إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

غموض واتهامات في التعاطي مع الأزمات: الرئيس أم الحكومة.. من يتحمل المسؤولية أمام الشعب؟

 

تونس – الصباح

مع تتالي الأزمات في علاقة بوضعية اقتصادية صعبة تعيشها تونس منذ مدة يتساءل اغلب التونسيين عن المسؤول أمامهم عن تفاقم الإشكاليات بدءا بندرة المواد الغذائية ومشكل المحروقات والتعليم وصولا الى نقص الأدوية، فهل المسؤول اليوم أمام الشعب هو رئيس الدولة الذي أصبحت تجتمع بين يديه مجمل الصلاحيات بعد 25 جويلية 2021؟ أم أعضاء حكومته؟

غالبا ما نجد رئيس الدولة في اغلب لقاءاته بأعضاء حكومته يحمل المسؤولية لأطراف لا يكشف عنها، بل فقط يوجه إليها الاتهامات من قبيل المؤامرة وضرب الدولة.. وقد يذهب البعض الى الاعتقاد بأن سعيد يريد ان يلقي بمسؤولية الوضع الصعب خاصة على المستوى الاقتصادي على أطراف أخرى إذ نجده يطالب أعضاء حكومته بحل الإشكالات وإيجاد الإجراءات اللازمة لاحتواء الأزمات مثلما حصل مع وزير التربية والتجارة وأخيرا الصحة.

سياسة الغموض

المؤرخ والأكاديمي عبد اللطيف الحناشي اعتبر أن رئيس الدولة من البداية ومن خلال تصريحاته وحتى لقاءاته بأعضاء الحكومة نجده يتبع سياسة الغموض ليجعل الناس في حيرة من أمرهم لأنه لا يوجه خطابه الى طرف معين وبشكل مباشر فهو يتحدث عن المفعول به دون ان يتحدث عن الفاعل في علاقة بأي مشكل أو أزمة تعترضها البلاد..

ويعتبر الحناشي انه ليس بالضرورة أن يتحمل رئيس الدولة حتى لو تجمعت بيده كل السلط مسؤولية حل كل مشاكل البلاد لان له حكومة عينها ودور وزرائها هو تحديد سياسات عمل صلب وزاراتهم وإدارة الأزمات حال وقوعها ولكن المشكل هو انتهاج سياسة الغموض على المستوى الاتصالي لرئيس الدولة ودائما ما نجد سعيد يترفع ويلقي المسؤولية على عاتق الآخرين دون أن يقدم حلولا نظرية أو إجرائية.

ولاحظ الحناشي في سياق حديثه لـ"الصباح" أن دعوة رئيس الدولة في كل مرة لأحد أعضاء الحكومة تكون بعد وقوع الأزمة وهذا شاهدناه في علاقة بفقدان مواد أساسية وأخيرا في علاقة بنقص الأدوية وكأننا أمام عملية تشهير بان الوزير أو المسؤول غير قائم بواجبه وفي نفس الوقت يحاول الرئيس التنصل من المسؤولية رغم انه هو المسؤول الأول عن تعيين هذه الحكومة ولأشخاص قد يبدو أن بعضهم غير قادر على مجابهة تتالي الأزمات.

وحسب محدثنا فان الحكومة يجب أن تجد لها رؤية عمل متكاملة بالاتفاق مع رئيس الدولة ولو كانت حكومة بودن لها خلفية حزبية لما عاشت كل هذه الصعوبات خاصة في علاقة بالملفات الاقتصادية والاجتماعية لان في الحكومات السابقة وأساسا التي تشكلت بتوافق لاحظنا وجود برامج لكن اليوم لم تعد توجد سياسة في تونس أو منهجية عمل حكومي واضحة لأننا شاهدنا في الفترة الأخيرة تضاربا حتى في تصريحات أعضاء الحكومة نفسها ليخرج علينا كل وزير بتصريح مختلف عن الآخر رغم انه يتحدثون عن نفس الموضوع لذلك أصبح حل المشاكل على مستوى هذه الحكومة يزيد من تعميق المشكل وقد يخلق أحيانا كثيرة إشكالات أخرى وهذا الخطير لأنه لا يوجد رؤية واضحة ومتكاملة لتسيير دواليب الدولة.

صورة نمطية

فيما ذهب خالد عبيد المؤرخ والمحلل السياسي بالقول ان رئاسة الجمهورية اختارت توجه اتصالي من البداية يتمثل في تعاطي رئيس الدولة مباشرة مع ما تمر به البلاد من أحداث لهذا نشاهده يستقبل أعضاء الحكومة بشكل مستمر خاصة إذا تعلق الأمر بأزمة معينة مثل ندرة المواد الغذائية وأزمة التعليم والمحروقات وأخيرا نفس الأدوية ورأينا الرئيس استقبل وزير الصحة أول أمس الذي دعاه الى حل الإشكال وتباحث معه بعض المسائل الإجرائية وهذا لا يعني تحميل المسؤولية لطرف معين لان الرئيس يعتبر شريكا في المسؤوليات باعتبار انه في النظام الرئاسي الحكومة مسؤولة أمام الرئيس وهو المسؤول أمام شعبه.

وأضاف عبيد أن الصورة النمطية التي ستخرج من خلال هذه اللقاءات هو أن رئيس الدولة أعطى تعليماته فان طبقت فهذا يعود الى رئيس الدولة وان لم يطبق ذلك فالمسؤولية يتحملها الوزير لان الرئيس أعطى تعليماته ولم يتم تطبيقها.

كما أشار عبيد الى أن سعيد يريد أن يعطي صورة للرأي العام انه مطلع على كل الملفات، لكن على مستوى حكومي فان الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقاتها باستثناء حكومة الحبيب الصيد التي أرادت أن تنفذ مخططا تنمويا، هذا بالإضافة الى أن اغلب أعضاء الحكومة الحالية يدركون أنهم وقتيون لأنه من المؤكد انه سيقع تغيير هذه الحكومة بعد الانتخابات التشريعية لذلك قد يكون دورهم الحالي تصريف أعمال لا غير وليس لهم حق التصرف المطلق، حسب اعتقاده.

 

جهاد الكلبوسي

غموض واتهامات في التعاطي مع الأزمات: الرئيس أم الحكومة.. من يتحمل المسؤولية أمام الشعب؟

 

تونس – الصباح

مع تتالي الأزمات في علاقة بوضعية اقتصادية صعبة تعيشها تونس منذ مدة يتساءل اغلب التونسيين عن المسؤول أمامهم عن تفاقم الإشكاليات بدءا بندرة المواد الغذائية ومشكل المحروقات والتعليم وصولا الى نقص الأدوية، فهل المسؤول اليوم أمام الشعب هو رئيس الدولة الذي أصبحت تجتمع بين يديه مجمل الصلاحيات بعد 25 جويلية 2021؟ أم أعضاء حكومته؟

غالبا ما نجد رئيس الدولة في اغلب لقاءاته بأعضاء حكومته يحمل المسؤولية لأطراف لا يكشف عنها، بل فقط يوجه إليها الاتهامات من قبيل المؤامرة وضرب الدولة.. وقد يذهب البعض الى الاعتقاد بأن سعيد يريد ان يلقي بمسؤولية الوضع الصعب خاصة على المستوى الاقتصادي على أطراف أخرى إذ نجده يطالب أعضاء حكومته بحل الإشكالات وإيجاد الإجراءات اللازمة لاحتواء الأزمات مثلما حصل مع وزير التربية والتجارة وأخيرا الصحة.

سياسة الغموض

المؤرخ والأكاديمي عبد اللطيف الحناشي اعتبر أن رئيس الدولة من البداية ومن خلال تصريحاته وحتى لقاءاته بأعضاء الحكومة نجده يتبع سياسة الغموض ليجعل الناس في حيرة من أمرهم لأنه لا يوجه خطابه الى طرف معين وبشكل مباشر فهو يتحدث عن المفعول به دون ان يتحدث عن الفاعل في علاقة بأي مشكل أو أزمة تعترضها البلاد..

ويعتبر الحناشي انه ليس بالضرورة أن يتحمل رئيس الدولة حتى لو تجمعت بيده كل السلط مسؤولية حل كل مشاكل البلاد لان له حكومة عينها ودور وزرائها هو تحديد سياسات عمل صلب وزاراتهم وإدارة الأزمات حال وقوعها ولكن المشكل هو انتهاج سياسة الغموض على المستوى الاتصالي لرئيس الدولة ودائما ما نجد سعيد يترفع ويلقي المسؤولية على عاتق الآخرين دون أن يقدم حلولا نظرية أو إجرائية.

ولاحظ الحناشي في سياق حديثه لـ"الصباح" أن دعوة رئيس الدولة في كل مرة لأحد أعضاء الحكومة تكون بعد وقوع الأزمة وهذا شاهدناه في علاقة بفقدان مواد أساسية وأخيرا في علاقة بنقص الأدوية وكأننا أمام عملية تشهير بان الوزير أو المسؤول غير قائم بواجبه وفي نفس الوقت يحاول الرئيس التنصل من المسؤولية رغم انه هو المسؤول الأول عن تعيين هذه الحكومة ولأشخاص قد يبدو أن بعضهم غير قادر على مجابهة تتالي الأزمات.

وحسب محدثنا فان الحكومة يجب أن تجد لها رؤية عمل متكاملة بالاتفاق مع رئيس الدولة ولو كانت حكومة بودن لها خلفية حزبية لما عاشت كل هذه الصعوبات خاصة في علاقة بالملفات الاقتصادية والاجتماعية لان في الحكومات السابقة وأساسا التي تشكلت بتوافق لاحظنا وجود برامج لكن اليوم لم تعد توجد سياسة في تونس أو منهجية عمل حكومي واضحة لأننا شاهدنا في الفترة الأخيرة تضاربا حتى في تصريحات أعضاء الحكومة نفسها ليخرج علينا كل وزير بتصريح مختلف عن الآخر رغم انه يتحدثون عن نفس الموضوع لذلك أصبح حل المشاكل على مستوى هذه الحكومة يزيد من تعميق المشكل وقد يخلق أحيانا كثيرة إشكالات أخرى وهذا الخطير لأنه لا يوجد رؤية واضحة ومتكاملة لتسيير دواليب الدولة.

صورة نمطية

فيما ذهب خالد عبيد المؤرخ والمحلل السياسي بالقول ان رئاسة الجمهورية اختارت توجه اتصالي من البداية يتمثل في تعاطي رئيس الدولة مباشرة مع ما تمر به البلاد من أحداث لهذا نشاهده يستقبل أعضاء الحكومة بشكل مستمر خاصة إذا تعلق الأمر بأزمة معينة مثل ندرة المواد الغذائية وأزمة التعليم والمحروقات وأخيرا نفس الأدوية ورأينا الرئيس استقبل وزير الصحة أول أمس الذي دعاه الى حل الإشكال وتباحث معه بعض المسائل الإجرائية وهذا لا يعني تحميل المسؤولية لطرف معين لان الرئيس يعتبر شريكا في المسؤوليات باعتبار انه في النظام الرئاسي الحكومة مسؤولة أمام الرئيس وهو المسؤول أمام شعبه.

وأضاف عبيد أن الصورة النمطية التي ستخرج من خلال هذه اللقاءات هو أن رئيس الدولة أعطى تعليماته فان طبقت فهذا يعود الى رئيس الدولة وان لم يطبق ذلك فالمسؤولية يتحملها الوزير لان الرئيس أعطى تعليماته ولم يتم تطبيقها.

كما أشار عبيد الى أن سعيد يريد أن يعطي صورة للرأي العام انه مطلع على كل الملفات، لكن على مستوى حكومي فان الحكومة الحالية لا تختلف عن سابقاتها باستثناء حكومة الحبيب الصيد التي أرادت أن تنفذ مخططا تنمويا، هذا بالإضافة الى أن اغلب أعضاء الحكومة الحالية يدركون أنهم وقتيون لأنه من المؤكد انه سيقع تغيير هذه الحكومة بعد الانتخابات التشريعية لذلك قد يكون دورهم الحالي تصريف أعمال لا غير وليس لهم حق التصرف المطلق، حسب اعتقاده.

 

جهاد الكلبوسي