هناك مؤشرات لا تخطؤها العين ولا يمكن تجاهلها، وقد علمتني الأيام ومهنة الطب أنه لا ينبغي تجنب الوقوف عند المؤشرات لأن بدن الإنسان في نهاية الأمر أجهزة ووظائف تعمل وفق نظام دقيق ومتزن وكذلك المجتمع بوصفه نمطا لاشتغال الأجهزة والوظائف والأعضاء.
ما نراه هذه الأيام من مظاهر ، بعضها مستجد والبعض الآخر يتضخم تستدعي التوقف والانتباه. ما يشغلنا يتجاوز فقدان بعض المواد الغذائيه أو ارتباك سلسلة الإنتاج والتوزيع ،وإنما تحول جزء كبير من شعبنا إلى الوقوف في طوابير تكاد لا تنتهي لاقتناء شيء من المواد الغذائية الأساسية أو أمام محطات البنزين والوقود.
في هذه الطوابير التي تتحول إلى تقليد ، شيء من الإذلال وتواصلها يثير المخاوف لأنها تضرب عقد الثقة الضمني القائم بين المواطن والدولة التي يعود إليها واجب توفير حاجياته الأساسية . تواتر هذه المظاهر يفتح باب التساؤل عن درجة "عفويتها" وعن مدى إدراك الدولة لخطورتها اجتماعيا وصحيا خاصة وأن وباء كوفيد 19مازال يطل برأسه ويتهددنا معية الأمراض الموسمية، وهذا ما يجعل يجعل الشعور بالمرارة والخذلان باديا على الوجوه، ، تكاد الابتسامة تنعدم في الشوارع لتحل محلها مظاهر العدوانية والعنف المادي واللفظي والمعنوي.
إن العنف المعنوي غالبا ما يفتح الباب أمام الانفلاتات وردود الأفعال غير المتوقعة خاصة في ظل غياب هياكل وسيطة بين الدولة والمواطن من شأنها أن تساهم في تجنب الأزمات وفى امتصاصها في صورة وقوعها. ولكن برغم الإعصار فلن يتحول الحلم الجميل الذى التقى حوله التونسيون ذات جانفي 2011 إلى كابوس مزعج لأن هذا الحلم لم يكن محض خيال بل استند إلى نضالات أجيال متعاقبة من التونسيين والتونسيات من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، هذا الحلم ليس نخبويا أو فوقيا بل هو متجذر فى المدن والقرى والأرياف لدى كل شرائح الشعب ،الذي لا يمكن القفز عليه بل أصبح جزء من الحضارة الإنسانية التي خطت قدرها بأيديها ورافقته على طريق الإنجاز واستعدت لقطف ثماره وإزالة عقباته وأشواكه.
*سياسى وحقوقى مستقل
بقلم:الدكتور مختار زغدود (*)
هناك مؤشرات لا تخطؤها العين ولا يمكن تجاهلها، وقد علمتني الأيام ومهنة الطب أنه لا ينبغي تجنب الوقوف عند المؤشرات لأن بدن الإنسان في نهاية الأمر أجهزة ووظائف تعمل وفق نظام دقيق ومتزن وكذلك المجتمع بوصفه نمطا لاشتغال الأجهزة والوظائف والأعضاء.
ما نراه هذه الأيام من مظاهر ، بعضها مستجد والبعض الآخر يتضخم تستدعي التوقف والانتباه. ما يشغلنا يتجاوز فقدان بعض المواد الغذائيه أو ارتباك سلسلة الإنتاج والتوزيع ،وإنما تحول جزء كبير من شعبنا إلى الوقوف في طوابير تكاد لا تنتهي لاقتناء شيء من المواد الغذائية الأساسية أو أمام محطات البنزين والوقود.
في هذه الطوابير التي تتحول إلى تقليد ، شيء من الإذلال وتواصلها يثير المخاوف لأنها تضرب عقد الثقة الضمني القائم بين المواطن والدولة التي يعود إليها واجب توفير حاجياته الأساسية . تواتر هذه المظاهر يفتح باب التساؤل عن درجة "عفويتها" وعن مدى إدراك الدولة لخطورتها اجتماعيا وصحيا خاصة وأن وباء كوفيد 19مازال يطل برأسه ويتهددنا معية الأمراض الموسمية، وهذا ما يجعل يجعل الشعور بالمرارة والخذلان باديا على الوجوه، ، تكاد الابتسامة تنعدم في الشوارع لتحل محلها مظاهر العدوانية والعنف المادي واللفظي والمعنوي.
إن العنف المعنوي غالبا ما يفتح الباب أمام الانفلاتات وردود الأفعال غير المتوقعة خاصة في ظل غياب هياكل وسيطة بين الدولة والمواطن من شأنها أن تساهم في تجنب الأزمات وفى امتصاصها في صورة وقوعها. ولكن برغم الإعصار فلن يتحول الحلم الجميل الذى التقى حوله التونسيون ذات جانفي 2011 إلى كابوس مزعج لأن هذا الحلم لم يكن محض خيال بل استند إلى نضالات أجيال متعاقبة من التونسيين والتونسيات من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، هذا الحلم ليس نخبويا أو فوقيا بل هو متجذر فى المدن والقرى والأرياف لدى كل شرائح الشعب ،الذي لا يمكن القفز عليه بل أصبح جزء من الحضارة الإنسانية التي خطت قدرها بأيديها ورافقته على طريق الإنجاز واستعدت لقطف ثماره وإزالة عقباته وأشواكه.