إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عنف.. سكاكين ودماء في الوسط المدرسي: تلاميذ برتبة مجرمين...!!

تونس-الصباح

تواترت بحر الأسبوع الجاري وخاصة الشهر الماضي وبشكل سريع ومفزع أحداث العنف في الوسط التربوي..، عنف بلغ مرحلة الإجرام بما يدعو جميع الأطراف الفاعلة في المنظومة التربوية الى التدخل عاجلا من خلال سن قوانين وآليات ردعية حتى لا يكون المربي عٌرضة للتطاول سواء من قبل التلميذ أو الولي وحتى لا تكرس لغة العنف لدى الناشئة بدل الحوار وقبول الآخر وحتى لا تصبح خاصة المؤسسات التربوية مسارح للإجرام والقتل...

في هذا الخصوص توفي الإثنين 26 سبتمبر الماضي، بالمستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة ببنزرت، تلميذ يدرس بالسنة التاسعة أساسي، متاثّرا بإصابة بطعنة سكين، من تلميذ يدرس معه بالتاسعة أساسي بأحد معاهد بنزرت.

وتفيد وقائع الحادثة بأنّ تلميذا يدرس بالسنة التاسعة عمد إلى سحب سكينة وتوجيه ثلاث طعنات على مستوى الصدر إلى زميل يدرس معه، إثر خصومة نشبت بينهما، ثمّ لاذ بالفرار.

وقد تمكّن أعوان فرقة الحرس الوطني من إيقاف المتّهم الذي أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ به، في حين تمّ إيواء المعتدى عليه بقسم العناية المركزة بالمستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة ببنزرت. حادثة تعكس المنعرج الخطير الذي وصل إليه العنف المدرسي والذي بلغ مرحلة القتل لنقف بذلك وللأسف على تلاميذ برتبة مجرمين داخل مؤسساتنا التربوية...

وفي نفس الأسبوع يوم الأربعاء 28 سبتمبر الماضي وتحديدا في منطقة الكبارية اقتحم ثلاثة قصر مدرسة إعدادية محاولين سلب التلاميذ أموالهم والاعتداء على مدير المدرسة بالعنف المعنوي حينما حاول منعهم ثم لاذوا بالفرار.

وتمكنت الوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بالكبارية بعد تمشيط المكان من القبض على ذوي الشبهة وتم العثور على آلة حادة "موسى" بحوزة احدهم.

وبالتوازي مع "الإجرام" الحاصل خلال شهر سبتمبر الماضي فعديدة هي حالات العنف التي جدت خلال الأيام الماضية بعد إن اعتدى أول أمس تلميذ مرسم بالسنة السابعة أساسي بإعدادية الرميلة بنابل على تلميذ آخر على مستوى الرجل متسببا له في جرحين بواسطة سكين كانت بحوزته وذلك اثر نشوب شجار بينهما، وقد تم نقل التلميذ المصاب الى مستشفى الطاهر المعموري لتلقي الإسعافات اللازمة..

والى جانب حادثة نابل تعرضت مؤخرا معلمة بولاية باجة الى الاعتداء الشديد من قبل ولية تلميذة وأدى هذا الاعتداء وفقا لما أكده الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي محمد علي المرواني لإذاعة "موزاييك أف أم" إلى توقف الدروس بمدرسة سيدي فرج بباجة وذلك صباح الاثنين الماضي 3 أكتوبر الجاري، وذاك على خلفيّة تعرض معلمة بالمدرسة المذكورة إلى اعتداء بالعنف الشديد على حد تعبيره مضيفا أن عودة النشاط إلى المؤسسة لن يتم إلا بعد اتخاذ كل الإجراءات القانونية في الغرض في حق المشتبه فيها بالاعتداء المذكور وهي وليّة احد تلاميذ المدرسة حسب ما صرح به ..

وبالتوازي مع هذا الاعتداء تدخل أمس على إذاعة "جوهرة أف أم" مواطن أصيل منطقة القلعة الكبرى تحدث عن شجار وقع أول أمس أمام معهد علي بورقيبة بالجهة بين بعض التلاميذ وأحد الغرباء عن المعهد مما أدخل حالة من الرعب والفزع في صفوف التلاميذ.

وطالب الولي وزارة الداخلية والمندوبية الجهوية للتربية بالقلعة الكبرى بضرورة التدخل العاجل من أجل تأمين المعهد الذي يضم حوالي 2000 تلميذ من قبل دورية أمنية قارة لحراسته وحفاظا على سلامة التلاميذ بداخله، خاصة وأن البوابة الرئيسية مفتوحة للجميع ويمكن لأي شخص الدخول دون رقابة، داعيا أيضا إلى ضرورة تعزيز صفوف الإطار التربوي بالمعهد في ظل النقص الفادح للإطارات العاملة صلبه. ومن المؤكد إن سلسلة حوادث العنف السالفة الذكر قد رافقتها سلسلة أخرى من الاعتداءات في مناطق وولايات أخرى لكن ضحاياها خيروا أن تظل طي الكتمان..، فهل ما نعيشه في مختلف المؤسسات التربوية يعكس مناخا اجتماعيا متأزما أم أنها أزمة جيل يعاني إفلاسا أخلاقيا؟

تفاعلا مع هذا السؤال يعترف المربي والمتفقد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح أمس لـ"الصباح" بأن المسالة معقدة ومتشعبة، ليشير في هذا الخصوص الى أن المناخ أو الجو العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي له انعكاساته وتداعياته السلبية على نفسية التلميذ والمربي كما الولي، لكن هذا لا يبرر من وجهة نظره اللجوء إلى العنف، موضحا أن الوضع الاجتماعي الصعب ساهم بشكل كبير في خلق بيئة اجتماعية متأزمة. لكن في المقابل يحمل السديري المسؤولية في تفاقم ظاهرة العنف في الوسط المدرسي بشكل كبير الى الولي الذي "يحرض" دون قصد ابنه على الإطار التربوي مساهما في خلق سلوكيات ومواقف لم نكن نعهدها من قبل. وفسر في هذا السياق أن المربي لم يعد بمقدوره ممارسة دوره الأساسي والجوهري وهو التربية قبل التعليم وتلقين مختلف المهارات والمعارف، مشيرا إلى أن المربي كلما حاول تقويم سلوك تلميذ ما إلا وتوجه هذا الأخير إلى ولي أمره مشتكيا ومتذمرا من سوء معاملة الإطار التربوي له. وبدل أن يساند الولي المربي ليكتمل دورهما في نحت وصقل شخصية رجل الغد يتبنى كثير من أولياء الأمور سلوكيات مشينة تتلخص في التوجه الى المدرسة وتوبيخ المربي الذي أراد أن يمارس دوره لا غير...

من جانب آخر وفي نفس الاتجاه يرى المتفقد البيداغوجي أن لوسائل الإعلام وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في تراجع هيبة المدرسة والمربي إجمالا على اعتبار أن بعض المنصات الاجتماعية التي يتأثر بها غالبية المراهقين تتبنى خطابات الكراهية والعنف والتحريض ضد المؤسسة التربوية إجمالا وهو ما يفسر مظاهر العنف التي نلحظها بشكل يكاد يكون يوميا...

 من جهة أخرى جدير بالذكر أن وزارة التربية ليست بغافلة عن حجم الغنف المسجل داخل مؤسساتها بعد أن أقر مؤخرا وزير التربية فتحي السلاوتي بتواصل حوادث الاعتداء على التلاميذ في المؤسسات التربوية وفي محيطها معلنا لدى إشرافه أول أمس على حفل لتكريم المربين المتقاعدين عن وجود اتفاق مع وزير الداخلية لتركيز دوريات أمنية قارة في النقاط التي تتكرر فيها الاعتداءات، بالإضافة إلى تنظيم دوريات متنقلة في محيط بقية المؤسسات التربوية وذلك في محاولة لتأمين التلاميذ والتصدي لهذه الاعتداءات..

في هذا الخضم ولئن يعتبر خبراء علم الاجتماع في تفسيرهم لتنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي الى أن المجتمع الذي تطغى عليه اليوم النزعة الفردانية ساهم بشكل كبير في استفحال ظاهرة العنف فضلا عن أن المدرسة تراجع دورها كثيرا مقارنة بالسابق حيث لم تعد تمثل مصعدا اجتماعيا كما لم تعد تعلب دورا تربويا مثلما هو الحال سابقا، إلا أن شقا كبيرا من المتابعين للشأن التربوي يرون في تراجع مكانة وهيبة المربي والمؤسسة التربوية إجمالا عميق الأثر في استفحال هذه الآفة والتي بلغت حد الداء بما أن العنف تطور داخلها وبلغ مرحلة الإجرام. وعليه فان سلطة الإشراف مدعوة وأكثر من أي وقت مضى الى الضرب وبيد من حديد على كل من تسول له نفسه ممارسة العنف في الفضاء المدرسي .

يذكر أن آخر تحيين للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التربية تعكس انتشارا مفزعا لظاهرة العنف في الوسط المدرسي خلال العشر سنوات الأخيرة حيث كشفت الأرقام التي تعود الى سنة 2021 عن أن عدد حالات العنف المسجلة في المرحلة الإعدادية أكثر من 44 ألف حالة وفي الثانوي أكثر من 23 ألف حالة في الفترة الممتدة بين 2012 و2015.

وتواصل تطور الظاهرة سنة 2017 حيث وقع تسجيل 14792 حالة عنف مادي صادرة عن التلاميذ و7292 حالة صادرة عن المربين و4812 حالة صادرة عن بقية الأسرة التربوية .

أما العنف اللفظي فقد بلغ في نفس السنة 5552 حالة صادرة عن التلاميذ و920 حالة صادرة عن المربين و815 حالة صادرة عن بقية مكونات الأسرة التربوية. ويرجح الفاعلون في الشأن التربوي أن حصيلة العنف لا سيما الجسدي بعد سنة 2017 قد تضاعفت أكثر بعد أن تحولت بعض المؤسسات المدرسية إلى حلبة لممارسة الإجرام داخل فضاءاتها، فهل من عاقل يوقف هذا النزيف قبل فوات الأوان؟

منال حرزي

 

عنف.. سكاكين ودماء في الوسط المدرسي:  تلاميذ برتبة مجرمين...!!

تونس-الصباح

تواترت بحر الأسبوع الجاري وخاصة الشهر الماضي وبشكل سريع ومفزع أحداث العنف في الوسط التربوي..، عنف بلغ مرحلة الإجرام بما يدعو جميع الأطراف الفاعلة في المنظومة التربوية الى التدخل عاجلا من خلال سن قوانين وآليات ردعية حتى لا يكون المربي عٌرضة للتطاول سواء من قبل التلميذ أو الولي وحتى لا تكرس لغة العنف لدى الناشئة بدل الحوار وقبول الآخر وحتى لا تصبح خاصة المؤسسات التربوية مسارح للإجرام والقتل...

في هذا الخصوص توفي الإثنين 26 سبتمبر الماضي، بالمستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة ببنزرت، تلميذ يدرس بالسنة التاسعة أساسي، متاثّرا بإصابة بطعنة سكين، من تلميذ يدرس معه بالتاسعة أساسي بأحد معاهد بنزرت.

وتفيد وقائع الحادثة بأنّ تلميذا يدرس بالسنة التاسعة عمد إلى سحب سكينة وتوجيه ثلاث طعنات على مستوى الصدر إلى زميل يدرس معه، إثر خصومة نشبت بينهما، ثمّ لاذ بالفرار.

وقد تمكّن أعوان فرقة الحرس الوطني من إيقاف المتّهم الذي أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ به، في حين تمّ إيواء المعتدى عليه بقسم العناية المركزة بالمستشفى الجامعي الحبيب بوقطفة ببنزرت. حادثة تعكس المنعرج الخطير الذي وصل إليه العنف المدرسي والذي بلغ مرحلة القتل لنقف بذلك وللأسف على تلاميذ برتبة مجرمين داخل مؤسساتنا التربوية...

وفي نفس الأسبوع يوم الأربعاء 28 سبتمبر الماضي وتحديدا في منطقة الكبارية اقتحم ثلاثة قصر مدرسة إعدادية محاولين سلب التلاميذ أموالهم والاعتداء على مدير المدرسة بالعنف المعنوي حينما حاول منعهم ثم لاذوا بالفرار.

وتمكنت الوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بالكبارية بعد تمشيط المكان من القبض على ذوي الشبهة وتم العثور على آلة حادة "موسى" بحوزة احدهم.

وبالتوازي مع "الإجرام" الحاصل خلال شهر سبتمبر الماضي فعديدة هي حالات العنف التي جدت خلال الأيام الماضية بعد إن اعتدى أول أمس تلميذ مرسم بالسنة السابعة أساسي بإعدادية الرميلة بنابل على تلميذ آخر على مستوى الرجل متسببا له في جرحين بواسطة سكين كانت بحوزته وذلك اثر نشوب شجار بينهما، وقد تم نقل التلميذ المصاب الى مستشفى الطاهر المعموري لتلقي الإسعافات اللازمة..

والى جانب حادثة نابل تعرضت مؤخرا معلمة بولاية باجة الى الاعتداء الشديد من قبل ولية تلميذة وأدى هذا الاعتداء وفقا لما أكده الكاتب العام لنقابة التعليم الأساسي محمد علي المرواني لإذاعة "موزاييك أف أم" إلى توقف الدروس بمدرسة سيدي فرج بباجة وذلك صباح الاثنين الماضي 3 أكتوبر الجاري، وذاك على خلفيّة تعرض معلمة بالمدرسة المذكورة إلى اعتداء بالعنف الشديد على حد تعبيره مضيفا أن عودة النشاط إلى المؤسسة لن يتم إلا بعد اتخاذ كل الإجراءات القانونية في الغرض في حق المشتبه فيها بالاعتداء المذكور وهي وليّة احد تلاميذ المدرسة حسب ما صرح به ..

وبالتوازي مع هذا الاعتداء تدخل أمس على إذاعة "جوهرة أف أم" مواطن أصيل منطقة القلعة الكبرى تحدث عن شجار وقع أول أمس أمام معهد علي بورقيبة بالجهة بين بعض التلاميذ وأحد الغرباء عن المعهد مما أدخل حالة من الرعب والفزع في صفوف التلاميذ.

وطالب الولي وزارة الداخلية والمندوبية الجهوية للتربية بالقلعة الكبرى بضرورة التدخل العاجل من أجل تأمين المعهد الذي يضم حوالي 2000 تلميذ من قبل دورية أمنية قارة لحراسته وحفاظا على سلامة التلاميذ بداخله، خاصة وأن البوابة الرئيسية مفتوحة للجميع ويمكن لأي شخص الدخول دون رقابة، داعيا أيضا إلى ضرورة تعزيز صفوف الإطار التربوي بالمعهد في ظل النقص الفادح للإطارات العاملة صلبه. ومن المؤكد إن سلسلة حوادث العنف السالفة الذكر قد رافقتها سلسلة أخرى من الاعتداءات في مناطق وولايات أخرى لكن ضحاياها خيروا أن تظل طي الكتمان..، فهل ما نعيشه في مختلف المؤسسات التربوية يعكس مناخا اجتماعيا متأزما أم أنها أزمة جيل يعاني إفلاسا أخلاقيا؟

تفاعلا مع هذا السؤال يعترف المربي والمتفقد البيداغوجي المتقاعد فريد السديري في تصريح أمس لـ"الصباح" بأن المسالة معقدة ومتشعبة، ليشير في هذا الخصوص الى أن المناخ أو الجو العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي له انعكاساته وتداعياته السلبية على نفسية التلميذ والمربي كما الولي، لكن هذا لا يبرر من وجهة نظره اللجوء إلى العنف، موضحا أن الوضع الاجتماعي الصعب ساهم بشكل كبير في خلق بيئة اجتماعية متأزمة. لكن في المقابل يحمل السديري المسؤولية في تفاقم ظاهرة العنف في الوسط المدرسي بشكل كبير الى الولي الذي "يحرض" دون قصد ابنه على الإطار التربوي مساهما في خلق سلوكيات ومواقف لم نكن نعهدها من قبل. وفسر في هذا السياق أن المربي لم يعد بمقدوره ممارسة دوره الأساسي والجوهري وهو التربية قبل التعليم وتلقين مختلف المهارات والمعارف، مشيرا إلى أن المربي كلما حاول تقويم سلوك تلميذ ما إلا وتوجه هذا الأخير إلى ولي أمره مشتكيا ومتذمرا من سوء معاملة الإطار التربوي له. وبدل أن يساند الولي المربي ليكتمل دورهما في نحت وصقل شخصية رجل الغد يتبنى كثير من أولياء الأمور سلوكيات مشينة تتلخص في التوجه الى المدرسة وتوبيخ المربي الذي أراد أن يمارس دوره لا غير...

من جانب آخر وفي نفس الاتجاه يرى المتفقد البيداغوجي أن لوسائل الإعلام وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي دور كبير في تراجع هيبة المدرسة والمربي إجمالا على اعتبار أن بعض المنصات الاجتماعية التي يتأثر بها غالبية المراهقين تتبنى خطابات الكراهية والعنف والتحريض ضد المؤسسة التربوية إجمالا وهو ما يفسر مظاهر العنف التي نلحظها بشكل يكاد يكون يوميا...

 من جهة أخرى جدير بالذكر أن وزارة التربية ليست بغافلة عن حجم الغنف المسجل داخل مؤسساتها بعد أن أقر مؤخرا وزير التربية فتحي السلاوتي بتواصل حوادث الاعتداء على التلاميذ في المؤسسات التربوية وفي محيطها معلنا لدى إشرافه أول أمس على حفل لتكريم المربين المتقاعدين عن وجود اتفاق مع وزير الداخلية لتركيز دوريات أمنية قارة في النقاط التي تتكرر فيها الاعتداءات، بالإضافة إلى تنظيم دوريات متنقلة في محيط بقية المؤسسات التربوية وذلك في محاولة لتأمين التلاميذ والتصدي لهذه الاعتداءات..

في هذا الخضم ولئن يعتبر خبراء علم الاجتماع في تفسيرهم لتنامي ظاهرة العنف في الوسط المدرسي الى أن المجتمع الذي تطغى عليه اليوم النزعة الفردانية ساهم بشكل كبير في استفحال ظاهرة العنف فضلا عن أن المدرسة تراجع دورها كثيرا مقارنة بالسابق حيث لم تعد تمثل مصعدا اجتماعيا كما لم تعد تعلب دورا تربويا مثلما هو الحال سابقا، إلا أن شقا كبيرا من المتابعين للشأن التربوي يرون في تراجع مكانة وهيبة المربي والمؤسسة التربوية إجمالا عميق الأثر في استفحال هذه الآفة والتي بلغت حد الداء بما أن العنف تطور داخلها وبلغ مرحلة الإجرام. وعليه فان سلطة الإشراف مدعوة وأكثر من أي وقت مضى الى الضرب وبيد من حديد على كل من تسول له نفسه ممارسة العنف في الفضاء المدرسي .

يذكر أن آخر تحيين للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة التربية تعكس انتشارا مفزعا لظاهرة العنف في الوسط المدرسي خلال العشر سنوات الأخيرة حيث كشفت الأرقام التي تعود الى سنة 2021 عن أن عدد حالات العنف المسجلة في المرحلة الإعدادية أكثر من 44 ألف حالة وفي الثانوي أكثر من 23 ألف حالة في الفترة الممتدة بين 2012 و2015.

وتواصل تطور الظاهرة سنة 2017 حيث وقع تسجيل 14792 حالة عنف مادي صادرة عن التلاميذ و7292 حالة صادرة عن المربين و4812 حالة صادرة عن بقية الأسرة التربوية .

أما العنف اللفظي فقد بلغ في نفس السنة 5552 حالة صادرة عن التلاميذ و920 حالة صادرة عن المربين و815 حالة صادرة عن بقية مكونات الأسرة التربوية. ويرجح الفاعلون في الشأن التربوي أن حصيلة العنف لا سيما الجسدي بعد سنة 2017 قد تضاعفت أكثر بعد أن تحولت بعض المؤسسات المدرسية إلى حلبة لممارسة الإجرام داخل فضاءاتها، فهل من عاقل يوقف هذا النزيف قبل فوات الأوان؟

منال حرزي