إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رغم إجراءات التقييد في أوروبا.. تحويلات التونسيين بالخارج تقترب من 7 مليار دينار محتلة المرتبة الرابعة في مصادر العملة الصعبة

تونس- الصباح

سجلت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج خلال10 أشهر من العام الجاري، ارتفاعا قياسيا لتبلغ قرابة 7 مليار دينار، أي بارتفاع ناهز 847.1 مليون دينار عن نفس الفترة من السنة الماضية، متفوقة على عائدات السياحة بمرتين، والبالغة 3.3 مليار دينار وفق آخر المعطيات الحديثة الصادرة عن البنك المركزي أمس.

وارتفعت تحويلات المغتربين إلى حدود 6987 مليون دينار، وهي إيرادات تمثل ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد المحلي التي لا يمكن التغاضي عنها، حيث أن تحويلات المهاجرين توفر نحو 20 في المائة من الادخار الوطني، وهي تلعب دورا أساسيا في تعديل ميزان المدفوعات، من خلال تعديل الميزان التجاري التونسي بنسبة 37 في المائة، كما مثلت نحو 32 في المائة من موارد العملة الصعبة، وهي قادرة على سد ثغرة مهمة على مستوى تمويل ميزانية تونس، وتوفير موارد ذاتية بالعملة الصعبة لصالح الميزانية.

وبلغت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج 8.5 مليار دينار خلال سنة 2021، وخصص أغلبها للسكن أو الخدمات أو دعم ومساعدات للعائلات وفق ما كشفت عنه الدراسات الرسمية، حيث لاحظ ديوان التونسيين بالخارج أن جل هذه الأموال لا توجه نحو الاستثمار لاسيما في المجالات الواعدة وذات القيمة المضافة، وهو ما يستدعي تحفيز التونسيين بالخارج على الاستثمار في المجالات الواعدة في تونس.

ويعد هذا الارتفاع المسجل في قيمة الأموال الواردة من الخارج بالعملة الصعبة، الأعلى مقارنة بعام 2020 الذي كان يعتبر بحد ذاته عامًا استثنائيًا، وشهدت بدورها التحويلات ارتفاعا بنسبة11٪ مقارنة بعام 2019، كما يعتبر هذا الرقم تقريبا كافيا لسداد أكثر من نصف عجز ميزانية 2021، والبالغ 9.3 مليار دينار السنة الماضية، كما تفوق على إيرادات السياحة مجتمعة خلال سنة 2021 بمعدل 3 مرات، وبلغت 2.3 مليار دينار في نهاية شهر ديسمبر.

ونجحت تحويلات التونسيين بالخارج، في تعويض النقص الفادح في مداخيل العملة المتأتية من السياحة، كما ساهمت في ارتفاع الموجودات من العملة الصعبة، بما مكن البلاد من اقتناء حاجياتها من المواد الأولية بالعملة الصعبة من الأسواق العالمية، في أغلب الفترات، ومكنت من توفير سيولة بالعملة الصعبة، في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا طال العديد من الدول المصنعة.

نجاعة الإجراءات الأخيرة

وأرجع خبراء الاقتصاد، ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج إلى سياسة تشجيع تحويل الأموال وادخارها في تونس عبر حوافز مغرية دفعت بالمغتربين إلى ادخار أموالهم في البنوك التونسية. وبلغت تحويلات التونسيين بالخارج منذ بداية عام 2021 والى غاية 20 جوان 2021، ما قيمته 2857 مليون دينار مقارنة بـ2272.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام 2020، في حين سجلت إيرادات السياحة تراجعا بـ 55٪ منذ بداية 2021 والى غاية شهر افريل من سنة 2021 نتيجة انخفاض دخول غير المقيمين إلى بلادنا والذي قدر بـ 66.6٪.

وحسب بيانات البنك المركزي، سجلت إيرادات السياحة، تراجعا كبيرا بالمقارنة بسنوات 2020 و2019، بسبب الأزمة الصحية الحادة التي ضربت جل القطاعات الحيوية بالبلاد وعلى رأسها السياحة، إلا انه رغم ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج، إلا أن البلاد شهدت في الآونة الأخيرة تراجعا مقلقا في أيام التوريد، والتي بلغت إلى حدود يوم أمس 104 أيام.

ومع انخفاض المداخيل السياحية خلال 4 الأشهر الأولى من سنة 2021 إلى 55٪، تعززت مداخيل الشغل أي التحويلات خلال 4 الأشهر الأولى من العام الماضي بـ16.8٪ لتبلغ 2059 مليون دينار، وسجلت التحويلات النقدية زيادة بـ12.7٪ لتستقر عند مستوى 1814 مليون دينار، وسجلت إلى غاية 20 جوان 2021، ارتفاعا لتبلغ 2857 مليون دينار مقارنة بـ2272.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2020، لتبلغ في نهاية شهر ديسمبر الماضي 8.5 مليار دينار.

حوافز مشجعة

وشهدت السنوات الأخيرة بروز عدة حوافز تشجع نحو 1.6 مليون تونسي في الخارج لتحويل أموالهم إلى البنوك المحلية مع تمتيعهم بنسبة فائدة، واستفادت الجالية بالخارج والبنوك والاقتصاد التونسي من هذا الإجراء، وأتاحت آلية فتح حسابات بنكية للتونسيين بالخارج فرصة مكنت من تعزيز احتياطات تونس من العملة الصعبة، خاصة في ظل تزايد احتياجات البلاد، الأمر الذي دفع بالخبراء إلى الحث على الرفع من نسبة الفائدة إلى أكثر من 2 بالمائة لتشجيع التونسيين بالخارج على تحويل أموالهم نظرا للعروض السخية التي تقدمها عدة بلدان أجنبية، علما وأن تحويلات المغتربين بعملة الدولار سترتفع قيمتها بالدينار التونسي، وسيكون لها اثر ايجابي على النشاط الاقتصادي.

وتفوّقت تحويلات التونسيين بالخارج على الكثير من مصادر الإيرادات في تونس من العملة الصعبة رقم الظروف العالمية التي تتسم بالركود الاقتصادي وارتفاع التضخم، وما خلفته جائحة كورونا من انعكاسات سلبية على الحركة التجارية، بالإضافة إلى الحرب شرق أوروبا، والتي دفعت بالعديد من الدول الأوروبية إلى تشديد الإجراءات في تحويل الأموال خارج دول الاتحاد الأوروبي، وتفوقت عائدات تحويلات التونسيين في الخارج على عائدات قطاعات اقتصادية مهيكلة، على غرار السياحة، ونجحت تونس في الاستفادة من كل إمكانيات التحويلات المتوفرة للمغتربين، بتشجيعهم على ضخ الأموال في الاقتصاد المحلي، خاصة في فترات الأزمة.

تحذيرات من تراجع التحويلات

واحتلت تحويلات المهاجرين التونسيين المرتبة الرابعة في مصادر توفير العملة الصعبة، وفقاً لبيانات رسمية حكومية، الأمر الذي دفع بجل الحكومات المتعاقبة إلى تمكين المواطنين المقيمين بالخارج من فتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة، ضمن مساع لإنعاش الاقتصاد المتردي، مع تمتيع المنخرطين في هذا الإجراء بنسبة فائدة تقارب 2 بالمائة سنويا.

ويعتقد انه في حال قامت الحكومة مجددا، في الرفع من سقف الحوافز لفائدة المغتربين التونسيين، فإن الإيرادات ستكون قياسية خلال السنوات القادمة، خاصة وأن العالم اليوم يعاني من انكماش اقتصادي، وهناك مساع لعديد الدول إلى تقييد إجراءات تحويل الأموال للمغتربين، الأمر الذي قد يؤثر مستقبلا على قيمة التحويلات القادمة من أوروبا، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية.

 سفيان المهداوي

رغم إجراءات التقييد في أوروبا.. تحويلات التونسيين بالخارج تقترب من 7 مليار دينار محتلة المرتبة الرابعة في مصادر العملة الصعبة

تونس- الصباح

سجلت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج خلال10 أشهر من العام الجاري، ارتفاعا قياسيا لتبلغ قرابة 7 مليار دينار، أي بارتفاع ناهز 847.1 مليون دينار عن نفس الفترة من السنة الماضية، متفوقة على عائدات السياحة بمرتين، والبالغة 3.3 مليار دينار وفق آخر المعطيات الحديثة الصادرة عن البنك المركزي أمس.

وارتفعت تحويلات المغتربين إلى حدود 6987 مليون دينار، وهي إيرادات تمثل ركيزة مهمة من ركائز الاقتصاد المحلي التي لا يمكن التغاضي عنها، حيث أن تحويلات المهاجرين توفر نحو 20 في المائة من الادخار الوطني، وهي تلعب دورا أساسيا في تعديل ميزان المدفوعات، من خلال تعديل الميزان التجاري التونسي بنسبة 37 في المائة، كما مثلت نحو 32 في المائة من موارد العملة الصعبة، وهي قادرة على سد ثغرة مهمة على مستوى تمويل ميزانية تونس، وتوفير موارد ذاتية بالعملة الصعبة لصالح الميزانية.

وبلغت تحويلات التونسيين المقيمين بالخارج 8.5 مليار دينار خلال سنة 2021، وخصص أغلبها للسكن أو الخدمات أو دعم ومساعدات للعائلات وفق ما كشفت عنه الدراسات الرسمية، حيث لاحظ ديوان التونسيين بالخارج أن جل هذه الأموال لا توجه نحو الاستثمار لاسيما في المجالات الواعدة وذات القيمة المضافة، وهو ما يستدعي تحفيز التونسيين بالخارج على الاستثمار في المجالات الواعدة في تونس.

ويعد هذا الارتفاع المسجل في قيمة الأموال الواردة من الخارج بالعملة الصعبة، الأعلى مقارنة بعام 2020 الذي كان يعتبر بحد ذاته عامًا استثنائيًا، وشهدت بدورها التحويلات ارتفاعا بنسبة11٪ مقارنة بعام 2019، كما يعتبر هذا الرقم تقريبا كافيا لسداد أكثر من نصف عجز ميزانية 2021، والبالغ 9.3 مليار دينار السنة الماضية، كما تفوق على إيرادات السياحة مجتمعة خلال سنة 2021 بمعدل 3 مرات، وبلغت 2.3 مليار دينار في نهاية شهر ديسمبر.

ونجحت تحويلات التونسيين بالخارج، في تعويض النقص الفادح في مداخيل العملة المتأتية من السياحة، كما ساهمت في ارتفاع الموجودات من العملة الصعبة، بما مكن البلاد من اقتناء حاجياتها من المواد الأولية بالعملة الصعبة من الأسواق العالمية، في أغلب الفترات، ومكنت من توفير سيولة بالعملة الصعبة، في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا طال العديد من الدول المصنعة.

نجاعة الإجراءات الأخيرة

وأرجع خبراء الاقتصاد، ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج إلى سياسة تشجيع تحويل الأموال وادخارها في تونس عبر حوافز مغرية دفعت بالمغتربين إلى ادخار أموالهم في البنوك التونسية. وبلغت تحويلات التونسيين بالخارج منذ بداية عام 2021 والى غاية 20 جوان 2021، ما قيمته 2857 مليون دينار مقارنة بـ2272.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام 2020، في حين سجلت إيرادات السياحة تراجعا بـ 55٪ منذ بداية 2021 والى غاية شهر افريل من سنة 2021 نتيجة انخفاض دخول غير المقيمين إلى بلادنا والذي قدر بـ 66.6٪.

وحسب بيانات البنك المركزي، سجلت إيرادات السياحة، تراجعا كبيرا بالمقارنة بسنوات 2020 و2019، بسبب الأزمة الصحية الحادة التي ضربت جل القطاعات الحيوية بالبلاد وعلى رأسها السياحة، إلا انه رغم ارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج، إلا أن البلاد شهدت في الآونة الأخيرة تراجعا مقلقا في أيام التوريد، والتي بلغت إلى حدود يوم أمس 104 أيام.

ومع انخفاض المداخيل السياحية خلال 4 الأشهر الأولى من سنة 2021 إلى 55٪، تعززت مداخيل الشغل أي التحويلات خلال 4 الأشهر الأولى من العام الماضي بـ16.8٪ لتبلغ 2059 مليون دينار، وسجلت التحويلات النقدية زيادة بـ12.7٪ لتستقر عند مستوى 1814 مليون دينار، وسجلت إلى غاية 20 جوان 2021، ارتفاعا لتبلغ 2857 مليون دينار مقارنة بـ2272.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من عام 2020، لتبلغ في نهاية شهر ديسمبر الماضي 8.5 مليار دينار.

حوافز مشجعة

وشهدت السنوات الأخيرة بروز عدة حوافز تشجع نحو 1.6 مليون تونسي في الخارج لتحويل أموالهم إلى البنوك المحلية مع تمتيعهم بنسبة فائدة، واستفادت الجالية بالخارج والبنوك والاقتصاد التونسي من هذا الإجراء، وأتاحت آلية فتح حسابات بنكية للتونسيين بالخارج فرصة مكنت من تعزيز احتياطات تونس من العملة الصعبة، خاصة في ظل تزايد احتياجات البلاد، الأمر الذي دفع بالخبراء إلى الحث على الرفع من نسبة الفائدة إلى أكثر من 2 بالمائة لتشجيع التونسيين بالخارج على تحويل أموالهم نظرا للعروض السخية التي تقدمها عدة بلدان أجنبية، علما وأن تحويلات المغتربين بعملة الدولار سترتفع قيمتها بالدينار التونسي، وسيكون لها اثر ايجابي على النشاط الاقتصادي.

وتفوّقت تحويلات التونسيين بالخارج على الكثير من مصادر الإيرادات في تونس من العملة الصعبة رقم الظروف العالمية التي تتسم بالركود الاقتصادي وارتفاع التضخم، وما خلفته جائحة كورونا من انعكاسات سلبية على الحركة التجارية، بالإضافة إلى الحرب شرق أوروبا، والتي دفعت بالعديد من الدول الأوروبية إلى تشديد الإجراءات في تحويل الأموال خارج دول الاتحاد الأوروبي، وتفوقت عائدات تحويلات التونسيين في الخارج على عائدات قطاعات اقتصادية مهيكلة، على غرار السياحة، ونجحت تونس في الاستفادة من كل إمكانيات التحويلات المتوفرة للمغتربين، بتشجيعهم على ضخ الأموال في الاقتصاد المحلي، خاصة في فترات الأزمة.

تحذيرات من تراجع التحويلات

واحتلت تحويلات المهاجرين التونسيين المرتبة الرابعة في مصادر توفير العملة الصعبة، وفقاً لبيانات رسمية حكومية، الأمر الذي دفع بجل الحكومات المتعاقبة إلى تمكين المواطنين المقيمين بالخارج من فتح حسابات بنكية بالعملة الصعبة، ضمن مساع لإنعاش الاقتصاد المتردي، مع تمتيع المنخرطين في هذا الإجراء بنسبة فائدة تقارب 2 بالمائة سنويا.

ويعتقد انه في حال قامت الحكومة مجددا، في الرفع من سقف الحوافز لفائدة المغتربين التونسيين، فإن الإيرادات ستكون قياسية خلال السنوات القادمة، خاصة وأن العالم اليوم يعاني من انكماش اقتصادي، وهناك مساع لعديد الدول إلى تقييد إجراءات تحويل الأموال للمغتربين، الأمر الذي قد يؤثر مستقبلا على قيمة التحويلات القادمة من أوروبا، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعيشها منذ اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية.

 سفيان المهداوي