إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ونحن نحتفل مع الشعوب باليوم العالمي للمسرح تخمة عروض حية.. ندوات.. لقاءات لا يواكبها المسرحيون ولا يستفيدون منها

*كيف يمكننا أن ننقل مضمون حياتنا الآن على الركح ليس كريبورتاج صحفي بل كتجربة؟

*المخرج الامريكي بيتر سيلارز يتساءل: "أين ذهبت مراسم الذكرى وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي طقوس التخيّل والبدء في تجارب جيدة".

تونس - الصباح

بيان اليوم العالمي للمسرح لسنة 2022 الذي تحتفل به سائر الأمم ويحتفل المسرحيون التونسيون في كامل جهات البلاد وخاصة تلك التي تنشط فيها مراكز الفنون الدرامية والركحية كتبه هذه السنة الفنان والمخرج المسرحي ومدير المهرجانات الثقافية والفنية الامريكي بيتر سيلارز وبيّن فيه اننا نعيش في فترة ملحمية من تاريخ البشرية، نتجت عنها تغييرات عميقة في علاقات البشر مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ومع العوالم غير البشرية، تغييرات تكاد تتجاوز قدرتنا على الفهم والتعبير والتحدث عنها وقال : "نحن لا نعيش في دائرة الأخبار على مدار الساعة، نحن نعيش على حافة الزمن، والصحف ووسائل الإعلام غير مجهزة بالمرة وغير قادرة على التعامل مع ما نمر به" وتساءل مستنكرا : "أين هي اللغة، وما هي الحركات والصور التي قد تسمح لنا بفهم التحولات والتمزقات العميقة التي نمر بها؟ وكيف يمكننا أن ننقل مضمون حياتنا الآن ليس كريبورتاج صحفي بل كتجربة؟."

وبعد عامين من الكوفيد 19 وما خلفه من اضرار نفسية وجسدية للبشرية وبعد ان غمرت الحملات الصحفية الواسعة وتجارب محاكاة الواقع والتكهنات المروعة العالم كان لا بد من ان يتساءل الفنان والمخرج المسرحي بيتر سيلارز عن كيفية تجاوز التكرار اللانهائي للأرقام ليجرّب المسرحيون ومعهم الناس قدسية ولا محدودية حياة واحدة، أو نظامٍ بيئيٍ واحد، أو صداقة واحدة، أو جودة وجمال الضوء في سماء غريبة؟ فقال :" عامان من كوفيد 19، الذي أضعف حواس الناس، وضيّق حياة الناس، وقطع العلاقات، ووضعنا في موضع نقطة الصفر الغريبة من حياة البشرية تدفعنا بالضرورة الى التساؤل عن البذور التي يجب زراعتها وإعادة زراعتها في هذه السنوات، وما هي الأنواع الدخيلة والمتضخمة التي يجب إزالتها بشكل تام ونهائي؟ هنالك الكثير من الناس ممن يعيشون على حافة الهاوية."

عنف كثير وخطير يشتعل بشكل غير منطقي وغير متوقع في العالم

ولاحظ صاحب البيان ان عنفا كثيرا وخطيرا يشتعل بشكل غير منطقي وغير متوقع في العالم، وانه تم الكشف عن العديد من الأنظمة الراسخة على أنها هياكل للقسوة المستمرة. وتبعا لذلك تساءل:" أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟"

