إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تلاميذ وطلبة أمام القضاء.. سياسة حكومية أم تخويف واعتماد مفرط للقانون؟

 

تونس الصباح

أمس الاثنين 31 أكتوبر، تم الإفراج عن تلاميذ المعهد الثانوي الأمل بفوشانة -مع تأخير الجلسة إلى يوم 26 ديسمبر 2022- الموقوفين منذ الأسبوع الماضي على خلفية احتجاجهم على الوضع داخل المعهد ومطالبتهم بإصلاح قاعات تدريس متهالكة وآيلة للسقوط، وتحسين وضع دورات المياه التي لا تصلح للاستعمال الآدمي، لتتطور الأحداث بعد ذلك إلى تدخل الأمن الذي قام بإيقاف عدد من التلاميذ بعد تصاعد وتيرة هذه الاحتجاجات ووجهت لهم تهمة تكوين وفاق. في نفس اليوم أيضا تم إحالة 4 تلاميذ آخرين من مدينة الجديدة على أنظار النيابة العمومية في ابتدائية منوبة بنفس التهمة..، وبالتوازي مع المحاكمات المذكورة تم إيقاف طالب وناشط في اتحاد الطلبة بسوسة على خلفية مساندته للاحتجاجات التي عاشتها منطقة التضامن وهو ما أدى إلى إعلان الاتحاد العام لطلبة تونس إضرابا في جميع الجامعات يحدد موعده لاحقا.

محاكمات ومتابعات قضائية في حق تلاميذ، أطفال، دون سن الـ18 عاما، اعتبرها معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، أنها فيها عنف معنوي كبير مسلط على الأطفال وعلى فئة عمرية ذات خصوصية يفترض أن تكون محمية من قبل مؤسسات وهياكل الدولة. ورأى أن الدولة بصدد تحميل تلاميذ الثانوي مسؤولية ما يقع في البلاد، من احتجاج واحتقان وعنف وعدم رضا، في الوقت الذي يعتبرون فيه ضحايا للإهمال والفراغ الموجود والاستقطاب الذي يدفع بهم إلى الاحتجاج.

وشدد معز الشريف على أن المسؤولية مشتركة فيما يقع داخل المؤسسات التربوية، والأطفال هم ضحايا قبل أن نضعهم في مواجهة مع القانون. وذكر في نفس السياق أن كل الاحتجاجات والاعتصامات الاجتماعية سجلت حضور أطفال ولا يخف على السلطة ذلك وفي كل مرة يتم التعامل معهم خارج مجلة الطفولة ولا يتم إشعار مندوب الطفولة عند إيقافهم أو الاستماع لهم، كما يتم متابعتهم من قبل العدالة الجزائية وليس مجلة الطفولة وقاضي طفولة.

في نفس الإطار أفاد رضا الزهروني رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ، أن السلوكيات العنيفة داخل المؤسسات التربوية بصدد التفاقم والارتفاع سنويا من حيث النوع أو العدد، وهي ظواهر وأمور غير مقبولة ولا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها والجميع مسؤولون عن تعمقها، أولياء وتلاميذ وإطار تربوي ومشرفين وصولا إلى وزير التربية.

وبين الزهروني أن ما نتابعه سنويا من أحداث عنف وتجاوزات، يعود إلى تفاعل المؤسسات التربوية مع المحيط الذي تتواجد فيه وإلى تراجع دور المدرسة في التربية والتعليم. وحالة التخاذل وعدم التحكم في المنظومة التربوية هو ما أنتج هذا السلوك.

واعتبر انه وبعيدا عن كل تبرير لما تشهده الفضاءات التربوية من تجاوزات وعنف يتحمل فيها الجميع المسؤولية تبقى المعالجة المعتمدة غير ناجعة في غياب إستراتيجية اجتماعية ونفسية وتربوية للظاهرة.

في المقابل يضع الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس حسان بوجرة في إطار توجه سياسي كامل مبني على التضييق على الحريات وضرب الاحتجاجات وكل حراك احتجاجي داخل إخراج تطبيق القانون.

