حملات أمنية قامت بها وحدات الحرس الوطني خلال الأسبوع الجاري بمحيطات المؤسسات التربوية في أماكن مختلفة من ولايات الجمهورية وذلك لدرء أي خطر يستهدف التلاميذ من خارج معاهدهم، إذ لم تمر سوى بضعة أيام على العودة المدرسية حتى عادت المضايقات لتنغص على التلاميذ سير أيامهم الدراسية، إذ عاد تجار المخدرات والمنحرفون والمتحرشون و"البراكاجات" وغيرها من كل أشكال الجريمة التي حطت برحالها في محيطات المدارس والمعاهد ما جعل التلاميذ وأولياؤهم في حالة قلقل دائم.
اقتحام..
تقدم الأسبوع الجاري مدير معهد بجهة الكبارية بالعاصمة من اجل الإعلام عن اقتحام ثلاثة أشخاص لبهو المعهد وأحدثوا الذعر والهلع والهرج وحاولوا سلب التلاميذ أموالهم وعند محاولته صدهم تعرض للاعتداء من قبلهم .
فقام رئيس مركز الأمن الوطني بالكبارية بعمليات تمشيط واسعة النطاق أفضت إلى إلقاء القبض على المظنون فيهم والذي بتفتيشهم تم العثور لديهم على آلة حادة،
وبعرضهم على الناظم الآلي اتضح ان أحدهم مفتش عنه من اجل السرقة من داخل محل مسكون وبمكافحتهم بمدير المعهد تعرف عليهم منذ الوهلة الأولى وبمراجعة النيابة العمومية اذنت بالاحتفاظ بهم من أجل اقتحام مؤسسة تربوية واحداث الهرج والتشويش.
كما تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بحي الخضراء من القبض على شخص من مواليد سنة 1988، (قاطن بالجهة) حاول تحويل وجهة تلميذة ( من مواليد سنة 2002)، حيث تعمّد جرّها إلى مكان منزو وبعيد على الأنظار وقيامه بأفعال مخلّة بالحياء والتفوّه بعبارات ذات إيحاءات جنسية.
وبالتحري مع ذي الشبهة اعترف بما نسب إليه، وقد تم بعد استشارة ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الاحتفاظ به من أجل "التحرش ومحاولة تحويل وجهة أنثى باستعمال التهديد" وإحالته إلى الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالمنزه، وفق ما جاء على الصفحة الرسمية للإدارة العامة للأمن الوطني.
المخدرات..
يعد التلاميذ من أهم الفئات التي يستهدفها تجار المخدرات وآخر مروج تم القبض عليه من قبل الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات بالكاف التابعة للإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإلقرجاني، تبعا لمعلومات متأكدة وبعد عملية رصد ومتابعة دقيقة تمت الاطاحة بشخص أصيل الدهماني معروف بترويج الأقراص المخدرة بمحيط المؤسسات التربوية بالدهماني ، وقد تحول مؤخرا الى العاصمة للتزود بكمية هامة من الاقراص المخدرة لترويجها في الاوساط الشبابية فتم نصب كمين له على مستوى محطة الارتال وتم ضبط المروج عند عودته من العاصمة حاملا لحقيبة وبتفتيشها عثروا بداخلها على 1000 قرص مخدر كان يعتزم ترويجها للتلاميذ.
كما تمكنت الفرقة العدلية للحرس الوطني بتطاوين من تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات في المحيط المدرسي بالجهــة.
وقد توصلت الفرقة اثر عمليات رصد ومتابعة وتحرى الى ضبط أربعة افراد بصدد ترويج المخدرات في صفوف التلاميذ بمحيط مدرسة اعدادية.
وفي وقت سابق تم القبض على امرأة في حمام الأنف عمدت إلى ترويج أقراص مخدرة وعجينة القنب الهندي "زطلة" على بعض الأشخاص من بينهم تلاميذ بمقابل مادي.
وهذه المرأة تبلغ من العمر 37 سنة، لها سوابق عدلية في مجال استهلاك المخدرات، وكانت كثيرة التردد على محيط المعهد الثانوي بحمام الأنف حيث تقوم بترويج المواد المخدرة، وقد تمكن أعوان مركز الأمن الوطني حمام الأنف من التعرف عليها وضبطها بمحيط المؤسسة التربوية المذكورة بعد نصب كمين، وحجز لديها قطعتين من المخدرات.
واعترفت خلال التحريات بما نسب إليها، وأكدت أنها تقوم بالترويج للحصول على المال وتغطية مصاريف استهلاكها لـ'الزطلة' التي أدمنت عليها منذ سنوات.
كما قالت إن زبائنها من المنحرفين وكذلك بعض التلاميذ الذين تبدو عليهم علامات الثراء وفق تعبيرها.
وفي ذات السياق وعلى اثر ورود معلومات على فرقة الشرطة العدلية مقرين مفادها ضلوع أحد المنحرفين في ترويج مادة الزطلة للتلاميذ بمحيط إحدى المؤسسات التربوية بجهة رادس بمحله المعد لبيع الفواكه الجافة.
وبالتنقل الى مقر عمله وتفتيشه عثر على قطعة من "الزطلة" كما عثر على 155 ورقة معدة للف ومبلغ مالي قدره 450دينارا.
وباقتياده الى مقر الوحدة الأمنية وبالتحري معه اعترف بضلوعه في مجال ترويج المخدرات وقد سبق أن قضى عقوبة سجنية بـ18 سنة من أجل ترويج المخدرات.
تحول وجهة تلميذات..
تتعرض التلميذات يوميا الى المضايقات التي تصل أحيانا الى تحويل وجهة، وعلى سبيل المثال وفي إطار تكثيف الدوريات الأمنية لتأمين دخول ومغادرة التلاميذ لمؤسّساتهم التربوية والتصدي للسلوكيات الإجرامية، أمكن مؤخرا للوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بحي الخضراء من القبض على شاب يبلغ من العمر 33 سنة حاول تحويل وجهة تلميذة تبلغ من العمر 18 سنة، حيث تعمّد جرّها إلى مكان منزوٍ وبعيد عن الأنظار وقيامه بأفعال مخلّة بالحياء والتفوّه بعبارات ذات إيحاءات جنسية.
وقد أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ به من أجل التحرش ومحاولة تحويل وجهة أنثى باستعمال التهديد.
كما بلغ الامر الى ايقاف الدروس في بعض المعاهد احتجاجا على تعرض بعض التلميذات الى التحرش ومحاولة تحويل وجهتهن من قبل منحرفين.
التلاميذ عرضة الى التهديد من الغرباء..
كشفت دراسة اعدتها جمعية "أدو بلوس" Ado+، أن "وجود أشخاص غرباء في محيط المؤسسات التربوية يعد من أبرز الإشكاليات التي يعاني منها التلاميذ يوميا وتعتبر سببا في تعرضهم الى العنف".
واشارت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "تصورات اليافعين واليافعات حول اهم اشكال عدم المساواة بين الجنسين والتمييز ضد اليافعات" وشملت 5 معتمديات موزعة على ولايات المهدية والكاف وأريانة وباجة وقبلي، ان جل المؤسسات التربوية تشهد "مرابطة عدد من الشباب اليافعين العاطلين عن العمل او المتسربين من الدراسة في محيط المدارس بصفة متواصلة ويقومون بالتنمر والتحرش بالتلاميذ وخاصة التلميذات واستفزازهم وممارسة العنف اللفظي والمادي عليهم ومحاولة استدراج الاكثر هشاشة منهم لتناول المواد المخدرة.
وقد اوضح المشاركون في الدراسة ان التلاميذ عادة ما يدخلون في صدامات مادية ولفظية مع هؤلاء الدخلاء وتتطور في بعض الاحيان لاستعمال السلاح الابيض مما يضطر الامن للتدخل وفض النزاع.
ولمواجهة هذه الظاهرة، بينت الدراسة، ان "حمل سلاح أبيض بالنسبة للتلاميذ والتلميذات في معتمدية شربان من ولاية المهدية، اصبح عادة محمودة للتوقي من أي عنف مفاجئ قد يتعرضون اليه في محيط المعهد من قبل غرباء".
وصرح العديد من التلاميذ في هذه المنطقة "انه من العادي وجود سلاح في حوزة التلاميذ لحماية انفسهم".
وأشاروا الى أن الإطار التربوي عادة ما يقف مكتوف الأيدي في مواجهة هذا النوع من الخطر الذي يهدد التلاميذ والتلميذات على حد سواء في محيط المعهد أو المدرسة الإعدادية، إذ تعتبر الأسرة التربوية أي نزاع يمكن أن يحدث خارج أسوار المؤسسة التربوية خارجا عن مسؤوليتها القانونية المكفولة بها.
الحد من الظاهرة..
وبين اليافعون واليافعات المستجوبون أن المؤسسة التربوية تتدخل في بعض الأحيان للحد من خطورة هذه الظاهرة من خلال منع التلميذات من مغادرة المعهد خلال أوقات الراحة أو الساعات الشاغرة، قصد تجنب أي احتكاك بهؤلاء الأشخاص أو تعرضهن لأي خطر من جهتهن.
وفي المقابل، عبرت التلميذات عن امتعاضهن إزاء هذا التصرف الذي يكرس ثقافة التمييز القائمة على النوع الاجتماعي، معتبرات أن الفتيات لسن الوحيدات المعرضات للخطر من قبل هذه المجموعات الدخيلة، فضلا عن كون هذا الفعل يحرمهن من حقهن في التمتع بالراحة والوصول إلى بعض الخدمات المتاحة خارج المؤسسة.
ومن جهة اخرى، أبرزت الدراسة أن ظاهرة وجود الدخلاء في محيط المعهد ساهمت في ارتفاع ظاهرة الانقطاع المدرسي المبكر وخاصة بالنسبة للفتيات اللاتي يلزمن بمغادرة مقاعد الدراسة من طرف عائلاتهن، بهدف حمايتهن مما قد يتعرضن له من مخاطر خلال عملية التنقل من وإلى المعهد.
وبرزت هذه الظاهرة خاصة في معتمدية شربان، أين تبرز بشكل كبير في الأرياف ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، حيث يقوم الأباء إلى اليوم بتسريح بناتهن من الدراسة والسعي إلى تزويجهن مباشرة بعد البلوغ، بتعلة ما يمكن أن تتعرض له الفتاة من خطر يمكن أن يخدش "شرفها" إن تعرضت للتحرش أوالاعتداء خلال أوقات الدراسة.
باحث في علم الإجتماع لـ"الصباح" : التلاميذ في تونس ضحية اعتداءات جسدية.. وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي أزمت الوضع
يبدو أن الاعتداءات أمام المؤسسات التربوية والتعرض للتلاميذ أصبحت ظاهرة تتفاقم من سنة الى أخرى في ظل غياب الحلول والإجراءات العلاجية اللازمة إذ يقع العدد من التلاميذ في تونس ضحية اعتداءات جسدية واعمال عنف وسرقة هواتفهم الجوالة واموالهم البسيطة وتحرش جنسي وحتى الدهس في الطريق العام، ولم تستثن أعمال العنف تلك أي وسط تربوي في حي شعبي أو حي راق وفق قراءة الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين، مضيفا أن تكرر هذه الاعتداءات يدفع بالعديد من الأولياء الى مرافقة ابنائهم الى المدرسة أو المعهد ذهابا وايابا ، فتجمع الأولياء امام المدارس والمعاهد بات أمرا لافتا للانتباه خلال السنوات الأخيرة وذلك بسبب تخوفهم على أبنائهم من أي اعتداء خارج المدرسة ،في حين لا يقدر بعض الأولياء على ذلك نظرا لالتزاماتهم في العمل.
هذا الوضع المزعج جعل الأولياء يطالبون بضرورة تأمين محيط المؤسسات التربوية من خلال وزارتي الداخلية والتربية وتخصيص قاعات مراجعة تستقبل التلاميذ في أوقات الفراغ وتجنبهم الخروج إلى الشارع. وقد سبق أن طالبت نقابات التعليم بإصدار قانون تجريم الاعتداء على المؤسسات التربوية والإطار التربوي وانتهاك حرمة المؤسسة التربوية إلى جانب توفير الحماية الأمنية اللازمة أمام محيط الاوساط المدرسية.
وقد اطلقت وزارة التربية في 10 سبتمبر 2019 رقما مجانيا للتبليغ عن حالات العنف وخطاب الكراهية والانتهاكات الموجهة ضد التلاميذ وفق ما أفاد به وزير التربية السابق حاتم بن سالم، وللأسف الى حد الآن لا نعثر على نعثر على أحصائيات موثقة ودقيقة عن عدد الاعتداءات التي تطال التلاميذ خارج الاوساط المدرسية لمعرفة حجمها ومخاطرها وايجاد الاليات المناسبة لمواجهتها.
أرقام مفزعة..
بين ممدوح عز الدين أن المرصد الوطني للعنف المدرسي قدم معطيات إحصائية مفزعة إذ بين في تقرير له سنة 2014 أن حالات العنف داخل المدرسة التونسية بلغت 52 بالمائة في حين 48 بالمائة في محيطها وأنه يتم سنويا تسجيل 8 آلاف حالة عنف منها 1100 حالة بلغت مرحلة التقاضي.كما تبين معطيات سنة 2019 أن الاعتداءات الصادرة عن تلاميذ تجاه الإطار التربوي بلغت 4568 حالة منها 2266 اعتداءً لفظيا و 2302 اعتداءً ماديا.
وأشار محدثنا الى أنه يمكن فهم تفاقم ظاهرة العنف داخل المدرسة وفي محيطها من خلال الأسباب التالية:
_ إن التوتر صار يصبغ حياة التونسي بصورة عامة بسبب الضغوط المالية المتزايدة على الأسرة وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي.
_ استقالة الأولياء في المحيط العائلي كليا عن متابعة منظوريهم كما أصبح محيط المؤسسات التربوية يستقطب العاطلين عن العمل والمنحرفين ومروجي المخدرات مما خلق جوا من الاحتقان والتوتر لدى التلاميذ أثر سلبا على سلوكياتهم وأدائهم الدراسي.
_ ضياع معنى المدرسة لدى الكثيرين لا سيما التلاميذ إذ يرى الباحثون السوسيولوجيون أن نجاح وفشل المدرسة يرتكز على المعنى الذي يمنحه المنتمون لها لدورهم فيها ، في حين يعتبر الكثيرون أن النجاح المدرسي لم يعد ضمانة للنجاح الاجتماعي ،بل أن استثمار الجهد وسنوات الشباب وانفاق المال أصبح دون أية فائدة اجتماعية والمدرسة التي لا مستقبل بعدها لا مبرر لوجودها. هذا الاحساس بانعدام الدلالة بالنسبة الى المستقبل لا يسمح بتوفر مناخ عام للمدرسين والتلاميذ بأن يطوروا جماعيا مشروعا للحياة والبحث والتعلم معا ، وللأسف أصبحت المدرسة فضاءً لتهميش المتعلمين بدل أن تكون فضاءً لتعليم المهمشين حيث يتسرب يومياً 300 تلميذ منهم من يصبح منحرفا يمارس انحرافه في محيط المدرسة التي لفظته ويحملها مسؤولية فشله وانحرافه.
لقد أصبحت المؤسسات التربوية فضاءات خانقة لا إبداع فيها وتفتقر لأبسط شروط الدراسة خاصة مع الاكتظاظ داخل الاقسام بسبب الضغط على الموارد البشرية من مدرسين وقيمين إضافة الى البرامج المملة التي لم تحين الى حد الآن.
وأوضح الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الزمن المدرسي يجعل التلميذ يقضي أغلب الوقت في فضاء لا تتوفر فيه شروط التعايش السوي والخلق والإبداع.
_ إن توتر العلاقات بين مكونات المشهد التربوي منذ تصاعد الخلافات بين الوزراء المتعاقبين على وزارة التربية ونقابات القطاع وما واكبه من تشنج في الخطابات واتهامات للمربين بالابتزاز والمغالات في المطالب الاجتماعية ، جعل صورة المربي تهتز في ذهن التلميذ والولي وتفقد كل ما كان يحيط بها من قدسية اجتماعية جعلت المربي في أعلى الهرم الاعتباري في المجتمع فتجاسر الجميع على المربي وعلى المدرسة التي فقدت جاذبيتها كمصعد اجتماعي في ظل تفاقم بطالة أصحاب الشهائد العليا.
للحد من هذه الظاهرة لا بد من:
_ ضرورة فرض بقاء التلاميذ داخل المدارس أو المعاهد خلال ساعات الفراغ أو غياب أحد الاطارات التربوية عن حصص التدريس وتوفير فضاءات للمطالعة.
_ تأمين جولات أمنية في فترات مختلفة من اليوم امام المدارس والمعاهد التي تشهد خصوصا تجمعات أشخاص غرباء عن الوسط المدرسي وذلك حماية للتلاميذ من المنحرفين ومن باعة المخدرات والممنوعات.
_ تصحيح العلاقة بين مكونات الأسرة التربوية.
_ دعم النشاطات الثقافية داخل المدارس والمعاهد.
_ توسيع الشراكات مع المجتمع المدني.
_ تحديث التكوين الموجه للاطار التربوي والمضي بجدية في إصلاح تربوي عميق ورصين مع استقرار مؤسسات الدولة وتحسن الوضع الاقتصادي.
_ التحرك الجاد لجمعيات الأولياء نحو تأطير التلاميذ في أنشطة ثقافية ورياضية بالتعاون والشراكة مع الهياكل الرسمية
_ ضرورة مزيد انفتاح وزارة التربية على المجتمع المدني وتيسير أنشطته وتبسيط الإجراءات الادارية المكبلة لانشطة الجمعيات الراغبة في دعم جهود الدولة في المجال التربوي بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حزبي أو تجاري لهذه الانشطة.
وخلص الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أنه لا بد من عودة واسترجاع المدرسة هيبتها في المجتمع حتى تكون دائما وابدا مصعدا اجتماعياً وعنوانا للنجاح الإجتماعي.
مفيدة القيزاني
تونس-الصباح
حملات أمنية قامت بها وحدات الحرس الوطني خلال الأسبوع الجاري بمحيطات المؤسسات التربوية في أماكن مختلفة من ولايات الجمهورية وذلك لدرء أي خطر يستهدف التلاميذ من خارج معاهدهم، إذ لم تمر سوى بضعة أيام على العودة المدرسية حتى عادت المضايقات لتنغص على التلاميذ سير أيامهم الدراسية، إذ عاد تجار المخدرات والمنحرفون والمتحرشون و"البراكاجات" وغيرها من كل أشكال الجريمة التي حطت برحالها في محيطات المدارس والمعاهد ما جعل التلاميذ وأولياؤهم في حالة قلقل دائم.
اقتحام..
تقدم الأسبوع الجاري مدير معهد بجهة الكبارية بالعاصمة من اجل الإعلام عن اقتحام ثلاثة أشخاص لبهو المعهد وأحدثوا الذعر والهلع والهرج وحاولوا سلب التلاميذ أموالهم وعند محاولته صدهم تعرض للاعتداء من قبلهم .
فقام رئيس مركز الأمن الوطني بالكبارية بعمليات تمشيط واسعة النطاق أفضت إلى إلقاء القبض على المظنون فيهم والذي بتفتيشهم تم العثور لديهم على آلة حادة،
وبعرضهم على الناظم الآلي اتضح ان أحدهم مفتش عنه من اجل السرقة من داخل محل مسكون وبمكافحتهم بمدير المعهد تعرف عليهم منذ الوهلة الأولى وبمراجعة النيابة العمومية اذنت بالاحتفاظ بهم من أجل اقتحام مؤسسة تربوية واحداث الهرج والتشويش.
كما تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بحي الخضراء من القبض على شخص من مواليد سنة 1988، (قاطن بالجهة) حاول تحويل وجهة تلميذة ( من مواليد سنة 2002)، حيث تعمّد جرّها إلى مكان منزو وبعيد على الأنظار وقيامه بأفعال مخلّة بالحياء والتفوّه بعبارات ذات إيحاءات جنسية.
وبالتحري مع ذي الشبهة اعترف بما نسب إليه، وقد تم بعد استشارة ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الإبتدائية بتونس الاحتفاظ به من أجل "التحرش ومحاولة تحويل وجهة أنثى باستعمال التهديد" وإحالته إلى الفرقة المختصة بالبحث في جرائم العنف ضد المرأة والطفل بالمنزه، وفق ما جاء على الصفحة الرسمية للإدارة العامة للأمن الوطني.
المخدرات..
يعد التلاميذ من أهم الفئات التي يستهدفها تجار المخدرات وآخر مروج تم القبض عليه من قبل الفرقة الجهوية لمكافحة المخدرات بالكاف التابعة للإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات بإلقرجاني، تبعا لمعلومات متأكدة وبعد عملية رصد ومتابعة دقيقة تمت الاطاحة بشخص أصيل الدهماني معروف بترويج الأقراص المخدرة بمحيط المؤسسات التربوية بالدهماني ، وقد تحول مؤخرا الى العاصمة للتزود بكمية هامة من الاقراص المخدرة لترويجها في الاوساط الشبابية فتم نصب كمين له على مستوى محطة الارتال وتم ضبط المروج عند عودته من العاصمة حاملا لحقيبة وبتفتيشها عثروا بداخلها على 1000 قرص مخدر كان يعتزم ترويجها للتلاميذ.
كما تمكنت الفرقة العدلية للحرس الوطني بتطاوين من تفكيك شبكة مختصة في ترويج المخدرات في المحيط المدرسي بالجهــة.
وقد توصلت الفرقة اثر عمليات رصد ومتابعة وتحرى الى ضبط أربعة افراد بصدد ترويج المخدرات في صفوف التلاميذ بمحيط مدرسة اعدادية.
وفي وقت سابق تم القبض على امرأة في حمام الأنف عمدت إلى ترويج أقراص مخدرة وعجينة القنب الهندي "زطلة" على بعض الأشخاص من بينهم تلاميذ بمقابل مادي.
وهذه المرأة تبلغ من العمر 37 سنة، لها سوابق عدلية في مجال استهلاك المخدرات، وكانت كثيرة التردد على محيط المعهد الثانوي بحمام الأنف حيث تقوم بترويج المواد المخدرة، وقد تمكن أعوان مركز الأمن الوطني حمام الأنف من التعرف عليها وضبطها بمحيط المؤسسة التربوية المذكورة بعد نصب كمين، وحجز لديها قطعتين من المخدرات.
واعترفت خلال التحريات بما نسب إليها، وأكدت أنها تقوم بالترويج للحصول على المال وتغطية مصاريف استهلاكها لـ'الزطلة' التي أدمنت عليها منذ سنوات.
كما قالت إن زبائنها من المنحرفين وكذلك بعض التلاميذ الذين تبدو عليهم علامات الثراء وفق تعبيرها.
وفي ذات السياق وعلى اثر ورود معلومات على فرقة الشرطة العدلية مقرين مفادها ضلوع أحد المنحرفين في ترويج مادة الزطلة للتلاميذ بمحيط إحدى المؤسسات التربوية بجهة رادس بمحله المعد لبيع الفواكه الجافة.
وبالتنقل الى مقر عمله وتفتيشه عثر على قطعة من "الزطلة" كما عثر على 155 ورقة معدة للف ومبلغ مالي قدره 450دينارا.
وباقتياده الى مقر الوحدة الأمنية وبالتحري معه اعترف بضلوعه في مجال ترويج المخدرات وقد سبق أن قضى عقوبة سجنية بـ18 سنة من أجل ترويج المخدرات.
تحول وجهة تلميذات..
تتعرض التلميذات يوميا الى المضايقات التي تصل أحيانا الى تحويل وجهة، وعلى سبيل المثال وفي إطار تكثيف الدوريات الأمنية لتأمين دخول ومغادرة التلاميذ لمؤسّساتهم التربوية والتصدي للسلوكيات الإجرامية، أمكن مؤخرا للوحدات الأمنية التابعة لمركز الأمن الوطني بحي الخضراء من القبض على شاب يبلغ من العمر 33 سنة حاول تحويل وجهة تلميذة تبلغ من العمر 18 سنة، حيث تعمّد جرّها إلى مكان منزوٍ وبعيد عن الأنظار وقيامه بأفعال مخلّة بالحياء والتفوّه بعبارات ذات إيحاءات جنسية.
وقد أذنت النيابة العمومية بالاحتفاظ به من أجل التحرش ومحاولة تحويل وجهة أنثى باستعمال التهديد.
كما بلغ الامر الى ايقاف الدروس في بعض المعاهد احتجاجا على تعرض بعض التلميذات الى التحرش ومحاولة تحويل وجهتهن من قبل منحرفين.
التلاميذ عرضة الى التهديد من الغرباء..
كشفت دراسة اعدتها جمعية "أدو بلوس" Ado+، أن "وجود أشخاص غرباء في محيط المؤسسات التربوية يعد من أبرز الإشكاليات التي يعاني منها التلاميذ يوميا وتعتبر سببا في تعرضهم الى العنف".
واشارت الدراسة التي جاءت تحت عنوان "تصورات اليافعين واليافعات حول اهم اشكال عدم المساواة بين الجنسين والتمييز ضد اليافعات" وشملت 5 معتمديات موزعة على ولايات المهدية والكاف وأريانة وباجة وقبلي، ان جل المؤسسات التربوية تشهد "مرابطة عدد من الشباب اليافعين العاطلين عن العمل او المتسربين من الدراسة في محيط المدارس بصفة متواصلة ويقومون بالتنمر والتحرش بالتلاميذ وخاصة التلميذات واستفزازهم وممارسة العنف اللفظي والمادي عليهم ومحاولة استدراج الاكثر هشاشة منهم لتناول المواد المخدرة.
وقد اوضح المشاركون في الدراسة ان التلاميذ عادة ما يدخلون في صدامات مادية ولفظية مع هؤلاء الدخلاء وتتطور في بعض الاحيان لاستعمال السلاح الابيض مما يضطر الامن للتدخل وفض النزاع.
ولمواجهة هذه الظاهرة، بينت الدراسة، ان "حمل سلاح أبيض بالنسبة للتلاميذ والتلميذات في معتمدية شربان من ولاية المهدية، اصبح عادة محمودة للتوقي من أي عنف مفاجئ قد يتعرضون اليه في محيط المعهد من قبل غرباء".
وصرح العديد من التلاميذ في هذه المنطقة "انه من العادي وجود سلاح في حوزة التلاميذ لحماية انفسهم".
وأشاروا الى أن الإطار التربوي عادة ما يقف مكتوف الأيدي في مواجهة هذا النوع من الخطر الذي يهدد التلاميذ والتلميذات على حد سواء في محيط المعهد أو المدرسة الإعدادية، إذ تعتبر الأسرة التربوية أي نزاع يمكن أن يحدث خارج أسوار المؤسسة التربوية خارجا عن مسؤوليتها القانونية المكفولة بها.
الحد من الظاهرة..
وبين اليافعون واليافعات المستجوبون أن المؤسسة التربوية تتدخل في بعض الأحيان للحد من خطورة هذه الظاهرة من خلال منع التلميذات من مغادرة المعهد خلال أوقات الراحة أو الساعات الشاغرة، قصد تجنب أي احتكاك بهؤلاء الأشخاص أو تعرضهن لأي خطر من جهتهن.
