مدينة الرياض السعودية تغريك بدفء الكلمة الطيبة من أصحابها، وبشموخها وجمالها الرائع؛ الذي صاغه الله وآرتضته السماء.. ففي هذه المدينة ترى صدق المقاصد، وطيب العشرة، والوجه الحسن، والابتسامة المنبثقة من القلب.. وتشاهد مواقع الجذب الطبيعية والسياحية ؛ التي افتتن بها ملك الشعراء أمرؤ القيس في القديم، وفي العصر الحديث ترى خطط الإنشاء والتعمير، وسيادة الأمن والطمأنينة من رجال أوفياء اتصفوا بالحكمة والحنكة وبرجاحة العقل.
والرياض كمدينة شاهقة.. هي عزيزة لدى الجميع، وأهلتها الأزمنة لتكون مرآة على العصور؛ بوصفها خزانا ثريا في حكايات الأمس والعرب الأول .. ولدورها في تعزيز الأخوة العربية، وفي مساندة الأدباء وأصحاب الأقلام ؛ منذ بدايات تأسيس الدولة السعودية في عهد الراحل الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه : (1877- 1953م).
والرياض كعاصمة للبلاد ؛ تقع في قلب المملكة .. وتعد واحدة من أكبر مدن العالم توسعا، وهي امتداد طبيعي لمدينة (حجر اليمامة التاريخية..) .. ومع مرور السنين - وتحديدا منذ القرن الثامن عشر الميلادي - تألقت كمدينة ذات شهرة واسعة.. ثم توسعت بما أضافته حولها من قرى وأراضي وبساتين.. وعظمة الرياض ماثلة أمامنا فيما احتضته من وزارات وكليات، وجامعات ومراكز للبحوث وتتكون من مدن عديدة ومحافظات.. ومتميّزة بمعالمها التاريخية وبآثارها، وتضاريس أوديتها الشهيرة وأهمها: وادي حنيفة، الذي يخترق المدينة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي ويبلغ طوله 120كم، كما يلهمك جبل عسيب إلى ما لحق بالشاعر أمرؤ القيس لما أدركته الوفاة عام 560م فوقف في سفح الجبل وبالقرب من قبر حبيبته من بنات الملوك ليقول :
أجارتنا إن المزار قريب وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنّا غريبان ههناوكل غريب للغريب نسيب
والعربي الأصيل إذا ما أتيح له أن يزورا الرياض ؛ فسوف... يجد أصدقاء له هناك، كما يستمتع بمذاقات (القهوة السعودية المنعشة) وبـ"التمر الشهي" الوارد عليها من مدينة الرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه.. والرياض تتيح لزائرها أيضا ؛ أن يتعرف على الكثير من الشعراء والأدباء والأعلام ؛ الذين تفتخر بهم المملكة ... وجميعهم تميّزوا بالحكمة والحنكة.. وخير ما يهدونه إليه : هي الكتب والتمر الشهي.
** وفي أيام إقامتي في الرياض ؛ تعرفت على أصدقاء وأدباء من السعودية، وتبادلنا الآراء والحكايات عن الأمجاد، وعلى توظيف المعرفة للأجيال وعن رسالة الأديب ودوره، وما يفيد الحاضر والمستقبل لتفيض خواطر الكاتب وتصعد أعماله نحو (الشمس الكبيرة).. وأحد الكتاب السعوديين هناك ؛ وهو الروائي (ياسر الغزلان) لما سألته عن روايته " الأمارجي" أجابني بقوله: "روايتي هي مزيج من أصوات الناس ؛ وهي رواية خيالية من حيث الغموض، إلا أنها تقع في زمن واقعي وفي مكان محدد.."
ومدينة الرياض تستقبلك بالترحاب إذا ما زرت متحفها الوطني؛ وهو متحف عجيب صمم على أساس التسلسل التاريخي والأثري للجزيرة العربية، والكائن مقره في الجانب الشرقي من الميدان الرئيسي للمنتزه، وقد أقيم على أرض مساحتها17 ألف متر مربع، وتبلغ مساحة مبانيه 28 ألف متر مربع.
