بقلم:د. ريم بالخذيري
لا أشدّ وطأة على الإنسان أكثر من حالة البهتة التي يعيشها وهي حالة نفسية فرديّة أو جماعية نتيجة لعدم وضوح الحاضر وضبابية المستقبل.
وهذه الحالة تكون أشدّ وطأة إذا عاشتها الشعوب كواقع الحال مع الشعب التونسي والذي يلخّصها بسؤال وجودي يطرحه كل المواطنين بمختلف مستوياتهم وفئاتهم وهو "وين ماشيين؟" .
هذا السؤال عادة ما يطرح في غياب التشاركية في صياغة القرارات الوطنية وعند ضعف الأحزاب والأجسام الوسيطة والتي بدورها تدخل هذه المرحلة النفسية .
بداية ضياع البوصلة
منذ 2011 ظنّ التونسيون أنهم كانوا بلا مستقبل وبلا أمل فكانت "الثورة" والتي أراد من ورائها الشعب رسم مستقبل واضح يعرف منه "وين ماشيين" بلهجتنا التونسية الصادقة. وطالب الجميع حينها بأركان مستقبل واضح وواعد وهو الشغل والحرية والكرامة الوطنية. وانطلقت رحلة البحث عن هذا المستقبل لكن مع مرور كل عام ومع تقلّد كل حكومة جديدة تتبخّر ملامح ما حلم به التونسيون وبدأت ساعات الزمن تعود الى الوراء بدل السير الى الأمام فتخلّف الاقتصاد وازدادت المديونية وضرت المقدرة الشرائية وانحسرت الأخلاق وعمّ الفساد والإجرام. وبدأ التونسيون منذ العام 2015 في طرح السؤال الوجودي "وين ماشيين؟".
وقد عجزت كل الحكومات منذ ذلك الحين وكل الحكّام عن منح التونسيين الإجابة الشافية عن هذا السؤال ولم تخل إجابتهم من كذب ونفاق ووعود زائفة لم تزد حياة المواطنين سوى بؤس وبهتة .
تجدّد السؤال ولا إجابة !!
اليوم بعد مرور حوالي سنتين على إجراءات 25جويلية والتي يعدّها الكثيرون ثورة على المنظومة السابقة التي فشلت في الإجابة عن السؤال المذكور. وقبل حوالي شهرين من الانتخابات التشريعية وبعد دخول الدستور الجديد حيّز التنفيذ تجدّد السؤال "وين ماشيين؟" ولكن بأكثر حدّة وبأكثر انتشار فالكل مواطنين وأحزابا ومنظمات وجمعيّات يتبنونه ويريدون إجابة شافية عنه.
هذا السؤال يحرّكه ما يعيشه التونسيون من بؤس وفقر وتصحّر سياسي وحتى فكري غير مسبوق اذ شلّت كل المرافق تقريبا وأصبحت عملية الفعل والانجاز في كل الإدارات عملية صعبة حيث أن سياسة التفصّي من المسؤولية تحوّلت الى ثقافة ومردّ ذلك الخوف من ضبابية المستقبل وعدم القدرة على الإجابة على سؤال"وين ماشيين؟".
كذلك فعدم التواصل بين الحكام والمحكومين غذّى عدم الشعور الشعبي بالأمن والراحة النفسية فالراكب لا يكون مرتاحا وهو في سفينة لا يعرف أين يريد قبطانها توجيهها.
الجواب على هذا السؤال الشعبي ضروري وحتميّ لمصالحة الناس مع واقعهم وبناء مستقبل أفضل وهو بيد الحكّام حيث محمول عليهم طمأنة المواطنين وإجابتهم إذ كلّما طال أمد الإجابة كلّما اشتدّ خطر الانفجار الاجتماعي.
بقلم:د. ريم بالخذيري
لا أشدّ وطأة على الإنسان أكثر من حالة البهتة التي يعيشها وهي حالة نفسية فرديّة أو جماعية نتيجة لعدم وضوح الحاضر وضبابية المستقبل.
وهذه الحالة تكون أشدّ وطأة إذا عاشتها الشعوب كواقع الحال مع الشعب التونسي والذي يلخّصها بسؤال وجودي يطرحه كل المواطنين بمختلف مستوياتهم وفئاتهم وهو "وين ماشيين؟" .
هذا السؤال عادة ما يطرح في غياب التشاركية في صياغة القرارات الوطنية وعند ضعف الأحزاب والأجسام الوسيطة والتي بدورها تدخل هذه المرحلة النفسية .
بداية ضياع البوصلة
منذ 2011 ظنّ التونسيون أنهم كانوا بلا مستقبل وبلا أمل فكانت "الثورة" والتي أراد من ورائها الشعب رسم مستقبل واضح يعرف منه "وين ماشيين" بلهجتنا التونسية الصادقة. وطالب الجميع حينها بأركان مستقبل واضح وواعد وهو الشغل والحرية والكرامة الوطنية. وانطلقت رحلة البحث عن هذا المستقبل لكن مع مرور كل عام ومع تقلّد كل حكومة جديدة تتبخّر ملامح ما حلم به التونسيون وبدأت ساعات الزمن تعود الى الوراء بدل السير الى الأمام فتخلّف الاقتصاد وازدادت المديونية وضرت المقدرة الشرائية وانحسرت الأخلاق وعمّ الفساد والإجرام. وبدأ التونسيون منذ العام 2015 في طرح السؤال الوجودي "وين ماشيين؟".
وقد عجزت كل الحكومات منذ ذلك الحين وكل الحكّام عن منح التونسيين الإجابة الشافية عن هذا السؤال ولم تخل إجابتهم من كذب ونفاق ووعود زائفة لم تزد حياة المواطنين سوى بؤس وبهتة .
تجدّد السؤال ولا إجابة !!
اليوم بعد مرور حوالي سنتين على إجراءات 25جويلية والتي يعدّها الكثيرون ثورة على المنظومة السابقة التي فشلت في الإجابة عن السؤال المذكور. وقبل حوالي شهرين من الانتخابات التشريعية وبعد دخول الدستور الجديد حيّز التنفيذ تجدّد السؤال "وين ماشيين؟" ولكن بأكثر حدّة وبأكثر انتشار فالكل مواطنين وأحزابا ومنظمات وجمعيّات يتبنونه ويريدون إجابة شافية عنه.
هذا السؤال يحرّكه ما يعيشه التونسيون من بؤس وفقر وتصحّر سياسي وحتى فكري غير مسبوق اذ شلّت كل المرافق تقريبا وأصبحت عملية الفعل والانجاز في كل الإدارات عملية صعبة حيث أن سياسة التفصّي من المسؤولية تحوّلت الى ثقافة ومردّ ذلك الخوف من ضبابية المستقبل وعدم القدرة على الإجابة على سؤال"وين ماشيين؟".
كذلك فعدم التواصل بين الحكام والمحكومين غذّى عدم الشعور الشعبي بالأمن والراحة النفسية فالراكب لا يكون مرتاحا وهو في سفينة لا يعرف أين يريد قبطانها توجيهها.
الجواب على هذا السؤال الشعبي ضروري وحتميّ لمصالحة الناس مع واقعهم وبناء مستقبل أفضل وهو بيد الحكّام حيث محمول عليهم طمأنة المواطنين وإجابتهم إذ كلّما طال أمد الإجابة كلّما اشتدّ خطر الانفجار الاجتماعي.