أن أكون ملحاحا، وأكثر من ذلك، لجوجا من أجل قضيّة أعتبرها وطنيّة بامتياز فذاك أمر لا يقلقني ولا يزعجني في شيء. إنّي أعود ثانية للكتابة في موضوع أعتبره في منتهى الأهميّة وأرى أنّ كثيرين مثلي يعتقدون ذلك. إنّه موضوع انقطاع مئات الآلاف من أبنائنا التلاميذ عن الدّراسة وحرمانهم من أخذ نصيبهم من الدّروس والعلم وقبس المعرفة. لم تعش هذه الفئة من التلاميذ موعد العودة المدرسيّة لسنة 2022-2023 كبقيّة زملائهم. والسّبب يعرفه القاصي والدّاني في بلادنا ويتمثّل في قرار الجامعة العامة للتّعليم الأساسي مقاطعة الدّروس احتجاجا على عدم استجابة وزارة التّربية لمطالبها.
لقد ناشدنا رئيس الجمهورية، في الأسبوع الماضي، عبر جريدتنا الغرّاء الصّباح، التّدخل السّريع وإيجاد حلّ لهذه المسألة التي أصبحت معضلة كبيرة يجب عدم غضّ الطّرف عنها أو تناسيها بأيّ حال من الأحوال. وإنّنا نتوجّه اليوم إلى كلّ التونسيّين الغيورين على البلاد حتّى يجعلوا من تواصل انقطاع مئات الآلاف من التلاميذ عن الدّروس قضيّة رأي عام لأنّ حياتنا بهكذا أحوال التّعليم ليست بحياة فهي فاقدة لكلّ لون وطعم وبصيص أمل في مستقبل مشرق.
إنّنا نتوجّه، بصفة ملحّة، إلى المجتمع المدني، بكافة مكوناته، ونطالبه بأن يتحرّك بسرعة ويطالب وزارة الإشراف والحكومة ورئيس الجمهورية بإيقاف هذه المأساة والجريمة النّكراء التي تُرتكب في حقّ فلذات أكبادنا وإيجاد حلول عاجلة الآن وهنا. لقد كنّا نعاني من الموت السّريري الذي ضُرب على إصلاح التعليم ولا نزال. وقد طال هذا الموت حتّى شارفنا على القنوط بعد الجمود الذي أصاب هذا الملفّ. وها نحن اليوم نشهد أوضاعا أكثر خطورة في سلك التّعليم بسبب إحالة عدد لا يُستهان به من التلاميذ على عطلة قسريّة ما أنزل الله بها من سلطان. وبذلك فنحن نعيش، بصراحة تامة، سيرا للمنظومة التربويّة مشلولا أبتر.
إنّنا نتساءل ما قيمة المحاضرات والنّدوات الفكريّة التي تُقام في دور الثقافة والنّزل وفي مقرّات الجمعيّات والحال أنّ العود أعوج فهل يستقيم ظلّه؟ وهل رأينا بنيانا بلغ تمامه إن كان هناك من يبني وغيره يهدم؟ ما قيمة كلّ الأنشطة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتّحاليل التي ينخرط فيها كثير من المثقفات والمثقفين والسياسيّات والسياسيّين وكلّ من هبّ ودبّ في حين لا تصبّ كلّ النقاشات والحوارات والتّدخلات في الموضوع الذي يهمّ رجوع ناشئتنا إلى قاعات الدّرس؟
إنّ التاريخ لن يتسامح مع السّكوت عن هذا الوضع المزري والكارثي الذي يعيشه قطاع التّعليم الأساسي منذ أكثر من ثمانية أسابيع. وإنّ الواجب الوطني يدعونا إلى المطالبة بمجلس أمن قومي، ففي اعتقادنا، يُخطئ من يظنّ أنّ ضرورة انعقاده لا تكون إلاّ من أجل دعم المواطن في اكتفائه ذاتيّا بأكله وشربه، أي أمنه الغذائي عموما، وحمايته من الأعداء في الدّاخل والخارج. بل إنّ من أوكد مهمّات مجلس الأمن القوميّ اليوم أن يُعيد السّير الطّبيعي للدّروس بالنّسبة إلى كافّة التلاميذ دون استثناء وأن يجد حلولا للمنادين بحقوقهم التي لا نشكّ لحظة أنّها مشروعة. ولعلّنا نصل إلى ذلك إن حكّمنا المثل القائل: ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه.
