إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عضو سابق بهيئة الانتخابات لـ "الصباح": الشروط المفروضة على المترشحين بالخارج تعجيزية

تونس: الصباح

رفّع المرسوم الانتخابي الجديد في عدد الدوائر الانتخابيّة بالخارج، لكنه في المقابل قلص في عدد المقاعد المخصصة لها، كما اشترط على المترشحين في الدوائر الانتخابية بالخارج أن يكونوا مقيمين في الدوائر التي ترشحوا عنها ومسجلين فيها، وذلك إضافة إلى تضمين ملفات الترشح بطاقة عدد 3 خالية من السّوابق العدليّة في الجرائم القصديّة ووصل في خلاص الضّريبة على الدخل بعنوان السّنة المنقضية، وشهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلديّة، وشهادة إقامة وموجز البرنامج الانتخابي مشفوع بقائمة اسميّة تضمّ 400 تزكية من النّاخبين المسجّلين في الدّائرة الانتخابيّة معرّف عليها بإمضاء المزكّين على أن يكون نصف المزكّين من الإناث والنّصف الثّاني من الذكور وأن لا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشّباب دون سنّ 35 سنة عن 25 بالمائة وأن لا يقوم نفس الناخب بتزكية أكثر من مترشح..  فكل هذه الشروط على حد وصف نبيل عزيزي العضو المكلف بالتونسيين بالخارج بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق، شروط مجحفة وتعجيزية، وفسر أن المرسوم لم يوضح للتونسيين بالخارج إن كانت ستتم مطالبتهم بالتصريح بالضريبة التي يدفعوها في الخارج أم داخل البلاد لأن المقيم بالخارج يقوم بواجبه الجبائي في البلد الذي يقيم به ويمكن أن تكون جميع أمواله وأملاكه في الخارج..

وإضافة إلى عدم وضوح شرط التصريح الجبائي وإبراء الذمة المالية، نبه عزيزي إلى محاذير شرط التزكيات، وقال في هذا الصدد إن هذا الشرط سيفتح باب المال السياسي على مصراعيه وهو باب كبير تصعب رقابته عندما يتعلق الأمر بالدوائر الانتخابية بالخارج، وأضاف أنه ليس بإمكان مترشح محدود الإمكانيات المادية تجميع أربعمائة تزكية لناخبين مسجلين في نفس الدائرة الانتخابية التي ترشح عليها، فكل مزك مطالب بالتعريف بالإمضاء لدى القنصلية وهو ما يتطلب التنقل إلى مقر القنصلية وهذا فيه كلفة مالية وهي كلفة يتحملها في النهاية المترشح وليس المزكي، وأشار إلى أن اشتراط التزكيات على المترشحين في الخارج مقابل إلغاء التمويل العمومي سيغذي الرشوة الانتخابية وسيضرب مبدأ المساواة لأن من يستطيع تحمل نفقات نقل 400 ناخب مسجل إلى مقرات القنصليات للتعريف بالإمضاء على التزكيات هو الذي يقدر على الترشح أما غيره فيصعب عليه ذلك أو قد يستحيل.  

لعبة سياسية

عن رأيه في التغيير الذي طرأ على الدوائر الانتخابية بالخارج بين عزيزي في تصريح لـ "الصباح" أن إجراء الترفيع في عدد الدوائر الانتخابية بالخارج يمكن أن يأتي بنتائج جيدة عندما يقترن ببذل جهود جبارة في تسجيل الناخبين وتحيين السجل الانتخابي الخاص بالتونسيين بالخارج ولكنه يعتقد أن عملية تقسيم الدوائر التي تمت بمقتضى المرسوم الجديد غايتها سياسية بامتياز إذ لم يقع إتباع قاعدة عدد السكان المعتمدة في السابق أي مقعد على كل 60 ألف ساكن وإنما كان التقسيم بناء على قراءة لتوجهات الناخبين في الخارج خلال المحطات الانتخابية السابقة وبالتالي فهي لعبة سياسية مكشوفة إذ تم من خلالها المساس بمعاقل حركة النهضة.

فبمقتضى المرسوم الجديد حُدّد عدد المقاعد المخصّصة للدّوائر الانتخابيّة بالنّسبة إلى الخارج بعشرة  مقاعد تم  توزيعها على عشر دوائر انتخابيّة وذلك بحساب مقعد وحيد عن كل دائرة، لكن في السابق كانت الانتخابات في الخارج تجرى في ست دوائر انتخابية تضم الدائرة الانتخابية الأولى التونسيين بفرنسا المسجلين بقنصليات باريس وبانتان وستراسبورغ وكان عدد المقاعد المخصص لها 5، وتضم الدائرة الثانية التونسيين بفرنسا المسجلين بقنصليات ليون وتولوز وقرونوبل ونيس ومرسيليا وكان عدد المقاعد المخصص لها 5 أما الدائرة الثالثة فتضم التونسيين المقيمين بإيطاليا والمسجلين بها وكان عدد المقاعد المخصصة لها 3، وبالنسبة إلى الدائرة الرابعة فتضم التونسيين المقيمين بألمانيا والمسجلين بها وكان عدد المقاعد المخصصة لها يبلغ مقعدا وحيدا، وتضم الدائرة الخامسة التونسيين المقيمين بالقارة الأمريكية وبقية الدول الأوروبية والمسجلين بها أما الدائرة السادسة فتضم التونسيين المقيمين بالدول العربية وبقية دول العالم والمسجلين بها. أما اليوم فإن المرسوم الانتخابي الصادر منتصف الشهر الجاري، قلص في عدد مقاعد مجلس نواب الشعب المخصصة لنواب التونسيين بالخارج من 18 مقعدا إلى 10 وفي المقابل رفع في عدد الدوائر الانتخابية من 6 دوائر إلى 10، وبموجبه أصبحت توجد في فرنسا 3 دوائر انتخابية خاصة بالتونسيين بالخارج وهي دائرة فرنسا 1 وتشمل الدائرة القنصلية بباريس والدوائر القنصلية ببانتان وسترازبورغ ودائرة فرنسا 2 وتشمل الدوائر القنصلية بغرونوبل وليون وتولوز ودائرة فرنسا 3 وتشمل الدوائر القنصلية، مرسيليا ونيس وتولون.  أما الدائرة الانتخابية الرابعة فهي دائرة إيطاليا والدائرة الانتخابية الخامسة فهي دائرة ألمانيا والدائرة السادسة هي دائرة بقية الدّول الأوروبيّة التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية، والدائرة السابعة هي دائرة الدول العربية وتهم الدول العربية التي  توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية، في حين تغطي دائرة آسيا واستراليا جميع دول قارة آسيا غير العربية وقارة استراليا التي تتواجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية وتشمل دائرة إفريقيا جميع الدول الإفريقية غير العربية بقارة إفريقيا التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية إفريقيا، أما الدائرة العاشرة والأخيرة فهي دائرة الأمريكيتان وتغطي جميع دول القارة الأمريكية التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية.

غموض المرسوم 

وذكر نبيل عزيزي أن واضع المرسوم لم يفسر على أي أساس تمت عملية تقسيم الدوائر الانتخابية بالخارج ففي فرنسا على سبيل الذكر لم يراع التقسيم الجديد للدوائر عدد الناخبين الموجودين في كل دائرة ولم يأخذ البعد الجغرافي بعين الاعتبار، وبين أنه قد تكون وزارة الخارجية والقنصليات هي التي اقترحت التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية بالخارج ولكن هذا المقترح في النهاية له غاية سياسية واضحة و السؤال الذي يجب طرحه في هذه الحالة يتعلق برأي هيئة الانتخابات في التقسيم وهل قام رئيس الجمهورية باستشارة الهيئة في هذه المسألة أم أن رأي  الهيئة غير مهم ودورها  يقتصر على التنفيذ فقط وهو أمر غير مقبول، لأن الهيئة لا بد أن يكون لها رأي في هذه المسألة، وقال إن الهيئة السابقة كانت تبدي رأيها في المبادرات التشريعية المتعلقة بالانتخابات وكان مجلس الهيئة يحضر في جلسات اللجان البرلمانية ويناقش مضامين مشاريع القوانين مع النواب ويقدم مقترحات تعديل في شأنها لكن اليوم أصبحت النصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات تصاغ في غياب تام للتشاركية.  

معضلة التسجيل

وأشار نبيل عزيزي إلى أن عملية إعادة تقسيم الدوائر قد تفضي إلى نتيجة إذا كانت الغاية منها تمكين أكبر عدد من التونسيين بالخارج من ممارسة حقهم في انتخاب ممثليهم بمجلس نواب الشعب، لكن في هذا الإطار لا بد من التأكيد على أن أكبر معضلة تواجهها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الانتخابات الخاصة بالتونسيين بالخارج هي التسجيل، وأضاف أنه يجب تمكين أكبر عدد ممكن من التونسيين بالخارج الذين تتوفر فيهم شروط الناخب من التسجيل وممارسة حقهم وهذا يقتضي تحيين عدد التونسيين بالخارج لأن الأرقام المتداولة غير دقيقة فالعدد ارتفع دون شك وذلك بالنظر إلى تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية خلال الأشهر الأخيرة بشكل كبير.. وذكر عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق أن تنقيح القانون الانتخابي الذي تم بمناسبة الاستفتاء والذي أتاح للهيئة إمكانية التسجيل الآلي لا يحل مشكل التسجيل بالنسبة إلى التونسيين المقيمين بالخارج لأن التسجيل الآلي يعتمد على العنوان الموجود في بطاقة التعريف الوطنية، وذكر أنه هو نفسه مقيم في الخارج منذ 40 سنة ولكن العنوان المسجل في بطاقة تعريفه موجود في تونس. وفسر أن المشكل الأكبر يتعلق بالسجل الانتخابي فهو ليس محينا وليس دقيقا وليس شاملا وهو ما ينجر عنه بالضرورة ضعف في نسبة مشاركة التونسيين بالخارج في الانتخابات.  كما أشار عزيزي إلى أنه بمناسبة استفتاء 25 جويلية بلغ عدد الناخبين المسجلين بالدوائر الانتخابية خارج البلاد 348 ألفا و876 ناخبا لكن لا نعرف إن كان هذا العدد قريب من العدد الحقيقي للتونسيين الذين يتوفر فيهم شرط الناخب والمقيمين بالخارج، وذكر أنه في المحطات الانتخابية السابقة كان هناك سجل خاص بالخارج ولكن لم يقع إصلاحه وتحيينه والتدقيق فيه، إذ هناك من هم مسجلون في تونس لكنهم هاجروا إلى الخارج ولم يقع تحيين تسجيلاتهم. وأضاف أن الهيئة مطالبة ببذل مجهودات جبارة لتحيين سجل الناخبين بالخارج سواء بتسجيل غير المسجلين أو بتحيين التسجيلات القديمة لأنه بمناسبة الاستفتاء هناك من التونسيين بالخارج من سجلوا في مكاتب اقتراع بتونس والمطلوب من الهيئة تنظيم حملة تحسيسية قوية لتذكيرهم بضرورة إعادة التسجيل حتى يتمكنوا من ممارسهم حقهم في انتخاب ممثليهم بمجلس نواب الشعب القادم.

التقليص في العدد

وبخصوص التخفيض في عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية بالخارج، يرى نبيل عزيزي عضو مجلس هيئة الانتخابات السابق أن إجراء التخفيض في عدد المقاعد المسندة لنواب التونسيين بالخارج في البرلمان لا يطرح إشكالا كبيرا بالنظر إلى أن جهود النائب في المستقبل وحسب ما يمكن فهمه من المرسوم الانتخابي الجديد يجب أن تنصب فقط على دائرته الانتخابية، حتى يرضي الناخبين في تلك الدائرة وحتى لا تسحب منه الوكالة.  ولاحظ أن نواب التونسيين في الخارج في ما مضى كانوا يقيمون في تونس ولا يعودون إلى بلدان الإقامة إلا في مناسبات محدودة لذلك لم يتمكنوا من حل مشاكل التونسيين بالخارج. وخلص عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق إلى أن المرسوم الانتخابي الجديد تضمن الكثير من الأحكام التي تهم التونسيين بالخارج ولكن لم يقع تشريك جمعيات التونسيين بالخارج في صياغته، فالمرسوم أعد بصفة أحادية وبالتالي فمن المنطقي جدا أن يحتوي على ثغرات، وذكر أنه إضافة إلى الثغرات فإن هناك مسألة جوهرية لم تقع مراعاتها في إعداد هذا المرسوم وهي المعايير الدولية التي تقتضي عدم تعديل التشريعات المتعلقة بالانتخابات في سنة إجراء الانتخابات فرئيس الجمهورية أراد تغيير قانون اللعبة ليلة المباراة وهو ما سيجعل الانتخابات محل تشكيك في نزاهتها..

سعيدة بوهلال

  

عضو سابق بهيئة الانتخابات لـ "الصباح": الشروط المفروضة على المترشحين بالخارج تعجيزية

تونس: الصباح

رفّع المرسوم الانتخابي الجديد في عدد الدوائر الانتخابيّة بالخارج، لكنه في المقابل قلص في عدد المقاعد المخصصة لها، كما اشترط على المترشحين في الدوائر الانتخابية بالخارج أن يكونوا مقيمين في الدوائر التي ترشحوا عنها ومسجلين فيها، وذلك إضافة إلى تضمين ملفات الترشح بطاقة عدد 3 خالية من السّوابق العدليّة في الجرائم القصديّة ووصل في خلاص الضّريبة على الدخل بعنوان السّنة المنقضية، وشهادة في إبراء الذّمة من الأداءات البلديّة، وشهادة إقامة وموجز البرنامج الانتخابي مشفوع بقائمة اسميّة تضمّ 400 تزكية من النّاخبين المسجّلين في الدّائرة الانتخابيّة معرّف عليها بإمضاء المزكّين على أن يكون نصف المزكّين من الإناث والنّصف الثّاني من الذكور وأن لا يقلّ عدد المزكّيات والمزكّين من الشّباب دون سنّ 35 سنة عن 25 بالمائة وأن لا يقوم نفس الناخب بتزكية أكثر من مترشح..  فكل هذه الشروط على حد وصف نبيل عزيزي العضو المكلف بالتونسيين بالخارج بمجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق، شروط مجحفة وتعجيزية، وفسر أن المرسوم لم يوضح للتونسيين بالخارج إن كانت ستتم مطالبتهم بالتصريح بالضريبة التي يدفعوها في الخارج أم داخل البلاد لأن المقيم بالخارج يقوم بواجبه الجبائي في البلد الذي يقيم به ويمكن أن تكون جميع أمواله وأملاكه في الخارج..

وإضافة إلى عدم وضوح شرط التصريح الجبائي وإبراء الذمة المالية، نبه عزيزي إلى محاذير شرط التزكيات، وقال في هذا الصدد إن هذا الشرط سيفتح باب المال السياسي على مصراعيه وهو باب كبير تصعب رقابته عندما يتعلق الأمر بالدوائر الانتخابية بالخارج، وأضاف أنه ليس بإمكان مترشح محدود الإمكانيات المادية تجميع أربعمائة تزكية لناخبين مسجلين في نفس الدائرة الانتخابية التي ترشح عليها، فكل مزك مطالب بالتعريف بالإمضاء لدى القنصلية وهو ما يتطلب التنقل إلى مقر القنصلية وهذا فيه كلفة مالية وهي كلفة يتحملها في النهاية المترشح وليس المزكي، وأشار إلى أن اشتراط التزكيات على المترشحين في الخارج مقابل إلغاء التمويل العمومي سيغذي الرشوة الانتخابية وسيضرب مبدأ المساواة لأن من يستطيع تحمل نفقات نقل 400 ناخب مسجل إلى مقرات القنصليات للتعريف بالإمضاء على التزكيات هو الذي يقدر على الترشح أما غيره فيصعب عليه ذلك أو قد يستحيل.  

لعبة سياسية

عن رأيه في التغيير الذي طرأ على الدوائر الانتخابية بالخارج بين عزيزي في تصريح لـ "الصباح" أن إجراء الترفيع في عدد الدوائر الانتخابية بالخارج يمكن أن يأتي بنتائج جيدة عندما يقترن ببذل جهود جبارة في تسجيل الناخبين وتحيين السجل الانتخابي الخاص بالتونسيين بالخارج ولكنه يعتقد أن عملية تقسيم الدوائر التي تمت بمقتضى المرسوم الجديد غايتها سياسية بامتياز إذ لم يقع إتباع قاعدة عدد السكان المعتمدة في السابق أي مقعد على كل 60 ألف ساكن وإنما كان التقسيم بناء على قراءة لتوجهات الناخبين في الخارج خلال المحطات الانتخابية السابقة وبالتالي فهي لعبة سياسية مكشوفة إذ تم من خلالها المساس بمعاقل حركة النهضة.

فبمقتضى المرسوم الجديد حُدّد عدد المقاعد المخصّصة للدّوائر الانتخابيّة بالنّسبة إلى الخارج بعشرة  مقاعد تم  توزيعها على عشر دوائر انتخابيّة وذلك بحساب مقعد وحيد عن كل دائرة، لكن في السابق كانت الانتخابات في الخارج تجرى في ست دوائر انتخابية تضم الدائرة الانتخابية الأولى التونسيين بفرنسا المسجلين بقنصليات باريس وبانتان وستراسبورغ وكان عدد المقاعد المخصص لها 5، وتضم الدائرة الثانية التونسيين بفرنسا المسجلين بقنصليات ليون وتولوز وقرونوبل ونيس ومرسيليا وكان عدد المقاعد المخصص لها 5 أما الدائرة الثالثة فتضم التونسيين المقيمين بإيطاليا والمسجلين بها وكان عدد المقاعد المخصصة لها 3، وبالنسبة إلى الدائرة الرابعة فتضم التونسيين المقيمين بألمانيا والمسجلين بها وكان عدد المقاعد المخصصة لها يبلغ مقعدا وحيدا، وتضم الدائرة الخامسة التونسيين المقيمين بالقارة الأمريكية وبقية الدول الأوروبية والمسجلين بها أما الدائرة السادسة فتضم التونسيين المقيمين بالدول العربية وبقية دول العالم والمسجلين بها. أما اليوم فإن المرسوم الانتخابي الصادر منتصف الشهر الجاري، قلص في عدد مقاعد مجلس نواب الشعب المخصصة لنواب التونسيين بالخارج من 18 مقعدا إلى 10 وفي المقابل رفع في عدد الدوائر الانتخابية من 6 دوائر إلى 10، وبموجبه أصبحت توجد في فرنسا 3 دوائر انتخابية خاصة بالتونسيين بالخارج وهي دائرة فرنسا 1 وتشمل الدائرة القنصلية بباريس والدوائر القنصلية ببانتان وسترازبورغ ودائرة فرنسا 2 وتشمل الدوائر القنصلية بغرونوبل وليون وتولوز ودائرة فرنسا 3 وتشمل الدوائر القنصلية، مرسيليا ونيس وتولون.  أما الدائرة الانتخابية الرابعة فهي دائرة إيطاليا والدائرة الانتخابية الخامسة فهي دائرة ألمانيا والدائرة السادسة هي دائرة بقية الدّول الأوروبيّة التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية، والدائرة السابعة هي دائرة الدول العربية وتهم الدول العربية التي  توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية، في حين تغطي دائرة آسيا واستراليا جميع دول قارة آسيا غير العربية وقارة استراليا التي تتواجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية وتشمل دائرة إفريقيا جميع الدول الإفريقية غير العربية بقارة إفريقيا التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية إفريقيا، أما الدائرة العاشرة والأخيرة فهي دائرة الأمريكيتان وتغطي جميع دول القارة الأمريكية التي توجد فيها بعثات دبلوماسية تونسية.

غموض المرسوم 

وذكر نبيل عزيزي أن واضع المرسوم لم يفسر على أي أساس تمت عملية تقسيم الدوائر الانتخابية بالخارج ففي فرنسا على سبيل الذكر لم يراع التقسيم الجديد للدوائر عدد الناخبين الموجودين في كل دائرة ولم يأخذ البعد الجغرافي بعين الاعتبار، وبين أنه قد تكون وزارة الخارجية والقنصليات هي التي اقترحت التقسيم الجديد للدوائر الانتخابية بالخارج ولكن هذا المقترح في النهاية له غاية سياسية واضحة و السؤال الذي يجب طرحه في هذه الحالة يتعلق برأي هيئة الانتخابات في التقسيم وهل قام رئيس الجمهورية باستشارة الهيئة في هذه المسألة أم أن رأي  الهيئة غير مهم ودورها  يقتصر على التنفيذ فقط وهو أمر غير مقبول، لأن الهيئة لا بد أن يكون لها رأي في هذه المسألة، وقال إن الهيئة السابقة كانت تبدي رأيها في المبادرات التشريعية المتعلقة بالانتخابات وكان مجلس الهيئة يحضر في جلسات اللجان البرلمانية ويناقش مضامين مشاريع القوانين مع النواب ويقدم مقترحات تعديل في شأنها لكن اليوم أصبحت النصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات تصاغ في غياب تام للتشاركية.  

معضلة التسجيل

وأشار نبيل عزيزي إلى أن عملية إعادة تقسيم الدوائر قد تفضي إلى نتيجة إذا كانت الغاية منها تمكين أكبر عدد من التونسيين بالخارج من ممارسة حقهم في انتخاب ممثليهم بمجلس نواب الشعب، لكن في هذا الإطار لا بد من التأكيد على أن أكبر معضلة تواجهها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في الانتخابات الخاصة بالتونسيين بالخارج هي التسجيل، وأضاف أنه يجب تمكين أكبر عدد ممكن من التونسيين بالخارج الذين تتوفر فيهم شروط الناخب من التسجيل وممارسة حقهم وهذا يقتضي تحيين عدد التونسيين بالخارج لأن الأرقام المتداولة غير دقيقة فالعدد ارتفع دون شك وذلك بالنظر إلى تنامي ظاهرة الهجرة غير النظامية خلال الأشهر الأخيرة بشكل كبير.. وذكر عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق أن تنقيح القانون الانتخابي الذي تم بمناسبة الاستفتاء والذي أتاح للهيئة إمكانية التسجيل الآلي لا يحل مشكل التسجيل بالنسبة إلى التونسيين المقيمين بالخارج لأن التسجيل الآلي يعتمد على العنوان الموجود في بطاقة التعريف الوطنية، وذكر أنه هو نفسه مقيم في الخارج منذ 40 سنة ولكن العنوان المسجل في بطاقة تعريفه موجود في تونس. وفسر أن المشكل الأكبر يتعلق بالسجل الانتخابي فهو ليس محينا وليس دقيقا وليس شاملا وهو ما ينجر عنه بالضرورة ضعف في نسبة مشاركة التونسيين بالخارج في الانتخابات.  كما أشار عزيزي إلى أنه بمناسبة استفتاء 25 جويلية بلغ عدد الناخبين المسجلين بالدوائر الانتخابية خارج البلاد 348 ألفا و876 ناخبا لكن لا نعرف إن كان هذا العدد قريب من العدد الحقيقي للتونسيين الذين يتوفر فيهم شرط الناخب والمقيمين بالخارج، وذكر أنه في المحطات الانتخابية السابقة كان هناك سجل خاص بالخارج ولكن لم يقع إصلاحه وتحيينه والتدقيق فيه، إذ هناك من هم مسجلون في تونس لكنهم هاجروا إلى الخارج ولم يقع تحيين تسجيلاتهم. وأضاف أن الهيئة مطالبة ببذل مجهودات جبارة لتحيين سجل الناخبين بالخارج سواء بتسجيل غير المسجلين أو بتحيين التسجيلات القديمة لأنه بمناسبة الاستفتاء هناك من التونسيين بالخارج من سجلوا في مكاتب اقتراع بتونس والمطلوب من الهيئة تنظيم حملة تحسيسية قوية لتذكيرهم بضرورة إعادة التسجيل حتى يتمكنوا من ممارسهم حقهم في انتخاب ممثليهم بمجلس نواب الشعب القادم.

التقليص في العدد

وبخصوص التخفيض في عدد المقاعد المخصصة للدوائر الانتخابية بالخارج، يرى نبيل عزيزي عضو مجلس هيئة الانتخابات السابق أن إجراء التخفيض في عدد المقاعد المسندة لنواب التونسيين بالخارج في البرلمان لا يطرح إشكالا كبيرا بالنظر إلى أن جهود النائب في المستقبل وحسب ما يمكن فهمه من المرسوم الانتخابي الجديد يجب أن تنصب فقط على دائرته الانتخابية، حتى يرضي الناخبين في تلك الدائرة وحتى لا تسحب منه الوكالة.  ولاحظ أن نواب التونسيين في الخارج في ما مضى كانوا يقيمون في تونس ولا يعودون إلى بلدان الإقامة إلا في مناسبات محدودة لذلك لم يتمكنوا من حل مشاكل التونسيين بالخارج. وخلص عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السابق إلى أن المرسوم الانتخابي الجديد تضمن الكثير من الأحكام التي تهم التونسيين بالخارج ولكن لم يقع تشريك جمعيات التونسيين بالخارج في صياغته، فالمرسوم أعد بصفة أحادية وبالتالي فمن المنطقي جدا أن يحتوي على ثغرات، وذكر أنه إضافة إلى الثغرات فإن هناك مسألة جوهرية لم تقع مراعاتها في إعداد هذا المرسوم وهي المعايير الدولية التي تقتضي عدم تعديل التشريعات المتعلقة بالانتخابات في سنة إجراء الانتخابات فرئيس الجمهورية أراد تغيير قانون اللعبة ليلة المباراة وهو ما سيجعل الانتخابات محل تشكيك في نزاهتها..

سعيدة بوهلال