إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قبيل القمة العربية في الجزائر..أي دور للديبلوماسية التونسية؟

بقلم: كمال بن يونس

 تؤكد مؤشرات عديدة أن القمة العربية المقرر تنظيمها في الجزائر الشقيقة بعد أيام ستبحث ملفات جيواستراتيجية مهمة جدا اقتصاديا وسياسيا بالنسبة لكامل المنطقة وبالنسبة لتونس ودول شمال القارة الإفريقية أي الدول المغاربية مصر والسودان .

وبصرف النظر عن مستوى رئاسة الوفود العربية التي سوف تشارك في هذه القمة العربية فإن تنظيمها بعد 4 أعوام عن قمة تونس مهم جدا، لأسباب عديدة من بينها التعقيدات الاقتصادية والسياسية والأمنية الخطيرة التي تعرفها المنطقة بسبب مضاعفات وتصعيد النزاع بين الحلف الأطلسي وروسيا في أوروبا منذ تفجير حرب أوكرانيا مطلع العام الجاري .

ولعل من بين أولويات تونس "في مثل هذه القمة" إقناع "الدول العربية الغنية" بتخصيص مبالغ مالية لدعم "الدول العربية النامية" عبر ودائع في البنوك والمصارف المركزية وتشجيع الاستثمار والمبادلات التجارية البينية الثنائية والجماعية ..

لكن من بين الأسئلة التي تخامر النخب وصناع القرار الاقتصادي والسياسي في تونس على هامش هذه القمة: كيف استعدت السلطات التونسية عموما والديبلوماسية خاصة لهذه القمة التي سوف تسلم فيها الرئاسة إلى الجزائر؟

ويمكن أن تتفرع عن هذا التساؤل أسئلة عديدة لعل أبرزها: هل استبقت تونس مشاركتها في هذه القمة بتحركات دبلوماسية واقتصادية تساهم من خلالها في إنجاحها وفي "إقناع" القادة العرب المشاركين فيها بعدد من النقاط التي يمكن إدراجها في جدول الأعمال الرسمي للقمة، وفي مشاريع "التوصيات" و"القرارات" التي يمكن أن تصدر عن المشاورات التي يمكن أن يجريها رئيس الدولة والوفد المرافق له على هامش الجلسات الرسمية؟

وهل أعدت تونس "ورقات اقتصادية وسياسية" واضحة لمناقشتها مع بعض كبار الشخصيات العالمية والإقليمية التي سوف تحضر في جانب من أشغال هذه القمة مثل الأمناء العامين للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي ومنظمة التعاون الإسلامي ورؤساء صناديق التنمية والاستثمار العربية والإسلامية والدولية؟

وماذا ستكون أولويات تونس في المحادثات التي قد تجرى خلال الجلسات الرسمية للقمة وعلى هامشها بالنسبة لقضايا إستراتيجية مثل معضلة إفلاس موازنات عدد من الدول العربية ومستقبل التسوية السياسية في الشقيقة ليبيا والنزاع بين الشقيقة مصر مع أثيوبيا حول مياه سد "النهضة" وقضايا أخرى فضلا عن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية ومشاريع المصالحة بين عدد من العواصم العربية بينها دمشق وخصومها السابقين؟

لقد كشفت الأيام الماضية أن "التحضيرات للقمة العربية" كشفت خلافات بين عدد من العواصم العربية حول قضايا كثيرة من بينها :

-الموقف من تزايد الدور التركي في ليبيا وخاصة في العاصمة طرابلس ومدن كبرى مثل مصراطة.. الى جانب اعتراضات عديدة على صفقة "استكشاف النفط" التي أبرمتها حكومة عبد الحميد الدبيبة مع أنقرة "تتويجا لمسار طويل من الشراكة الاقتصادية والعسكرية"(؟)..

-الموقف من تزايد تأثير بعد العواصم الغربية والخليجية ومصر في مناطق من شرق ليبيا وجنوبها ..

وقد انعكس الخلاف حول هذه المسألة على تحركات متناقضة لكبار المسؤولين الليبيين: محمد المثني زار الجزائر والدبيبة أكد انحيازه لها.. في المقابل زا ر خالد المشري وعقيلة صالح الرباط " للتشاور" ..

فهل ستنجح الديبلوماسية التونسية في لعب دور مع الجزائر في التقريب بين "مختلف وجهات النظر"؟

..قد تكون الإجابة على مثل هذه التساؤلات مرتبطة بإصدار مواقف واضحة وطنيا وعربيا من قضايا خطيرة جدا تربك العالم منذ مدة وعلى رأسها الحرب بين دول الحلف الأطلسي وروسيا في أوكرانيا وبعض البلدان الأوربية .

في هذا السياق يمكن أن تواكب تونس دعوات الرئيس الألماني وعدد من قادة أوروبا الغربية بـ"فتح مفاوضات مباشرة مع موسكو والرئيس بوتين "بهدف إيقاف حرب أوكرانيا.. كما يمكن مواكبة الدعوات إلى "إلغاء سلسلة العقوبات الاقتصادية" التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي ودول الحلف الأطلسي على روسيا وحلفائها، وردت عليها موسكو بعقوبات مماثلة ..

إن قمة الجزائر العربية يمكن أن تكون سباقة في "اقتراح" إجراءات تهدئة واسترجاع الثقة بين واشنطن وحلفائها الأوربيين من جهة وموسكو وبيكين وطهران وحلفائها في مجموعة "شنغهاي".. لأن إيقاف الحرب والتصعيد في أقرب وقت سوف يفيد اقتصاديات العالم أجمع من جهة والبلدان النامية وبينها تونس والدول العربية من جهة ثانية ..

وإذا لم تنتصر التسوية السياسية قريبا في عدة مناطق بينها أوكرانيا وأوروبا وليبيا وفلسطين فستتعقد الأزمات الغذائية والاقتصادية في البلدان غير النفطية في ضفتي جنوب البحر الأبيض المتوسط.. بدءا من تونس وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبقية شركاء بلادنا في الاتحاد الأوربي..

قبيل القمة العربية في الجزائر..أي دور للديبلوماسية التونسية؟

بقلم: كمال بن يونس

 تؤكد مؤشرات عديدة أن القمة العربية المقرر تنظيمها في الجزائر الشقيقة بعد أيام ستبحث ملفات جيواستراتيجية مهمة جدا اقتصاديا وسياسيا بالنسبة لكامل المنطقة وبالنسبة لتونس ودول شمال القارة الإفريقية أي الدول المغاربية مصر والسودان .

وبصرف النظر عن مستوى رئاسة الوفود العربية التي سوف تشارك في هذه القمة العربية فإن تنظيمها بعد 4 أعوام عن قمة تونس مهم جدا، لأسباب عديدة من بينها التعقيدات الاقتصادية والسياسية والأمنية الخطيرة التي تعرفها المنطقة بسبب مضاعفات وتصعيد النزاع بين الحلف الأطلسي وروسيا في أوروبا منذ تفجير حرب أوكرانيا مطلع العام الجاري .

ولعل من بين أولويات تونس "في مثل هذه القمة" إقناع "الدول العربية الغنية" بتخصيص مبالغ مالية لدعم "الدول العربية النامية" عبر ودائع في البنوك والمصارف المركزية وتشجيع الاستثمار والمبادلات التجارية البينية الثنائية والجماعية ..

لكن من بين الأسئلة التي تخامر النخب وصناع القرار الاقتصادي والسياسي في تونس على هامش هذه القمة: كيف استعدت السلطات التونسية عموما والديبلوماسية خاصة لهذه القمة التي سوف تسلم فيها الرئاسة إلى الجزائر؟

ويمكن أن تتفرع عن هذا التساؤل أسئلة عديدة لعل أبرزها: هل استبقت تونس مشاركتها في هذه القمة بتحركات دبلوماسية واقتصادية تساهم من خلالها في إنجاحها وفي "إقناع" القادة العرب المشاركين فيها بعدد من النقاط التي يمكن إدراجها في جدول الأعمال الرسمي للقمة، وفي مشاريع "التوصيات" و"القرارات" التي يمكن أن تصدر عن المشاورات التي يمكن أن يجريها رئيس الدولة والوفد المرافق له على هامش الجلسات الرسمية؟

وهل أعدت تونس "ورقات اقتصادية وسياسية" واضحة لمناقشتها مع بعض كبار الشخصيات العالمية والإقليمية التي سوف تحضر في جانب من أشغال هذه القمة مثل الأمناء العامين للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوربي ومنظمة التعاون الإسلامي ورؤساء صناديق التنمية والاستثمار العربية والإسلامية والدولية؟

وماذا ستكون أولويات تونس في المحادثات التي قد تجرى خلال الجلسات الرسمية للقمة وعلى هامشها بالنسبة لقضايا إستراتيجية مثل معضلة إفلاس موازنات عدد من الدول العربية ومستقبل التسوية السياسية في الشقيقة ليبيا والنزاع بين الشقيقة مصر مع أثيوبيا حول مياه سد "النهضة" وقضايا أخرى فضلا عن المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية ومشاريع المصالحة بين عدد من العواصم العربية بينها دمشق وخصومها السابقين؟

لقد كشفت الأيام الماضية أن "التحضيرات للقمة العربية" كشفت خلافات بين عدد من العواصم العربية حول قضايا كثيرة من بينها :

-الموقف من تزايد الدور التركي في ليبيا وخاصة في العاصمة طرابلس ومدن كبرى مثل مصراطة.. الى جانب اعتراضات عديدة على صفقة "استكشاف النفط" التي أبرمتها حكومة عبد الحميد الدبيبة مع أنقرة "تتويجا لمسار طويل من الشراكة الاقتصادية والعسكرية"(؟)..

-الموقف من تزايد تأثير بعد العواصم الغربية والخليجية ومصر في مناطق من شرق ليبيا وجنوبها ..

وقد انعكس الخلاف حول هذه المسألة على تحركات متناقضة لكبار المسؤولين الليبيين: محمد المثني زار الجزائر والدبيبة أكد انحيازه لها.. في المقابل زا ر خالد المشري وعقيلة صالح الرباط " للتشاور" ..

فهل ستنجح الديبلوماسية التونسية في لعب دور مع الجزائر في التقريب بين "مختلف وجهات النظر"؟

..قد تكون الإجابة على مثل هذه التساؤلات مرتبطة بإصدار مواقف واضحة وطنيا وعربيا من قضايا خطيرة جدا تربك العالم منذ مدة وعلى رأسها الحرب بين دول الحلف الأطلسي وروسيا في أوكرانيا وبعض البلدان الأوربية .

في هذا السياق يمكن أن تواكب تونس دعوات الرئيس الألماني وعدد من قادة أوروبا الغربية بـ"فتح مفاوضات مباشرة مع موسكو والرئيس بوتين "بهدف إيقاف حرب أوكرانيا.. كما يمكن مواكبة الدعوات إلى "إلغاء سلسلة العقوبات الاقتصادية" التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي ودول الحلف الأطلسي على روسيا وحلفائها، وردت عليها موسكو بعقوبات مماثلة ..

إن قمة الجزائر العربية يمكن أن تكون سباقة في "اقتراح" إجراءات تهدئة واسترجاع الثقة بين واشنطن وحلفائها الأوربيين من جهة وموسكو وبيكين وطهران وحلفائها في مجموعة "شنغهاي".. لأن إيقاف الحرب والتصعيد في أقرب وقت سوف يفيد اقتصاديات العالم أجمع من جهة والبلدان النامية وبينها تونس والدول العربية من جهة ثانية ..

وإذا لم تنتصر التسوية السياسية قريبا في عدة مناطق بينها أوكرانيا وأوروبا وليبيا وفلسطين فستتعقد الأزمات الغذائية والاقتصادية في البلدان غير النفطية في ضفتي جنوب البحر الأبيض المتوسط.. بدءا من تونس وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبقية شركاء بلادنا في الاتحاد الأوربي..