إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس وقرار خفض "أوبك+" إنتاج النفط.. تكاليف إضافية في ميزانية الدعم وزيادات مرتقبة في أسعار المحروقات

-كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي إلى ارتفاع في نفقات الدعم بـ140 مليون دينار

تونس-الصباح

لم تكن تونس بمنأى عن  قرار "أوبك+" الذي يتعلق بخفض الإنتاج بمليوني برميل يوميا، فعل المستوى الدبلوماسي والسياسي، سرعت الخارجية التونسية في إصدار بيان رسمي عبرت فيه عن دعمها لهذا القرار، ليثير مباشرة جدلا واسعا بين التونسيين في ما يتعلق بالجدوى الاقتصادية للقرار على الاقتصاد المحلي وما له من تداعيات كبيرة على منظومة الدعم وعلى التوازنات المالية عموما.

وبالرغم من أن القرار يخص بالأساس الدول المنتجة للنفط وعلى رأسها أمريكا والسعودية من جهة وفي علاقة بالحرب الضروس بين القوى الاقتصادية العالمية الدائرة بين روسيا وأمريكا، إلا أن تونس لن تكون بعيدة عن التغيرات التي ستشهدها الأسواق العالمية للنفط بعد قرار خفض الإنتاج، وهي التي تعتبر  من بين البلدان الموردة لهذه المادة في ظل تراجع كبير للإنتاج المحلي وتوسع عميق في عجز ميزانها الطاقي...

وعلى هذا الأساس تباينت الآراء بين المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي بشان تداعيات دعم تونس لهذا القرار من الناحية الاقتصادية، من ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق للتجارة محسن حسن ان  دعم تونس لموقف السعودية من تخفيض إنتاج الّنفط قرار غير صائب اقتصاديا وسياسيا وأن تونس متضّررة ضررا فادحا من كل النواحي...

كما أضاف الخبير الاقتصادي أن موقف الخارجية التونسية الداعم لقرار منظمة اوبك+ بخفض إنتاج البترول، هو هفوة وخطأ دبلوماسي سيكلف تونس الكثير، مشددا على خطورة الموقف على الصعيد السياسي وما سيكون له من تداعيات سلبية في علاقة باتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي الذي لم يتم الحسم فيه بعد.

في حين اعتبر عدد آخر من المراقبين في الشأن العام للبلاد أن هذا القرار من شأنه أن يدعم علاقات تونس الدبلوماسية مع الدول الصديقة والشقيقة وعل رأسها السعودية في علاقة بتفعيل التعاون المالي الثنائي باعتبار حاجة تونس اليوم الى التمويلات الخارجية.

بالمقابل، يبقى الجانب الاقتصادي من هذا قرار خفض الإنتاج من جهة وموقف تونس منه من جهة ثانية،  الأهم باعتبار أن خفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا ستكون له تكاليف إضافية في ميزانية الدولة.

حيث سيؤدي قرار التخفيض من الناحية التقنية وبلغة الأسواق العالمية للنفط في اتجاه ارتفاع أسعار البرميل الذي قد يتجاوز الـ110 دولار في قادم الأيام، مما سيؤثر سلبا على توازنات الدولة المالية وسيكون الأمر مقلقا ومحرجا للحكومة على مستوى قدرتها على تغطية الفارق الذي سيحدثه هذا الارتفاع في سعر برميل النفط العالمي الى ما فوق الـ100 دولار وهي التي كانت قد حددته مؤخرا في قانون المالية للسنة الحالية بـ75 دولارا.

والحال أن كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي مباشرة  إلى زيادة في نفقات الدعم بـ140 مليون دينار.. وكانت الدولة قد ضبطت فرضية سعر برميل النفط، في القانون الأصلي للمالية لسنة 2022، بتكاليف جملية في دعم المحروقات في حدود الـ2891 مليون دينار، من جملة 7262 حجم الدعم الجملي المحدد في القانون، بعد أن كانت القيمة لا تتجاوز الـ401 مليون دينار في قانون المالية لسنة 2021 ..

هذه الزيادة المرتقبة في أسعار برميل النفط العالمي، ستجبر الدولة على التوجه الى مواصلة إقرار ترفيعات جديدة  في أسعار المحروقات بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، خاصة أن القرار الأخير الذي أقرته وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بالترفيع في أسعار المواد الطاقية بنسب متفاوتة ماهو إلا تمهيد لمواصلة قرار الترفيع في الأشهر المقبلة.

وقرار الترفيع في أسعار المحروقات بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري التي انطلقت في تفعيلها منذ شهر أفريل من السنة المنقضية، سيكون مخرجا لإعلان الحكومة التخلي عن دعم مواطنيها نهائيا، وهي التي أقرت في مشروع قانون المالية للسنة الحالية تخفيضات في حجم الاعتمادات المرصودة بعنوان المحروقات من 1.880 مليار دينار في قانون المالية للسنة المنقضية الى 401 مليون دينار أي بتخفيض ملحوظ من مجموع 3401 مليار دينار خصصت لنفقات الدعم أي ما يمثل 8.3 % من إجمالي النفقات المرسمة بالميزانية.

وجاء قرار أوبك + بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا منذ يومين فقط من قبل  تحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا، ليدخل حيز النفاذ بداية من شهر نوفمبر المقبل.

واعتبرت الأوساط العالمية هذا القرار انه سيؤثر مباشرة على نسق الأسعار وطبيعة العرض والطلب في الأسواق العالمية للنفط في الأشهر المقبلة مما من شأنه أن يتسبب في ارتفاع أسعار المحروقات بجميع أصنافها، مشيرين عندها سيكون بمثابة كارثة سياسية على إدارة الرئيس الديمقراطي بايدن، إذ سيستغلها خصومه الجمهوريون كإثبات على فشل سياساته الاقتصادية ومن ثمة التأثير على توجهات الناخب الأميركي...

وتفاعلت العديد من الدول العالمية مع هذا القرار بعضها مؤيد والبعض الآخر رافض له، ومن ابرز المؤيدين للقرار نجد قطر وباكستان وماليزيا، وتونس التي أعلنت عن طريق وزارة الخارجية تأييدها لموقف المملكة بشأن قرار خفض إنتاج النفط الذي أصدرته منظمة أوبك+ خلال الفترة الماضية، وقالت في بيان لها إن قرار خفض إنتاج النفط اتُّخذ بإجماع كافة دول المجموعة، مشيرة إلى دعمها للقرار الذي اتخذته المملكة ومجموعة أوبك +.

وأضافت تونس أن القرار وجيه ومرتبط بتوازنات العرض والطلب التي تفرضها السوق العالمية، مشيرة إلى أن السوق العالمية تشهد عدم استقرار قد تكون له تداعيات على الدول المنتجة والمصدرة والمستهلكة للنفط على حد سواء.

وفاء بن محمد

تونس وقرار خفض "أوبك+" إنتاج النفط.. تكاليف إضافية في ميزانية الدعم وزيادات مرتقبة في أسعار المحروقات

-كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي إلى ارتفاع في نفقات الدعم بـ140 مليون دينار

تونس-الصباح

لم تكن تونس بمنأى عن  قرار "أوبك+" الذي يتعلق بخفض الإنتاج بمليوني برميل يوميا، فعل المستوى الدبلوماسي والسياسي، سرعت الخارجية التونسية في إصدار بيان رسمي عبرت فيه عن دعمها لهذا القرار، ليثير مباشرة جدلا واسعا بين التونسيين في ما يتعلق بالجدوى الاقتصادية للقرار على الاقتصاد المحلي وما له من تداعيات كبيرة على منظومة الدعم وعلى التوازنات المالية عموما.

وبالرغم من أن القرار يخص بالأساس الدول المنتجة للنفط وعلى رأسها أمريكا والسعودية من جهة وفي علاقة بالحرب الضروس بين القوى الاقتصادية العالمية الدائرة بين روسيا وأمريكا، إلا أن تونس لن تكون بعيدة عن التغيرات التي ستشهدها الأسواق العالمية للنفط بعد قرار خفض الإنتاج، وهي التي تعتبر  من بين البلدان الموردة لهذه المادة في ظل تراجع كبير للإنتاج المحلي وتوسع عميق في عجز ميزانها الطاقي...

وعلى هذا الأساس تباينت الآراء بين المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي بشان تداعيات دعم تونس لهذا القرار من الناحية الاقتصادية، من ذلك اعتبر الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق للتجارة محسن حسن ان  دعم تونس لموقف السعودية من تخفيض إنتاج الّنفط قرار غير صائب اقتصاديا وسياسيا وأن تونس متضّررة ضررا فادحا من كل النواحي...

كما أضاف الخبير الاقتصادي أن موقف الخارجية التونسية الداعم لقرار منظمة اوبك+ بخفض إنتاج البترول، هو هفوة وخطأ دبلوماسي سيكلف تونس الكثير، مشددا على خطورة الموقف على الصعيد السياسي وما سيكون له من تداعيات سلبية في علاقة باتفاق تونس مع صندوق النقد الدولي الذي لم يتم الحسم فيه بعد.

في حين اعتبر عدد آخر من المراقبين في الشأن العام للبلاد أن هذا القرار من شأنه أن يدعم علاقات تونس الدبلوماسية مع الدول الصديقة والشقيقة وعل رأسها السعودية في علاقة بتفعيل التعاون المالي الثنائي باعتبار حاجة تونس اليوم الى التمويلات الخارجية.

بالمقابل، يبقى الجانب الاقتصادي من هذا قرار خفض الإنتاج من جهة وموقف تونس منه من جهة ثانية،  الأهم باعتبار أن خفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا ستكون له تكاليف إضافية في ميزانية الدولة.

حيث سيؤدي قرار التخفيض من الناحية التقنية وبلغة الأسواق العالمية للنفط في اتجاه ارتفاع أسعار البرميل الذي قد يتجاوز الـ110 دولار في قادم الأيام، مما سيؤثر سلبا على توازنات الدولة المالية وسيكون الأمر مقلقا ومحرجا للحكومة على مستوى قدرتها على تغطية الفارق الذي سيحدثه هذا الارتفاع في سعر برميل النفط العالمي الى ما فوق الـ100 دولار وهي التي كانت قد حددته مؤخرا في قانون المالية للسنة الحالية بـ75 دولارا.

والحال أن كل زيادة بدولار واحد في سعر البرميل تؤدي مباشرة  إلى زيادة في نفقات الدعم بـ140 مليون دينار.. وكانت الدولة قد ضبطت فرضية سعر برميل النفط، في القانون الأصلي للمالية لسنة 2022، بتكاليف جملية في دعم المحروقات في حدود الـ2891 مليون دينار، من جملة 7262 حجم الدعم الجملي المحدد في القانون، بعد أن كانت القيمة لا تتجاوز الـ401 مليون دينار في قانون المالية لسنة 2021 ..

هذه الزيادة المرتقبة في أسعار برميل النفط العالمي، ستجبر الدولة على التوجه الى مواصلة إقرار ترفيعات جديدة  في أسعار المحروقات بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، خاصة أن القرار الأخير الذي أقرته وزارة الصناعة والطاقة والمناجم بالترفيع في أسعار المواد الطاقية بنسب متفاوتة ماهو إلا تمهيد لمواصلة قرار الترفيع في الأشهر المقبلة.

وقرار الترفيع في أسعار المحروقات بالاعتماد على آلية التعديل الآلي الشهري التي انطلقت في تفعيلها منذ شهر أفريل من السنة المنقضية، سيكون مخرجا لإعلان الحكومة التخلي عن دعم مواطنيها نهائيا، وهي التي أقرت في مشروع قانون المالية للسنة الحالية تخفيضات في حجم الاعتمادات المرصودة بعنوان المحروقات من 1.880 مليار دينار في قانون المالية للسنة المنقضية الى 401 مليون دينار أي بتخفيض ملحوظ من مجموع 3401 مليار دينار خصصت لنفقات الدعم أي ما يمثل 8.3 % من إجمالي النفقات المرسمة بالميزانية.

وجاء قرار أوبك + بخفض إنتاج النفط بمليوني برميل يوميا منذ يومين فقط من قبل  تحالف "أوبك+" بقيادة السعودية وروسيا، ليدخل حيز النفاذ بداية من شهر نوفمبر المقبل.

واعتبرت الأوساط العالمية هذا القرار انه سيؤثر مباشرة على نسق الأسعار وطبيعة العرض والطلب في الأسواق العالمية للنفط في الأشهر المقبلة مما من شأنه أن يتسبب في ارتفاع أسعار المحروقات بجميع أصنافها، مشيرين عندها سيكون بمثابة كارثة سياسية على إدارة الرئيس الديمقراطي بايدن، إذ سيستغلها خصومه الجمهوريون كإثبات على فشل سياساته الاقتصادية ومن ثمة التأثير على توجهات الناخب الأميركي...

وتفاعلت العديد من الدول العالمية مع هذا القرار بعضها مؤيد والبعض الآخر رافض له، ومن ابرز المؤيدين للقرار نجد قطر وباكستان وماليزيا، وتونس التي أعلنت عن طريق وزارة الخارجية تأييدها لموقف المملكة بشأن قرار خفض إنتاج النفط الذي أصدرته منظمة أوبك+ خلال الفترة الماضية، وقالت في بيان لها إن قرار خفض إنتاج النفط اتُّخذ بإجماع كافة دول المجموعة، مشيرة إلى دعمها للقرار الذي اتخذته المملكة ومجموعة أوبك +.

وأضافت تونس أن القرار وجيه ومرتبط بتوازنات العرض والطلب التي تفرضها السوق العالمية، مشيرة إلى أن السوق العالمية تشهد عدم استقرار قد تكون له تداعيات على الدول المنتجة والمصدرة والمستهلكة للنفط على حد سواء.

وفاء بن محمد