إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نائب رئيس هيئة الانتخابات ماهر الجديدي لـ"الصباح": لا نتلقى تعليمات من أي جهة.. وهذه حقيقة علاقتنا بقيس سعيد

 

تونس – الصباح

أكد ماهر الجديدي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على استقلالية قرارات الهيئة المتعلقة بالمسار الانتخابي مكذبا ما يذهب إليه البعض من كونها هيئة تخضع لإملاءات رئيس الجمهورية قيس سعيد واعتبرها ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة.

وكشف في حديثه لـ"الصباح" عن كيفية التعاطي مع الشغورات المسجلة في الدوائر الانتخابية مشددا على أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون سيد نفسه وله حرية تقرير تعديل المسار التشريعي والقانوني الخاص بالمنظومات والمؤسسات.

كما تطرق الجديدي لاستعدادات الهيئة للانتخابات التشريعية القادمة وحقيقة الضغوط التي تتعرض لها الهيئة. وموقفه من الدعوات لتأجيل هذا الاستحقاق الانتخابي ووقع التجاذب و"الشارع" السياسي على عمل الهيئة. كما تطرق لعدة مسائل أخرى في الحوار التالي:

حاورته: نزيهة الغضباني

*كيف كانت استعدادات هيئتكم للانتخابات؟

لا أبالغ إذا قلت إن الاستعدادات للانتخابات التشريعية جيدة إلى حد الآن، وأن كل ما يتعلق بالتحضيرات البشرية واللوجستية والمادية على ما يرام. فالإدارة تقوم بمهامها على النحو المطلوب وأيضا الأعوان القدامى التابعين للهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذين تمرسوا على العملية. ثم إن الهيئة ستجري انتدابات جديدة مع إخضاع هؤلاء إلى تكوين في الغرض. فنحن نعول على الكفاءات البشرية التي عملنا معها سابقا.

-بحكم تركيبة الهيئة هناك ضمانة لتكون الانتخابات نزيهة وشفافة لأن هيئتنا تتركب من إطارات سامية في الدولة من اختصاصات عديدة ليس لها أي انتماءات سياسية على خلاف ما كان يتم في تركيبة الهيئات السابقة التي يغلب عليها الطابع الحزبي بفضل التزكيات الحزبية وهو ما فتح المجال لانتقاد تلك الهيئات.

* ولكن رئيس الهيئة الحالية فاروق بوعسكر هو امتداد للهيئات السابقة، ألا يتعارض ذلك مع ما قلته حول استقلالية تركيبة الهيئة خاصة أن انتقادات عديدة وجهت للهيئة لهذا السبب؟

صحيح أن رئيس الجمهورية قيس سعيد هو من عين فاروق بوعسكر على رأس الهيئة وذلك في إطار قانوني بحت بصفته عضوا بالهيئة السابقة وذلك في إطار فلسفة استمرارية عمل الهيئة. ولا أعتقد أنه يمثل أي جهة حزبية.

* بعد إعلان الهيئة عن القائمة النهائية للمترشحين، تبين وجود شغورات في بعض الدوائر الانتخابية أو وجود مترشح وحيد، كيف سيتم التعاطي مع هذه الوضعيات؟

مسألة الشغورات في بعض الدوائر الانتخابية ليست سابقة تونسية لأنه سبق أن حدث مثل ذلك عديد المرات في العالم، بسبب عدم وجود ترشحات أو رفض مطالب مقدمة في الغرض لعدم استجابتها للشروط القانونية المطلوبة. وهي في تقديري حالة عادية يمكن تدارك الأمر بعد إرساء مجلس نواب الشعب.