وشدد بيتر سيلارز على ان المسرح يحتاج اليوم الى طقوس جديدة اذ لسنا في حاجة الى الترفيه بل نحتاج الى التجمع ومشاركة الفضاء الواحد، وإلى إنشاء فضاء مشترك ومساحات محمية للاستماع العميق والمساواة، لان
المسرح هو القادر على خلق تلك المساحة على الأرض التي يكون فيها الكل متساويا، سواء البشر أو النباتات أو الحيوانات أو قطرات المطر أو الدموع أو عملية التجديد، وهذا لان فضاء المساواة والاستماع بعمق مضاءٌ بالجمال الخفي ويبقى نابضا بالحياة من خلال التفاعل العميق للخطر ورباطة الجأش والحكمة والعمل الدؤوب والصبر على إدراك أن جميع الناس هم في النهاية مجرد سراب. وقال :"لطالما قدم المسرح حياة هذا العالم على أنها تشبه السراب، مما يتيح لنا أن نرى بوضوحٍ وقوة وتحرر من خلال غشاء الوهم والتضليل والعمى والإنكار البشري.. نحن متيقنون جدا مما نراه والطريقة التي نراه بها لدرجة أننا غير قادرين على رؤية الواقع البديل والإمكانيات الجديدة والنهج المختلفة والعلاقات غير المرئية والصلات الخالدة والشعور بها."  وانهى بيتر سيلارز بيانه داعيا الى ضرورة التجديد والى اعادة التفكير الجماعي في انعاش عقولنا وحواسنا وتخيلاتنا وتاريخنا ومستقبلنا بعمق قائلا : " .. ولا يمكن القيام بهذا العمل من قبل أشخاص  معزولين يعملون بمفردهم، بل يتعيّن علينا القيام بهذا العمل معا والمسرح هو الدعوة لنا للقيام بهذا العمل معا."
طبعا النقاط التي تعرض لها البيان مهمة صادرة عن عارف بواقع المسرح ومعيقاته لا في بلاده امريكا فقط وإنمّا عبر العالم ولعل كثرة مشاركاته في المهرجانات والتظاهرات المسرحية هي اساس فكرته هذه وهي مصدر ايمانه العميق بضرورة تجيد علاقة المسرح بمحيطه وجمهوره وبالفاعلين فيه والبحث عن مجالات تواصل تسنده وتعيده للصدارة كفن راقي مسؤول عن نهضة المجتمع ووعيه ورقيه ما في ذلك شك . 

في المسرح ايضا نرى العنف ونسمعه في تيرادات الممثلين ..

 وملاحظات واقتراحات بيتر سيلارز تنبض من عمق التجربة والإحساس بالمسؤولية ويبقى اهم ما فيها الى جانب الدعوة للعمل الجماعي والتفكير الجماعي – وهو اصل وأساس المسرح على كل حال - للتصدي للعنف والتطرف وإهانة كرامة البشر ومنع التعدي على حقوق الانسان هو سؤال " أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟".

هل نحتفل بتنظيم الندوات ذات العلاقة بمشاكل المسرح واقعه وآفاقه والطريقة المثلى ليساهم في التصدي للعنف ونبذه ونحن نرى العنف على الركح ونسمعه في تيرادات الممثلين وحتى في ازيائهم وطريقة وضع الماكياج على وجوههم ؟ ولمن ننظمها ومن سيتابعها مهما كانت اهميتها هل سيحضرها الفاعلون في الشأن المسرحي والممارسون والهواة والمحترفون لهذا الفن ؟   لنأخذ مثلا ندوة "المسرح ومقاومة العنف" التي نظمها مركز الفنون الدرامية والركحية ببن عروس ظهر امس السبت 26 مارس 2022 بالمركب الثقافي علي بن عياد بحمام الانف وقد اهتمت بتشريح اسباب ثقافة العنف في المجتمع التونسي ودور المسرح في الحد ما اثرها وحدتها، وبرمجت لها لقاءات مع ثلة من المختصين والباحثين في دور الفن الرابع في هزم  العنف .                                 هل واكب المسرحيون -على الاقل مسرحيو جهة بن عروس- مداخلات الدكتور سامي نصر عن "العنف والأعنف في مقاربة المسرح للحياة: بياض و سواد عند حدود الكتابة في المسرح التونسي" و توفيق العلوي عن "مسرحة ظواهر العنف في الشارع التونسي" والفنانة نجمة الزغيدي المختصة في علم النفس عن "عملية الخلق المسرحي لدى الطفل و أثرها في تجاوز السلوك العنيف" و سامي الذيبي   عن "دور المسرح في مقاومة ظاهرة تفشي العنف المدرسي" وكلها تصب في صلب اهتمام المسرح وتستهدف المسرحي ليستلهم سبلا جديدة للتطرق للمواضيع ويستفيد من بحوث ودراسات جاهزة تمكنه من حسن وصحة التعامل مع الجمهور وعدم الوقوع في الخطأ .. 

المسرحيون ايضا يحتاجون الى المواكبة لضبط المصطلحات والاستلهام من تجارب الآخرين 

 نعم اغلب مسرحيينا درسوا في التعليم العالي واختصوا في مجالهم ولكن لا باس من تجديد المعارف والاستماع للآخر والاستفادة من تجارب وبحوث ودراسات الآخرين لمزيد تنمية الثقافة ومزيد اكتساب المعارف فلا شيء ولا مجال يبقى على حاله وكل علم في الحياة يتطور والمسرحيون مثل غيرهم مطالبون بتجديد وإثراء معارفهم ومكتسباتهم وقد يخرجون من جلسة في ندوة واحدة بأفكار كثيرة وبمسرحيات جاهزة في اذهانهم وبمواضيع مهمة للمجتمع ومواكبة للعصر قد تكون في اهمية العودة لمواضيع قديمة اكل عليها الدهر وشرب واستهلكت لكثرة ما تم تناولها مسرحيا مهما كانت مهمة ( مخرج عراقي شهير تناول مسرحية الخادمات مرات عديدة ثم اصبح يقدمها باللهجات المحلية لبعض البلدان العربية وقد قدمها في تونس باللهجة المغربية واشتغل عليها في المغرب مع طاقم فني وتقني مغربي ) .

المسرحيون عندنا قليلا ما يواكبون اعمال بعضهم البعض وقد تخلوا منهم المسارح تماما -الا ما رحم ربي- في حين ان الركح يعلّم ويوعي الجميع لا المجتمع وحده .

وتبقى اللقاءات والموائد المستديرة والندوات فرصة مهمة جدا للمسرحيين بكل اختصاصاتهم لمواكبة العصر والتحولات والتجارب الجديدة المختلفة والمسرحي كغيره من الفنانين في مختلف مجالات الفنون يحتاج لمواكبتها والاستفادة منها ومقارنة ما يطرح فيها بواقعه وبحدود تجربته وآفاقها وان لم يكن للاستفادة والاستمتاع فلمعرفة المصطلحات الجديدة وضبطها ومزيد التعمق في مختلف الاشكاليات ذات العلاقة بالمسرح لا في بلادنا فقد وانما ايضا في بقية الدول العربية والأجنبية خاصة واننا نستضيف لتظاهراتنا المسرحية العديد من الكفاءات والنجوم والمختصين المتميزين والراسخة اقدامهم في المجال .                           ولعها - أي الندوات واللقاءات الى جانب تقديم الكتب المختصة في المسرح والعروض الحية من اهم ما يمكن ان نحيي به الذكرى واليوم العالمي للمسرح فخلالها يعرض المسرحيون تجاربهم ويتحدثون عن طقوسهم في الابداع ومنها يتعلم الحضور ويستلهمون والاكيد انه توجد فيها اجابة عن سؤال المخرج الامريكي بيتر سيلارز :"أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟".

علياء بن نحيلة

ونحن نحتفل مع الشعوب باليوم العالمي للمسرح  تخمة عروض حية.. ندوات.. لقاءات لا يواكبها المسرحيون ولا يستفيدون منها

*كيف يمكننا أن ننقل مضمون حياتنا الآن على الركح ليس كريبورتاج صحفي بل كتجربة؟

*المخرج الامريكي بيتر سيلارز يتساءل: "أين ذهبت مراسم الذكرى وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي طقوس التخيّل والبدء في تجارب جيدة".

تونس - الصباح

بيان اليوم العالمي للمسرح لسنة 2022 الذي تحتفل به سائر الأمم ويحتفل المسرحيون التونسيون في كامل جهات البلاد وخاصة تلك التي تنشط فيها مراكز الفنون الدرامية والركحية كتبه هذه السنة الفنان والمخرج المسرحي ومدير المهرجانات الثقافية والفنية الامريكي بيتر سيلارز وبيّن فيه اننا نعيش في فترة ملحمية من تاريخ البشرية، نتجت عنها تغييرات عميقة في علاقات البشر مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ومع العوالم غير البشرية، تغييرات تكاد تتجاوز قدرتنا على الفهم والتعبير والتحدث عنها وقال : "نحن لا نعيش في دائرة الأخبار على مدار الساعة، نحن نعيش على حافة الزمن، والصحف ووسائل الإعلام غير مجهزة بالمرة وغير قادرة على التعامل مع ما نمر به" وتساءل مستنكرا : "أين هي اللغة، وما هي الحركات والصور التي قد تسمح لنا بفهم التحولات والتمزقات العميقة التي نمر بها؟ وكيف يمكننا أن ننقل مضمون حياتنا الآن ليس كريبورتاج صحفي بل كتجربة؟."

وبعد عامين من الكوفيد 19 وما خلفه من اضرار نفسية وجسدية للبشرية وبعد ان غمرت الحملات الصحفية الواسعة وتجارب محاكاة الواقع والتكهنات المروعة العالم كان لا بد من ان يتساءل الفنان والمخرج المسرحي بيتر سيلارز عن كيفية تجاوز التكرار اللانهائي للأرقام ليجرّب المسرحيون ومعهم الناس قدسية ولا محدودية حياة واحدة، أو نظامٍ بيئيٍ واحد، أو صداقة واحدة، أو جودة وجمال الضوء في سماء غريبة؟ فقال :" عامان من كوفيد 19، الذي أضعف حواس الناس، وضيّق حياة الناس، وقطع العلاقات، ووضعنا في موضع نقطة الصفر الغريبة من حياة البشرية تدفعنا بالضرورة الى التساؤل عن البذور التي يجب زراعتها وإعادة زراعتها في هذه السنوات، وما هي الأنواع الدخيلة والمتضخمة التي يجب إزالتها بشكل تام ونهائي؟ هنالك الكثير من الناس ممن يعيشون على حافة الهاوية."

