بعد صدور المرسوم 54 الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال المؤرخ في 13 سبتمبر الجاري وما خلفه من جدل واسع في أوساط سياسية وحقوقية ومدنية بين مرحب بهذا القانون على أمل "أخلقة" العالم الافتراضي وتقنين أساليب التواصل والتعاطي مع آليات الاتصال والتواصل التكنولوجية الحديثة بعد "الفوضى" العارمة التي حكمت في السنوات الماضية وساهمت في كسر كل الضوابط القانونية والاجتماعية ووضع حد للجرائم الالكترونية والمعلوماتية والسبرانية من جهة وبين رافض له بتعلة دور هذا المرسوم في ضرب الحريات لاسيما من خلال ما تضمنه من فصول تنص على عقوبات سجنية مشددة تتراوح مدتها بين 3 و6 سنوات إضافة إلى خطايا مالية تتراوح بين 20 و60 ألف دينار، فضلا عن تسليط عقوبات على مرتكبي ممارسات، مصنفة حسب المرسوم كجرائم، من قبيل إنتاج وترويج الإشاعات والأخبار الزائفة ونشر وثائق مصطنعة أو مزورة، وعرض بيانات ذات محتوى إباحي تستهدف الأطفال. كما هو الشأن بالنسبة لمقترفي جرائم التدليس والتحيل وبث الإشاعات عبر الوسائط الالكترونية وعدم احترام الحرمة الجسدية بنشر ما يسيء للأفراد دون علمهم أو موافقتهم.
موازاة مع تواصل الدعوات والبيانات الموجهة إلى سلطة الإشراف للمطالبة بضرورة سحب هذا المرسوم نظرا لما يشكله من تهديد للحريات في أبعاده القمعية والديكتاتورية، حسب ما يذهب إلى ذلك البعض في قراءة هذا المرسوم، إلى أن وقع هذا المرسوم "الكابوس" كان سريعا في أوساط عديدة في تونس، لاسيما بالنسبة لمستعملي شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها الفضاء الأكثر إقبالا من قبل مستعمليه لممارسة شتى "طقوس" الحرية دون مبالاة بحدود ما يسمح به القانون وتبيحه النواميس الاجتماعية. إذ سجل العالم الافتراضي تراجعا كبيرا خلال هذا الأسبوع خاصة بعض الصفحات التي تميزت بالنشاط في نشر الفيديوهات والأخبار والصور سواء منها ذات المحتوى السياسي أو الثقافي والفني أو غيرها بقطع النظر عن مدى صدقيتها.
كما سجلت بعض المواقع الالكترونية والصفحات المحسوبة على جهات سياسية وحزبية تراجعا خلال نفس الفترة في نشر الأخبار وردود الأفعال حول قضايا وطنية ودولية، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل صدور هذا المرسوم.
إذ تجمع عديد الجهات على الدور الذي لعبته بعض المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي بالأساس في ترذيل المشهد العام في تونس في السنوات الأخيرة بما في ذلك الحياة السياسية، وما خلفته استمال "الميديا الجديدة" من إساءة وأضرار معنوية ومادية للبعض بسبب نشر الأخبار الزائفة واستغلال البعض الآخر المنصات الالكترونية لتشويه والإساءة إلى الآخرين سواء كانوا خصوما سياسيين أو غيرهم فضلا عن توظيف ذلك للابتزاز والتحيل وما خلفه ذلك من تداعيات سلبية على صورة تونس في الداخل والخارج بشكل عام ليؤثر بدوره على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام والاستثمار بشكل خاص.
إعادة الاعتبار "للدور الصحفي"
ويبدو أن وضع قوانين زجرية في التعاطي مع المنصات الالكترونية من شانه أن يدفع البعض إلى عدم الانسياق وراء الأخبار الزائفة أو الإشاعات ويحول دون ترويجها، بما يعيد الاعتبار إلى العمل الصحفي والاتصال الإعلامي للقيام بدوره المرجعي والمهني في التقصي والتثبت قبل بث الخبر أو التعاطي إعلاميا مع أي حدث أو معلومة، خاصة بعد أن فقد هذا القطاع جانبا من دوره في المجال بعد أن تحولت شبكات التواصل الاجتماعي في بعض الأحيان إلى مصادر للمعلومة والخبر لدى وطرحه البعض الآخر بديلا في نقل ومتابعة الأخبار والأحداث.
مبادرة "الفايك نيوز"
وقد سبق أن قدم النائب بالبرلمان المنحل مبروك كورشيد في مارس 2020 مشروع قانون في الغرض عرضه على مجلس نواب الشعب ووضع تلك المبادرة التشريعية تحت هدف "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية"، بعد ما سجلته الميديا الاجتماعية من استعمال واسع في مختلف الأوساط والشرائح العمرية والاجتماعية والتوظيف الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي في ما هو سياسي بالأساس. كما أن هذه المبادرة التي قدمها صاحبها كان الهدف منها حماية الديمقراطية الناشئة من الأخبار المكذوبة عبر منصات وسائط أو منصات التواصل الاجتماعي بالطرق الإلكترونية"، مستأنسا في ذلك ببعض التجارب المماثلة لبلدان متقدمة سنت قوانين حمائية لمقاومة "الفايك ينوز" على غرار ألمانيا وفرنسا. ليضطر كورشيد إلى سحب هذه المبادرة التي وجدت رفضا وانتقادا واسعا دفع بعض النواب الداعمين لها إلى سحب إمضاءاتهم.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
بعد صدور المرسوم 54 الذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال المؤرخ في 13 سبتمبر الجاري وما خلفه من جدل واسع في أوساط سياسية وحقوقية ومدنية بين مرحب بهذا القانون على أمل "أخلقة" العالم الافتراضي وتقنين أساليب التواصل والتعاطي مع آليات الاتصال والتواصل التكنولوجية الحديثة بعد "الفوضى" العارمة التي حكمت في السنوات الماضية وساهمت في كسر كل الضوابط القانونية والاجتماعية ووضع حد للجرائم الالكترونية والمعلوماتية والسبرانية من جهة وبين رافض له بتعلة دور هذا المرسوم في ضرب الحريات لاسيما من خلال ما تضمنه من فصول تنص على عقوبات سجنية مشددة تتراوح مدتها بين 3 و6 سنوات إضافة إلى خطايا مالية تتراوح بين 20 و60 ألف دينار، فضلا عن تسليط عقوبات على مرتكبي ممارسات، مصنفة حسب المرسوم كجرائم، من قبيل إنتاج وترويج الإشاعات والأخبار الزائفة ونشر وثائق مصطنعة أو مزورة، وعرض بيانات ذات محتوى إباحي تستهدف الأطفال. كما هو الشأن بالنسبة لمقترفي جرائم التدليس والتحيل وبث الإشاعات عبر الوسائط الالكترونية وعدم احترام الحرمة الجسدية بنشر ما يسيء للأفراد دون علمهم أو موافقتهم.
موازاة مع تواصل الدعوات والبيانات الموجهة إلى سلطة الإشراف للمطالبة بضرورة سحب هذا المرسوم نظرا لما يشكله من تهديد للحريات في أبعاده القمعية والديكتاتورية، حسب ما يذهب إلى ذلك البعض في قراءة هذا المرسوم، إلى أن وقع هذا المرسوم "الكابوس" كان سريعا في أوساط عديدة في تونس، لاسيما بالنسبة لمستعملي شبكات التواصل الاجتماعي باعتبارها الفضاء الأكثر إقبالا من قبل مستعمليه لممارسة شتى "طقوس" الحرية دون مبالاة بحدود ما يسمح به القانون وتبيحه النواميس الاجتماعية. إذ سجل العالم الافتراضي تراجعا كبيرا خلال هذا الأسبوع خاصة بعض الصفحات التي تميزت بالنشاط في نشر الفيديوهات والأخبار والصور سواء منها ذات المحتوى السياسي أو الثقافي والفني أو غيرها بقطع النظر عن مدى صدقيتها.
كما سجلت بعض المواقع الالكترونية والصفحات المحسوبة على جهات سياسية وحزبية تراجعا خلال نفس الفترة في نشر الأخبار وردود الأفعال حول قضايا وطنية ودولية، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل صدور هذا المرسوم.
إذ تجمع عديد الجهات على الدور الذي لعبته بعض المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي بالأساس في ترذيل المشهد العام في تونس في السنوات الأخيرة بما في ذلك الحياة السياسية، وما خلفته استمال "الميديا الجديدة" من إساءة وأضرار معنوية ومادية للبعض بسبب نشر الأخبار الزائفة واستغلال البعض الآخر المنصات الالكترونية لتشويه والإساءة إلى الآخرين سواء كانوا خصوما سياسيين أو غيرهم فضلا عن توظيف ذلك للابتزاز والتحيل وما خلفه ذلك من تداعيات سلبية على صورة تونس في الداخل والخارج بشكل عام ليؤثر بدوره على الوضع الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام والاستثمار بشكل خاص.
إعادة الاعتبار "للدور الصحفي"
ويبدو أن وضع قوانين زجرية في التعاطي مع المنصات الالكترونية من شانه أن يدفع البعض إلى عدم الانسياق وراء الأخبار الزائفة أو الإشاعات ويحول دون ترويجها، بما يعيد الاعتبار إلى العمل الصحفي والاتصال الإعلامي للقيام بدوره المرجعي والمهني في التقصي والتثبت قبل بث الخبر أو التعاطي إعلاميا مع أي حدث أو معلومة، خاصة بعد أن فقد هذا القطاع جانبا من دوره في المجال بعد أن تحولت شبكات التواصل الاجتماعي في بعض الأحيان إلى مصادر للمعلومة والخبر لدى وطرحه البعض الآخر بديلا في نقل ومتابعة الأخبار والأحداث.
مبادرة "الفايك نيوز"
وقد سبق أن قدم النائب بالبرلمان المنحل مبروك كورشيد في مارس 2020 مشروع قانون في الغرض عرضه على مجلس نواب الشعب ووضع تلك المبادرة التشريعية تحت هدف "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية"، بعد ما سجلته الميديا الاجتماعية من استعمال واسع في مختلف الأوساط والشرائح العمرية والاجتماعية والتوظيف الكبير لشبكات التواصل الاجتماعي في ما هو سياسي بالأساس. كما أن هذه المبادرة التي قدمها صاحبها كان الهدف منها حماية الديمقراطية الناشئة من الأخبار المكذوبة عبر منصات وسائط أو منصات التواصل الاجتماعي بالطرق الإلكترونية"، مستأنسا في ذلك ببعض التجارب المماثلة لبلدان متقدمة سنت قوانين حمائية لمقاومة "الفايك ينوز" على غرار ألمانيا وفرنسا. ليضطر كورشيد إلى سحب هذه المبادرة التي وجدت رفضا وانتقادا واسعا دفع بعض النواب الداعمين لها إلى سحب إمضاءاتهم.