*كيف؟

مجلس النواب سيكون سيد نفسه يعمل وفق نظامه الداخلي الذي سيتم سنه بعد مباشرة مهامه ويمكنه أيضا التوجه مباشرة إلى تنقيح القانون الانتخابي. وبعد معاينة حالة الشغور يمكن أيضا لمجلس النواب الجديد أن يطلب من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنظيم انتخابات جزئية لاستكمال المقاعد المخصصة للدوائر الشاغرة أو يمكنه أن يقرر مواصلة العمل بتركيبته تلك. وهذا قرار سيادي لا يمكن لأي جهة أخرى التدخل فيه.

*هل تعتقد أنه لو تم المضي عمليا في تفعيل ما دعا له رئيس الجمهورية قيس سعيد بإجراء تعديلات على القانون الانتخابي يمكن تدارك جانب من الهنات والنقائص التي سجلت في هذا المسار الانتخابي؟

في الحقيقة التنقيحات التي دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد لم تكن لتشمل مسائل ذات علاقة بسبب الشغورات بل كانت للتصدي للاخلالات التي شابت عمليات جمع التزكيات وللممارسات غير القانونية والأخلاقية التي تمت معاينتها وقام بها بعض المرشحين. وهي تهدف بالأساس لإرساء النزاهة والشفافية على العملية الانتخابية. واذكر على سبيل المثال ما تم تسجيله في هذا السياق من أن بعض رؤساء البلديات وبعض أعضاء البلديات استعملوا نفوذهم ووسائل الإدارة العمومية.. من اجل التأثير على عملية جمع التزكيات وتوجيه الناس لمساندة أشخاص دون غيرهم.

*لماذا رفضت الهيئة هذه التنقيحات؟

هذه مسألة تستحق التوضيح. فالهيئة متمسكة بضرورة إجراء التنقيحات إذا كانت في كنف الشفافية، لكن لا يمكن القيام بذلك بعد أن تم ضبط البروزنامة الانتخابية الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية للتخلي عن التعديلات التي طالب بها، مقابل إعطاء الأوامر للإدارة من أجل التصدي بكل حزم للممارسات غير القانونية المسجلة. وقد تم بفضل الوسائل المتاحة لإدارات الهيئة من "التخفيف" من التجاوزات التي يمكن أن تؤثر على المسار الانتخابي. وقد تم تسجيل إخلالات غير قانونية في الغرض تعهد بها القضاء وتم تسجيل إيقافات تحفظية ضد عدد من المخالفين.

*يلوم عليكم البعض قبول ملفات لمرشحين لهم سوابق عدلية ومحل متابعة قضائية، كيف تفسر الأمر؟

صحيح أنه تم التداول لدى الرأي العام وجود مرشحين للانتخابات التشريعية القادمة تلاحقهم قضايا وثبت أنهم موضوع متابعة جزائية. ويجب أن يعلم الجميع أن عملية قبول الملفات هي تقنية وتتطلب شرط البطاقة عدد 3 التي تعني خلو سجل المترشح من السوابق العدلية. فنحن نحكم بالملفات وكلهم قدموا بطاقة عدد3. ويمكن أن يكون ذلك راجع إلى وجود إشكال تنسيق بين الإدارات المعنية التابعة لوزارتي العدل والداخلية بخصوص المسائل الجزائية لبعض الأشخاص وقد تكون مسألة تحيين. ولكن سنعمل على مزيد إحكام التنسيق بين الوزارتين المعنيتين ويمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورا كبيرا في هذا الجانب ويدفع لاستحثاث همم الإدارات المعنية للقيام بدورها في تحيين المعطيات....

*بم تسفر ما يذهب له البعض بأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقوم بدور سياسي في علاقة بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري و"البلوكاج" القائم بين الهيئتين؟

نحن في هيئتنا نعمل في إطار القانون. واستقبلت الهيئة النوري اللجمي رئيس "الهايكا" مؤخرا وكان لقاءا مثمرا على اعتبار أنه تعهد باستكمال كل المسارات الانتخابية لإمضاء القرار المشترك بين الهيئتين. وتعهد بأن يمد الهيئة بمشروع القرار المشترك الذي يتم بين الهيئتين في علاقة بتصوير حصص التعبير المباشرة للمترشحين للانتخابات. فنحن لا نتدخل في العلاقات والمشاكل الداخلية "للهايكا". فالاتفاق تم بين هيئتنا والنوري اللجمي بصفته رئيس الهياكا لكن ما صرح به هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري لا دخل لنا فيه وهو وحده من يتحمل مسؤوليته.

*ولكن البعض يتهم "الايزي" بقيامها بالتنسيق مع رئاسة الحكومة فيما يتعلق بتصوير حصص التعبير المباشرة للمترشحين وتعمدها تغييب "الهايكا"؟

في الحقيقة ليس هناك أي تنسيق بين رئاسة الحكومة والهيئة، لأنه ومثلما أسلفت القول نحن هيئة تقنية تنظيمية تتكون من كفاءات أغلبها ضالعة في القانون وتعي جيدا ما تقوم به وتعمل على تكريسه في هذا المسار وفق ما ينص عليه القانون والدستور. لذلك فنحن حريصون على اضطلاع الهيئة بدورها على النحو المطلوب والنأي بها عن أي تجاذب أو اصطفاف أو توظيف. ونحن لا نقوم بدور سياسي وليس لنا أي موقف من "الهايكا" أو أي جهة أخرى. لأننا بكل بساطة لا نتلقى تعليمات من أي جهة سواء كانت رئاسة جمهورية أو حكومة.

*بم تفسر الانتقادات الواسعة للهيئة؟

في دولة القانون والحريات كل إنسان له حرية إبداء الرأي في إطار ما يسمح به القانون دون المساس بشرف وأعراض الناس. والهيئة... في إطار القانون والتراتيب الجاري بها العمل وفق ما ينص على ذلك الفصل 134 من دستور 2022 الذي ينص "تتولى الهيئة العليا المستقلة إدارة الانتخابات والاستفتاء وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيته وتصرح بالنتائج. وتتمتع الهيئة بالسلطة الترتيبية في مجال اختصاصها". وأتقد أن هناك أسباب لهذه الانتقادات لأنه في السابق كان هناك خلط وتأثير في الهيئات السابقة خاصة عن طريق الكتل البرلمانية.

*لكن البعض الآخر يعتبر "الإيزي" هيئة البناء القاعدي؟

هذا كله من قبيل الادعاءات الباطلة والمغرضة التي تكيلها بعض الجهات السياسية للهيئة للتشكيك في مصداقيتها أو في سياق ضرب المسار. لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي هيئة دستورية مستقلة ولكنها تابعة للدولة التونسية. وتستمد صلاحياتها من الدستور والقوانين التونسية ولا علاقة لها بالأشخاص ولا بالأحزاب ولا بأي كيانات أخرى.

*ما هي طبعة العلاقة بين الهيئة ورئاسة الجمهورية خاصة أن البعض يتهم الهيئة بتلقي التعليمات والتوجيهات من الرئيس قيس سعيد؟

كل ما يقال مجرد إدعاءات باطلة لكن مهما حاول أصحابها لن ينجحوا في إحباط العزائم. لأننا نعمل في إطار القانون وفي كنف الشفافية. فعلاقتنا برئاسة الجمهورية علاقة مؤسساتية يضبطها القانون الانتخابي. كما هو الشأن بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي تتجسد العلاقة معه في دعوة الناخبين للانتخابات وليس هناك أي تدخل أو أوامر وهذا مجرد هراء أريد به باطل.

إلى أي مدى تؤثر الضغوط على عمل الهيئة؟

صحيح أننا نعيش ونعمل تحت ضغط كبير. وأكثر فترة ضغط أقلقتنا كانت أثناء الاستفتاء نظرا لضيق الوقت الذي تمت فيه العملية.

* هل تعني أن الوضع تغير في هذا المسار؟

أعترف أن التحضير للانتخابات لتشريعية يتم بأريحية وليس هناك ضغط خاصة أن هامش الوقت كان متاحا ومكننا من ضبط روزنامة مكنت جميع الأطراف المعنية من الحصول على الوقت الكافي للتحضير.

*بعد الجدل الذي أثارته عملية اعتماد التسجيل الآلي للناخبين والتضارب حول حقيقة رقم من لهم الحق في الانتخاب، هل تم تدارك الهنات الموجودة والقيام بالتحيين المطلوب؟

الجديد في هذا الأمر أن الهيئة حرصت على تحيين السجل الانتخابي مع الجهات المعنية خاصة أن البعض تحدث عن أسماء لمتوفين وغيرهم وذلك بالتنسيق مع عدة وزارات معنية على غرار الدفاع والعدل والداخلية والبلديات. فالهيئة في نسق عمل يومي في هذا الإطار مع الهياكل المعنية من أجل ضمان سير نزاهة العملية الانتخابية وتفادي القدر الممكن من الأخطاء التي يمكن أن تؤثر على الانتخابات. وقد تم تخصيص الفترة من 28 أكتوبر إلى غاية 20 نوفمبر الجاري للمواطنين للقيام بتحيين مراكز الاقتراع باستثناء المترشحين والمزكين.

*إلى أي مدى أثرت التجاذبات و"الشارع" السياسي على الهيئة؟

هيئة الانتخابات هي هيئة مستقلة تنشط في إطار الدستور والقانون الانتخابي وتسهر على إدارة وتنظيم الانتخابات والتصريح بالنتائج وهي تسهر على ضمان شفافية ونزاهة الانتخابات وهي تعلم ما يدور من تجاذبات على الساحة السياسية. المهم هو أنها تحافظ على نفس المسافة بين الجميع وهاجسها الوحيد هو الالتزام بالقوانين والتراتيب. وهذا تقريبا ما جعل كل محاولات ضربها أو زعزعتها تبوء بالفشل.

*بعد تأكيد عديد الجهات على ما تضمنه القانون الانتخابي الحالي من نقاط صعّبت المسار الانتخابي، في تقديرك ما الذي يجب تجنبه وتعديله في هذا القانون؟

الحديث في هذه المسألة سابق لأوانه قبل إجراء الانتخابات، لأن هذه المسألة يمكن الخوض فيها بعد مباشرة البرلمان لمهامه لأنه الجهة الوحيدة المخول لها تعديل هذا القانون وتنقيحه وفتح مجال النقاش حوله.

في ظل تواتر التحركات والدعوات لتأجيل الانتخابات مثل القضايا المرفوعة من قبل بعض الأحزاب لإبطالها وآخر ما صرح به الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ودعوته لتأجيلها فهل هذا ممكن؟

في الحقيقة تتابع الهيئة كبقية الفاعلين في الشأن العام التصريحات الصادرة عن سياسيين ورؤساء أحزاب وناشطين مدنيين وآخرها تصريح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والدعوة إلى تأجيل الانتخابات التشريعية، وجوابا على ذلك أقول إن الهيئة تعمل في إطار القانون والنص القانوني النافذ اليوم والذي على أساسه تم إعداد الروزنامة الانتخابية هو الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى إجراء انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب يوم 17 ديسمبر وبالتالي لا يمكن الاحتكام إلى أي موعد آخر إلا إذا ارتأت السلطة السياسية ممثلة في رئاسة الجمهورية تغيير ذلك الموعد. وهو في تقديري أمر مستبعد جدا على اعتبار أننا قطعنا أشواط كبيرة في مسار الانتخابات التشريعية ثم أننا شارفنا مرحلة الحملة الانتخابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نائب رئيس هيئة الانتخابات ماهر الجديدي لـ"الصباح": لا نتلقى تعليمات من أي جهة.. وهذه حقيقة علاقتنا بقيس سعيد

 

تونس – الصباح

أكد ماهر الجديدي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على استقلالية قرارات الهيئة المتعلقة بالمسار الانتخابي مكذبا ما يذهب إليه البعض من كونها هيئة تخضع لإملاءات رئيس الجمهورية قيس سعيد واعتبرها ادعاءات باطلة لا أساس لها من الصحة.

