إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

صفاقس "عاصمة" منكوبة

لم تعد صفاقس عاصمة الجنوب أو العاصمة الاقتصادية كما يحلو للبعض تسميتها تلك المدينة الجميلة التي بنيت بسواعد أبنائها، يُستطاب فيها العيش تستقطب الزائرين، مدينة توفر فرص عمل واستثمار وسياحة وترفيه.. بل هي أقرب إلى مدينة منكوبة تنشد الإنقاذ، وعاصمة للقمامة كما وصفها أحد مواطنيها، بعد أن فعلت فيها القمامة المكدسة وجبال النفايات المتعفنة منذ أشهر في كل شوارعها وأحيائها ما لم يفعله جاحدون على مر السنين.

إن كانت أبرز إشكالية عجزت السلطات عن حلها، أو أزمة فشلت في إدارتها جل الحكومات المتعاقبة بعد 2011، وخاصة الحكومة الحالية، فهي إشكالية الملف البيئي وخاصة في جانبه المتعلق بمعالجات النفايات بكل أنواعها، على اعتبار أنه يتم إلى اليوم التعامل معها بطرق بدائية تقليدية، في غياب حلول جريئة تجعلنا نمر إلى خطوة تأخرنا في تجاوزها وهي تثمين النفايات وتحويلها إلى طاقة ومورد استثمار مربح للدولة وللمجتمع المدني.

رغم نداءات الاستغاثة التي يطلقها ممثلو المجتمع المدني بصفاقس، إلا أنه لا يبدو أن أحدا يكترث لأمر مئات الآلاف من السكان أو تحرك لتطويق التداعيات الصحية والبيئية لأزمة النفايات المتكدسة التي أصبحت مع ارتفاع درجات الحرارة مشكلا وبائيا بامتياز.

يحدث كل ذلك، وسط حيرة سكان المدينة وذهولهم من هول المشهد اليومي الذي يرونه دون أن يحرك ذلك ساكنا للحكومة أو انزعاجها حتى تقوم بواجبها في إقرار حلول نهائية، ونحن على أبواب صيف ساخن، وحديث عن تجند الإدارة لإنجاح الموسم السياحي، فهل يمكن أن نُسوّق لسياحة ونحن عاجزون عن إيجاد حل لأطنان القمامة المكدسة في شوارع ثاني مدينة في تونس؟ 

ما يزيد الوضع تدهورا أن بلديات المكان عجزت عن إيجاد حلول، بعضها اعترفت بإلقاء نفايات بالبحر، أو ردمها بأراض بيضاء ومجاري أودية أو مساحات زراعية.. كما أن المصب القديم بطريق الميناء الذي أعيد فتحه في انتظار استكمال تهيئة مصب في منطقة الليمامة بمنزل شاكر، تكدست من حوله النفايات. المشكل أن أهالي منطقة ليمامة يرفضون بشدّة استغلال الموقع كمصبّ جديد.

من 2011 إلى الآن لم توضع حلول للأزمات البيئية حتى أنه لا بديل للمصبات التي أغلقت، ولا تقدم في مجال رسكلة النفايات، ولا تجد السلطات المعنية سوى تأجيل المعالجة الجذرية للمشكل، وتلجأ إلى حلول وقتية ترقيعية مثل تمديد العمل بمصبات انتهى موجب فتحها، خاصة مع تطور وعي مواطني في كل مكان من تونس يدافع بشراسة عن الحق في العيش بوسط بيئي نظيف، وهو ما حدث في منطقة عقارب التي استمات سكانها لمنع إعادة فتح مصب "القنة" الذي أُغلق بقرار قضائي.

إن المشكل البيئي في تونس وطني ويهم جل مناطق البلاد وليس فقط صفاقس، بسبب عدم توفر مصبات بديلة أو التفكير في تطوير منظومة مصبات متطورة، فقد حدثت أزمات مماثلة في جربة، وفي قابس، وفي برقو، ولم نتعظ منها. وفي تونس الكبرى التي تقف على بركان نائم اسمه مصب شاكير، ولا أحد يعلم كيف سيتم التصرف إن حدث ما يخشاه الجميع؟

يكاد يُجمع نشطاء المجتمع المدني وخبراء البيئة على أن الحلول ممكنة لمعالجة الأزمات البيئية شرط توفر الإرادة السياسية، والإسراع بوضع خطة لانتقال بيئي وطني، والمرور من تقنية الردم إلى تقنية التحويل والفرز والتثمين، وتوفير سهيلات إدارية وجبائية وتشريعية تشجيعا على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، الذي يشمل قطاع تثمين النفايات ورسكلتها، والعمل على إحداث وحدات للفرز بهدف الحدّ من تكدّس النفايات..

رفيق بن عبد الله

صفاقس "عاصمة" منكوبة

لم تعد صفاقس عاصمة الجنوب أو العاصمة الاقتصادية كما يحلو للبعض تسميتها تلك المدينة الجميلة التي بنيت بسواعد أبنائها، يُستطاب فيها العيش تستقطب الزائرين، مدينة توفر فرص عمل واستثمار وسياحة وترفيه.. بل هي أقرب إلى مدينة منكوبة تنشد الإنقاذ، وعاصمة للقمامة كما وصفها أحد مواطنيها، بعد أن فعلت فيها القمامة المكدسة وجبال النفايات المتعفنة منذ أشهر في كل شوارعها وأحيائها ما لم يفعله جاحدون على مر السنين.

إن كانت أبرز إشكالية عجزت السلطات عن حلها، أو أزمة فشلت في إدارتها جل الحكومات المتعاقبة بعد 2011، وخاصة الحكومة الحالية، فهي إشكالية الملف البيئي وخاصة في جانبه المتعلق بمعالجات النفايات بكل أنواعها، على اعتبار أنه يتم إلى اليوم التعامل معها بطرق بدائية تقليدية، في غياب حلول جريئة تجعلنا نمر إلى خطوة تأخرنا في تجاوزها وهي تثمين النفايات وتحويلها إلى طاقة ومورد استثمار مربح للدولة وللمجتمع المدني.

رغم نداءات الاستغاثة التي يطلقها ممثلو المجتمع المدني بصفاقس، إلا أنه لا يبدو أن أحدا يكترث لأمر مئات الآلاف من السكان أو تحرك لتطويق التداعيات الصحية والبيئية لأزمة النفايات المتكدسة التي أصبحت مع ارتفاع درجات الحرارة مشكلا وبائيا بامتياز.

يحدث كل ذلك، وسط حيرة سكان المدينة وذهولهم من هول المشهد اليومي الذي يرونه دون أن يحرك ذلك ساكنا للحكومة أو انزعاجها حتى تقوم بواجبها في إقرار حلول نهائية، ونحن على أبواب صيف ساخن، وحديث عن تجند الإدارة لإنجاح الموسم السياحي، فهل يمكن أن نُسوّق لسياحة ونحن عاجزون عن إيجاد حل لأطنان القمامة المكدسة في شوارع ثاني مدينة في تونس؟ 

ما يزيد الوضع تدهورا أن بلديات المكان عجزت عن إيجاد حلول، بعضها اعترفت بإلقاء نفايات بالبحر، أو ردمها بأراض بيضاء ومجاري أودية أو مساحات زراعية.. كما أن المصب القديم بطريق الميناء الذي أعيد فتحه في انتظار استكمال تهيئة مصب في منطقة الليمامة بمنزل شاكر، تكدست من حوله النفايات. المشكل أن أهالي منطقة ليمامة يرفضون بشدّة استغلال الموقع كمصبّ جديد.

من 2011 إلى الآن لم توضع حلول للأزمات البيئية حتى أنه لا بديل للمصبات التي أغلقت، ولا تقدم في مجال رسكلة النفايات، ولا تجد السلطات المعنية سوى تأجيل المعالجة الجذرية للمشكل، وتلجأ إلى حلول وقتية ترقيعية مثل تمديد العمل بمصبات انتهى موجب فتحها، خاصة مع تطور وعي مواطني في كل مكان من تونس يدافع بشراسة عن الحق في العيش بوسط بيئي نظيف، وهو ما حدث في منطقة عقارب التي استمات سكانها لمنع إعادة فتح مصب "القنة" الذي أُغلق بقرار قضائي.

إن المشكل البيئي في تونس وطني ويهم جل مناطق البلاد وليس فقط صفاقس، بسبب عدم توفر مصبات بديلة أو التفكير في تطوير منظومة مصبات متطورة، فقد حدثت أزمات مماثلة في جربة، وفي قابس، وفي برقو، ولم نتعظ منها. وفي تونس الكبرى التي تقف على بركان نائم اسمه مصب شاكير، ولا أحد يعلم كيف سيتم التصرف إن حدث ما يخشاه الجميع؟

يكاد يُجمع نشطاء المجتمع المدني وخبراء البيئة على أن الحلول ممكنة لمعالجة الأزمات البيئية شرط توفر الإرادة السياسية، والإسراع بوضع خطة لانتقال بيئي وطني، والمرور من تقنية الردم إلى تقنية التحويل والفرز والتثمين، وتوفير سهيلات إدارية وجبائية وتشريعية تشجيعا على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، الذي يشمل قطاع تثمين النفايات ورسكلتها، والعمل على إحداث وحدات للفرز بهدف الحدّ من تكدّس النفايات..

رفيق بن عبد الله

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews