إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سياسيون يقيمون "تيكاد 8".. القمة فكت العزلة عن تونس.. والمطلوب دفع الدبلوماسية الاقتصادية

تونس- الصباح

أسدل أول أمس الستار على المنتدى الاقتصادي الإفريقي الياباني المنعقد بتونس في إطار القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا" تيكاد 8"، وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث بالنسبة إلى المستثمرين العموميين والخواص وبالنسبة إلى الدولة التونسية بشكل عام، فإنه من الضروري جدا، وفق ما أشار إليه عدد من السياسيين في تصريحات لـ "الصباح"، متابعة مخرجات القمة والعمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون تحويل الوعود الاستثمارية إلى منجزات حقيقية تستفيد منها المجموعة الوطنية، وخاصة دفع الدبلوماسية الاقتصادية وتحسين التمثيل الدبلوماسي لتونس في العمق الإفريقي وتطوير النقل الجوي والبحري. 

ففي هذا السياق أشار حاتم المليكي إلى أن تنظيم قمة اقتصادية في الظرف الاستثنائي الذي تمر به تونس يعد مسألة ايجابية تنم عن وجود حد أدنى من ثقة المتعاملين الاقتصاديين الدوليين في بلادنا، كما أن تنظيم القمة يدل على أن الإدارة التونسية رغم غياب الاستقرار مازالت قائمة بدورها على النحو المطلوب فأعوان الدولة قاموا بواجبهم وأجهزة الدولة عملت على توفير ظروف طيبة لعقد القمة.

ولاحظ المليكي أن هناك مستوى عاليا لتأمين القمة أمنيا وتنظيميا وهو ما يطمئن التونسيين على أن هناك جهازا قادرا على تنظيم مثل هذه التظاهرات الكبرى. وبين أن قمة تيكاد هي قمة اقتصادية بالأساس وإضافة إلى اليابان فإن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين أعربت عن استعدادها لتنظيم قمم اقتصادية في إفريقيا وهذا من شأنه أن يتيح الكثير من الفرص الاستثمارية.

وذكر المليكي أن الواضح في قمة تيكاد هو ان القطاع الخاص كان أفضل استعدادا لهذا الحدث من القطاع العام من حيث تقديم أفكار المشاريع وإعداد خطط واضحة لإنجازها، وفي المقابل لم يكن القطاع العام على أتم الاستعداد للقمة ولعل السبب يعود إلى تأثره بجائحة كوفيد وبالأزمة المالية العمومية ومشاكل تفاقم المديونية والعجز التجاري وغيرها، وعبر محدثنا عن أسفه لأنه لم يقع انتهاز جميع الفرص المتاحة للقيام بمفاوضات بين القطاع العام التونسي والقطاع الخاص الياباني وذكر أنه كان يتمنى لو أن القمة تمخضت عن مشاريع كبرى تستفيد منها الشركات العمومية، وبين أن هذا مفهوم لأن المستثمر الخاص وقبل أن يقدم على الاستثمار في أي دولة فإنه ينظر إلى مؤشر الصلابة المالية، ولكن في الوقت الراهن فإن أهم المؤسسات الدولية التي تقوم بتقييم  الصلابة المالية للدول خفضت من الترقيم السيادي لتونس وهو ما يجعل التعامل مع قطاع العام التونسي ليس مطروحا لدى المستثمر الأجنبي.

وخلص المليكي إلى أن القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية  حول التنمية في إفريقيا أفادت تونس نوعا ما لأنها إلى حد ما فكت العزلة عنها، وفسر النجاح النسبي بالإشارة إلى أنه لا يوجد حضور للدول الكبرى مثل الجزائر والمغرب وجنوب إفريقيا، فهذه الدول إما أنها قاطعت القمة أو أنها شاركت فيها بتمثيل ضعيف، لكن مهما كانت نسبة الحضور فإن تنظيم قمة في تونس يحضرها بعض الرؤساء والوفود يعد حسب قوله مسألة ايجابية وبين أن قضية التعاون الاقتصادي مع الدولة التونسية أصبحت معقدة بالنظر إلى مشكل تراجع التقييم السيادي ومشكل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصعوبات المالية العمومية، ففي ظل هذه المشاكل وغيرها يصعب القيام بشراكات اقتصادية بين تونس ودول أخرى.

القدرة على الانجاز

ويرى مصطفى بن أحمد أن تنظيم القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا في تونس مناسبة مهمة لا يمكن إلا تثمينها لأنها أتاحت فرصة التعاون بين تونس واليابان وجزء من القارة الإفريقية، إذ أن مثل هذه القمم تفتح الباب أمام الاستثمار وبعث المشاريع والتعاون مع العديد من الشركاء.

واستدرك محدثنا مشيرا إلى أن المهم ليس في تنظيم القمة بل في القدرة على انجاز المشاريع، وذكر أنه تم في ما مضى تنظيم منتديات استثمار لكن هناك مشاريع عديدة بقيت معلقة، وأشار إلى أن المشكلة في نظره لا تتمثل في مخرجات القمة بل في قدرة الدولة التونسية والإدارة على تحويل المشاريع إلى منجز حقيقي

وأوضح بن أحمد أنه من الناحية المبدئية فهو يؤكد على ضرورة تنمية التعاون الدولي لأن العالم بأسره يقوم على الشراكات والتعاون في المجال المالي والرقمي والطاقي وغيرها. وذكر أنه يجب على تونس الاستفادة من جميع فرص التعاون الدولي المتاحة خاصة وأن هناك مجالات جديدة للاستثمار وفرص حقيقية للتعاون مع اليابان وهي شريك له مصداقية كبيرة، وخلص إلى أن تنظيم قمة تيكاد في تونس خطوة ايجابية لكنها غير كافية إذ يجب الحرص كل الحرص على تذليل الصعوبات التي تعيق تنفيذ المشاريع والقيام بالإصلاحات العاجلة للإدارة والجباية ومناخ الاستثمار والديوانة فضلا عن مراجعة بعض التشريعات لأن مجلة الاستثمار تكاد تكون حبرا على ورق ولم تقع الاستفادة منها لأن الأهم من وضع النص القانوني هو توفير أدوات المراقبة والمرافقة والانجاز. فالقمة حسب وصفه قمة واعدة لكن تحويل هذه الوعود إلى حقيقة يتطلب مرحلة أخرى وآليات أخرى.

فوائد محدودة

أما معز بلحاج رحومة الأمين العام المساعد المكلف بالملف الاقتصادي بحزب العمل والانجاز، الحزب الذي يقوده عبد اللطيف المكي، فقال إن قمة تيكاد 8 حضر فيها قرابة 10 رؤساء دول فقط من ضمن 54 دولة افريقية. وبين أن تنظيم أي قمة في تونس وبصرف النظر عن الموقف ممن يحكم الدولة يعتبر مسألة ايجابية، لكن هذا لا يحول دون التذكير بمناسبات سابقة وأهمها مؤتمر 20ـ 20 الذي حضره العديد من رؤساء الدول والمؤسسات المالية وتمخض عن وعود ضخمة لدفع انجاز مشاريع هامة والسؤال المطروح هو ما الذي تحقق من هذه المشاريع وما الذي أنجز، وهو ما يعني أن المهم ليس فقط في عقد القمم والنجاح في تنظيمها بل هو في إيجاد الميكانيزمات الضرورية لتتمكن القمة من خلق ديناميكية حقيقية تدفع الاستثمار الخارجي في البلاد.

وذكر بلحاج رحومة أنه بالنظر إلى أن قمة تيكاد التي لم يحضرها سوى عشرة رؤساء، فإنه من المنطقي أن يطرح سؤال حول مدى استعداد تونس لهذه المحطة الهامة بهدف تقوية العلاقات مع الدول الإفريقية من ناحية ومن ناحية أخرى مع اليابان التي لعبت منذ سنوات عديدة دورا كبيرا في دعم الاستثمار في تونس وفي دعم الدولة التونسية بشكل عام. وذكر أن اليابان مثلها مثل الصين وغيرها من الدول فهي تبحث عن مواطئ قدم لها في إفريقيا، هذه القارة التي من المتوقع أن يصل عدد سكانها في غضون عشر سنوات إلى مليارين ونصف نسمة كما أنها أرضية خصبة للثروات الطبيعية قليلة الاستغلال، فهي قارة محط أنظار كل القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أن هذه الدول أصبحت تبحث عن تغيير المعادلة لأن الدول الإفريقية بصدد الاستفاقة فهي فهمت أن فرنسا هي أكثر دولة استغلت إفريقيا فالكثير من الدول الإفريقية تريد تغيير الحليف الاستراتيجي الفرنسي الذي كان أكثر استغلالا للثروات الإفريقية والأكثر هيمنة على الأنظمة السياسية في إفريقيا.

ولاحظ بلحاج رحومة أنه بفضل هذه الاستفاقة حققت عدة دول افريقية نسب نمو جيدة، وذكر أنه في ظل هذه التغيرات يجب على تونس أن تستفيد من الاتفاقية التي صادق عليها مجلس نواب الشعب سنة 2020 والمتعلقة بالسوق الحرة الإفريقية. وذكر أنه لا يمكن لهذه الاتفاقية أن يكون لها أي أثر في صورة عدم وجود دبلوماسية سياسية  قوية في افريقيا وفي صورة عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لدى الماسك بالسلطة لتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ودعم التمثيل الدبلوماسي لتونس في إفريقيا. وأشار إلى أنه خلال أزمة كوفيد وخلال الحرب الأوكرانية ورغم الصعوبات التي مرت بها أوروبا فقد ظل الفضاء الأوروبي هو السوق الرئيسي لتونس وهذا سيلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني الذي هو بطبعه في وضعية صعبة بل وضعية تكاد تكون كارثية وفق تعبيره.

وخلص محدثنا إلى أن تونس يكاد يكون لديها حضور دبلوماسي منعدم في إفريقيا مقارنة بدول أخرى مثل المغرب، كما أن المجال اللوجستي وهو أهم مجال يساعد على الدخول إلى العمق الإفريقي مازال ضعيفا للغاية سواء تعلق الأمر بالنقل الجوي أو البحري وهو ما يجعل البلاد بعيدة كل البعد عن الاستفادة من تيكاد 8. وأضاف أن تونس تتمتع بموقع استراتيجي مهم والمحمول على السلطة القائمة وخاصة رئاسة الجمهورية جعل محطة تيكاد فرصة لتحقيق نقلة نوعية للدخول إلى العمق الإفريقي، ولكن حسب اعتقاد بلحاج رحومة مازالت تونس بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا الحلم لأن مناخات الاستثمار للأسف الشديد مرتبطة كليا بالأفق السياسي.. وفسر أن الوضع السياسي يلقي بظلاله على مناخات الاستثمار ولهذا السبب فهو لا يتوقع تحقيق الكثير من قمة تيكاد 8.

سعيدة بوهلال

سياسيون يقيمون "تيكاد 8".. القمة فكت العزلة عن تونس.. والمطلوب دفع الدبلوماسية الاقتصادية

تونس- الصباح

أسدل أول أمس الستار على المنتدى الاقتصادي الإفريقي الياباني المنعقد بتونس في إطار القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا" تيكاد 8"، وبالنظر إلى أهمية هذا الحدث بالنسبة إلى المستثمرين العموميين والخواص وبالنسبة إلى الدولة التونسية بشكل عام، فإنه من الضروري جدا، وفق ما أشار إليه عدد من السياسيين في تصريحات لـ "الصباح"، متابعة مخرجات القمة والعمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون تحويل الوعود الاستثمارية إلى منجزات حقيقية تستفيد منها المجموعة الوطنية، وخاصة دفع الدبلوماسية الاقتصادية وتحسين التمثيل الدبلوماسي لتونس في العمق الإفريقي وتطوير النقل الجوي والبحري. 

ففي هذا السياق أشار حاتم المليكي إلى أن تنظيم قمة اقتصادية في الظرف الاستثنائي الذي تمر به تونس يعد مسألة ايجابية تنم عن وجود حد أدنى من ثقة المتعاملين الاقتصاديين الدوليين في بلادنا، كما أن تنظيم القمة يدل على أن الإدارة التونسية رغم غياب الاستقرار مازالت قائمة بدورها على النحو المطلوب فأعوان الدولة قاموا بواجبهم وأجهزة الدولة عملت على توفير ظروف طيبة لعقد القمة.

ولاحظ المليكي أن هناك مستوى عاليا لتأمين القمة أمنيا وتنظيميا وهو ما يطمئن التونسيين على أن هناك جهازا قادرا على تنظيم مثل هذه التظاهرات الكبرى. وبين أن قمة تيكاد هي قمة اقتصادية بالأساس وإضافة إلى اليابان فإن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصين أعربت عن استعدادها لتنظيم قمم اقتصادية في إفريقيا وهذا من شأنه أن يتيح الكثير من الفرص الاستثمارية.

وذكر المليكي أن الواضح في قمة تيكاد هو ان القطاع الخاص كان أفضل استعدادا لهذا الحدث من القطاع العام من حيث تقديم أفكار المشاريع وإعداد خطط واضحة لإنجازها، وفي المقابل لم يكن القطاع العام على أتم الاستعداد للقمة ولعل السبب يعود إلى تأثره بجائحة كوفيد وبالأزمة المالية العمومية ومشاكل تفاقم المديونية والعجز التجاري وغيرها، وعبر محدثنا عن أسفه لأنه لم يقع انتهاز جميع الفرص المتاحة للقيام بمفاوضات بين القطاع العام التونسي والقطاع الخاص الياباني وذكر أنه كان يتمنى لو أن القمة تمخضت عن مشاريع كبرى تستفيد منها الشركات العمومية، وبين أن هذا مفهوم لأن المستثمر الخاص وقبل أن يقدم على الاستثمار في أي دولة فإنه ينظر إلى مؤشر الصلابة المالية، ولكن في الوقت الراهن فإن أهم المؤسسات الدولية التي تقوم بتقييم  الصلابة المالية للدول خفضت من الترقيم السيادي لتونس وهو ما يجعل التعامل مع قطاع العام التونسي ليس مطروحا لدى المستثمر الأجنبي.

وخلص المليكي إلى أن القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية  حول التنمية في إفريقيا أفادت تونس نوعا ما لأنها إلى حد ما فكت العزلة عنها، وفسر النجاح النسبي بالإشارة إلى أنه لا يوجد حضور للدول الكبرى مثل الجزائر والمغرب وجنوب إفريقيا، فهذه الدول إما أنها قاطعت القمة أو أنها شاركت فيها بتمثيل ضعيف، لكن مهما كانت نسبة الحضور فإن تنظيم قمة في تونس يحضرها بعض الرؤساء والوفود يعد حسب قوله مسألة ايجابية وبين أن قضية التعاون الاقتصادي مع الدولة التونسية أصبحت معقدة بالنظر إلى مشكل تراجع التقييم السيادي ومشكل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وصعوبات المالية العمومية، ففي ظل هذه المشاكل وغيرها يصعب القيام بشراكات اقتصادية بين تونس ودول أخرى.

القدرة على الانجاز

ويرى مصطفى بن أحمد أن تنظيم القمة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا في تونس مناسبة مهمة لا يمكن إلا تثمينها لأنها أتاحت فرصة التعاون بين تونس واليابان وجزء من القارة الإفريقية، إذ أن مثل هذه القمم تفتح الباب أمام الاستثمار وبعث المشاريع والتعاون مع العديد من الشركاء.

واستدرك محدثنا مشيرا إلى أن المهم ليس في تنظيم القمة بل في القدرة على انجاز المشاريع، وذكر أنه تم في ما مضى تنظيم منتديات استثمار لكن هناك مشاريع عديدة بقيت معلقة، وأشار إلى أن المشكلة في نظره لا تتمثل في مخرجات القمة بل في قدرة الدولة التونسية والإدارة على تحويل المشاريع إلى منجز حقيقي

وأوضح بن أحمد أنه من الناحية المبدئية فهو يؤكد على ضرورة تنمية التعاون الدولي لأن العالم بأسره يقوم على الشراكات والتعاون في المجال المالي والرقمي والطاقي وغيرها. وذكر أنه يجب على تونس الاستفادة من جميع فرص التعاون الدولي المتاحة خاصة وأن هناك مجالات جديدة للاستثمار وفرص حقيقية للتعاون مع اليابان وهي شريك له مصداقية كبيرة، وخلص إلى أن تنظيم قمة تيكاد في تونس خطوة ايجابية لكنها غير كافية إذ يجب الحرص كل الحرص على تذليل الصعوبات التي تعيق تنفيذ المشاريع والقيام بالإصلاحات العاجلة للإدارة والجباية ومناخ الاستثمار والديوانة فضلا عن مراجعة بعض التشريعات لأن مجلة الاستثمار تكاد تكون حبرا على ورق ولم تقع الاستفادة منها لأن الأهم من وضع النص القانوني هو توفير أدوات المراقبة والمرافقة والانجاز. فالقمة حسب وصفه قمة واعدة لكن تحويل هذه الوعود إلى حقيقة يتطلب مرحلة أخرى وآليات أخرى.

فوائد محدودة

أما معز بلحاج رحومة الأمين العام المساعد المكلف بالملف الاقتصادي بحزب العمل والانجاز، الحزب الذي يقوده عبد اللطيف المكي، فقال إن قمة تيكاد 8 حضر فيها قرابة 10 رؤساء دول فقط من ضمن 54 دولة افريقية. وبين أن تنظيم أي قمة في تونس وبصرف النظر عن الموقف ممن يحكم الدولة يعتبر مسألة ايجابية، لكن هذا لا يحول دون التذكير بمناسبات سابقة وأهمها مؤتمر 20ـ 20 الذي حضره العديد من رؤساء الدول والمؤسسات المالية وتمخض عن وعود ضخمة لدفع انجاز مشاريع هامة والسؤال المطروح هو ما الذي تحقق من هذه المشاريع وما الذي أنجز، وهو ما يعني أن المهم ليس فقط في عقد القمم والنجاح في تنظيمها بل هو في إيجاد الميكانيزمات الضرورية لتتمكن القمة من خلق ديناميكية حقيقية تدفع الاستثمار الخارجي في البلاد.

وذكر بلحاج رحومة أنه بالنظر إلى أن قمة تيكاد التي لم يحضرها سوى عشرة رؤساء، فإنه من المنطقي أن يطرح سؤال حول مدى استعداد تونس لهذه المحطة الهامة بهدف تقوية العلاقات مع الدول الإفريقية من ناحية ومن ناحية أخرى مع اليابان التي لعبت منذ سنوات عديدة دورا كبيرا في دعم الاستثمار في تونس وفي دعم الدولة التونسية بشكل عام. وذكر أن اليابان مثلها مثل الصين وغيرها من الدول فهي تبحث عن مواطئ قدم لها في إفريقيا، هذه القارة التي من المتوقع أن يصل عدد سكانها في غضون عشر سنوات إلى مليارين ونصف نسمة كما أنها أرضية خصبة للثروات الطبيعية قليلة الاستغلال، فهي قارة محط أنظار كل القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، إذ أن هذه الدول أصبحت تبحث عن تغيير المعادلة لأن الدول الإفريقية بصدد الاستفاقة فهي فهمت أن فرنسا هي أكثر دولة استغلت إفريقيا فالكثير من الدول الإفريقية تريد تغيير الحليف الاستراتيجي الفرنسي الذي كان أكثر استغلالا للثروات الإفريقية والأكثر هيمنة على الأنظمة السياسية في إفريقيا.

ولاحظ بلحاج رحومة أنه بفضل هذه الاستفاقة حققت عدة دول افريقية نسب نمو جيدة، وذكر أنه في ظل هذه التغيرات يجب على تونس أن تستفيد من الاتفاقية التي صادق عليها مجلس نواب الشعب سنة 2020 والمتعلقة بالسوق الحرة الإفريقية. وذكر أنه لا يمكن لهذه الاتفاقية أن يكون لها أي أثر في صورة عدم وجود دبلوماسية سياسية  قوية في افريقيا وفي صورة عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة لدى الماسك بالسلطة لتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية ودعم التمثيل الدبلوماسي لتونس في إفريقيا. وأشار إلى أنه خلال أزمة كوفيد وخلال الحرب الأوكرانية ورغم الصعوبات التي مرت بها أوروبا فقد ظل الفضاء الأوروبي هو السوق الرئيسي لتونس وهذا سيلقي بظلاله على الاقتصاد الوطني الذي هو بطبعه في وضعية صعبة بل وضعية تكاد تكون كارثية وفق تعبيره.

وخلص محدثنا إلى أن تونس يكاد يكون لديها حضور دبلوماسي منعدم في إفريقيا مقارنة بدول أخرى مثل المغرب، كما أن المجال اللوجستي وهو أهم مجال يساعد على الدخول إلى العمق الإفريقي مازال ضعيفا للغاية سواء تعلق الأمر بالنقل الجوي أو البحري وهو ما يجعل البلاد بعيدة كل البعد عن الاستفادة من تيكاد 8. وأضاف أن تونس تتمتع بموقع استراتيجي مهم والمحمول على السلطة القائمة وخاصة رئاسة الجمهورية جعل محطة تيكاد فرصة لتحقيق نقلة نوعية للدخول إلى العمق الإفريقي، ولكن حسب اعتقاد بلحاج رحومة مازالت تونس بعيدة كل البعد عن تحقيق هذا الحلم لأن مناخات الاستثمار للأسف الشديد مرتبطة كليا بالأفق السياسي.. وفسر أن الوضع السياسي يلقي بظلاله على مناخات الاستثمار ولهذا السبب فهو لا يتوقع تحقيق الكثير من قمة تيكاد 8.

سعيدة بوهلال