إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

احتياطي تونس من العملة الصعبة يتقلص إلى 104 يوم توريد وخطر داهم في 2023 !

 

تونس- الصباح

سجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، أمس، تراجعا مقلقا الى حدود 104 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار الأزمة على اقتصاديات الدول، وعلى رأسها تونس، التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة.

وترتفع المخاوف أكثر أمام استمرار تعمق العجز التجاري، الذي تجاوز حاجز 60 % مع موفى أوت المنقضي، مع ارتفاع كلفة التوريد الى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد والتي انتقلت من 180 مليون دينار خلال العام الماضي، الى أكثر من 217 مليون دينار موفى الشهر الماضي، أي بارتفاع أكثر من 30%، وأدى ذلك الى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي ، الأمر الذي وضع البلاد أمام خيار واحد، وهو إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع الآجال.

تراجع مقلق

وحسب الأرقام الرسمية للبنك المركزي بتاريخ 21 أكتوبر الجاري، تراجعت أيام التوريد إلى 104 يوم بعد أن كان معدلها في حدود 124 يوما خلال الفترة ذاتها من العام من الماضي، وبلغ الاحتياطي النقدي الى حدود يوم أمس 22.8 مليار دينار، وهناك مخاوف كبيرة من تواصل الضغط على ميزان المدفوعات خلال الفترة القليلة القادمة، ما يرفع من حدة المخاطر وعدم قدرة البلاد على سداد احتياجاتها في المستقبل القريب.

وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، ويعزا ذلك إلى نمو الواردات بنسبة 35.3٪ مقابل زيادة نسبتها 16.8٪ خلال الخمسة أشهر من العام 2021، كما ارتفعت الواردات بنسبة 35 % مقابل (+21%) خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021. وقد بلغت قيمة الواردات 61525,1م د مقابل 45581,8م د تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2021، وفق آخر المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء..

وتضاعفت حاجيات تونس بشكل سريع خلال الأشهر الأخيرة، تزامنا مع ارتفاع أسعار المحروقات والحبوب، ما كلف خزينة الدولة خسائر تفوق 5 مليار دينار، علما وان موارد الدولة من العملة الصعبة، جزء منها متأت من الإيرادات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج، وهي موارد بالكاد تغطي حاجيات البلاد مستقبلا.

وتعول تونس بشكل أساسي، خلال الفترة القادمة، على اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، والذي يناهز 6 مليار دينار، أي حوالي 1.9 مليار دولار، لتوفير احتياجاتها من العملة الصعبة، علما وأن هذا المبلغ سيدفع في شكل أقساط، ومازالت المفاوضات مستمرة، تباعا مع حزمة من الإصلاحات مطلوب من تونس تنفيذها في أسرع الآجال.

وكان مخزون تونس من العملة الصعبة، قد سجل ارتفاعا خلال يوم واحد، بعد تسجيل انخفاض حاد في الواردات إلى 115 يومًا في 14 أفريل 2022، ليرتفع بمقدار 15 يومًا إضافيًة إلى 130 يومًا، ويعود إلى مستواه المطمئن تقريبًا مع بداية العام. وارتفع احتياطي العملات الأجنبية بمقدار 2.75 مليار دينار من 21.5 مليار دينار في 14 أفريل 2022 إلى 24.69 مليار دينار في 15 أفريل 2022.

ارتفاع الدولار عمق الأزمة

المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.

وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو.

وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي في فترة ما قبل الجائحة ارتفاعا الى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوما توريد، وأدى ذلك الى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كانت لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت الى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020.

خطر داهم في 2023

وحسب ما أعلن عنه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريحات إعلامية، منذ يومين، فإن الخطر الداهم على مالية البلاد يتمثل في تضاعف سداد قروض تونس لسنة 2023 مرتين ونصف عن سنة 2022، التي توصف حاليا بالسنة الاقتصادية الصعبة، ومن الضروري العمل على توفير موارد مالية إضافية لتتجنب البلاد أزمات اقتصادية ومالية جديدة.

وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، وبلغ سعر الدولار أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 21 أكتوبر الجاري، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب .

سفيان المهداوي

 

 

 

احتياطي تونس من العملة الصعبة يتقلص إلى 104 يوم توريد وخطر داهم في 2023  !

 

تونس- الصباح

سجل احتياطي تونس من العملة الصعبة، أمس، تراجعا مقلقا الى حدود 104 يوم توريد، تزامن مع ارتفاع ملموس في أسعار السلع الأساسية المستوردة، وتراجع قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار الأمريكي، والذي يعد العملة الأساسية لخلاص تونس لاحتياجاتها الخارجية، وسط توقعات باستمرار الأزمة على اقتصاديات الدول، وعلى رأسها تونس، التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة.

وترتفع المخاوف أكثر أمام استمرار تعمق العجز التجاري، الذي تجاوز حاجز 60 % مع موفى أوت المنقضي، مع ارتفاع كلفة التوريد الى مستويات تستنزف الاحتياطي النقدي بشكل رهيب، حيث مع تواصل ارتفاع كلفة التوريد والتي انتقلت من 180 مليون دينار خلال العام الماضي، الى أكثر من 217 مليون دينار موفى الشهر الماضي، أي بارتفاع أكثر من 30%، وأدى ذلك الى تراجع كبير في أيام التوريد للدولة التونسية، وسرع من تآكل الاحتياطي النقدي ، الأمر الذي وضع البلاد أمام خيار واحد، وهو إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في أسرع الآجال.

تراجع مقلق

وحسب الأرقام الرسمية للبنك المركزي بتاريخ 21 أكتوبر الجاري، تراجعت أيام التوريد إلى 104 يوم بعد أن كان معدلها في حدود 124 يوما خلال الفترة ذاتها من العام من الماضي، وبلغ الاحتياطي النقدي الى حدود يوم أمس 22.8 مليار دينار، وهناك مخاوف كبيرة من تواصل الضغط على ميزان المدفوعات خلال الفترة القليلة القادمة، ما يرفع من حدة المخاطر وعدم قدرة البلاد على سداد احتياجاتها في المستقبل القريب.

وبدأت قدرة تونس في تغطية وارداتها في التراجع بداية من 15 جويلية 2022، حيث تم تسجيل تراجع بنحو 20 يوماً، بعد أن بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي 3.18 دينار، ويعزا ذلك إلى نمو الواردات بنسبة 35.3٪ مقابل زيادة نسبتها 16.8٪ خلال الخمسة أشهر من العام 2021، كما ارتفعت الواردات بنسبة 35 % مقابل (+21%) خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2021. وقد بلغت قيمة الواردات 61525,1م د مقابل 45581,8م د تم تسجيلها خلال نفس الفترة من سنة 2021، وفق آخر المعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء..

وتضاعفت حاجيات تونس بشكل سريع خلال الأشهر الأخيرة، تزامنا مع ارتفاع أسعار المحروقات والحبوب، ما كلف خزينة الدولة خسائر تفوق 5 مليار دينار، علما وان موارد الدولة من العملة الصعبة، جزء منها متأت من الإيرادات السياحية وتحويلات التونسيين بالخارج، وهي موارد بالكاد تغطي حاجيات البلاد مستقبلا.

وتعول تونس بشكل أساسي، خلال الفترة القادمة، على اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، والذي يناهز 6 مليار دينار، أي حوالي 1.9 مليار دولار، لتوفير احتياجاتها من العملة الصعبة، علما وأن هذا المبلغ سيدفع في شكل أقساط، ومازالت المفاوضات مستمرة، تباعا مع حزمة من الإصلاحات مطلوب من تونس تنفيذها في أسرع الآجال.

وكان مخزون تونس من العملة الصعبة، قد سجل ارتفاعا خلال يوم واحد، بعد تسجيل انخفاض حاد في الواردات إلى 115 يومًا في 14 أفريل 2022، ليرتفع بمقدار 15 يومًا إضافيًة إلى 130 يومًا، ويعود إلى مستواه المطمئن تقريبًا مع بداية العام. وارتفع احتياطي العملات الأجنبية بمقدار 2.75 مليار دينار من 21.5 مليار دينار في 14 أفريل 2022 إلى 24.69 مليار دينار في 15 أفريل 2022.

ارتفاع الدولار عمق الأزمة

المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم، كان قد أعلن في تصريح لـ"الصباح"، أن التراجع المسجل في سعر العملة الوطنية التونسية مقابل الدولار يأتي بسبب صعود العملة الأمريكية، إذ سجل الدولار ارتفاعاً في أسعار تداوله خلال الفترة الأخيرة، وتحديداً منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا والارتدادات التي أحدثتها في السوق المالية العالمية، وقد اتخذ الدولار منحى تصاعدياً مقارنة باليورو.

وأكد المدير العام السابق للسياسة النقدية بالبنك المركزي التونسي محمد صالح سويلم إلى أن جل العملات شهدت انخفاضاً تجاه الدولار بسبب ارتفاع سعره والإقبال عليه، بينما سجل الدينار التونسي استقرارا تجاه اليورو.

وسجل احتياطي تونس من النقد الأجنبي في فترة ما قبل الجائحة ارتفاعا الى مستويات مطمئنة تجاوز 147 يوما توريد، وأدى ذلك الى انخفاض التضخم وخلق الظروف الملائمة لانخفاض أسعار الفائدة ودعم نمو الائتمان في الاقتصاد، إلا أن الإجراءات المتخذة من السلطات للحد من تبعات الوباء من خلال اقتراح حزمة من تدابير الميزانية لدعم الشركات والأسر، كانت لها الأثر الكبير في اختلال السياسة المالية، في ظل تسجيل خسائر في الإيرادات الناجمة عن التباطؤ الاقتصادي، والتي ساهمت الى حد كبير في زيادة عجز الميزانية إلى 10.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت حوالي 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي في ميزانية 2020.

خطر داهم في 2023

وحسب ما أعلن عنه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان، في تصريحات إعلامية، منذ يومين، فإن الخطر الداهم على مالية البلاد يتمثل في تضاعف سداد قروض تونس لسنة 2023 مرتين ونصف عن سنة 2022، التي توصف حاليا بالسنة الاقتصادية الصعبة، ومن الضروري العمل على توفير موارد مالية إضافية لتتجنب البلاد أزمات اقتصادية ومالية جديدة.

وسجل الدينار التونسي انخفاضاً في سعره أمام الدولار الأمريكي بداية من منتصف أوت الماضي، واعتبر الأدنى له مقابل الدولار الأمريكي منذ عقود من الزمن، وبلغ سعر الدولار أمام الدينار التونسي 3.3 دينار، بتاريخ 21 أكتوبر الجاري، وهذا الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام العملة الوطنية، رفع من سعر المواد الموردة، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ركودا هو الأعنف منذ عقود، وما تزال تونس في حاجة ماسة لتعبئة مواردها من العملة الصعبة حتى تتمكن مستقبلا من توفير احتياجاتها من المحروقات والحبوب .

سفيان المهداوي