إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أيام قرطاج السينمائية في دورتها 33: 3 جوائز لتونس .. وإطلاق سراح عصام بوقرة الشعار الأبرز

                                                                                

تونس - الصباح

من المؤسف ان تختزل الدورة 33 من ايام قرطاج السينمائية الذي صرفت فيه الدولة 3 مليارات من المليمات من اموال دافعي الضرائب التونسيين في صورة قبيحة للفنان الاستعراضي هيكل علي.. ومن المؤسف جدا ان ينسى مجهود كل من عملوا في هذه الدورة وتفانوا من اجل التميز وان لا يظهر في الصورة إلا ذاك الفتى الذي لا "احد يعرف" من البسه ودفعه الى السجادة الحمراء ودسّه بين ضيوفها ونجومها الكبار من التونسيين والعرب .  ومؤسف ان نسمع ونقرأ عن المهرجان ما تم تدوينه في خصوص الدعوات والدخلاء الذين يصرون على الحضور والمتابعة ونحن نعرف ان الدعوات يمكن ان تهدى او ان تباع في سوق سوداء وان يمنحها العاملون في كل اقسام تنظيم المهرجان الى اصدقائهم وذويهم ، وانه لا يمكن مراقبة مساراتها مهما كان الحرص .  ثم انه توجد وجهة نظر لا بد من اخذها بعين الاعتبار وهي ان هؤلاء الذين يعتبرون "دخلاء" يضيفون الكثير من الجمال والبهجة على السجاد الاحمر الدخيل على روح المهرجان الذي كان مهرجانا ملتزما ومنبرا للنضال ابداعيا لا يتطفل عليه احد ولا يؤمه إلا المتيمون بحب السينما ونجوم التمثيل والمختصون من صناع الصورة والصوت . هؤلاء " الدخلاء" من حقهم ان يتابعوا مهرجانا وطنيا وهم ايضا من دافعي الضرائب والمهرجان ليس عرسا لا يحضره إلا افراد العائلة القريبة والموسعة او حفل خاصة بجهة ما بل هو مناسبة  فرح وطنية لا يمكن ان نحرم من يريد ان يسعد بها من المشاركة فيها .  ثم ان من يحضر بصفة يومية ويواكب عن قرب سيعرف ان "الدخلاء " لا يتجاوزون في العادة المرور على السجادة الحمراء امام عدسات الكاميرا ثم يعودون من حيث اتوا اي انهم لا يتابعون في اغلبهم الافلام ولا الندوات ولا حلقات النقاش اي ان حضورهم بلا معنى ولا يؤثر سلبا على المهرجان إلا من حيث انهم يستأثرون بالصورة والخبر في يومه الاول وفي يومه الاخير على حساب اهل الاختصاص .   اما عن دخولهم الى النزل ومقرات اقامة الضيوف والنجوم فيبقى من مشمولات اصحاب النزل ولعلهم يعتبرون ولوج "هؤلاء الدخلاء" فرصة لمزيد البيع وتحريك دواليب سوقهم الكاسدة اصلا.

منى واصف وفاطمة بن  سعيدان شباب دائم وحضور قوي

مؤسف جدا ان تستقيل المخرجة السينمائية سنية الشامخي من ادارة الايام قبل ان يقع تقييم الدورة ويهفت الحديث عنها ..مؤسف ان ترمي المنديل قبل نهاية الجولة صحيح ان الرجوع الى الابداع اخراجا وكتابة هو ارقى انواع الخدمات التي يمكن ان يقدمها الفنان لبلده ولكن العمل على راس المؤسسات الوطنية واجب لا يمكن التنصل منه هذا بصفة عامة لأننا لا نعرف اليوم بالضبط ان كانت دورة سنية ناجحة ام لا .  نقول هذا رغم الدورة ضمت عددا من النجوم الذين لم نحظ بوجودهم بيننا منذ سنوات فقد مرت علينا دورات باهتة بلا نجوم عرب ولا نقاد طيلة السنوات التي تزامت فيها الايام مع مهرجان سينمائي وليد بالإمارات العربية المتحدة ،ومع انها ارجعت المهرجان لجذوره الاصلية والى منبعه الافريقي والعربي من حيث عروض الافلام وتوزيع الجوائز ومع ان نسبة الافلام الملتزمة بقضايا الانسان بصفة عامة طغت على كل مادته وهذا يحسب لهيئة تنظيم هذه الدورة . لقد كان لحضور منى واصف الشابة على الدوام ولكبار نجوم التمثيل في تونس على غرار فاطمة بن سعيدان وكمال التواتي ومنى نور الدين اضافة كبرى لايام قرطاج السينمائية ،هؤلاء حضورهم كان قويا فيه مساندة كبرى وفاعلة لهذه الدورة رغم كل ما يمكن ان يقال عنها .  بالنسبة للعدد الكثيف لجمهور السينما في هذه الدورة فلا يمكن اعتباره مقياسا للنجاح لان التونسي متعود على المواكبة والإصرار على مشاهدة ما لا يمكنه مشاهدته خلال ايام واشهر السنة من افلام افريقية لا توزع في تونس رغم  بهائها ووضوح رؤاها الاخراجية وعمق تناولها لقضايا الانسان بصفة عامة . الجمهور التونسي مازال رغم ترسخ قدم المخرجين التونسيين يشجع السينما التونسية ويحسبها من بين اولوياته لأنه يحب ان يرى نفسه فيها ويحب ان يرى صورته على الشاشة العملاقة ويحب ان يكتشف ولا يشبع من هذه الرغبة الجامحة في رؤية السينما التونسية وقد سجلت حضورا مميزا في الوطن وخارجه وقد رباه اباء مؤسسون للثقافة التونسية وللتظاهرات والمهرجانات على مساند الابداع السينمائي التونسي ودعمه وقد تم تمرير هذا الاحساس العميق بالانتماء الى الاجيال اللاحقة ..  صحيح اننا لم نعد نرى الجمهور يتدافع امام ابواب القاعات للظفر بموقع قدم في الداخل وصحيح اننا لم نعد نرى الشيب والشباب وهم يجلسون على ارضيات قاعات العرض للمتابعة لتغير الظروف ولوجود قاعات كبرى ترفع الجميع ولأنه اصبح من اليسير اقتناء التذاكر عبر الانترنت ولأنه اصبح مفروض على الجميع الحجز المسبق يعني ان التنظيم تتطور مع تطور الامكانيات ومتابعة المسيرين لدواليب المهرجانات الكبرى العربية والعالمية والنهل منها حتى لو كان ذلك من باب الاستنساخ المتطابق ولا باس من الاستنساخ في هذا المجال اذا كان ذلك يؤثر ايجابا على كل ظروف التنظيم والمتابعة وتيسير الامور من اجل اسعاد جمهور ينتظر المناسبة بشغف وعشق كبيرين في كل سنة .

دورة النضال والمطالبة بتحرير المخرج السينمائي عصام بوقرة ؟

  يحسب لهذه الدورة انها فسحت ابواب النضال والتعبير عن الرأي بالسماح لمن سجلوا مواقفهم ورفعوا اصواتهم ووظفوا اجسادهم للدفاع عن قضايا الحرية وكان من اهمها المطالبة بإطلاق سراح المخرج السينمائي التونسي عصام بوقرة بعد سنة ونصف على سجنه دون محاكمة ولو بقي لحرية التعبير معنى في هذا البلد  ولو كان فيه مسؤولون يليقون بدرجة وعي التونسي ويأبهون لصورة تونس بين الامم لشعرنا كلنا بالخجل من السيدة فاطمة بن سعيدان وهي ترتدي وعدد من السينمائيين من بينهم فريق عمل فيلم " فراشة " لهذا المخرج ذاك القميص دون ان تتجرأ مندوبة التلفزة الوطنية وتسألها عن تلك الصورة التي توشح قميصها الاسود وهي تحضر مناسبة سعيدة.. 