وفي المقابل، عبرت التلميذات عن امتعاضهن إزاء هذا التصرف الذي يكرس ثقافة التمييز القائمة على النوع الاجتماعي، معتبرات أن الفتيات لسن الوحيدات المعرضات للخطر من قبل هذه المجموعات الدخيلة، فضلا عن كون هذا الفعل يحرمهن من حقهن في التمتع بالراحة والوصول إلى بعض الخدمات المتاحة خارج المؤسسة.
ومن جهة اخرى، أبرزت الدراسة أن ظاهرة وجود الدخلاء في محيط المعهد ساهمت في ارتفاع ظاهرة الانقطاع المدرسي المبكر وخاصة بالنسبة للفتيات اللاتي يلزمن بمغادرة مقاعد الدراسة من طرف عائلاتهن، بهدف حمايتهن مما قد يتعرضن له من مخاطر خلال عملية التنقل من وإلى المعهد.
وبرزت هذه الظاهرة خاصة في معتمدية شربان، أين تبرز بشكل كبير في الأرياف ظاهرة الزواج المبكر للفتيات، حيث يقوم الأباء إلى اليوم بتسريح بناتهن من الدراسة والسعي إلى تزويجهن مباشرة بعد البلوغ، بتعلة ما يمكن أن تتعرض له الفتاة من خطر يمكن أن يخدش "شرفها" إن تعرضت للتحرش أوالاعتداء خلال أوقات الدراسة.
باحث في علم الإجتماع لـ"الصباح" : التلاميذ في تونس ضحية اعتداءات جسدية.. وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي أزمت الوضع
يبدو أن الاعتداءات أمام المؤسسات التربوية والتعرض للتلاميذ أصبحت ظاهرة تتفاقم من سنة الى أخرى في ظل غياب الحلول والإجراءات العلاجية اللازمة إذ يقع العدد من التلاميذ في تونس ضحية اعتداءات جسدية واعمال عنف وسرقة هواتفهم الجوالة واموالهم البسيطة وتحرش جنسي وحتى الدهس في الطريق العام، ولم تستثن أعمال العنف تلك أي وسط تربوي في حي شعبي أو حي راق وفق قراءة الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين، مضيفا أن تكرر هذه الاعتداءات يدفع بالعديد من الأولياء الى مرافقة ابنائهم الى المدرسة أو المعهد ذهابا وايابا ، فتجمع الأولياء امام المدارس والمعاهد بات أمرا لافتا للانتباه خلال السنوات الأخيرة وذلك بسبب تخوفهم على أبنائهم من أي اعتداء خارج المدرسة ،في حين لا يقدر بعض الأولياء على ذلك نظرا لالتزاماتهم في العمل.
هذا الوضع المزعج جعل الأولياء يطالبون بضرورة تأمين محيط المؤسسات التربوية من خلال وزارتي الداخلية والتربية وتخصيص قاعات مراجعة تستقبل التلاميذ في أوقات الفراغ وتجنبهم الخروج إلى الشارع. وقد سبق أن طالبت نقابات التعليم بإصدار قانون تجريم الاعتداء على المؤسسات التربوية والإطار التربوي وانتهاك حرمة المؤسسة التربوية إلى جانب توفير الحماية الأمنية اللازمة أمام محيط الاوساط المدرسية.
وقد اطلقت وزارة التربية في 10 سبتمبر 2019 رقما مجانيا للتبليغ عن حالات العنف وخطاب الكراهية والانتهاكات الموجهة ضد التلاميذ وفق ما أفاد به وزير التربية السابق حاتم بن سالم، وللأسف الى حد الآن لا نعثر على نعثر على أحصائيات موثقة ودقيقة عن عدد الاعتداءات التي تطال التلاميذ خارج الاوساط المدرسية لمعرفة حجمها ومخاطرها وايجاد الاليات المناسبة لمواجهتها.
أرقام مفزعة..
بين ممدوح عز الدين أن المرصد الوطني للعنف المدرسي قدم معطيات إحصائية مفزعة إذ بين في تقرير له سنة 2014 أن حالات العنف داخل المدرسة التونسية بلغت 52 بالمائة في حين 48 بالمائة في محيطها وأنه يتم سنويا تسجيل 8 آلاف حالة عنف منها 1100 حالة بلغت مرحلة التقاضي.كما تبين معطيات سنة 2019 أن الاعتداءات الصادرة عن تلاميذ تجاه الإطار التربوي بلغت 4568 حالة منها 2266 اعتداءً لفظيا و 2302 اعتداءً ماديا.
وأشار محدثنا الى أنه يمكن فهم تفاقم ظاهرة العنف داخل المدرسة وفي محيطها من خلال الأسباب التالية:
_ إن التوتر صار يصبغ حياة التونسي بصورة عامة بسبب الضغوط المالية المتزايدة على الأسرة وضبابية المشهد السياسي والاجتماعي.
_ استقالة الأولياء في المحيط العائلي كليا عن متابعة منظوريهم كما أصبح محيط المؤسسات التربوية يستقطب العاطلين عن العمل والمنحرفين ومروجي المخدرات مما خلق جوا من الاحتقان والتوتر لدى التلاميذ أثر سلبا على سلوكياتهم وأدائهم الدراسي.
_ ضياع معنى المدرسة لدى الكثيرين لا سيما التلاميذ إذ يرى الباحثون السوسيولوجيون أن نجاح وفشل المدرسة يرتكز على المعنى الذي يمنحه المنتمون لها لدورهم فيها ، في حين يعتبر الكثيرون أن النجاح المدرسي لم يعد ضمانة للنجاح الاجتماعي ،بل أن استثمار الجهد وسنوات الشباب وانفاق المال أصبح دون أية فائدة اجتماعية والمدرسة التي لا مستقبل بعدها لا مبرر لوجودها. هذا الاحساس بانعدام الدلالة بالنسبة الى المستقبل لا يسمح بتوفر مناخ عام للمدرسين والتلاميذ بأن يطوروا جماعيا مشروعا للحياة والبحث والتعلم معا ، وللأسف أصبحت المدرسة فضاءً لتهميش المتعلمين بدل أن تكون فضاءً لتعليم المهمشين حيث يتسرب يومياً 300 تلميذ منهم من يصبح منحرفا يمارس انحرافه في محيط المدرسة التي لفظته ويحملها مسؤولية فشله وانحرافه.
لقد أصبحت المؤسسات التربوية فضاءات خانقة لا إبداع فيها وتفتقر لأبسط شروط الدراسة خاصة مع الاكتظاظ داخل الاقسام بسبب الضغط على الموارد البشرية من مدرسين وقيمين إضافة الى البرامج المملة التي لم تحين الى حد الآن.
وأوضح الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الزمن المدرسي يجعل التلميذ يقضي أغلب الوقت في فضاء لا تتوفر فيه شروط التعايش السوي والخلق والإبداع.
_ إن توتر العلاقات بين مكونات المشهد التربوي منذ تصاعد الخلافات بين الوزراء المتعاقبين على وزارة التربية ونقابات القطاع وما واكبه من تشنج في الخطابات واتهامات للمربين بالابتزاز والمغالات في المطالب الاجتماعية ، جعل صورة المربي تهتز في ذهن التلميذ والولي وتفقد كل ما كان يحيط بها من قدسية اجتماعية جعلت المربي في أعلى الهرم الاعتباري في المجتمع فتجاسر الجميع على المربي وعلى المدرسة التي فقدت جاذبيتها كمصعد اجتماعي في ظل تفاقم بطالة أصحاب الشهائد العليا.
للحد من هذه الظاهرة لا بد من:
_ ضرورة فرض بقاء التلاميذ داخل المدارس أو المعاهد خلال ساعات الفراغ أو غياب أحد الاطارات التربوية عن حصص التدريس وتوفير فضاءات للمطالعة.
_ تأمين جولات أمنية في فترات مختلفة من اليوم امام المدارس والمعاهد التي تشهد خصوصا تجمعات أشخاص غرباء عن الوسط المدرسي وذلك حماية للتلاميذ من المنحرفين ومن باعة المخدرات والممنوعات.
_ تصحيح العلاقة بين مكونات الأسرة التربوية.
_ دعم النشاطات الثقافية داخل المدارس والمعاهد.
_ توسيع الشراكات مع المجتمع المدني.
_ تحديث التكوين الموجه للاطار التربوي والمضي بجدية في إصلاح تربوي عميق ورصين مع استقرار مؤسسات الدولة وتحسن الوضع الاقتصادي.
_ التحرك الجاد لجمعيات الأولياء نحو تأطير التلاميذ في أنشطة ثقافية ورياضية بالتعاون والشراكة مع الهياكل الرسمية
_ ضرورة مزيد انفتاح وزارة التربية على المجتمع المدني وتيسير أنشطته وتبسيط الإجراءات الادارية المكبلة لانشطة الجمعيات الراغبة في دعم جهود الدولة في المجال التربوي بعيدا عن كل توظيف سياسي أو حزبي أو تجاري لهذه الانشطة.
وخلص الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أنه لا بد من عودة واسترجاع المدرسة هيبتها في المجتمع حتى تكون دائما وابدا مصعدا اجتماعياً وعنوانا للنجاح الإجتماعي.