حذر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، أمس، في تصريح لـ"الصباح"، من معالجة أزمة ارتفاع التضخم في تونس، عبر سياسات البنك المركزي من خلال اللجوء الى رفع نسبة الفائدة المديرية مجددا، مشيرا الى أن هذا الإجراء سيكبل الاقتصاد الوطني ويدفع به نحو الركود، لافتا الى أن التضخم الحقيقي في البلاد جزء كبير منه ناجم عن ارتفاع العجز التجاري في المواد الطاقية، وهي السبب الرئيسي في تآكل احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع الأسعار.
وقال رضا الشكندالي، ردا على استفسارات "الصباح"، حول الحلول المتوقع تبنيها في الفترة القادمة، في حال تواصل ارتفاع التضخم في البلاد الى أكثر من 9.1% ، انه من الضروري الانتباه الى الأسباب الرئيسية للتضخم قبل اتخاذ أي إجراء، مؤكدا ان سياسات البنك المركزي في رفع نسبة الفائدة المديرية، هو إجراء غير عملي بالمرة، حيث أن اللجوء الى هذه السياسة، سيكبل الدورة الاقتصادية، وسيخلق حالة من الركود، ويرفع من نسب الفقر، ويهدد مواطن الشغل.
مقاربة مغلوطة
وأكد الخبير الاقتصادي، أن التضخم في تونس بدأ يأخذ منحى تصاعديا منذ جويلية 2021، وهو في ارتفاع مستمر، وجزء من التضخم تسببت فيه المواد الطاقية، حيث ان العجز الطاقي يمثّل قرابة 40 بالمائة من العجز التجاري الجملي لتونس، في حين أن ارتفاع الأسعار في بعض المواد الاستهلاكية والأساسية، جزء كبير منه ناجم عن تراجع الإنتاج، وفقدان بعض المواد الأساسية بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والأسمدة، الأمر الذي دفع بالأسعار الى الارتفاع ، مشيرا الى أن أسعار البيض والدجاج ارتفعت الى أكثر 20%.
وتابع الشكندالي بالقول، إن الهدف من البنك المركزي في رفع نسبة الفائدة، هو الاعتقاد الخاطئ بأن هذه الخطوة ستقلل من حصول الموردين على قروض بنكية تسهل عليهم عملية جلب البضائع من الخارج، بما يقلص العجز التجاري ، ويكبح التضخم، إلا أن هذا الإجراء سيخلق حالة من الركود الاقتصادي، وفقدان العديد من المواد من السوق، بما يرفع من أسعارها الى مستويات لا يمكن لأي مواطن تونسي مجاراتها، وبالتالي سيتسبب ذلك في أزمة اقتصادية حادة وخانقة في البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي، أن هذه المقاربة التي يعتمدها البنك المركزي، في إدارة ملف التضخم الحالي، هي مقاربة خاطئة، وستزيد من حدة الأزمة الاقتصادية، داعيا الى ضرورة الضغط على الأسعار بتوفير المواد المطلوبة في أوانها، لافتا الى ان فقدانها يرجع بالأساس الى تراجع الإنتاج، فيرتفع الطلب عليها، وبالتالي تشتعل الأسعار، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف الى ارتفاع التضخم، وبالتالي من الضروري العمل خلال الفترة القادمة على تلافي النقص في المواد الضرورية والاستهلاكية، وتوفيرها في الأسواق بما يمنع من الاحتكار والمضاربة وارتفاع أسعارها.
وأشار الشكندالي، الى أن لجوء البنك المركزي الى مقاربة رفع نسبة الفائدة المديرية، لا يخدم إطلاقا الاقتصاد التونسي الذي يعيش أزمة خانقة، ومن الضروري العمل على تشجيع الاستثمار، وإنعاش الاقتصاد عبر برامج تمويلية، بالإضافة الى التشجيع على منح القروض، لتفادي اي نقص في المواد الأساسية والضرورية، فضلا عن توفير قروض ميسرة لتفادي معضلة ارتفاع أسعار الأعلاف والأسمدة، والتي تسببت في خسائر فادحة للفلاحين، وتسببت بشكل مباشر في فقدان بعض المواد الأساسية من الأسواق مثل مادة الحليب، وهو ما انجر عنه ارتفاع في أسعار العديد من المواد.
تكتم حول الميزانية
وحول الوضعية المالية في البلاد واتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي، أشار الشكندالي الى وجود تكتم كبير حول الميزانية الحالية، محذرا من أن السبب في ذلك، هو اتساع العجز في الميزانية، الى أكثر من 20 مليار دينار، كما ان اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، ليس كافيا لحل الأزمة المالية في البلاد، خاصة وان الاتفاق مايزال على مستوى الخبراء، وتم إرجاء دفع القسط الأول منه الى ديسمبر القادم، لأسباب تتعلق بما ستؤول إليه الأوضاع السياسية في البلاد، وما ستؤول إليه نتائج الانتخابات التشريعية.
وتابع الشكندالي بالقول، إن هدف إرجاء صندوق النقد الدولي في الإفراج عن القسط الأول الى غاية ديسمبر القادم، هو متابعة مدى التزام الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها خلال هذه المرحلة، مرجحا ان يقع تأخير انعقاد مجلس إدارة الصندوق الى ما بعد ديسمبر 2022، في حال لم يلمس أي تغيير يذكر على مستوى الإصلاحات المطلوبة، وخاصة في ما يتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، واتخاذ إجراءات رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات، وموقف اتحاد الشغل من هذه الإصلاحات.
وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، انه من المرجح ان تحصل تونس على قسط أول من القرض بقيمة 500 مليون دولار، في حال التزمت بالإصلاحات المطلوبة منها، وهي إصلاحات تهدد السلم الاجتماعي في البلاد، ولا يقبلها اي مواطن تونسي، خصوصا مع ارتفاع أسعار اغلب المواد، وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين الى مستويات خلفت موجة احتقان واحتجاجات، مرجحا في هذا الصدد، ان يتكرر سيناريو حكومة يوسف الشاهد في سنة 2016، بعد عجزها عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها، ما اضطر صندوق النقد الدولي الى إيقاف إسناد بقية الإقساط من القرض المتفق مع الحكومة آنذاك وذلك مباشرة بعد منحها القسط الأول.
سيناريو لبنان قد يتكرر
وحذر رضا الشكندالي، من أزمة مالية خانقة في البلاد، خاصة بعد إرجاء الحكومة لتسديد ديون داخلية مع عدد من البنوك الى غاية 2033، ما يضع هذه البنوك في دائرة الخطر، كما أن لجوء الحكومة الى هذا الإجراء يعكس مدى حدة الأزمة المالية في البلاد.
ودعا الشكندالي، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، الى التحرك لتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية الثنائية مع الدول، واستغلال الاتفاق المعلن مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قروض ثنائية، مع العديد من الدول، خصوصا وأنها كانت تشترط على الحكومة التونسية الحصول على اتفاق أولي مع صندوق النقد الدولي، حتى تتمكن بعض المؤسسات المالية العالمية من الاستجابة لطالبات تونس المالية، مشددا على ضرورة أن يعتمد رئيس الجمهورية قيس سعيد على العلاقات الثنائية الجيدة لتونس مع عديد الدول.
ولفت الخبير الاقتصادي ،الى خطورة تكرار سيناريو لبنان مع البنوك، في الفترة القليلة القادمة، الني اضطرت في نهاية المطاف الى عدم الاستجابة لحرفائها وصرف أموالهم، معتبرا أن مثل هذا السيناريو غير مستبعد في تونس، خاصة بعد ان عجزت الدولة عن تسديد ديون داخلية مع بعض البنوك حلت آجال تسديدها وقامت بإرجائها الى غاية عام 2033، محذرا من أن الأوضاع المالية والاقتصادية ستتعقد أكثر، في حال لم يلتزم صندوق النقد الدولي بالاتفاق الأخير مع تونس على مستوى الخبراء.
