نظم مركز الدراسات المتوسطية والدولية ندوة إقليمية حول موضوع "مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي"، امتدت على ثلاثة أيام وقد حضر الندوة التي تم افتتاحها الخميس الماضي 30 مشاركا من تونس والجزائر والمغرب وليبيا والأردن والعراق.
وأبرز أحمد إدريس رئيس "مركز الدراسات المتوسطية والدولية" في كلمته الافتتاحية للندوة الإقليميةأن طرح سؤال الديمقراطية اليوم في الوطن العربي يأتي سواء على اثر الانتكاسة التي شهدتها العديد من الدول في مسار الـتأسيس والممارسة الديمقراطية، أو بعد التعثّرات السياسية التي حالت دون استكمال المسار الديمقراطي والرجوع اليوم بعد عشرية من الثورة إلى الحديث عن حكم الفرد في غياب التشاركية والأجسام الوسيطة ومكوّنات المجتمع المدني. وأوضح إدريس أن هذه الندوة تتنزل في إطار تزايد المخاوف حول مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي وإمكانية العودة إلى الوراء خاصة في ظل ثبوت أن الجانب الإجرائي وحده غير كاف لحماية الديمقراطية أو تكريسها وهو ما يتطلب البحث في الأسباب والآليات الحقيقية لضمان تكريس وترسيخ الديمقراطية.
وبيّن رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية أن تساؤلات جوهرية اليوم تطرح نفسها على النخبة في الوطن العربي على غرار، هل أن الانتقال الديمقراطي بعد الانتكاسات والتراجعات الحاصلة في الحياة السياسية في العشرية الأخيرة يتجّسد من خلال القوانين والتشريعات أم من خلال تكريس ثقافة الممارسة والتحصين، خاصة بعد منعرج 25 جويلية 2021 الذي نسف بقرارات رئاسية وبمراسيم أغلب القوانين والتشريعات الضامنة- نظريا- لتأسيس الديمقراطية مقابل التوّجه نحو تكريس حكم الفرد وتقييد الحقوق والحريات والآليات الضامنة للممارسة الديمقراطية ومبدأ التشاركية والحوار.
واستعرض المتدخلون في الندوة المسارات التاريخية للديمقراطية وتطوّرها في الوطن العربي وارتباطاتها عقائديا وإيديولوجيا وعلاقة الثقافة العربية بالتأسيس لنظام ديمقراطي يترجم حكم الشعب ويضمن مجموعة من القيم والمبادئ الأساسية المتفق عليها وقوانين وتشريعات تعكس رأي وموقف وتوجّه الأغلبية في مجالات عدة كالحقوق والحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتنمية واحترام الرأي المختلف وغيرها من المجالات والقوانين الضامنة للعدالة الاجتماعية والمساواة والحد الأدنى من العيش الكريم وتحقيق رفاه الشعوب وأمنها ونهضتها.
كما تحدث المشاركون في الندوة الإقليمية حول مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي عن الضمانات القانونية والسياسية لتأصيل الديمقراطية في الوطن العربي مثل العراق وتونس والجزائر والمغرب والأردن وليبيا، وتطورات مسار محاولات التأسيس وأسباب أو معوقات التنفيذ أو إنجاح التحوّلات الديمقراطية وفشل أغلب الدول في تكريس الديمقراطية في الدول العربية رغم المحاولات ورغم ما صاحب "ثورات الربيع العربي" من مناخ مناسب لتكريس الديمقراطية انتصارا لرغبة الشعوب.
وأجمع أغلب المشاركين على أن عدة عوامل خارجية وداخلية ساهمت بشكل مباشر في إفشال إنجاح التحوّل الديمقراطي وتسجيل انتكاسات وتراجعات بعد عدة سنوات من مسار الانتقال الديمقراطي في عدد من الدول مثل تونس وليبيا، ساهمت بشكل مباشر في إفشال تكريس الديمقراطية الفعلية منها ما هو اقتصادي وسياسي وتنموي، فضلا عن فشل الأحزاب السياسية في البناء وتوعية المواطن بضرورة تحصين "الديمقراطية الناشئة".
واستعرض عدد من المتدخلين من تونس والعراق والجزائر جملة من العوامل المؤثرة في ترسيخ الديمقراطية والتي تتمحور حول إشكالية غياب الاستقرار الاجتماعي والأمني والتنموي والغذائي وغياب الثقة في مؤسسات الدولة وفي الأحزاب السياسية وعدم قدرة الأجسام الوسيطة على إيجاد حلول عاجلة لانتظارات الشعوب خاصة منها الأحزاب التي شاركت في الحكم بعد "ثورات الربيع العربي".
وفي سياق متصل أجمع المشاركون في الندوة الإقليمية على ضرورة وجود أجسام وسيطة ممثلة في الأحزاب السياسية ومختلف مكوّنات المجتمع المدني للدفع نحو ترسيخ وتكريس مفهوم "التحصين" للتصدي لكل الارتدادات المحتملة وفي مقدمتها العودة إلى الأنظمة الديكتاتورية في الوطن العربي والعمل على توعية الشعوب بالعودة إلى الحاضنة الثقافية ومعالجة المشكل من نواتها الأولى من أجل بناء الديمقراطية الفعلية والتشاركية على مستوى القوانين والتشريعات والممارسة وإيجاد الآليات الكفيلة بتكريسها وتحصينها لاستكمال مسارات العملية الديمقراطية.
وأبرز المشاركون في الندوة أن الإشكال ليس في تطبيق الديمقراطية وإنما في تكريسها في فكر الشعوب بدليل أن أغلب ما سمى بـ "دول ثورات الربيع العربي"، شهدت انتكاسات وإن بمستويات مختلفة.
وبيّن المتدخّلون من مختلف الدول العربية المشاركة من أساتذة جامعيين وخبراء أن الديمقراطية ليست بضاعة جاهزة ليتم استيرادها وإنما لها ارتباطات تاريخية وعقائدية وأن الديمقراطية في الوطن العربي مشروع لم يتحقق بعد، بل هي فعل غير ناجز يتطلب وعيا جماعيا لتكريسها في المجتمعات وفق خصوصية كل بلد بعيدا عن "النمذجة".
منية
تونس- الصباح
نظم مركز الدراسات المتوسطية والدولية ندوة إقليمية حول موضوع "مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي"، امتدت على ثلاثة أيام وقد حضر الندوة التي تم افتتاحها الخميس الماضي 30 مشاركا من تونس والجزائر والمغرب وليبيا والأردن والعراق.
وأبرز أحمد إدريس رئيس "مركز الدراسات المتوسطية والدولية" في كلمته الافتتاحية للندوة الإقليميةأن طرح سؤال الديمقراطية اليوم في الوطن العربي يأتي سواء على اثر الانتكاسة التي شهدتها العديد من الدول في مسار الـتأسيس والممارسة الديمقراطية، أو بعد التعثّرات السياسية التي حالت دون استكمال المسار الديمقراطي والرجوع اليوم بعد عشرية من الثورة إلى الحديث عن حكم الفرد في غياب التشاركية والأجسام الوسيطة ومكوّنات المجتمع المدني. وأوضح إدريس أن هذه الندوة تتنزل في إطار تزايد المخاوف حول مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي وإمكانية العودة إلى الوراء خاصة في ظل ثبوت أن الجانب الإجرائي وحده غير كاف لحماية الديمقراطية أو تكريسها وهو ما يتطلب البحث في الأسباب والآليات الحقيقية لضمان تكريس وترسيخ الديمقراطية.
وبيّن رئيس مركز الدراسات المتوسطية والدولية أن تساؤلات جوهرية اليوم تطرح نفسها على النخبة في الوطن العربي على غرار، هل أن الانتقال الديمقراطي بعد الانتكاسات والتراجعات الحاصلة في الحياة السياسية في العشرية الأخيرة يتجّسد من خلال القوانين والتشريعات أم من خلال تكريس ثقافة الممارسة والتحصين، خاصة بعد منعرج 25 جويلية 2021 الذي نسف بقرارات رئاسية وبمراسيم أغلب القوانين والتشريعات الضامنة- نظريا- لتأسيس الديمقراطية مقابل التوّجه نحو تكريس حكم الفرد وتقييد الحقوق والحريات والآليات الضامنة للممارسة الديمقراطية ومبدأ التشاركية والحوار.
واستعرض المتدخلون في الندوة المسارات التاريخية للديمقراطية وتطوّرها في الوطن العربي وارتباطاتها عقائديا وإيديولوجيا وعلاقة الثقافة العربية بالتأسيس لنظام ديمقراطي يترجم حكم الشعب ويضمن مجموعة من القيم والمبادئ الأساسية المتفق عليها وقوانين وتشريعات تعكس رأي وموقف وتوجّه الأغلبية في مجالات عدة كالحقوق والحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتنمية واحترام الرأي المختلف وغيرها من المجالات والقوانين الضامنة للعدالة الاجتماعية والمساواة والحد الأدنى من العيش الكريم وتحقيق رفاه الشعوب وأمنها ونهضتها.
كما تحدث المشاركون في الندوة الإقليمية حول مستقبل الديمقراطية في الوطن العربي عن الضمانات القانونية والسياسية لتأصيل الديمقراطية في الوطن العربي مثل العراق وتونس والجزائر والمغرب والأردن وليبيا، وتطورات مسار محاولات التأسيس وأسباب أو معوقات التنفيذ أو إنجاح التحوّلات الديمقراطية وفشل أغلب الدول في تكريس الديمقراطية في الدول العربية رغم المحاولات ورغم ما صاحب "ثورات الربيع العربي" من مناخ مناسب لتكريس الديمقراطية انتصارا لرغبة الشعوب.
وأجمع أغلب المشاركين على أن عدة عوامل خارجية وداخلية ساهمت بشكل مباشر في إفشال إنجاح التحوّل الديمقراطي وتسجيل انتكاسات وتراجعات بعد عدة سنوات من مسار الانتقال الديمقراطي في عدد من الدول مثل تونس وليبيا، ساهمت بشكل مباشر في إفشال تكريس الديمقراطية الفعلية منها ما هو اقتصادي وسياسي وتنموي، فضلا عن فشل الأحزاب السياسية في البناء وتوعية المواطن بضرورة تحصين "الديمقراطية الناشئة".
واستعرض عدد من المتدخلين من تونس والعراق والجزائر جملة من العوامل المؤثرة في ترسيخ الديمقراطية والتي تتمحور حول إشكالية غياب الاستقرار الاجتماعي والأمني والتنموي والغذائي وغياب الثقة في مؤسسات الدولة وفي الأحزاب السياسية وعدم قدرة الأجسام الوسيطة على إيجاد حلول عاجلة لانتظارات الشعوب خاصة منها الأحزاب التي شاركت في الحكم بعد "ثورات الربيع العربي".
وفي سياق متصل أجمع المشاركون في الندوة الإقليمية على ضرورة وجود أجسام وسيطة ممثلة في الأحزاب السياسية ومختلف مكوّنات المجتمع المدني للدفع نحو ترسيخ وتكريس مفهوم "التحصين" للتصدي لكل الارتدادات المحتملة وفي مقدمتها العودة إلى الأنظمة الديكتاتورية في الوطن العربي والعمل على توعية الشعوب بالعودة إلى الحاضنة الثقافية ومعالجة المشكل من نواتها الأولى من أجل بناء الديمقراطية الفعلية والتشاركية على مستوى القوانين والتشريعات والممارسة وإيجاد الآليات الكفيلة بتكريسها وتحصينها لاستكمال مسارات العملية الديمقراطية.
وأبرز المشاركون في الندوة أن الإشكال ليس في تطبيق الديمقراطية وإنما في تكريسها في فكر الشعوب بدليل أن أغلب ما سمى بـ "دول ثورات الربيع العربي"، شهدت انتكاسات وإن بمستويات مختلفة.
وبيّن المتدخّلون من مختلف الدول العربية المشاركة من أساتذة جامعيين وخبراء أن الديمقراطية ليست بضاعة جاهزة ليتم استيرادها وإنما لها ارتباطات تاريخية وعقائدية وأن الديمقراطية في الوطن العربي مشروع لم يتحقق بعد، بل هي فعل غير ناجز يتطلب وعيا جماعيا لتكريسها في المجتمعات وفق خصوصية كل بلد بعيدا عن "النمذجة".