إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

18 مفقودا.. احتقان في جرجيس وتعاطي السلط الرسمية نقطة استفهام

تونس-الصباح

الهدوء الحذر الذي سجلته مدينة جرجيس، بعد ليلة كاملة من الاحتجاجات والتحركات، قد لا يطول كثيرا حسب الناشط والحقوقي وعضو شبكة "هاتف الإنذار" شمس الدين مرزوق. فالمنطقة مازالت تعيش على وقع حالة من الاحتقان، ويطغى شعور عام بعدم الرضا لدى متساكني الجهة وعائلات المفقودين في عمليات الهجرة غير النظامية، على خلفية التعاطي اللامسؤول من طرف الجهات المسؤولة، من حرس وطني وبلدية.

وأوضح، أن عملية الهجرة غير النظامية التي خرجت من سواحل مدينة جرجيس منذ يوم 21 سبتمبر الماضي كانت تضم 18 شخصا من أبناء الجهة ينتمون تقريبا الى نفس العائلة. وتم التعامل بعدم جدية مع عائلاتهم التي أبلغت الحرس الوطني والسلط الجهوية بفقدانهم. ورغم خروج 4 جثث خلال نفس الفترة على الساحل التونسية إلا أن الحرس الوطني والبلدية قاما بدفنهم دون إجراء فحص جيني الـ ADN، وكان من بينهم طفلة عمرها 13 شهرا تم التعامل معها على أنها حيوان بحري، وهو ما أثار غضب الأهالي واعتبروه لا مبالاة وتعاملا لا إنسانيا معهم من قبل هياكل الدولة والمسؤولين.

وشهدت جرجيس على امتداد الأيام السابقة تحركات واحتجاجات تم خلالها رفع شعارات منادية بإلغاء التأشيرة "لا للتأشيرة" وكشف مصير المفقودين "جيبولنا أولادنا" واعتماد المقاربة الإنسانية في التعامل مع جثث الغرقى عبر إخضاعها جميعها للفحص الجيني ADN، مع دفنهم بطريقة تحفظ كرامتهم.

وفسر شمس الدين مرزوقي انه ومنذ 3 سنوات تم الاتفاق مع السلط الجهوية حول مسالة دفن الجثث التي يلفظها البحر ووقع التنصيص أن ذاك على ضرورة وإلزامية إجراء الاختبار الجيني ولتسهيل الأمر تم تركيز مخبر بجانب المقبرة إلا أن السلط الى غاية اليوم تتعامل بعدم جدية ولا إنسانية مع الأمر.

ويعتبر رمضان بن عمر منسق قسم الهجرة والمتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الأزمة الاجتماعية وحالة الاحتقان والوضع اللاأنساني الذي عرفته مدينة جرجيس، عكس في مجمله العديد من العناوين الكبرى، ففي ما هو سياسي كشف هوة كبيرة بين مشاكل وهموم وانتظارات التونسيين واهتمامات السلطة السياسية، ففي الوقت الذي كانت المدينة تعيش على وقع حداد وحزن كبير كانت السلطة السياسية تتناول موضوع استعمال سيارات إدارية في غير محلها ولم تجد الوقت للحديث عن 18 مفقودا لا تعلم عائلاتهم مصائرهم.

وعلى المستوى الجهوي أعلنت السلط هناك منذ بداية الأزمة أنها سخرت كل الإمكانيات البرية والبحرية والجوية والرادراية، حسب البيان المنشور، للبحث عن المفقودين الا ان الواقع كذب ذلك فلولا الجهود المبذولة من قبل البحارة وأبناء الجهة لما تم انتشال عدد الضحايا المسجل اليوم. ولم تتحرك اللجنة الجهوية الا بعد ما عاشته جرجيس من غضب واحتجاجات في الوقت الذي كان من المفروض ان تكون مصدر المعلومة بالنسبة للأهالي.

وذكر بن عمر ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد دعا منذ شهر فيفري الماضي الحكومة الى وضع آلية إنقاذ على السواحل التونسية تشمل الحرس الجيش البحري والبحرية التجارية والبحارة وغيرهم من العاملين في البحر من اجل تفادي الخسائر البشرية بقدر الإمكان والعلم بفرضيات الغرق التي تواجهه مراكب الهجرة غير النظامية. كما تم المطالبة بهيكل خاص بالمفقود في البحر قادر على التنقل خلال الأزمات ويكون المخاطب الوحيد للأهالي يوفر المعطيات يوجههم ويقدم لهم المرافقة النفسية وقادر على جلب المعلومة من الخارج يمثل أجهزة الدولة ويبعد العائلات على الإشاعات والمعطيات المغلوطة. وهو جهاز لا يتطلب الكثير من الجهد يمكن ان يقع تكوينه من الأجهزة التي تعمل على الملف. اما التوصية الثالثة فتعلقت بكيفية التعامل مع جثث المهاجرين وهي معركة يخوضها المنتدى منذ سنوات، تناهض التصريحات العنصرية الصادرة عن المسؤولين على غرار تصريح والي صفاقس الأخير، والمطالبة بتوفير مقابر بلدية يتم فيها دفن مجهولي الهوية، فالجثث التي تطفوا على البحر لا تحمل لا دين ولا لغة ولا لون ولا هوية، هم بشر فقط والدولة التونسية مطالبة بالتعامل معهم بكرامة ودون تمييز.

وقال في نفس السياق ان تونس اليوم من المفروض ان يكون لها بنك من المعطيات والمعلومات خاص بضحايا الهجرة غير النظامية وبنك خاص بالمفقودين ومجهولي الهوية. وهذه المعطيات يتم تجهيزها عبر التحاليل وطبقا لمعطيات مخبرية والدولة قادرة على القيام بذلك لو توفرت الإرادة السياسية.

وما هو مؤسف حسب بن عمر ان الدولة وفي تعاملها مع أزمة جرجيس، اتجهت الى طمأنة الجانب الإيطالي بان الحدود البحرية مراقبة وليس العائلات التونسية التي فقدت أبناءها، علما وان نفس الفترة سجلت مفقودين في طبلبة وفي بنزرت وفي قليبية، ففي يوم 8 أكتوبر وفي الوقت الذي كانت فيه الأهالي في بحث عن أبنائهم تعلن الهياكل الرسمية عن إحباط 27 عملية اجتياز في ليلية واحدة، مما يعني ان لها الإمكانيات للإحباط وليس لها الإمكانيات للبحث عن جثث المفقودين.

وأفاد رمضان بن عمر، ان عدد الضحايا والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية السنة الى نهاية شهر سبتمبر أي على امتداد الـ9 أشهر الماضية، هنالك 544 ضحية ومفقودا في حوض البحر الأبيض المتوسط أي بزيادة بنحو 37% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة أين كان عدد الضحايا والمفقودين في حدود 399.

رغم حجم الأزمة الإنسانية والاجتماعية في جرجيس، الا انها حملت جانبا مضيئا حسب بن عمر، وكان محددا ومفصليا في الأزمة وهو التضامن المواطني وما بذله البحارة في جرجيس والكتف وحتى في جربة من جهد للبحث عن المفقودين، أين كان لهم دور أنساني كبير في عملية الإنقاذ وأكدوا أنهم في مستوى الأزمة رغم ما يواجهه قطاعهم من أزمات وإشكاليات لكنهم ولمدة تقريبا 20 يوما سخروا كل إمكانياتهم من اجل عملية البحث.

ريم سوودي

18  مفقودا.. احتقان في جرجيس وتعاطي السلط الرسمية نقطة استفهام

تونس-الصباح

الهدوء الحذر الذي سجلته مدينة جرجيس، بعد ليلة كاملة من الاحتجاجات والتحركات، قد لا يطول كثيرا حسب الناشط والحقوقي وعضو شبكة "هاتف الإنذار" شمس الدين مرزوق. فالمنطقة مازالت تعيش على وقع حالة من الاحتقان، ويطغى شعور عام بعدم الرضا لدى متساكني الجهة وعائلات المفقودين في عمليات الهجرة غير النظامية، على خلفية التعاطي اللامسؤول من طرف الجهات المسؤولة، من حرس وطني وبلدية.

وأوضح، أن عملية الهجرة غير النظامية التي خرجت من سواحل مدينة جرجيس منذ يوم 21 سبتمبر الماضي كانت تضم 18 شخصا من أبناء الجهة ينتمون تقريبا الى نفس العائلة. وتم التعامل بعدم جدية مع عائلاتهم التي أبلغت الحرس الوطني والسلط الجهوية بفقدانهم. ورغم خروج 4 جثث خلال نفس الفترة على الساحل التونسية إلا أن الحرس الوطني والبلدية قاما بدفنهم دون إجراء فحص جيني الـ ADN، وكان من بينهم طفلة عمرها 13 شهرا تم التعامل معها على أنها حيوان بحري، وهو ما أثار غضب الأهالي واعتبروه لا مبالاة وتعاملا لا إنسانيا معهم من قبل هياكل الدولة والمسؤولين.

وشهدت جرجيس على امتداد الأيام السابقة تحركات واحتجاجات تم خلالها رفع شعارات منادية بإلغاء التأشيرة "لا للتأشيرة" وكشف مصير المفقودين "جيبولنا أولادنا" واعتماد المقاربة الإنسانية في التعامل مع جثث الغرقى عبر إخضاعها جميعها للفحص الجيني ADN، مع دفنهم بطريقة تحفظ كرامتهم.

وفسر شمس الدين مرزوقي انه ومنذ 3 سنوات تم الاتفاق مع السلط الجهوية حول مسالة دفن الجثث التي يلفظها البحر ووقع التنصيص أن ذاك على ضرورة وإلزامية إجراء الاختبار الجيني ولتسهيل الأمر تم تركيز مخبر بجانب المقبرة إلا أن السلط الى غاية اليوم تتعامل بعدم جدية ولا إنسانية مع الأمر.

ويعتبر رمضان بن عمر منسق قسم الهجرة والمتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الأزمة الاجتماعية وحالة الاحتقان والوضع اللاأنساني الذي عرفته مدينة جرجيس، عكس في مجمله العديد من العناوين الكبرى، ففي ما هو سياسي كشف هوة كبيرة بين مشاكل وهموم وانتظارات التونسيين واهتمامات السلطة السياسية، ففي الوقت الذي كانت المدينة تعيش على وقع حداد وحزن كبير كانت السلطة السياسية تتناول موضوع استعمال سيارات إدارية في غير محلها ولم تجد الوقت للحديث عن 18 مفقودا لا تعلم عائلاتهم مصائرهم.

وعلى المستوى الجهوي أعلنت السلط هناك منذ بداية الأزمة أنها سخرت كل الإمكانيات البرية والبحرية والجوية والرادراية، حسب البيان المنشور، للبحث عن المفقودين الا ان الواقع كذب ذلك فلولا الجهود المبذولة من قبل البحارة وأبناء الجهة لما تم انتشال عدد الضحايا المسجل اليوم. ولم تتحرك اللجنة الجهوية الا بعد ما عاشته جرجيس من غضب واحتجاجات في الوقت الذي كان من المفروض ان تكون مصدر المعلومة بالنسبة للأهالي.

وذكر بن عمر ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد دعا منذ شهر فيفري الماضي الحكومة الى وضع آلية إنقاذ على السواحل التونسية تشمل الحرس الجيش البحري والبحرية التجارية والبحارة وغيرهم من العاملين في البحر من اجل تفادي الخسائر البشرية بقدر الإمكان والعلم بفرضيات الغرق التي تواجهه مراكب الهجرة غير النظامية. كما تم المطالبة بهيكل خاص بالمفقود في البحر قادر على التنقل خلال الأزمات ويكون المخاطب الوحيد للأهالي يوفر المعطيات يوجههم ويقدم لهم المرافقة النفسية وقادر على جلب المعلومة من الخارج يمثل أجهزة الدولة ويبعد العائلات على الإشاعات والمعطيات المغلوطة. وهو جهاز لا يتطلب الكثير من الجهد يمكن ان يقع تكوينه من الأجهزة التي تعمل على الملف. اما التوصية الثالثة فتعلقت بكيفية التعامل مع جثث المهاجرين وهي معركة يخوضها المنتدى منذ سنوات، تناهض التصريحات العنصرية الصادرة عن المسؤولين على غرار تصريح والي صفاقس الأخير، والمطالبة بتوفير مقابر بلدية يتم فيها دفن مجهولي الهوية، فالجثث التي تطفوا على البحر لا تحمل لا دين ولا لغة ولا لون ولا هوية، هم بشر فقط والدولة التونسية مطالبة بالتعامل معهم بكرامة ودون تمييز.

وقال في نفس السياق ان تونس اليوم من المفروض ان يكون لها بنك من المعطيات والمعلومات خاص بضحايا الهجرة غير النظامية وبنك خاص بالمفقودين ومجهولي الهوية. وهذه المعطيات يتم تجهيزها عبر التحاليل وطبقا لمعطيات مخبرية والدولة قادرة على القيام بذلك لو توفرت الإرادة السياسية.

وما هو مؤسف حسب بن عمر ان الدولة وفي تعاملها مع أزمة جرجيس، اتجهت الى طمأنة الجانب الإيطالي بان الحدود البحرية مراقبة وليس العائلات التونسية التي فقدت أبناءها، علما وان نفس الفترة سجلت مفقودين في طبلبة وفي بنزرت وفي قليبية، ففي يوم 8 أكتوبر وفي الوقت الذي كانت فيه الأهالي في بحث عن أبنائهم تعلن الهياكل الرسمية عن إحباط 27 عملية اجتياز في ليلية واحدة، مما يعني ان لها الإمكانيات للإحباط وليس لها الإمكانيات للبحث عن جثث المفقودين.

وأفاد رمضان بن عمر، ان عدد الضحايا والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية السنة الى نهاية شهر سبتمبر أي على امتداد الـ9 أشهر الماضية، هنالك 544 ضحية ومفقودا في حوض البحر الأبيض المتوسط أي بزيادة بنحو 37% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة أين كان عدد الضحايا والمفقودين في حدود 399.

رغم حجم الأزمة الإنسانية والاجتماعية في جرجيس، الا انها حملت جانبا مضيئا حسب بن عمر، وكان محددا ومفصليا في الأزمة وهو التضامن المواطني وما بذله البحارة في جرجيس والكتف وحتى في جربة من جهد للبحث عن المفقودين، أين كان لهم دور أنساني كبير في عملية الإنقاذ وأكدوا أنهم في مستوى الأزمة رغم ما يواجهه قطاعهم من أزمات وإشكاليات لكنهم ولمدة تقريبا 20 يوما سخروا كل إمكانياتهم من اجل عملية البحث.

ريم سوودي