والزائر للرياض الفيحاء ؛ تتاح له أيضا فرص الإطلاع على الاستراجيات التنموية للإنماء الإجتماعي، والمتمثلة في مجموعة واسعة من السياسيات والبرامج لمعالجة الفقر، وحسب التبويب المعلن في المحاور التالية كـ :
توسيع شبكة الضمان الإجتماعي، وتأهيل البنية المؤسسية والإدارة.
وتنمية الموارد البشرية ورأس المال، مع تشغيل الفقراء، والإستفادة من النمو الإقتصادي المتوازن الخ...
كما يلاحظ حرص المسؤولين في الدولة على النجاح في القضاء على الأمية.
الأحاديث أيام المعرض تركزت عن نهضة السعودية.. وعن الواقع والمأمول، وعن نشاط المرأة في مجال الثقافة والتعليم من خلال كتاب الأديبة السعودية، الدكتورة شريفة بنت راجح الراجح، الكتاب الاكثر رواجا في المعرض، ومما تميز به هذا الكتاب أن المؤلفة تناولت فيه عديد القضايا ؛ التي تشغل بال المرأة السعودية.. وترى فيه أن المملكة السعودية تشهد حراكا واسعا في جميع المجالات ؛ التي تلبي احتياجات التنمية المستدامة والمتوازنة، وتسير بخطى ثابتة نحو التواء م والتكيف مع المتغيرات الدولية..
تقول الكاتبة : لقد أعطى الإسلام حقوقا للمرأة وساوى بينها وبين الرجل في المكانة والواجبات .. والرسول الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه يقول: "النساء شقائق الرجال".. ولذا اتخذت المملكة عدة قرارات لتمكين المرأة من المساهمة في صنع القرارات.. وتقول الكاتبة عن هذا الصنيع : "هو منعطف مرحلي ستتلوه حقوق أخرى لانتفاء التمييز بين الرجل والمرأة، وتؤكد أيضا على أن مقتضيات التنمية سوف تقوم على المشاركة بين الجنسين، وأن التشريعات والقوانين لم تميز بينهما فيما عدا بعض اللوائح المنظمة لإجازات الوضع والأمومة الخاصة بالمرأة.
وفي أمسيات أيام المعرض ؛ استمتعت بمداخلات المفكرين التونسيين، وبلقاءات وحوارات جادة مع أصدقاء وأدباء كبارا أمثال : د.محمد بن حسن علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة ؛ وقد قدمت له مجموعة من مؤلفاتي ووعدني بنشر كتاب لي جديد بعنوان : "المدينة المنورة.. بعين تونسية" وبترجمة كتاب آخر لي بعنوان : "مقاهي نجيب محفوظ في مرفأ الذاكرة" إلى إحدى اللغات.. وسبق لدار (مدبولي بالقاهرة) نشره في عام 2008م.
ومن المفكرين الذين التقيت بهم كان الدكتور سعيد بن محمد الصقلاوي مستشار سمو هيثم بن قابوس سلطان عمان.
الحوارات في جلسات المعرض دارت حول : قضايا الشعراء، والمسرح، والترجمة، والرواية، وحول ما تزخر به الذاكرة عن أدباء كبارا خاضوا المعارك الأدبية أمثال : د. طه حسين، وعباس العقاد، ومحمود تيمور، ويحي حقي، وزكي مبارك، وعبد الرحمان الشرقاوي، كما دار الحديث حول : (نوبل للآداب) وفوز الكاتبة الفرنسية: (آني إرنو) بها هذه السنة... وقلت عنها شخصيا : إنها أديبة متحررة، وكاتبة السهل الممتنع، وتتسم بالجرأة، وصاحبة موقف في العديد من القضايا، ومؤيدة للقضية الفلسطينية ؛ فهي جديرة بهذه الجائزة وبهذا التكريم ؛ علما وأن الكاتب العربي الكبير نجيب محفوظ قد فاز هو أيضا بهذه الجائزة ورفع بها من قدر وشأن العرب عموما.
تلكم هي بعض الخواطر عن معرض الكتاب بالرياض هذه السنة والذي كانت فيه تونس ضيفة شرف.