عنف كثير وخطير يشتعل بشكل غير منطقي وغير متوقع في العالم

ولاحظ صاحب البيان ان عنفا كثيرا وخطيرا يشتعل بشكل غير منطقي وغير متوقع في العالم، وانه تم الكشف عن العديد من الأنظمة الراسخة على أنها هياكل للقسوة المستمرة. وتبعا لذلك تساءل:" أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟"

وشدد بيتر سيلارز على ان المسرح يحتاج اليوم الى طقوس جديدة اذ لسنا في حاجة الى الترفيه بل نحتاج الى التجمع ومشاركة الفضاء الواحد، وإلى إنشاء فضاء مشترك ومساحات محمية للاستماع العميق والمساواة، لان
المسرح هو القادر على خلق تلك المساحة على الأرض التي يكون فيها الكل متساويا، سواء البشر أو النباتات أو الحيوانات أو قطرات المطر أو الدموع أو عملية التجديد، وهذا لان فضاء المساواة والاستماع بعمق مضاءٌ بالجمال الخفي ويبقى نابضا بالحياة من خلال التفاعل العميق للخطر ورباطة الجأش والحكمة والعمل الدؤوب والصبر على إدراك أن جميع الناس هم في النهاية مجرد سراب. وقال :"لطالما قدم المسرح حياة هذا العالم على أنها تشبه السراب، مما يتيح لنا أن نرى بوضوحٍ وقوة وتحرر من خلال غشاء الوهم والتضليل والعمى والإنكار البشري.. نحن متيقنون جدا مما نراه والطريقة التي نراه بها لدرجة أننا غير قادرين على رؤية الواقع البديل والإمكانيات الجديدة والنهج المختلفة والعلاقات غير المرئية والصلات الخالدة والشعور بها."  وانهى بيتر سيلارز بيانه داعيا الى ضرورة التجديد والى اعادة التفكير الجماعي في انعاش عقولنا وحواسنا وتخيلاتنا وتاريخنا ومستقبلنا بعمق قائلا : " .. ولا يمكن القيام بهذا العمل من قبل أشخاص  معزولين يعملون بمفردهم، بل يتعيّن علينا القيام بهذا العمل معا والمسرح هو الدعوة لنا للقيام بهذا العمل معا."
طبعا النقاط التي تعرض لها البيان مهمة صادرة عن عارف بواقع المسرح ومعيقاته لا في بلاده امريكا فقط وإنمّا عبر العالم ولعل كثرة مشاركاته في المهرجانات والتظاهرات المسرحية هي اساس فكرته هذه وهي مصدر ايمانه العميق بضرورة تجيد علاقة المسرح بمحيطه وجمهوره وبالفاعلين فيه والبحث عن مجالات تواصل تسنده وتعيده للصدارة كفن راقي مسؤول عن نهضة المجتمع ووعيه ورقيه ما في ذلك شك . 

في المسرح ايضا نرى العنف ونسمعه في تيرادات الممثلين ..

 وملاحظات واقتراحات بيتر سيلارز تنبض من عمق التجربة والإحساس بالمسؤولية ويبقى اهم ما فيها الى جانب الدعوة للعمل الجماعي والتفكير الجماعي – وهو اصل وأساس المسرح على كل حال - للتصدي للعنف والتطرف وإهانة كرامة البشر ومنع التعدي على حقوق الانسان هو سؤال " أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟".