نعرف ان فاطمة من الممثلات اللائي لا تعطين قيمة كبرى للمظاهر وأنها لم ولا ولن تعتمد إلا على قدراتها وكفاءتها في الاداء.  صورة في قميص جلبت انتباه الناس وكثر حولها التساؤل واكتفت كاميرا القناة الوطنية الاولى بان سرقت لها لحظة قصيرة جدا ولكنها مؤثرة عندما تم رمي القميص الاسود عنوة ودون سابق اعلام او انذار وسط الركح امام عدسات الكاميرا العربية والأجنبية..  لقطة صامتة شجاعة وذكية كان لها التأثير الكبير على نفسيات من ناضلوا من اجل حرية التعبير ورفعوا شعار لا ظلم بعد اليوم ولكن يبدو اننا بكّرنا كثيرا في الدخول لمرحلة سياسية مقيتة عنوانها الكبير " انت قول اللي تحب وأنا نعمل اللي نحب " والدليل على ذلك هو ان كل المبدعين ورموز الثقافة في تونس قالوا كلمتهم بذكاء ودون شوشرة في مناسبة يمكن ان نقول انها عالمية باعتبار انه تم نقل الحفل لعدد كبير من تلفزيونات العالمين العربي والأجنبي وهذا دون ان تنتبه لكلمتهم وصورتهم السلطة الحاكمة في بلادنا. وهنا يمكننا اننا ان نعتبر ان السكون الذي جوبهت به تلك الحركة النضالية النبيلة وعدم الرد او التفاعل  تطور خطير نحو السلبي في التعامل مع مطالب الناس وخاصة منهم المبدعون وذوي القامات الشاهقة التي خدمت البلاد بحق وبصدق وقدمت لها سنوات من العمل المضني والشاق ..  ومن يمكنه ان يرفض طلبا للسيدة فاطمة بن سعيدان ايقونة الفن التونسي وروحه الطيبة ؟ وهل يمكن ان ترفع مثل فاطمة بن سعيدان صوتها في قضية غير عادلة وصاحبها ليس مظلوما -علما بان عصام بوقرة حتى وان اقترف خطا فقد عوقب عليه بما فيه الكفاية ودفع الثمن باهظا -  . صحيح ان هنات كثيرة وهفوات عديدة رافقت تنظيم المهرجان وانه لم تتم دعوة من هم اهل للدعوات وأحق بها من غيرهم سواء من المؤسسين للمهرجان او المواكبين والمساهمين في تطوره وبقائه ووصوله الى دورته 33  بأفكارهم وكتاباتهم وخبرتهم في التنظيم وانه لم يتم تكريم النقاد التونسيين بإشراكهم في ندوة النقاد وهم من خيرة النقاد العرب . ولكن لا يمكن ان نذكر هذه الدورة ومرور سنية الشامخي من ايام قرطاج السينمائية دون ان نذكر انه تم خلالها ممارسة النضال من اجل قضية عادلة وان السينما التونسية رغم الاقصاء وما تم الحديث عنه عن الرقابة الذاتية لهيئة المهرجان وشعور البعض بالغبن والظلم حصدت ثلاث جوائز مهمة وهي "التانيت الفضي" لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي آلت لفيلم "تحت الشجرة" لأريج السحيري، و"التانيت البرونزي" لمسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة الذي حازه فيلم "حارس العوالم" للمخرجة ليلى الشايبي، إلى جانب التانيت البرونزي" في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة التي منحت لفيلم "5:1" للمخرجة سارة بن سعود. ودون ان ننسى سعادة اكثر من مائة الف متابع سعدوا بالفرجة في هذه الايام الصعبة .

علياء بن نحيلة

أيام قرطاج السينمائية في دورتها 33:  3 جوائز لتونس .. وإطلاق سراح عصام بوقرة الشعار الأبرز

                                                                                

تونس - الصباح

من المؤسف ان تختزل الدورة 33 من ايام قرطاج السينمائية الذي صرفت فيه الدولة 3 مليارات من المليمات من اموال دافعي الضرائب التونسيين في صورة قبيحة للفنان الاستعراضي هيكل علي.. ومن المؤسف جدا ان ينسى مجهود كل من عملوا في هذه الدورة وتفانوا من اجل التميز وان لا يظهر في الصورة إلا ذاك الفتى الذي لا "احد يعرف" من البسه ودفعه الى السجادة الحمراء ودسّه بين ضيوفها ونجومها الكبار من التونسيين والعرب .  ومؤسف ان نسمع ونقرأ عن المهرجان ما تم تدوينه في خصوص الدعوات والدخلاء الذين يصرون على الحضور والمتابعة ونحن نعرف ان الدعوات يمكن ان تهدى او ان تباع في سوق سوداء وان يمنحها العاملون في كل اقسام تنظيم المهرجان الى اصدقائهم وذويهم ، وانه لا يمكن مراقبة مساراتها مهما كان الحرص .  ثم انه توجد وجهة نظر لا بد من اخذها بعين الاعتبار وهي ان هؤلاء الذين يعتبرون "دخلاء" يضيفون الكثير من الجمال والبهجة على السجاد الاحمر الدخيل على روح المهرجان الذي كان مهرجانا ملتزما ومنبرا للنضال ابداعيا لا يتطفل عليه احد ولا يؤمه إلا المتيمون بحب السينما ونجوم التمثيل والمختصون من صناع الصورة والصوت . هؤلاء " الدخلاء" من حقهم ان يتابعوا مهرجانا وطنيا وهم ايضا من دافعي الضرائب والمهرجان ليس عرسا لا يحضره إلا افراد العائلة القريبة والموسعة او حفل خاصة بجهة ما بل هو مناسبة  فرح وطنية لا يمكن ان نحرم من يريد ان يسعد بها من المشاركة فيها .  ثم ان من يحضر بصفة يومية ويواكب عن قرب سيعرف ان "الدخلاء " لا يتجاوزون في العادة المرور على السجادة الحمراء امام عدسات الكاميرا ثم يعودون من حيث اتوا اي انهم لا يتابعون في اغلبهم الافلام ولا الندوات ولا حلقات النقاش اي ان حضورهم بلا معنى ولا يؤثر سلبا على المهرجان إلا من حيث انهم يستأثرون بالصورة والخبر في يومه الاول وفي يومه الاخير على حساب اهل الاختصاص .   اما عن دخولهم الى النزل ومقرات اقامة الضيوف والنجوم فيبقى من مشمولات اصحاب النزل ولعلهم يعتبرون ولوج "هؤلاء الدخلاء" فرصة لمزيد البيع وتحريك دواليب سوقهم الكاسدة اصلا.

منى واصف وفاطمة بن  سعيدان شباب دائم وحضور قوي

مؤسف جدا ان تستقيل المخرجة السينمائية سنية الشامخي من ادارة الايام قبل ان يقع تقييم الدورة ويهفت الحديث عنها ..مؤسف ان ترمي المنديل قبل نهاية الجولة صحيح ان الرجوع الى الابداع اخراجا وكتابة هو ارقى انواع الخدمات التي يمكن ان يقدمها الفنان لبلده ولكن العمل على راس المؤسسات الوطنية واجب لا يمكن التنصل منه هذا بصفة عامة لأننا لا نعرف اليوم بالضبط ان كانت دورة سنية ناجحة ام لا .  نقول هذا رغم الدورة ضمت عددا من النجوم الذين لم نحظ بوجودهم بيننا منذ سنوات فقد مرت علينا دورات باهتة بلا نجوم عرب ولا نقاد طيلة السنوات التي تزامت فيها الايام مع مهرجان سينمائي وليد بالإمارات العربية المتحدة ،ومع انها ارجعت المهرجان لجذوره الاصلية والى منبعه الافريقي والعربي من حيث عروض الافلام وتوزيع الجوائز ومع ان نسبة الافلام الملتزمة بقضايا الانسان بصفة عامة طغت على كل مادته وهذا يحسب لهيئة تنظيم هذه الدورة . لقد كان لحضور منى واصف الشابة على الدوام ولكبار نجوم التمثيل في تونس على غرار فاطمة بن سعيدان وكمال التواتي ومنى نور الدين اضافة كبرى لايام قرطاج السينمائية ،هؤلاء حضورهم كان قويا فيه مساندة كبرى وفاعلة لهذه الدورة رغم كل ما يمكن ان يقال عنها .  بالنسبة للعدد الكثيف لجمهور السينما في هذه الدورة فلا يمكن اعتباره مقياسا للنجاح لان التونسي متعود على المواكبة والإصرار على مشاهدة ما لا يمكنه مشاهدته خلال ايام واشهر السنة من افلام افريقية لا توزع في تونس رغم  بهائها ووضوح رؤاها الاخراجية وعمق تناولها لقضايا الانسان بصفة عامة . الجمهور التونسي مازال رغم ترسخ قدم المخرجين التونسيين يشجع السينما التونسية ويحسبها من بين اولوياته لأنه يحب ان يرى نفسه فيها ويحب ان يرى صورته على الشاشة العملاقة ويحب ان يكتشف ولا يشبع من هذه الرغبة الجامحة في رؤية السينما التونسية وقد سجلت حضورا مميزا في الوطن وخارجه وقد رباه اباء مؤسسون للثقافة التونسية وللتظاهرات والمهرجانات على مساند الابداع السينمائي التونسي ودعمه وقد تم تمرير هذا الاحساس العميق بالانتماء الى الاجيال اللاحقة ..  صحيح اننا لم نعد نرى الجمهور يتدافع امام ابواب القاعات للظفر بموقع قدم في الداخل وصحيح اننا لم نعد نرى الشيب والشباب وهم يجلسون على ارضيات قاعات العرض للمتابعة لتغير الظروف ولوجود قاعات كبرى ترفع الجميع ولأنه اصبح من اليسير اقتناء التذاكر عبر الانترنت ولأنه اصبح مفروض على الجميع الحجز المسبق يعني ان التنظيم تتطور مع تطور الامكانيات ومتابعة المسيرين لدواليب المهرجانات الكبرى العربية والعالمية والنهل منها حتى لو كان ذلك من باب الاستنساخ المتطابق ولا باس من الاستنساخ في هذا المجال اذا كان ذلك يؤثر ايجابا على كل ظروف التنظيم والمتابعة وتيسير الامور من اجل اسعاد جمهور ينتظر المناسبة بشغف وعشق كبيرين في كل سنة .

دورة النضال والمطالبة بتحرير المخرج السينمائي عصام بوقرة ؟

  يحسب لهذه الدورة انها فسحت ابواب النضال والتعبير عن الرأي بالسماح لمن سجلوا مواقفهم ورفعوا اصواتهم ووظفوا اجسادهم للدفاع عن قضايا الحرية وكان من اهمها المطالبة بإطلاق سراح المخرج السينمائي التونسي عصام بوقرة بعد سنة ونصف على سجنه دون محاكمة ولو بقي لحرية التعبير معنى في هذا البلد  ولو كان فيه مسؤولون يليقون بدرجة وعي التونسي ويأبهون لصورة تونس بين الامم لشعرنا كلنا بالخجل من السيدة فاطمة بن سعيدان وهي ترتدي وعدد من السينمائيين من بينهم فريق عمل فيلم " فراشة " لهذا المخرج ذاك القميص دون ان تتجرأ مندوبة التلفزة الوطنية وتسألها عن تلك الصورة التي توشح قميصها الاسود وهي تحضر مناسبة سعيدة.. 

نعرف ان فاطمة من الممثلات اللائي لا تعطين قيمة كبرى للمظاهر وأنها لم ولا ولن تعتمد إلا على قدراتها وكفاءتها في الاداء.  صورة في قميص جلبت انتباه الناس وكثر حولها التساؤل واكتفت كاميرا القناة الوطنية الاولى بان سرقت لها لحظة قصيرة جدا ولكنها مؤثرة عندما تم رمي القميص الاسود عنوة ودون سابق اعلام او انذار وسط الركح امام عدسات الكاميرا العربية والأجنبية..  لقطة صامتة شجاعة وذكية كان لها التأثير الكبير على نفسيات من ناضلوا من اجل حرية التعبير ورفعوا شعار لا ظلم بعد اليوم ولكن يبدو اننا بكّرنا كثيرا في الدخول لمرحلة سياسية مقيتة عنوانها الكبير " انت قول اللي تحب وأنا نعمل اللي نحب " والدليل على ذلك هو ان كل المبدعين ورموز الثقافة في تونس قالوا كلمتهم بذكاء ودون شوشرة في مناسبة يمكن ان نقول انها عالمية باعتبار انه تم نقل الحفل لعدد كبير من تلفزيونات العالمين العربي والأجنبي وهذا دون ان تنتبه لكلمتهم وصورتهم السلطة الحاكمة في بلادنا. وهنا يمكننا اننا ان نعتبر ان السكون الذي جوبهت به تلك الحركة النضالية النبيلة وعدم الرد او التفاعل  تطور خطير نحو السلبي في التعامل مع مطالب الناس وخاصة منهم المبدعون وذوي القامات الشاهقة التي خدمت البلاد بحق وبصدق وقدمت لها سنوات من العمل المضني والشاق ..  ومن يمكنه ان يرفض طلبا للسيدة فاطمة بن سعيدان ايقونة الفن التونسي وروحه الطيبة ؟ وهل يمكن ان ترفع مثل فاطمة بن سعيدان صوتها في قضية غير عادلة وصاحبها ليس مظلوما -علما بان عصام بوقرة حتى وان اقترف خطا فقد عوقب عليه بما فيه الكفاية ودفع الثمن باهظا -  . صحيح ان هنات كثيرة وهفوات عديدة رافقت تنظيم المهرجان وانه لم تتم دعوة من هم اهل للدعوات وأحق بها من غيرهم سواء من المؤسسين للمهرجان او المواكبين والمساهمين في تطوره وبقائه ووصوله الى دورته 33  بأفكارهم وكتاباتهم وخبرتهم في التنظيم وانه لم يتم تكريم النقاد التونسيين بإشراكهم في ندوة النقاد وهم من خيرة النقاد العرب . ولكن لا يمكن ان نذكر هذه الدورة ومرور سنية الشامخي من ايام قرطاج السينمائية دون ان نذكر انه تم خلالها ممارسة النضال من اجل قضية عادلة وان السينما التونسية رغم الاقصاء وما تم الحديث عنه عن الرقابة الذاتية لهيئة المهرجان وشعور البعض بالغبن والظلم حصدت ثلاث جوائز مهمة وهي "التانيت الفضي" لمسابقة الأفلام الروائية الطويلة التي آلت لفيلم "تحت الشجرة" لأريج السحيري، و"التانيت البرونزي" لمسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة الذي حازه فيلم "حارس العوالم" للمخرجة ليلى الشايبي، إلى جانب التانيت البرونزي" في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة التي منحت لفيلم "5:1" للمخرجة سارة بن سعود. ودون ان ننسى سعادة اكثر من مائة الف متابع سعدوا بالفرجة في هذه الايام الصعبة .

علياء بن نحيلة