استنكر الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، ما اعتبره موجة قمع وقال أن إيقاف الطالب أحمد بهاء الدين حمادة جاء على خلفية إطلاقه لصفحة على "الفياسبوك" تحت اسم 'حي التضامن' باعتباره من أبناء هذا الحي ينشر فيها مطالب الاحتجاجات. كما لم يستبعد إمكانيات تسجيل إيقافات أخرى في الأيام القادمة لكل من يحمل نفس ثوري.

ويعتبر من ناحيته فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسوسة، بعد المطالبة بالإفراج الفوري عن الطالب بهاء الدين، أن إيقافه يتنزل في سياق انحراف كبير تشهده الأوضاع الحقوقية في تونس.

وللإشارة شملت الإيقافات الأسبوع الماضي عددا من تلاميذة وشبان شاركوا في الوقفة الاحتجاجية التي تم تنظيمها أمام محكمة بن عروس بالتزامن مع جلسة محب النادي الإفريقي عمر العبيدي الذي توفي منذ أربع سنوات بعد إلقائه في وادي قريانة من قبل أمنيين. ونفس الأمر سجل في حي التضامن أين تم متابعة أكثر من 20 من أبناء الجهة جراء ما عرفه الحي من تحركات واحتجاجات، وقبلها بقليل تمت متابعة 8 من أبناء مرناق بعد مشاركتهم في التحركات الاحتجاجية التي جدت في المنطقة على خلفية انتحار احد أبنائه الذي يشتغل بائعا متجولا.

وعلى الأرجح، ومتابعة للصورة كاملة خلال الأشهر الماضية في علاقة بالإيقافات والمتابعات الأمنية في حق المحتجين والنشطاء الحقوقيين والتلاميذ والطلبة هو ما يقوي أكثر فرضية تنزيل ذلك في سياق سياسة حكومية توارثتها حكومة بودن من الحكومات التي سبقتها.

ريم سوودي

تلاميذ وطلبة أمام القضاء.. سياسة حكومية أم تخويف واعتماد مفرط للقانون؟

 

تونس الصباح

أمس الاثنين 31 أكتوبر، تم الإفراج عن تلاميذ المعهد الثانوي الأمل بفوشانة -مع تأخير الجلسة إلى يوم 26 ديسمبر 2022- الموقوفين منذ الأسبوع الماضي على خلفية احتجاجهم على الوضع داخل المعهد ومطالبتهم بإصلاح قاعات تدريس متهالكة وآيلة للسقوط، وتحسين وضع دورات المياه التي لا تصلح للاستعمال الآدمي، لتتطور الأحداث بعد ذلك إلى تدخل الأمن الذي قام بإيقاف عدد من التلاميذ بعد تصاعد وتيرة هذه الاحتجاجات ووجهت لهم تهمة تكوين وفاق. في نفس اليوم أيضا تم إحالة 4 تلاميذ آخرين من مدينة الجديدة على أنظار النيابة العمومية في ابتدائية منوبة بنفس التهمة..، وبالتوازي مع المحاكمات المذكورة تم إيقاف طالب وناشط في اتحاد الطلبة بسوسة على خلفية مساندته للاحتجاجات التي عاشتها منطقة التضامن وهو ما أدى إلى إعلان الاتحاد العام لطلبة تونس إضرابا في جميع الجامعات يحدد موعده لاحقا.

محاكمات ومتابعات قضائية في حق تلاميذ، أطفال، دون سن الـ18 عاما، اعتبرها معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل، أنها فيها عنف معنوي كبير مسلط على الأطفال وعلى فئة عمرية ذات خصوصية يفترض أن تكون محمية من قبل مؤسسات وهياكل الدولة. ورأى أن الدولة بصدد تحميل تلاميذ الثانوي مسؤولية ما يقع في البلاد، من احتجاج واحتقان وعنف وعدم رضا، في الوقت الذي يعتبرون فيه ضحايا للإهمال والفراغ الموجود والاستقطاب الذي يدفع بهم إلى الاحتجاج.

وشدد معز الشريف على أن المسؤولية مشتركة فيما يقع داخل المؤسسات التربوية، والأطفال هم ضحايا قبل أن نضعهم في مواجهة مع القانون. وذكر في نفس السياق أن كل الاحتجاجات والاعتصامات الاجتماعية سجلت حضور أطفال ولا يخف على السلطة ذلك وفي كل مرة يتم التعامل معهم خارج مجلة الطفولة ولا يتم إشعار مندوب الطفولة عند إيقافهم أو الاستماع لهم، كما يتم متابعتهم من قبل العدالة الجزائية وليس مجلة الطفولة وقاضي طفولة.

في نفس الإطار أفاد رضا الزهروني رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ، أن السلوكيات العنيفة داخل المؤسسات التربوية بصدد التفاقم والارتفاع سنويا من حيث النوع أو العدد، وهي ظواهر وأمور غير مقبولة ولا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها والجميع مسؤولون عن تعمقها، أولياء وتلاميذ وإطار تربوي ومشرفين وصولا إلى وزير التربية.

وبين الزهروني أن ما نتابعه سنويا من أحداث عنف وتجاوزات، يعود إلى تفاعل المؤسسات التربوية مع المحيط الذي تتواجد فيه وإلى تراجع دور المدرسة في التربية والتعليم. وحالة التخاذل وعدم التحكم في المنظومة التربوية هو ما أنتج هذا السلوك.

واعتبر انه وبعيدا عن كل تبرير لما تشهده الفضاءات التربوية من تجاوزات وعنف يتحمل فيها الجميع المسؤولية تبقى المعالجة المعتمدة غير ناجعة في غياب إستراتيجية اجتماعية ونفسية وتربوية للظاهرة.

في المقابل يضع الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس حسان بوجرة في إطار توجه سياسي كامل مبني على التضييق على الحريات وضرب الاحتجاجات وكل حراك احتجاجي داخل إخراج تطبيق القانون.

استنكر الأمين العام للاتحاد العام لطلبة تونس، ما اعتبره موجة قمع وقال أن إيقاف الطالب أحمد بهاء الدين حمادة جاء على خلفية إطلاقه لصفحة على "الفياسبوك" تحت اسم 'حي التضامن' باعتباره من أبناء هذا الحي ينشر فيها مطالب الاحتجاجات. كما لم يستبعد إمكانيات تسجيل إيقافات أخرى في الأيام القادمة لكل من يحمل نفس ثوري.

ويعتبر من ناحيته فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسوسة، بعد المطالبة بالإفراج الفوري عن الطالب بهاء الدين، أن إيقافه يتنزل في سياق انحراف كبير تشهده الأوضاع الحقوقية في تونس.

وللإشارة شملت الإيقافات الأسبوع الماضي عددا من تلاميذة وشبان شاركوا في الوقفة الاحتجاجية التي تم تنظيمها أمام محكمة بن عروس بالتزامن مع جلسة محب النادي الإفريقي عمر العبيدي الذي توفي منذ أربع سنوات بعد إلقائه في وادي قريانة من قبل أمنيين. ونفس الأمر سجل في حي التضامن أين تم متابعة أكثر من 20 من أبناء الجهة جراء ما عرفه الحي من تحركات واحتجاجات، وقبلها بقليل تمت متابعة 8 من أبناء مرناق بعد مشاركتهم في التحركات الاحتجاجية التي جدت في المنطقة على خلفية انتحار احد أبنائه الذي يشتغل بائعا متجولا.

وعلى الأرجح، ومتابعة للصورة كاملة خلال الأشهر الماضية في علاقة بالإيقافات والمتابعات الأمنية في حق المحتجين والنشطاء الحقوقيين والتلاميذ والطلبة هو ما يقوي أكثر فرضية تنزيل ذلك في سياق سياسة حكومية توارثتها حكومة بودن من الحكومات التي سبقتها.

ريم سوودي