إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خبير دولي في الانتخابات: لم يحصل أي تدقيق في السجل الانتخابي.. فلماذا المغالطات؟

تونس: الصباح

تنطلق اليوم الآجال المخصصة لتقديم مطالب الاعتراض على القائمات الأولية للناخبين المسجلين من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل لتنتهي غدا 30  أكتوبر 2022 وهي آجال قصيرة جدا ولا تسمح للمواطنين بصفة عامة وللمجتمع المدني من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية بصفة خاصة بالتثبت من نقاوة هذه القائمات من الموانع وخلوها من الأخطاء.. وكانت الجمعيات المختصة في ملاحظة الانتخابات أوصت الهيئة بضرورة تلافي الثغرات التي صاحبت عمليات التسجيل بمناسبة الاستفتاء، ودعتها بالخصوص إلى نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي، لأن مجلس الهيئة صادق منذ شهر جوان الماضي  بإجماع أعضائه على إجراء تدقيق شامل في السجل ووافق على تكوين فريق عمل خارجي فيه خبراء مستقلون لكي يقوموا بالتدقيق في المعطيات الواردة في السِجلّ الانتخابي، ويتركّب هذا الفريق من ممثّلين عن وزارة الداخليّة وتحديدا عن الإدارات المعنية ببطاقة التعريف الوطنيّة والحالة المدنيّة وإدارة الحدود والأجانب، وممثّل عن محكمة المحاسبات، وممثّل عن المركز الوطني للإعلاميّة وممثّل عن الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشخصيّة إضافة إلى ممثّل عن الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في شخص نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة المختصّ في المنظومات والسلامة المعلوماتيّة، ولكن الهيئة وبعد أن أبدت حماسا كبيرا للقيام بالتدقيق لم تكشف عن نتائج هذا التدقيق.

وذهب رفيق الحلواني الخبير الدولي في الانتخابات إلى أبعد من ذلك، وأشار إلى أنه لم يقع إجراء أي تدقيق للسجل الانتخابي بمفهومه الحقيقي وطبق المعايير الدولية، وفسر أن التدقيق في السجل الانتخابي من المفروض أن يتم بطريقتين وهما تدقيق من الناخب إلى السجل وتدقيق من السجل إلى الناخب، ويتم في إطاره اختيار عينة عشوائية من الناخبين والتثبت إن كانت أسماؤهم موجودة فعلا في سجل الناخبين، ولكن هذه العملية لم تقم بها أي هيئة انتخابية سواء الهيئة الحالية أو الهيئات السابقة التي أعلنت هي الأخرى عن قيامها بتدقيق في السجل، وفسر أن كل ما قامت به مختلف الهيئات الانتخابية هو مجرد تدقيق للمنظومة المعلوماتية وليس للسجل الانتخابي.

 وأشار الخبير إلى أن الهيئة عندما أعلنت عن أنها ستقوم بتدقيق في السجل الانتخابي كان عليها توخي الشفافية وإعلام الرأي العام بالخطوات التي قامت بها والمنهجية التي اتبعتها والنتائج التي توصلت إليها لكنها لم تفعل، وبالتالي فهي حتى وإن قامت بتدقيق فلن تكون له قيمة لأنه لا أحد يعرف فحواه. 

وإضافة إلى معضلة عدم إجراء تدقيق حقيقي في السجل الانتخابي، لاحظ الحلواني أن الآجال المخصصة للاعتراض على قائمات المسجلين قصيرة وهي لا تسمح بالتثبت من الأسماء الموجودة فيها، وذكر أنه بصفة عامة لا يقع التثبت في قائمات الناخبين من قبل المواطنين فالمسألة صورية ليس أكثر، وفي المقابل فإن المشكل الحقيقي حسب رأيه، ليس في قصر آجال الاعتراض على قائمات الناخبين بل في العملية الانتخابية برمتها وفي هيئة الانتخابات في حد ذاتها، فالانتخابات التشريعية المرتقبة فرضت على التونسيين وبالتالي فإن القضية، هي قضية مبدئية بالأساس.. وذكر أنه في ما يتعلق بهيئة الانتخابات فهي هيئة ضعيفة جدا من حيث الأداء وهي مقارنة بالهيئات الانتخابية السابقة الأضعف أداء، كما أن استقلاليتها مشكوك فيها لأنها تبارك وتوافق على كل مقترحات القوانين المتعلقة بالانتخابات حتى وان كانت هذه المقترحات تتعارض مع المعايير والممارسات الفضلى للانتخابات.  

أما بالنسبة إلى الانتخابات في حد ذاتها فذكر الخبير الدولي في الانتخابات أن الانتخابات التشريعية من الناحية السياسية هي انتخابات فاقدة للجدوى لأنها ليست انتخابات مجلس نواب، وكل نائب منهم يمثل الشعب بأسره، وإنما هي انتخابات ممثلين عن معتمديات، وبالتالي فهي لا ترتقي إلى أن تكون انتخابات مجلس نواب شعب  له دور تشريعي ودور رقابي ودور تمثيلي فمن سيفوز في هذه الانتخابات لن تكون له رؤية للسياسات العامة وإنما سيكون هاجسه الوحيد تلبيه طلبات ناخبيه في دائرته الانتخابية.

وأشار الحلواني إلى أن القانون الانتخابي أفرغ المجلس النيابي من معناه، وذكر أن الفصول المتعلقة بانتخابات مجلس نواب الشعب التي وردت في المرسوم الانتخابي ربما كان من الأفضل أن تكون موجهة لانتخاب مجلس الجهات.

ويرى الخبير الدولي في الانتخابات أن مجلس نواب الشعب على الشاكلة التي جاء بها دستور 25 جويلية من ناحية والمرسوم الانتخابي من ناحية أخرى هو مجلس فرض على التونسيين من أحزاب مجتمع مدني بالقوة وبسياسة الأمر الواقع التي انتهجها رئيس الجمهورية قيس سعيد، فالرئيس حسب قوله هو الذي يشرع وهو الذي يفعل ما يريد دون أن يستشير في المراسيم التي يصدرها أي طرف آخر، ولهذا السبب كان المرسوم الانتخابي عبارة عن نص ضعيف للغاية وفاقد في كثير من أحكامه للمنطق، فتقسيم الدوائر الوارد في هذا المرسوم ليس له أي معنى، فهو تقسيم يعمق الفوارق ولا يحترم القواعد الفضلى المتعارف عليها في تقسيم الدوائر وفيه عدة اختيارات اعتباطية. ولاحظ أنه في إطار نفس المرسوم وقع التضييق بصفة غير مفهومة وغير منطقية على الحق في الترشح وذلك من خلال فرض شرط التزكيات، فهذا التضييق وفق تعبير الحلواني حق أريد به باطل لأنه في ما مضى كانت هناك فعلا مطالب بترشيد الترشحات لكن ليس بالكيفية التي فرضها المرسوم الانتخابي الجديد والتي من شأنها أن تنفر التونسيين في ممارسة السياسة.

ضرب حق التنظم

وقال رفيق الحلواني إن شرط التزكيات في الانتخابات الرئاسية يمكن تفهمه لكن أن يقع سحب شرط التزكيات على الانتخابات التشريعية وبمثل ذلك العدد أي 400 تزكية فهو لن يؤدي إلا إلى التضييق على حق الترشح وبالتالي إلى ضرب الحق في التنظم، وليس هذا فقط بل سيتسبب في كشف الانتماء أو الميول السياسي للمزكي وبالتالي للناخب ومن ثمة سيؤدي إلى مشاكل بين المترشحين وبين الناخبين. وذكر أن القانون الانتخابي في ظاهره جاء ليحد من الفساد السياسي لكنه في باطنه فتح أبواب الفساد على مصراعيها وكرس الفساد على أرض الواقع لأنه ليس من السهل جمع التزكيات كما أنه ليس من اليسير التعريف بالإمضاء على 400 تزكية فهذا الشرط لا يقدر عليه إلا أصحاب الجاه والمال والقبيلة والعرش وهو ما يعني أنه تم المساس بمبدأ جوهري وهو مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع في الترشح للانتخابات التشريعية.

وذكر الحلواني أن هيئة الانتخابات ستواجه إشكالية كبيرة في التثبت من صحة التزكيات ومن توفر الشروط المطلوبة فيها، وأضاف أنه من واجب الهيئة ضمان الشفافية في التزكيات، وفسر قائلا إنه يتعين على هيئة الانتخابات أن تتيح للناخب إمكانية التثبت إن كان قد قام بتزكية مترشح أم أنه لم يفعل وهو إن قام بالتزكية فما هو اسم المترشح الذي زكاه، وبهذه الكيفية يمكن للناخبين التفطن إلى عمليات تزوير التزكيات إن حصلت.. وشدد محدثنا على أن أكبر رهان تواجهه هيئة الانتخابات هو إيجاد قاعدة بيانات لا تسمح بالتلاعب بالتزكيات، لأن عمليات تزوير التزكيات التي تم ارتكابها بمناسبة الانتخابات الرئاسية السابقة والتي وقع كشفها لاحقا مازالت القضايا المتعلقة بها أمام أنظار المحاكم وهو ما يدل على عدم وجود إرادة في الفصل فيها.

ومن الانتقادات الأخرى التي وجهها الخبير الدولي في الانتخابات للمرسوم الانتخابي ما يتعلق بطريقة الاقتراع، وبين في هذا الإطار أنه كان بإمكان المشرع أي رئيس الجمهورية قيس سعيد اعتماد طريقة اقتراع على الأفراد تتيح تمثيل النساء والشباب لكنه للأسف الشديد اختيار أسوء مثال لنظام الاقتراع على الأفراد، فالمجلس النيابي المرتقب سيكون دون شك مجلس رجال متقدمين في السن وهو أيضا مجلس أفراد كل فرد منهم يحمل مشروعا خاصا به ويريد تنفيذ ذلك المشروع الذي وعد به الناخبين إرضاء لهم وحتى لا يقع سحب الوكالة منه، وبالتالي سيكون البرلمان المقبل حسب وصف الحلواني فسيفسائيا ولن تكون في هذا المجلس معنى للكتل البرلمانية والتحالفات سياسية وهو ما من شأنه أن يعمق الخلافات التي كانت موجودة في السابق، وقال إنه يعتقد أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون أكثر رداءة من مجلس نواب الشعب المحلول وأقل فاعلية وأكثر انقساما.

سعيدة بوهلال

خبير دولي في الانتخابات: لم يحصل أي تدقيق في السجل الانتخابي.. فلماذا المغالطات؟

تونس: الصباح

تنطلق اليوم الآجال المخصصة لتقديم مطالب الاعتراض على القائمات الأولية للناخبين المسجلين من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للمشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل لتنتهي غدا 30  أكتوبر 2022 وهي آجال قصيرة جدا ولا تسمح للمواطنين بصفة عامة وللمجتمع المدني من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية بصفة خاصة بالتثبت من نقاوة هذه القائمات من الموانع وخلوها من الأخطاء.. وكانت الجمعيات المختصة في ملاحظة الانتخابات أوصت الهيئة بضرورة تلافي الثغرات التي صاحبت عمليات التسجيل بمناسبة الاستفتاء، ودعتها بالخصوص إلى نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي، لأن مجلس الهيئة صادق منذ شهر جوان الماضي  بإجماع أعضائه على إجراء تدقيق شامل في السجل ووافق على تكوين فريق عمل خارجي فيه خبراء مستقلون لكي يقوموا بالتدقيق في المعطيات الواردة في السِجلّ الانتخابي، ويتركّب هذا الفريق من ممثّلين عن وزارة الداخليّة وتحديدا عن الإدارات المعنية ببطاقة التعريف الوطنيّة والحالة المدنيّة وإدارة الحدود والأجانب، وممثّل عن محكمة المحاسبات، وممثّل عن المركز الوطني للإعلاميّة وممثّل عن الهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشخصيّة إضافة إلى ممثّل عن الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات في شخص نوفل الفريخة عضو مجلس الهيئة المختصّ في المنظومات والسلامة المعلوماتيّة، ولكن الهيئة وبعد أن أبدت حماسا كبيرا للقيام بالتدقيق لم تكشف عن نتائج هذا التدقيق.

وذهب رفيق الحلواني الخبير الدولي في الانتخابات إلى أبعد من ذلك، وأشار إلى أنه لم يقع إجراء أي تدقيق للسجل الانتخابي بمفهومه الحقيقي وطبق المعايير الدولية، وفسر أن التدقيق في السجل الانتخابي من المفروض أن يتم بطريقتين وهما تدقيق من الناخب إلى السجل وتدقيق من السجل إلى الناخب، ويتم في إطاره اختيار عينة عشوائية من الناخبين والتثبت إن كانت أسماؤهم موجودة فعلا في سجل الناخبين، ولكن هذه العملية لم تقم بها أي هيئة انتخابية سواء الهيئة الحالية أو الهيئات السابقة التي أعلنت هي الأخرى عن قيامها بتدقيق في السجل، وفسر أن كل ما قامت به مختلف الهيئات الانتخابية هو مجرد تدقيق للمنظومة المعلوماتية وليس للسجل الانتخابي.

 وأشار الخبير إلى أن الهيئة عندما أعلنت عن أنها ستقوم بتدقيق في السجل الانتخابي كان عليها توخي الشفافية وإعلام الرأي العام بالخطوات التي قامت بها والمنهجية التي اتبعتها والنتائج التي توصلت إليها لكنها لم تفعل، وبالتالي فهي حتى وإن قامت بتدقيق فلن تكون له قيمة لأنه لا أحد يعرف فحواه. 

وإضافة إلى معضلة عدم إجراء تدقيق حقيقي في السجل الانتخابي، لاحظ الحلواني أن الآجال المخصصة للاعتراض على قائمات المسجلين قصيرة وهي لا تسمح بالتثبت من الأسماء الموجودة فيها، وذكر أنه بصفة عامة لا يقع التثبت في قائمات الناخبين من قبل المواطنين فالمسألة صورية ليس أكثر، وفي المقابل فإن المشكل الحقيقي حسب رأيه، ليس في قصر آجال الاعتراض على قائمات الناخبين بل في العملية الانتخابية برمتها وفي هيئة الانتخابات في حد ذاتها، فالانتخابات التشريعية المرتقبة فرضت على التونسيين وبالتالي فإن القضية، هي قضية مبدئية بالأساس.. وذكر أنه في ما يتعلق بهيئة الانتخابات فهي هيئة ضعيفة جدا من حيث الأداء وهي مقارنة بالهيئات الانتخابية السابقة الأضعف أداء، كما أن استقلاليتها مشكوك فيها لأنها تبارك وتوافق على كل مقترحات القوانين المتعلقة بالانتخابات حتى وان كانت هذه المقترحات تتعارض مع المعايير والممارسات الفضلى للانتخابات.  

أما بالنسبة إلى الانتخابات في حد ذاتها فذكر الخبير الدولي في الانتخابات أن الانتخابات التشريعية من الناحية السياسية هي انتخابات فاقدة للجدوى لأنها ليست انتخابات مجلس نواب، وكل نائب منهم يمثل الشعب بأسره، وإنما هي انتخابات ممثلين عن معتمديات، وبالتالي فهي لا ترتقي إلى أن تكون انتخابات مجلس نواب شعب  له دور تشريعي ودور رقابي ودور تمثيلي فمن سيفوز في هذه الانتخابات لن تكون له رؤية للسياسات العامة وإنما سيكون هاجسه الوحيد تلبيه طلبات ناخبيه في دائرته الانتخابية.

وأشار الحلواني إلى أن القانون الانتخابي أفرغ المجلس النيابي من معناه، وذكر أن الفصول المتعلقة بانتخابات مجلس نواب الشعب التي وردت في المرسوم الانتخابي ربما كان من الأفضل أن تكون موجهة لانتخاب مجلس الجهات.

ويرى الخبير الدولي في الانتخابات أن مجلس نواب الشعب على الشاكلة التي جاء بها دستور 25 جويلية من ناحية والمرسوم الانتخابي من ناحية أخرى هو مجلس فرض على التونسيين من أحزاب مجتمع مدني بالقوة وبسياسة الأمر الواقع التي انتهجها رئيس الجمهورية قيس سعيد، فالرئيس حسب قوله هو الذي يشرع وهو الذي يفعل ما يريد دون أن يستشير في المراسيم التي يصدرها أي طرف آخر، ولهذا السبب كان المرسوم الانتخابي عبارة عن نص ضعيف للغاية وفاقد في كثير من أحكامه للمنطق، فتقسيم الدوائر الوارد في هذا المرسوم ليس له أي معنى، فهو تقسيم يعمق الفوارق ولا يحترم القواعد الفضلى المتعارف عليها في تقسيم الدوائر وفيه عدة اختيارات اعتباطية. ولاحظ أنه في إطار نفس المرسوم وقع التضييق بصفة غير مفهومة وغير منطقية على الحق في الترشح وذلك من خلال فرض شرط التزكيات، فهذا التضييق وفق تعبير الحلواني حق أريد به باطل لأنه في ما مضى كانت هناك فعلا مطالب بترشيد الترشحات لكن ليس بالكيفية التي فرضها المرسوم الانتخابي الجديد والتي من شأنها أن تنفر التونسيين في ممارسة السياسة.

ضرب حق التنظم

وقال رفيق الحلواني إن شرط التزكيات في الانتخابات الرئاسية يمكن تفهمه لكن أن يقع سحب شرط التزكيات على الانتخابات التشريعية وبمثل ذلك العدد أي 400 تزكية فهو لن يؤدي إلا إلى التضييق على حق الترشح وبالتالي إلى ضرب الحق في التنظم، وليس هذا فقط بل سيتسبب في كشف الانتماء أو الميول السياسي للمزكي وبالتالي للناخب ومن ثمة سيؤدي إلى مشاكل بين المترشحين وبين الناخبين. وذكر أن القانون الانتخابي في ظاهره جاء ليحد من الفساد السياسي لكنه في باطنه فتح أبواب الفساد على مصراعيها وكرس الفساد على أرض الواقع لأنه ليس من السهل جمع التزكيات كما أنه ليس من اليسير التعريف بالإمضاء على 400 تزكية فهذا الشرط لا يقدر عليه إلا أصحاب الجاه والمال والقبيلة والعرش وهو ما يعني أنه تم المساس بمبدأ جوهري وهو مبدأ تكافؤ الفرص بين الجميع في الترشح للانتخابات التشريعية.

وذكر الحلواني أن هيئة الانتخابات ستواجه إشكالية كبيرة في التثبت من صحة التزكيات ومن توفر الشروط المطلوبة فيها، وأضاف أنه من واجب الهيئة ضمان الشفافية في التزكيات، وفسر قائلا إنه يتعين على هيئة الانتخابات أن تتيح للناخب إمكانية التثبت إن كان قد قام بتزكية مترشح أم أنه لم يفعل وهو إن قام بالتزكية فما هو اسم المترشح الذي زكاه، وبهذه الكيفية يمكن للناخبين التفطن إلى عمليات تزوير التزكيات إن حصلت.. وشدد محدثنا على أن أكبر رهان تواجهه هيئة الانتخابات هو إيجاد قاعدة بيانات لا تسمح بالتلاعب بالتزكيات، لأن عمليات تزوير التزكيات التي تم ارتكابها بمناسبة الانتخابات الرئاسية السابقة والتي وقع كشفها لاحقا مازالت القضايا المتعلقة بها أمام أنظار المحاكم وهو ما يدل على عدم وجود إرادة في الفصل فيها.

ومن الانتقادات الأخرى التي وجهها الخبير الدولي في الانتخابات للمرسوم الانتخابي ما يتعلق بطريقة الاقتراع، وبين في هذا الإطار أنه كان بإمكان المشرع أي رئيس الجمهورية قيس سعيد اعتماد طريقة اقتراع على الأفراد تتيح تمثيل النساء والشباب لكنه للأسف الشديد اختيار أسوء مثال لنظام الاقتراع على الأفراد، فالمجلس النيابي المرتقب سيكون دون شك مجلس رجال متقدمين في السن وهو أيضا مجلس أفراد كل فرد منهم يحمل مشروعا خاصا به ويريد تنفيذ ذلك المشروع الذي وعد به الناخبين إرضاء لهم وحتى لا يقع سحب الوكالة منه، وبالتالي سيكون البرلمان المقبل حسب وصف الحلواني فسيفسائيا ولن تكون في هذا المجلس معنى للكتل البرلمانية والتحالفات سياسية وهو ما من شأنه أن يعمق الخلافات التي كانت موجودة في السابق، وقال إنه يعتقد أن مجلس نواب الشعب القادم سيكون أكثر رداءة من مجلس نواب الشعب المحلول وأقل فاعلية وأكثر انقساما.

سعيدة بوهلال