إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حوار تونسي امريكي في الشارقة حول دوره ومهامه.. العقلية الغربية قبلت المحرّر الأدبي وفي الشرق مازال دوره غامضا

محمد عيسى المؤدب: الكاتب العربي يعتقد أن كل ما يكتبه مقدسا

الأمريكية كاري تورنتون: مواقع التواصل الاجتماعي تحدد ميولات القراء

الشارقة – الأمارات العربية- من مبعوثتنا حياة السايب

تعتبر مهمة المحرر الأدبي في الغرب من البديهيات. فكل دور النشر تقريبا تعتمد عليه في مراجعة النصوص السردية الابداعية وخاصة في مجال الرواية، لكن دوره مازال غامضا في الشرق ولا يمكننا الحديث عن مؤسسة اسمها المحرر الأدبي في الدول العربية تحديدا. ذلك ما فهمناه من اللقاء التونسي الأمريكي الذي انتظم مؤخرا بمعرض الشارقة الدولي للكتاب المتواصل منذ 2 نوفمبر وإلى غاية 13 من الشهر ( الدورة 41).

فقد مثل تونس في هذا الحوار الكاتب والجامعي محمد عيسى المؤدب وهو روائي معروف وقال إنه حدث أن مارس مهمة المحرر الأدبي. ومثل الجانب الأمريكي كل من نيل ستراوس وهو صحفي وكاتب ومحرر ادبي وكاري تورنتون وهي ناشرة ونشرت مجموعة هامة من الكتب التي تحقق اعلى المبيعات ولها في رصيدها العديد من سير مشاهير الفن.

إن العلاقة وكما ذكرنا بالأعلى قائمة بين المحرر الادبي في الغرب فهو حسب المتحدثين الأمريكيين هو القارئ الأول للعمل الابداعي. إنه وكما قالت كاري تورنتون يطرح الأسئلة التي يمكن أن يطرحها القارئ ويبحث عن اشياء مفقودة في النص الاصلي ويسعى إلى فهم اشياء تبدو له غامضة حتى يصبح النص اكثر مقروئية وأكثر نجاعة ويمكن ترويجه بشكل أفضل.

وقد أصبح الاستماع إلى آراء القراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من عمل المحرر الأدبي. وفي هذا الصدد شدت الناشرة الامريكية كاري تورنتون على أن الناشرين في الولايات المتحدة يستفيدون كثيرا من آراء القراء على الانترنيت التي أصبحت بالنسبة لهم وسيلة لترويج الكتاب واضافت أن موقع"التوك توك " مثلا صار يحفز الشباب على القراءة. واشارت المتحدثة إلى أن الناشرين في امريكا كانوا في البداية يخافون من فرضية زوال الكتاب الورقي بسبب انتشار الكتاب الالكرتوني، لكنهم فهموا في النهاية أن الكتاب الورقي مازال موجودا والطلب عليه مازال موجودا وإن حدث وتراجعت مبيعات الكتب الورقية، فذلك لاسباب اقتصادية وليس للمنافسة التي تفرضها الكتب الالكترونية.

ولئن كانت كاري تورنتون تتحدث من وجهة نظر الناشر الذي يعتمد على المحرر الأدبي فهي ترى أن مهمة المحرر الأدبي هي مهمة تسويقية قبل كل شيء لان الناشر هو في النهاية رجل اعمال، فإن نيل ستروس تكلم بالخصوص بلغة المحرر الأدبي التي يمارسها منذ فترة طويلة وهو غالبا ما يلتجئ إليه للمساعدة في صياغة النص خاصة من قبل اسماء لامعة. فهو مثلا شارك في كتابة مذكرات ماريلين مانسون وديف نافارو وغيرهما وقد قال ستروس الذي له في رصيده كتب ذائعة الصيت أنه قبل أن تكون محررا أدبيا يجب أن تكون كاتبا مبدعا وتدرك تقنيات الكتابة الابداعية وبنية النص مشيرا إلى أن العديد من مشاهير الكتاب يشتغلون كمحررين أدبيين بما في ذلك فائزين بجائزة نوبل للآداب.

لكن هذا التقليد المعمول به في الغرب المتمثل في دعوة المحرر الأدبي إلى مراجعة النص الابداعي واصلاح الاخطاء الفنية حتى أنه وكما قيل بالمناسبة يطلب أحيانا من الكاتب الاصلي حذف عشرات الصفحات، بل يحدث ان يطلب حذف اكثر من مائة صفحة، يبدو غريبا عندنا. فالمحرر الأدبي لا يعتبر ضروريا وتأبى العقلية السائدة في الساحة الابداعية الاعتراف بدوره وهذا تقريبا ما اشار إليه الكاتب عيسى المؤدب في هذا الحوار التونسي الأمريكي الذي انتظم بمعرض الشارقة الدولي للكتاب.

وللتذكير فإن محمد عيسى المؤدب هو روائي وقصاص له في رصيده مجموعة من الروايات من بينها حذاء اسباني وجهاد ناعم وحمام الذهب ومن ابرز مجموعاته القصصية " عرس النار" وهو حائز على جوائز هامة من بينها الكومار الذهبي في 2017 وجائزة الرواية بمعرض تونس الدولي للكتاب في 2021.

وقال المتحدث التونسي أن دور المحرر الأدبي تقنيا بالأساس. فهو يختزل النص ويراجع الاخطاء التقنية والاخطاء المتعلقة ببناء الشخصيات والاحداث والازمنة والأمكنة وهو باختصار يجعل الكتاب أكثر مقروئية وهي مهمة تحتاج إلى الثقة بين الكاتب والناشر والمحرر الأدبي.

ويرى محمد عيسى المؤدب أن المحرر الأدبي قد يكون الضامن للجودة والمقروئية خاصة بعد التغييرات التي طرأت على الأذواق، فالقارئ اليوم ليس قارئ الأمس. القارئ اصبح متطلبا أكثر ومتشددا وهو ذكي وفطن وعنصر مهم. مقابل ذلك يعتبر المتحدث أن مهمة المحرر الأدبي ظلت مهمشة في المنطقة العربية وهو ليس متأكدا من أن الكاتب العربي مستعد للاعتراف بدور المحرر الأدبي لأن عقلية الكاتب العربية ونفسيته تجعله يعتقد أن كل ما يكتبه مقدس، خاصة أن المحرر الأدبي يمكن أن يتحول أحيانا إلى وحش وأن يحكم بإزالة جزء كبير من النص.

ولنا أن نشير إلى أن اللقاء الذي أدارته الكاتبة الليبية ليلى محمد، لم يحسم في علاقة الكاتب العربي بالمحرر الأدبي حتى وإن تمت الاشارة إلى أن دور النشر العربية مطالبة بخلق ديناميكية جديدة في قطاع النشر وقد يكون المحرر الأدبي أحد أبرز عناصر هذه الديناميكية الجديدة.

 

حوار تونسي امريكي في الشارقة حول دوره ومهامه..  العقلية الغربية قبلت المحرّر الأدبي وفي الشرق مازال دوره غامضا

محمد عيسى المؤدب: الكاتب العربي يعتقد أن كل ما يكتبه مقدسا

الأمريكية كاري تورنتون: مواقع التواصل الاجتماعي تحدد ميولات القراء

الشارقة – الأمارات العربية- من مبعوثتنا حياة السايب

تعتبر مهمة المحرر الأدبي في الغرب من البديهيات. فكل دور النشر تقريبا تعتمد عليه في مراجعة النصوص السردية الابداعية وخاصة في مجال الرواية، لكن دوره مازال غامضا في الشرق ولا يمكننا الحديث عن مؤسسة اسمها المحرر الأدبي في الدول العربية تحديدا. ذلك ما فهمناه من اللقاء التونسي الأمريكي الذي انتظم مؤخرا بمعرض الشارقة الدولي للكتاب المتواصل منذ 2 نوفمبر وإلى غاية 13 من الشهر ( الدورة 41).

فقد مثل تونس في هذا الحوار الكاتب والجامعي محمد عيسى المؤدب وهو روائي معروف وقال إنه حدث أن مارس مهمة المحرر الأدبي. ومثل الجانب الأمريكي كل من نيل ستراوس وهو صحفي وكاتب ومحرر ادبي وكاري تورنتون وهي ناشرة ونشرت مجموعة هامة من الكتب التي تحقق اعلى المبيعات ولها في رصيدها العديد من سير مشاهير الفن.

إن العلاقة وكما ذكرنا بالأعلى قائمة بين المحرر الادبي في الغرب فهو حسب المتحدثين الأمريكيين هو القارئ الأول للعمل الابداعي. إنه وكما قالت كاري تورنتون يطرح الأسئلة التي يمكن أن يطرحها القارئ ويبحث عن اشياء مفقودة في النص الاصلي ويسعى إلى فهم اشياء تبدو له غامضة حتى يصبح النص اكثر مقروئية وأكثر نجاعة ويمكن ترويجه بشكل أفضل.

وقد أصبح الاستماع إلى آراء القراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي جزءا من عمل المحرر الأدبي. وفي هذا الصدد شدت الناشرة الامريكية كاري تورنتون على أن الناشرين في الولايات المتحدة يستفيدون كثيرا من آراء القراء على الانترنيت التي أصبحت بالنسبة لهم وسيلة لترويج الكتاب واضافت أن موقع"التوك توك " مثلا صار يحفز الشباب على القراءة. واشارت المتحدثة إلى أن الناشرين في امريكا كانوا في البداية يخافون من فرضية زوال الكتاب الورقي بسبب انتشار الكتاب الالكرتوني، لكنهم فهموا في النهاية أن الكتاب الورقي مازال موجودا والطلب عليه مازال موجودا وإن حدث وتراجعت مبيعات الكتب الورقية، فذلك لاسباب اقتصادية وليس للمنافسة التي تفرضها الكتب الالكترونية.

ولئن كانت كاري تورنتون تتحدث من وجهة نظر الناشر الذي يعتمد على المحرر الأدبي فهي ترى أن مهمة المحرر الأدبي هي مهمة تسويقية قبل كل شيء لان الناشر هو في النهاية رجل اعمال، فإن نيل ستروس تكلم بالخصوص بلغة المحرر الأدبي التي يمارسها منذ فترة طويلة وهو غالبا ما يلتجئ إليه للمساعدة في صياغة النص خاصة من قبل اسماء لامعة. فهو مثلا شارك في كتابة مذكرات ماريلين مانسون وديف نافارو وغيرهما وقد قال ستروس الذي له في رصيده كتب ذائعة الصيت أنه قبل أن تكون محررا أدبيا يجب أن تكون كاتبا مبدعا وتدرك تقنيات الكتابة الابداعية وبنية النص مشيرا إلى أن العديد من مشاهير الكتاب يشتغلون كمحررين أدبيين بما في ذلك فائزين بجائزة نوبل للآداب.

لكن هذا التقليد المعمول به في الغرب المتمثل في دعوة المحرر الأدبي إلى مراجعة النص الابداعي واصلاح الاخطاء الفنية حتى أنه وكما قيل بالمناسبة يطلب أحيانا من الكاتب الاصلي حذف عشرات الصفحات، بل يحدث ان يطلب حذف اكثر من مائة صفحة، يبدو غريبا عندنا. فالمحرر الأدبي لا يعتبر ضروريا وتأبى العقلية السائدة في الساحة الابداعية الاعتراف بدوره وهذا تقريبا ما اشار إليه الكاتب عيسى المؤدب في هذا الحوار التونسي الأمريكي الذي انتظم بمعرض الشارقة الدولي للكتاب.

وللتذكير فإن محمد عيسى المؤدب هو روائي وقصاص له في رصيده مجموعة من الروايات من بينها حذاء اسباني وجهاد ناعم وحمام الذهب ومن ابرز مجموعاته القصصية " عرس النار" وهو حائز على جوائز هامة من بينها الكومار الذهبي في 2017 وجائزة الرواية بمعرض تونس الدولي للكتاب في 2021.

وقال المتحدث التونسي أن دور المحرر الأدبي تقنيا بالأساس. فهو يختزل النص ويراجع الاخطاء التقنية والاخطاء المتعلقة ببناء الشخصيات والاحداث والازمنة والأمكنة وهو باختصار يجعل الكتاب أكثر مقروئية وهي مهمة تحتاج إلى الثقة بين الكاتب والناشر والمحرر الأدبي.

ويرى محمد عيسى المؤدب أن المحرر الأدبي قد يكون الضامن للجودة والمقروئية خاصة بعد التغييرات التي طرأت على الأذواق، فالقارئ اليوم ليس قارئ الأمس. القارئ اصبح متطلبا أكثر ومتشددا وهو ذكي وفطن وعنصر مهم. مقابل ذلك يعتبر المتحدث أن مهمة المحرر الأدبي ظلت مهمشة في المنطقة العربية وهو ليس متأكدا من أن الكاتب العربي مستعد للاعتراف بدور المحرر الأدبي لأن عقلية الكاتب العربية ونفسيته تجعله يعتقد أن كل ما يكتبه مقدس، خاصة أن المحرر الأدبي يمكن أن يتحول أحيانا إلى وحش وأن يحكم بإزالة جزء كبير من النص.

ولنا أن نشير إلى أن اللقاء الذي أدارته الكاتبة الليبية ليلى محمد، لم يحسم في علاقة الكاتب العربي بالمحرر الأدبي حتى وإن تمت الاشارة إلى أن دور النشر العربية مطالبة بخلق ديناميكية جديدة في قطاع النشر وقد يكون المحرر الأدبي أحد أبرز عناصر هذه الديناميكية الجديدة.