بقلم : رشيد الذوادي
مدينة الرياض السعودية تغريك بدفء الكلمة الطيبة من أصحابها، وبشموخها وجمالها الرائع؛ الذي صاغه الله وآرتضته السماء.. ففي هذه المدينة ترى صدق المقاصد، وطيب العشرة، والوجه الحسن، والابتسامة المنبثقة من القلب.. وتشاهد مواقع الجذب الطبيعية والسياحية ؛ التي افتتن بها ملك الشعراء أمرؤ القيس في القديم، وفي العصر الحديث ترى خطط الإنشاء والتعمير، وسيادة الأمن والطمأنينة من رجال أوفياء اتصفوا بالحكمة والحنكة وبرجاحة العقل.
والرياض كمدينة شاهقة.. هي عزيزة لدى الجميع، وأهلتها الأزمنة لتكون مرآة على العصور؛ بوصفها خزانا ثريا في حكايات الأمس والعرب الأول .. ولدورها في تعزيز الأخوة العربية، وفي مساندة الأدباء وأصحاب الأقلام ؛ منذ بدايات تأسيس الدولة السعودية في عهد الراحل الملك عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه : (1877- 1953م).
والرياض كعاصمة للبلاد ؛ تقع في قلب المملكة .. وتعد واحدة من أكبر مدن العالم توسعا، وهي امتداد طبيعي لمدينة (حجر اليمامة التاريخية..) .. ومع مرور السنين - وتحديدا منذ القرن الثامن عشر الميلادي - تألقت كمدينة ذات شهرة واسعة.. ثم توسعت بما أضافته حولها من قرى وأراضي وبساتين.. وعظمة الرياض ماثلة أمامنا فيما احتضته من وزارات وكليات، وجامعات ومراكز للبحوث وتتكون من مدن عديدة ومحافظات.. ومتميّزة بمعالمها التاريخية وبآثارها، وتضاريس أوديتها الشهيرة وأهمها: وادي حنيفة، الذي يخترق المدينة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي ويبلغ طوله 120كم، كما يلهمك جبل عسيب إلى ما لحق بالشاعر أمرؤ القيس لما أدركته الوفاة عام 560م فوقف في سفح الجبل وبالقرب من قبر حبيبته من بنات الملوك ليقول :
أجارتنا إن المزار قريب وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنّا غريبان ههناوكل غريب للغريب نسيب
والعربي الأصيل إذا ما أتيح له أن يزورا الرياض ؛ فسوف... يجد أصدقاء له هناك، كما يستمتع بمذاقات (القهوة السعودية المنعشة) وبـ"التمر الشهي" الوارد عليها من مدينة الرسول الأعظم محمد صلوات الله عليه.. والرياض تتيح لزائرها أيضا ؛ أن يتعرف على الكثير من الشعراء والأدباء والأعلام ؛ الذين تفتخر بهم المملكة ... وجميعهم تميّزوا بالحكمة والحنكة.. وخير ما يهدونه إليه : هي الكتب والتمر الشهي.
** وفي أيام إقامتي في الرياض ؛ تعرفت على أصدقاء وأدباء من السعودية، وتبادلنا الآراء والحكايات عن الأمجاد، وعلى توظيف المعرفة للأجيال وعن رسالة الأديب ودوره، وما يفيد الحاضر والمستقبل لتفيض خواطر الكاتب وتصعد أعماله نحو (الشمس الكبيرة).. وأحد الكتاب السعوديين هناك ؛ وهو الروائي (ياسر الغزلان) لما سألته عن روايته " الأمارجي" أجابني بقوله: "روايتي هي مزيج من أصوات الناس ؛ وهي رواية خيالية من حيث الغموض، إلا أنها تقع في زمن واقعي وفي مكان محدد.."
ومدينة الرياض تستقبلك بالترحاب إذا ما زرت متحفها الوطني؛ وهو متحف عجيب صمم على أساس التسلسل التاريخي والأثري للجزيرة العربية، والكائن مقره في الجانب الشرقي من الميدان الرئيسي للمنتزه، وقد أقيم على أرض مساحتها17 ألف متر مربع، وتبلغ مساحة مبانيه 28 ألف متر مربع.
