إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد تصريحات والي تونس.. هل يمكن الحديث عن حياد الإدارة؟

 

 

تونس – الصباح

رغم إعلان الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، بأن "الأحزاب السياسية لا حق لها في القيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقرر ليوم 17 ديسمبر القادم"، إلا أن أنصار رئيس الدولة بمختلف صفاتهم، أكدوا عبر تصريحاتهم وظهورهم الإعلامي أنهم يقودون حملات انتخابية.

والي تونس كمال الفقيه أثار جدلا بتصريحاته الأخيرة التي رأى البعض أن فيها "تهجما على الأحزاب".

حيث قال، في حوار له على إذاعة "شمس اف ام"، " أن الأحزاب المعارضة والمقاطعة للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر القادم تثير الشفقة وبأنها تريد العودة إلى المشهد عبر سياسة الغواصات".

وأضاف والي تونس "بان خطابات المعارضة تعبر عن محاولة لافتكاك تموقع لا غير"، معلقا على إعلان عدد منهم مقاطعة الانتخابات القادمة "بان هذه الأحزاب غير قادرة على مواجهة الشعب لذلك اختارت المقاطعة".

وهي ليست المرة الأولى التي يثير فيها والي تونس الجدل من خلال تصريحاته الإعلامية فخلال حوار إذاعي سابق له مع "الديوان اف ام" قال "إن هذه الأحزاب تعيش في غيبوبة.. تحتج على ماذا؟ عشر سنوات ما عملوا شيء وما قدموا شيء نطلبوا منهم يعاونونا بسكاتهم".

القرار الترتيبي

وكان الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات أفاد "بأن القرار الترتيبي المتعلق بالحملة الانتخابية سيصدر من قبل الهيئة قبل 25 نوفمبر القادم، تاريخ انطلاق الحملة"، مضيفا "أنه سيصدر قرارا ترتيبيا مشتركا مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، يتعلق بتعاطي وسال الإعلام السمعية البصرية مع الانتخابات التشريعية."

كما أشار محمد التليلي المنصري "إلى وجود ثلاثة موانع مع انطلاق الفترة الانتخابية، وهي منع نشر نتائج سبر الآراء في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنع الإشهار السياسي (مثل المعلقات الاشهارية)، إضافة إلى منع استعمال الموزع الصوتي والهاتف في القيام بالدعاية."

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت، الأحد الماضي في بلاغ، أن الفترة الانتخابية التشريعية انطلقت على الساعة صفر من نفس اليوم، وذلك تطبيقا للفصل الثاني من قرار الهيئة عدد 23 المؤرخ في 20 سبتمبر 2022، المتعلق برزنامة الانتخابات التشريعية لسنة 2022.

ويذكر أن هيئة الانتخابات أصدرت يوم 20 سبتمبر 2022، رزنامة الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 17 ديسمبر 2022، بعد أن صادق عليها مجلس الهيئة بالإجماع.

عصام الشابي أمين عام الحزب الجمهوري اعتبر أن "هذه الانتخابات ستكون بإدارة منحازة للتوجهات السياسية وللتنسيقيات والفكر الشعبوي الذي يدير الدولة وبدل أن يمثل الوالي الإدارة التونسية بقطع النظر عن أفكاره لنجده يقحم بالعملية السياسية في العمل الإداري".

وأضاف الشابي أن والي تونس افتتح الحملة الانتخابية بالتهجم على المعارضة وبإعلان ولائه للنهج الشعبوي وبذلك فهو يقيم الدليل على أن الانتخابات صورية ومهزلة، كما انه ترك كل القضايا العاجلة ولبس جبة الخصم السياسي للمعارضة السياسية."

سلطة عاجزة..

كما علق الناشط السياسي خالد شوكات قائلا "إن الأحزاب الحقيقية والوازنة وذات المصداقية أعلنت منذ حصول الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي مقاطعتها لكل ما ينتمي الى أجندة 25 جويلية، وكل ما يمكن ان يضفي الشرعية على هذه الأجندة، كما أعلنت جل هذه الأحزاب عدم اعترافها بدستور الرئيس سعيد وما ينبثق عنه من مؤسسات تعتبرها الأحزاب فاقدة للشرعية وستكون بالضرورة مؤسسات صورية وشكلية، بالنظر الى المكانة فوق دستورية التي منحها الرئيس لنفسه، أما المثير للشفقة حقا فهي السلطة العاجزة عن توفير السكر والزيت والضروريات للمواطنين".

وأضاف شوكات بان "الأحزاب الديمقراطية أعلنت مقاطعتها لمسار الانقلاب على الديمقراطية برمته، ولهذا هي ليست في حاجة الى أن يمنعها زيد أو عمر عن عملية انتخابية مشكك في مصداقيتها من الألف الى الياء، كما ان المواقف المعلنة لجميع الأحزاب الديمقراطية من اليسار الى اليمين هي مقاطعة هذه الانتخابات التي لا تتوفر على معايير النزاهة والشفافية وتتنزل ضمن شرعية دستورية مطعون في مصداقيتها، ولا علم لي إن كان بعضها سيلجأ الى الترشيح من الباطن أم لا.. وفي كل الأحوال أرى أن ما ستكشفه الوقائع أن ما بني على خطأ لن يكون صوابا أبدا."

حالة انفصال عن الواقع

وعلق سمير ديلو عضو جبهة الخلاص الوطني قائلا "ان ما يثير الشّفقة فعلا ليس فقط هذه التّصريحات التي يتزلّف بها هذا المسئول لمن عيّنه بالتّهجّم الرّخيص على معارضيه، بل أن يكون في البلاد سنة 2022 أمثال هذا الشّخص في مثل هذا الموقع الحسّاس، فمن المخجل أنّ والي عاصمة البلاد جاهل بصلاحيّاته ويخلط بين دوره الإداريّ الذي يفرض عليه الحياد وأن يكون على نفس المسافة من جميع الأحزاب، وانخراطِه الوجداني غير المشروط في شعوذات رسالة العلوّ الشّاهق وتخاريف البناء القاعدي ".

واعتبر ديلو أن "الأخطر أنّه يجهل أنّ فترة الحملة الانتخابية قد انطلقت ويجهل أحكامها التي لو علِمها لما ضيّع فرصة التزام الصّمت .

وأفاد عضو جبهة الخلاص الوطني "ان هناك منع حاصل واقعيّا لكلّ الأحزاب من خلال الدّستور والقانون الانتخابي، فنظام الاقتراع على الأفراد في دوائر محلّيّة، والمواصفات شبه التّعجيزيّة للتّزكيات، ومنع الأحزاب من المشاركة في الحملة الانتخابية، كلّها عوامل تؤدّي عمليّا إلى تحقيق حلم الرّئيس في انتخابات بلا سياسة وديمقراطيّة بلا أحزاب"؟

وفي نفس السياق قال ديلو إن هذا الاتهام ينبع من حالة انفصال تامّ عن الواقع، ووالي تونس يصدّق أنّ البلاد مُقدِمة فعلا على انتخابات تشريعيّة وليس مجرّد انتخابات لمجلس نوّابٍ للمعتمديّات لا صلاحيّات حقيقيّة له ولا سُلطة، فرئيس الجمهوريّة هو الذي يعيّن رئيس الحكومة بقطع النّظر عن نتيجة الانتخابات وهو الذي يحدّد السّياسات ويسهر على تنفيذها والحكومة مسؤولة أمام الرّئيس لا أمام البرلمان، والنّوّاب فيه تحت تهديد سحب الوكالة بسبب أو بدونه لذلك ليس هناك ما يُتَنافَس حوله ولا ما يُسعى له سرّا أو جهرا".

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

بعد تصريحات والي تونس.. هل يمكن الحديث عن حياد الإدارة؟

 

 

تونس – الصباح

رغم إعلان الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، محمد التليلي المنصري، بأن "الأحزاب السياسية لا حق لها في القيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية للاستحقاق التشريعي المقرر ليوم 17 ديسمبر القادم"، إلا أن أنصار رئيس الدولة بمختلف صفاتهم، أكدوا عبر تصريحاتهم وظهورهم الإعلامي أنهم يقودون حملات انتخابية.

والي تونس كمال الفقيه أثار جدلا بتصريحاته الأخيرة التي رأى البعض أن فيها "تهجما على الأحزاب".

حيث قال، في حوار له على إذاعة "شمس اف ام"، " أن الأحزاب المعارضة والمقاطعة للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 17 ديسمبر القادم تثير الشفقة وبأنها تريد العودة إلى المشهد عبر سياسة الغواصات".

وأضاف والي تونس "بان خطابات المعارضة تعبر عن محاولة لافتكاك تموقع لا غير"، معلقا على إعلان عدد منهم مقاطعة الانتخابات القادمة "بان هذه الأحزاب غير قادرة على مواجهة الشعب لذلك اختارت المقاطعة".

وهي ليست المرة الأولى التي يثير فيها والي تونس الجدل من خلال تصريحاته الإعلامية فخلال حوار إذاعي سابق له مع "الديوان اف ام" قال "إن هذه الأحزاب تعيش في غيبوبة.. تحتج على ماذا؟ عشر سنوات ما عملوا شيء وما قدموا شيء نطلبوا منهم يعاونونا بسكاتهم".

القرار الترتيبي

وكان الناطق الرسمي باسم هيئة الانتخابات أفاد "بأن القرار الترتيبي المتعلق بالحملة الانتخابية سيصدر من قبل الهيئة قبل 25 نوفمبر القادم، تاريخ انطلاق الحملة"، مضيفا "أنه سيصدر قرارا ترتيبيا مشتركا مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، يتعلق بتعاطي وسال الإعلام السمعية البصرية مع الانتخابات التشريعية."

كما أشار محمد التليلي المنصري "إلى وجود ثلاثة موانع مع انطلاق الفترة الانتخابية، وهي منع نشر نتائج سبر الآراء في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنع الإشهار السياسي (مثل المعلقات الاشهارية)، إضافة إلى منع استعمال الموزع الصوتي والهاتف في القيام بالدعاية."

وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أعلنت، الأحد الماضي في بلاغ، أن الفترة الانتخابية التشريعية انطلقت على الساعة صفر من نفس اليوم، وذلك تطبيقا للفصل الثاني من قرار الهيئة عدد 23 المؤرخ في 20 سبتمبر 2022، المتعلق برزنامة الانتخابات التشريعية لسنة 2022.

ويذكر أن هيئة الانتخابات أصدرت يوم 20 سبتمبر 2022، رزنامة الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها يوم 17 ديسمبر 2022، بعد أن صادق عليها مجلس الهيئة بالإجماع.

عصام الشابي أمين عام الحزب الجمهوري اعتبر أن "هذه الانتخابات ستكون بإدارة منحازة للتوجهات السياسية وللتنسيقيات والفكر الشعبوي الذي يدير الدولة وبدل أن يمثل الوالي الإدارة التونسية بقطع النظر عن أفكاره لنجده يقحم بالعملية السياسية في العمل الإداري".

وأضاف الشابي أن والي تونس افتتح الحملة الانتخابية بالتهجم على المعارضة وبإعلان ولائه للنهج الشعبوي وبذلك فهو يقيم الدليل على أن الانتخابات صورية ومهزلة، كما انه ترك كل القضايا العاجلة ولبس جبة الخصم السياسي للمعارضة السياسية."

سلطة عاجزة..

كما علق الناشط السياسي خالد شوكات قائلا "إن الأحزاب الحقيقية والوازنة وذات المصداقية أعلنت منذ حصول الانقلاب على مسار الانتقال الديمقراطي مقاطعتها لكل ما ينتمي الى أجندة 25 جويلية، وكل ما يمكن ان يضفي الشرعية على هذه الأجندة، كما أعلنت جل هذه الأحزاب عدم اعترافها بدستور الرئيس سعيد وما ينبثق عنه من مؤسسات تعتبرها الأحزاب فاقدة للشرعية وستكون بالضرورة مؤسسات صورية وشكلية، بالنظر الى المكانة فوق دستورية التي منحها الرئيس لنفسه، أما المثير للشفقة حقا فهي السلطة العاجزة عن توفير السكر والزيت والضروريات للمواطنين".

وأضاف شوكات بان "الأحزاب الديمقراطية أعلنت مقاطعتها لمسار الانقلاب على الديمقراطية برمته، ولهذا هي ليست في حاجة الى أن يمنعها زيد أو عمر عن عملية انتخابية مشكك في مصداقيتها من الألف الى الياء، كما ان المواقف المعلنة لجميع الأحزاب الديمقراطية من اليسار الى اليمين هي مقاطعة هذه الانتخابات التي لا تتوفر على معايير النزاهة والشفافية وتتنزل ضمن شرعية دستورية مطعون في مصداقيتها، ولا علم لي إن كان بعضها سيلجأ الى الترشيح من الباطن أم لا.. وفي كل الأحوال أرى أن ما ستكشفه الوقائع أن ما بني على خطأ لن يكون صوابا أبدا."

حالة انفصال عن الواقع

وعلق سمير ديلو عضو جبهة الخلاص الوطني قائلا "ان ما يثير الشّفقة فعلا ليس فقط هذه التّصريحات التي يتزلّف بها هذا المسئول لمن عيّنه بالتّهجّم الرّخيص على معارضيه، بل أن يكون في البلاد سنة 2022 أمثال هذا الشّخص في مثل هذا الموقع الحسّاس، فمن المخجل أنّ والي عاصمة البلاد جاهل بصلاحيّاته ويخلط بين دوره الإداريّ الذي يفرض عليه الحياد وأن يكون على نفس المسافة من جميع الأحزاب، وانخراطِه الوجداني غير المشروط في شعوذات رسالة العلوّ الشّاهق وتخاريف البناء القاعدي ".

واعتبر ديلو أن "الأخطر أنّه يجهل أنّ فترة الحملة الانتخابية قد انطلقت ويجهل أحكامها التي لو علِمها لما ضيّع فرصة التزام الصّمت .

وأفاد عضو جبهة الخلاص الوطني "ان هناك منع حاصل واقعيّا لكلّ الأحزاب من خلال الدّستور والقانون الانتخابي، فنظام الاقتراع على الأفراد في دوائر محلّيّة، والمواصفات شبه التّعجيزيّة للتّزكيات، ومنع الأحزاب من المشاركة في الحملة الانتخابية، كلّها عوامل تؤدّي عمليّا إلى تحقيق حلم الرّئيس في انتخابات بلا سياسة وديمقراطيّة بلا أحزاب"؟

وفي نفس السياق قال ديلو إن هذا الاتهام ينبع من حالة انفصال تامّ عن الواقع، ووالي تونس يصدّق أنّ البلاد مُقدِمة فعلا على انتخابات تشريعيّة وليس مجرّد انتخابات لمجلس نوّابٍ للمعتمديّات لا صلاحيّات حقيقيّة له ولا سُلطة، فرئيس الجمهوريّة هو الذي يعيّن رئيس الحكومة بقطع النّظر عن نتيجة الانتخابات وهو الذي يحدّد السّياسات ويسهر على تنفيذها والحكومة مسؤولة أمام الرّئيس لا أمام البرلمان، والنّوّاب فيه تحت تهديد سحب الوكالة بسبب أو بدونه لذلك ليس هناك ما يُتَنافَس حوله ولا ما يُسعى له سرّا أو جهرا".

جهاد الكلبوسي