سفيان المهداوي
تونس- الصباح
حذر أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، أمس، في تصريح لـ"الصباح"، من معالجة أزمة ارتفاع التضخم في تونس، عبر سياسات البنك المركزي من خلال اللجوء الى رفع نسبة الفائدة المديرية مجددا، مشيرا الى أن هذا الإجراء سيكبل الاقتصاد الوطني ويدفع به نحو الركود، لافتا الى أن التضخم الحقيقي في البلاد جزء كبير منه ناجم عن ارتفاع العجز التجاري في المواد الطاقية، وهي السبب الرئيسي في تآكل احتياطي البلاد من العملة الصعبة، وارتفاع الأسعار.
وقال رضا الشكندالي، ردا على استفسارات "الصباح"، حول الحلول المتوقع تبنيها في الفترة القادمة، في حال تواصل ارتفاع التضخم في البلاد الى أكثر من 9.1% ، انه من الضروري الانتباه الى الأسباب الرئيسية للتضخم قبل اتخاذ أي إجراء، مؤكدا ان سياسات البنك المركزي في رفع نسبة الفائدة المديرية، هو إجراء غير عملي بالمرة، حيث أن اللجوء الى هذه السياسة، سيكبل الدورة الاقتصادية، وسيخلق حالة من الركود، ويرفع من نسب الفقر، ويهدد مواطن الشغل.
مقاربة مغلوطة
وأكد الخبير الاقتصادي، أن التضخم في تونس بدأ يأخذ منحى تصاعديا منذ جويلية 2021، وهو في ارتفاع مستمر، وجزء من التضخم تسببت فيه المواد الطاقية، حيث ان العجز الطاقي يمثّل قرابة 40 بالمائة من العجز التجاري الجملي لتونس، في حين أن ارتفاع الأسعار في بعض المواد الاستهلاكية والأساسية، جزء كبير منه ناجم عن تراجع الإنتاج، وفقدان بعض المواد الأساسية بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والأسمدة، الأمر الذي دفع بالأسعار الى الارتفاع ، مشيرا الى أن أسعار البيض والدجاج ارتفعت الى أكثر 20%.
وتابع الشكندالي بالقول، إن الهدف من البنك المركزي في رفع نسبة الفائدة، هو الاعتقاد الخاطئ بأن هذه الخطوة ستقلل من حصول الموردين على قروض بنكية تسهل عليهم عملية جلب البضائع من الخارج، بما يقلص العجز التجاري ، ويكبح التضخم، إلا أن هذا الإجراء سيخلق حالة من الركود الاقتصادي، وفقدان العديد من المواد من السوق، بما يرفع من أسعارها الى مستويات لا يمكن لأي مواطن تونسي مجاراتها، وبالتالي سيتسبب ذلك في أزمة اقتصادية حادة وخانقة في البلاد.
وقال الخبير الاقتصادي، أن هذه المقاربة التي يعتمدها البنك المركزي، في إدارة ملف التضخم الحالي، هي مقاربة خاطئة، وستزيد من حدة الأزمة الاقتصادية، داعيا الى ضرورة الضغط على الأسعار بتوفير المواد المطلوبة في أوانها، لافتا الى ان فقدانها يرجع بالأساس الى تراجع الإنتاج، فيرتفع الطلب عليها، وبالتالي تشتعل الأسعار، الأمر الذي يؤدي في نهاية المطاف الى ارتفاع التضخم، وبالتالي من الضروري العمل خلال الفترة القادمة على تلافي النقص في المواد الضرورية والاستهلاكية، وتوفيرها في الأسواق بما يمنع من الاحتكار والمضاربة وارتفاع أسعارها.
وأشار الشكندالي، الى أن لجوء البنك المركزي الى مقاربة رفع نسبة الفائدة المديرية، لا يخدم إطلاقا الاقتصاد التونسي الذي يعيش أزمة خانقة، ومن الضروري العمل على تشجيع الاستثمار، وإنعاش الاقتصاد عبر برامج تمويلية، بالإضافة الى التشجيع على منح القروض، لتفادي اي نقص في المواد الأساسية والضرورية، فضلا عن توفير قروض ميسرة لتفادي معضلة ارتفاع أسعار الأعلاف والأسمدة، والتي تسببت في خسائر فادحة للفلاحين، وتسببت بشكل مباشر في فقدان بعض المواد الأساسية من الأسواق مثل مادة الحليب، وهو ما انجر عنه ارتفاع في أسعار العديد من المواد.
تكتم حول الميزانية
وحول الوضعية المالية في البلاد واتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي، أشار الشكندالي الى وجود تكتم كبير حول الميزانية الحالية، محذرا من أن السبب في ذلك، هو اتساع العجز في الميزانية، الى أكثر من 20 مليار دينار، كما ان اتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي حول قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، ليس كافيا لحل الأزمة المالية في البلاد، خاصة وان الاتفاق مايزال على مستوى الخبراء، وتم إرجاء دفع القسط الأول منه الى ديسمبر القادم، لأسباب تتعلق بما ستؤول إليه الأوضاع السياسية في البلاد، وما ستؤول إليه نتائج الانتخابات التشريعية.
وتابع الشكندالي بالقول، إن هدف إرجاء صندوق النقد الدولي في الإفراج عن القسط الأول الى غاية ديسمبر القادم، هو متابعة مدى التزام الحكومة في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها خلال هذه المرحلة، مرجحا ان يقع تأخير انعقاد مجلس إدارة الصندوق الى ما بعد ديسمبر 2022، في حال لم يلمس أي تغيير يذكر على مستوى الإصلاحات المطلوبة، وخاصة في ما يتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، واتخاذ إجراءات رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات، وموقف اتحاد الشغل من هذه الإصلاحات.
وقال أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، انه من المرجح ان تحصل تونس على قسط أول من القرض بقيمة 500 مليون دولار، في حال التزمت بالإصلاحات المطلوبة منها، وهي إصلاحات تهدد السلم الاجتماعي في البلاد، ولا يقبلها اي مواطن تونسي، خصوصا مع ارتفاع أسعار اغلب المواد، وتراجع المقدرة الشرائية للتونسيين الى مستويات خلفت موجة احتقان واحتجاجات، مرجحا في هذا الصدد، ان يتكرر سيناريو حكومة يوسف الشاهد في سنة 2016، بعد عجزها عن تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منها، ما اضطر صندوق النقد الدولي الى إيقاف إسناد بقية الإقساط من القرض المتفق مع الحكومة آنذاك وذلك مباشرة بعد منحها القسط الأول.
سيناريو لبنان قد يتكرر
وحذر رضا الشكندالي، من أزمة مالية خانقة في البلاد، خاصة بعد إرجاء الحكومة لتسديد ديون داخلية مع عدد من البنوك الى غاية 2033، ما يضع هذه البنوك في دائرة الخطر، كما أن لجوء الحكومة الى هذا الإجراء يعكس مدى حدة الأزمة المالية في البلاد.
ودعا الشكندالي، رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، الى التحرك لتنشيط الدبلوماسية الاقتصادية الثنائية مع الدول، واستغلال الاتفاق المعلن مع صندوق النقد الدولي، للحصول على قروض ثنائية، مع العديد من الدول، خصوصا وأنها كانت تشترط على الحكومة التونسية الحصول على اتفاق أولي مع صندوق النقد الدولي، حتى تتمكن بعض المؤسسات المالية العالمية من الاستجابة لطالبات تونس المالية، مشددا على ضرورة أن يعتمد رئيس الجمهورية قيس سعيد على العلاقات الثنائية الجيدة لتونس مع عديد الدول.
ولفت الخبير الاقتصادي ،الى خطورة تكرار سيناريو لبنان مع البنوك، في الفترة القليلة القادمة، الني اضطرت في نهاية المطاف الى عدم الاستجابة لحرفائها وصرف أموالهم، معتبرا أن مثل هذا السيناريو غير مستبعد في تونس، خاصة بعد ان عجزت الدولة عن تسديد ديون داخلية مع بعض البنوك حلت آجال تسديدها وقامت بإرجائها الى غاية عام 2033، محذرا من أن الأوضاع المالية والاقتصادية ستتعقد أكثر، في حال لم يلتزم صندوق النقد الدولي بالاتفاق الأخير مع تونس على مستوى الخبراء.