تحولات عميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة إنكار الأزمة في ظل صمت رئيسة الحكومة، في وقت كان لزاما عليها التوجه للمواطنين لإيضاح حقيقة الأوضاع.
وفي واقع الأمر لم تنجح الحكومة منذ أدائها اليمين الدستوري يوم 11اكنوبر 2021 في إقناع عموم التونسيين لا بسبب الغياب المتكرر لرئيسة الحكومة عن المشهد العام بل أيضا بصمتها غير المفهوم خلال كل الأزمات.
ولم تكن تعليقات ضعف أداء الحكومة عنوان أحزاب المعارضة فحسب بل تجاوزت ذلك الى أحزاب الموالاة التي ساندت ترشيح قيس سعيد لبودن لتعود الموالاة على أعقابها وتعلن عن خيبة أملها من أداء رئيسة الحكومة لترفع أحزاب الرئيس سقف مطالبها بالدعوة الى إقالتها وأبعادها عن قصر الحكومة بالقصبة.
فقد حذّرت "حركة الشعب"، من خطورة "استمرار الحكومة في التعاطي السلبي مع الارتفاع المستمر لأسعار المواد الاستهلاكية، في ظرف يشهد ذروة الاستهلاك لدى المواطن التونسي، والترفيع المتكرّرة لأسعار المحروقات في ظلّ التدهور الفادح للمقدرة الشرائية لعموم المواطنين".
وحذّر الحزب في بيانه الأخير من "مخاطر النهج الليبرالي للحكومة، على حساب ماهو اجتماعي، منبّها من “استمرار مثل هذا السلوك اللامسؤول، والذي من شأنه أن يغذي حالة اليأس والإحباط والعزوف لدى قطاعات عريضة من الشعب، الذي آمن أن لحظة 25 جويلية ستكون منطلقا للقطع مع حكم الفاسدين الذين راكموا الفشل والعجز، واستعادة دولته، دولة الشعب من يد الجماعات التي عملت على تفكيكها ورهنها لصالح أجندتها المعادية أصلاً لمصالح المواطنين وانتظاراتهم".
ويتضارب أداء الحكومة مع توصيفات سعيد لنجلاء بودن ووزرائها، فخلال عملية تنصيب الحكومة يوم 11اكتوبر 2021 قال سعيد "إنها حكومة إخراج تونس من أزمتها" وعبر الرئيس يومها عن أمله في أن تحقق حكومة الرئيس الثالثة وضعا مستقرا من شأنه أن يعيد الثقة لسلطة 25 جويلية.
غير أن حجم الطموحات سرعان ما تراجع بعد أن تعطلت كل أشكال الحياة العادية للمواطن، تعطيل كشفه تراجع حجم الاستثمار وارتفاع نسب البطالة ولهيب غير مسبوق في الأسعار وغياب شبه كلي لعدد كبير من المواد الاستهلاكية.
وقد زادت الخيبة مع إصرار حكومة بودن على إنكار الأزمة في مستواها الاجتماعي والاقتصادي مما ولّد حالة من الاحتقان ترجمتها مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المنظمات الوطنية الأخرى.
وبالرغم من حجم مسؤولياتها في تأزم الوضع حافظت الحكومة على صمتها في إشارة واضحة عن تغيبها، وإذ يرى البعض أن الحكومة تعمل في صمت بعيدا عن صخب التصريحات والبروباغندا الزائفة فان آخرين يرون فيها حكومة غير مستقلة عن توجهات الرئيس الذي يتحمل هو الآخر جزءا من واقع الأزمة الراهنة.
من جهته عاد الاتحاد العام التونسي للشغل لممارسة التصعيد السياسي والاجتماعي بعد أن عبر الأمين العام للمنظمة سمير الشفي عن المخاطر المحتملة لرفع الدعم على المواد الأساسية مجددًا تأكيده على ضرورة رفع الأجور للحد من أثاره على الطبقات الفقيرة.
كما جدد الأمين العام تمسكه بالمؤسسات والشركات العمومية التي تظل خطا احمر كاشفا في ذات السياق الى أن التوصل إلى اتفاق رفع الأجور مؤخرًا مع الحكومة لا يعني القبول بالإصلاحات الكبرى التي تنوي الحكومة فرضها بعد الاتفاق المحتمل مع صندوق النقد الدولي والمرتبطة برفع الدعم عن المواد الأساسية وسط تلك الأزمة الخطيرة.
وقال "قرأنا المشهد بوضوح، البلاد ستذهب في منعطف خطير جدا، وتداعياته ستكون على تونس وشعبها".
ورغم الواقع الاقتصادي والسياسي المهزوز والذي سيلقي بالضرورة بوطأته على المجتمع التونسي لازال صمت القصور يقلق عموم المتابعين في ظل الكارثة الأخيرة بمدينة جرجيس اثر غرق مركب وهلاك عدد من الحارقين الى السواحل الايطالية.
وحاولت الجهات المحلية بجرجيس طمأنة أهالي الحارقين بوضع الإمكانات المادية والبشرية من أجل مواصلة عملية البحث عن ناجين بصفة مسترسلة باعتماد كل وسائل البحث سواء جوا أو بحرا أو عبر الرادارات المتنقلة والقارة، والزوارق والطائرات.
غير أن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كذب هذه الرواية واعتبر أن مدينة جرجيس تعيش على وقع أزمة إنسانية، وسط تخلي الدولة عن واجباتها وتقاعسها في الوقوف إلى جانب عائلات الأهالي، مما اضطر أهالي المنطقة وبحارتها للتعويل على إمكاناتهم الذاتية للبحث عن مصير المفقودين.
وفي بيان له قال المنتدى: يبدو أن أولويات الدولة تتمثل في منع اجتياز الحدود وتسخير أقصى الإمكانيات لذلك، وطمأنة الجار الأوروبي عوضا عن التضامن مع الأهالي وتقديم المساعدة إليهم لمعرفة مصير أبنائهم.
وأمام تأزم الوضع أكثر وغياب الدولة سارعت بعض الأصوات بالدعوة الى حكومة حرب وصرح الوزير الأسبق، حاتم بن سالم لإذاعة شمس اف ام قائلا "نحن في حاجة إلى حكومة حرب تتكون من 15 وزيرا وكتاب دولة لا تتجاوز أعمارهم الـ40 سنة حتى نتمكن من التحضير لمستقبل تونس".
وأضاف بن سالم "أن الحكومة الحالية بلا إنجاز ولا إنتاج وتابع "حكومة لا تحلّ مشاكل التونسيين ليس لها مكان في تونس".
وتابع بن سالم "اليوم أصبحنا نعيش حربا يومية للحصول على المواد الأساسية لذلك لا بد من خارطة طريق واضحة تتضمن 10 نقاط اقتصادية ومالية تكون الحلول للأزمة التي تعيشها البلاد".
خليل الحناشي
تونس-الصباح
تحولات عميقة داخل المشهد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للبلاد ترجمته حالة الفراغ الواضح لحكومة نجلاء بودن التي تواصل سياسة إنكار الأزمة في ظل صمت رئيسة الحكومة، في وقت كان لزاما عليها التوجه للمواطنين لإيضاح حقيقة الأوضاع.
وفي واقع الأمر لم تنجح الحكومة منذ أدائها اليمين الدستوري يوم 11اكنوبر 2021 في إقناع عموم التونسيين لا بسبب الغياب المتكرر لرئيسة الحكومة عن المشهد العام بل أيضا بصمتها غير المفهوم خلال كل الأزمات.
ولم تكن تعليقات ضعف أداء الحكومة عنوان أحزاب المعارضة فحسب بل تجاوزت ذلك الى أحزاب الموالاة التي ساندت ترشيح قيس سعيد لبودن لتعود الموالاة على أعقابها وتعلن عن خيبة أملها من أداء رئيسة الحكومة لترفع أحزاب الرئيس سقف مطالبها بالدعوة الى إقالتها وأبعادها عن قصر الحكومة بالقصبة.
فقد حذّرت "حركة الشعب"، من خطورة "استمرار الحكومة في التعاطي السلبي مع الارتفاع المستمر لأسعار المواد الاستهلاكية، في ظرف يشهد ذروة الاستهلاك لدى المواطن التونسي، والترفيع المتكرّرة لأسعار المحروقات في ظلّ التدهور الفادح للمقدرة الشرائية لعموم المواطنين".
وحذّر الحزب في بيانه الأخير من "مخاطر النهج الليبرالي للحكومة، على حساب ماهو اجتماعي، منبّها من “استمرار مثل هذا السلوك اللامسؤول، والذي من شأنه أن يغذي حالة اليأس والإحباط والعزوف لدى قطاعات عريضة من الشعب، الذي آمن أن لحظة 25 جويلية ستكون منطلقا للقطع مع حكم الفاسدين الذين راكموا الفشل والعجز، واستعادة دولته، دولة الشعب من يد الجماعات التي عملت على تفكيكها ورهنها لصالح أجندتها المعادية أصلاً لمصالح المواطنين وانتظاراتهم".
