مع تواصل انسداد قنوات واطر الحوار بين نقابات التعليم ووزارة التربية، حققت الدروس الخصوصية انتعاشة لا مثيل لها خاصة بعد ان تراجع عديد المربين ولاعتبارات عديدة عن تقديم دروس الدعم او ما يعرف بالدروس الخصوصية داخل اسوار المعاهد...
صحيح ان اكبر مستفيد من الازمة الراهنة هي الدروس الخصوصية لان الولي لن يبق مكتوف الأيدي أمام التعنت الذي يدفع بابنه نحو غياهب الجهل ليجد في هذه الدروس ملاذا له يضمن عبرهم عدم انقطاع ابنه عن التحصيل العلمي لكن الأمر الذي زاد من حدة وكثافة هذه الدروس هي تراجع الدروس الخصوصية في المؤسسات التربوية جراء إقرار زيادة في النسبة من 20 بالمائة إلى 35 بالمائة فيما يتعلق بحصة الإدارة من هذه الدروس الأمر الذي دفع بعديد الإطارات التربوية الى مقاطعتها وتحويل وجهتهم الى فضاءات أخرى غير مؤطرة..
في هذا الخصوص أكدت بعض الشهادات لـ"الصباح" ان بعض المعاهد في جهة أريانة رفّعت في نسبة استفادة إدارة المعهد من هذه الدروس الى 35 بالمائة الأمر الذي استنكرته بشدة الإطارات التي تؤمن هذه الدروس بما أن النسبة التي طالبت بها الإدارة ساهم في تراجع مستحقات المربي من هذه الدروس بشكل كبير.
هذه الزيادة في النسبة جعلت عديد الإطارات التربوية "تهجر" أسوار المدارس لتؤمن هذه الدروس خارجها ..
هذه الوضعية ساهمت بالتوازي مع الدروس الخصوصية التي تٌقدّم في المنزل أو في المستودعات الى خلق ديناميكية وحركية كبيرة لم تشهدها من قبل بورصة الدروس الخصوصية، فالـ400 ألف تلميذ الذين يقبعون في المنزل جراء الانقطاع الجزئي في التعليم بسبب احتجاجات المعلمين النواب جعل ما من خيار أمام الأولياء سوى الإقبال وبكثافة على هذه الدروس ضمانا لتواصل المسار العلمي لأبنائهم..
تفاعلا مع هذا الطرح يشير في البداية المتفقد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح أمس لـ"الصباح" الى أن الأزمة التي تعيش على وقعها المؤسسات التربوية منذ العودة المدرسية تدفع بالأولياء الى "التضحية" كلفهم ذلك ما كلفهم.. وهذه التضحية تتمثل في الحرص على تسجيلهم في الدرس الخصوصي الذي أضحى اليوم في ظل الإشكاليات القائمة يمثل وللأسف بديلا أساسيا وجوهريا عن الدرس الذي يقدم في القسم بما أن هذا الأخير مفقود وغائب تماما. أما فيما يتعلق بالدروس الخصوصية داخل المؤسسات التربوية والتي يفترض أنها مؤطرة فإنها تشهد من وجهة نظر محدثنا إقبالا منقطع النظير لا لزهد ثمنها مقارنة بالدروس التي تقدم في الخارج وإنما عادة ما يشرف على هذه الدروس الإطارات التربوية التي تدرس داخل القسم وبالتالي فان الإقبال عليها يكون من منطلق الخوف من الأستاذ والأعداد التي ستسند لاحقا له في حال لم يسجل في هذه الدروس. وأضاف محدثنا بما أن عقلية الربح المادي قد طغت على الجميع وفي ظل موجة الغلاء الفاحش في الأسعار التي ترزح تحت وقعها البلاد في أكثر من مجال فمن الطبيعي على حد تشخصيه ان يرفض الأستاذ إعطاء دروس خصوصية في المعهد إن كان ذلك لا يحقق له أرباحا لاسيما انه بإمكانه أن يضاعف دخله 3 مرات أكثر في صورة تقدينه لهذه الدروس في المنزل أو لأحد التلاميذ بصفة فردية التي أصبحت اليوم على حد قول البيداغوجي "موضة العصر".
وبتحسر شديد اعتبر السديري أن هذه التجاذبات التي تكاد لا تنتهي يدفع غاليا ضريبتها الولي والتلميذ على ان الأهم أنها تؤشر ليكون الدرس الخصوصي بديلا عما يقدم من تحصيل علمي داخل القسم حتى أن بعض الأولياء بات لديها اعتقاد راسخ بان التحصيل العلمي الذي يقدم في الدرس الخصوصي أهم بكثير مما يقدم داخل القسم..
في هذا الخضم وبما أن التلاميذ يدخلون اليوم في عطلة مدرسية بأسبوع يصح التساؤل بإلحاح: ماذا بشان الـ400 ألف تلميذ الذين مازالوا يقبعون في المنزل؟ ماذا لو تواصلت الخلافات في الأشهر القادمة: هل نزج بهم في غياهب الجهل؟ أما من عاقل يوقف المهزلة؟
منال حرزي
تونس-الصباح
مع تواصل انسداد قنوات واطر الحوار بين نقابات التعليم ووزارة التربية، حققت الدروس الخصوصية انتعاشة لا مثيل لها خاصة بعد ان تراجع عديد المربين ولاعتبارات عديدة عن تقديم دروس الدعم او ما يعرف بالدروس الخصوصية داخل اسوار المعاهد...
صحيح ان اكبر مستفيد من الازمة الراهنة هي الدروس الخصوصية لان الولي لن يبق مكتوف الأيدي أمام التعنت الذي يدفع بابنه نحو غياهب الجهل ليجد في هذه الدروس ملاذا له يضمن عبرهم عدم انقطاع ابنه عن التحصيل العلمي لكن الأمر الذي زاد من حدة وكثافة هذه الدروس هي تراجع الدروس الخصوصية في المؤسسات التربوية جراء إقرار زيادة في النسبة من 20 بالمائة إلى 35 بالمائة فيما يتعلق بحصة الإدارة من هذه الدروس الأمر الذي دفع بعديد الإطارات التربوية الى مقاطعتها وتحويل وجهتهم الى فضاءات أخرى غير مؤطرة..
في هذا الخصوص أكدت بعض الشهادات لـ"الصباح" ان بعض المعاهد في جهة أريانة رفّعت في نسبة استفادة إدارة المعهد من هذه الدروس الى 35 بالمائة الأمر الذي استنكرته بشدة الإطارات التي تؤمن هذه الدروس بما أن النسبة التي طالبت بها الإدارة ساهم في تراجع مستحقات المربي من هذه الدروس بشكل كبير.
هذه الزيادة في النسبة جعلت عديد الإطارات التربوية "تهجر" أسوار المدارس لتؤمن هذه الدروس خارجها ..
هذه الوضعية ساهمت بالتوازي مع الدروس الخصوصية التي تٌقدّم في المنزل أو في المستودعات الى خلق ديناميكية وحركية كبيرة لم تشهدها من قبل بورصة الدروس الخصوصية، فالـ400 ألف تلميذ الذين يقبعون في المنزل جراء الانقطاع الجزئي في التعليم بسبب احتجاجات المعلمين النواب جعل ما من خيار أمام الأولياء سوى الإقبال وبكثافة على هذه الدروس ضمانا لتواصل المسار العلمي لأبنائهم..
تفاعلا مع هذا الطرح يشير في البداية المتفقد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح أمس لـ"الصباح" الى أن الأزمة التي تعيش على وقعها المؤسسات التربوية منذ العودة المدرسية تدفع بالأولياء الى "التضحية" كلفهم ذلك ما كلفهم.. وهذه التضحية تتمثل في الحرص على تسجيلهم في الدرس الخصوصي الذي أضحى اليوم في ظل الإشكاليات القائمة يمثل وللأسف بديلا أساسيا وجوهريا عن الدرس الذي يقدم في القسم بما أن هذا الأخير مفقود وغائب تماما. أما فيما يتعلق بالدروس الخصوصية داخل المؤسسات التربوية والتي يفترض أنها مؤطرة فإنها تشهد من وجهة نظر محدثنا إقبالا منقطع النظير لا لزهد ثمنها مقارنة بالدروس التي تقدم في الخارج وإنما عادة ما يشرف على هذه الدروس الإطارات التربوية التي تدرس داخل القسم وبالتالي فان الإقبال عليها يكون من منطلق الخوف من الأستاذ والأعداد التي ستسند لاحقا له في حال لم يسجل في هذه الدروس. وأضاف محدثنا بما أن عقلية الربح المادي قد طغت على الجميع وفي ظل موجة الغلاء الفاحش في الأسعار التي ترزح تحت وقعها البلاد في أكثر من مجال فمن الطبيعي على حد تشخصيه ان يرفض الأستاذ إعطاء دروس خصوصية في المعهد إن كان ذلك لا يحقق له أرباحا لاسيما انه بإمكانه أن يضاعف دخله 3 مرات أكثر في صورة تقدينه لهذه الدروس في المنزل أو لأحد التلاميذ بصفة فردية التي أصبحت اليوم على حد قول البيداغوجي "موضة العصر".
وبتحسر شديد اعتبر السديري أن هذه التجاذبات التي تكاد لا تنتهي يدفع غاليا ضريبتها الولي والتلميذ على ان الأهم أنها تؤشر ليكون الدرس الخصوصي بديلا عما يقدم من تحصيل علمي داخل القسم حتى أن بعض الأولياء بات لديها اعتقاد راسخ بان التحصيل العلمي الذي يقدم في الدرس الخصوصي أهم بكثير مما يقدم داخل القسم..
في هذا الخضم وبما أن التلاميذ يدخلون اليوم في عطلة مدرسية بأسبوع يصح التساؤل بإلحاح: ماذا بشان الـ400 ألف تلميذ الذين مازالوا يقبعون في المنزل؟ ماذا لو تواصلت الخلافات في الأشهر القادمة: هل نزج بهم في غياهب الجهل؟ أما من عاقل يوقف المهزلة؟