قبل صدور القانون الانتخابي الذي من المفروض أن يتم قبل 17 سبتمبر الجاري وقبل الإطلاع عن فحواه، قررت بعض القوى السياسية مقاطعة الانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل وعدم الاعتراف بشرعيتها، وتستعد بعض القوى الأخرى إلى الإعلان عن نفس الموقف الأمر الذي قد يؤدي إلى تكرار نفس ما حصل بمناسبة الاستفتاء في الدستور الجديد من تحركات احتجاجية وتشكيك في نزاهة المسار الانتخابي وعدم اعتراف بالنتائج، وربما قد يتسبب في مزيد من تضييق الخناق على تونس من قبل المجتمع الدولي.
فالحزب الدستوري الحر أعلن عن عدم اعترافه بالانتخابات التشريعية المرتقبة، أما جبهة الخلاص الوطني المتكونة من من حزب "حركة النهضة" وحزب "أمل" وحزب "حراك تونس الإرادة" وحزب "ائتلاف الكرامة" وحزب "قلب تونس" وحراك "مواطنون ضد الانقلاب المبادرة الديمقراطية" و"اللقاء الوطني للإنقاذ" و"توانسة من أجل الديمقراطية" و"اللقاء من أجل تونس" و"اللقاء الشبابي من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية" و"تنسيقية نواب البرلمان" فقد قررت مقاطعة الانتخابات القادمة.. وبالنسبة إلى الأحزاب الخمسة المشاركة في الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء وهي "العمال" و"الجمهوري" و"القطب" و"التيار الديمقراطي" و"التكتل" فإنها وحسب ما أشار إليه الجيلاني الهمامي الناطق الرسمي باسم "حزب العمال" تتجه نحو اتخاذ نفس الموقف. وبين أن الأحزاب الخمسة قامت بحملة وطنية لإسقاط الاستفتاء وساهمت مع بقية الطيف السياسي في خلق نسبة من الفراغ حول صناديق الاقتراع إذ كانت نسبة المقاطعة نسبة معتبرة.. وأشار إلى أن الأحزاب الخمسة مازالت تنسق مع بعضها البعض وفي هذا الإطار أصدرت مؤخرا بيانا مشتركا حول غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية للتونسيين وهي الآن بصدد نقاش موضوع الانتخابات وهناك توجه عام نحو المقاطعة.. وفسر أن موقف الخماسي من الانتخابات القادمة ليس مرهونا في صدور القانون الانتخابي الجديد، لأن الأحزاب الخمسة تعرف مسبقا أن هذا القانون سيكون على شاكلة المراسيم السابقة التي أصدرها الرئيس سعيد وستكون على مقاس سعيد، فهو يريد سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات التشريعية على الأفراد ويريد إعادة تقسيم الدوائر بكيفية تجعله يضع المؤسسة البرلمانية تحت إبطه وتجعله يتحكم فيها كما يريد وهو ما مهده الدستور الذي وضعه بنفسه، فهذا الدستور حسب رأي الهمامي جرد السلطة التشريعية من صلاحياتها الحقيقية وحولها إلى وظيفة تجسم مشاريع سعيد.
