إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بلا إثباتات قاطعة ودون تأكيد أو نفي: تشيّع نوفل سعيد وتأثيره على الرئيس.. التهمة المتجددة؟

تونس- الصباح

"شقيق الرئيس نوفل سعيّد يعتنق المذهب الشيعي ويعمل على أن يتسلل الى مواقع القرار والسلطة التي يقودها شقيقه قيس سعيد".. تهمة تتكرر على أكثر من لسان دون تقديم إثباتات قاطعة باستثناء بعض الاستنتاجات التي يتبناها أصحابها كأدلة تؤكد تهمة التشيّع التي باتت ملتصقة بنوفل سعيّد، المحامي المثير للجدل والذي يتحدّث الكثيرين على دوره وتأثيره في إدارة الدولة رغم انه حاول منذ أشهر الابتعاد عن التعليق على القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية أو يشرح مواقفه على صفحته الخاصة بعد اتهامه بالتدخّل في أمور الدولة دون أن تكون له الصفة ليفعل ذلك.. إلا أن هذا الابتعاد لم يبعد عنه شبهة التدخل في شؤون الحكم والسلطة بالإضافة الى تهمته المتجددة بالتشيّع .

إلا أن هذه المرة بدت التهمة لافتة للانتباه وهي تصدر عن شخصيات قريبة من مسار 25 جويلية راهن عليهم نوفل سعيد لدعم رئيس الجمهورية خاصة بعد إعلانه التدابير الاستثنائية وتفعيله للفصل 80 من دستور 2014 ، فمنذ يومين أكد حراك 25 جويلية والذي بعد دعمه اللامشروط لرئيس الجمهورية في البداية بات يوجّه انتقادات لاذعة من خلال قياداته وخاصة لمحيط الرئيس حيث أكد رئيس المكتب السياسي للحراك عبد الرزاق الخلولي ان الحراك طلب من رئيس الجمهورية إبعاد شقيقه نوفل سعيد من قصر قرطاج خاصة لأنه بصدد الإضرار بمسار 25 جويلية مشددا على ضرورة إيقاف تدخل العائلة في قرارات الرئيس وفق تعبير الخلولي في تصريح لإذاعة الديوان اف ام ، كما أشار الخلولي أن لديه أدلة تفيد بأن شقيق الرئيس نوفل سعيد يقيم في قصر قرطاج ويتبنى الفكر الشيعي! معبرا عن تخوف الحراك من أن يعترف القصر بصفة رسمية بالمد الشيعي في تونس الذي هو أخطر من الإسلام السياسي، حسب قوله.

ولئن لم يقدّم الخلولي أدلة قاطعة عن تشيّع شقيق الرئيس المزعوم تأثير ذلك على شؤون الحكم والسلطة إلا أن رئيس المكتب السياسي لحراك 25 ليس الوحيد الذي اتهم نوفل سعيد بالتشيّع حيث سبق وأن أكدت شخصيات أكاديمية وسياسية تشيّع نوفل سعيد وفي كل ذلك لم يبادر شقيق الرئيس الى نفي هذه التهمة أو تأكيدها .

 

اتهامات ليست جديدة

كان المفكر أبو يعرب المرزوقي، الذي له كتابات كثيرة تنتقد الفكر الشيعي، أول من وجّه اتهامات بالتشيّع ليس لنوفل سعيد بل كذلك لرئيس الجمهورية قيس سعيد رأسا حيث اتهمه في تدوينات كثيرة على صفحته الرسمية قال فيها أن الرئيس "من أتباع المذهب الشيعي وأنه أحد أبواق الاختراق الإيراني" ودعاه الى الانسحاب من الرئاسة.. وقد تلقّف البعض هذا الاتهام لتأكيد الأمر من خلال بعض الاستنتاجات الخاصة مثل تأريخ دستور الاستفتاء بالإشارة الى شهر ذو الحجة الحرام بالقول إن السنة لا يذكرون شهر ذو الحجة بأنه من الأشهر الحرم عكس الشيعة الذين يلحقونه به ذكرا وكتابة .

ومن الظواهر التي رصدها البعض ممن يعادون الفكر الشيعي ويعتبرون انه بصدد التمدد في تونس على المستوى السياسي هو منح تأشيرة للحزب بعد 25 جويلية يحمل اسم الحشد الشيعي رغم أن هذا الحزب في تقديمه لأهدافه يقول أنه "حزب وسطي يهدف الى الرقي بتونس نحو التطور والتقدم ويدافع عن مدنية الدولة ومبادئ الديمقراطية وعلوية القانون ويدعو إلى إعلاء قيم العدل والاعتدال والتسامح بين الجميع" وفق ما ورد في الرائد الرسمي.. غير أن استعمال عبارة "الحشد" هي التي أثارت الكثير من ردود الفعل خاصة وان هذه العبارة تلازمت مع التحرّكات الشيعية العنيفة في مناطق التوتر بالشرق الأوسط مثل الحشد الشيعي في كل من العراق وسوريا وهي فصائل تؤمن بالعنف الثوري لتصفية الخصوم وخاصة من السنة، وعبارة "الحشد الشعبي" برزت بقوة في تونس بعد إجراءات 25 جويلية على مواقع التواصل الاجتماعي في شكل صفحات تساند بشكل مطلق خيارات وتوجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد .

وليس فقط أبو يعرب المرزوقي الذي يبقى محسوبا فكريا على أطروحات الإسلام السياسي هو من اتهم الرئيس وشقيقه بالتشيّع، حيث نفس التهمة وجهتها رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي وذلك بعد إشراف الرئيس قيس سعيد على اجتماع لمجلس الوزراء في أزمة القضاء قال فيه أنه "لا يمكن أن تكون هناك دولة خارج الدولة التونسية، ومن يدعي بالعلم معرفة أحيله إلى ما كُتب في الفكر العربي، فليعد إلى رسالة العدل لابن مسكويه لينظر في ماهية العدل وكيف يتحقق" وقد أثار هذا التصريح ردود أفعال لم تكن متوقعة حيث اعتبرت رئيس الحزب الدستوري الحر عبير موسي أن البلاد انتقلت من الإسلام السياسي الإخواني في إشارة الى حركة النهضة الى الإسلام السياسي الإيراني، منتقدة استناد الرئيس في كلامه الى فكر الفيلسوف الإيراني الشيعي ابن مسكويه والذي وصفته موسي بأنه شخصية متشددة دينيا وتحمل أفكارا متطرفة، وفق تعبيرها .

الحضور الثقافي الإيراني

بعيدا عن السياسية فان الحضور الثقافي الإيراني موجود في تونس منذ سنوات وهناك على المستوى الفكري والإيديولوجي من يؤمن بالمذهب الشيعي ويمارس عقيدته وفق هذا المذهب، وقد عبّر أتباع هذا المذهب عن أنفسهم بحرية كبيرة بعد الثورة، وهم يمارسون أنشطتهم من خلال جمعيات معروفة بتبنيها للفكر الشيعي.. ولئن لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الشيعة في تونس، فان الكاتب التونسي عبد الحفيظ البناني في كتابه "مدخل الى تاريخ التشيّع في تونس" الصادر في 2009 يشير الى كونه لا يمكن تحديد عدد الشيعة بدقة باعتبار أنهم تعرضوا طوال تاريخ وجوده في بلادنا الى الاضطهاد والخوف منذ الدولة الفاطمية، بالإضافة الى اعتمادهم على مبدأ التقية بطريقة مبالغ فيها وهو مبدأ يعتبر من أدبيات الشيعة وهي تقوم على إخفاء المعتقد درءا للضرر، فان حسب تقديرات البناني عددهم يفوق 100 ألف شيعي وإذا كان هذا التقدير صحيح فانه اليوم وبعد أكثر من 13 سنة من صدور الكتاب فان عددهم سيرتفع الى أكثر بكثير من 100 ألف شيعي .

وفي ذات سياق الاتهامات التي يكيلها البعض الى الرئيس ومحيطه بأنه هناك تساهل وتعاطي لافت مع الفكر الشيعي أثارت منذ أشهر الندوة التي نظمتها بيت الحكمة في إطار سلسلة اللقاءات الفكريّة التي ينظّمها قسم الدراسات الإسلاميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" حول التجارب الصوفيّة في السياقات الثقافيّة والحضاريّة العالميّة وأمنها المفكر الشيعي المعروف على المستوى العربي محمد علي ميرزائي في ماي الماضي، موجة من الغضب وردود الفعل الرافضة. حيث اتهم ميرزائي الذي قدم محاضرة بعنوان "بعنوان العرفان الشيعي، نحو مرجعيّة الروح والوحدة الإنسانيّة" وذلك اللقاء الذي حضره شخصيات بارزة خلّف عدة ردود أفعال خاصة وأن المفكر الشيعي تم اتهامه بنشره للفكر الشيعي وهو ما نفاه بعد ذلك على صفحته الرسمية إلا أنه رغم ذلك اعتبره البعض قد تجاوز حدوده وعبّر عن موقفه من الأزمة السياسية التي تعيشها تونس استنادا الى تدوينة كان قد نشرها محمد ميرزائي على صفحته الرسمية يوم 1 أفريل الماضي قال فيها ان: "الخطوات الجارية في المشهد السياسي التونسي هي بحذافيرها تتماثل مع ما جرى في مصر. على الإسلاميين أن يحضروا أنفسهم للسجون والتشريد وأن ينسوا فكرة السلطة وحتى المشاركة فيها من الآن فصاعدا. «ميرزائي الذي يقدم نفسه على أنه محلل سياسي وباحث في المذاهب الإسلامية، معروف بمعاداته الشديدة للإسلام السياسي ولعل كان من أسباب الهجوم عليه والتنديد باستضافته من طرف بيت الحكمة.

وكل هذا المناخ الذي بتنا نصطدم فيه بالكثير من التمظهرات الغريبة وفي علاقة بالفكر الشيعي قد تكون هي من غذت الاتهامات الموجهة لنوفل سعيد وتداول أحد مقاطع الفيديو بشكل واسع يظهر فيها شقيق الرئيس يتحدث فيها عند تقديمه لمحاضرة بعنوان "العرب وسؤال إيران" "بإعجاب بدا واضح بالتجربة الإيرانية، خاصة وانه من جيل كان يرى أن الثورة الإيرانية أمل يبشّر بخطاب إسلامي ينصر المستضعفين وكان وقع ذلك كبير جدا وقد عبّر عن ذلك صراحة نوفل سعيد في تلك المحاضرة، ولكن سعيد قال أيضا أن هناك مفاهيم خاطئة تستعملها إيران في محاولتها لدخول الفضاء العربي وهذه المفاهيم هي أساسا القومية الفارسية ومذهبها الشيعي ولكنها أخفقت باستعمال هذه المفاهيم التي لن تسمح لها بدخول هذا الفضاء العربي .

وإذا كان اعتناق مذهب أو عقيدة تبقى مسألة شخصية وحرة إلا أن بعد كثرة الاتهامات وتعددها فان نوفل سعيد بات مطالبا اليوم بتوضيح موقفه من كل هذه الاتهامات التي تجاوزت شخصه لتمس من شخص رئيس الدولة وموقعه في السلطة .

منية العرفاوي

بلا إثباتات قاطعة ودون تأكيد أو نفي: تشيّع نوفل سعيد وتأثيره على الرئيس.. التهمة المتجددة؟

تونس- الصباح

"شقيق الرئيس نوفل سعيّد يعتنق المذهب الشيعي ويعمل على أن يتسلل الى مواقع القرار والسلطة التي يقودها شقيقه قيس سعيد".. تهمة تتكرر على أكثر من لسان دون تقديم إثباتات قاطعة باستثناء بعض الاستنتاجات التي يتبناها أصحابها كأدلة تؤكد تهمة التشيّع التي باتت ملتصقة بنوفل سعيّد، المحامي المثير للجدل والذي يتحدّث الكثيرين على دوره وتأثيره في إدارة الدولة رغم انه حاول منذ أشهر الابتعاد عن التعليق على القرارات التي يتخذها رئيس الجمهورية أو يشرح مواقفه على صفحته الخاصة بعد اتهامه بالتدخّل في أمور الدولة دون أن تكون له الصفة ليفعل ذلك.. إلا أن هذا الابتعاد لم يبعد عنه شبهة التدخل في شؤون الحكم والسلطة بالإضافة الى تهمته المتجددة بالتشيّع .

إلا أن هذه المرة بدت التهمة لافتة للانتباه وهي تصدر عن شخصيات قريبة من مسار 25 جويلية راهن عليهم نوفل سعيد لدعم رئيس الجمهورية خاصة بعد إعلانه التدابير الاستثنائية وتفعيله للفصل 80 من دستور 2014 ، فمنذ يومين أكد حراك 25 جويلية والذي بعد دعمه اللامشروط لرئيس الجمهورية في البداية بات يوجّه انتقادات لاذعة من خلال قياداته وخاصة لمحيط الرئيس حيث أكد رئيس المكتب السياسي للحراك عبد الرزاق الخلولي ان الحراك طلب من رئيس الجمهورية إبعاد شقيقه نوفل سعيد من قصر قرطاج خاصة لأنه بصدد الإضرار بمسار 25 جويلية مشددا على ضرورة إيقاف تدخل العائلة في قرارات الرئيس وفق تعبير الخلولي في تصريح لإذاعة الديوان اف ام ، كما أشار الخلولي أن لديه أدلة تفيد بأن شقيق الرئيس نوفل سعيد يقيم في قصر قرطاج ويتبنى الفكر الشيعي! معبرا عن تخوف الحراك من أن يعترف القصر بصفة رسمية بالمد الشيعي في تونس الذي هو أخطر من الإسلام السياسي، حسب قوله.

ولئن لم يقدّم الخلولي أدلة قاطعة عن تشيّع شقيق الرئيس المزعوم تأثير ذلك على شؤون الحكم والسلطة إلا أن رئيس المكتب السياسي لحراك 25 ليس الوحيد الذي اتهم نوفل سعيد بالتشيّع حيث سبق وأن أكدت شخصيات أكاديمية وسياسية تشيّع نوفل سعيد وفي كل ذلك لم يبادر شقيق الرئيس الى نفي هذه التهمة أو تأكيدها .

 

اتهامات ليست جديدة

كان المفكر أبو يعرب المرزوقي، الذي له كتابات كثيرة تنتقد الفكر الشيعي، أول من وجّه اتهامات بالتشيّع ليس لنوفل سعيد بل كذلك لرئيس الجمهورية قيس سعيد رأسا حيث اتهمه في تدوينات كثيرة على صفحته الرسمية قال فيها أن الرئيس "من أتباع المذهب الشيعي وأنه أحد أبواق الاختراق الإيراني" ودعاه الى الانسحاب من الرئاسة.. وقد تلقّف البعض هذا الاتهام لتأكيد الأمر من خلال بعض الاستنتاجات الخاصة مثل تأريخ دستور الاستفتاء بالإشارة الى شهر ذو الحجة الحرام بالقول إن السنة لا يذكرون شهر ذو الحجة بأنه من الأشهر الحرم عكس الشيعة الذين يلحقونه به ذكرا وكتابة .

ومن الظواهر التي رصدها البعض ممن يعادون الفكر الشيعي ويعتبرون انه بصدد التمدد في تونس على المستوى السياسي هو منح تأشيرة للحزب بعد 25 جويلية يحمل اسم الحشد الشيعي رغم أن هذا الحزب في تقديمه لأهدافه يقول أنه "حزب وسطي يهدف الى الرقي بتونس نحو التطور والتقدم ويدافع عن مدنية الدولة ومبادئ الديمقراطية وعلوية القانون ويدعو إلى إعلاء قيم العدل والاعتدال والتسامح بين الجميع" وفق ما ورد في الرائد الرسمي.. غير أن استعمال عبارة "الحشد" هي التي أثارت الكثير من ردود الفعل خاصة وان هذه العبارة تلازمت مع التحرّكات الشيعية العنيفة في مناطق التوتر بالشرق الأوسط مثل الحشد الشيعي في كل من العراق وسوريا وهي فصائل تؤمن بالعنف الثوري لتصفية الخصوم وخاصة من السنة، وعبارة "الحشد الشعبي" برزت بقوة في تونس بعد إجراءات 25 جويلية على مواقع التواصل الاجتماعي في شكل صفحات تساند بشكل مطلق خيارات وتوجهات رئيس الجمهورية قيس سعيد .

وليس فقط أبو يعرب المرزوقي الذي يبقى محسوبا فكريا على أطروحات الإسلام السياسي هو من اتهم الرئيس وشقيقه بالتشيّع، حيث نفس التهمة وجهتها رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي وذلك بعد إشراف الرئيس قيس سعيد على اجتماع لمجلس الوزراء في أزمة القضاء قال فيه أنه "لا يمكن أن تكون هناك دولة خارج الدولة التونسية، ومن يدعي بالعلم معرفة أحيله إلى ما كُتب في الفكر العربي، فليعد إلى رسالة العدل لابن مسكويه لينظر في ماهية العدل وكيف يتحقق" وقد أثار هذا التصريح ردود أفعال لم تكن متوقعة حيث اعتبرت رئيس الحزب الدستوري الحر عبير موسي أن البلاد انتقلت من الإسلام السياسي الإخواني في إشارة الى حركة النهضة الى الإسلام السياسي الإيراني، منتقدة استناد الرئيس في كلامه الى فكر الفيلسوف الإيراني الشيعي ابن مسكويه والذي وصفته موسي بأنه شخصية متشددة دينيا وتحمل أفكارا متطرفة، وفق تعبيرها .

الحضور الثقافي الإيراني

بعيدا عن السياسية فان الحضور الثقافي الإيراني موجود في تونس منذ سنوات وهناك على المستوى الفكري والإيديولوجي من يؤمن بالمذهب الشيعي ويمارس عقيدته وفق هذا المذهب، وقد عبّر أتباع هذا المذهب عن أنفسهم بحرية كبيرة بعد الثورة، وهم يمارسون أنشطتهم من خلال جمعيات معروفة بتبنيها للفكر الشيعي.. ولئن لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد الشيعة في تونس، فان الكاتب التونسي عبد الحفيظ البناني في كتابه "مدخل الى تاريخ التشيّع في تونس" الصادر في 2009 يشير الى كونه لا يمكن تحديد عدد الشيعة بدقة باعتبار أنهم تعرضوا طوال تاريخ وجوده في بلادنا الى الاضطهاد والخوف منذ الدولة الفاطمية، بالإضافة الى اعتمادهم على مبدأ التقية بطريقة مبالغ فيها وهو مبدأ يعتبر من أدبيات الشيعة وهي تقوم على إخفاء المعتقد درءا للضرر، فان حسب تقديرات البناني عددهم يفوق 100 ألف شيعي وإذا كان هذا التقدير صحيح فانه اليوم وبعد أكثر من 13 سنة من صدور الكتاب فان عددهم سيرتفع الى أكثر بكثير من 100 ألف شيعي .

وفي ذات سياق الاتهامات التي يكيلها البعض الى الرئيس ومحيطه بأنه هناك تساهل وتعاطي لافت مع الفكر الشيعي أثارت منذ أشهر الندوة التي نظمتها بيت الحكمة في إطار سلسلة اللقاءات الفكريّة التي ينظّمها قسم الدراسات الإسلاميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" حول التجارب الصوفيّة في السياقات الثقافيّة والحضاريّة العالميّة وأمنها المفكر الشيعي المعروف على المستوى العربي محمد علي ميرزائي في ماي الماضي، موجة من الغضب وردود الفعل الرافضة. حيث اتهم ميرزائي الذي قدم محاضرة بعنوان "بعنوان العرفان الشيعي، نحو مرجعيّة الروح والوحدة الإنسانيّة" وذلك اللقاء الذي حضره شخصيات بارزة خلّف عدة ردود أفعال خاصة وأن المفكر الشيعي تم اتهامه بنشره للفكر الشيعي وهو ما نفاه بعد ذلك على صفحته الرسمية إلا أنه رغم ذلك اعتبره البعض قد تجاوز حدوده وعبّر عن موقفه من الأزمة السياسية التي تعيشها تونس استنادا الى تدوينة كان قد نشرها محمد ميرزائي على صفحته الرسمية يوم 1 أفريل الماضي قال فيها ان: "الخطوات الجارية في المشهد السياسي التونسي هي بحذافيرها تتماثل مع ما جرى في مصر. على الإسلاميين أن يحضروا أنفسهم للسجون والتشريد وأن ينسوا فكرة السلطة وحتى المشاركة فيها من الآن فصاعدا. «ميرزائي الذي يقدم نفسه على أنه محلل سياسي وباحث في المذاهب الإسلامية، معروف بمعاداته الشديدة للإسلام السياسي ولعل كان من أسباب الهجوم عليه والتنديد باستضافته من طرف بيت الحكمة.

وكل هذا المناخ الذي بتنا نصطدم فيه بالكثير من التمظهرات الغريبة وفي علاقة بالفكر الشيعي قد تكون هي من غذت الاتهامات الموجهة لنوفل سعيد وتداول أحد مقاطع الفيديو بشكل واسع يظهر فيها شقيق الرئيس يتحدث فيها عند تقديمه لمحاضرة بعنوان "العرب وسؤال إيران" "بإعجاب بدا واضح بالتجربة الإيرانية، خاصة وانه من جيل كان يرى أن الثورة الإيرانية أمل يبشّر بخطاب إسلامي ينصر المستضعفين وكان وقع ذلك كبير جدا وقد عبّر عن ذلك صراحة نوفل سعيد في تلك المحاضرة، ولكن سعيد قال أيضا أن هناك مفاهيم خاطئة تستعملها إيران في محاولتها لدخول الفضاء العربي وهذه المفاهيم هي أساسا القومية الفارسية ومذهبها الشيعي ولكنها أخفقت باستعمال هذه المفاهيم التي لن تسمح لها بدخول هذا الفضاء العربي .

وإذا كان اعتناق مذهب أو عقيدة تبقى مسألة شخصية وحرة إلا أن بعد كثرة الاتهامات وتعددها فان نوفل سعيد بات مطالبا اليوم بتوضيح موقفه من كل هذه الاتهامات التي تجاوزت شخصه لتمس من شخص رئيس الدولة وموقعه في السلطة .

منية العرفاوي