بقلم:مصدّق الشّريف
أن أكون ملحاحا، وأكثر من ذلك، لجوجا من أجل قضيّة أعتبرها وطنيّة بامتياز فذاك أمر لا يقلقني ولا يزعجني في شيء. إنّي أعود ثانية للكتابة في موضوع أعتبره في منتهى الأهميّة وأرى أنّ كثيرين مثلي يعتقدون ذلك. إنّه موضوع انقطاع مئات الآلاف من أبنائنا التلاميذ عن الدّراسة وحرمانهم من أخذ نصيبهم من الدّروس والعلم وقبس المعرفة. لم تعش هذه الفئة من التلاميذ موعد العودة المدرسيّة لسنة 2022-2023 كبقيّة زملائهم. والسّبب يعرفه القاصي والدّاني في بلادنا ويتمثّل في قرار الجامعة العامة للتّعليم الأساسي مقاطعة الدّروس احتجاجا على عدم استجابة وزارة التّربية لمطالبها.
لقد ناشدنا رئيس الجمهورية، في الأسبوع الماضي، عبر جريدتنا الغرّاء الصّباح، التّدخل السّريع وإيجاد حلّ لهذه المسألة التي أصبحت معضلة كبيرة يجب عدم غضّ الطّرف عنها أو تناسيها بأيّ حال من الأحوال. وإنّنا نتوجّه اليوم إلى كلّ التونسيّين الغيورين على البلاد حتّى يجعلوا من تواصل انقطاع مئات الآلاف من التلاميذ عن الدّروس قضيّة رأي عام لأنّ حياتنا بهكذا أحوال التّعليم ليست بحياة فهي فاقدة لكلّ لون وطعم وبصيص أمل في مستقبل مشرق.
إنّنا نتوجّه، بصفة ملحّة، إلى المجتمع المدني، بكافة مكوناته، ونطالبه بأن يتحرّك بسرعة ويطالب وزارة الإشراف والحكومة ورئيس الجمهورية بإيقاف هذه المأساة والجريمة النّكراء التي تُرتكب في حقّ فلذات أكبادنا وإيجاد حلول عاجلة الآن وهنا. لقد كنّا نعاني من الموت السّريري الذي ضُرب على إصلاح التعليم ولا نزال. وقد طال هذا الموت حتّى شارفنا على القنوط بعد الجمود الذي أصاب هذا الملفّ. وها نحن اليوم نشهد أوضاعا أكثر خطورة في سلك التّعليم بسبب إحالة عدد لا يُستهان به من التلاميذ على عطلة قسريّة ما أنزل الله بها من سلطان. وبذلك فنحن نعيش، بصراحة تامة، سيرا للمنظومة التربويّة مشلولا أبتر.
إنّنا نتساءل ما قيمة المحاضرات والنّدوات الفكريّة التي تُقام في دور الثقافة والنّزل وفي مقرّات الجمعيّات والحال أنّ العود أعوج فهل يستقيم ظلّه؟ وهل رأينا بنيانا بلغ تمامه إن كان هناك من يبني وغيره يهدم؟ ما قيمة كلّ الأنشطة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والتّحاليل التي ينخرط فيها كثير من المثقفات والمثقفين والسياسيّات والسياسيّين وكلّ من هبّ ودبّ في حين لا تصبّ كلّ النقاشات والحوارات والتّدخلات في الموضوع الذي يهمّ رجوع ناشئتنا إلى قاعات الدّرس؟
إنّ التاريخ لن يتسامح مع السّكوت عن هذا الوضع المزري والكارثي الذي يعيشه قطاع التّعليم الأساسي منذ أكثر من ثمانية أسابيع. وإنّ الواجب الوطني يدعونا إلى المطالبة بمجلس أمن قومي، ففي اعتقادنا، يُخطئ من يظنّ أنّ ضرورة انعقاده لا تكون إلاّ من أجل دعم المواطن في اكتفائه ذاتيّا بأكله وشربه، أي أمنه الغذائي عموما، وحمايته من الأعداء في الدّاخل والخارج. بل إنّ من أوكد مهمّات مجلس الأمن القوميّ اليوم أن يُعيد السّير الطّبيعي للدّروس بالنّسبة إلى كافّة التلاميذ دون استثناء وأن يجد حلولا للمنادين بحقوقهم التي لا نشكّ لحظة أنّها مشروعة. ولعلّنا نصل إلى ذلك إن حكّمنا المثل القائل: ما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه.