولكن مصلحة ليبيا يجب أن تكون فوق كل اعتبار، أقول هذا رغم قناعتي بأن مصر لم تتعاط بحيادية مع الأزمة الليبية واستخدمت القوة مع ليبيا واعتدت على بنغازي ومصراتة. ليبيا وقعت اتفاقات مشتركة مع مصر بقيمة 200 مليار دولار ومع ذلك فقد اختارت توجها معاديا لليبيا واعتقد أن إصرار مصر على هذا الخيار سيفقدها كل الامتيازات .
*في خضم كل هذا إلى أين يتجه المشهد في ليبيا؟
سؤال سهل وصعب في نفس الوقت.. وذلك نتيجة التشرذم الحاصل في ليبيا. الحل الآن يكمن في الرجوع الى الشرعية الدستورية الملكية السابقة وما كان عليه الوضع قبل 30 أوت 1969 وفي اعتقادي أن الأمير محمد السنوسي يبقى الوريث الشرعي للملك الإدريسي ..
*أليس في هذا جذبا إلى الوراء وغرقا في الماضي الذي تخلى عنه الشعب الليبي وهروبا بالتالي من الحاضر والمستقبل؟
لا أعتقد مطلقا أنها "عودة إلى الوراء" لأن ما ندعو إليه بالعودة الى النظام الملكي الدستوري ليس العودة الى النظام الملكي المطلق ولكن العودة الى النظام الملكي الدستوري على غرار أنظمة ملكية ديموقراطية بمعنى أن الحل في ليبيا بعد كل هذه السنوات يمكن أن يكون ملكيا دستوريا ويترك للشعب معه حرية اختيار برلمانه وحكومته على أساس المرجعية الدستورية لحل أي خلافات بين الحكومة والبرلمان وهذا هو صمام الأمان لليبيا بعد كل هذه السنوات .
*وهل هناك ما يؤكد أو يفند قبول الشعب الليبي صاحب القرار لمثل هذا الحل؟
هناك تيار يتزايد في ليبيا ويؤيد هذا الحل ويقوم بجولات في كل البلاد ويسعى لمزيد التعريف بهذا الخيار لدى كل الأجيال وهذا الأمر مطروح للدراسة ويحظى بالكثير من التفاعل وهناك تحرك دولي في بريطانيا وأمريكا والإمارات الفكرة مطروحة والمشروع سيقدم للشارع الليبي للنظر في الحل الملكي الدستوري، يبقى الحل الآخر الذي يمكن اللجوء إليه الإسراع بإنشاء قاعدة دستورية والانتقال فورا الى انتخابات برلمانية ورئاسية ولكن المشكلة أن هناك أطرافا لا تريد ذلك ومنها مصر التي تريد فرض حفتر على الليبيين وهو ما يجعلني أقول إننا في مأزق حقيقي وهذا ما قصدته عندما اقترحت الذهاب الى الملكية الدستورية التي قد تكون حلا جذريا فأغلب الليبيين يحترمون نجل الملك السنوسي الذي كان شخصية تتمتع بشعبية لدى الليبيين .
*وماذا عن كل الجماعات المسلحة المتحكمة في المشهد الليبي، أليس الأولى في تنظيم السلاح مع وجود أكثر من 30 مليون قطعة سلاح في ليبيا وتنظيم هذه الجماعات وإقصاء المرتزقة؟
هذه فعلا مسألة صعبة. الإشكالية أن الجماعات المسلحة كانت ثائرة وقامت بإسقاط النظام وعندما تم استخدام السلاح تحولت الثورة من سلمية الى عسكرية كانت هناك محاولات لجمع هذه الحركات تحت ظل مؤسسة عسكرية واحدة ولكن ظهور الجنرال خليفة حفتر في المشهد عقد المسألة وأصبح هناك خوف من هذه الجماعات التي يعد تواجدها في المنطقة الغربية وحتى في الجنوب خطرا على استقرار البلاد. عودة حفتر الذي يريد السيطرة على الحكم وفشله ثم محاولته مجددا استخدام حكومة باش اغا مسألة على درجة من الخطورة .
*أليس هذا تضخيم مبالغا فيه لدور حفتر باعتباره صاحب المفتاح في الأزمة الليبية؟
المؤسسة العسكرية مرتبطة بخليفة حفتر ومشروعه المدمر والجماعات المسلحة تحظى بدعم حفتر وتأتمر بأوامره وقد قام بجرائم ضد الإنسانية في ليبيا وخروج ليبيا من النفق لا يمكن أن يحدث إلا بإبعاد حفتر من المشهد بعد ذلك يمكن التحكم في الجماعات المسلحة التي يجب أن تخضع للدولة ولوزارة الدفاع الليبية. الوضع الراهن وهيمنة الجماعات المسلحة يقتل مشروع الدولة الليبية في ظل مؤسسة عسكرية ضعيفة. نحن في أزمة حقيقية بوجود حفتر يمكن القول إن المشهد في طرابلس امن ومستقر ولكن ذلك لا يتعدى حدود العاصمة ولا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في كل التراب الليبي إلا في ظل قوات عسكرية تحت سلطة الدولة وليس في ظل الجماعات المسلحة التي تستغلها المخابرات الأجنبية لمصالحها .
*أين تبخر مشروع الدستور ولماذا تم قبره؟
هناك مشروع تم التصويت عليه في 29 جويلية 2017 وتم تحويل عمل لجنة الدستور الى البرلمان وللأسف قام البرلمان بدس هذا المشروع في الأدراج لأنه لا يسمح للعسكر بالمشاركة في الانتخابات وهذه إشكالية أخرى أمام حكومة الوحدة الوطنية التي لا يمكنها السيطرة على كل التراب الليبي، ولذلك فقد اقترحت تجاوز هذه العقدة بإجراء انتخابات يشارك فيها كل الليبيين عبر الانترنت وليس بالضرورة تجنبا لكل المخاطر .
*ولكن أليس رئيس حكومة الوحدة الوطنية جزءا من الإشكال ووراء إلغاء الانتخابات وهو الذي التزم عند قبوله المسؤولية السياسية بعدم المشاركة في الانتخابات؟
في الظاهر هذا هو الصحيح ولكن الحقيقة غير ذلك الدبيبة عندما ترشح كان رئيس حكومة تسيير أعمال وليس رئيس حكومة مكلف ومن حقه الترشح في سباق الانتخابات، الانتخابات تقرر إلغاؤها بعد خروج سيف الإسلام القذافي وقراره الترشح. وتم إبطال الانتخابات بتدخل دولي وليس بسبب الدبيبة وهذا هو سبب إفشال الانتخابات خاصة وان سيف الإسلام كان مدعوما من روسيا .
وماذا عن لعبة النفط أو لعنة النفط في المشهد الليبي؟
بعد سقوط القذافي تعرض الاقتصاد الليبي الى هزة قوية باعتباره أن النفط هو مصدر البلاد وكل القطاعات واليوم نحتاج قوانين جديدة للتحكم في لعبة التصدير وللأسف لم يتم تغيير أو تطوير هذه القوانين بعد الثورة وتداعيات التدخلات لعرقلة صناعة وإنتاج النفط أثرت بشدة على حياة الليبيين وأدى طبعا الى ضعف السياسة النقدية وفاقم انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، هناك مشاريع وضعتها حكومة الدبيبة وهناك انتعاشة في المشهد الاقتصادي وبداية تعافي بعض المؤسسات بعد انقطاع أجور موظفيها لأشهر طويلة يمكن القول إن هناك اهتماما بالجامعيين وبالشباب وبوادر لعودة الحياة ولكن كل هذا يحتاج للاستقرار السياسي .
*ولكن هل يمكن لصفقات إعادة الإعمار التي تقوم على لعبة المصالح مع قوى إقليمية ودولية أن تخدم مصلحة الليبيين؟
العلاقات الدولية مبنية على المصالح وينبغي استغلال هذا العنصر لصالح الاستقرار في ليبيا. ولاشك أن هناك دولا لا تريد المصلحة لليبيا وهذا ينسحب على الجانب المصري الذي لم يدرس الملف الليبي جيدا. نريد التعاون مع مصر ونريد للخبراء المصريين أن يكونوا في ليبيا ونريد تعزيز الشراكة إذا استمر الوضع على حاله مع مصر ستخسر على مستوى مصالحها .
*أليس الأمر وخاصة الموقف المصري مرتبطا بالتدخل التركي في ليبيا وفي المتوسط ومخاطره أيضا؟
التدخل التركي في ليبيا كان نتيجة اتفاقيات ثنائية عسكرية واقتصادية مشتركة بين البلدين، الملف الليبي أعطى المشهد بعدا آخر وكان من ثمراته المبادرة التركية الروسية لوقف إطلاق النار وهو تدخل جاء في مقابل تدخل المحور الآخر الفرنسي المصري الإماراتي السعودي. فتركيا ركزت قواتها في طرابلس لتخلق نوعا من التوازن على الميدان لصالح حكومة الوفاق الشرعية وفي نفس الوقت تدخلت روسيا بشكل آخر عبر المرتزقة التابعين لشركة فاغنر وفرضت نفسها في المعادلة الدولية الجديدة في ليبيا ما جعلها تدخل في مشاورات مع تركيا ثم تدعو في القمة المشتركة بين أردوغان وبوتين إلى وقف إطلاق النار في المبادرة المشتركة مع تركيا، وكان هناك مفاوضات ومشاورات بين كل من تركيا وحكومة الوفاق وروسيا مع حفتر حول نقاط الاتفاقية وكان السراج على علم ببنود الاتفاق وقام بعرضها على القوى السياسية والميدانية الفاعلة في ليبيا وقد تمت الموافقة عليها وإعطاء الضوء الأخضر لكل من السراج والمشري للإمضاء على نص الاتفاقية. ولكن في المقابل تعلل حفتر بالمشاورة حول بنود الاتفاقية ولكنه غادر موسكو وعاد إلى ووضع حفتر بعد هذا موسكو في موقف محرج دبلوماسيا وخارجيا.
*وماذا عن العلاقات التونسية والليبية وهل خرجت من حالة الجمود؟
هناك فتور بين تونس وحكومة الدبيبة ولكن هذا الفتور لم يؤد الى انهيار العلاقات كانت هناك تصريحات من هنا وهناك أسيئ فهمها ولكن تم التدارك وهذا الفتور لم يؤد الى التصعيد في العلاقات. تونس كانت حريصة وكذلك ليبيا على عدم التصعيد. وليبيا لا تستطيع الاستغناء عن تونس والعكس صحيح أيضا تونس كانت على درجة من الحكمة في التعاطي مع الأزمة في ليبيا رغم ظروفها السياسية والاقتصادية وكانت معاملة راقية جدا رغم الظروف الدولية. والليبيون لا ينسون الجميل ومساندة تونس لهم في السراء والضراء خلال الثورة وبعدها. صحيح هناك مشاكل سياسية واقتصادية كثيرة في تونس ولكن تونس في الموعد عند الحاجة وهذا هو المهم. تونس تعتبر امتدادا أمنيا واقتصاديا وعمقا استراتيجيا لليبيا وليبيا كذلك بالنسبة إلى تونس. فليبيا لا تستطيع الاستغناء عن الدعم التونسي وتونس كذلك وتجمع البلدين عوامل جيوسياسية وجغرافية وقواسم مشتركة عديدة وكبيرة. تونس ساندت ليبيا في 2011 بصفة كبيرة وحاسمة وهذا يعطيها سبقا دبلوماسيا مميزا. وانتهاء الأزمة في ليبيا يعني انتهاء الأزمة في تونس على المستوى الاقتصادي خاصة .
***************************************
ليبيا الباب العالي
بقلم: أحمد الفيتوري (*)
سنظلُ كُلنا نعيش منفيين في بلداننا بشكلٍ أو بآخر، طالما مضينا في قبول ما تواضعَ عليه الناس، من اعتبار العالم ميدان سباق أو ساحة معركة، لا مجال فيها إلا للفوز الساحق أو الخسارة المُنكرة.
توافق الذئبُ والثعلبُ يوما أن يعيشا معا في وفاق، اشتريا مزرعة، الذئب جلب للمزرعة ما يشتهي من خرفان وجديان وما شابه، الثعلب جلب للمزرعة ما يشتهي من الطيور، دجاج وبط وحتى الحمام، وعاشا في بحبوحة ووئام حتى جاء يومٌ سمعا فيه زئيرا، ووجدا الأسد في المزرعة آكلا ومُدمرا حتى العبث، أخذ الأسد في مطاردتِهما، الذئبُ فرَ دون التفات، أما الثعلب ففر مُسرعا لكن مُكثرا من التلفتِ إلى المزرعة وهو يصيح: يا ذئب يا ذئب أخرجْ الطابو، أخرجْ سند الملكية، الذئب التفت إليه قائلا: الطابو معي لكن هات من يقرأ.
تذكرت هذه القصة مرة أخرى، عند ما كثر اللغط حول الشرعية، ثم حول مذكرة التفاهم بين السيد عبد الحميد دبيبة رئيس الحكومة الوطنية الليبية والسيد رجب أردوغان الرئيس التركي، وكأن المسألة الليبية مسألة قانونية أو أنها مسألة ليبية محض، وبالتالي الحلّ ليبي ليبي، كما يؤكد دائما قادة الجارة الجزائر. وأعتقد وأحيانا أجزم أن اللغط لذر الرماد في العيون، فليس ثمة حرب وبالخصوص حرب أهلية مسألة قانونية ولا أيضا مسألة داخلية، ما يعرفه معرفة اليقين كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، لكن يتم غض الطرف عنه، لسبب أو آخر بداعي المصالح والنفوذ.
وبالإضافة إلى القصة المقدمة أضيف مثلا شعبيا، أن طول الخيط يضيع الإبرة، وهذا الدافع إلى جعل ليبيا، كبقية أزمات المنطقة، تحت البند الأممي الأشهر:الحلّ اللاحلّ، وكي يتم تغطية هذا البند المشئوم، بالنسبة لكل من يقع تحت طائلته، تتم بين الحين والأخر حلحلة وهمية، تتمثل في عقد مؤتمر أو تكوين لجنة أو تكليف مبعوث أممي جديد، وفي كل مرة توضع العصي في دواليب المضاف إليه، ليكون المضاف رمالا متحركة يغوص في أوحالها المستجد. أما الماذا التي سيرفعها على الرماح، كل فاض يعمل من نفسه قاض حسب المثل المصري، فالإجابة مضمرة في المثل السابق أي إطالة خيط المسألة، ما كل الأطراف مستفيد منه بشكل أو بآخر، ولوتحت شعار شمشون، أو أن تكون الأزمة الليبية ساحة لتصدير أزمات داخلية.
لكن الطرف التركي اللاعب الرئيس، بدعم الجوار البري والبحري، فبالنسبة له ليبيا قطعة شطرنج رئيسة، للعب بها في شرق المتوسط أي للذود عن حدوده. ولهذا أعاد صبغ اتفاقه مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، بمذكرة التفاهم مع الوريث عبد الحميد دبيبة، من أصبح صبحه باطلاق يده في غرب البلاد ومقدراتها، حتى أضحى المخرج، من يزيح من السيناريو المشهد الذي يشاء.
مر عامان على وقف إطلاق النار، جيء بمبعوث جديد أفريقي هذه المرة، عقدت مذكرة تفاهم تركية ليبية ووو...هلم جرا، والمسألة الليبية التي ليست ليبية محلك سرّ. ومع أزمات العالم المتنوعة المستفحلة وتفاقمها بالحرب في أوروبا، أزيحت المسألة الليبية جانبا، فمنح شأنها للباب العالي، واستفحال الوضع هذا، لم يزحزح قيد أنملة الوضعية الليبية، لا في الداخل ولا في الخارج، بل وكأن في الأفواه ماء فلا حس ولا خبر، باستثناء اللث والعجن لبعض المتنطعين، من يغمسون خبزهم فيما لا يرون وما لا يعرفون، وهؤلاء تغص بهم الشاشات عادة، ما يبين أن لا "جديد تحت الأرض ولا فوق الشمس"!، أوكما خطب ذات مرة عقيد ليبيا القذافي، وإن هذا الذي تقرأ مكرر ومعاد خلال عقد ونيف من الزمان، ما يبدوأن سوقه رائجة، أي أن "الحلّ اللآحلّ"، سواء في بلاد كليبيا، ينام أهلها دون أحلام ولا كوابيس تقض مضاجعهم، أوفي بلاد كالسودان من لم يناموا ليلة منذ سنوات، يملئون الشوارع ،ليقضوا مضاجع من يريد الإستحواذ على أمرهم.
ليس هناك طريق إلى السلام، فالسلام هو الطريق. هذا ما ردد غاندي منذ زمن طويل، وهذا يعني أن ليس ثمة حل على قارعة الطريق يمكن تلقفه، لكن أن نذهب إلى الحلّ هذا هو الحلّ أو كما قال غاندي. والمسألة الليبية ككل مسألة مثلثة الأضلاع لا حلّ لها دون توفر أضلاعها المحلي ،الإقليمي، الدولي، وعلى الخصوص الضلع الرئيس الدولي، ما ساهم في المسألة منذ 15 مارس 2011م وبالقرار 1973، والآن تركيا سيدة الحلول، والمفاوض الرئيس في مسائل أكبر وأكثر تعقيداً من المسألة الليبية، التي بقرار وإرادة دوليين تُحلّ في لمح البصر، والسيد الرئيس أردوغان صاحب الباب العالي، خير العارفين لقولة غاندي.
*كاتب واعلامي ليبي
----------------
المبعوث الأممي يحذر:
ليبيا معرضة لخطر الانقسام
حذّر المبعوث الاممي الى ليبيا عبد الله باتيلي، من إطالة الفترة الانتقالية التي قد تعرض البلاد لخطر الانقسام، مشيرًا إلى أن بعض الفرقاء السياسيين يعيقون إجراء الانتخابات التي يتطلب تنظيمها تضافر جهود الجميع.
وقال في تصريحات، إنه أوضح بإحاطة أمام مجلس الأمن قبل ايام مواجهة مؤسسات ليبيا لأزمة مشروعية، مشددًا على الحاجة لتنسيق المبادرات الدبلوماسية ودعم جهود الأمم المتحدة.
وأشار باتيلي إلى وجود تقدم في المسار الأمني بليبيا، مؤكدًا استمرار وقف إطلاق النار رغم تواصل الخطاب التصعيدي، وقال: نسعى لتيسير حوار بين المؤسسات الأساسية الليبية كخطوة لتخطي الخلافات وتنظيم الانتخابات.
مطالب دولية بالاستقرار
من جهته، أكد ممثل بريطانيا لدى مجلس الأمن ضرورة أن تتعاون كل الأطراف الليبية مع المبعوث الأممي.
وأضاف في جلسة أمام مجلس الأمن بشأن ليبيا، أن «الاستقرار هناك لن يتحقق إلا تحت رعاية أممية بقيادة ليبية»، ورحب بتواصل المبعوث الأممي مع كل الليبيين بما في ذلك فئتا المرأة والشباب.
وأكد ممثل فرنسا لدى مجلس الأمن ضرورة توفير جميع الضمانات اللازمة لإقامة انتخابات ليبية عادلة، مشددًا في كلمته على أن أولويات بلاده لم تتغير وهدفها إيجاد حكومة قادرة على تنظيم الانتخابات.
ولفت ممثل فرنسا إلى دعم وساطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي ، مشيدًا بدوره بالوساطة، وأكد حق الشعب الليبي بأن يختار قادته.
انسحاب المقاتلين والمرتزقة
بدوره، دعا ممثل الصين لدى مجلس الأمن إلى انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا بشكل منظم، وأكد خلال جلسة للمجلس بشأن ليبيا أن التدخلات الخارجية سبب أساسي لإطالة الأزمة في التزام تلتزم مختلف الأطراف في ليبيا بالهدوء وضبط النفس، مشيرًا إلى أهمية دور اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.
ولفت إلى أهمية أن تتم العملية السياسية في ليبيا بأسرع وقت، معربًا عن أمله في أن تترجم الإرادة السياسية للشعب إلى إجراءات عملية، مؤكدًا دعم المنظمات الإقليمية للاطلاع بدور بناء في ليبيا.
وقف التدخلات الأجنبية
مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، أكد أن الاستقرار في البلاد مرهون بوقف التدخلات الخارجية في البلاد؛ لأن بعض الدول تفصل الحلول على هواها.
ودعا في كلمته خلال جلسة لمجلس الأمن، إلى إنهاء تواجد جميع القوات الأجنبية والمرتزقة في بلاده، والاستجابة لرغبة الشعب بإنهاء المراحل الانتقالية والأجسام السياسية، من خلال إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.
وشدد السني على ضرورة تحقيق مصالحة وطنية شاملة وحقيقية، تبني الثقة بين أبناء الشعب الليبي، إضافة إلى الفصل بين السلطات والتوزيع العادل للثروات والتوزيع الأمني والعسكري على كامل تراب بلاده، مشددا على أنه لا حل عسكري للأزمة هناك.
-تعافي ليبيا فيه تعافي تونس ايضا
-الانتخابات الغيت بقرار خارجي بعد دخول سيف الاسلام القذافي في السباق
-انسحاب حفتر من المشهد ضروري لتعافي المشهد السياسي الليبي
- "ما اقدم عليه وزير الخارجية اليوناني في طرابلس اعتداء سافر على سيادة ليبيا وكان يجب قطع العلاقات مع اليونان "
تونس- الصباح
كشف أستاذ العلاقات الدولية وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في نالوت طرابلس الياس الباروني أن الانتخابات الليبية تم إلغاؤها بقرار خارجي لمنع ترشح سيف الإسلام في السباق وأشار محدثنا أن ليبيا في مأزق حقيقي وأن الانقسام الحاصل في البلاد كان نتيجة لحروب مدعومة إقليميا ودوليا ونتيجة للتدخل السافر لبعض الدول الى حد استخدام السلاح في كل التراب الليبي واعتبر محدثنا أن احد الحلول الممكنة بعد عشر سنوات على الثورة في العودة الى الملكية الدستورية.. كما حمل دولا عربية مسؤولية إضعاف المشهد الليبي ودافع عن الشراكة مع تركيا وخلص الباروني الى أن تعافي ليبيا يعني تعافي تونس أيضا اقتصاديا وتعافي دول الجوار معها.. وفي ما يلي نص الحديث:
حوار: آسيا العتروس
*كيف يمكن تفسير تصرفات وزير الخارجية اليوناني ورفضه مغادرته طائرته في مطار العاصمة طرابلس ولقاء نظيرته نجلاء المنقوش؟
ما حدث قبل يومين عندما رفض وزير الخارجية اليوناني مغادرة الطائرة في مطار معيتيقة ورفض استقبال وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش ينم عن عدم احترام اليونان للأعراف الديبلوماسية والأخلاق السياسية والبروتوكولات المتعارف عليها عندما ينزل في مطار طرابلس ولا يقبل لقاء وزير الخارجية وهذا عمل مشين وكان على حكومة الوحدة الوطنية ليس استدعاء السفير فقط ولكن قطع العلاقات لأن ما حدث اعتداء على السيادة الليبية .
*ولكن المشهد رأيناه تكرر في اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية في القاهرة عندما انسحب الوفد المصري بزعامة سامح شكري. أليس الأمر مرتبطا بالأزمة الداخلية المعقدة في ليبيا ووجود حكومتين متنافستين لكل ولاءاتها الخارجية؟
لا اعتبرها نتيجة حتمية. فحكومة الدبيبة معترف بها من اغلب دول العالم وما حصل في مصر مسألة مختلفة. ليبيا لم تكن في ضيافة مصر بل في رحاب جامعة الدول العربية خلال اجتماع عربي، طبعا لدينا مصالح ثنائية مشتركة مع كل الدول ولكن مصلحة ليبيا يجب أن تكون فوق كل اعتبار، أقول هذا رغم قناعتي بأن مصر لم تتعاط بحيادية مع الأزمة الليبية واستخدمت القوة مع ليبيا واعتدت على بنغازي ومصراتة. ليبيا وقعت اتفاقات مشتركة مع مصر بقيمة 200 مليار دولار ومع ذلك فقد اختارت توجها معاديا لليبيا واعتقد أن إصرار مصر على هذا الخيار سيفقدها كل الامتيازات .
*في خضم كل هذا إلى أين يتجه المشهد في ليبيا؟
سؤال سهل وصعب في نفس الوقت.. وذلك نتيجة التشرذم الحاصل في ليبيا. الحل الآن يكمن في الرجوع الى الشرعية الدستورية الملكية السابقة وما كان عليه الوضع قبل 30 أوت 1969 وفي اعتقادي أن الأمير محمد السنوسي يبقى الوريث الشرعي للملك الإدريسي ..
*أليس في هذا جذبا إلى الوراء وغرقا في الماضي الذي تخلى عنه الشعب الليبي وهروبا بالتالي من الحاضر والمستقبل؟
لا أعتقد مطلقا أنها "عودة إلى الوراء" لأن ما ندعو إليه بالعودة الى النظام الملكي الدستوري ليس العودة الى النظام الملكي المطلق ولكن العودة الى النظام الملكي الدستوري على غرار أنظمة ملكية ديموقراطية بمعنى أن الحل في ليبيا بعد كل هذه السنوات يمكن أن يكون ملكيا دستوريا ويترك للشعب معه حرية اختيار برلمانه وحكومته على أساس المرجعية الدستورية لحل أي خلافات بين الحكومة والبرلمان وهذا هو صمام الأمان لليبيا بعد كل هذه السنوات .
*وهل هناك ما يؤكد أو يفند قبول الشعب الليبي صاحب القرار لمثل هذا الحل؟
هناك تيار يتزايد في ليبيا ويؤيد هذا الحل ويقوم بجولات في كل البلاد ويسعى لمزيد التعريف بهذا الخيار لدى كل الأجيال وهذا الأمر مطروح للدراسة ويحظى بالكثير من التفاعل وهناك تحرك دولي في بريطانيا وأمريكا والإمارات الفكرة مطروحة والمشروع سيقدم للشارع الليبي للنظر في الحل الملكي الدستوري، يبقى الحل الآخر الذي يمكن اللجوء إليه الإسراع بإنشاء قاعدة دستورية والانتقال فورا الى انتخابات برلمانية ورئاسية ولكن المشكلة أن هناك أطرافا لا تريد ذلك ومنها مصر التي تريد فرض حفتر على الليبيين وهو ما يجعلني أقول إننا في مأزق حقيقي وهذا ما قصدته عندما اقترحت الذهاب الى الملكية الدستورية التي قد تكون حلا جذريا فأغلب الليبيين يحترمون نجل الملك السنوسي الذي كان شخصية تتمتع بشعبية لدى الليبيين .
*وماذا عن كل الجماعات المسلحة المتحكمة في المشهد الليبي، أليس الأولى في تنظيم السلاح مع وجود أكثر من 30 مليون قطعة سلاح في ليبيا وتنظيم هذه الجماعات وإقصاء المرتزقة؟
هذه فعلا مسألة صعبة. الإشكالية أن الجماعات المسلحة كانت ثائرة وقامت بإسقاط النظام وعندما تم استخدام السلاح تحولت الثورة من سلمية الى عسكرية كانت هناك محاولات لجمع هذه الحركات تحت ظل مؤسسة عسكرية واحدة ولكن ظهور الجنرال خليفة حفتر في المشهد عقد المسألة وأصبح هناك خوف من هذه الجماعات التي يعد تواجدها في المنطقة الغربية وحتى في الجنوب خطرا على استقرار البلاد. عودة حفتر الذي يريد السيطرة على الحكم وفشله ثم محاولته مجددا استخدام حكومة باش اغا مسألة على درجة من الخطورة .
*أليس هذا تضخيم مبالغا فيه لدور حفتر باعتباره صاحب المفتاح في الأزمة الليبية؟
المؤسسة العسكرية مرتبطة بخليفة حفتر ومشروعه المدمر والجماعات المسلحة تحظى بدعم حفتر وتأتمر بأوامره وقد قام بجرائم ضد الإنسانية في ليبيا وخروج ليبيا من النفق لا يمكن أن يحدث إلا بإبعاد حفتر من المشهد بعد ذلك يمكن التحكم في الجماعات المسلحة التي يجب أن تخضع للدولة ولوزارة الدفاع الليبية. الوضع الراهن وهيمنة الجماعات المسلحة يقتل مشروع الدولة الليبية في ظل مؤسسة عسكرية ضعيفة. نحن في أزمة حقيقية بوجود حفتر يمكن القول إن المشهد في طرابلس امن ومستقر ولكن ذلك لا يتعدى حدود العاصمة ولا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في كل التراب الليبي إلا في ظل قوات عسكرية تحت سلطة الدولة وليس في ظل الجماعات المسلحة التي تستغلها المخابرات الأجنبية لمصالحها .
*أين تبخر مشروع الدستور ولماذا تم قبره؟
هناك مشروع تم التصويت عليه في 29 جويلية 2017 وتم تحويل عمل لجنة الدستور الى البرلمان وللأسف قام البرلمان بدس هذا المشروع في الأدراج لأنه لا يسمح للعسكر بالمشاركة في الانتخابات وهذه إشكالية أخرى أمام حكومة الوحدة الوطنية التي لا يمكنها السيطرة على كل التراب الليبي، ولذلك فقد اقترحت تجاوز هذه العقدة بإجراء انتخابات يشارك فيها كل الليبيين عبر الانترنت وليس بالضرورة تجنبا لكل المخاطر .
*ولكن أليس رئيس حكومة الوحدة الوطنية جزءا من الإشكال ووراء إلغاء الانتخابات وهو الذي التزم عند قبوله المسؤولية السياسية بعدم المشاركة في الانتخابات؟
في الظاهر هذا هو الصحيح ولكن الحقيقة غير ذلك الدبيبة عندما ترشح كان رئيس حكومة تسيير أعمال وليس رئيس حكومة مكلف ومن حقه الترشح في سباق الانتخابات، الانتخابات تقرر إلغاؤها بعد خروج سيف الإسلام القذافي وقراره الترشح. وتم إبطال الانتخابات بتدخل دولي وليس بسبب الدبيبة وهذا هو سبب إفشال الانتخابات خاصة وان سيف الإسلام كان مدعوما من روسيا .
وماذا عن لعبة النفط أو لعنة النفط في المشهد الليبي؟
بعد سقوط القذافي تعرض الاقتصاد الليبي الى هزة قوية باعتباره أن النفط هو مصدر البلاد وكل القطاعات واليوم نحتاج قوانين جديدة للتحكم في لعبة التصدير وللأسف لم يتم تغيير أو تطوير هذه القوانين بعد الثورة وتداعيات التدخلات لعرقلة صناعة وإنتاج النفط أثرت بشدة على حياة الليبيين وأدى طبعا الى ضعف السياسة النقدية وفاقم انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي، هناك مشاريع وضعتها حكومة الدبيبة وهناك انتعاشة في المشهد الاقتصادي وبداية تعافي بعض المؤسسات بعد انقطاع أجور موظفيها لأشهر طويلة يمكن القول إن هناك اهتماما بالجامعيين وبالشباب وبوادر لعودة الحياة ولكن كل هذا يحتاج للاستقرار السياسي .
*ولكن هل يمكن لصفقات إعادة الإعمار التي تقوم على لعبة المصالح مع قوى إقليمية ودولية أن تخدم مصلحة الليبيين؟
العلاقات الدولية مبنية على المصالح وينبغي استغلال هذا العنصر لصالح الاستقرار في ليبيا. ولاشك أن هناك دولا لا تريد المصلحة لليبيا وهذا ينسحب على الجانب المصري الذي لم يدرس الملف الليبي جيدا. نريد التعاون مع مصر ونريد للخبراء المصريين أن يكونوا في ليبيا ونريد تعزيز الشراكة إذا استمر الوضع على حاله مع مصر ستخسر على مستوى مصالحها .
*أليس الأمر وخاصة الموقف المصري مرتبطا بالتدخل التركي في ليبيا وفي المتوسط ومخاطره أيضا؟
التدخل التركي في ليبيا كان نتيجة اتفاقيات ثنائية عسكرية واقتصادية مشتركة بين البلدين، الملف الليبي أعطى المشهد بعدا آخر وكان من ثمراته المبادرة التركية الروسية لوقف إطلاق النار وهو تدخل جاء في مقابل تدخل المحور الآخر الفرنسي المصري الإماراتي السعودي. فتركيا ركزت قواتها في طرابلس لتخلق نوعا من التوازن على الميدان لصالح حكومة الوفاق الشرعية وفي نفس الوقت تدخلت روسيا بشكل آخر عبر المرتزقة التابعين لشركة فاغنر وفرضت نفسها في المعادلة الدولية الجديدة في ليبيا ما جعلها تدخل في مشاورات مع تركيا ثم تدعو في القمة المشتركة بين أردوغان وبوتين إلى وقف إطلاق النار في المبادرة المشتركة مع تركيا، وكان هناك مفاوضات ومشاورات بين كل من تركيا وحكومة الوفاق وروسيا مع حفتر حول نقاط الاتفاقية وكان السراج على علم ببنود الاتفاق وقام بعرضها على القوى السياسية والميدانية الفاعلة في ليبيا وقد تمت الموافقة عليها وإعطاء الضوء الأخضر لكل من السراج والمشري للإمضاء على نص الاتفاقية. ولكن في المقابل تعلل حفتر بالمشاورة حول بنود الاتفاقية ولكنه غادر موسكو وعاد إلى ووضع حفتر بعد هذا موسكو في موقف محرج دبلوماسيا وخارجيا.
*وماذا عن العلاقات التونسية والليبية وهل خرجت من حالة الجمود؟
هناك فتور بين تونس وحكومة الدبيبة ولكن هذا الفتور لم يؤد الى انهيار العلاقات كانت هناك تصريحات من هنا وهناك أسيئ فهمها ولكن تم التدارك وهذا الفتور لم يؤد الى التصعيد في العلاقات. تونس كانت حريصة وكذلك ليبيا على عدم التصعيد. وليبيا لا تستطيع الاستغناء عن تونس والعكس صحيح أيضا تونس كانت على درجة من الحكمة في التعاطي مع الأزمة في ليبيا رغم ظروفها السياسية والاقتصادية وكانت معاملة راقية جدا رغم الظروف الدولية. والليبيون لا ينسون الجميل ومساندة تونس لهم في السراء والضراء خلال الثورة وبعدها. صحيح هناك مشاكل سياسية واقتصادية كثيرة في تونس ولكن تونس في الموعد عند الحاجة وهذا هو المهم. تونس تعتبر امتدادا أمنيا واقتصاديا وعمقا استراتيجيا لليبيا وليبيا كذلك بالنسبة إلى تونس. فليبيا لا تستطيع الاستغناء عن الدعم التونسي وتونس كذلك وتجمع البلدين عوامل جيوسياسية وجغرافية وقواسم مشتركة عديدة وكبيرة. تونس ساندت ليبيا في 2011 بصفة كبيرة وحاسمة وهذا يعطيها سبقا دبلوماسيا مميزا. وانتهاء الأزمة في ليبيا يعني انتهاء الأزمة في تونس على المستوى الاقتصادي خاصة .
***************************************
ليبيا الباب العالي
بقلم: أحمد الفيتوري (*)
سنظلُ كُلنا نعيش منفيين في بلداننا بشكلٍ أو بآخر، طالما مضينا في قبول ما تواضعَ عليه الناس، من اعتبار العالم ميدان سباق أو ساحة معركة، لا مجال فيها إلا للفوز الساحق أو الخسارة المُنكرة.
توافق الذئبُ والثعلبُ يوما أن يعيشا معا في وفاق، اشتريا مزرعة، الذئب جلب للمزرعة ما يشتهي من خرفان وجديان وما شابه، الثعلب جلب للمزرعة ما يشتهي من الطيور، دجاج وبط وحتى الحمام، وعاشا في بحبوحة ووئام حتى جاء يومٌ سمعا فيه زئيرا، ووجدا الأسد في المزرعة آكلا ومُدمرا حتى العبث، أخذ الأسد في مطاردتِهما، الذئبُ فرَ دون التفات، أما الثعلب ففر مُسرعا لكن مُكثرا من التلفتِ إلى المزرعة وهو يصيح: يا ذئب يا ذئب أخرجْ الطابو، أخرجْ سند الملكية، الذئب التفت إليه قائلا: الطابو معي لكن هات من يقرأ.
تذكرت هذه القصة مرة أخرى، عند ما كثر اللغط حول الشرعية، ثم حول مذكرة التفاهم بين السيد عبد الحميد دبيبة رئيس الحكومة الوطنية الليبية والسيد رجب أردوغان الرئيس التركي، وكأن المسألة الليبية مسألة قانونية أو أنها مسألة ليبية محض، وبالتالي الحلّ ليبي ليبي، كما يؤكد دائما قادة الجارة الجزائر. وأعتقد وأحيانا أجزم أن اللغط لذر الرماد في العيون، فليس ثمة حرب وبالخصوص حرب أهلية مسألة قانونية ولا أيضا مسألة داخلية، ما يعرفه معرفة اليقين كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، لكن يتم غض الطرف عنه، لسبب أو آخر بداعي المصالح والنفوذ.
وبالإضافة إلى القصة المقدمة أضيف مثلا شعبيا، أن طول الخيط يضيع الإبرة، وهذا الدافع إلى جعل ليبيا، كبقية أزمات المنطقة، تحت البند الأممي الأشهر:الحلّ اللاحلّ، وكي يتم تغطية هذا البند المشئوم، بالنسبة لكل من يقع تحت طائلته، تتم بين الحين والأخر حلحلة وهمية، تتمثل في عقد مؤتمر أو تكوين لجنة أو تكليف مبعوث أممي جديد، وفي كل مرة توضع العصي في دواليب المضاف إليه، ليكون المضاف رمالا متحركة يغوص في أوحالها المستجد. أما الماذا التي سيرفعها على الرماح، كل فاض يعمل من نفسه قاض حسب المثل المصري، فالإجابة مضمرة في المثل السابق أي إطالة خيط المسألة، ما كل الأطراف مستفيد منه بشكل أو بآخر، ولوتحت شعار شمشون، أو أن تكون الأزمة الليبية ساحة لتصدير أزمات داخلية.
لكن الطرف التركي اللاعب الرئيس، بدعم الجوار البري والبحري، فبالنسبة له ليبيا قطعة شطرنج رئيسة، للعب بها في شرق المتوسط أي للذود عن حدوده. ولهذا أعاد صبغ اتفاقه مع رئيس حكومة الوفاق فائز السراج، بمذكرة التفاهم مع الوريث عبد الحميد دبيبة، من أصبح صبحه باطلاق يده في غرب البلاد ومقدراتها، حتى أضحى المخرج، من يزيح من السيناريو المشهد الذي يشاء.
مر عامان على وقف إطلاق النار، جيء بمبعوث جديد أفريقي هذه المرة، عقدت مذكرة تفاهم تركية ليبية ووو...هلم جرا، والمسألة الليبية التي ليست ليبية محلك سرّ. ومع أزمات العالم المتنوعة المستفحلة وتفاقمها بالحرب في أوروبا، أزيحت المسألة الليبية جانبا، فمنح شأنها للباب العالي، واستفحال الوضع هذا، لم يزحزح قيد أنملة الوضعية الليبية، لا في الداخل ولا في الخارج، بل وكأن في الأفواه ماء فلا حس ولا خبر، باستثناء اللث والعجن لبعض المتنطعين، من يغمسون خبزهم فيما لا يرون وما لا يعرفون، وهؤلاء تغص بهم الشاشات عادة، ما يبين أن لا "جديد تحت الأرض ولا فوق الشمس"!، أوكما خطب ذات مرة عقيد ليبيا القذافي، وإن هذا الذي تقرأ مكرر ومعاد خلال عقد ونيف من الزمان، ما يبدوأن سوقه رائجة، أي أن "الحلّ اللآحلّ"، سواء في بلاد كليبيا، ينام أهلها دون أحلام ولا كوابيس تقض مضاجعهم، أوفي بلاد كالسودان من لم يناموا ليلة منذ سنوات، يملئون الشوارع ،ليقضوا مضاجع من يريد الإستحواذ على أمرهم.
ليس هناك طريق إلى السلام، فالسلام هو الطريق. هذا ما ردد غاندي منذ زمن طويل، وهذا يعني أن ليس ثمة حل على قارعة الطريق يمكن تلقفه، لكن أن نذهب إلى الحلّ هذا هو الحلّ أو كما قال غاندي. والمسألة الليبية ككل مسألة مثلثة الأضلاع لا حلّ لها دون توفر أضلاعها المحلي ،الإقليمي، الدولي، وعلى الخصوص الضلع الرئيس الدولي، ما ساهم في المسألة منذ 15 مارس 2011م وبالقرار 1973، والآن تركيا سيدة الحلول، والمفاوض الرئيس في مسائل أكبر وأكثر تعقيداً من المسألة الليبية، التي بقرار وإرادة دوليين تُحلّ في لمح البصر، والسيد الرئيس أردوغان صاحب الباب العالي، خير العارفين لقولة غاندي.
*كاتب واعلامي ليبي
----------------
المبعوث الأممي يحذر:
ليبيا معرضة لخطر الانقسام
حذّر المبعوث الاممي الى ليبيا عبد الله باتيلي، من إطالة الفترة الانتقالية التي قد تعرض البلاد لخطر الانقسام، مشيرًا إلى أن بعض الفرقاء السياسيين يعيقون إجراء الانتخابات التي يتطلب تنظيمها تضافر جهود الجميع.
وقال في تصريحات، إنه أوضح بإحاطة أمام مجلس الأمن قبل ايام مواجهة مؤسسات ليبيا لأزمة مشروعية، مشددًا على الحاجة لتنسيق المبادرات الدبلوماسية ودعم جهود الأمم المتحدة.
وأشار باتيلي إلى وجود تقدم في المسار الأمني بليبيا، مؤكدًا استمرار وقف إطلاق النار رغم تواصل الخطاب التصعيدي، وقال: نسعى لتيسير حوار بين المؤسسات الأساسية الليبية كخطوة لتخطي الخلافات وتنظيم الانتخابات.
مطالب دولية بالاستقرار
من جهته، أكد ممثل بريطانيا لدى مجلس الأمن ضرورة أن تتعاون كل الأطراف الليبية مع المبعوث الأممي.
وأضاف في جلسة أمام مجلس الأمن بشأن ليبيا، أن «الاستقرار هناك لن يتحقق إلا تحت رعاية أممية بقيادة ليبية»، ورحب بتواصل المبعوث الأممي مع كل الليبيين بما في ذلك فئتا المرأة والشباب.
وأكد ممثل فرنسا لدى مجلس الأمن ضرورة توفير جميع الضمانات اللازمة لإقامة انتخابات ليبية عادلة، مشددًا في كلمته على أن أولويات بلاده لم تتغير وهدفها إيجاد حكومة قادرة على تنظيم الانتخابات.
ولفت ممثل فرنسا إلى دعم وساطة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي ، مشيدًا بدوره بالوساطة، وأكد حق الشعب الليبي بأن يختار قادته.
انسحاب المقاتلين والمرتزقة
بدوره، دعا ممثل الصين لدى مجلس الأمن إلى انسحاب المقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا بشكل منظم، وأكد خلال جلسة للمجلس بشأن ليبيا أن التدخلات الخارجية سبب أساسي لإطالة الأزمة في التزام تلتزم مختلف الأطراف في ليبيا بالهدوء وضبط النفس، مشيرًا إلى أهمية دور اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.
ولفت إلى أهمية أن تتم العملية السياسية في ليبيا بأسرع وقت، معربًا عن أمله في أن تترجم الإرادة السياسية للشعب إلى إجراءات عملية، مؤكدًا دعم المنظمات الإقليمية للاطلاع بدور بناء في ليبيا.
وقف التدخلات الأجنبية
مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، أكد أن الاستقرار في البلاد مرهون بوقف التدخلات الخارجية في البلاد؛ لأن بعض الدول تفصل الحلول على هواها.
ودعا في كلمته خلال جلسة لمجلس الأمن، إلى إنهاء تواجد جميع القوات الأجنبية والمرتزقة في بلاده، والاستجابة لرغبة الشعب بإنهاء المراحل الانتقالية والأجسام السياسية، من خلال إجراء انتخابات عامة في أقرب وقت ممكن.
وشدد السني على ضرورة تحقيق مصالحة وطنية شاملة وحقيقية، تبني الثقة بين أبناء الشعب الليبي، إضافة إلى الفصل بين السلطات والتوزيع العادل للثروات والتوزيع الأمني والعسكري على كامل تراب بلاده، مشددا على أنه لا حل عسكري للأزمة هناك.