وكشف في حديثه لـ"الصباح" عن كيفية التعاطي مع الشغورات المسجلة في الدوائر الانتخابية مشددا على أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون سيد نفسه وله حرية تقرير تعديل المسار التشريعي والقانوني الخاص بالمنظومات والمؤسسات.

كما تطرق الجديدي لاستعدادات الهيئة للانتخابات التشريعية القادمة وحقيقة الضغوط التي تتعرض لها الهيئة. وموقفه من الدعوات لتأجيل هذا الاستحقاق الانتخابي ووقع التجاذب و"الشارع" السياسي على عمل الهيئة. كما تطرق لعدة مسائل أخرى في الحوار التالي:

حاورته: نزيهة الغضباني

*كيف كانت استعدادات هيئتكم للانتخابات؟

لا أبالغ إذا قلت إن الاستعدادات للانتخابات التشريعية جيدة إلى حد الآن، وأن كل ما يتعلق بالتحضيرات البشرية واللوجستية والمادية على ما يرام. فالإدارة تقوم بمهامها على النحو المطلوب وأيضا الأعوان القدامى التابعين للهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذين تمرسوا على العملية. ثم إن الهيئة ستجري انتدابات جديدة مع إخضاع هؤلاء إلى تكوين في الغرض. فنحن نعول على الكفاءات البشرية التي عملنا معها سابقا.

-بحكم تركيبة الهيئة هناك ضمانة لتكون الانتخابات نزيهة وشفافة لأن هيئتنا تتركب من إطارات سامية في الدولة من اختصاصات عديدة ليس لها أي انتماءات سياسية على خلاف ما كان يتم في تركيبة الهيئات السابقة التي يغلب عليها الطابع الحزبي بفضل التزكيات الحزبية وهو ما فتح المجال لانتقاد تلك الهيئات.

* ولكن رئيس الهيئة الحالية فاروق بوعسكر هو امتداد للهيئات السابقة، ألا يتعارض ذلك مع ما قلته حول استقلالية تركيبة الهيئة خاصة أن انتقادات عديدة وجهت للهيئة لهذا السبب؟

صحيح أن رئيس الجمهورية قيس سعيد هو من عين فاروق بوعسكر على رأس الهيئة وذلك في إطار قانوني بحت بصفته عضوا بالهيئة السابقة وذلك في إطار فلسفة استمرارية عمل الهيئة. ولا أعتقد أنه يمثل أي جهة حزبية.

* بعد إعلان الهيئة عن القائمة النهائية للمترشحين، تبين وجود شغورات في بعض الدوائر الانتخابية أو وجود مترشح وحيد، كيف سيتم التعاطي مع هذه الوضعيات؟

مسألة الشغورات في بعض الدوائر الانتخابية ليست سابقة تونسية لأنه سبق أن حدث مثل ذلك عديد المرات في العالم، بسبب عدم وجود ترشحات أو رفض مطالب مقدمة في الغرض لعدم استجابتها للشروط القانونية المطلوبة. وهي في تقديري حالة عادية يمكن تدارك الأمر بعد إرساء مجلس نواب الشعب.

*كيف؟

مجلس النواب سيكون سيد نفسه يعمل وفق نظامه الداخلي الذي سيتم سنه بعد مباشرة مهامه ويمكنه أيضا التوجه مباشرة إلى تنقيح القانون الانتخابي. وبعد معاينة حالة الشغور يمكن أيضا لمجلس النواب الجديد أن يطلب من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تنظيم انتخابات جزئية لاستكمال المقاعد المخصصة للدوائر الشاغرة أو يمكنه أن يقرر مواصلة العمل بتركيبته تلك. وهذا قرار سيادي لا يمكن لأي جهة أخرى التدخل فيه.

*هل تعتقد أنه لو تم المضي عمليا في تفعيل ما دعا له رئيس الجمهورية قيس سعيد بإجراء تعديلات على القانون الانتخابي يمكن تدارك جانب من الهنات والنقائص التي سجلت في هذا المسار الانتخابي؟

في الحقيقة التنقيحات التي دعا لها رئيس الجمهورية قيس سعيد لم تكن لتشمل مسائل ذات علاقة بسبب الشغورات بل كانت للتصدي للاخلالات التي شابت عمليات جمع التزكيات وللممارسات غير القانونية والأخلاقية التي تمت معاينتها وقام بها بعض المرشحين. وهي تهدف بالأساس لإرساء النزاهة والشفافية على العملية الانتخابية. واذكر على سبيل المثال ما تم تسجيله في هذا السياق من أن بعض رؤساء البلديات وبعض أعضاء البلديات استعملوا نفوذهم ووسائل الإدارة العمومية.. من اجل التأثير على عملية جمع التزكيات وتوجيه الناس لمساندة أشخاص دون غيرهم.

*لماذا رفضت الهيئة هذه التنقيحات؟

هذه مسألة تستحق التوضيح. فالهيئة متمسكة بضرورة إجراء التنقيحات إذا كانت في كنف الشفافية، لكن لا يمكن القيام بذلك بعد أن تم ضبط البروزنامة الانتخابية الأمر الذي دفع رئيس الجمهورية للتخلي عن التعديلات التي طالب بها، مقابل إعطاء الأوامر للإدارة من أجل التصدي بكل حزم للممارسات غير القانونية المسجلة. وقد تم بفضل الوسائل المتاحة لإدارات الهيئة من "التخفيف" من التجاوزات التي يمكن أن تؤثر على المسار الانتخابي. وقد تم تسجيل إخلالات غير قانونية في الغرض تعهد بها القضاء وتم تسجيل إيقافات تحفظية ضد عدد من المخالفين.

*يلوم عليكم البعض قبول ملفات لمرشحين لهم سوابق عدلية ومحل متابعة قضائية، كيف تفسر الأمر؟

صحيح أنه تم التداول لدى الرأي العام وجود مرشحين للانتخابات التشريعية القادمة تلاحقهم قضايا وثبت أنهم موضوع متابعة جزائية. ويجب أن يعلم الجميع أن عملية قبول الملفات هي تقنية وتتطلب شرط البطاقة عدد 3 التي تعني خلو سجل المترشح من السوابق العدلية. فنحن نحكم بالملفات وكلهم قدموا بطاقة عدد3. ويمكن أن يكون ذلك راجع إلى وجود إشكال تنسيق بين الإدارات المعنية التابعة لوزارتي العدل والداخلية بخصوص المسائل الجزائية لبعض الأشخاص وقد تكون مسألة تحيين. ولكن سنعمل على مزيد إحكام التنسيق بين الوزارتين المعنيتين ويمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورا كبيرا في هذا الجانب ويدفع لاستحثاث همم الإدارات المعنية للقيام بدورها في تحيين المعطيات....

*بم تسفر ما يذهب له البعض بأن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تقوم بدور سياسي في علاقة بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري و"البلوكاج" القائم بين الهيئتين؟

نحن في هيئتنا نعمل في إطار القانون. واستقبلت الهيئة النوري اللجمي رئيس "الهايكا" مؤخرا وكان لقاءا مثمرا على اعتبار أنه تعهد باستكمال كل المسارات الانتخابية لإمضاء القرار المشترك بين الهيئتين. وتعهد بأن يمد الهيئة بمشروع القرار المشترك الذي يتم بين الهيئتين في علاقة بتصوير حصص التعبير المباشرة للمترشحين للانتخابات. فنحن لا نتدخل في العلاقات والمشاكل الداخلية "للهايكا". فالاتفاق تم بين هيئتنا والنوري اللجمي بصفته رئيس الهياكا لكن ما صرح به هشام السنوسي عضو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري لا دخل لنا فيه وهو وحده من يتحمل مسؤوليته.

*ولكن البعض يتهم "الايزي" بقيامها بالتنسيق مع رئاسة الحكومة فيما يتعلق بتصوير حصص التعبير المباشرة للمترشحين وتعمدها تغييب "الهايكا"؟

في الحقيقة ليس هناك أي تنسيق بين رئاسة الحكومة والهيئة، لأنه ومثلما أسلفت القول نحن هيئة تقنية تنظيمية تتكون من كفاءات أغلبها ضالعة في القانون وتعي جيدا ما تقوم به وتعمل على تكريسه في هذا المسار وفق ما ينص عليه القانون والدستور. لذلك فنحن حريصون على اضطلاع الهيئة بدورها على النحو المطلوب والنأي بها عن أي تجاذب أو اصطفاف أو توظيف. ونحن لا نقوم بدور سياسي وليس لنا أي موقف من "الهايكا" أو أي جهة أخرى. لأننا بكل بساطة لا نتلقى تعليمات من أي جهة سواء كانت رئاسة جمهورية أو حكومة.

*بم تفسر الانتقادات الواسعة للهيئة؟

في دولة القانون والحريات كل إنسان له حرية إبداء الرأي في إطار ما يسمح به القانون دون المساس بشرف وأعراض الناس. والهيئة... في إطار القانون والتراتيب الجاري بها العمل وفق ما ينص على ذلك الفصل 134 من دستور 2022 الذي ينص "تتولى الهيئة العليا المستقلة إدارة الانتخابات والاستفتاء وتنظيمها والإشراف عليها في جميع مراحلها، وتضمن سلامة المسار الانتخابي ونزاهته وشفافيته وتصرح بالنتائج. وتتمتع الهيئة بالسلطة الترتيبية في مجال اختصاصها". وأتقد أن هناك أسباب لهذه الانتقادات لأنه في السابق كان هناك خلط وتأثير في الهيئات السابقة خاصة عن طريق الكتل البرلمانية.

*لكن البعض الآخر يعتبر "الإيزي" هيئة البناء القاعدي؟

هذا كله من قبيل الادعاءات الباطلة والمغرضة التي تكيلها بعض الجهات السياسية للهيئة للتشكيك في مصداقيتها أو في سياق ضرب المسار. لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات هي هيئة دستورية مستقلة ولكنها تابعة للدولة التونسية. وتستمد صلاحياتها من الدستور والقوانين التونسية ولا علاقة لها بالأشخاص ولا بالأحزاب ولا بأي كيانات أخرى.

*ما هي طبعة العلاقة بين الهيئة ورئاسة الجمهورية خاصة أن البعض يتهم الهيئة بتلقي التعليمات والتوجيهات من الرئيس قيس سعيد؟

كل ما يقال مجرد إدعاءات باطلة لكن مهما حاول أصحابها لن ينجحوا في إحباط العزائم. لأننا نعمل في إطار القانون وفي كنف الشفافية. فعلاقتنا برئاسة الجمهورية علاقة مؤسساتية يضبطها القانون الانتخابي. كما هو الشأن بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي تتجسد العلاقة معه في دعوة الناخبين للانتخابات وليس هناك أي تدخل أو أوامر وهذا مجرد هراء أريد به باطل.

إلى أي مدى تؤثر الضغوط على عمل الهيئة؟

صحيح أننا نعيش ونعمل تحت ضغط كبير. وأكثر فترة ضغط أقلقتنا كانت أثناء الاستفتاء نظرا لضيق الوقت الذي تمت فيه العملية.

* هل تعني أن الوضع تغير في هذا المسار؟

أعترف أن التحضير للانتخابات لتشريعية يتم بأريحية وليس هناك ضغط خاصة أن هامش الوقت كان متاحا ومكننا من ضبط روزنامة مكنت جميع الأطراف المعنية من الحصول على الوقت الكافي للتحضير.

*بعد الجدل الذي أثارته عملية اعتماد التسجيل الآلي للناخبين والتضارب حول حقيقة رقم من لهم الحق في الانتخاب، هل تم تدارك الهنات الموجودة والقيام بالتحيين المطلوب؟

الجديد في هذا الأمر أن الهيئة حرصت على تحيين السجل الانتخابي مع الجهات المعنية خاصة أن البعض تحدث عن أسماء لمتوفين وغيرهم وذلك بالتنسيق مع عدة وزارات معنية على غرار الدفاع والعدل والداخلية والبلديات. فالهيئة في نسق عمل يومي في هذا الإطار مع الهياكل المعنية من أجل ضمان سير نزاهة العملية الانتخابية وتفادي القدر الممكن من الأخطاء التي يمكن أن تؤثر على الانتخابات. وقد تم تخصيص الفترة من 28 أكتوبر إلى غاية 20 نوفمبر الجاري للمواطنين للقيام بتحيين مراكز الاقتراع باستثناء المترشحين والمزكين.

*إلى أي مدى أثرت التجاذبات و"الشارع" السياسي على الهيئة؟

هيئة الانتخابات هي هيئة مستقلة تنشط في إطار الدستور والقانون الانتخابي وتسهر على إدارة وتنظيم الانتخابات والتصريح بالنتائج وهي تسهر على ضمان شفافية ونزاهة الانتخابات وهي تعلم ما يدور من تجاذبات على الساحة السياسية. المهم هو أنها تحافظ على نفس المسافة بين الجميع وهاجسها الوحيد هو الالتزام بالقوانين والتراتيب. وهذا تقريبا ما جعل كل محاولات ضربها أو زعزعتها تبوء بالفشل.

*بعد تأكيد عديد الجهات على ما تضمنه القانون الانتخابي الحالي من نقاط صعّبت المسار الانتخابي، في تقديرك ما الذي يجب تجنبه وتعديله في هذا القانون؟

الحديث في هذه المسألة سابق لأوانه قبل إجراء الانتخابات، لأن هذه المسألة يمكن الخوض فيها بعد مباشرة البرلمان لمهامه لأنه الجهة الوحيدة المخول لها تعديل هذا القانون وتنقيحه وفتح مجال النقاش حوله.

في ظل تواتر التحركات والدعوات لتأجيل الانتخابات مثل القضايا المرفوعة من قبل بعض الأحزاب لإبطالها وآخر ما صرح به الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ودعوته لتأجيلها فهل هذا ممكن؟

في الحقيقة تتابع الهيئة كبقية الفاعلين في الشأن العام التصريحات الصادرة عن سياسيين ورؤساء أحزاب وناشطين مدنيين وآخرها تصريح الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل والدعوة إلى تأجيل الانتخابات التشريعية، وجوابا على ذلك أقول إن الهيئة تعمل في إطار القانون والنص القانوني النافذ اليوم والذي على أساسه تم إعداد الروزنامة الانتخابية هو الأمر الرئاسي المتعلق بدعوة الناخبين إلى إجراء انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب يوم 17 ديسمبر وبالتالي لا يمكن الاحتكام إلى أي موعد آخر إلا إذا ارتأت السلطة السياسية ممثلة في رئاسة الجمهورية تغيير ذلك الموعد. وهو في تقديري أمر مستبعد جدا على اعتبار أننا قطعنا أشواط كبيرة في مسار الانتخابات التشريعية ثم أننا شارفنا مرحلة الحملة الانتخابية.