وعن سؤال آخر حول سبب عدم دخول الأحزاب الخمسة لفي جبهة موحدة مع بقية القوى السياسية المعارضة لمسار 25 جويلية على غرار "جبهة الخلاص الوطني" و"الحزب الدستوري الحر" بما أنه كان لديها نفس الموقف من الاستشارة الوطنية ومن مشروع الدستور ومن الاستفتاء واليوم تقريبا لديها نفس الموقف من القانون الانتخابي والانتخابات التشريعية التي ستقام على أساس هذا القانون، أجاب الجيلاني الهمامي أن الأحزاب الخمسة ظاهريا، تشترك في الموقف من الانقلاب حسب وصفه ومن المشاركة في الانتخابات ولكن المنطلقات مختلفة والأهداف مختلفة. وبين أن الدخول في عمل سياسي مشترك مع طرف من الأطراف يقتضي على الأقل توافق على أهداف مشتركة ولكن جبهة الخلاص وتحديدا حركة النهضة لها مشروع خاص بها والحزب الدستوري الحر له مشروع خاص به والخماسي له رؤية مختلفة تماما فهو يعتبر أنه لا يوجد فرق بين النهضة والحزب الدستوري الحر، فالدستوري الحر هو سليل التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الذي حكم تونس قبل الثورة وتسبب في ما وصلت إليه البلاد من انسداد، والنهضة هي التي حكمت البلاد بعد الثورة وتسببت في خرابها على جميع الأصعدة. وأشار إلى أن النهضة والحزب الدستوري الحر وقيس سعيد لهم هدف واحد وهو الحكم، وفسر أنه بالنسبة إلى الخماسي فإن القضية الأهم ليست قضية الوصول إلى الحكم بل إنقاذ البلاد ووضعها على السكة لكي تتحسن التنمية والاستثمار ويتوفر التشغيل وأسباب العيش الكريم للأسر. وقال إن همهم الأكبر هو إخراج البلاد من الأزمة.
رفض المسار
وبخصوص موقف حزب العمال من الانتخابات المرتقبة وطريقة صياغة القانون الانتخابي بين الجيلاني الهمامي أن حزب العمال كان قد أعلن موقفه من مسار 25 جويلية منذ يوم 26 جويلية 2021 وكان سباقا في وصف ما أقدم عليه رئيس الجمهورية يومها بالانقلاب، ثم تمسك لاحقا بنفس الموقف لأن سعيد كان يقدم للشعب كل يوم برهانا جديدا على أن ما فعله هو انقلاب. وعمل الحزب على حد قوله على إقناع القوى السياسية والمدنية بحصول انقلاب في تونس وهو ما استوعبته العديد من الأطراف.. وذكر أن من اعتبر ما حدث يوم 25 جويلية 2021 انقلابا فإنه بالضرورة لا يوافق على خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيد ولم تعد تعنيه الاستشارة الوطنية أو الاستفتاء في الدستور أو القانون الانتخابي أو الانتخابات التشريعية. وبين الهمامي في تصريح لـ "الصباح" أن حزب العمال غير معني بالمسار ككل وبالتالي فالقانون الانتخابي لا يعنيه والانتخابات التشريعية لا تعنيه ولديه اليوم أكثر من حافز لكي يدفع التونسيين إلى اتخاذ موقف عملي وجدي من المسار برمته وذلك عبر حركة احتجاجية وطنية في البلاد على الرئيس سعيد الذي يريد اغتصاب الحكم بالقوة ويريد إرساء نظام دكتاتوري رغم أنف الجميع والذي لا يولي أدنى اهتمام للمسألة الاقتصادية وبالتالي هو يدفع بشكل غير مباشر نحو الخراب.
وباستفساره عن رأيه في ما قاله رئيس الجمهورية يوم الاثنين الماضي خلال اللقاء الذي جمعه برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول القانون الانتخابي، ذكر الجيلاني الهمامي أنه يستغرب استنكار البعض صياغة القانون الانتخابي بطريقة انفرادية، لأن الرئيس سعيد صاغ دستورا كاملا بطريقة انفرادية وصاغ جميع المراسيم بمفرده بما فيها تلك المراسيم التي تهم حياة التونسيين وأهمها المرسوم المتعلق بمراجعة قانون التقاعد، وبين أنه من حيث المبدأ فإن حزب العمال ضد هذا الأسلوب في صياغة النصوص التشريعية، لأن هذا الأسلوب لا يتبعه إلا دكتاتور وذلك لكي يتمكن من تسيير البلاد على هواه.
وخلص محدثنا إلى التأكيد على اعتراضه على القانون الانتخابي شكلا ومضمونا وبين أنه يدعو الأحزاب السياسية التقدمية والمنظمات الوطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أن تتصدى لهذا المسار ويطلب من الشعب التونسي أن يحتج وينتفض فبهذه الكيفية يمكن إزاحة الرئيس سعيد كما تمت إزاحة بن علي وتتولى القوى التقدمية ومن بينها الأحزاب الخمسة تشكيل حكومة مؤقتة ليتم تعليق بقية المؤسسات أي رئاسة الجمهورية وحكومة نجلاء بودن، وتعقيبا عن سؤال مفاده ما إذا لا يعتبر هذا الأمر انقلابا، أجاب الناطق الرسمي باسم حزب العمال أنه ليس بالانقلاب لأن الشعب هو الذي سيحتج وهو الذي سيدفع الرئيس سعيد إلى التخلي عن الحكم وهذا ما حدث سنة 2011 وسمي بالثورة وليس بالانقلاب وحتى عندما أريد مغالطة الشعب وذلك لما تم تكوين حكومة محمد الغنوشي فإن الشعب رفض ذلك. وقال إن المطلوب من الشعب التونسي أن يحتج وأن يدافع عن نفسه لأنه ليس من مصلحته الصمت حيال احتكار سعيد للسلطة وحيال الأزمة الاقتصادية وفقدان المواد الاستهلاكية وارتفاع الأسعار وتزايد نسبة البطالة وغلق المؤسسات. وبين أن الشعب عندما يحتج فإنه سيفتح أمامه أفقا أخرى غير أفق سعيد. وذكر أن الشعب قام في نهاية سنة 2010 بمحاولة لكنها لم تنجح وعليه أن يقوم بمحاولة أخرى وينجح فيها من أجل بناء اقتصاد وطني ومن أجل خلق شخصية جديدة للدولة التونسية في علاقاتها الخارجية مع الأحلاف والقوى الدولية ومن أجل شعب له سيادة ويتعامل مع محيطه الإقليمي والدولي من موقع الندية.
مقاطعة
إضافة إلى ما أشار إليه الجيلاني الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال، فقد أعلن نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني أول أمس عن قرار الجبهة القاضي بمقاطعة الانتخابات التشريعية المرتقبة لأساب عدة أهمها أن الرئيس سعيد انفرد بصياغة القانون الانتخابي هذا القانون المهم الذي ينظم مؤسسة كبيرة في البلاد لذلك لا يمكن الموافقة على هذا التمشي. وأضاف أن هذا القرار جاء في سياق انقلابي على الشرعية الدستورية هذا السياق الذي استنكرته الجبهة استنكرت منذ البداية.
وذكر الشابي أن القانون الانتخابي يأتي في سياق كامل آخره الاستفتاء الذي أدار له الشعب التونسي ظهره وجاء في سياق انقلابي لا يمكنهم في جبهة الخلاص الوطني تزكيته وفي سياق انفرادي إقصائي لا يمكنهم الانخراط فيه. ومن بين الأسباب الأخرى لقرار المقاطعة حسب الشابي، هو أن الانتخابات ستشرف عليها هيئة غير محادية بل هي موالية للسلطة التي نصبتها وهي هيئة تلاعبت بالنتائج ولا يمكنها أن تحظى بثقة الجبهة الوطنية للخلاص كما أن البرلمان الذي سيتم انتخابه فاقد للشرعية لان الدستور أرسى الحكم الفردي المطلق وجرد السلطة التشريعية من صلاحياتها بما يجعل المشاركة في الانتخابات التشريعية مشاركة ديكورية على غرار ما كانت عليه في عهد بن علي.
وحسب قوله فقد قررت الجبهة عدم الانخراط في المسلسل الانقلابي حتى تعود الديمقراطية وبين أنهم متمسكون بعودة الشرعية على أساس دستور 2014 وتنظيم انتخابات مبكرة شفافة تحت إشراف هيئة عليا مستقلة للانتخابات تحظى بثقة الجميع.
عدم اعتراف
أما الحزب الدستوري الحر فقد جاء على لسان رئيسته عبير موسي أن حزبها لن يعترف بالانتخابات التشريعية بل هو أساسا ينزع الصفة عن هذه الانتخابات التي يروج لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصاره، وذهبت رئيسة الحزب إلى أبعد من ذلك وحذرت من وجود دولة الخلافة التي تتقدم بخطى حثيثة عبر تعزيز حكم الخليفة ببرلمان في شكل مجلس شورى على طريقة دستور الخلافة المقترح من قبل حزب التحرير. وحمل الحزب الدستوري الحر المسؤولية للمنتظم الأممي ودعاه إلى إصدار بيانات عدم الاعتراف بانتخابات الاعتداء على الإرادة الشعبية التونسية وخرق مقتضيات الشرعية الدولية، وطالب مؤسسات مراقبة سلامة الانتخابات بإصدار بيانات عدم الاعتراف بانتخابات مخالفة للمعايير الدولية ومقاطعة عملية المراقبة ..
وقالت موسي أول أمس في لقاء إعلامي إن القانون الانتخابي يصاغ حاليا في غرف مغلقة وإنها ترفض تزكية هذا القانون ومنحه الشرعية والمشاركة في الجريمة، وبينت أنه إذا صح ما يتم تداوله من أخبار حول إصدار قانون انتخابي مخالف للمعايير الدولية وإذا صحت التسريبات التي تفيد بأن الانتخابات ستتم على مقاس الرئيس فإنها تذكر بضرورة احترام المعايير الدولية ومدونة حسن السلوك الانتخابي التي أعدتها لجنة البندقية بطلب من الجمعية البرلمانية التابعة لمجلس أوربا هذا المجلس الذي تجمعه بالدولة التونسية خلال فترة 2022ـ 2025 اتفاقيات وبرامج تهدف إلى دعم الديمقراطية حقوق الإنسان وضمان سيادة الدولة ودولة القانون، وهو ما يعني حسب قولها أن المعايير الدولية للانتخابات ملزمة للدولة التونسية لأن تونس لم تنسحب من لجنة البندقية ولأن مجلس أوروبا لم يلغ علاقاته بتونس. وخلصت رئيسة الحزب الدستوري الحر إلى التأكيد على أنه في صورة ما إذا صحت تلك التسريبات فإن حزبها لن يعترف بما يسمى بالانتخابات التشريعية ولن يكون معني بها ولن يكون شريكا في ما وصفته بجريمة الدولة التي سيرتكبها الحاكم بأمره وتقصد رئيس الجمهورية قيس سعيد بصحبة جوقته مثلما لم يعترف في السابق بما سمي بالاستفتاء على الدستور لأن الانتخابات ستكون وفق تعبيرها عملية تحيل جديدة تتم فيها تزكية اسمية لمجلس وهذا المجلس ليس مجلس نواب شعب بل مجلس شورى على شاكلة ما جاء في دستور دولة الخلافة وبالتالي الانتخابات المرتقبة لن تكوين مستجيبة لأبجديات المعايير الدولية ومعايير الشرعية الدولية التي يجب على الدولة التونسية احترامها..
وأضافت أنه ليس من حق الرئيس سعيد ليلة الانتخابات صياغة قانون على المقاس وتغيير نظام الاقتراع وتغيير تقسيم الدوائر وتغيير شروط الترشح بكيفية تجعله يقصي من يريد ويترك من يريد وذكرت أنه مهما كان النظام المعتمد والقانون الذي سيتم إصداره في الرائد الرسمي فان الحزب الدستوري الحر لن يعترف به ولن يكون معنيا بالمحطة الانتخابية المرتقبة ولن يعترف بنتائج الانتخابات وهو يعلن أنها غير شرعية، وذكرت أن حزبها أعلن بوضوح أمام المنتظم الأممي أن تونس خارج الشرعية الدولية وخارج الشرعية الدستورية.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
قبل صدور القانون الانتخابي الذي من المفروض أن يتم قبل 17 سبتمبر الجاري وقبل الإطلاع عن فحواه، قررت بعض القوى السياسية مقاطعة الانتخابات التشريعية المنتظر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل وعدم الاعتراف بشرعيتها، وتستعد بعض القوى الأخرى إلى الإعلان عن نفس الموقف الأمر الذي قد يؤدي إلى تكرار نفس ما حصل بمناسبة الاستفتاء في الدستور الجديد من تحركات احتجاجية وتشكيك في نزاهة المسار الانتخابي وعدم اعتراف بالنتائج، وربما قد يتسبب في مزيد من تضييق الخناق على تونس من قبل المجتمع الدولي.
فالحزب الدستوري الحر أعلن عن عدم اعترافه بالانتخابات التشريعية المرتقبة، أما جبهة الخلاص الوطني المتكونة من من حزب "حركة النهضة" وحزب "أمل" وحزب "حراك تونس الإرادة" وحزب "ائتلاف الكرامة" وحزب "قلب تونس" وحراك "مواطنون ضد الانقلاب المبادرة الديمقراطية" و"اللقاء الوطني للإنقاذ" و"توانسة من أجل الديمقراطية" و"اللقاء من أجل تونس" و"اللقاء الشبابي من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية" و"تنسيقية نواب البرلمان" فقد قررت مقاطعة الانتخابات القادمة.. وبالنسبة إلى الأحزاب الخمسة المشاركة في الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء وهي "العمال" و"الجمهوري" و"القطب" و"التيار الديمقراطي" و"التكتل" فإنها وحسب ما أشار إليه الجيلاني الهمامي الناطق الرسمي باسم "حزب العمال" تتجه نحو اتخاذ نفس الموقف. وبين أن الأحزاب الخمسة قامت بحملة وطنية لإسقاط الاستفتاء وساهمت مع بقية الطيف السياسي في خلق نسبة من الفراغ حول صناديق الاقتراع إذ كانت نسبة المقاطعة نسبة معتبرة.. وأشار إلى أن الأحزاب الخمسة مازالت تنسق مع بعضها البعض وفي هذا الإطار أصدرت مؤخرا بيانا مشتركا حول غلاء المعيشة وتدهور المقدرة الشرائية للتونسيين وهي الآن بصدد نقاش موضوع الانتخابات وهناك توجه عام نحو المقاطعة.. وفسر أن موقف الخماسي من الانتخابات القادمة ليس مرهونا في صدور القانون الانتخابي الجديد، لأن الأحزاب الخمسة تعرف مسبقا أن هذا القانون سيكون على شاكلة المراسيم السابقة التي أصدرها الرئيس سعيد وستكون على مقاس سعيد، فهو يريد سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات التشريعية على الأفراد ويريد إعادة تقسيم الدوائر بكيفية تجعله يضع المؤسسة البرلمانية تحت إبطه وتجعله يتحكم فيها كما يريد وهو ما مهده الدستور الذي وضعه بنفسه، فهذا الدستور حسب رأي الهمامي جرد السلطة التشريعية من صلاحياتها الحقيقية وحولها إلى وظيفة تجسم مشاريع سعيد.
وعن سؤال آخر حول سبب عدم دخول الأحزاب الخمسة لفي جبهة موحدة مع بقية القوى السياسية المعارضة لمسار 25 جويلية على غرار "جبهة الخلاص الوطني" و"الحزب الدستوري الحر" بما أنه كان لديها نفس الموقف من الاستشارة الوطنية ومن مشروع الدستور ومن الاستفتاء واليوم تقريبا لديها نفس الموقف من القانون الانتخابي والانتخابات التشريعية التي ستقام على أساس هذا القانون، أجاب الجيلاني الهمامي أن الأحزاب الخمسة ظاهريا، تشترك في الموقف من الانقلاب حسب وصفه ومن المشاركة في الانتخابات ولكن المنطلقات مختلفة والأهداف مختلفة. وبين أن الدخول في عمل سياسي مشترك مع طرف من الأطراف يقتضي على الأقل توافق على أهداف مشتركة ولكن جبهة الخلاص وتحديدا حركة النهضة لها مشروع خاص بها والحزب الدستوري الحر له مشروع خاص به والخماسي له رؤية مختلفة تماما فهو يعتبر أنه لا يوجد فرق بين النهضة والحزب الدستوري الحر، فالدستوري الحر هو سليل التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الذي حكم تونس قبل الثورة وتسبب في ما وصلت إليه البلاد من انسداد، والنهضة هي التي حكمت البلاد بعد الثورة وتسببت في خرابها على جميع الأصعدة. وأشار إلى أن النهضة والحزب الدستوري الحر وقيس سعيد لهم هدف واحد وهو الحكم، وفسر أنه بالنسبة إلى الخماسي فإن القضية الأهم ليست قضية الوصول إلى الحكم بل إنقاذ البلاد ووضعها على السكة لكي تتحسن التنمية والاستثمار ويتوفر التشغيل وأسباب العيش الكريم للأسر. وقال إن همهم الأكبر هو إخراج البلاد من الأزمة.
رفض المسار
وبخصوص موقف حزب العمال من الانتخابات المرتقبة وطريقة صياغة القانون الانتخابي بين الجيلاني الهمامي أن حزب العمال كان قد أعلن موقفه من مسار 25 جويلية منذ يوم 26 جويلية 2021 وكان سباقا في وصف ما أقدم عليه رئيس الجمهورية يومها بالانقلاب، ثم تمسك لاحقا بنفس الموقف لأن سعيد كان يقدم للشعب كل يوم برهانا جديدا على أن ما فعله هو انقلاب. وعمل الحزب على حد قوله على إقناع القوى السياسية والمدنية بحصول انقلاب في تونس وهو ما استوعبته العديد من الأطراف.. وذكر أن من اعتبر ما حدث يوم 25 جويلية 2021 انقلابا فإنه بالضرورة لا يوافق على خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيد ولم تعد تعنيه الاستشارة الوطنية أو الاستفتاء في الدستور أو القانون الانتخابي أو الانتخابات التشريعية. وبين الهمامي في تصريح لـ "الصباح" أن حزب العمال غير معني بالمسار ككل وبالتالي فالقانون الانتخابي لا يعنيه والانتخابات التشريعية لا تعنيه ولديه اليوم أكثر من حافز لكي يدفع التونسيين إلى اتخاذ موقف عملي وجدي من المسار برمته وذلك عبر حركة احتجاجية وطنية في البلاد على الرئيس سعيد الذي يريد اغتصاب الحكم بالقوة ويريد إرساء نظام دكتاتوري رغم أنف الجميع والذي لا يولي أدنى اهتمام للمسألة الاقتصادية وبالتالي هو يدفع بشكل غير مباشر نحو الخراب.
وباستفساره عن رأيه في ما قاله رئيس الجمهورية يوم الاثنين الماضي خلال اللقاء الذي جمعه برئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول القانون الانتخابي، ذكر الجيلاني الهمامي أنه يستغرب استنكار البعض صياغة القانون الانتخابي بطريقة انفرادية، لأن الرئيس سعيد صاغ دستورا كاملا بطريقة انفرادية وصاغ جميع المراسيم بمفرده بما فيها تلك المراسيم التي تهم حياة التونسيين وأهمها المرسوم المتعلق بمراجعة قانون التقاعد، وبين أنه من حيث المبدأ فإن حزب العمال ضد هذا الأسلوب في صياغة النصوص التشريعية، لأن هذا الأسلوب لا يتبعه إلا دكتاتور وذلك لكي يتمكن من تسيير البلاد على هواه.
وخلص محدثنا إلى التأكيد على اعتراضه على القانون الانتخابي شكلا ومضمونا وبين أنه يدعو الأحزاب السياسية التقدمية والمنظمات الوطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أن تتصدى لهذا المسار ويطلب من الشعب التونسي أن يحتج وينتفض فبهذه الكيفية يمكن إزاحة الرئيس سعيد كما تمت إزاحة بن علي وتتولى القوى التقدمية ومن بينها الأحزاب الخمسة تشكيل حكومة مؤقتة ليتم تعليق بقية المؤسسات أي رئاسة الجمهورية وحكومة نجلاء بودن، وتعقيبا عن سؤال مفاده ما إذا لا يعتبر هذا الأمر انقلابا، أجاب الناطق الرسمي باسم حزب العمال أنه ليس بالانقلاب لأن الشعب هو الذي سيحتج وهو الذي سيدفع الرئيس سعيد إلى التخلي عن الحكم وهذا ما حدث سنة 2011 وسمي بالثورة وليس بالانقلاب وحتى عندما أريد مغالطة الشعب وذلك لما تم تكوين حكومة محمد الغنوشي فإن الشعب رفض ذلك. وقال إن المطلوب من الشعب التونسي أن يحتج وأن يدافع عن نفسه لأنه ليس من مصلحته الصمت حيال احتكار سعيد للسلطة وحيال الأزمة الاقتصادية وفقدان المواد الاستهلاكية وارتفاع الأسعار وتزايد نسبة البطالة وغلق المؤسسات. وبين أن الشعب عندما يحتج فإنه سيفتح أمامه أفقا أخرى غير أفق سعيد. وذكر أن الشعب قام في نهاية سنة 2010 بمحاولة لكنها لم تنجح وعليه أن يقوم بمحاولة أخرى وينجح فيها من أجل بناء اقتصاد وطني ومن أجل خلق شخصية جديدة للدولة التونسية في علاقاتها الخارجية مع الأحلاف والقوى الدولية ومن أجل شعب له سيادة ويتعامل مع محيطه الإقليمي والدولي من موقع الندية.
مقاطعة
إضافة إلى ما أشار إليه الجيلاني الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال، فقد أعلن نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الوطني أول أمس عن قرار الجبهة القاضي بمقاطعة الانتخابات التشريعية المرتقبة لأساب عدة أهمها أن الرئيس سعيد انفرد بصياغة القانون الانتخابي هذا القانون المهم الذي ينظم مؤسسة كبيرة في البلاد لذلك لا يمكن الموافقة على هذا التمشي. وأضاف أن هذا القرار جاء في سياق انقلابي على الشرعية الدستورية هذا السياق الذي استنكرته الجبهة استنكرت منذ البداية.
وذكر الشابي أن القانون الانتخابي يأتي في سياق كامل آخره الاستفتاء الذي أدار له الشعب التونسي ظهره وجاء في سياق انقلابي لا يمكنهم في جبهة الخلاص الوطني تزكيته وفي سياق انفرادي إقصائي لا يمكنهم الانخراط فيه. ومن بين الأسباب الأخرى لقرار المقاطعة حسب الشابي، هو أن الانتخابات ستشرف عليها هيئة غير محادية بل هي موالية للسلطة التي نصبتها وهي هيئة تلاعبت بالنتائج ولا يمكنها أن تحظى بثقة الجبهة الوطنية للخلاص كما أن البرلمان الذي سيتم انتخابه فاقد للشرعية لان الدستور أرسى الحكم الفردي المطلق وجرد السلطة التشريعية من صلاحياتها بما يجعل المشاركة في الانتخابات التشريعية مشاركة ديكورية على غرار ما كانت عليه في عهد بن علي.
وحسب قوله فقد قررت الجبهة عدم الانخراط في المسلسل الانقلابي حتى تعود الديمقراطية وبين أنهم متمسكون بعودة الشرعية على أساس دستور 2014 وتنظيم انتخابات مبكرة شفافة تحت إشراف هيئة عليا مستقلة للانتخابات تحظى بثقة الجميع.
عدم اعتراف
أما الحزب الدستوري الحر فقد جاء على لسان رئيسته عبير موسي أن حزبها لن يعترف بالانتخابات التشريعية بل هو أساسا ينزع الصفة عن هذه الانتخابات التي يروج لها رئيس الجمهورية قيس سعيد وأنصاره، وذهبت رئيسة الحزب إلى أبعد من ذلك وحذرت من وجود دولة الخلافة التي تتقدم بخطى حثيثة عبر تعزيز حكم الخليفة ببرلمان في شكل مجلس شورى على طريقة دستور الخلافة المقترح من قبل حزب التحرير. وحمل الحزب الدستوري الحر المسؤولية للمنتظم الأممي ودعاه إلى إصدار بيانات عدم الاعتراف بانتخابات الاعتداء على الإرادة الشعبية التونسية وخرق مقتضيات الشرعية الدولية، وطالب مؤسسات مراقبة سلامة الانتخابات بإصدار بيانات عدم الاعتراف بانتخابات مخالفة للمعايير الدولية ومقاطعة عملية المراقبة ..
وقالت موسي أول أمس في لقاء إعلامي إن القانون الانتخابي يصاغ حاليا في غرف مغلقة وإنها ترفض تزكية هذا القانون ومنحه الشرعية والمشاركة في الجريمة، وبينت أنه إذا صح ما يتم تداوله من أخبار حول إصدار قانون انتخابي مخالف للمعايير الدولية وإذا صحت التسريبات التي تفيد بأن الانتخابات ستتم على مقاس الرئيس فإنها تذكر بضرورة احترام المعايير الدولية ومدونة حسن السلوك الانتخابي التي أعدتها لجنة البندقية بطلب من الجمعية البرلمانية التابعة لمجلس أوربا هذا المجلس الذي تجمعه بالدولة التونسية خلال فترة 2022ـ 2025 اتفاقيات وبرامج تهدف إلى دعم الديمقراطية حقوق الإنسان وضمان سيادة الدولة ودولة القانون، وهو ما يعني حسب قولها أن المعايير الدولية للانتخابات ملزمة للدولة التونسية لأن تونس لم تنسحب من لجنة البندقية ولأن مجلس أوروبا لم يلغ علاقاته بتونس. وخلصت رئيسة الحزب الدستوري الحر إلى التأكيد على أنه في صورة ما إذا صحت تلك التسريبات فإن حزبها لن يعترف بما يسمى بالانتخابات التشريعية ولن يكون معني بها ولن يكون شريكا في ما وصفته بجريمة الدولة التي سيرتكبها الحاكم بأمره وتقصد رئيس الجمهورية قيس سعيد بصحبة جوقته مثلما لم يعترف في السابق بما سمي بالاستفتاء على الدستور لأن الانتخابات ستكون وفق تعبيرها عملية تحيل جديدة تتم فيها تزكية اسمية لمجلس وهذا المجلس ليس مجلس نواب شعب بل مجلس شورى على شاكلة ما جاء في دستور دولة الخلافة وبالتالي الانتخابات المرتقبة لن تكوين مستجيبة لأبجديات المعايير الدولية ومعايير الشرعية الدولية التي يجب على الدولة التونسية احترامها..
وأضافت أنه ليس من حق الرئيس سعيد ليلة الانتخابات صياغة قانون على المقاس وتغيير نظام الاقتراع وتغيير تقسيم الدوائر وتغيير شروط الترشح بكيفية تجعله يقصي من يريد ويترك من يريد وذكرت أنه مهما كان النظام المعتمد والقانون الذي سيتم إصداره في الرائد الرسمي فان الحزب الدستوري الحر لن يعترف به ولن يكون معنيا بالمحطة الانتخابية المرتقبة ولن يعترف بنتائج الانتخابات وهو يعلن أنها غير شرعية، وذكرت أن حزبها أعلن بوضوح أمام المنتظم الأممي أن تونس خارج الشرعية الدولية وخارج الشرعية الدستورية.