والزائر للرياض الفيحاء ؛ تتاح له أيضا فرص الإطلاع على الاستراجيات التنموية للإنماء الإجتماعي، والمتمثلة في مجموعة واسعة من السياسيات والبرامج لمعالجة الفقر، وحسب التبويب المعلن في المحاور التالية كـ :
توسيع شبكة الضمان الإجتماعي، وتأهيل البنية المؤسسية والإدارة.
وتنمية الموارد البشرية ورأس المال، مع تشغيل الفقراء، والإستفادة من النمو الإقتصادي المتوازن الخ...
كما يلاحظ حرص المسؤولين في الدولة على النجاح في القضاء على الأمية.
الأحاديث أيام المعرض تركزت عن نهضة السعودية.. وعن الواقع والمأمول، وعن نشاط المرأة في مجال الثقافة والتعليم من خلال كتاب الأديبة السعودية، الدكتورة شريفة بنت راجح الراجح، الكتاب الاكثر رواجا في المعرض، ومما تميز به هذا الكتاب أن المؤلفة تناولت فيه عديد القضايا ؛ التي تشغل بال المرأة السعودية.. وترى فيه أن المملكة السعودية تشهد حراكا واسعا في جميع المجالات ؛ التي تلبي احتياجات التنمية المستدامة والمتوازنة، وتسير بخطى ثابتة نحو التواء م والتكيف مع المتغيرات الدولية..
تقول الكاتبة : لقد أعطى الإسلام حقوقا للمرأة وساوى بينها وبين الرجل في المكانة والواجبات .. والرسول الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله عليه يقول: "النساء شقائق الرجال".. ولذا اتخذت المملكة عدة قرارات لتمكين المرأة من المساهمة في صنع القرارات.. وتقول الكاتبة عن هذا الصنيع : "هو منعطف مرحلي ستتلوه حقوق أخرى لانتفاء التمييز بين الرجل والمرأة، وتؤكد أيضا على أن مقتضيات التنمية سوف تقوم على المشاركة بين الجنسين، وأن التشريعات والقوانين لم تميز بينهما فيما عدا بعض اللوائح المنظمة لإجازات الوضع والأمومة الخاصة بالمرأة.
وفي أمسيات أيام المعرض ؛ استمتعت بمداخلات المفكرين التونسيين، وبلقاءات وحوارات جادة مع أصدقاء وأدباء كبارا أمثال : د.محمد بن حسن علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة ؛ وقد قدمت له مجموعة من مؤلفاتي ووعدني بنشر كتاب لي جديد بعنوان : "المدينة المنورة.. بعين تونسية" وبترجمة كتاب آخر لي بعنوان : "مقاهي نجيب محفوظ في مرفأ الذاكرة" إلى إحدى اللغات.. وسبق لدار (مدبولي بالقاهرة) نشره في عام 2008م.
ومن المفكرين الذين التقيت بهم كان الدكتور سعيد بن محمد الصقلاوي مستشار سمو هيثم بن قابوس سلطان عمان.
الحوارات في جلسات المعرض دارت حول : قضايا الشعراء، والمسرح، والترجمة، والرواية، وحول ما تزخر به الذاكرة عن أدباء كبارا خاضوا المعارك الأدبية أمثال : د. طه حسين، وعباس العقاد، ومحمود تيمور، ويحي حقي، وزكي مبارك، وعبد الرحمان الشرقاوي، كما دار الحديث حول : (نوبل للآداب) وفوز الكاتبة الفرنسية: (آني إرنو) بها هذه السنة... وقلت عنها شخصيا : إنها أديبة متحررة، وكاتبة السهل الممتنع، وتتسم بالجرأة، وصاحبة موقف في العديد من القضايا، ومؤيدة للقضية الفلسطينية ؛ فهي جديرة بهذه الجائزة وبهذا التكريم ؛ علما وأن الكاتب العربي الكبير نجيب محفوظ قد فاز هو أيضا بهذه الجائزة ورفع بها من قدر وشأن العرب عموما.
تلكم هي بعض الخواطر عن معرض الكتاب بالرياض هذه السنة والذي كانت فيه تونس ضيفة شرف.