+ من تداعيات المرسوم الانتخابي، دوائر دون مرشحين ومرشحون "نواب" دون انتخابات..
تونس- الصباح
يبدو أن التداعيات السلبية لبعض أحكام المرسوم الانتخابي الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية بتاريخ 15 سبتمبر الماضي لن تتوقف فقط عند مسار الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل، وهو المسار الذي يشهد عدة تقلبات خاصة منذ إقرار هيئة الانتخابات للروزنامة الانتخابية وانطلاقها في قبول الترشحات، بل ستمتد التداعيات إلى ما بعد الانتخابات خاصة بعد أن باحت القائمة الأولية للمترشحين بمفاجآت قد تترتب عنها إشكاليات قانونية وإجرائية ستظهر لاحقا عند تشكل البرلمان الجديد، وستكون حينها هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية والسلطة التشريعية (برلمان، رئيس الجمهورية) على وجه الخصوص أمام معضلات قانونية متراكمة عليها التعامل معها..
الملاحظ أنه منذ سن المرسوم الانتخابي وإصداره بالرائد الرسمي ظهرت عند بداية تطبيقه ثغرات وهنات وعيوب أبرزها على الإطلاق إشكالية شرط جمع 400 تزكية مع التنصيص على التعريف بالإمضاء على كل مزك، على أن تكون قائمة المزكين مناصفة بين النساء ورجال وشباب لكل ملف ترشح.. طبعا إلى جانب إشكاليات أخرى مثيرة للجدل مثل الصعوبات التي وجدتها المرأة للترشح بعد أن تم حذف شرط التناصف في تقديم الترشحات، والغموض الحاصل في مشاركة الأحزاب السياسية في العملية الانتخابية وتمويل مرشحيها، الأمر الذي جعل الهيئة تتردد في تأويل القانون وبرز ذلك خاصة من خلال التصريحات المتضادة لأعضاء الهيئة في ما يتعلق بطريقة مشاركة الأحزاب في الانتخابات من عدمها..
منذ الوهلة الأولى لفتح باب الترشحات، تأكد أن شرط جمع التزكيات صعّب عمليات الترشح وعقّد إجراءاتها خاصة أن المشرع لم يفكر في طريقة مبتكرة تعتمد التقنيات الحديثة للاتصال لجمع التزكيات تتفادى المعاملات الورقية والازدحام أمام شبابيك التعريف بالإمضاء بالبلديات، ما نتج عنه أمران، الأول في بروز شبهات شراء ذمم للناخبين وانتشار المال السياسي واستغلال المناصب الإدارية وسلطة المال والجاه والمواقع وهو ما أثبتته الوقائع بعد أن تمت إحالة العشرات ممن يشتبه في ارتكابهم تجاوزات في هذا الصدد للنيابة العمومية، والأمر الثاني تراجع عدد الترشحات وعجز عديد المرشحين عن استكمال ملفاتهم في الآجال القانونية خاصة بالنسبة لدوائر الخارج، رغم التمديد فيها بثلاثة أيام من قبل هيئة الانتخابات وما رافق ذلك من انتقادات واسعة..
ورغم محاولة رئيس الجهورية التدخل لتعديل بعض أحكام المرسوم الانتخابي بعد التفطّن إلى ثغراته، إلا أنه تراجع عن ذلك في آخر لحظة بعد أن اتضح أن التعديل لن يحل المشكلة بعد أن تقدمت هيئة الانتخابات في تنفيذ الروزنامة الانتخابية وفتحت آجال الترشح بشكل جعل من الصعب تقبل أية عملية تعديلية في القانون..
تداعيات سلبية وحصيلة ترشحات ضعيفة
ومن تداعيات ثغرات القانون الانتخابي وخاصة في ما يتعلق بشرط التزكيات الورقية مع اعتماد التعريف بالإمضاء، أن كانت حصيلة الترشحات دون المتوقع وكانت القائمة الأولية المعلنة عنها دون المأمول، إذ لم تتجاوز 1427 مترشحا، ثم تقلصت بعد دراستها إلى حوالي 1050 ترشحا، مع تسجيل نسبة لم تتجاوز 12 بالمائة للمرأة.
لكن الإشكال الأهم في قائمة المرشحين تركّز في ثلاث نقاط ستكون تداعياتها القانونية والواقعية وحتى السياسية كبيرة في قادم الأيام، منها ما يتعلق بغياب مترشحين عن سبع دوائر انتخابية بالخارج، وترشحين اثنين في ثماني دوائر، وترشح وحيد في عشر دوائر ما يعني أن جل المرشحين عنها يعتبرون بحكم القانون نوابا بالبرلمان المقبل دون حتى خوض غمار الحملة الانتخابية أو انتظار نتائج الاقتراع.. وهو سابقة تحصل لأول مرة في استحقاق انتخابي يفترض أن يحترم معايير ومبادئ الديمقراطية ونزاهة العلمية الانتخابية.؟؟
جدير بالذكر أن المرسوم الانتخابي الصادر في 17 سبتمبر 2022 الذي عدل في القانون الانتخابي المؤرخ في ماي 2014، نص على اعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضاً عن القائمات واعتماد مبدأ سحب الوكالة وتقليص عدد النواب من 217 إلى 161، منهم 10 نواب عن الجالية بالخارج.
نفس المرسوم نص في فصله 109 على أنه "إذا تقدّم إلى الانتخابات مترشّح واحد في الدّائرة الانتخابيّة، فإنّه يصرّح بفوزه منذ الدّور الأوّل مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل عليها." ما يعني أن عشر مرشحين يعتبرون وفق هذا الفصل نوابا مباشرة دون خوض الانتخابات بعد التأكد من عدم وجود منافسين لهم.
معضلات قانونية وإشكاليات انتخابية
ويكمن الإشكال أمام هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية لاحقا في كيفية سد الشغورات في سبع دوائر انتخابية بالخارج لم تشهد ترشحات بسبب شرط التزكيات، وأيضا في طريقة تعاملها مع المرشحين العشر الذين فازوا بالقانون دون انتخابات، هل سيشملهم مثلا الفصل المتعلق بحسب الوكالة وهم مبدئيا وصلوا إلى البرلمان دون ناخبين؟؟
علما أن سحب الوكالة كما ينص عليه القانون الجديد، يجعل النائب تحت سلطة من انتخبه، أي أن الشعب الذي انتخبه يمكن أن يسحب وكالته منه متى لم يطبق وعوده الانتخابية، لكن في هذه الحالة هناك عشر نواب مفترضين لم يحتاجوا إلى ناخبين للوصول إلى البرلمان وقد يطرح، تقديم عريضة من الناخبين المحليين عن الدوائر التي ترشحوا فيها لسحب الوكالة منهم إشكاليات قانونية عديدة..
وكان بعض العارفين بالشأن الانتخابي على غرار نشطاء بالمجتمع المدني وأساتذة قانون انتقدوا بشدة المرسوم الانتخابي وحذوا من تداعياته على مستقبل العملية الديمقراطية في تونس، بل إن بعضهم ذهب إلى ابعد من ذلك ودعا إلى، إما تأجيل الانتخابات وإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بها، أو مقاطعتها تماما، على غرار أستاذ القانون الصغير الزكراوي الذي انتقد مسار انتخابات 17 ديسمبر ووصفها بأنها غير شرعيّة.
وقال أمس في تصريح لراديو شمس اف ام أن الرئيس قيس سعيد جعلنا "أضحوكة في العالم" عبر مرسوم انتخابي جعل بعض المرشحين نوابا دون انتخابات في الدوائر التي فيها ترشح واحد فيما يوجد دوائر انتخابية بها صفر ترشحات، داعيا المواطنين الى مقاطعة الانتخابات التشريعية. ولاحظ أنه سيتم سحب الوكالة من نواب لم ينتخبهم أحد، ووصف المسار الانتخابي بالمهزلة والعبثي..
أيضا وصف الناشط السياسي حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في تدوينه له على صحفته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أنه عوض أن يتم تحديد المرشحان اللذين سوف يمرّان للدور الثاني والمرشح الذي سوف يفوز في الانتخابات بالصندوق يتكفل القانون الانتخابي بذالك!
وقال:"في هذه الحالة لماذا اللجوء للانتخابات أصلا.. يكفي الترفيع في عدد التزكيات حتى نحصل على مجلس "المطلبية الجهوية" دون استنزاف مقدّرات المجموعة الوطنيّة وكف عناء الانتخاب عن المواطن المسلوب المواطنة.
وتابع:"سوف تبقى هذه الانتخابات وصمة عار في تاريخ تونس وتتحمل الهيئة "المشرفة على الانتخابات" جزءا مهما من المسؤولية بقبول تنظيم الانتخابات التشريعيّة حسب القانون الانتخابي فرضه الرئيس بصفة أحادية.. قانون غير صالح للانتخابات.."
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أعلن أنّ سبع دوائر انتخابية بالخارج لم تسجّل فيها ترشحات، هي فرنسا 1 وألمانيا وبقية الدول الأوروبية والدول العربيّة والأميركيتان وآسيا وأستراليا وأفريقيا، ولن يكون بالتالي التونسيون الذين يعيشون في تلك المناطق ممثلين في البرلمان، إلى حين إجراء انتخابات جزئية جديدة بعد ذلك..
لكن تنظيم انتخابات جزئية لسد شغورات دوائر الخارج لن يكون ممكنا إلا بعد تنقيح المرسوم الانتخابي، وحذف شرط التزكيات أو التقليص في عددها..
وكان المتحدث باسم هيئة الانتخابات، محمد المنصري، قد دعا في تصريح إذاعي إلى أن يتم التفكير في التقليص من عدد التزكيات المطلوبة خاصة بالنسبة للترشحات في الخارج، معتبرا أن السبب الأصلي لغيابها هو عدم تجميع التزكيات. وأثارت هذه الدعوة جدلا باعتبار أن بعض النواب ترشحوا بقانون انتخابي أول في حين أن بعضهم الآخر في دوائر الخارج سيترشحون بقانون انتخابي معدّل.
في هذا السياق أوضح أمين الحلواني عن شبكة "مراقبون" أن نظام الاقتراع على الأفراد كان من المفروض أن يفرز عددا كبيرا من المرشحين إلا أن شرط التزكيات حال دون ذلك.
فيما نبّه إبراهيم الزغلامي الناشط في جمعية أوفياء لمراقبة الانتخابات، إلى أن مرور نواب بصفة آلية إلى البرلمان يطرح إشكالا يتعلق بمسألة سحب الوكالة من نائب لم ينتخبه الشعب فضلا عن الجهة التي يمكنها القيام بذلك.
يذكر أنه ووفق المرسوم الجديد، يمكن سحب الوكالة من النّائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النّيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح.
ولا يمكن سحب الوكالة قبل انقضاء الدورة النّيابية الأولى أو خلال الأشهر الستّة الأخيرة من المدة النّيابية. كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من النّائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النّيابية.
وتقدم عريضة سحب الوكالة معلّلة وممضاة من قبل عشر النّاخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النّائب المعني إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا. ويجب أن تكون الإمضاءات معرفا بها لدى السلط الإدارية المعنية أو أمام الهيئة.
ولا يمكن الرجوع في الإمضاءات بعد تقديمها إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا. تتولّى الهيئة إصدار قرار معلّل برفض العريضة أو إصدار قرار بقبولها.
كما تتولّى الهيئة إعلام النّائب المعني بالأمر ومجلس نواب الشعب ومن قام بإيداع العريضة بالقرار المتّخذ.
رفيق
+ من تداعيات المرسوم الانتخابي، دوائر دون مرشحين ومرشحون "نواب" دون انتخابات..
تونس- الصباح
يبدو أن التداعيات السلبية لبعض أحكام المرسوم الانتخابي الجديد الذي أصدره رئيس الجمهورية بتاريخ 15 سبتمبر الماضي لن تتوقف فقط عند مسار الانتخابات التشريعية المقبلة المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل، وهو المسار الذي يشهد عدة تقلبات خاصة منذ إقرار هيئة الانتخابات للروزنامة الانتخابية وانطلاقها في قبول الترشحات، بل ستمتد التداعيات إلى ما بعد الانتخابات خاصة بعد أن باحت القائمة الأولية للمترشحين بمفاجآت قد تترتب عنها إشكاليات قانونية وإجرائية ستظهر لاحقا عند تشكل البرلمان الجديد، وستكون حينها هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية والسلطة التشريعية (برلمان، رئيس الجمهورية) على وجه الخصوص أمام معضلات قانونية متراكمة عليها التعامل معها..
الملاحظ أنه منذ سن المرسوم الانتخابي وإصداره بالرائد الرسمي ظهرت عند بداية تطبيقه ثغرات وهنات وعيوب أبرزها على الإطلاق إشكالية شرط جمع 400 تزكية مع التنصيص على التعريف بالإمضاء على كل مزك، على أن تكون قائمة المزكين مناصفة بين النساء ورجال وشباب لكل ملف ترشح.. طبعا إلى جانب إشكاليات أخرى مثيرة للجدل مثل الصعوبات التي وجدتها المرأة للترشح بعد أن تم حذف شرط التناصف في تقديم الترشحات، والغموض الحاصل في مشاركة الأحزاب السياسية في العملية الانتخابية وتمويل مرشحيها، الأمر الذي جعل الهيئة تتردد في تأويل القانون وبرز ذلك خاصة من خلال التصريحات المتضادة لأعضاء الهيئة في ما يتعلق بطريقة مشاركة الأحزاب في الانتخابات من عدمها..
منذ الوهلة الأولى لفتح باب الترشحات، تأكد أن شرط جمع التزكيات صعّب عمليات الترشح وعقّد إجراءاتها خاصة أن المشرع لم يفكر في طريقة مبتكرة تعتمد التقنيات الحديثة للاتصال لجمع التزكيات تتفادى المعاملات الورقية والازدحام أمام شبابيك التعريف بالإمضاء بالبلديات، ما نتج عنه أمران، الأول في بروز شبهات شراء ذمم للناخبين وانتشار المال السياسي واستغلال المناصب الإدارية وسلطة المال والجاه والمواقع وهو ما أثبتته الوقائع بعد أن تمت إحالة العشرات ممن يشتبه في ارتكابهم تجاوزات في هذا الصدد للنيابة العمومية، والأمر الثاني تراجع عدد الترشحات وعجز عديد المرشحين عن استكمال ملفاتهم في الآجال القانونية خاصة بالنسبة لدوائر الخارج، رغم التمديد فيها بثلاثة أيام من قبل هيئة الانتخابات وما رافق ذلك من انتقادات واسعة..
ورغم محاولة رئيس الجهورية التدخل لتعديل بعض أحكام المرسوم الانتخابي بعد التفطّن إلى ثغراته، إلا أنه تراجع عن ذلك في آخر لحظة بعد أن اتضح أن التعديل لن يحل المشكلة بعد أن تقدمت هيئة الانتخابات في تنفيذ الروزنامة الانتخابية وفتحت آجال الترشح بشكل جعل من الصعب تقبل أية عملية تعديلية في القانون..
تداعيات سلبية وحصيلة ترشحات ضعيفة
ومن تداعيات ثغرات القانون الانتخابي وخاصة في ما يتعلق بشرط التزكيات الورقية مع اعتماد التعريف بالإمضاء، أن كانت حصيلة الترشحات دون المتوقع وكانت القائمة الأولية المعلنة عنها دون المأمول، إذ لم تتجاوز 1427 مترشحا، ثم تقلصت بعد دراستها إلى حوالي 1050 ترشحا، مع تسجيل نسبة لم تتجاوز 12 بالمائة للمرأة.
لكن الإشكال الأهم في قائمة المرشحين تركّز في ثلاث نقاط ستكون تداعياتها القانونية والواقعية وحتى السياسية كبيرة في قادم الأيام، منها ما يتعلق بغياب مترشحين عن سبع دوائر انتخابية بالخارج، وترشحين اثنين في ثماني دوائر، وترشح وحيد في عشر دوائر ما يعني أن جل المرشحين عنها يعتبرون بحكم القانون نوابا بالبرلمان المقبل دون حتى خوض غمار الحملة الانتخابية أو انتظار نتائج الاقتراع.. وهو سابقة تحصل لأول مرة في استحقاق انتخابي يفترض أن يحترم معايير ومبادئ الديمقراطية ونزاهة العلمية الانتخابية.؟؟
جدير بالذكر أن المرسوم الانتخابي الصادر في 17 سبتمبر 2022 الذي عدل في القانون الانتخابي المؤرخ في ماي 2014، نص على اعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد عوضاً عن القائمات واعتماد مبدأ سحب الوكالة وتقليص عدد النواب من 217 إلى 161، منهم 10 نواب عن الجالية بالخارج.
نفس المرسوم نص في فصله 109 على أنه "إذا تقدّم إلى الانتخابات مترشّح واحد في الدّائرة الانتخابيّة، فإنّه يصرّح بفوزه منذ الدّور الأوّل مهما كان عدد الأصوات التي تحصّل عليها." ما يعني أن عشر مرشحين يعتبرون وفق هذا الفصل نوابا مباشرة دون خوض الانتخابات بعد التأكد من عدم وجود منافسين لهم.
معضلات قانونية وإشكاليات انتخابية
ويكمن الإشكال أمام هيئة الانتخابات والمحكمة الإدارية لاحقا في كيفية سد الشغورات في سبع دوائر انتخابية بالخارج لم تشهد ترشحات بسبب شرط التزكيات، وأيضا في طريقة تعاملها مع المرشحين العشر الذين فازوا بالقانون دون انتخابات، هل سيشملهم مثلا الفصل المتعلق بحسب الوكالة وهم مبدئيا وصلوا إلى البرلمان دون ناخبين؟؟
علما أن سحب الوكالة كما ينص عليه القانون الجديد، يجعل النائب تحت سلطة من انتخبه، أي أن الشعب الذي انتخبه يمكن أن يسحب وكالته منه متى لم يطبق وعوده الانتخابية، لكن في هذه الحالة هناك عشر نواب مفترضين لم يحتاجوا إلى ناخبين للوصول إلى البرلمان وقد يطرح، تقديم عريضة من الناخبين المحليين عن الدوائر التي ترشحوا فيها لسحب الوكالة منهم إشكاليات قانونية عديدة..
وكان بعض العارفين بالشأن الانتخابي على غرار نشطاء بالمجتمع المدني وأساتذة قانون انتقدوا بشدة المرسوم الانتخابي وحذوا من تداعياته على مستقبل العملية الديمقراطية في تونس، بل إن بعضهم ذهب إلى ابعد من ذلك ودعا إلى، إما تأجيل الانتخابات وإعادة النظر في التشريعات المتعلقة بها، أو مقاطعتها تماما، على غرار أستاذ القانون الصغير الزكراوي الذي انتقد مسار انتخابات 17 ديسمبر ووصفها بأنها غير شرعيّة.
وقال أمس في تصريح لراديو شمس اف ام أن الرئيس قيس سعيد جعلنا "أضحوكة في العالم" عبر مرسوم انتخابي جعل بعض المرشحين نوابا دون انتخابات في الدوائر التي فيها ترشح واحد فيما يوجد دوائر انتخابية بها صفر ترشحات، داعيا المواطنين الى مقاطعة الانتخابات التشريعية. ولاحظ أنه سيتم سحب الوكالة من نواب لم ينتخبهم أحد، ووصف المسار الانتخابي بالمهزلة والعبثي..
أيضا وصف الناشط السياسي حسام الحامي منسق ائتلاف صمود في تدوينه له على صحفته بموقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أنه عوض أن يتم تحديد المرشحان اللذين سوف يمرّان للدور الثاني والمرشح الذي سوف يفوز في الانتخابات بالصندوق يتكفل القانون الانتخابي بذالك!
وقال:"في هذه الحالة لماذا اللجوء للانتخابات أصلا.. يكفي الترفيع في عدد التزكيات حتى نحصل على مجلس "المطلبية الجهوية" دون استنزاف مقدّرات المجموعة الوطنيّة وكف عناء الانتخاب عن المواطن المسلوب المواطنة.
وتابع:"سوف تبقى هذه الانتخابات وصمة عار في تاريخ تونس وتتحمل الهيئة "المشرفة على الانتخابات" جزءا مهما من المسؤولية بقبول تنظيم الانتخابات التشريعيّة حسب القانون الانتخابي فرضه الرئيس بصفة أحادية.. قانون غير صالح للانتخابات.."
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أعلن أنّ سبع دوائر انتخابية بالخارج لم تسجّل فيها ترشحات، هي فرنسا 1 وألمانيا وبقية الدول الأوروبية والدول العربيّة والأميركيتان وآسيا وأستراليا وأفريقيا، ولن يكون بالتالي التونسيون الذين يعيشون في تلك المناطق ممثلين في البرلمان، إلى حين إجراء انتخابات جزئية جديدة بعد ذلك..
لكن تنظيم انتخابات جزئية لسد شغورات دوائر الخارج لن يكون ممكنا إلا بعد تنقيح المرسوم الانتخابي، وحذف شرط التزكيات أو التقليص في عددها..
وكان المتحدث باسم هيئة الانتخابات، محمد المنصري، قد دعا في تصريح إذاعي إلى أن يتم التفكير في التقليص من عدد التزكيات المطلوبة خاصة بالنسبة للترشحات في الخارج، معتبرا أن السبب الأصلي لغيابها هو عدم تجميع التزكيات. وأثارت هذه الدعوة جدلا باعتبار أن بعض النواب ترشحوا بقانون انتخابي أول في حين أن بعضهم الآخر في دوائر الخارج سيترشحون بقانون انتخابي معدّل.
في هذا السياق أوضح أمين الحلواني عن شبكة "مراقبون" أن نظام الاقتراع على الأفراد كان من المفروض أن يفرز عددا كبيرا من المرشحين إلا أن شرط التزكيات حال دون ذلك.
فيما نبّه إبراهيم الزغلامي الناشط في جمعية أوفياء لمراقبة الانتخابات، إلى أن مرور نواب بصفة آلية إلى البرلمان يطرح إشكالا يتعلق بمسألة سحب الوكالة من نائب لم ينتخبه الشعب فضلا عن الجهة التي يمكنها القيام بذلك.
يذكر أنه ووفق المرسوم الجديد، يمكن سحب الوكالة من النّائب في دائرته الانتخابية في صورة إخلاله بواجب النّزاهة أو تقصيره البين في القيام بواجباته النّيابية أو عدم بذله العناية المطلوبة لتحقيق البرنامج الذي تقدم به عند الترشح.
ولا يمكن سحب الوكالة قبل انقضاء الدورة النّيابية الأولى أو خلال الأشهر الستّة الأخيرة من المدة النّيابية. كما لا يمكن تقديم عريضة سحب الوكالة من النّائب إلا مرة واحدة طيلة المدة النّيابية.
وتقدم عريضة سحب الوكالة معلّلة وممضاة من قبل عشر النّاخبين المسجلين بالدائرة الانتخابية التي ترشح بها النّائب المعني إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا. ويجب أن تكون الإمضاءات معرفا بها لدى السلط الإدارية المعنية أو أمام الهيئة.
ولا يمكن الرجوع في الإمضاءات بعد تقديمها إلى الإدارة الفرعية للانتخابات المختصة ترابيا. تتولّى الهيئة إصدار قرار معلّل برفض العريضة أو إصدار قرار بقبولها.
كما تتولّى الهيئة إعلام النّائب المعني بالأمر ومجلس نواب الشعب ومن قام بإيداع العريضة بالقرار المتّخذ.