إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الحكومة تقترب من إبرام اتفاق مع صندوق النقد خلال أسابيع

تونس- الصباح

اقتربت تونس من حصولها على موافقة طال انتظارها من صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج جديد من الإصلاحات الهيكلية كان موضوع مشاورات ومفاوضات مضنية وطويلة مع خبراء المؤسسة المالية الدولية منذ أشهر عديدة، وذلك بعد نجاح المفاوضات الاجتماعية التي تمت بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والتي توجت خلال الأسبوع المنقضي بتوقيع اتفاق للزيادة في الأجور خلال السنوات الثلاث المقبلة، بعلم وموافقة من صندوق النقد.

وعزز الاتفاق الحاصل بين الحكومة والاتحاد فرص حصول تونس على موافقة صندوق النقد لقرض طويل المدى لتمويل عجز الميزانية والقيام بإصلاحات هيكلية، علما أن الحكومة بنت فرضية تمويل جزء من ميزانية العام الجاري من التمويلات التي قد تتحصل عليها من صندوق النقد، أو تلك التي يمكن تحصيلها من قروض وهبات خارجية في إطار التعاون الثنائي أو من مؤسسات مالية أخرى مانحة طالما اشترطت موافقة مسبقة من صندوق النقد حتى تستجيب لطالبات التمويل التي تحتاجها الحكومة التونسية.

وبعد التصريحات الحكومية المتفائلة بشأن اقتراب تونس من توقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، دعمت وكالة التصنيف الائتماني " فيتش رايتنغ"، من موجات التفاؤل في هذا الاتجاه، واعتبرت في تقرير ايجابي عن تونس أصدرته يوم 15 سبتمبر الجاري، أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل تعزز احتمال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وأضافت الوكالة أن "تونس تواصل الانتفاع من الدعم الدولي وستكون قادرة على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في السداسية الثانية من سنة 2022.

وكان المتحدّث الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، قد أكد على هامش توقيع الحكومة واتّحاد الشغل محضر اتّفاق الزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، الخميس الماضي، بقصر الحكومة بالقصبة، أنّ إمضاء هذا الاتفاق في هذا الوقت بالتحديد مهم جدا باعتباره معطى أساسيا في تحديد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وأوضح النصيبي أنّ الحكومة كانت تنتظر إمضاء الاتفاق من أجل ختم جولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإمضاء اتّفاق مع الصندوق والذي سيكون محدّدا في المستقبل في قرارات المانحين المستعدين لتمويل تونس وحصولها على هبات وقروض في السنوات المقبلة.

من جهته، قال الأمين العام لاتّحاد الشغل نورالدين الطبوبي أنّ الاتّحاد يريد من خلال هذا الاتفاق إحداث استقرار اجتماعي، مشدّدا على أنّ مسألة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي هي مسألة بين للحكومة والصندوق، قائلا: "لكن الاتّحاد ستكون له دائما الجرأة للحديث في الخيارات التي ستتخذها الحكومة في علاقة مع صندوق النقد الدولي".

وفي نفس السياق، شدد المحلل المالي بسام النيفر في تصريح لموزاييك على وجود علاقة بين إمضاء اتفاق الزيادة في الأجور بين الحكومة واتحاد الشغل وبين المفاوضات التي تخوضها الحكومة مع صندوق النقد للحصول على قرض بحوالي أربعة مليار دولار.

وقال النيفر: "نعلم أن هناك شرطا من صندوق النقد حول ضرورة توفر هدنة وسلم اجتماعيين بين الحكومة والأطراف الاجتماعية لإنهاء جولة المفاوضات".

واعتبر أن الاتفاق سيوفر للحكومة هدنة دون إضرابات لمدة 3 سنوات مضيفا أنه بالرغم من وجود كلفة مالية على ميزانية الدولة لكن الكلفة الاجتماعية كانت ستكون أكبر على الميزانية مقارنة بالكلفة المالية للاتفاق.

وقال إن الحكومة عبر هذا الاتفاق أنجزت أصعب خطوة في سباق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإن حظوظ تونس في الحصول على قرض من الصندوق قبل نهاية السنة الحالية وافرة لكن سيبقى التفاوض قائما حول قيمة القرض الذي ستتحصل عليه تونس والطريقة التي سيصرف بها.

وكانت قد اعتبرت "فيتيش" في تقريرها أن اتفاق الزيادة في أجور القطاع العام "يزيل عائقا كبيرا أمام برنامج تمويل صندوق النقد الدولي".

وقالت "نعتبر هذا الأمر ضروري للسيولة الخارجية وتقييم الدين لتونس ويأتي ذلك بعد تحسن توازنات الميزانية في السداسي الأول من سنة 2022، رغم تخفيف العجز المعلن عن طريق دفوعات نفقات الدعم.

ووفق وكالة التصنيف الائتماني، فإن الحكومة التونسية حققت تقدما في التصرف في الوضع المالي في السداسي الأول من سنة 2022، واعتبرت الوكالة أن تحصيل الإيرادات كان قويا في حين يبدو أن نفقات الأجور تقترب من المستويات المتوقعة في ميزانية 2022.

وبينت أن توقعاتها الحالية بشأن عجز الميزانية للسنة الحالية تبلغ 8،5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام رغم أنها تتوقع إبرام الاتفاقية بين تونس وصندوق النقد الدولي خلال شهر نوفمبر أو وديسمبر، مشيرة إلى أن السيناريو الأساسي الخاص بها ينطوي على مخاطر.

لكن الوكالة حذرت من أن "مزيدا من التأخير في إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يؤدي إلى مزيد تهور مقاييس القدرة على تحمل الديون في تونس وقد يدفع بصندوق النقد الدولي إلى مطالبة تونس بإعادة هيكلة ديونه."

كما حذرت من احتمال التخلف عن سداد الديون مما قد يؤدي إلى خفض التصنيف السيادي لتونس إلى "س س س".

ويقدّر العجز المتوقع في قانون المالية لسنة 2022، بحوالي 8900 مليون دينار، وهو عجز لا يأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الجديدة على الميزانية والمتأتية أساسا من ارتفاع سعر برميل النفط وسعر الحبوب وانخفاض نسبة النمو وتدهور سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار.

الملفت للانتباه أن كل فرضيات إعداد ميزانية الدولة لسنة 2022 تغيّرت أو لم يتم إنجاز بعضها، مثل عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل موفى مارس 2022 والقيام بإصلاحات اقتصادية، دون أن تلجأ الحكومة أو تعلن عزمها عن إصدار مرسوم مالية تعديلي يأخذ بعين الاعتبار كل هذه المتغيّرات..

وفي سياق متصل، كشفت أرقام نشرتها مؤخرا وزارة المالية عن تقدم تنفيذ الميزانية إلى غاية السداسي الأول من السنة الجارية، عن حاجة البلاد الى أن تضع ميزانية تكميلية لإعادة ضبط التوازنات ومعرفة مقدار الحاجة الى موارد الاقتراض الفعلية.

وكشف تقرير وزارة المالية، عن أن الحكومة قامت بتعبئة 8.738 مليار دينار تتوزع الى 3.345 مليار دينار إقراض من السوق الداخلية و5.393 اقتراض خارجي خلال الأشهر الستة الفارطة، وبينت أنه ما زال عليها تعبئة قرابة 10 مليار دينار إضافية وفق تقديراتها السابقة، وربما أكثر بكثير في صورة تحيين أرقام الميزانية.

وفي هذا الصدد حذّر عدد من خبراء الاقتصاد من مغبّة عدم تدارك الأمور وتصحيح التوجهات والسياسات المالية للدولة، عبر الإسراع بسن مرسوم مالية تكميلي، وفتح النقاش العام بخصوص كيفية إدارة الأزمة المالية في ظل شح الموارد وغياب اتفاق مع صندوق النقد، وتكرر غياب المواد والسلع الأساسية في السوق المحلية.

رفيق بن عبد الله

 

 

الحكومة تقترب من إبرام اتفاق مع صندوق النقد خلال أسابيع

تونس- الصباح

اقتربت تونس من حصولها على موافقة طال انتظارها من صندوق النقد الدولي لتمويل برنامج جديد من الإصلاحات الهيكلية كان موضوع مشاورات ومفاوضات مضنية وطويلة مع خبراء المؤسسة المالية الدولية منذ أشهر عديدة، وذلك بعد نجاح المفاوضات الاجتماعية التي تمت بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والتي توجت خلال الأسبوع المنقضي بتوقيع اتفاق للزيادة في الأجور خلال السنوات الثلاث المقبلة، بعلم وموافقة من صندوق النقد.

وعزز الاتفاق الحاصل بين الحكومة والاتحاد فرص حصول تونس على موافقة صندوق النقد لقرض طويل المدى لتمويل عجز الميزانية والقيام بإصلاحات هيكلية، علما أن الحكومة بنت فرضية تمويل جزء من ميزانية العام الجاري من التمويلات التي قد تتحصل عليها من صندوق النقد، أو تلك التي يمكن تحصيلها من قروض وهبات خارجية في إطار التعاون الثنائي أو من مؤسسات مالية أخرى مانحة طالما اشترطت موافقة مسبقة من صندوق النقد حتى تستجيب لطالبات التمويل التي تحتاجها الحكومة التونسية.

وبعد التصريحات الحكومية المتفائلة بشأن اقتراب تونس من توقيع اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، دعمت وكالة التصنيف الائتماني " فيتش رايتنغ"، من موجات التفاؤل في هذا الاتجاه، واعتبرت في تقرير ايجابي عن تونس أصدرته يوم 15 سبتمبر الجاري، أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل تعزز احتمال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وأضافت الوكالة أن "تونس تواصل الانتفاع من الدعم الدولي وستكون قادرة على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في السداسية الثانية من سنة 2022.

وكان المتحدّث الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، قد أكد على هامش توقيع الحكومة واتّحاد الشغل محضر اتّفاق الزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية، الخميس الماضي، بقصر الحكومة بالقصبة، أنّ إمضاء هذا الاتفاق في هذا الوقت بالتحديد مهم جدا باعتباره معطى أساسيا في تحديد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وأوضح النصيبي أنّ الحكومة كانت تنتظر إمضاء الاتفاق من أجل ختم جولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإمضاء اتّفاق مع الصندوق والذي سيكون محدّدا في المستقبل في قرارات المانحين المستعدين لتمويل تونس وحصولها على هبات وقروض في السنوات المقبلة.

من جهته، قال الأمين العام لاتّحاد الشغل نورالدين الطبوبي أنّ الاتّحاد يريد من خلال هذا الاتفاق إحداث استقرار اجتماعي، مشدّدا على أنّ مسألة الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي هي مسألة بين للحكومة والصندوق، قائلا: "لكن الاتّحاد ستكون له دائما الجرأة للحديث في الخيارات التي ستتخذها الحكومة في علاقة مع صندوق النقد الدولي".

وفي نفس السياق، شدد المحلل المالي بسام النيفر في تصريح لموزاييك على وجود علاقة بين إمضاء اتفاق الزيادة في الأجور بين الحكومة واتحاد الشغل وبين المفاوضات التي تخوضها الحكومة مع صندوق النقد للحصول على قرض بحوالي أربعة مليار دولار.

وقال النيفر: "نعلم أن هناك شرطا من صندوق النقد حول ضرورة توفر هدنة وسلم اجتماعيين بين الحكومة والأطراف الاجتماعية لإنهاء جولة المفاوضات".

واعتبر أن الاتفاق سيوفر للحكومة هدنة دون إضرابات لمدة 3 سنوات مضيفا أنه بالرغم من وجود كلفة مالية على ميزانية الدولة لكن الكلفة الاجتماعية كانت ستكون أكبر على الميزانية مقارنة بالكلفة المالية للاتفاق.

وقال إن الحكومة عبر هذا الاتفاق أنجزت أصعب خطوة في سباق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وإن حظوظ تونس في الحصول على قرض من الصندوق قبل نهاية السنة الحالية وافرة لكن سيبقى التفاوض قائما حول قيمة القرض الذي ستتحصل عليه تونس والطريقة التي سيصرف بها.

وكانت قد اعتبرت "فيتيش" في تقريرها أن اتفاق الزيادة في أجور القطاع العام "يزيل عائقا كبيرا أمام برنامج تمويل صندوق النقد الدولي".

وقالت "نعتبر هذا الأمر ضروري للسيولة الخارجية وتقييم الدين لتونس ويأتي ذلك بعد تحسن توازنات الميزانية في السداسي الأول من سنة 2022، رغم تخفيف العجز المعلن عن طريق دفوعات نفقات الدعم.

ووفق وكالة التصنيف الائتماني، فإن الحكومة التونسية حققت تقدما في التصرف في الوضع المالي في السداسي الأول من سنة 2022، واعتبرت الوكالة أن تحصيل الإيرادات كان قويا في حين يبدو أن نفقات الأجور تقترب من المستويات المتوقعة في ميزانية 2022.

وبينت أن توقعاتها الحالية بشأن عجز الميزانية للسنة الحالية تبلغ 8،5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام رغم أنها تتوقع إبرام الاتفاقية بين تونس وصندوق النقد الدولي خلال شهر نوفمبر أو وديسمبر، مشيرة إلى أن السيناريو الأساسي الخاص بها ينطوي على مخاطر.

لكن الوكالة حذرت من أن "مزيدا من التأخير في إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يؤدي إلى مزيد تهور مقاييس القدرة على تحمل الديون في تونس وقد يدفع بصندوق النقد الدولي إلى مطالبة تونس بإعادة هيكلة ديونه."

كما حذرت من احتمال التخلف عن سداد الديون مما قد يؤدي إلى خفض التصنيف السيادي لتونس إلى "س س س".

ويقدّر العجز المتوقع في قانون المالية لسنة 2022، بحوالي 8900 مليون دينار، وهو عجز لا يأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الجديدة على الميزانية والمتأتية أساسا من ارتفاع سعر برميل النفط وسعر الحبوب وانخفاض نسبة النمو وتدهور سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار.

الملفت للانتباه أن كل فرضيات إعداد ميزانية الدولة لسنة 2022 تغيّرت أو لم يتم إنجاز بعضها، مثل عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل موفى مارس 2022 والقيام بإصلاحات اقتصادية، دون أن تلجأ الحكومة أو تعلن عزمها عن إصدار مرسوم مالية تعديلي يأخذ بعين الاعتبار كل هذه المتغيّرات..

وفي سياق متصل، كشفت أرقام نشرتها مؤخرا وزارة المالية عن تقدم تنفيذ الميزانية إلى غاية السداسي الأول من السنة الجارية، عن حاجة البلاد الى أن تضع ميزانية تكميلية لإعادة ضبط التوازنات ومعرفة مقدار الحاجة الى موارد الاقتراض الفعلية.

وكشف تقرير وزارة المالية، عن أن الحكومة قامت بتعبئة 8.738 مليار دينار تتوزع الى 3.345 مليار دينار إقراض من السوق الداخلية و5.393 اقتراض خارجي خلال الأشهر الستة الفارطة، وبينت أنه ما زال عليها تعبئة قرابة 10 مليار دينار إضافية وفق تقديراتها السابقة، وربما أكثر بكثير في صورة تحيين أرقام الميزانية.

وفي هذا الصدد حذّر عدد من خبراء الاقتصاد من مغبّة عدم تدارك الأمور وتصحيح التوجهات والسياسات المالية للدولة، عبر الإسراع بسن مرسوم مالية تكميلي، وفتح النقاش العام بخصوص كيفية إدارة الأزمة المالية في ظل شح الموارد وغياب اتفاق مع صندوق النقد، وتكرر غياب المواد والسلع الأساسية في السوق المحلية.

رفيق بن عبد الله