إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حالات تسمم بسبب الغلال.. "إرهاب المبيدات" دون رقابة؟!!

تونس-الصباح

 تسجل في هذه الفترة الكثير من حالات التسمم في صفوف الأطفال وغيرهم بسبب تناول الغلال ومنها بالخصوص "المشماش" و"الدلاع" حيث تستقبل أقسام الاستعجالي بالمستشفيات عديد الحالات ويكون التشخيص بأن حالات التقيؤ والإسهال والآلام في البطن مصدرها فيروس يرجح أنه جراء تناول الغلال.

والشائع في السنوات الأخيرة لدى عموم التونسيين أن الانفلات الحاصل في استعمال الأدوية في المجال الفلاحي في غياب الرقابة وانتشار عقلية الربح دون أدنى احترام للمقومات الصحية، حول المبيدات إلى نوع من "الإرهاب الصحي" يمارس ضد المستهلك أمام عجز الرقابة والقانون والردع.

بل أكثر من ذلك لقد أصبح الكثير من الفلاحة ومنتجي الغلال الموسمية يخصصون جزءا من المحصول للاستهلاك الذاتي والعائلي لا يخضع للمداواة والمبيدات بالطريقة ذاتها التي تخصص لبقية المحصول المعد للبيع للمستهلك والذي سيوزع في الأسواق!!؟

صحيح أن استعمال المبيدات يوفر دون شك للفلاح وللسوق الاستهلاكية إنتاجا وفيرا وعلى امتداد السنة ويقلص من الأمراض وأنواع الحشرات التي تضر المحصول وتقلص من جودته، لكن الإشكال يكمن في الإفراط في الاستعمال وغياب الدراية الكافية بالكميات المطلوبة والطرق الأنجع لتجنب نسب ترسبات عالية من المواد الكيميائية في المنتجات الفلاحية تتحول بموجبها الغلال والخضر وغيرها من المنتوجات إلى مصدر تهديد لصحة الإنسان وتدمير للتربة والبيئة.

دراسات وتجاوزات

وتفيد معطيات صادرة على لسان مسؤولين في الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات أن ''أكثر من 50 بالمائة من المبيدات في تونس لا يتم استعمالها بطريقة مرشدة".

   كما تؤكد دراسات علمية أن المبيدات تراكم التأثيرات المتعلقة بالحساسية والأمراض العصبية والسرطانية والهرمونية، حيث تحتل التسممات الحادة جراء المبيدات "المرتبة الثانية في تونس بعد التسممات الناجمة عن الأدوية وتمثل 13،3 بالمائة من إجمالي التسممات الناتجة عن المواد الكيميائية".

تشير الدراسات أيضا إلى سوء استغلال للمبيدات في غير ما خصص له، إذ أن "54,6% من العينات تبث احتواءها على مبيدات مسموح باستعمالها في مجالات محددة لكنها استعملت في غير ما خصصت له على غرار رصد استعمال مبيد خاص بالطماطم في مادة البطاطا ..".

ويؤكد المختصون أن بعض الخضر والغلال قد تصبح ضارة ومسرطنة بسبب رواسب المبيدات إما بسبب الإفراط في استعمال تلك المبيدات وعدم التقيد بالكميات المسموح بها في غياب التكوين والإرشاد الكافي للفلاحين وللعاملين في المجال الفلاحي أو أيضا بسبب السعي للربح السريع وبالتالي الجني السريع للمحصول من غلال وغيرها دون التقيد بفترة الترقب ما قبل الجني بعد أسبوعين على الأقل من استعمال الدواء، في حين أن البعض يجنى المنتوج مباشرة اثر المداواة وأحيانا في غضون يوم أو يومين قبل تحلل تلك المبيدات والتخلص من رواسبها الضارة في الثمار.

يذكر أن المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك منظمة غير حكومية،كانت قد أطلقت سابقا ناقوس الخطر بسبب سوء استعمال المبيدات والأسمدة وتلاقيح ومواد تسمين الحيوانات، حيث أكد رئسها لطفي الرياحي أنها "السبب الرئيسي الكامن وراء ارتفاع عدد المصابين بالأمراض الخبيثة السرطانية لاسيما لدى الأطفال".

وتحدث الرياحي عن بعض الأمثلة حول سوء استعمال الفلاح للمبيدات مثل "التلاقيح التي يحقن بها الخرفان وتباع للمستهلك مباشرة بعد التلقيح في حين أنه يحجر ذلك قبل مرور شهر..، والعنب الذي يباع للمستهلك مباشرة بعد رشه بالمبيدات في حين أن القانون يمنع ذلك إلا بعد تخلصه من رواسب المبيدات، وحتى الدجاج المسمن بواسطة الأدوية يباع قبل حصوله على تأشيرة البيطري..".

غياب الجانب التوعوي

 جانب كبير من أشكال استعمال المبيدات يرتبط بغياب التوعية الكافية سواء لدى العاملين في القطاع الفلاحي أو لدى المستهلك التونسي ويتساءل كثيرون لماذا اختفت تلك البرامج حول الإرشاد الفلاحي والومضات الإشهارية الخاصة بتوعية الفلاح ومساعدته على حسن التعاطي مع المحصول والماشية وأنواع الأمراض واستعمال المبيدات.

ينقص التكوين أيضا لدى بائع المبيدات وتغيب الرقابة أو تصعب للمنتجات في الأسواق إذ لا تتوفر سبل التعرف على مصدر المنتوج المخالف للمواصفات السليمة في استعمال المبيدات بمعنى معرفة من هو الفلاح أو الضيعة المعنية بالمخالفة.

ويرى هنا المختصون انه من الأجدى أن تتم عملة المراقبة عند الإنتاج في الحقول لكنها تظل عملية مكلفة تحتاج لإمكانيات كبيرة بشرية ومادية لا تتوفر اليوم لدى الدولة في ظل الأوضاع المالية الخانقة.

اللافت أيضا أن الوعي بأهمية التوجه نحو التقليص من استعمال المبيدات يظل محدودا ومجهودات الدولة في هذا الصدد ضعيفة مقارنة بعديد الدول الأخرى التي أصبحت تستثمر في مجال الحد من استعمال المبيدات على غرار فرنسا التي نفذت سابقا برنامجا تحت اسم "ايكو فيتو" كان هدفه المرسوم حينها التخفيض من استعمال المبيدات بـ20 بالمائة الى حدود سنة 2020 وهي تعمل على مواصلة هذا البرنامج ومزيد تطويره.

تحيل على المراقبة؟

يقول المثل الشعبي العامي "إلى يسرق يغلب إلى يحاحي" فرغم وجود المراقبة تتم التجاوزات، فقد أرست الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات في 2017 برنامج يقظة على مدى خمس سنوات لمراقبة رواسب المبيدات.

كما تؤكد المصادر الرسمية من إدارة مراقبة وجودة المنتوجات الفلاحية بوزارة الفلاحة، على وجود مجهود في مراقبة المنتجات الفلاحية ومن بينها مراقبة المبيدات الموردة التي تخضع إلى رخصة التسويق. أين يتم أخذ عينات من المبيدات الموردة ويتم تحليلها وإذا ما كان المبيد مطابقا للمواصفات يتم إسناد رخصة التسويق وإذا ما تبين خلاف ذلك يتم منع تسويق المبيد.

تتم أيضا عمليات المراقبة في نقاط البيع من قبل المراقبين من مصلحة مراقبة المنتجات الفلاحية وأيضا الدوائر الجهوية للتنمية الفلاحية.

رغم ذلك وفي المقابل تنشط سوق موازية للتوريد تعج بالخروقات حيث يؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي أن "السوق الموازية للمدخلات الفلاحية باتت وجهة عدد هام من الفلاحين هي مواد مهربة وفي أغلبها غير مطابقة للمواصفات وخاصة غير مرخصة وحتى منتهية الصلوحية يقع تسويقها وعرضها للبيع".

كما لا يتم احترام كراس الشروط الذي يضبط عمل المزودين بالأدوية كما يتم انتداب أشخاص ليست لهم دراية بالفلاحة ويقع التلاعب عبر خلط الأدوية بمواد أخرى تسبب خسائر للفلاح وأضرار لصحة المستهلك.

م.ي

----------------------------------------------

قوانين لا تنفذ

تجدر الإشارة غلى أنه تمت المصادقة في مجلس النواب على قانون عدد 25 لسنة 2019 مؤرخ في 26 فيفري 2019 يتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات ويتضمن جملة من الضوابط والأطر القانونية والعقوبات للمخالفات لكن يبدو أنه لا ينفذ أو هو غير كاف لتجنب إرهاب المبيدات الذي يتفاقم يوميا.

ينص الفصل 21 من هذا القانون على أنه يمكن للوزير المكلف بالصحة بناء على الرأي المطابق للجنة الاستشارية المنصوص عليها بالفصل 45 من هذا القانون، اتخاذ قرارات في الجوانب المتعلقة بالخصائص الجرثومية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات وبالتركيبة والخصائص الفيزيوكيميائية والبيولوجية والحسية والعناصر النافعة والتأشير والمضافات والملوثات وبقايا المبيدات وبقايا الأدوية البيطرية وغيرها من الخصائص المتعلقة بالمواد الغذائية وأغذية الحيوانات أو بمعالجتها حسب طبيعتها وصنفها.

كما ينص العنوان السادس على إحداث الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والتي تتولى المصادقة على المبيدات ذات الاستعمال الفلاحي وتثبيت البذور والشتلات وإعداد دليل خاص بها.

وتتولى الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الخاضعة لإشراف وزارة الصحة، تنفيذ سياسة الدولة في مجال حماية المستهلك والسلامة الصحية للنباتات والحيوانات وحسن معاملة الحيوانات، وأيضًا مجال المدخلات الفلاحية بدءًا من الإنتاج الأولي وصولًا إلى المستهلك النهائي.

كما تتولى الهيئة تشخيص ومتابعة الحالة الصحية للنباتات والحيوانات، وأيضًا تحديد وتصور وضبط الاستراتيجيات والتوجهات والبرامج المتعلقة بمكافحة للآفات ومراقبة الأمراض الحيوانية والنباتية.

وأوكلت للهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية كذلك مهمة مراقبة جودة البذور والشتلات والأسمدة والمبيدات المستعملة في النشاط الفلاحي. كما تسهر على نزاهة المعاملات الاقتصادية وحماية مصالح المستهلك في مجال اختصاصها.

وتقوم الهيئة بالمراقبة الرسمية للسلسلة الغذائية بصفة منتظمة وحسب المخاطر، وتجري هذه المراقبة دون إعلام مسبق. وللهيئة اتخاذ تدابير خصوصية منها إخضاع منشأة إلى مراقبة مكثفة على نفقة صاحبها عند تكرر المخالفات أو الغش، ويمكنها اتخاذ قرار وقتي بالغلق لمدة لا تتجاوز 6 أشهر.

وحدد قانون السلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات جملة من العقوبات تتراوح بين السجن والخطية لردع المخالفين.

إذ يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات وبخطية من 50 إلى 100 آلف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخدع أو يحاول أن يخدع بأية وسيلة أو طريقة في طبيعة أو نوع أو منشأ أو العناصر الجوهرية أو كمية العناصر النافعة لكلّ منتج، وأيضًا الخداع في قابلية الاستعمال أو المخاطر الناجمة عن استعمال المنتج. وترفع العقوبة إلى السجن بـ7 سنوات مع خطية بقيمة 200 ألف دينار إذ ترتب عن هذه المخالفات ضرر بصحة الإنسان أو الحيوانات أو كانت المخالفات من قبيل الجريمة المنظمة.

كما يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات وبخطية من 50 إلى 100 آلف دينار أو بإحدى هاتين كل من أنتج أو عرض مواد غذائية أو أغذية حيوانات مدلسة أو منتجات تمكن من التدليس والغش أو التحريض على استعمالها بواسطة نشريات أو إعلانات. وتنسحب نفس هذه العقوبة على كل إخلال بالتزام العام للسلامة الصحية أو كل عرض في السوق لمادة غذائية أو غذاء حيوانات دون التأكد من كونه آمن ومطابق، وأيضًا كل عرض في السوق لمادة غذائية دون الحصول على شهادة السلامة الصحية.

ويرتفع سلم العقوبات ليبلغ 20 سنة إذا تسبب الطرف المسؤول عن عرض المنتج في السوق في حصول وفاة أو عجز مستمر.

م.ي

 

 

 

 

 

 

حالات تسمم بسبب الغلال.. "إرهاب المبيدات" دون رقابة؟!!

تونس-الصباح

 تسجل في هذه الفترة الكثير من حالات التسمم في صفوف الأطفال وغيرهم بسبب تناول الغلال ومنها بالخصوص "المشماش" و"الدلاع" حيث تستقبل أقسام الاستعجالي بالمستشفيات عديد الحالات ويكون التشخيص بأن حالات التقيؤ والإسهال والآلام في البطن مصدرها فيروس يرجح أنه جراء تناول الغلال.

والشائع في السنوات الأخيرة لدى عموم التونسيين أن الانفلات الحاصل في استعمال الأدوية في المجال الفلاحي في غياب الرقابة وانتشار عقلية الربح دون أدنى احترام للمقومات الصحية، حول المبيدات إلى نوع من "الإرهاب الصحي" يمارس ضد المستهلك أمام عجز الرقابة والقانون والردع.

بل أكثر من ذلك لقد أصبح الكثير من الفلاحة ومنتجي الغلال الموسمية يخصصون جزءا من المحصول للاستهلاك الذاتي والعائلي لا يخضع للمداواة والمبيدات بالطريقة ذاتها التي تخصص لبقية المحصول المعد للبيع للمستهلك والذي سيوزع في الأسواق!!؟

صحيح أن استعمال المبيدات يوفر دون شك للفلاح وللسوق الاستهلاكية إنتاجا وفيرا وعلى امتداد السنة ويقلص من الأمراض وأنواع الحشرات التي تضر المحصول وتقلص من جودته، لكن الإشكال يكمن في الإفراط في الاستعمال وغياب الدراية الكافية بالكميات المطلوبة والطرق الأنجع لتجنب نسب ترسبات عالية من المواد الكيميائية في المنتجات الفلاحية تتحول بموجبها الغلال والخضر وغيرها من المنتوجات إلى مصدر تهديد لصحة الإنسان وتدمير للتربة والبيئة.

دراسات وتجاوزات

وتفيد معطيات صادرة على لسان مسؤولين في الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات أن ''أكثر من 50 بالمائة من المبيدات في تونس لا يتم استعمالها بطريقة مرشدة".

   كما تؤكد دراسات علمية أن المبيدات تراكم التأثيرات المتعلقة بالحساسية والأمراض العصبية والسرطانية والهرمونية، حيث تحتل التسممات الحادة جراء المبيدات "المرتبة الثانية في تونس بعد التسممات الناجمة عن الأدوية وتمثل 13،3 بالمائة من إجمالي التسممات الناتجة عن المواد الكيميائية".

تشير الدراسات أيضا إلى سوء استغلال للمبيدات في غير ما خصص له، إذ أن "54,6% من العينات تبث احتواءها على مبيدات مسموح باستعمالها في مجالات محددة لكنها استعملت في غير ما خصصت له على غرار رصد استعمال مبيد خاص بالطماطم في مادة البطاطا ..".

ويؤكد المختصون أن بعض الخضر والغلال قد تصبح ضارة ومسرطنة بسبب رواسب المبيدات إما بسبب الإفراط في استعمال تلك المبيدات وعدم التقيد بالكميات المسموح بها في غياب التكوين والإرشاد الكافي للفلاحين وللعاملين في المجال الفلاحي أو أيضا بسبب السعي للربح السريع وبالتالي الجني السريع للمحصول من غلال وغيرها دون التقيد بفترة الترقب ما قبل الجني بعد أسبوعين على الأقل من استعمال الدواء، في حين أن البعض يجنى المنتوج مباشرة اثر المداواة وأحيانا في غضون يوم أو يومين قبل تحلل تلك المبيدات والتخلص من رواسبها الضارة في الثمار.

يذكر أن المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك منظمة غير حكومية،كانت قد أطلقت سابقا ناقوس الخطر بسبب سوء استعمال المبيدات والأسمدة وتلاقيح ومواد تسمين الحيوانات، حيث أكد رئسها لطفي الرياحي أنها "السبب الرئيسي الكامن وراء ارتفاع عدد المصابين بالأمراض الخبيثة السرطانية لاسيما لدى الأطفال".

وتحدث الرياحي عن بعض الأمثلة حول سوء استعمال الفلاح للمبيدات مثل "التلاقيح التي يحقن بها الخرفان وتباع للمستهلك مباشرة بعد التلقيح في حين أنه يحجر ذلك قبل مرور شهر..، والعنب الذي يباع للمستهلك مباشرة بعد رشه بالمبيدات في حين أن القانون يمنع ذلك إلا بعد تخلصه من رواسب المبيدات، وحتى الدجاج المسمن بواسطة الأدوية يباع قبل حصوله على تأشيرة البيطري..".

غياب الجانب التوعوي

 جانب كبير من أشكال استعمال المبيدات يرتبط بغياب التوعية الكافية سواء لدى العاملين في القطاع الفلاحي أو لدى المستهلك التونسي ويتساءل كثيرون لماذا اختفت تلك البرامج حول الإرشاد الفلاحي والومضات الإشهارية الخاصة بتوعية الفلاح ومساعدته على حسن التعاطي مع المحصول والماشية وأنواع الأمراض واستعمال المبيدات.

ينقص التكوين أيضا لدى بائع المبيدات وتغيب الرقابة أو تصعب للمنتجات في الأسواق إذ لا تتوفر سبل التعرف على مصدر المنتوج المخالف للمواصفات السليمة في استعمال المبيدات بمعنى معرفة من هو الفلاح أو الضيعة المعنية بالمخالفة.

ويرى هنا المختصون انه من الأجدى أن تتم عملة المراقبة عند الإنتاج في الحقول لكنها تظل عملية مكلفة تحتاج لإمكانيات كبيرة بشرية ومادية لا تتوفر اليوم لدى الدولة في ظل الأوضاع المالية الخانقة.

اللافت أيضا أن الوعي بأهمية التوجه نحو التقليص من استعمال المبيدات يظل محدودا ومجهودات الدولة في هذا الصدد ضعيفة مقارنة بعديد الدول الأخرى التي أصبحت تستثمر في مجال الحد من استعمال المبيدات على غرار فرنسا التي نفذت سابقا برنامجا تحت اسم "ايكو فيتو" كان هدفه المرسوم حينها التخفيض من استعمال المبيدات بـ20 بالمائة الى حدود سنة 2020 وهي تعمل على مواصلة هذا البرنامج ومزيد تطويره.

تحيل على المراقبة؟

يقول المثل الشعبي العامي "إلى يسرق يغلب إلى يحاحي" فرغم وجود المراقبة تتم التجاوزات، فقد أرست الوكالة الوطنية للرقابة الصحية والبيئية للمنتجات في 2017 برنامج يقظة على مدى خمس سنوات لمراقبة رواسب المبيدات.

كما تؤكد المصادر الرسمية من إدارة مراقبة وجودة المنتوجات الفلاحية بوزارة الفلاحة، على وجود مجهود في مراقبة المنتجات الفلاحية ومن بينها مراقبة المبيدات الموردة التي تخضع إلى رخصة التسويق. أين يتم أخذ عينات من المبيدات الموردة ويتم تحليلها وإذا ما كان المبيد مطابقا للمواصفات يتم إسناد رخصة التسويق وإذا ما تبين خلاف ذلك يتم منع تسويق المبيد.

تتم أيضا عمليات المراقبة في نقاط البيع من قبل المراقبين من مصلحة مراقبة المنتجات الفلاحية وأيضا الدوائر الجهوية للتنمية الفلاحية.

رغم ذلك وفي المقابل تنشط سوق موازية للتوريد تعج بالخروقات حيث يؤكد رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك لطفي الرياحي أن "السوق الموازية للمدخلات الفلاحية باتت وجهة عدد هام من الفلاحين هي مواد مهربة وفي أغلبها غير مطابقة للمواصفات وخاصة غير مرخصة وحتى منتهية الصلوحية يقع تسويقها وعرضها للبيع".

كما لا يتم احترام كراس الشروط الذي يضبط عمل المزودين بالأدوية كما يتم انتداب أشخاص ليست لهم دراية بالفلاحة ويقع التلاعب عبر خلط الأدوية بمواد أخرى تسبب خسائر للفلاح وأضرار لصحة المستهلك.

م.ي

----------------------------------------------

قوانين لا تنفذ

تجدر الإشارة غلى أنه تمت المصادقة في مجلس النواب على قانون عدد 25 لسنة 2019 مؤرخ في 26 فيفري 2019 يتعلق بالسلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات ويتضمن جملة من الضوابط والأطر القانونية والعقوبات للمخالفات لكن يبدو أنه لا ينفذ أو هو غير كاف لتجنب إرهاب المبيدات الذي يتفاقم يوميا.

ينص الفصل 21 من هذا القانون على أنه يمكن للوزير المكلف بالصحة بناء على الرأي المطابق للجنة الاستشارية المنصوص عليها بالفصل 45 من هذا القانون، اتخاذ قرارات في الجوانب المتعلقة بالخصائص الجرثومية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات وبالتركيبة والخصائص الفيزيوكيميائية والبيولوجية والحسية والعناصر النافعة والتأشير والمضافات والملوثات وبقايا المبيدات وبقايا الأدوية البيطرية وغيرها من الخصائص المتعلقة بالمواد الغذائية وأغذية الحيوانات أو بمعالجتها حسب طبيعتها وصنفها.

كما ينص العنوان السادس على إحداث الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والتي تتولى المصادقة على المبيدات ذات الاستعمال الفلاحي وتثبيت البذور والشتلات وإعداد دليل خاص بها.

وتتولى الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية الخاضعة لإشراف وزارة الصحة، تنفيذ سياسة الدولة في مجال حماية المستهلك والسلامة الصحية للنباتات والحيوانات وحسن معاملة الحيوانات، وأيضًا مجال المدخلات الفلاحية بدءًا من الإنتاج الأولي وصولًا إلى المستهلك النهائي.

كما تتولى الهيئة تشخيص ومتابعة الحالة الصحية للنباتات والحيوانات، وأيضًا تحديد وتصور وضبط الاستراتيجيات والتوجهات والبرامج المتعلقة بمكافحة للآفات ومراقبة الأمراض الحيوانية والنباتية.

وأوكلت للهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية كذلك مهمة مراقبة جودة البذور والشتلات والأسمدة والمبيدات المستعملة في النشاط الفلاحي. كما تسهر على نزاهة المعاملات الاقتصادية وحماية مصالح المستهلك في مجال اختصاصها.

وتقوم الهيئة بالمراقبة الرسمية للسلسلة الغذائية بصفة منتظمة وحسب المخاطر، وتجري هذه المراقبة دون إعلام مسبق. وللهيئة اتخاذ تدابير خصوصية منها إخضاع منشأة إلى مراقبة مكثفة على نفقة صاحبها عند تكرر المخالفات أو الغش، ويمكنها اتخاذ قرار وقتي بالغلق لمدة لا تتجاوز 6 أشهر.

وحدد قانون السلامة الصحية للمواد الغذائية وأغذية الحيوانات جملة من العقوبات تتراوح بين السجن والخطية لردع المخالفين.

إذ يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات وبخطية من 50 إلى 100 آلف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخدع أو يحاول أن يخدع بأية وسيلة أو طريقة في طبيعة أو نوع أو منشأ أو العناصر الجوهرية أو كمية العناصر النافعة لكلّ منتج، وأيضًا الخداع في قابلية الاستعمال أو المخاطر الناجمة عن استعمال المنتج. وترفع العقوبة إلى السجن بـ7 سنوات مع خطية بقيمة 200 ألف دينار إذ ترتب عن هذه المخالفات ضرر بصحة الإنسان أو الحيوانات أو كانت المخالفات من قبيل الجريمة المنظمة.

كما يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات وبخطية من 50 إلى 100 آلف دينار أو بإحدى هاتين كل من أنتج أو عرض مواد غذائية أو أغذية حيوانات مدلسة أو منتجات تمكن من التدليس والغش أو التحريض على استعمالها بواسطة نشريات أو إعلانات. وتنسحب نفس هذه العقوبة على كل إخلال بالتزام العام للسلامة الصحية أو كل عرض في السوق لمادة غذائية أو غذاء حيوانات دون التأكد من كونه آمن ومطابق، وأيضًا كل عرض في السوق لمادة غذائية دون الحصول على شهادة السلامة الصحية.

ويرتفع سلم العقوبات ليبلغ 20 سنة إذا تسبب الطرف المسؤول عن عرض المنتج في السوق في حصول وفاة أو عجز مستمر.

م.ي

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews