إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ابتلعت 475 ضحية ومفقودا خلال 8 أشهر.. السواحل التونسية أكثر مأساوية من السواحل الليبية...

تونس- الصباح

غرق مركب هجرة غير نظامية بعد خروجه من السواحل التونسية بأمتار ووفاة كل أو بعض من كان عليه، فقدان مجموعة من الشبان الذين ركبوا البحر في اتجاه السواحل الايطالية وانعدام أي معلومة في شأنهم.. لفض البحر لعدد من الجثث من بينهم جثة رضيع أو طفل دون الخمس سنوات.. هي مجموعة من القصص رغم مأساويتها وحجم ثقلها الإنساني إلا أنها تتكرر لتزيد في إحصائيات ضحايا ظاهرة تبقى معالجتها مبتورة فتكتفي السلط الرسمية على مقاربتها الأمنية وحراسة الحدود في الوقت الذي يغذي نسق تصاعد الحالمين بالمغادرة والعيش في الضفة الأخرى للمتوسط، أكثر فأكثر طمع منظمي رحلات الهجرة فلا نوعية المركب تعنيه ولا امن المهاجر من أولوياته فالمهم تحقيق ربح اكبر في وقت اقصر بمآسي وضحايا أو دونها لا يهم.

مآس وألام رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في متابعتها منذ بداية السنة والى حدود نهاية شهر أوت أكثر من 475 ضحية ومفقود في عمليات هجرة غير نظامية مقابل 388 مفقودا وضحية خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

ويمثل العدد المسجل هذه السنة2022، حسب رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكثر من نصف عدد الضحايا والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط الأوسط بمعنى أن السواحل التونسية أصبحت أكثر مأساوية من السواحل الليبية. ويفسر رمضان ذلك بغياب رؤية تونسية واضحة لقضايا الهجرة غير النظامية وخاصة للبعد الإنساني في هذه الظاهرة والذي منه ملف الضحايا والمفقودين.

وذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد طالب الدولة التونسية منذ شهر فيفري بالعمل على إرساء منظومة وطنية للبحث والإنقاذ. يتم خلالها تشريك مختلف الهياكل المتدخلة على طول السواحل التونسية وبإمكانها أن تدمج فيها أيضا البحارة ومنظمات المجتمع المدني لضمان التحرك الآني والسريع وتجنب أو التخفيف من وطأة هذه المآسي. وبالتوازي مع ذلك تمت المطالبة أيضا بإطار وطني خاص بالمفقودين يعفي العائلات من الم المأساة التي يعيشونها بعد حدث الفقد أو الغرق، ويمكن أن يكون هذا الإطار تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية بالاشتراك مع مختلف الوزارات الأخرى ذات الصلة ومنظمات المجتمع المدني يهدف إلى الإحاطة بالعائلات النفسية والاجتماعية وتمكينهم من المعطيات الحينية متى توفرت ولمتابعة مسار البحث في مسار المفقودين وبالتالي يكون شكل من أشكال الاعتراف من قبل الدولة بمسؤوليتها على العوامل الدافعة للهجرة غير النظامية.

وقدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عدد العائلات المشاركة في عمليات الهجرة غير النظامية منذ بداية السنة بنحو الـ500 عائلة. وأفاد بن عمر في هذا السياق أن التطور الحاصل في عدد الواصلين إلى ايطاليا لم يكن تطورا ضخما أو مفزعا، فتقريبا نحن بصدد تسجيل أرقام متقاربة ولكن الملفت هو التطور الحاصل في نسبة العائلات الواصلين ونسبة القصر هي التي شهدت ارتفاعا واضحا خلال هذه الفترة. وهو ما يجعلنا نقول أن الهجرة العائلية قد أخذت منحى متصاعدا مؤخرا.

ويعود هذا الارتفاع حسب رأي بن عمر إلى عديد الأسباب منها ما هو مرتبط بالوضع العام والمناخ السياسي في البلاد ومنها ما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وتراجع جودة العيش في تونس والانهيار الكبير للخدمات العمومية والفضاء العام الذي أصبح يتسم بانتشار العنف والجريمة والإفلات من العقاب وبالتالي بتراجع الحقوق والحريات أو بالمصعد الاجتماعي التقليدي وهو التعليم الذي فقد قيمته، وهذا بالإضافة إلى اطلاع العائلات المشاركة على الإطار القانوني لدول الاستقبال الذي يمكن أن يتيح لها حسن الاستقبال والإحاطة هناك.

ويعتبر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انه من غير الممكن معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية خارج المقاربة الحقوقية والمرتبطة بحق إنساني أساسي وهو الحق في التنقل، وبالتالي كل المعالجات من المفروض أن تنطلق من هذا المبدإ. ويشير أن ذلك يمكن أن يكون في مرحلة أولية عبر فتح الدولة التونسية لمسارات هجرة آمنة ومنظمة لجميع الفئات وليس أن تكون الهجرة حكرا على فئات اقتصادية واجتماعية بعينها. عبر اعتماد مثلا عقود العمل الموسمية التي لها أن تشكل متنفسا. ويكون ذلك بالتوازي مع مسالة إعادة الأمل وإرساء مناخ من الثقة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وينبه بن عمر إلى أنه وأمام التوقعات بمواجهة سيناريوهات مرعبة في علاقة بميزانية الدولة ومسألة التزود بالمواد الأساسية ومزيد تردي الخدمات.. فإن ذلك قد يخلف مزيد التأزم للوضع الاجتماعي ويعمق العوامل الدافعة للهجرة في المرحلة القادمة، وإذا ما اعتبرنا أن العوامل المناخية غير ملائمة مع اقترابنا من فصل الشتاء فهناك تخوف كبير من أن تشهد الشواطئ التونسية مزيدا من المآسي والضحايا والمفقودين.

ريم سوودي

 

 

 ابتلعت 475 ضحية ومفقودا خلال 8 أشهر.. السواحل التونسية أكثر مأساوية من السواحل الليبية...

تونس- الصباح

غرق مركب هجرة غير نظامية بعد خروجه من السواحل التونسية بأمتار ووفاة كل أو بعض من كان عليه، فقدان مجموعة من الشبان الذين ركبوا البحر في اتجاه السواحل الايطالية وانعدام أي معلومة في شأنهم.. لفض البحر لعدد من الجثث من بينهم جثة رضيع أو طفل دون الخمس سنوات.. هي مجموعة من القصص رغم مأساويتها وحجم ثقلها الإنساني إلا أنها تتكرر لتزيد في إحصائيات ضحايا ظاهرة تبقى معالجتها مبتورة فتكتفي السلط الرسمية على مقاربتها الأمنية وحراسة الحدود في الوقت الذي يغذي نسق تصاعد الحالمين بالمغادرة والعيش في الضفة الأخرى للمتوسط، أكثر فأكثر طمع منظمي رحلات الهجرة فلا نوعية المركب تعنيه ولا امن المهاجر من أولوياته فالمهم تحقيق ربح اكبر في وقت اقصر بمآسي وضحايا أو دونها لا يهم.

مآس وألام رصد المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في متابعتها منذ بداية السنة والى حدود نهاية شهر أوت أكثر من 475 ضحية ومفقود في عمليات هجرة غير نظامية مقابل 388 مفقودا وضحية خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

ويمثل العدد المسجل هذه السنة2022، حسب رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أكثر من نصف عدد الضحايا والمفقودين في البحر الأبيض المتوسط الأوسط بمعنى أن السواحل التونسية أصبحت أكثر مأساوية من السواحل الليبية. ويفسر رمضان ذلك بغياب رؤية تونسية واضحة لقضايا الهجرة غير النظامية وخاصة للبعد الإنساني في هذه الظاهرة والذي منه ملف الضحايا والمفقودين.

وذكر أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد طالب الدولة التونسية منذ شهر فيفري بالعمل على إرساء منظومة وطنية للبحث والإنقاذ. يتم خلالها تشريك مختلف الهياكل المتدخلة على طول السواحل التونسية وبإمكانها أن تدمج فيها أيضا البحارة ومنظمات المجتمع المدني لضمان التحرك الآني والسريع وتجنب أو التخفيف من وطأة هذه المآسي. وبالتوازي مع ذلك تمت المطالبة أيضا بإطار وطني خاص بالمفقودين يعفي العائلات من الم المأساة التي يعيشونها بعد حدث الفقد أو الغرق، ويمكن أن يكون هذا الإطار تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية بالاشتراك مع مختلف الوزارات الأخرى ذات الصلة ومنظمات المجتمع المدني يهدف إلى الإحاطة بالعائلات النفسية والاجتماعية وتمكينهم من المعطيات الحينية متى توفرت ولمتابعة مسار البحث في مسار المفقودين وبالتالي يكون شكل من أشكال الاعتراف من قبل الدولة بمسؤوليتها على العوامل الدافعة للهجرة غير النظامية.

وقدر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عدد العائلات المشاركة في عمليات الهجرة غير النظامية منذ بداية السنة بنحو الـ500 عائلة. وأفاد بن عمر في هذا السياق أن التطور الحاصل في عدد الواصلين إلى ايطاليا لم يكن تطورا ضخما أو مفزعا، فتقريبا نحن بصدد تسجيل أرقام متقاربة ولكن الملفت هو التطور الحاصل في نسبة العائلات الواصلين ونسبة القصر هي التي شهدت ارتفاعا واضحا خلال هذه الفترة. وهو ما يجعلنا نقول أن الهجرة العائلية قد أخذت منحى متصاعدا مؤخرا.

ويعود هذا الارتفاع حسب رأي بن عمر إلى عديد الأسباب منها ما هو مرتبط بالوضع العام والمناخ السياسي في البلاد ومنها ما هو مرتبط بالوضع الاقتصادي والاجتماعي وتراجع جودة العيش في تونس والانهيار الكبير للخدمات العمومية والفضاء العام الذي أصبح يتسم بانتشار العنف والجريمة والإفلات من العقاب وبالتالي بتراجع الحقوق والحريات أو بالمصعد الاجتماعي التقليدي وهو التعليم الذي فقد قيمته، وهذا بالإضافة إلى اطلاع العائلات المشاركة على الإطار القانوني لدول الاستقبال الذي يمكن أن يتيح لها حسن الاستقبال والإحاطة هناك.

ويعتبر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انه من غير الممكن معالجة ظاهرة الهجرة غير النظامية خارج المقاربة الحقوقية والمرتبطة بحق إنساني أساسي وهو الحق في التنقل، وبالتالي كل المعالجات من المفروض أن تنطلق من هذا المبدإ. ويشير أن ذلك يمكن أن يكون في مرحلة أولية عبر فتح الدولة التونسية لمسارات هجرة آمنة ومنظمة لجميع الفئات وليس أن تكون الهجرة حكرا على فئات اقتصادية واجتماعية بعينها. عبر اعتماد مثلا عقود العمل الموسمية التي لها أن تشكل متنفسا. ويكون ذلك بالتوازي مع مسالة إعادة الأمل وإرساء مناخ من الثقة في الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

وينبه بن عمر إلى أنه وأمام التوقعات بمواجهة سيناريوهات مرعبة في علاقة بميزانية الدولة ومسألة التزود بالمواد الأساسية ومزيد تردي الخدمات.. فإن ذلك قد يخلف مزيد التأزم للوضع الاجتماعي ويعمق العوامل الدافعة للهجرة في المرحلة القادمة، وإذا ما اعتبرنا أن العوامل المناخية غير ملائمة مع اقترابنا من فصل الشتاء فهناك تخوف كبير من أن تشهد الشواطئ التونسية مزيدا من المآسي والضحايا والمفقودين.

ريم سوودي