هل نحتفل بتنظيم الندوات ذات العلاقة بمشاكل المسرح واقعه وآفاقه والطريقة المثلى ليساهم في التصدي للعنف ونبذه ونحن نرى العنف على الركح ونسمعه في تيرادات الممثلين وحتى في ازيائهم وطريقة وضع الماكياج على وجوههم ؟ ولمن ننظمها ومن سيتابعها مهما كانت اهميتها هل سيحضرها الفاعلون في الشأن المسرحي والممارسون والهواة والمحترفون لهذا الفن ؟   لنأخذ مثلا ندوة "المسرح ومقاومة العنف" التي نظمها مركز الفنون الدرامية والركحية ببن عروس ظهر امس السبت 26 مارس 2022 بالمركب الثقافي علي بن عياد بحمام الانف وقد اهتمت بتشريح اسباب ثقافة العنف في المجتمع التونسي ودور المسرح في الحد ما اثرها وحدتها، وبرمجت لها لقاءات مع ثلة من المختصين والباحثين في دور الفن الرابع في هزم  العنف .                                 هل واكب المسرحيون -على الاقل مسرحيو جهة بن عروس- مداخلات الدكتور سامي نصر عن "العنف والأعنف في مقاربة المسرح للحياة: بياض و سواد عند حدود الكتابة في المسرح التونسي" و توفيق العلوي عن "مسرحة ظواهر العنف في الشارع التونسي" والفنانة نجمة الزغيدي المختصة في علم النفس عن "عملية الخلق المسرحي لدى الطفل و أثرها في تجاوز السلوك العنيف" و سامي الذيبي   عن "دور المسرح في مقاومة ظاهرة تفشي العنف المدرسي" وكلها تصب في صلب اهتمام المسرح وتستهدف المسرحي ليستلهم سبلا جديدة للتطرق للمواضيع ويستفيد من بحوث ودراسات جاهزة تمكنه من حسن وصحة التعامل مع الجمهور وعدم الوقوع في الخطأ .. 

المسرحيون ايضا يحتاجون الى المواكبة لضبط المصطلحات والاستلهام من تجارب الآخرين 

 نعم اغلب مسرحيينا درسوا في التعليم العالي واختصوا في مجالهم ولكن لا باس من تجديد المعارف والاستماع للآخر والاستفادة من تجارب وبحوث ودراسات الآخرين لمزيد تنمية الثقافة ومزيد اكتساب المعارف فلا شيء ولا مجال يبقى على حاله وكل علم في الحياة يتطور والمسرحيون مثل غيرهم مطالبون بتجديد وإثراء معارفهم ومكتسباتهم وقد يخرجون من جلسة في ندوة واحدة بأفكار كثيرة وبمسرحيات جاهزة في اذهانهم وبمواضيع مهمة للمجتمع ومواكبة للعصر قد تكون في اهمية العودة لمواضيع قديمة اكل عليها الدهر وشرب واستهلكت لكثرة ما تم تناولها مسرحيا مهما كانت مهمة ( مخرج عراقي شهير تناول مسرحية الخادمات مرات عديدة ثم اصبح يقدمها باللهجات المحلية لبعض البلدان العربية وقد قدمها في تونس باللهجة المغربية واشتغل عليها في المغرب مع طاقم فني وتقني مغربي ) .

المسرحيون عندنا قليلا ما يواكبون اعمال بعضهم البعض وقد تخلوا منهم المسارح تماما -الا ما رحم ربي- في حين ان الركح يعلّم ويوعي الجميع لا المجتمع وحده .

وتبقى اللقاءات والموائد المستديرة والندوات فرصة مهمة جدا للمسرحيين بكل اختصاصاتهم لمواكبة العصر والتحولات والتجارب الجديدة المختلفة والمسرحي كغيره من الفنانين في مختلف مجالات الفنون يحتاج لمواكبتها والاستفادة منها ومقارنة ما يطرح فيها بواقعه وبحدود تجربته وآفاقها وان لم يكن للاستفادة والاستمتاع فلمعرفة المصطلحات الجديدة وضبطها ومزيد التعمق في مختلف الاشكاليات ذات العلاقة بالمسرح لا في بلادنا فقد وانما ايضا في بقية الدول العربية والأجنبية خاصة واننا نستضيف لتظاهراتنا المسرحية العديد من الكفاءات والنجوم والمختصين المتميزين والراسخة اقدامهم في المجال .                           ولعها - أي الندوات واللقاءات الى جانب تقديم الكتب المختصة في المسرح والعروض الحية من اهم ما يمكن ان نحيي به الذكرى واليوم العالمي للمسرح فخلالها يعرض المسرحيون تجاربهم ويتحدثون عن طقوسهم في الابداع ومنها يتعلم الحضور ويستلهمون والاكيد انه توجد فيها اجابة عن سؤال المخرج الامريكي بيتر سيلارز :"أين ذهبت مراسم الذكرى التي نحتفي بها؟ وما الذي نحتاج تذكّره؟ وما هي الطقوس التي تسمح لنا أخيرا بإعادة التخيّل والبدء في التدرب على خطوات لم نخطوها من قبل؟".

علياء بن نحيلة

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews