إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد دعوة سعيد للاستقالة: مبادرة "راديكالية" للمرايحي.. أم تصفية حسابات سياسية؟

 

تونس-الصباح

رغم حالة الاحتباس السياسي وتفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع منسوب الأزمة في تونس لم تهدأ المبادرات السياسية للبحث عن حل مشترك يجنب البلد مزيدا من المنزلقات والتخفيف من سرعة السير في طريق الانهيار.

آخر المتكلمين ما قدمه أمين عام حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي أمس بتأكيده على إطلاق مبادرة راديكالية تقضي مباشرة بالدعوة  لاستقالة قيس سعيّد من منصب رئاسة الجمهورية.

وقال المرايحي خلال حضوره كضيف على "الجوهرة أف آم" انه انطلق في عملية التحشيد الحزبي والمجتمعي لمبادرته وانه انطلق عمليا في إجراء سلسلة من الاتصالات على أمل أن تحقق مبادرته هذه أهدافها في غضون 15يوما.

وقد شكك متابعون في جدوى هذه المبادرة لا بسبب غياب الإمكانيات المادية والشعبية للضغط على سعيد للاستقالة بل بسبب توقيتها الذي يأتي في زمن يتهم فيه المرايحي رئيس الجمهورية وجهازه القضائي بالوقوف وراء محاولة توريطه في ملف قتل المديرة الراحلة لإذاعة الشباب عواطف بن حميدة.

هكذا معطى دفع بالعديد من الملاحظين لوصف المبادرة بكونها لا تأتي في سياق البحث عن حل للازمة بقدر ما تشكل منطلقا انتقاميا بعد الإحراج الذي تعرض له المرايحي مؤخرا.

كما أن تأثير المبادرة قد لا يجد صداه داخل الأوساط السياسية الكبرى على غرار جبهة الخلاص أو مجموعة الأحزاب الخمسة (التيار، العمال، القطب، الجمهوري والتكتل) ذلك أن المرايحي لم يشارك قط في أي من التحركات والاجتماعات والمسيرات التي دعت لها الأطراف المذكورة إضافة إلى غياب أي شكل من أشكال التواصل السياسي بين الاتحاد الشعبي الجمهوري وبقية مكونات المشهد.

واقعيا لا تبدو مبادرة المرايحي ذات تأثير قوي في ظل التنازع الحاصل داخل المعارضة التونسية ولغياب التفاعل مع المبادرات السابقة، بيد أن ما طرحه أمين عام الاتحاد الشعبي الجمهوري سيبقى الطبقة الحزبية والمدنية في حالة اقتراح دائم للمبادرات.

ولم تكن مبادرة المرايحي الأولى من نوعها بل سبقته دعوات عدة آخرها ما طرحه القيادي بجبهة الخلاص جوهر بن مبارك.

ففي محاولة منه لإعادة تأهيل الحياة السياسية والاجتماعية تقدم بن مبارك بخريطة طريق تضمنت 6نقاط أساسية  أولها وضع صيغة "إدارة سياسية مؤقتة" بسقف زمني لا يتجاوز الشهرين بضمانات وحماية المؤساسات السيادية للدولة، ثانيا إعلان العودة إلى المنظومة الدستورية الشرعية وتفعيل دستور 2014.

أما النقطة الثالثة حسب مبادرة بن مبارك فقد حدد فيها تولى الشخصيّة السياسية المستقلّة ذات الكفاءة العالية المتّفق عليها قيادة حكومة انتقاليّة لا تتجاوز السنّة بمهام محدّدة في حين أن النقطة الرابعة جاءت لتحدد مهام الحكومة الانتقالية.

ودعت النقطة الخامسة إلى إجراء استفتاء دستوري لإقرار إصلاحات دستورية سابقة للانتخابات المبكّرة بثلاثة أشهر على الأقل، في حين تناولت النقطة السادسة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يختار فيها الشعب حاكميه بمرجعيّة المنظومة الدستورية والانتخابية المعدّلة، تعود على إثرها البلاد إلى وضع دستوري ديمقراطي دائم ومستقر.

كما تقدمت رئيسة الدستوري الحر في وقت سابق بدعوات توحيد الصفوف، حيث بسطت عبير موسي عرضا سياسيا للقوى المدنية والسياسية الديمقراطية التقدمية من أجل التصدي للمسار الذي يقوده قيس سعيد'.

وتقدمت صاحبة المشروع بوثيقة سياسية تحت شعار "تصحيح المسار" قالت إنها تعرضها على كل القوى التقدمية من أجل مناقشتها والتصويت عليها وجعلها أرضية كحد أدنى بغاية العمل مشتركة وخوض انتخابات تتحد فيها هذه القوى.

وقالت "إذا تم الاتفاق والعمل بطريقة مشتركة سيتم التحضير لانتخابات تشريعية معا وأول قرار داخل البرلمان هو إلغاء دستور قيس سعيد ووضع مشروع دستور".

رغم اتفاقها وتوافقها في تقييم الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فان المعارضة التونسية مازالت لم تغادر بعد مربع الصراع الإيديولوجي والتقسيم القائم على الانتماء السياسي. 

ويبدو واضحا أن عنوان الخلفيات لم يتغير بعد أن تمترست أطراف حزبية في إعادة ضخ الفرز المبني على ثنائية العلمانيين والإسلاميين ودساترة بما من شانه أن يعيق أي تقدم ممكن وهو ما سيستفيد منه نظام قيس سعيد في كل الحالات.

خليل الحناشي

بعد دعوة سعيد للاستقالة: مبادرة "راديكالية" للمرايحي.. أم تصفية حسابات سياسية؟

 

تونس-الصباح

رغم حالة الاحتباس السياسي وتفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي وارتفاع منسوب الأزمة في تونس لم تهدأ المبادرات السياسية للبحث عن حل مشترك يجنب البلد مزيدا من المنزلقات والتخفيف من سرعة السير في طريق الانهيار.

آخر المتكلمين ما قدمه أمين عام حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري لطفي المرايحي أمس بتأكيده على إطلاق مبادرة راديكالية تقضي مباشرة بالدعوة  لاستقالة قيس سعيّد من منصب رئاسة الجمهورية.

وقال المرايحي خلال حضوره كضيف على "الجوهرة أف آم" انه انطلق في عملية التحشيد الحزبي والمجتمعي لمبادرته وانه انطلق عمليا في إجراء سلسلة من الاتصالات على أمل أن تحقق مبادرته هذه أهدافها في غضون 15يوما.

وقد شكك متابعون في جدوى هذه المبادرة لا بسبب غياب الإمكانيات المادية والشعبية للضغط على سعيد للاستقالة بل بسبب توقيتها الذي يأتي في زمن يتهم فيه المرايحي رئيس الجمهورية وجهازه القضائي بالوقوف وراء محاولة توريطه في ملف قتل المديرة الراحلة لإذاعة الشباب عواطف بن حميدة.

هكذا معطى دفع بالعديد من الملاحظين لوصف المبادرة بكونها لا تأتي في سياق البحث عن حل للازمة بقدر ما تشكل منطلقا انتقاميا بعد الإحراج الذي تعرض له المرايحي مؤخرا.

كما أن تأثير المبادرة قد لا يجد صداه داخل الأوساط السياسية الكبرى على غرار جبهة الخلاص أو مجموعة الأحزاب الخمسة (التيار، العمال، القطب، الجمهوري والتكتل) ذلك أن المرايحي لم يشارك قط في أي من التحركات والاجتماعات والمسيرات التي دعت لها الأطراف المذكورة إضافة إلى غياب أي شكل من أشكال التواصل السياسي بين الاتحاد الشعبي الجمهوري وبقية مكونات المشهد.

واقعيا لا تبدو مبادرة المرايحي ذات تأثير قوي في ظل التنازع الحاصل داخل المعارضة التونسية ولغياب التفاعل مع المبادرات السابقة، بيد أن ما طرحه أمين عام الاتحاد الشعبي الجمهوري سيبقى الطبقة الحزبية والمدنية في حالة اقتراح دائم للمبادرات.

ولم تكن مبادرة المرايحي الأولى من نوعها بل سبقته دعوات عدة آخرها ما طرحه القيادي بجبهة الخلاص جوهر بن مبارك.

ففي محاولة منه لإعادة تأهيل الحياة السياسية والاجتماعية تقدم بن مبارك بخريطة طريق تضمنت 6نقاط أساسية  أولها وضع صيغة "إدارة سياسية مؤقتة" بسقف زمني لا يتجاوز الشهرين بضمانات وحماية المؤساسات السيادية للدولة، ثانيا إعلان العودة إلى المنظومة الدستورية الشرعية وتفعيل دستور 2014.

أما النقطة الثالثة حسب مبادرة بن مبارك فقد حدد فيها تولى الشخصيّة السياسية المستقلّة ذات الكفاءة العالية المتّفق عليها قيادة حكومة انتقاليّة لا تتجاوز السنّة بمهام محدّدة في حين أن النقطة الرابعة جاءت لتحدد مهام الحكومة الانتقالية.

ودعت النقطة الخامسة إلى إجراء استفتاء دستوري لإقرار إصلاحات دستورية سابقة للانتخابات المبكّرة بثلاثة أشهر على الأقل، في حين تناولت النقطة السادسة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يختار فيها الشعب حاكميه بمرجعيّة المنظومة الدستورية والانتخابية المعدّلة، تعود على إثرها البلاد إلى وضع دستوري ديمقراطي دائم ومستقر.

كما تقدمت رئيسة الدستوري الحر في وقت سابق بدعوات توحيد الصفوف، حيث بسطت عبير موسي عرضا سياسيا للقوى المدنية والسياسية الديمقراطية التقدمية من أجل التصدي للمسار الذي يقوده قيس سعيد'.

وتقدمت صاحبة المشروع بوثيقة سياسية تحت شعار "تصحيح المسار" قالت إنها تعرضها على كل القوى التقدمية من أجل مناقشتها والتصويت عليها وجعلها أرضية كحد أدنى بغاية العمل مشتركة وخوض انتخابات تتحد فيها هذه القوى.

وقالت "إذا تم الاتفاق والعمل بطريقة مشتركة سيتم التحضير لانتخابات تشريعية معا وأول قرار داخل البرلمان هو إلغاء دستور قيس سعيد ووضع مشروع دستور".

رغم اتفاقها وتوافقها في تقييم الأزمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية فان المعارضة التونسية مازالت لم تغادر بعد مربع الصراع الإيديولوجي والتقسيم القائم على الانتماء السياسي. 

ويبدو واضحا أن عنوان الخلفيات لم يتغير بعد أن تمترست أطراف حزبية في إعادة ضخ الفرز المبني على ثنائية العلمانيين والإسلاميين ودساترة بما من شانه أن يعيق أي تقدم ممكن وهو ما سيستفيد منه نظام قيس سعيد في كل الحالات.

خليل الحناشي