إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تزامنا مع الحكم في قضية عمر العبيدي وتواصل الوفايات المسترابة .. جمعية المحامين الشبان تدعو رئيس الجمهورية للتدخل العاجل لوضع حد لـ" العنف البوليسي"

 

 - حملة "تعلم عوم"  تؤكد وجود تواطؤ لترسيخ سياسة الإفلات من العقاب

تونس- الصباح

صدر خلال الأسبوع الماضي الحكم في قضية محب النادي الافريقي عمر العبيدي بعد انتظار دام لاكثر من أربع سنوات ونصف ولكن هذا الحكم حسب ما أكدته هيئة الدفاع عن عمر العبيدي لم يكن حسب رأيهم منصفا وهم سيقومون باستئنافه  وبالتزامن مع ذلك توفي شاب كان موقوفا بسجن المرناقية في ظروف غامضة وقد تم فتح بحث يتعلق بوفاة مسترابة فيما نفت الهيئة العامة للسجون ما تم تداوله من تعرض الهالك للعنف . 

من جهتها أعلنت الجمعية التونسية للمحامين الشبان في بيان لها نهاية الأسبوع الفارط عن تكوين لجنة قانونية مفتوحة لكل المحاميات والمحامين للتطوع في كل الملفات المتعلقة بالعنف البوليسي وعلى رأسها قضية مقتل الشاب عمر العبيدي في طورها الإستئنافي وما يليه، كما حملت الجمعية صلب بيانها المسؤولية كاملة للسلط الرسمية وحذرتها من تداعيات مثل هذه الممارسات.

دعوة للتحرك العاجل

ودعت الجمعية رئيس الجمهورية بصفته المسؤول الأول في الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة إلى التحرك العاجل وانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان، وأكدت  الجمعية بأنها تتابع مجريات الأمورفي الآونة الأخيرة وتطورات الأحداث على كافة المستويات وخاصة منها  الإقتصادية والإجتماعية والحقوقية من تصاعد وتيرة الإعتداءات البوليسية ضد المواطنين والمساجين وذوي الشبهة ما أدى إلى إزهاق أرواح بشرية دون وجه حق، تلتها أحكام قضائية بعيدة كل البعد عن تطبيق القانون وتحقيق العدالة وحماية الحق العام والحرمة الجسدية والحق في الحياة، علاوة عن تفاقم الأزمة الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل غياب شبه كلي للسلط الرسمية وارتفاع منسوب الاحتقان لدى أبناء الشعب التونسي.

تواطؤ

 وفي ذات السياق أصدرت امس حملة "تعلم عوم" بيانا على خلفية الحكم الصادر الاسبوع الفارط في قضية عمر العبيدي وقد عبرت من خلال البيان عن وعيها  بحجم الضغوطات التي مارستها وزارة الداخلية ونقاباتها وكل أذرع الدولة  ابتداءً من البلاغ الكاذب الذي أصدرته نفس الوزارة  إلى حدود التكييف اللاقانوني للواقعة والتلاعب بالملف، وأكدت صلب البيان ارتكاز المنظومة الأمنية على منظومة قانونية وقضائية متواطئة لترسيخ سياسة ثقافة الإفلات من العقاب.

واعتبرت الحملة ان الحكم الصادر في حق الاثني عشر عون بوليس من قتلة عمر العبيدي هو بمثابة نكران للعدالة ولحق عمر العبيدي وعائلته واصدقائه وكل ضحايا العنف البوليسي وضحايا جرائمهم وضحايا  العنف الهيكلي الممنهج، واكدت أن الحملة لازالت قائمة الذات وستقوم بكافة التحركات اللازمة الى حدود محاسبة القتلة.

وقالت الحملة صلب بيانها "إن صرخة عمر أثناء غرقه  وتنكر أعوان البوليس له، ستلاحقكم في مضاجعكم وكوابيسكم" 

وفاة مسترابة اخرى

وقد شهد الاسبوع الفارط كذلك وفاة مسترابة لسجين يدعى ربيع الشيحاوي عمره 23 سنة بالسجن المدني بالمرناقية وفيما اكدت عائلته تعرضه للعنف نفت الهيئة العامة للسجون ذلك وحول اخر تطورات القضية ذكرت سندس النويوي الناطقة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية بمنوبة في تصريح لـ"الصباح"صدور التقرير الطبي الاولي في  قضية وفاة  سجين مودع بالسجن المدني بالمرناقية وهو أصيل حي السيدة  غرب العاصمة  وقد تم الاذن بفتح بحث تحقيقي تعهد به قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمنوبة للبحث في ظروف وملابسات الحادثة بعد أن تم في البداية فتح بحث اولي لدى أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بطبربة وقد تم ختم الأبحاث في هذا المحضر وفتح تحقيق للبحث في ظروف وملابسات الوفاة المسترابة لهذا السجين  . 

من جهتها كذبت الهيئة العامة للسجون والإصلاح تعرض ربيع الشيحاوي الموقوف في سجن المرناقية منذ بضعة أيام والذي توفي أثناء نقله إلى أحد المستشفيات لأي نوع من أنواع التعذيب أو الإهمال أو التقصير خلال فترة الإيداع التي قضاها وذلك خلافا لما تم تداوله وفق ما صرح به مصدر من الهيئة في تصريح اعلامي.

وفي ذات السياق اكدت شقيقة الهالك في تصريح اعلامي  أنها زارت شقيقها في سجن المرناقية بعد يومين من ايقافه ولم تكن بادية على جسده آثار التعذيب وأكدت شقيقة الهالك أن العائلة هي من قامت بالدفن بعد معاينته من قبل الطبيب الشرعي ولاحظت أنه كان سيدفن دون تشريح لولا مطالبة العائلة بذلك مؤكدة أن شقيقها توفي تحت التعذيب نافية بذلك رواية إدارة السجون والإصلاح.

تواصل الوفيات المسترابة

 وقبل ذلك حصلت عديد الوفيات المسترابة فقد توفي مؤخرا  الشاب مالك السليمي البالغ من العمر  24 سنة  وهو تلميذ بالتكوين المهني بجهة حي التضامن  بعد أكثر من شهر ونصف  من إقامته بالمستشفى وكان الهالك قد دخل في غيبوبة منذ 31 أوت الفارط بعد تعرضه إلى إصابات إثر مطاردة أمنية .

وكان الهالك تعرض للاعتداء من قبل الوحدات الأمنية  مما تسبب له في شلل وسقوط شبه كامل  حسب ما ذكره والده وأكد والد الهالك في تصريح اعلامي  تحول مالك  يوم الحادثة بمعية صديقيه على متن دراجة نارية وبوصولهم إلى جهة المنار اعترضتهم سيارة أمنية فتجاوزوها فالتحقت بهم  وقام الاعوان  بملاحقة الهالك  والاعتداء عليه بواسطة "الماتراك" وقاموا بدفعه  ففقد توازنه وسقط وتعرض لاصابات بليغة على مستوى العمود الفقري حسب تصريح والده وطالبت العائلة بتتبع المسؤولين عن الحادثة.

وتنضاف الوفاة المسترابة لمالك إلى عشرات الوفيات الغامضة التي تم تسجيلها في هذا الصدد  إثر مطاردة أمنية او عمليات إيقاف فقد توفي خلال شهر سبتمبر الفارط الشاب  كريم السياري في ظروف غامضة  إثر إيقافه بمدينة تينجة بولاية بنزرت ونقله إلى مركز الشرطة وفيما أكدت بعض الأطراف بأن الهالك توفي نتيجة تعرضه للعنف فقد أكدت وزارة الداخلية من جهتها ان الشاب قام بابتلاع مادة " مجهولة" مما ادى إلى وفاته  .

وقد سبق وأن تم تسجيل عدد من الوفايات الغامضة إثر عمليات إيقاف على غرار وفاة الشاب أحمد بن عمارة  الذي هزت حادثة وفاته منطقة سيدي حسين  في الليلة الفاصلة بين 8 و9 جوان 2021 وقد خلفت الحادثة احتجاجات امتدت لخمسة ايام بمنطقة سيدي حسين وكذلك  الشاب عبد السلام زيان ووليد دنقير في ظروف غامضة وغيرهم من الوفايات المسترابة.

ممثل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لـ"الصباح" : هناك عدالة ذات وجهين في التعامل مع قضايا العنف البوليسي وهرسلة للفئات الهشة

وفي هذا السياق ذكر أسامة بوعجيلة ممثل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب المكلف بالمناصرة والحملات في تصريح لـ"الصباح" بأن نشر قضية عمر العبيدي أمام القضاء استغرق اكثر من أربع سنوات ونصف لإصدار الحكم فيها في حين ان القضايا التي يتم تلفيقها لأبناء الأحياء الشعبية او حتى المدافعين عن الحقوق والحريات عندما يحصل لهم اشكال مع عون أمن او مأمور عمومي لا تستغرق كل هذا الوقت بل يتم الفصل فيها بسرعة  فهي تمر سريعا بين البحث والتحقيق والمحاكم فهي تستغرق أياما فقط وأحيانا كثيرا لا تستغرق حتى شهرا وهذا يبرز الفرق في التعامل مع المواطنين العاديين والمواطنين الذين ينتمون للاسلاك  الأمنية والذين مثلهم مثل المواطنين الاغنياء "على رأسهم ريشة"  وهذا يكرس العدالة ذات الوجهين عدالة موجهة للفقراء للمواطنين البسطاء  وعدالة للأشخاص الذين "على رأسهم ريشة" - حسب تعبيره-.

هرسلة امنية

واكد بوعجيلة بأنه من الناحية القانونية هناك فرق بين ان تتناول جريمة التعذيب بناءً على الفصل 101 مكرر والتي تستغرق وقتا طويلا وبين القضايا التي يكون فيهم عون الأمن طرف والتي  تقوم على الفصل 145 من المجلة الجزائية المتعلق بهضم جانب موظف عمومي والذي تجاوز المسألة الحمائية له ليمثل مثله مثل عديد الاطر القانونية الأخرى آلية من آليات  الهرسلة الأمنية والقضائية للشباب المهمش وخاصة للاشخاص الذين يؤمنون بحقوق الإنسان ويدافعون عنها، وأضاف بوعجيلة انه في خصوص مسألة الإفلات من العقاب فهم مثلا في برنامج " سند" للتدخل المباشر التابع للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لاحظوا بأن هناك أشخاصا أصبحت لديها الجرأة للحديث عن جريمة التعذيب عندما يتم الاعتداء عليهم  بالعنف بمراكز الإيقاف او غيرها ولكن قضاة التحقيق عندما يستمعون لهذه الإدعاءات يدونونها في المحاضر ولكن لا يفتحون من تلقاء أنفسهم بحثا في الموضوع وهنا يظهر تقاعس القضاء-حسب قول محدثنا- في هذا الجانب وهي مسألة متواترة في عديد الملفات.

وأوضح بوعجيلة بأن قضية التعذيب ومسألة الافلات من العقاب تجاوزت اليوم الحالات الفردية والمعزولة واصبحت تصنف كحالة مؤسس لها والدولة تشرع لها لتجد  مجالها لتطبق وفي الوقت الذي ننادي فيه بضرورة حصول الناس بدون تمييز على حقوقهم نلاحظ ان هناك إجراءات إدارية تعسفية تطبق على الأشخاص بدون تدقيق وبدون أدنى مقومات التثبت قبل التصنيف كما أن الأشخاص الذين يتم تصنيفهم ليس لديهم سبل ناجعة للتظلم وبالتالي الدولة هنا ومن خلال المنظومة القانونية لها تعتمد على سياسة أمنية تعسفية قائمة على نصوص قانونية اكل عليها الدهر وشرب مثل قانون الطوارئ لسنوات السبعينات.

أطر قانونية بالية

وأكد محدثنا ان العنف المؤسساتي الذي شرع للافلات من العقاب قائم على أطر قانونية بالية وابرز مثال على ذلك مرسوم حالة الطوارئ والذي على أساسه إلى اليوم حالة الطوارئ مرفوعة في تونس، وأضاف بأنه منذ سنة 2015  والتي شهدت ذروة الاعتداءات الأمنية إلى اليوم مابين حالة الطوارئ إلى حالة الاستثناء نلاحظ بأن  الديمقراطية  التونسية والتجربة التونسية  تتهاوى في ظل الأحكام الاستثنائية التي فتحت بابا كبيرا جدا أمام الاعتداءات الأمنية والبوليسية التي بقيت بدون محاسبة عكس القضايا التي يكون فيها الأمني طرفا والتي تحولت إلى أداة من أدوات الهرسلة الأمنية والقضائية  تجاه خاصة أبناء الأحياء الشعبية والأشخاص الذين يعانون من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية .

فاطمة الجلاصي

تزامنا مع الحكم في قضية عمر العبيدي وتواصل الوفايات المسترابة .. جمعية المحامين الشبان تدعو رئيس الجمهورية للتدخل العاجل لوضع حد لـ" العنف البوليسي"

 

 - حملة "تعلم عوم"  تؤكد وجود تواطؤ لترسيخ سياسة الإفلات من العقاب

تونس- الصباح

صدر خلال الأسبوع الماضي الحكم في قضية محب النادي الافريقي عمر العبيدي بعد انتظار دام لاكثر من أربع سنوات ونصف ولكن هذا الحكم حسب ما أكدته هيئة الدفاع عن عمر العبيدي لم يكن حسب رأيهم منصفا وهم سيقومون باستئنافه  وبالتزامن مع ذلك توفي شاب كان موقوفا بسجن المرناقية في ظروف غامضة وقد تم فتح بحث يتعلق بوفاة مسترابة فيما نفت الهيئة العامة للسجون ما تم تداوله من تعرض الهالك للعنف . 

من جهتها أعلنت الجمعية التونسية للمحامين الشبان في بيان لها نهاية الأسبوع الفارط عن تكوين لجنة قانونية مفتوحة لكل المحاميات والمحامين للتطوع في كل الملفات المتعلقة بالعنف البوليسي وعلى رأسها قضية مقتل الشاب عمر العبيدي في طورها الإستئنافي وما يليه، كما حملت الجمعية صلب بيانها المسؤولية كاملة للسلط الرسمية وحذرتها من تداعيات مثل هذه الممارسات.

دعوة للتحرك العاجل

ودعت الجمعية رئيس الجمهورية بصفته المسؤول الأول في الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة إلى التحرك العاجل وانقاذ ما يمكن انقاذه قبل فوات الأوان، وأكدت  الجمعية بأنها تتابع مجريات الأمورفي الآونة الأخيرة وتطورات الأحداث على كافة المستويات وخاصة منها  الإقتصادية والإجتماعية والحقوقية من تصاعد وتيرة الإعتداءات البوليسية ضد المواطنين والمساجين وذوي الشبهة ما أدى إلى إزهاق أرواح بشرية دون وجه حق، تلتها أحكام قضائية بعيدة كل البعد عن تطبيق القانون وتحقيق العدالة وحماية الحق العام والحرمة الجسدية والحق في الحياة، علاوة عن تفاقم الأزمة الاجتماعية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل غياب شبه كلي للسلط الرسمية وارتفاع منسوب الاحتقان لدى أبناء الشعب التونسي.

تواطؤ

 وفي ذات السياق أصدرت امس حملة "تعلم عوم" بيانا على خلفية الحكم الصادر الاسبوع الفارط في قضية عمر العبيدي وقد عبرت من خلال البيان عن وعيها  بحجم الضغوطات التي مارستها وزارة الداخلية ونقاباتها وكل أذرع الدولة  ابتداءً من البلاغ الكاذب الذي أصدرته نفس الوزارة  إلى حدود التكييف اللاقانوني للواقعة والتلاعب بالملف، وأكدت صلب البيان ارتكاز المنظومة الأمنية على منظومة قانونية وقضائية متواطئة لترسيخ سياسة ثقافة الإفلات من العقاب.

واعتبرت الحملة ان الحكم الصادر في حق الاثني عشر عون بوليس من قتلة عمر العبيدي هو بمثابة نكران للعدالة ولحق عمر العبيدي وعائلته واصدقائه وكل ضحايا العنف البوليسي وضحايا جرائمهم وضحايا  العنف الهيكلي الممنهج، واكدت أن الحملة لازالت قائمة الذات وستقوم بكافة التحركات اللازمة الى حدود محاسبة القتلة.

وقالت الحملة صلب بيانها "إن صرخة عمر أثناء غرقه  وتنكر أعوان البوليس له، ستلاحقكم في مضاجعكم وكوابيسكم" 

وفاة مسترابة اخرى

وقد شهد الاسبوع الفارط كذلك وفاة مسترابة لسجين يدعى ربيع الشيحاوي عمره 23 سنة بالسجن المدني بالمرناقية وفيما اكدت عائلته تعرضه للعنف نفت الهيئة العامة للسجون ذلك وحول اخر تطورات القضية ذكرت سندس النويوي الناطقة الرسمية باسم المحكمة الابتدائية بمنوبة في تصريح لـ"الصباح"صدور التقرير الطبي الاولي في  قضية وفاة  سجين مودع بالسجن المدني بالمرناقية وهو أصيل حي السيدة  غرب العاصمة  وقد تم الاذن بفتح بحث تحقيقي تعهد به قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بمنوبة للبحث في ظروف وملابسات الحادثة بعد أن تم في البداية فتح بحث اولي لدى أعوان فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بطبربة وقد تم ختم الأبحاث في هذا المحضر وفتح تحقيق للبحث في ظروف وملابسات الوفاة المسترابة لهذا السجين  . 

من جهتها كذبت الهيئة العامة للسجون والإصلاح تعرض ربيع الشيحاوي الموقوف في سجن المرناقية منذ بضعة أيام والذي توفي أثناء نقله إلى أحد المستشفيات لأي نوع من أنواع التعذيب أو الإهمال أو التقصير خلال فترة الإيداع التي قضاها وذلك خلافا لما تم تداوله وفق ما صرح به مصدر من الهيئة في تصريح اعلامي.

وفي ذات السياق اكدت شقيقة الهالك في تصريح اعلامي  أنها زارت شقيقها في سجن المرناقية بعد يومين من ايقافه ولم تكن بادية على جسده آثار التعذيب وأكدت شقيقة الهالك أن العائلة هي من قامت بالدفن بعد معاينته من قبل الطبيب الشرعي ولاحظت أنه كان سيدفن دون تشريح لولا مطالبة العائلة بذلك مؤكدة أن شقيقها توفي تحت التعذيب نافية بذلك رواية إدارة السجون والإصلاح.

تواصل الوفيات المسترابة

 وقبل ذلك حصلت عديد الوفيات المسترابة فقد توفي مؤخرا  الشاب مالك السليمي البالغ من العمر  24 سنة  وهو تلميذ بالتكوين المهني بجهة حي التضامن  بعد أكثر من شهر ونصف  من إقامته بالمستشفى وكان الهالك قد دخل في غيبوبة منذ 31 أوت الفارط بعد تعرضه إلى إصابات إثر مطاردة أمنية .

وكان الهالك تعرض للاعتداء من قبل الوحدات الأمنية  مما تسبب له في شلل وسقوط شبه كامل  حسب ما ذكره والده وأكد والد الهالك في تصريح اعلامي  تحول مالك  يوم الحادثة بمعية صديقيه على متن دراجة نارية وبوصولهم إلى جهة المنار اعترضتهم سيارة أمنية فتجاوزوها فالتحقت بهم  وقام الاعوان  بملاحقة الهالك  والاعتداء عليه بواسطة "الماتراك" وقاموا بدفعه  ففقد توازنه وسقط وتعرض لاصابات بليغة على مستوى العمود الفقري حسب تصريح والده وطالبت العائلة بتتبع المسؤولين عن الحادثة.

وتنضاف الوفاة المسترابة لمالك إلى عشرات الوفيات الغامضة التي تم تسجيلها في هذا الصدد  إثر مطاردة أمنية او عمليات إيقاف فقد توفي خلال شهر سبتمبر الفارط الشاب  كريم السياري في ظروف غامضة  إثر إيقافه بمدينة تينجة بولاية بنزرت ونقله إلى مركز الشرطة وفيما أكدت بعض الأطراف بأن الهالك توفي نتيجة تعرضه للعنف فقد أكدت وزارة الداخلية من جهتها ان الشاب قام بابتلاع مادة " مجهولة" مما ادى إلى وفاته  .

وقد سبق وأن تم تسجيل عدد من الوفايات الغامضة إثر عمليات إيقاف على غرار وفاة الشاب أحمد بن عمارة  الذي هزت حادثة وفاته منطقة سيدي حسين  في الليلة الفاصلة بين 8 و9 جوان 2021 وقد خلفت الحادثة احتجاجات امتدت لخمسة ايام بمنطقة سيدي حسين وكذلك  الشاب عبد السلام زيان ووليد دنقير في ظروف غامضة وغيرهم من الوفايات المسترابة.

ممثل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لـ"الصباح" : هناك عدالة ذات وجهين في التعامل مع قضايا العنف البوليسي وهرسلة للفئات الهشة

وفي هذا السياق ذكر أسامة بوعجيلة ممثل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب المكلف بالمناصرة والحملات في تصريح لـ"الصباح" بأن نشر قضية عمر العبيدي أمام القضاء استغرق اكثر من أربع سنوات ونصف لإصدار الحكم فيها في حين ان القضايا التي يتم تلفيقها لأبناء الأحياء الشعبية او حتى المدافعين عن الحقوق والحريات عندما يحصل لهم اشكال مع عون أمن او مأمور عمومي لا تستغرق كل هذا الوقت بل يتم الفصل فيها بسرعة  فهي تمر سريعا بين البحث والتحقيق والمحاكم فهي تستغرق أياما فقط وأحيانا كثيرا لا تستغرق حتى شهرا وهذا يبرز الفرق في التعامل مع المواطنين العاديين والمواطنين الذين ينتمون للاسلاك  الأمنية والذين مثلهم مثل المواطنين الاغنياء "على رأسهم ريشة"  وهذا يكرس العدالة ذات الوجهين عدالة موجهة للفقراء للمواطنين البسطاء  وعدالة للأشخاص الذين "على رأسهم ريشة" - حسب تعبيره-.

هرسلة امنية

واكد بوعجيلة بأنه من الناحية القانونية هناك فرق بين ان تتناول جريمة التعذيب بناءً على الفصل 101 مكرر والتي تستغرق وقتا طويلا وبين القضايا التي يكون فيهم عون الأمن طرف والتي  تقوم على الفصل 145 من المجلة الجزائية المتعلق بهضم جانب موظف عمومي والذي تجاوز المسألة الحمائية له ليمثل مثله مثل عديد الاطر القانونية الأخرى آلية من آليات  الهرسلة الأمنية والقضائية للشباب المهمش وخاصة للاشخاص الذين يؤمنون بحقوق الإنسان ويدافعون عنها، وأضاف بوعجيلة انه في خصوص مسألة الإفلات من العقاب فهم مثلا في برنامج " سند" للتدخل المباشر التابع للمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب لاحظوا بأن هناك أشخاصا أصبحت لديها الجرأة للحديث عن جريمة التعذيب عندما يتم الاعتداء عليهم  بالعنف بمراكز الإيقاف او غيرها ولكن قضاة التحقيق عندما يستمعون لهذه الإدعاءات يدونونها في المحاضر ولكن لا يفتحون من تلقاء أنفسهم بحثا في الموضوع وهنا يظهر تقاعس القضاء-حسب قول محدثنا- في هذا الجانب وهي مسألة متواترة في عديد الملفات.

وأوضح بوعجيلة بأن قضية التعذيب ومسألة الافلات من العقاب تجاوزت اليوم الحالات الفردية والمعزولة واصبحت تصنف كحالة مؤسس لها والدولة تشرع لها لتجد  مجالها لتطبق وفي الوقت الذي ننادي فيه بضرورة حصول الناس بدون تمييز على حقوقهم نلاحظ ان هناك إجراءات إدارية تعسفية تطبق على الأشخاص بدون تدقيق وبدون أدنى مقومات التثبت قبل التصنيف كما أن الأشخاص الذين يتم تصنيفهم ليس لديهم سبل ناجعة للتظلم وبالتالي الدولة هنا ومن خلال المنظومة القانونية لها تعتمد على سياسة أمنية تعسفية قائمة على نصوص قانونية اكل عليها الدهر وشرب مثل قانون الطوارئ لسنوات السبعينات.

أطر قانونية بالية

وأكد محدثنا ان العنف المؤسساتي الذي شرع للافلات من العقاب قائم على أطر قانونية بالية وابرز مثال على ذلك مرسوم حالة الطوارئ والذي على أساسه إلى اليوم حالة الطوارئ مرفوعة في تونس، وأضاف بأنه منذ سنة 2015  والتي شهدت ذروة الاعتداءات الأمنية إلى اليوم مابين حالة الطوارئ إلى حالة الاستثناء نلاحظ بأن  الديمقراطية  التونسية والتجربة التونسية  تتهاوى في ظل الأحكام الاستثنائية التي فتحت بابا كبيرا جدا أمام الاعتداءات الأمنية والبوليسية التي بقيت بدون محاسبة عكس القضايا التي يكون فيها الأمني طرفا والتي تحولت إلى أداة من أدوات الهرسلة الأمنية والقضائية  تجاه خاصة أبناء الأحياء الشعبية والأشخاص الذين يعانون من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية .

فاطمة الجلاصي