إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قبل أسابيع من انطلاق الحملة الانتخابية.. المترشحون للانتخابات ومعضلة الاتصال والتمويل

تونس – الصباح

سيكون المترشحون للانتخابات التشريعية القادمة أمام مسألة على غاية من الأهمية في علاقة بالحملات الانتخابية وعامل متحكم بقوة في نتائج الصندوق، ويتعلق ذلك أساسا بالاتصال وتمويل تلك الحملات نظرا للترابط المتين بين العاملين، وذلك في ظل المرسوم عدد 55 الخاص بالقانون الانتخابي الجديد، أي وفق ما تتيحه روزنامة الانتخابات من شروط حافة بالمسألة خاصة أن المترشحين سيكونون سواسية، وفق القانون الانتخابي الجديد، سواء بالنسبة للمتحزبين أو غيرهم من المستقلين في مسار المنافسة الذي يسبق 17 ديسمبر المقبل. وقد فسر المنتصرون لهذا القانون بكونه خيارا يوفر قدرا من التساوي في الفرص أمام جميع المترشحين في ظل غياب دعم المال العمومي وإمكانية تحديد سقف تمويل الحملة الانتخابية من ناحية أخرى وأن يتولى كل مترشح القيام بحملته الانتخابية. وسبق أن فسر الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، هذه المسألة في تصريح إعلامي بقوله:"إن الأحزاب السياسية لا حق لها للقيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقرر ليوم 17 ديسمبر القادم. في مقابل ذلك، يحق للمترشحين الأفراد القيام بحملاتهم كمنتمين لأحزاب سياسية والتعريف بها وببرامجها خلال فترة الحملة الانتخابية". مؤكدا أن هيئة الانتخابات ستتعامل مع المترشحين كأشخاص من حقهم القيام بحملاتهم الانتخابية والتعريف بأنفسهم وببرامجهم وفق ما يكفله لهم القانون. ولئن انطلق بعضهم منذ مدة في "التدرب" على هذه المسألة من خلال الخضوع إلى تدريبات في الاتصال السياسي من قبل جهات وأفراد مختصين في المجال بهدف ضمان النجاح في المراحل التمهيدية للانتخابات، فإن البعض الآخر من المترشحين يراهن على الإمكانيات ما يحظى به من دعم "عشائري" وجهوي للفوز في نتائج الصندوق. لأن "الكاريزما" السياسية والبرنامج الانتخابي المتكامل والكفاءة وغيرها من العوامل والمقاييس الأخرى تبقى مسائل غير ذات جدوى في الانتخابات التشريعية المرتقبة، وفق ما يذهب له بعض المتابعين للشأن السياسي في تونس.

فبعد الحسم في مطالب المترشحين لهذا الاستحقاق الانتخابي المقبل، باعتبار أن العدد الجملي لمطالب الترشح للانتخابات التشريعية قدر بـ1429 ملفا، وفق ما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فيما لا تزال الهيئات الفرعية بصدد البت في المطالب، وتأكيد عديد الجهات على أن العدد من المنتظر أن يتقلص نظرا لعدم استجابة بعض الملفات للشروط المطلوبة وما يمكن أن تسجله العملية من طعون وبت ومراجعات وغيرها. ستكون مهمة المترشحين للبرلمان القادم فرصة أولية لاختبار مدى قدرتهم على التواصل مع المواطنين وبسط البرامج الانتخابية التي ستكون أيضا وفق القانون الانتخابي الجديد، برامج تراعي خصوصية ومتطلبات كل جهة. بما يمكن أبناء الدائرة من سحب العضوية من البرلمان من النواب بعد عام من مباشرة البرلمان لمهامه في حال لم يلتزموا بالبرنامج. ومن المنتظر انطلاق الحملة الانتخابية يوم 25 نوفمبر المقبل وذلك بعد حسم الهيئة العليا المستقل للانتخابات في قائمة المترشحين يوم 21 من نفس الشهر لتتواصل الحملة إلى غاية 13 ديسمبر المقبل أي قبل ثلاثة أيام من موعد الاستحقاق الانتخابي.

في سياق متصل أكد ماهر الجديدي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مؤخرا أن "أمرا عُرِض على الهيئة لتحديد سقف تمويل الحملة الانتخابية"، ومن المنتظر البت فيه قريبا. مشددا على أن دور الهيئة مراقبة سلامة العملية الانتخابية والحملة الانتخابية على أن تتولى الهيئة انتداب أعوان مُحلفين لمراقبة العملية.

وتجمع عديد القراءات على أن المسألة الاتصالية تعد معضلة الطبقة السياسية خاصة أن العملية في السابق كانت موكولة إلى الأحزاب التي تحتكم بدورها إلى "ماكينة" اتصالية كثيرا ما شكلت مدخلا للمال الفاسد واللوبيات لتتولى تمويل تلك الحملات مقابل خضوع النواب والأحزاب لخدمة أجنداتها. لكن الحملة الانتخابية الحالية ستضع المترشحين أمام اختبار صعب، في ظل اعتمادهم على التمويل الذاتي من ناحية والمراهنة على الاتصال المباشر مع الناخبين من ناحية أخرى. بما يجعل الجميع أمام اختبار لمعرفة مدى قدرتهم على التواصل مع أكبر عدد ممكن من القواعد الشعبية من ناحية ومدى قدرتهم على الإقناع ونيل الرضا والحظوة لدى أبناء الدوائر التي ينتمون لها بما يمكن أن يترجم في صناديق الاقتراع. خاصة أن القانون الانتخابي الجديد يفرض على الجميع الاعتماد على التمويل الذاتي، فضلا عن العقوبات الزجرية ضد المال الفاسد أو التجاوزات المتعلقة بهذه المسألة. وهو ما اعتبره البعض تضييق على المترشحين بعد مسألة "التزكيات" وما تتطلبه من تمشي إجرائي التي شكلت معضلة أمام البعض الآخر وحرمت أعداد كبيرة من الترشح.

فمن شأن الاتصال والتواصل والتمويل كعوامل أساسية متحكمة في قواعد اللعبة في الحملات الانتخابية المقبلة أن تتحكم في المعادلة السياسية ومن ثمة صناديق الاقتراع لانتخابات 17 ديسمبر المقبل، لاسيما أن تخوفات البعض من استعادة وضع مشابه لنتائج صناديق الاقتراع سنة 2019، بصعود نواب برلمان مشتت يتكون من نسبة كبيرة من خارج الدوائر السياسية أو الحزبية. لأن المرحلة والاستحقاقات القادمة تتطلب مؤسسة تشريعية قادرة على صنع التحدي والاضطلاع بدور ريادي في المسار الإصلاحي للدولة، لا أن تكون جزءا آخر من المشاكل التي تكبل الدولة وتساهم في مضاعفة معاناة المواطنين.  

نزيهة الغضباني   

قبل أسابيع من انطلاق الحملة الانتخابية.. المترشحون للانتخابات ومعضلة الاتصال والتمويل

تونس – الصباح

سيكون المترشحون للانتخابات التشريعية القادمة أمام مسألة على غاية من الأهمية في علاقة بالحملات الانتخابية وعامل متحكم بقوة في نتائج الصندوق، ويتعلق ذلك أساسا بالاتصال وتمويل تلك الحملات نظرا للترابط المتين بين العاملين، وذلك في ظل المرسوم عدد 55 الخاص بالقانون الانتخابي الجديد، أي وفق ما تتيحه روزنامة الانتخابات من شروط حافة بالمسألة خاصة أن المترشحين سيكونون سواسية، وفق القانون الانتخابي الجديد، سواء بالنسبة للمتحزبين أو غيرهم من المستقلين في مسار المنافسة الذي يسبق 17 ديسمبر المقبل. وقد فسر المنتصرون لهذا القانون بكونه خيارا يوفر قدرا من التساوي في الفرص أمام جميع المترشحين في ظل غياب دعم المال العمومي وإمكانية تحديد سقف تمويل الحملة الانتخابية من ناحية أخرى وأن يتولى كل مترشح القيام بحملته الانتخابية. وسبق أن فسر الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، هذه المسألة في تصريح إعلامي بقوله:"إن الأحزاب السياسية لا حق لها للقيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقرر ليوم 17 ديسمبر القادم. في مقابل ذلك، يحق للمترشحين الأفراد القيام بحملاتهم كمنتمين لأحزاب سياسية والتعريف بها وببرامجها خلال فترة الحملة الانتخابية". مؤكدا أن هيئة الانتخابات ستتعامل مع المترشحين كأشخاص من حقهم القيام بحملاتهم الانتخابية والتعريف بأنفسهم وببرامجهم وفق ما يكفله لهم القانون. ولئن انطلق بعضهم منذ مدة في "التدرب" على هذه المسألة من خلال الخضوع إلى تدريبات في الاتصال السياسي من قبل جهات وأفراد مختصين في المجال بهدف ضمان النجاح في المراحل التمهيدية للانتخابات، فإن البعض الآخر من المترشحين يراهن على الإمكانيات ما يحظى به من دعم "عشائري" وجهوي للفوز في نتائج الصندوق. لأن "الكاريزما" السياسية والبرنامج الانتخابي المتكامل والكفاءة وغيرها من العوامل والمقاييس الأخرى تبقى مسائل غير ذات جدوى في الانتخابات التشريعية المرتقبة، وفق ما يذهب له بعض المتابعين للشأن السياسي في تونس.

فبعد الحسم في مطالب المترشحين لهذا الاستحقاق الانتخابي المقبل، باعتبار أن العدد الجملي لمطالب الترشح للانتخابات التشريعية قدر بـ1429 ملفا، وفق ما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فيما لا تزال الهيئات الفرعية بصدد البت في المطالب، وتأكيد عديد الجهات على أن العدد من المنتظر أن يتقلص نظرا لعدم استجابة بعض الملفات للشروط المطلوبة وما يمكن أن تسجله العملية من طعون وبت ومراجعات وغيرها. ستكون مهمة المترشحين للبرلمان القادم فرصة أولية لاختبار مدى قدرتهم على التواصل مع المواطنين وبسط البرامج الانتخابية التي ستكون أيضا وفق القانون الانتخابي الجديد، برامج تراعي خصوصية ومتطلبات كل جهة. بما يمكن أبناء الدائرة من سحب العضوية من البرلمان من النواب بعد عام من مباشرة البرلمان لمهامه في حال لم يلتزموا بالبرنامج. ومن المنتظر انطلاق الحملة الانتخابية يوم 25 نوفمبر المقبل وذلك بعد حسم الهيئة العليا المستقل للانتخابات في قائمة المترشحين يوم 21 من نفس الشهر لتتواصل الحملة إلى غاية 13 ديسمبر المقبل أي قبل ثلاثة أيام من موعد الاستحقاق الانتخابي.

في سياق متصل أكد ماهر الجديدي، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مؤخرا أن "أمرا عُرِض على الهيئة لتحديد سقف تمويل الحملة الانتخابية"، ومن المنتظر البت فيه قريبا. مشددا على أن دور الهيئة مراقبة سلامة العملية الانتخابية والحملة الانتخابية على أن تتولى الهيئة انتداب أعوان مُحلفين لمراقبة العملية.

وتجمع عديد القراءات على أن المسألة الاتصالية تعد معضلة الطبقة السياسية خاصة أن العملية في السابق كانت موكولة إلى الأحزاب التي تحتكم بدورها إلى "ماكينة" اتصالية كثيرا ما شكلت مدخلا للمال الفاسد واللوبيات لتتولى تمويل تلك الحملات مقابل خضوع النواب والأحزاب لخدمة أجنداتها. لكن الحملة الانتخابية الحالية ستضع المترشحين أمام اختبار صعب، في ظل اعتمادهم على التمويل الذاتي من ناحية والمراهنة على الاتصال المباشر مع الناخبين من ناحية أخرى. بما يجعل الجميع أمام اختبار لمعرفة مدى قدرتهم على التواصل مع أكبر عدد ممكن من القواعد الشعبية من ناحية ومدى قدرتهم على الإقناع ونيل الرضا والحظوة لدى أبناء الدوائر التي ينتمون لها بما يمكن أن يترجم في صناديق الاقتراع. خاصة أن القانون الانتخابي الجديد يفرض على الجميع الاعتماد على التمويل الذاتي، فضلا عن العقوبات الزجرية ضد المال الفاسد أو التجاوزات المتعلقة بهذه المسألة. وهو ما اعتبره البعض تضييق على المترشحين بعد مسألة "التزكيات" وما تتطلبه من تمشي إجرائي التي شكلت معضلة أمام البعض الآخر وحرمت أعداد كبيرة من الترشح.

فمن شأن الاتصال والتواصل والتمويل كعوامل أساسية متحكمة في قواعد اللعبة في الحملات الانتخابية المقبلة أن تتحكم في المعادلة السياسية ومن ثمة صناديق الاقتراع لانتخابات 17 ديسمبر المقبل، لاسيما أن تخوفات البعض من استعادة وضع مشابه لنتائج صناديق الاقتراع سنة 2019، بصعود نواب برلمان مشتت يتكون من نسبة كبيرة من خارج الدوائر السياسية أو الحزبية. لأن المرحلة والاستحقاقات القادمة تتطلب مؤسسة تشريعية قادرة على صنع التحدي والاضطلاع بدور ريادي في المسار الإصلاحي للدولة، لا أن تكون جزءا آخر من المشاكل التي تكبل الدولة وتساهم في مضاعفة معاناة المواطنين.  

نزيهة الغضباني