إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في حال رفع الدعم كليا أو جزئيا: "قفزة نوعية" في أسعار المواد الاستهلاكية المدعمة.. والزيادة تصل 60%

تونس-الصباح

قرار الرفع الجزئي أو الكلي للدعم، يتجه تدريجيا نحو أن يصبح أمرا مقضيا لا يمكن الهروب منه حتى انه تحول مؤخرا الى العربون الذي على الدولة التونسية دفعه من اجل حصولها على قرض صندوق النقد الدولي. ورغم ما عبر عنه الاتحاد العام التونسي للشغل من تخوفات من تداعيات القرار على التونسيين وما أبداه المختصون في الاقتصاد من تحفظات في علاقة بعدم جاهزية الحكومة والتونسيين لهذه الخطوة في ظل ضعف المعطيات المتوفرة الخاصة بدخل التونسيين وتوزيعهم وحجم المنتفعين من القطاع غير المنظم، تتجه كل المؤشرات نحو فرضيات عالية ان الخطوة ستكون خلال الأشهر القادمة على أقصى تقدير. فما التغيير المنتظر على الأسعار المدعمة؟ وهل أن الأمر يتجاوز مجرد الترفيع في قائمة أسعار مواد استهلاكية أساسية للتونسيين؟

تنقسم قائمة المواد المدعمة الى أكثر من صنف، وهي المواد المدعمة والمنضوية تحت نظام تأطير الأسعار في جميع المراحل، وتشمل الفرينة الرفيعة ويبلغ قيمة الدعم في سعر إحالتها، حسب الجدل المنشور في دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية سنة 2017، نحو الـ 35% من سعر الكلفة، ومادة السميد والعجين الغذائي الذي تبلغ نسبة الدعم فيها 56% وتقريبا نفس النسبة بالنسبة لمادة الكسكسي في حين تكون نسبة الدعم بالنسبة لمادة الحليب نصف دسم في حدود 14% من ثمنه وتتراجع قيمة الدعم في أسعار السكر الموجه للاستهلاك العائلي الى نسبة 5% تقريبا أما الزيت النباتي فنسبة الدعم تتجاوز ثلثي سعره المعتمد في الأسواق، وتبلغ نسبة الدعم بالنسبة للخبز "حجم كبير" 54% أما بالنسبة للخبر "حجم صغير" فتكون في حدود 40% والكراس المدعم تتراوح قيمة دعمه حسب الحجم بين 19 و21% من قيمة أسعاره المتداولة.

والصنف الثاني وهو المواد المنضوية تحت نظام تاطير الأسعار في جميع المراحل وغير المدعمة مباشرة وهي القهوة المخلوطة والقهوة الصافية والشاي الأخضر والأحمر والسيارات الشعبية والأدوية المصنعة محليا ومادة الخميرة وتنضاف إليها أسعار التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء والغاز وانطلقت الحكومة في تعديل أسعارها ومنها التي أقرت في شانها زيادات دورية على غرار سعر الماء الصالح للشرب والغاز والكهرباء وأسعار المحروقات التي أصبحت تخضع الى آلية التعديل الدوري..

وتعود منظومة الدعم التي تعتمدها البلاد التونسية الى سنة 1945 أي منذ عهد البيات، ادخل عليها تحوير ليكون في صيغته الحالية بعد إحداث صندوق للدعم سنة 1970. ويشمل تدخل الصندوق منذ ذلك الحين الخبز والعجين الغذائي والحليب والزيت المدعم والسكر والشاي والقهوة والكراس المدعم.. وشهدت حسب تصريح سابق لوزيرة التجارة لجريدة "الصباح" فضيلة الرابحي، كلفة الدعم تطورا واضحا خلال العشرية الماضية اين "كانت سنة 2010 في حدود 730 مليون دينار وبفعل تطور كلفة هذه المواد وتطور الاستهلاك خلال السنوات الأخيرة تجاوزت سنة 2021 كلفة الدعم 3200 مليون دينار. وينتظر وحسب تقديرات وزارة التجارة أن تصل الى 4300 مليون دينار سنة 2022.

وهذه الكتلة الهائلة لحجم الدعم يجعلها تتجاوز طاقة ميزانية الدولة وطاقة صندوق الدعم والتعويض وهو ما يدعوا الى مراجعة كيفية إسناد هذا الدعم وكيفية صرفه. وحسب رأي وزيرة التجارة ضرورة ملحة مراجعة سياسة الدعم الحالية مع التمسك بها والمحافظة عليها. والتوجه يكون بتغييره بنظام دعم المداخيل والذي يتطلب تحضيرات أهمها هي تحديد التونسيين وضبط مستحقي الدعم كل حسب فئته الاجتماعية، وعوض دعم للأسعار يقع ضبط تحويلات لدعم المداخيل."

وفي نفس الغرض يرى تقرير دائرة المحاسبات الصادر سنة 2016 فيما يتصل بمنظومة دعم المواد الأساسية، انه لم تتمّ ترجمة توجّهات سياسة دعم المواد الأساسية في إطار خطة شاملة تضبط الأهداف المنتظرة بصفة دقيقة والوسائل والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف في آجال محدّدة.

واتّسم تنفيذ الإصلاحات المقترحة بالبطء أو بعدم التفعيل ممّا أدّى إلى استمرار نفس الإشكاليات دون توفّق إلى اتّخاذ الإجراءات الملائمة في شأنها على غرار تواصل اختلاف مقاييس تعيير الحبوب المورّدة عند الشراء والبيع وعدم تحرير توريد القمح الليّن المخصّص لصنع الفرينة الرفيعة والشعير واختزال مسالك الدّعم.

ولم تتولّ السلط العمومية اتّخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق توجّهات النهوض بالإنتاج المحلي من الحبوب والزيت النباتي والسكر.

واتّسم تحديد الفئة المستهدفة بالدّعم بعدم الوضوح في ظل النظام الحالي لتعويض المواد الأساسية الذي ينبني على توجيه الدّعم لفائدة كل الفئات الاجتماعية دون حصره لفائدة مستحقّيه.

ولم تتولّ حسب نفس التقرير لدائرة المحاسبات، وحدة تعويض المواد الأساسية إلى موفى أكتوبر 2014 القيام بأيّة مهمّة تتعلّق بإعداد الدراسات أو التخطيط أو التقييم في مجال الدّعم.

كما لم يبلغ مستوى الإنتاج الوطني من الحبوب والزيت النباتي والسكر الأهداف المرسومة بما يمكّن من التّقليص في التوريد نظرا لكلفته المرتفعة. وقد أدّت هذه الوضعيّة إلى ارتفاع المبالغ المحمولة على اعتمادات الدّعم مع اللجوء أكثر إلى التوريد لتغطية الارتفاع المتواصل في طلب المواد المدعّمة بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها بالأسواق العالمية وارتفاع خسائر سعر الصّرف جرّاء انخفاض قيمة الدينار.

وسجّل توريد المواد الأساسية المدعّمة ضعف مشاركة المزوّدين في طلبات العروض والذي يرجع أساسا إلى غياب التحيين الدوري لقائمات هؤلاء المزوّدين ولكراسات الشروط المتعلّقة بالتوريد لملاءمتها مع خصوصيّات الجودة المتوفّرة بالسوق العالمية. كما انعكس الاختلاف في تقييم عناصر الجودة بين الدواوين والمهنيّين وشركات المراقبة على الفارق بين أسعار البيع والشراء وعلى كلفة الدّعم عموما.

وحال ضعف طاقة الخزن والنقص في تهيئة الموانئ التونسية دون الاستفادة من أسعار تنافسية عبر شراء شحنات ذات سعة كبيرة والاستفادة من الانخفاضات الظرفية التي تشهدها أحيانا أسعار المواد المدعّمة بالسوق العالمية.

وبالإضافة إلى ارتفاع اعتمادات التعويض المرسّمة بميزانية الوزارة المكلّفة بالتجارة والتي بلغت 1.450 م.د في موفى 2013، تحمّلت الدواوين تكاليف إضافية بعنوان التصرّف في المواد المدعّمة ناتجة بالأساس عن سياساتها التجارية والمالية على غرار سياسة البيع الآجل التي حمّلت ديوان الحبوب والديوان الوطني للزيت سنويا ما قدره على التوالي 3 م.د و0,7 م.د بعنوان الإسقاط التجاري.

وفي قراءة له اعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن مسالة رفع الدعم، قد مثلت خلال السنوات الماضية شكلا من أشكال الابتزاز للتونسيين والتونسيات وسلطت عبره الحكومات ضغط نفسي شديد على عموم المواطنين في علاقة بهذا الخطوة المنتظرة. فكلما سُجل سخط وغضب نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يتم جذب ملف رفع الدعم من أدراج القرارات المنتظرة والتي يتوجب اتخاذها.

ويرى بن عمر في هذا التوجه أن الدولة تناقض نفسها، فمن ناحية هي تسعى الى التقليص من خارطة الفقر والتفاوت بين الجهات والتمكين الاقتصادي للفئات الهشة وحماية الطبقة الوسطى وغيرها، هي تتجه نحو رفع الدعم. وهو قرار بدأ التحضير له منذ سنوات وتحول الى أمر واقع تدريجيا مع ما نحن بصدد تسجيله من نسب تضخم وارتفاع في الأسعار وشح في المواد.. ورجح آلية الرفع الجزئي أو الكلي للدعم ستشمل المواد الاستهلاكية الأساسية كما يمكن أن تشمل أيضا الخدمات العمومية على غرار خدمة النقل، إضافة الى المواد الطاقية التي سيكون لها استتباعات اقتصادية أخرى ويمكن ان تهدد أنشطة اقتصادية بأكملها تعرف بطبعها حالة من الركود وهو ما قد يزيد في تعميق الأزمة الاجتماعية أكثر.

وأمام إصرار الحكومة في المضي قدما في هذا القرار، وفي ظل عدم امتلاك الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة أيضا، معطيات رسمية ومنظمة في الفئات الاجتماعية التي سيشملها المسار التعويضي إذا صار فعليا اتخاذ قرار رفع الدعم. وبالتالي فاستتباعات ذلك لا يمكن أن تزيد إلا في مفاقمة حالة الغضب وتزيد في نسق الاحتجاج وتجعل فئات جديد تلتحق بالتحركات الاجتماعية. وتوقع رمضان بن عمر ان قرار رفع الدعم لن يكون سهلا بالمرة وسيكون عملية صعبة للغاية ترافقها هزات اجتماعية مختلفة لأنه قرار سيعنى به الطبقة الاجتماعية الأوسع من التونسيين والتونسيات وبطريقة غير مباشرة فئات أخرى.

ريم سوودي

في حال رفع الدعم كليا أو جزئيا: "قفزة نوعية" في أسعار المواد الاستهلاكية المدعمة.. والزيادة تصل 60%

تونس-الصباح

قرار الرفع الجزئي أو الكلي للدعم، يتجه تدريجيا نحو أن يصبح أمرا مقضيا لا يمكن الهروب منه حتى انه تحول مؤخرا الى العربون الذي على الدولة التونسية دفعه من اجل حصولها على قرض صندوق النقد الدولي. ورغم ما عبر عنه الاتحاد العام التونسي للشغل من تخوفات من تداعيات القرار على التونسيين وما أبداه المختصون في الاقتصاد من تحفظات في علاقة بعدم جاهزية الحكومة والتونسيين لهذه الخطوة في ظل ضعف المعطيات المتوفرة الخاصة بدخل التونسيين وتوزيعهم وحجم المنتفعين من القطاع غير المنظم، تتجه كل المؤشرات نحو فرضيات عالية ان الخطوة ستكون خلال الأشهر القادمة على أقصى تقدير. فما التغيير المنتظر على الأسعار المدعمة؟ وهل أن الأمر يتجاوز مجرد الترفيع في قائمة أسعار مواد استهلاكية أساسية للتونسيين؟

تنقسم قائمة المواد المدعمة الى أكثر من صنف، وهي المواد المدعمة والمنضوية تحت نظام تأطير الأسعار في جميع المراحل، وتشمل الفرينة الرفيعة ويبلغ قيمة الدعم في سعر إحالتها، حسب الجدل المنشور في دراسة أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية سنة 2017، نحو الـ 35% من سعر الكلفة، ومادة السميد والعجين الغذائي الذي تبلغ نسبة الدعم فيها 56% وتقريبا نفس النسبة بالنسبة لمادة الكسكسي في حين تكون نسبة الدعم بالنسبة لمادة الحليب نصف دسم في حدود 14% من ثمنه وتتراجع قيمة الدعم في أسعار السكر الموجه للاستهلاك العائلي الى نسبة 5% تقريبا أما الزيت النباتي فنسبة الدعم تتجاوز ثلثي سعره المعتمد في الأسواق، وتبلغ نسبة الدعم بالنسبة للخبز "حجم كبير" 54% أما بالنسبة للخبر "حجم صغير" فتكون في حدود 40% والكراس المدعم تتراوح قيمة دعمه حسب الحجم بين 19 و21% من قيمة أسعاره المتداولة.

والصنف الثاني وهو المواد المنضوية تحت نظام تاطير الأسعار في جميع المراحل وغير المدعمة مباشرة وهي القهوة المخلوطة والقهوة الصافية والشاي الأخضر والأحمر والسيارات الشعبية والأدوية المصنعة محليا ومادة الخميرة وتنضاف إليها أسعار التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء والغاز وانطلقت الحكومة في تعديل أسعارها ومنها التي أقرت في شانها زيادات دورية على غرار سعر الماء الصالح للشرب والغاز والكهرباء وأسعار المحروقات التي أصبحت تخضع الى آلية التعديل الدوري..

وتعود منظومة الدعم التي تعتمدها البلاد التونسية الى سنة 1945 أي منذ عهد البيات، ادخل عليها تحوير ليكون في صيغته الحالية بعد إحداث صندوق للدعم سنة 1970. ويشمل تدخل الصندوق منذ ذلك الحين الخبز والعجين الغذائي والحليب والزيت المدعم والسكر والشاي والقهوة والكراس المدعم.. وشهدت حسب تصريح سابق لوزيرة التجارة لجريدة "الصباح" فضيلة الرابحي، كلفة الدعم تطورا واضحا خلال العشرية الماضية اين "كانت سنة 2010 في حدود 730 مليون دينار وبفعل تطور كلفة هذه المواد وتطور الاستهلاك خلال السنوات الأخيرة تجاوزت سنة 2021 كلفة الدعم 3200 مليون دينار. وينتظر وحسب تقديرات وزارة التجارة أن تصل الى 4300 مليون دينار سنة 2022.

وهذه الكتلة الهائلة لحجم الدعم يجعلها تتجاوز طاقة ميزانية الدولة وطاقة صندوق الدعم والتعويض وهو ما يدعوا الى مراجعة كيفية إسناد هذا الدعم وكيفية صرفه. وحسب رأي وزيرة التجارة ضرورة ملحة مراجعة سياسة الدعم الحالية مع التمسك بها والمحافظة عليها. والتوجه يكون بتغييره بنظام دعم المداخيل والذي يتطلب تحضيرات أهمها هي تحديد التونسيين وضبط مستحقي الدعم كل حسب فئته الاجتماعية، وعوض دعم للأسعار يقع ضبط تحويلات لدعم المداخيل."

وفي نفس الغرض يرى تقرير دائرة المحاسبات الصادر سنة 2016 فيما يتصل بمنظومة دعم المواد الأساسية، انه لم تتمّ ترجمة توجّهات سياسة دعم المواد الأساسية في إطار خطة شاملة تضبط الأهداف المنتظرة بصفة دقيقة والوسائل والآليات الضرورية لبلوغ هذه الأهداف في آجال محدّدة.

واتّسم تنفيذ الإصلاحات المقترحة بالبطء أو بعدم التفعيل ممّا أدّى إلى استمرار نفس الإشكاليات دون توفّق إلى اتّخاذ الإجراءات الملائمة في شأنها على غرار تواصل اختلاف مقاييس تعيير الحبوب المورّدة عند الشراء والبيع وعدم تحرير توريد القمح الليّن المخصّص لصنع الفرينة الرفيعة والشعير واختزال مسالك الدّعم.

ولم تتولّ السلط العمومية اتّخاذ الإجراءات الكفيلة بتحقيق توجّهات النهوض بالإنتاج المحلي من الحبوب والزيت النباتي والسكر.

واتّسم تحديد الفئة المستهدفة بالدّعم بعدم الوضوح في ظل النظام الحالي لتعويض المواد الأساسية الذي ينبني على توجيه الدّعم لفائدة كل الفئات الاجتماعية دون حصره لفائدة مستحقّيه.

ولم تتولّ حسب نفس التقرير لدائرة المحاسبات، وحدة تعويض المواد الأساسية إلى موفى أكتوبر 2014 القيام بأيّة مهمّة تتعلّق بإعداد الدراسات أو التخطيط أو التقييم في مجال الدّعم.

كما لم يبلغ مستوى الإنتاج الوطني من الحبوب والزيت النباتي والسكر الأهداف المرسومة بما يمكّن من التّقليص في التوريد نظرا لكلفته المرتفعة. وقد أدّت هذه الوضعيّة إلى ارتفاع المبالغ المحمولة على اعتمادات الدّعم مع اللجوء أكثر إلى التوريد لتغطية الارتفاع المتواصل في طلب المواد المدعّمة بالإضافة إلى ارتفاع أسعارها بالأسواق العالمية وارتفاع خسائر سعر الصّرف جرّاء انخفاض قيمة الدينار.

وسجّل توريد المواد الأساسية المدعّمة ضعف مشاركة المزوّدين في طلبات العروض والذي يرجع أساسا إلى غياب التحيين الدوري لقائمات هؤلاء المزوّدين ولكراسات الشروط المتعلّقة بالتوريد لملاءمتها مع خصوصيّات الجودة المتوفّرة بالسوق العالمية. كما انعكس الاختلاف في تقييم عناصر الجودة بين الدواوين والمهنيّين وشركات المراقبة على الفارق بين أسعار البيع والشراء وعلى كلفة الدّعم عموما.

وحال ضعف طاقة الخزن والنقص في تهيئة الموانئ التونسية دون الاستفادة من أسعار تنافسية عبر شراء شحنات ذات سعة كبيرة والاستفادة من الانخفاضات الظرفية التي تشهدها أحيانا أسعار المواد المدعّمة بالسوق العالمية.

وبالإضافة إلى ارتفاع اعتمادات التعويض المرسّمة بميزانية الوزارة المكلّفة بالتجارة والتي بلغت 1.450 م.د في موفى 2013، تحمّلت الدواوين تكاليف إضافية بعنوان التصرّف في المواد المدعّمة ناتجة بالأساس عن سياساتها التجارية والمالية على غرار سياسة البيع الآجل التي حمّلت ديوان الحبوب والديوان الوطني للزيت سنويا ما قدره على التوالي 3 م.د و0,7 م.د بعنوان الإسقاط التجاري.

وفي قراءة له اعتبر رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن مسالة رفع الدعم، قد مثلت خلال السنوات الماضية شكلا من أشكال الابتزاز للتونسيين والتونسيات وسلطت عبره الحكومات ضغط نفسي شديد على عموم المواطنين في علاقة بهذا الخطوة المنتظرة. فكلما سُجل سخط وغضب نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية يتم جذب ملف رفع الدعم من أدراج القرارات المنتظرة والتي يتوجب اتخاذها.

ويرى بن عمر في هذا التوجه أن الدولة تناقض نفسها، فمن ناحية هي تسعى الى التقليص من خارطة الفقر والتفاوت بين الجهات والتمكين الاقتصادي للفئات الهشة وحماية الطبقة الوسطى وغيرها، هي تتجه نحو رفع الدعم. وهو قرار بدأ التحضير له منذ سنوات وتحول الى أمر واقع تدريجيا مع ما نحن بصدد تسجيله من نسب تضخم وارتفاع في الأسعار وشح في المواد.. ورجح آلية الرفع الجزئي أو الكلي للدعم ستشمل المواد الاستهلاكية الأساسية كما يمكن أن تشمل أيضا الخدمات العمومية على غرار خدمة النقل، إضافة الى المواد الطاقية التي سيكون لها استتباعات اقتصادية أخرى ويمكن ان تهدد أنشطة اقتصادية بأكملها تعرف بطبعها حالة من الركود وهو ما قد يزيد في تعميق الأزمة الاجتماعية أكثر.

وأمام إصرار الحكومة في المضي قدما في هذا القرار، وفي ظل عدم امتلاك الحكومات المتعاقبة وهذه الحكومة أيضا، معطيات رسمية ومنظمة في الفئات الاجتماعية التي سيشملها المسار التعويضي إذا صار فعليا اتخاذ قرار رفع الدعم. وبالتالي فاستتباعات ذلك لا يمكن أن تزيد إلا في مفاقمة حالة الغضب وتزيد في نسق الاحتجاج وتجعل فئات جديد تلتحق بالتحركات الاجتماعية. وتوقع رمضان بن عمر ان قرار رفع الدعم لن يكون سهلا بالمرة وسيكون عملية صعبة للغاية ترافقها هزات اجتماعية مختلفة لأنه قرار سيعنى به الطبقة الاجتماعية الأوسع من التونسيين والتونسيات وبطريقة غير مباشرة فئات أخرى.

ريم سوودي