ويتضارب أداء الحكومة مع توصيفات سعيد لنجلاء بودن ووزرائها، فخلال عملية تنصيب الحكومة يوم 11اكتوبر 2021 قال سعيد "إنها حكومة إخراج تونس من أزمتها" وعبر الرئيس يومها عن أمله في أن تحقق حكومة الرئيس الثالثة وضعا مستقرا من شأنه أن يعيد الثقة لسلطة 25 جويلية.
غير أن حجم الطموحات سرعان ما تراجع بعد أن تعطلت كل أشكال الحياة العادية للمواطن، تعطيل كشفه تراجع حجم الاستثمار وارتفاع نسب البطالة ولهيب غير مسبوق في الأسعار وغياب شبه كلي لعدد كبير من المواد الاستهلاكية.
وقد زادت الخيبة مع إصرار حكومة بودن على إنكار الأزمة في مستواها الاجتماعي والاقتصادي مما ولّد حالة من الاحتقان ترجمتها مواقف الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المنظمات الوطنية الأخرى.
وبالرغم من حجم مسؤولياتها في تأزم الوضع حافظت الحكومة على صمتها في إشارة واضحة عن تغيبها، وإذ يرى البعض أن الحكومة تعمل في صمت بعيدا عن صخب التصريحات والبروباغندا الزائفة فان آخرين يرون فيها حكومة غير مستقلة عن توجهات الرئيس الذي يتحمل هو الآخر جزءا من واقع الأزمة الراهنة.
من جهته عاد الاتحاد العام التونسي للشغل لممارسة التصعيد السياسي والاجتماعي بعد أن عبر الأمين العام للمنظمة سمير الشفي عن المخاطر المحتملة لرفع الدعم على المواد الأساسية مجددًا تأكيده على ضرورة رفع الأجور للحد من أثاره على الطبقات الفقيرة.
كما جدد الأمين العام تمسكه بالمؤسسات والشركات العمومية التي تظل خطا احمر كاشفا في ذات السياق الى أن التوصل إلى اتفاق رفع الأجور مؤخرًا مع الحكومة لا يعني القبول بالإصلاحات الكبرى التي تنوي الحكومة فرضها بعد الاتفاق المحتمل مع صندوق النقد الدولي والمرتبطة برفع الدعم عن المواد الأساسية وسط تلك الأزمة الخطيرة.
وقال "قرأنا المشهد بوضوح، البلاد ستذهب في منعطف خطير جدا، وتداعياته ستكون على تونس وشعبها".
ورغم الواقع الاقتصادي والسياسي المهزوز والذي سيلقي بالضرورة بوطأته على المجتمع التونسي لازال صمت القصور يقلق عموم المتابعين في ظل الكارثة الأخيرة بمدينة جرجيس اثر غرق مركب وهلاك عدد من الحارقين الى السواحل الايطالية.
وحاولت الجهات المحلية بجرجيس طمأنة أهالي الحارقين بوضع الإمكانات المادية والبشرية من أجل مواصلة عملية البحث عن ناجين بصفة مسترسلة باعتماد كل وسائل البحث سواء جوا أو بحرا أو عبر الرادارات المتنقلة والقارة، والزوارق والطائرات.
غير أن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كذب هذه الرواية واعتبر أن مدينة جرجيس تعيش على وقع أزمة إنسانية، وسط تخلي الدولة عن واجباتها وتقاعسها في الوقوف إلى جانب عائلات الأهالي، مما اضطر أهالي المنطقة وبحارتها للتعويل على إمكاناتهم الذاتية للبحث عن مصير المفقودين.
وفي بيان له قال المنتدى: يبدو أن أولويات الدولة تتمثل في منع اجتياز الحدود وتسخير أقصى الإمكانيات لذلك، وطمأنة الجار الأوروبي عوضا عن التضامن مع الأهالي وتقديم المساعدة إليهم لمعرفة مصير أبنائهم.
وأمام تأزم الوضع أكثر وغياب الدولة سارعت بعض الأصوات بالدعوة الى حكومة حرب وصرح الوزير الأسبق، حاتم بن سالم لإذاعة شمس اف ام قائلا "نحن في حاجة إلى حكومة حرب تتكون من 15 وزيرا وكتاب دولة لا تتجاوز أعمارهم الـ40 سنة حتى نتمكن من التحضير لمستقبل تونس".
وأضاف بن سالم "أن الحكومة الحالية بلا إنجاز ولا إنتاج وتابع "حكومة لا تحلّ مشاكل التونسيين ليس لها مكان في تونس".
وتابع بن سالم "اليوم أصبحنا نعيش حربا يومية للحصول على المواد الأساسية لذلك لا بد من خارطة طريق واضحة تتضمن 10 نقاط اقتصادية ومالية تكون الحلول للأزمة التي تعيشها البلاد".