إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ندوة حول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي: الحصول على القرض ليس انجازا.. وإصلاح المؤسسات العمومية يحتاج الى تقييم ورؤية

 

 

تونس – الصباح

تحت عنوان اتفاقية تونس مع صندوق النقد الدولي: إصلاحات مسقطة أم حتمية؟ "انتظمت أمس بمركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ندوة حول إصلاح المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم والإصلاحات الجبائية بحضور خبراء في الاقتصاد.

وفي مداخلته تحدث عبد الجليل البدوي أستاذ الاقتصاد والمكلف بالدراسات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن الإصلاحات في المؤسسات العمومية بأنه أصبحت هناك نظرة دونية تجاه المؤسسات العمومية منذ الدخول في منطق الانتقال الليبرالي القائم على مفهوم مغشوش وهو أن النظام الاقتصادي الخاص يتميز على الدور التعديلي للدولة ما انجر عنه عديد الإجراءات والاختيارات العملية التي قزمت من دور المؤسسات العمومية لتصل الى مرحلة المرض السريري وبذلك سيكون مالها الفناء ويعني ذلك الخوصصة.

وأضاف أستاذ الاقتصاد "ان الدولة في مرحلة الانتقال الديمقراطي تخلت على التمشي الإرادي في الميدان التنموي الذي كان هام في فترة الستينات وبدأ يتراجع منذ أوائل السبعينات وتمت العودة الى التقسيم الدولي للعمل السائد المهيمن الذي يعتمد على تعويض السوق المحلي بالصادرات وذلك في إطار تحولات عالمية، مع العلم ان الدولة لم تتخل على دورها حتى سنة 1986 أثناء الدخول في مرحلة نوعية تختلف تماما وهذا يظهر عمليا من خلال تقليص حجم الدولة لكن الأخطر هو تفكيك الدولة ومن ما ساهم في ذلك هو التخلي عن السياسات القطاعية الذي بدأ بصفة رسمية مع نشر قانون الاستثمار سنة 1992 وهذه ضربة قاصمة وهذا يحمل مفاهيم مغشوشة والإقرار بمبدأ ليبرالي وهو حياد الدولة، هو مبدأ لضرب التمشي الإرادي للدولة والذي انعكس بصفة سلبية على المنشآت العمومية التي أصبحت دون بوصلة."

الإصلاح ينطلق من التقييم

وفي نفس الإطار أشار البدوي الى انه لا توجد رؤية إستراتيجية سواء كان في الدعم أو في المؤسسات العمومية، وبالنسبة للحديث عن إصلاحات دون تقييم جدي أو قراءات نقدية فقط هو تقييم سطحي يستعمل نفس المقاييس والمعايير دون قدرة على التخلص منها لذلك يجب القيام بتقييم موضوعي برغماتي والرجوع الى التمشي الإرادي في المجال التنموي، ولا يعني هذا العودة الى البيروقراطية بل تحديد موقع ودور لجميع المتدخلين الاقتصاديين وعلاقاتهم بالمجتمع.

وتساءل البدوي في سياق مداخلته قائلا "هل يوجد في تونس تقييم لمردود القطاع الخاص وفي الحال ان كل الاختيارات المبنية أساسا تتعلق بالنهوض بالقطاع الخاص؟ واي دور للدولة، هل سنظل ننتظر شروط المؤسسات المالية الدولية لان هذا خطر كبير؟"

واعتبر أستاذ الاقتصاد انه لا يوجد تقييم للخوصصة فقط بعض التقييمات الإدارية ولهذا فان الإصلاحات تحتاج الى إعادة نظر، مضيفا "أنا من بين من يدعون الى إعادة اعتبار دور الدولة لأننا نشهد هشاشة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها تونس في ظل اندثار أكل مقومات التنمية."

مشكل منظومة الأسعار

وانطلق أستاذ الاقتصاد فتحي النوري، في مداخلته بطرح مشكل المؤسسات العمومية التي أسالت الكثير من الكلام والحبر لكن المعادلة الاقتصادية لم يتم التطرق اليها حسب قوله.

اعتبر النوري ان مشكل المؤسسات هي منظومة الأسعار الذي تتضمن هدفين أساسيين وهما الأول إشباع حاجيات المواطن من المواد الأساسية بأسعار معقولة وثانيا توفير الاستقرار والتوازن المالي للمؤسسات العمومية التي تنتج هذه المواد من خلال دعمها، لكن هذه المنظومة انتهت تماما في الوقت الراهن لان الدولة تعيش وضعية مالية صعبة أدت الى التخلي دعم عديد المؤسسات الوطنية لذلك أصبح جلهم يعيش مشاكل كبرى بسبب سوء التسيير التي أدت الى انخرام هذه المؤسسات وأدت الى أزمة كبيرة بسبب ديونهم المتخلدة لدى المؤسسات العمومية والخاصة وهذا ما يحدث مع شركات كانت في الأصل تسجل أرباحا طائلة مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز و"الستير" والشركة التونسية للأنشطة البترولية وغيرها من المنشآت العمومية الأخرى.

واعتبر النوري ان المشكل في تونس يتجسد منظومة الأسعار ومن الضروري تمكين الشركات الوطنية الكبرى من استخلاص ديونهم لدى الحرفاء.

وضعية مالية صعبة

ورأى الخبير الاقتصادي والرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين نبيل عبد اللطيف في تصرح لـ "الصباح" انه أصبح من الضروري إصلاح المشاكل الاقتصادية في إطار برنامج إنقاذ.

وعلق الخبير الاقتصادي عن غياب الشفافية في التعامل مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، مضيفا بان الدولة مضطرة للتعامل مع صندوق النقد الدولي لأنه الملاذ الوحيد في حالة الاختناق المالي الذي تعيشها تونس لكن القرض الذي ستتحصل عليه تونس من الصندوق ليس انجاز بقدر ما هو اعتراف بان الوضعية المالية لتونس هشة وضعيفة جدا.

وبخصوص مقترح الضريبة على الثروة، قال عبد اللطيف أن هذا المشروع يتطلب إمكانيات كبرى لتنفيذه، مع العلم أن التجربة تم اعتمادها في السابق لكنها لم تكون ذات جدوى.

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في ندوة حول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي: الحصول على القرض ليس انجازا.. وإصلاح المؤسسات العمومية يحتاج الى تقييم ورؤية

 

 

تونس – الصباح

تحت عنوان اتفاقية تونس مع صندوق النقد الدولي: إصلاحات مسقطة أم حتمية؟ "انتظمت أمس بمركز الدراسات الإستراتيجية حول المغرب العربي ندوة حول إصلاح المؤسسات العمومية ومنظومة الدعم والإصلاحات الجبائية بحضور خبراء في الاقتصاد.

وفي مداخلته تحدث عبد الجليل البدوي أستاذ الاقتصاد والمكلف بالدراسات بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن الإصلاحات في المؤسسات العمومية بأنه أصبحت هناك نظرة دونية تجاه المؤسسات العمومية منذ الدخول في منطق الانتقال الليبرالي القائم على مفهوم مغشوش وهو أن النظام الاقتصادي الخاص يتميز على الدور التعديلي للدولة ما انجر عنه عديد الإجراءات والاختيارات العملية التي قزمت من دور المؤسسات العمومية لتصل الى مرحلة المرض السريري وبذلك سيكون مالها الفناء ويعني ذلك الخوصصة.

وأضاف أستاذ الاقتصاد "ان الدولة في مرحلة الانتقال الديمقراطي تخلت على التمشي الإرادي في الميدان التنموي الذي كان هام في فترة الستينات وبدأ يتراجع منذ أوائل السبعينات وتمت العودة الى التقسيم الدولي للعمل السائد المهيمن الذي يعتمد على تعويض السوق المحلي بالصادرات وذلك في إطار تحولات عالمية، مع العلم ان الدولة لم تتخل على دورها حتى سنة 1986 أثناء الدخول في مرحلة نوعية تختلف تماما وهذا يظهر عمليا من خلال تقليص حجم الدولة لكن الأخطر هو تفكيك الدولة ومن ما ساهم في ذلك هو التخلي عن السياسات القطاعية الذي بدأ بصفة رسمية مع نشر قانون الاستثمار سنة 1992 وهذه ضربة قاصمة وهذا يحمل مفاهيم مغشوشة والإقرار بمبدأ ليبرالي وهو حياد الدولة، هو مبدأ لضرب التمشي الإرادي للدولة والذي انعكس بصفة سلبية على المنشآت العمومية التي أصبحت دون بوصلة."

الإصلاح ينطلق من التقييم

وفي نفس الإطار أشار البدوي الى انه لا توجد رؤية إستراتيجية سواء كان في الدعم أو في المؤسسات العمومية، وبالنسبة للحديث عن إصلاحات دون تقييم جدي أو قراءات نقدية فقط هو تقييم سطحي يستعمل نفس المقاييس والمعايير دون قدرة على التخلص منها لذلك يجب القيام بتقييم موضوعي برغماتي والرجوع الى التمشي الإرادي في المجال التنموي، ولا يعني هذا العودة الى البيروقراطية بل تحديد موقع ودور لجميع المتدخلين الاقتصاديين وعلاقاتهم بالمجتمع.

وتساءل البدوي في سياق مداخلته قائلا "هل يوجد في تونس تقييم لمردود القطاع الخاص وفي الحال ان كل الاختيارات المبنية أساسا تتعلق بالنهوض بالقطاع الخاص؟ واي دور للدولة، هل سنظل ننتظر شروط المؤسسات المالية الدولية لان هذا خطر كبير؟"

واعتبر أستاذ الاقتصاد انه لا يوجد تقييم للخوصصة فقط بعض التقييمات الإدارية ولهذا فان الإصلاحات تحتاج الى إعادة نظر، مضيفا "أنا من بين من يدعون الى إعادة اعتبار دور الدولة لأننا نشهد هشاشة اقتصادية غير مسبوقة تمر بها تونس في ظل اندثار أكل مقومات التنمية."

مشكل منظومة الأسعار

وانطلق أستاذ الاقتصاد فتحي النوري، في مداخلته بطرح مشكل المؤسسات العمومية التي أسالت الكثير من الكلام والحبر لكن المعادلة الاقتصادية لم يتم التطرق اليها حسب قوله.

اعتبر النوري ان مشكل المؤسسات هي منظومة الأسعار الذي تتضمن هدفين أساسيين وهما الأول إشباع حاجيات المواطن من المواد الأساسية بأسعار معقولة وثانيا توفير الاستقرار والتوازن المالي للمؤسسات العمومية التي تنتج هذه المواد من خلال دعمها، لكن هذه المنظومة انتهت تماما في الوقت الراهن لان الدولة تعيش وضعية مالية صعبة أدت الى التخلي دعم عديد المؤسسات الوطنية لذلك أصبح جلهم يعيش مشاكل كبرى بسبب سوء التسيير التي أدت الى انخرام هذه المؤسسات وأدت الى أزمة كبيرة بسبب ديونهم المتخلدة لدى المؤسسات العمومية والخاصة وهذا ما يحدث مع شركات كانت في الأصل تسجل أرباحا طائلة مثل الشركة التونسية للكهرباء والغاز و"الستير" والشركة التونسية للأنشطة البترولية وغيرها من المنشآت العمومية الأخرى.

واعتبر النوري ان المشكل في تونس يتجسد منظومة الأسعار ومن الضروري تمكين الشركات الوطنية الكبرى من استخلاص ديونهم لدى الحرفاء.

وضعية مالية صعبة

ورأى الخبير الاقتصادي والرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين نبيل عبد اللطيف في تصرح لـ "الصباح" انه أصبح من الضروري إصلاح المشاكل الاقتصادية في إطار برنامج إنقاذ.

وعلق الخبير الاقتصادي عن غياب الشفافية في التعامل مع الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، مضيفا بان الدولة مضطرة للتعامل مع صندوق النقد الدولي لأنه الملاذ الوحيد في حالة الاختناق المالي الذي تعيشها تونس لكن القرض الذي ستتحصل عليه تونس من الصندوق ليس انجاز بقدر ما هو اعتراف بان الوضعية المالية لتونس هشة وضعيفة جدا.

وبخصوص مقترح الضريبة على الثروة، قال عبد اللطيف أن هذا المشروع يتطلب إمكانيات كبرى لتنفيذه، مع العلم أن التجربة تم اعتمادها في السابق لكنها لم تكون ذات جدوى.

جهاد الكلبوسي